أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - سنية عبد عون رشو... راوية الأنوثة المتأملة ومفاتيح الغموض العراقي














المزيد.....

سنية عبد عون رشو... راوية الأنوثة المتأملة ومفاتيح الغموض العراقي


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8416 - 2025 / 7 / 27 - 18:44
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة المسيب، تلك البلدة الموشومة بنهر الفرات وعبير القصب، ولدت القاصة سنية عبد عون رشو عام 1956، وتفتحت عيناها على مشهد تتقاطع فيه الذاكرة الشعبية مع الحلم الشخصي. كانت المسيب بالنسبة لها ليست مكانًا فقط، بل أفقًا شعريًّا، وبيئة سردية غنية بالتفاصيل والمفارقات.
تخرجت في قسم اللغة العربية بكلية الآداب – جامعة الموصل سنة 1978، وبدأت مشوارها المهني كمدرّسة، لكن ما خفي وراء هذه المهنة كان نهرًا آخر لا يقل عن الفرات عنادًا وتدفقًا: نهر السرد. كتبت القصص والمقالات، وبدأت في نشر نتاجها في الصحف الورقية، ثم تنوع حضورها في المواقع الثقافية العربية مثل "المثقف"، و"مركز النور"، و"فراديس العراق"، و"الأنطولوجيا"، و"كتابات".
"غريد القصب": النصوص المغسولة بندى الجنوب
كان عام 2012 إيذانًا بظهور المجموعة القصصية الأولى بعنوان "غريد القصب"، صادرة عن مؤسسة المثقف العربي – أستراليا، بطبعة أنيقة من دار العارف – بيروت. حملت المجموعة طابعًا مكانيًّا واضحًا، حيث يبرز الجنوب كرمز ومسرح وأسطورة.
عن هذه المجموعة كتب الدكتور عبد الرضا علي: "قصص المبدعة الموهوبة سنية عبد عون رشو ليست تقليدية، لأن معظمها تشاكس الأداء السائد وتخالفه في المنحى والمبنى قصديًا، إذ تشدد على جعل المخيلة السردية قسيماً للرمز، وتبتكر طقسًا لغويًا أشبه بالمستهل الشعري الذي يعلن الدخول إلى عوالم مدهشة هي هموم الناس، ولا سيما العراقيين في حقب متتالية من الألم."
"زيارة غامضة": سرد بصوت باطني
في مجموعتها الثانية "زيارة غامضة" الصادرة عن دار الفرات – بابل عام 2022، تمضي سنية نحو تخليق مساحة غموض سردي، حيث تصبح القصة تمرينًا على الحيرة الوجودية، وعلى إنقاذ الذات من ركام التفاصيل.
قدّم لهذه المجموعة الشاعر والناقد عبد الستار نور علي، الذي رأى في قصصها تجوالًا واعيًا في أزقة الواقع الاجتماعي العراقي، واحتفاءً خفيًا بنماذج المرأة العراقية المثابرة وسط النكران والتهميش. كما كتب عنها الشاعر سامي العامري، مشيدًا بقدرتها على التغلغل في تفاصيل المجتمع بعين صدوقة وقلب نابض، حيث تنقذ شخصياتها من التلاشي وتجعلهم شهودًا على زمنهم بلغة جذابة مؤثرة.
أنوثة مقاومة لا ترفع الصوت
في كتاباتها، لا تسعى سنية عبد رشو إلى إصدار بيانات احتجاج نسوي، لكنها تقدم نموذجًا سرديًا لأنثى تعرف كيف تختبئ خلف الكلمات، وكيف تقول دون أن تبوح. المرأة في قصصها ليست ضحية فقط، بل صانعة معنى، تواجه مصيرها بشيء من العناد الهادئ، وتتمسك بكرامتها وسط هزائم متكررة.

وقد كتب عنها الدكتور سردار محمد سعيد: "تجعل من الحب محورًا أساسيًا، غالبًا ما يدور داخل العائلة الواحدة، برؤية تربوية تنطلق من عمق الواقع، وتتناول الأسرة كجوهر إنساني متكرر في تنويعاتها القصصية."
قراءات نقدية في تجربتها
عالج تجربتها السردية عدد من النقاد المعروفين، منهم: الدكتور عدنان الظاهر، كاظم الشويلي، رسمية محيبس زاير، سلام كاظم فرج، سردار محمد سعيد، توفيق حنون المعموري، مهدي الأنبارّي، والشاعر سامي العامري.
كتب جمعة عبد الله عن قصصها قائلاً: "الجمال الفني يتجسد في شفافية اللغة وانسيابها، في حيوية الصور، وتوهجها بمشاعر إنسانية صادقة، تعكس اختناق الواقع وتضاربه مع الحلم النقي." أما الناقد توفيق حنون المعموري فقد أشار إلى "أن عوالمها السردية مشحونة برموز الحلم والموت والحرية، مستخدمة لغة موسعة تمنح المفردة بعدها الحقيقي والرمزي."
الناقد علي جابر الفتلاوي يرى أن نصوصها تتفاعل مع المتلقي لا كمفاتيح مغلقة، بل كعوالم تتغير باستمرار حسب الزمان والوجدان، مما يمنحها بعدًا خالدًا.
الناقد كاظم الشويلي أشار إلى "أن نصوصها القصيرة جدًا تملك رسالة واضحة، تنتقد انغلاق الإنسان على ذاته وتعرّي الاستبداد، بأسلوب قصصي مباشر لا يخلو من العمق الرمزي."
أما رسمية محيبس فقد التقطت من كتاباتها سؤالًا نسويًا عميقًا حول الموهبة النسائية المكبوتة، ووضعت القارئ أمام أنموذج مزدوج لامرأة تتأرجح بين وهج الإبداع وضغط الواقع.
وكتب الدكتور عدنان الظاهر عن قصتها التي تتوازى مع قصيدة له عن "خضر الياس"، مشيدًا بتوظيفها الذكي للرموز القرآنية من سورة يوسف ومقاربتها المصائر الفردية بالأسطرة الحديثة للواقع العراقي.
كما كتبت الناقدة رحاب حسين الصائغ عن قصيدتها "موحش هو البكاء"، مشيدة بقدرتها على صوغ همّ فردي بطابع كوني يختزن الرمزية والعمق الوجداني.
المرتقب: "الرقصة الأخيرة"
ضمن مشاريعها المقبلة، تستعد القاصة لإصدار مجموعة جديدة بعنوان "الرقصة الأخيرة"، في استمرار واضح لمسار فني لم ينقطع، حيث تستبدل القصيدة هنا برداء القصة، وتغدو "الرقصة" استعارة أخيرة لما تبقى من أمل، أو عزف خافت على وتر الحياة.
إن سنية عبد عون رشو ليست فقط كاتبة قصة، بل شاهدة زمن ومهندسة سرد، تختزن في لغتها بوح الجنوب، ومفارقات الإنسان العراقي، وترسم من صمت البطلات خريطة أمل. اتفق النقاد على فرادة صوتها، وخصوصية سردها، وصدق تجربتها، معتبرين إياها امتدادًا ناضجًا لتقاليد السرد الأنثوي الذي يتسم بالعمق والشفافية والمثابرة. لقد برهنت سنية على أن الكتابة الجيدة لا تحتاج إلى ضجيج، بل إلى موهبة تتنفس بهدوء وتتكلم بصدق.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشهيد النقيب الطيار عبد المنعم شنّون.. شهقة الحلة التي اختن ...
- عبد القادر البستاني أنفاس العراق الحمراء التي لم تُطفأ
- سعود الناصري... قلمه لم ينكسر، وصوته لم يُخرس حتى وهو يودع ا ...
- حسن عوينة... قصيدة لم تكتمل لأنفاسها الأخيرة
- سراب سعدي حين تكتب المرأة لتتخطى جدران -السجن الجميل-
- حسين حسان الجنابي شاعر تستضيء به الحروف
- حامد الهيتي الفنان الذي تشظّى في ضوء الإبداع
- حامد كعيد الجبوري ذاكرة التراث وصوت الوجدان الشعبي
- باسم محمد الشمري حين يتخذ الشعر هيئة المعلم وملامح النهر
- طارق حسين شاعر الطفولة والوجدان العراقي.. رحلة بين النقاء وا ...
- 14 تموز: انقلاب تحوّل إلى ثورة... وأحلام انتهت بالخيبة
- أنمار كامل حسين ريشة الشعر وصوت الوجع الجميل
- الدكتورة إنصاف سلمان الجبوري سيدة الحرف وناقدة الخطاب الثقاف ...
- أمل عايد البابلي بين اعترافات الشعر وهمس النثر
- أحمد الخيّال شاعرٌ يمشي في ظل القصيدة
- إبراهيم خليل ياسين قلبٌ يخطُّ القصيدة ويحكي الحكاية
- إبراهيم الجنابي شاعرُ الأرضِ والهواء ومراكبُ الحلم
- شمران الياسري...راوي السخرية الحزينة وصوت الفلاحين
- في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد حسن سريع... أيقونة نضالية لا تت ...
- ركن الدين يونس عاشق الكلمات المتوهجة


المزيد.....




- ترامب يتوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي ويخفف الرسوم ال ...
- ستارمر يسعى لمناقشة ملفي غزة والتجارة مع ترامب خلال اجتماع ا ...
- شاهد.. هروب الركاب من طائرة أميركية مشتعلة
- بريطانيا.. تظاهرة ضد الهجرة وسط إجراءات أمنية مشددة
- تصريحات أممية لا تزال تحذر من عواقب الجوع في غزة بعد تخفيف إ ...
- ألمانيا: مصرع ثلاثة على الأقل إثر خروج قطار عن مساره جنوب غر ...
- جماعة الحوثي اليمنية تتوعد بضرب السفن التي تتعامل مع موانئ إ ...
- حرائق ضخمة تجتاح شمال تركيا وسط حرارة قياسية وإجلاء آلاف الس ...
- صحيفة عن مسؤولين بإدارة ترامب: الوقت مناسب لصفقة شاملة تنهي ...
- عاجل | مستشفيات جنوب قطاع غزة: أكثر من 10 شهداء و40 مصابا بق ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - سنية عبد عون رشو... راوية الأنوثة المتأملة ومفاتيح الغموض العراقي