أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - باسم محمد الشمري حين يتخذ الشعر هيئة المعلم وملامح النهر














المزيد.....

باسم محمد الشمري حين يتخذ الشعر هيئة المعلم وملامح النهر


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8405 - 2025 / 7 / 16 - 23:36
المحور: سيرة ذاتية
    


في بلدةٍ صغيرة تُدعى سدة الهندية، تنام على ضفاف الفرات وتحلم على وقع هدير سده التاريخي، وُلد الشاعر باسم محمد الشمري في الرابع والعشرين من أيلول عام 1969، ليفتح عينيه على مشهد عراقي قحّ، حيث تمتزج المروءة بالفطرة، وتُسقى الكلمة بماء النهر قبل أن تُكتب بالحبر.
منذ سنوات الطفولة الأولى، كانت اللغة تشدّه برباط خفيّ، فكان يرى في مفرداتها ملعبًا وفي جرسها موسيقى داخلية لا يفهمها إلا القلب. أكمل دراسته الأولية في مدينته، ثم حمل شغفه بالعلم إلى جامعة الموصل حيث نال شهادة البكالوريوس في العلوم سنة 1993، لكنّه لم يكتفِ بمختبر الحياة أو قوانين الطبيعة، بل راح يصنع توازنًا آخر في حياته بين العقل والعاطفة، بين المعادلة والقصيدة، بين السبورة والقصيدة العمودية التي عشقها على طريقتها الأولى.
اشتغل باسم محمد في ميدان التعليم، مدرسًا ثم مديرًا، وترك أثرًا تربويًا في نفوس طلابه كما يترك الشاعر أثره في وجدان قرّائه. لكن صوته لم يبقَ حبيس الجدران الصفية، بل خرج إلى الفضاء الثقافي مؤسسًا ومنظمًا ومسهمًا، فأنشأ منتدى السدة الثقافي وملتقى السدة الثقافي، وحرص على أن تكون بلدته نقطة ضوء في خارطة الأدب العراقي.
أكثر ما يميّز شعر باسم محمد، كما أشار بعض النقاد، هو تآلف البساطة مع العمق، إذ لا يركن إلى الغموض المتعمد ولا يسرف في التقريرية، بل ينحت القصيدة كما ينحت النهر مجراه، ببطء وصدق، تاركًا وراءه نغمًا نقيًّا، يلامس النفس دون ضجيج. في مجموعاته الشعرية الثلاث: "صفا ودي" (2018)، "وغنّى الطير الحاني" (2022)، و"دنا خلي" (2024) ، تظهر ملامح هذا الأسلوب؛ حيث اللغة المأنوسة تُعاد صياغتها برؤى شاعر خبِر الحياة، وتدرّب على تحويل الألم إلى ترنيمة حبّ، والحنين إلى حكمة ناعمة.
وقد لفت بعض النقاد، أمثال الدكتور سعد ياسين يوسف، إلى قدرة الشاعر على "إحياء النغمة التقليدية دون أن يسقط في أسر التكرار"، فهو يجيد اللعب على أوتار العروض لكنه يزرع في قلب الوزن نبضًا معاصرًا، مستفيدًا من قراءاته العميقة وتجربته الحياتية الغنية، لا سيما في ميدان التنمية البشرية، إذ يحمل شهادات تدريب دولية معتمدة، وهو ما أضاف إلى نصوصه بعدًا إنسانيًا يربط بين الذات والعالم، بين القول والفعل.
كما رأى فيه الناقد حسين عبد اللطيف الشمري، مثالًا على "المعلم الذي يكتب كما يعيش"، مشيرًا إلى أن "باسم محمد لا يكتب ليكون شاعرًا، بل يكتب لأنه لا يستطيع إلا أن يكون شاعرًا"، وهذا الصدق في التعبير كان كفيلاً بأن يجعل اسمه يتردد في مهرجانات العراق، حيث شارك في أمسيات شعرية من بابل إلى البصرة، ومن بغداد إلى الموصل، وكان حكمًا في أكثر من دورة لمهرجان شاعر المعلمين، كما أدار مهرجان القصة القصيرة في نقابة المعلمين سنة 2023.
ولعلّ أكثر ما يثير انتباه المتابعين لمسيرته هو هذا التوازن البديع بين الشعر والتربية والبحث العلمي؛ إذ لم يتخلّ عن دوره كباحث، فنشر ثلاث بحوث علمية، وله مؤلفات مخطوطة تُبشّر بإضافة نوعية في مجال اللغة، مثل "العروض المعنى" و"معجم الألفاظ المندثرة"، وهي مشاريع تسير جنبًا إلى جنب مع مشروعه الشعري.
ولم تقف قريحته عند الشعر فقط، بل طرق باب الرواية في عمله "حديث الموتى" (2024)، مستثمرًا خبرته النفسية والاجتماعية، التي اكتسبها من عمله كخبير دعم نفسي ضمن منظمة Together السلوفينية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي، ليرسم بوعي سرديّ تفاصيل الإنسان العراقي المنكسر، الرافض للموت الصامت، والمتمسك بالأمل كمن يتمسك بحافة الضوء في ليل طويل.
إن باسم محمد، في نظر محبيه، ليس شاعرًا فحسب، بل هو صوت تربوي ينشد الحقيقة، وبوصلة وجدانية تهتدي بها القصيدة في زمن التيه، رجلٌ جمع بين حسّ المسؤولية الإدارية، ودفء المعلم، وعمق الشاعر، وبقي على الدوام ذلك الحالم الهادئ، القادم من ضفاف الفرات، يُنشد للوطن والإنسان ويكتب بلغة القلب، لا ليدخل بها سوق الأدب، بل ليوقظ بها ما نام من ضمائرنا.
في زمنٍ كثر فيه الشعراء وقلّت القصائد الصادقة، يبقى باسم محمد واحدًا من الأصوات التي تستحق الإنصات، لا لضجيجها، بل لصدقها الذي لا يشيخ.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طارق حسين شاعر الطفولة والوجدان العراقي.. رحلة بين النقاء وا ...
- 14 تموز: انقلاب تحوّل إلى ثورة... وأحلام انتهت بالخيبة
- أنمار كامل حسين ريشة الشعر وصوت الوجع الجميل
- الدكتورة إنصاف سلمان الجبوري سيدة الحرف وناقدة الخطاب الثقاف ...
- أمل عايد البابلي بين اعترافات الشعر وهمس النثر
- أحمد الخيّال شاعرٌ يمشي في ظل القصيدة
- إبراهيم خليل ياسين قلبٌ يخطُّ القصيدة ويحكي الحكاية
- إبراهيم الجنابي شاعرُ الأرضِ والهواء ومراكبُ الحلم
- شمران الياسري...راوي السخرية الحزينة وصوت الفلاحين
- في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد حسن سريع... أيقونة نضالية لا تت ...
- ركن الدين يونس عاشق الكلمات المتوهجة
- محمد سالم البيرماني شاعر الغربة والبرهان
- الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب فيلسوف الفيزياء ورائد الحرف الع ...
- فائق الخليلي قاصٌّ منفىً وسردٌ من ضوء الجرح
- علي جواد الطاهر صوت النقد النابض بين التراث والحداثة
- ستّار خضير… قامة نضالية شامخة
- عبد المجيد الماشطة الحِلّيُّ الذي نَفَذَ إلى لُغَة الإنسان
- الشيخ يوسف كركوش سادن الذاكرة الحِلِّيّة وأحد أعلام التأريخ ...
- الشيخ عبد الكريم الماشطة مصباح علمٍ وتنوير في ظلمات الركود
- قارئ الطين: طه باقر حين نطقت الأرض باللغة السومرية


المزيد.....




- رئيس البرازيل لـCNN: ترامب -لم يُنتخب ليكون إمبراطور العالم- ...
- الولايات المتحدة: عارضنا الضربات الإسرائيلية في سوريا
- تنديد أممي بمقتل عشرات المدنيين في كردفان
- تسريب البيانات كشف تفاصيل عن جواسيس وجنود بريطانيين
- من هم الدروز ولماذا تضرب إسرائيل سوريا بذريعة حمايتهم؟
- واشنطن تندد بالعنف في سوريا وتدعو للحوار
- كيف أفشلت صواريخ وعمليات المقاومة -عربات جدعون- الإسرائيلية؟ ...
- إسرائيل تفاقم الأزمة الإنسانية والمخاطر البيئية في قطاع غزة ...
- بعد ظهور كدمة على يده.. فحص طبي يكشف حالة ترامب الصحية
- بعد أحداث السويداء.. أي مستقبل لأقليات سوريا؟


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - باسم محمد الشمري حين يتخذ الشعر هيئة المعلم وملامح النهر