أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - محمد علي محيي الدين - عبد الأمير محيميد... ربيع الشوملي الذي أزهر في فجر الإعدام














المزيد.....

عبد الأمير محيميد... ربيع الشوملي الذي أزهر في فجر الإعدام


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 12:32
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في ناحية الشوملي الوادعة، وبين نخيلها الساكن وناسها الطيبين، ولد عبد الأمير محيميد عبيس السعيدي عام 1943، وولد معه حب مبكر للعدالة، ونفور من الظلم، وإيمان لا يتزعزع بكرامة الإنسان. نشأ في بيت تفتحت فيه بوادر الوعي السياسي مبكرًا، فمقهى والده لم تكن مجرد مكان لشرب الشاي، بل ملتقى للأفكار الوطنية والتقدمية، ومنبرًا حرًا للشيوعيين والديمقراطيين في زمنٍ كانت فيه الكلمة تقاوم البندقية.
منذ نعومة أظفاره، شارك عبد الأمير في التظاهرات المناهضة للإقطاع، وكان له في أول أيام ثورة 14 تموز 1958 موقفٌ يليق بمن تفتّح وعيه في حضن حزبٍ آمن بالفقراء واحتفى بالفلاحين. انخرط شابًا في صفوف الحزب الشيوعي، حاملًا شعلة التغيير، متسلّحًا بثقافة التنظيم، وفهم عميق لمبادئ العدالة الاجتماعية. لم يكن مجرد ناشط، بل صوتًا جهيرًا للحقيقة، ومثالًا حيًا للشيوعي الذي يترجم أفكاره إلى فعل.
حين فرضت عليه الخدمة العسكرية، لم تكن بالنسبة له قطيعة مع النضال، بل امتدادًا له بوجهٍ آخر. فالتحق بمعسكر الغزلاني، وهناك، وسط التناقضات والانضباط العسكري، انخرط في تنظيم الحزب داخل صفوف الجيش، يبث الوعي في القلوب، وينسج الخيوط الأولى لما سيكون لاحقًا واحدة من أجرأ المحاولات للانقلاب على حكم البعث الدموي.
بعد انقلاب 8 شباط 1963 الدموي، ووسط الدخان الكثيف الذي لف العراق، لم يستسلم الشيوعيون، وكان عبد الأمير أحد أولئك الذين أصروا على مقاومة القتلة، فشارك في ما عُرف لاحقًا بـ"حركة فايدة"، وهي محاولة عسكرية منسقة، قادها الرفيق طالب عبد الجبار عضو اللجنة المركزية، لتحريك القوات العسكرية من دهوك والموصل وكركوك نحو بغداد لإسقاط الانقلابيين واستعادة الثورة.
التحضير كان محكمًا، والخطط مرسومة بدقة، لكن القدر خان الخطى. ففي اللحظة التي سبقت انطلاق الشرارة، اكتشف ضابط الخفر في معسكر فايدة أحد ضباط الصف وهو يهيئ سلاحه، فساوره الشك، وتم اعتقاله، لينهار تحت التحقيق ويبوح بكل شيء. فشلت الحركة قبل أن تُولد، وانهارت معها أحلام رفاقٍ آمنوا بأن ساعة الخلاص قريبة.
عبد الأمير، الجندي الذي حمل على كتفيه همّ وطن، اعتُقل مع العشرات من رفاقه، وحُكم عليه بالإعدام مع مجموعة من العسكريين الشجعان، نُفذ بهم الحكم رميًا بالرصاص في معسكر الغزلاني، صباح يوم 13 أيلول 1963، في محاولة لإرهاب الجيش وإخماد جذوة التمرد.
لكن الموت لم يكن نهاية لعبد الأمير، بل بداية لحياة أخرى في الذاكرة الحية. ففي الليلة التي سبقت إعدامه، زاره والده في الموصل، ولم يرَ فيه خوفًا أو ترددًا، بل شجاعة مدهشة وهدوء من يواجه الموت وكأنه ذاهب إلى وليمة. سلّمه ساعته وملابسه، وودّعه بهدوء المحارب، ثم مشى إلى مصيره على وقع أغاني الحزب وهتافات تمجّد عبد الكريم قاسم والثورة. وكأن الساحة ساحة احتفال لا ساحة إعدام.
دُفن الشهيد في مقبرة وادي السلام في النجف، لكنه بقي حيًا في ضمير رفاقه، وفي ذاكرة الشيوعيين، وفي كل قلب آمن بأن الحرية لا تُمنح بل تُنتزع، وبأن الحياة لا تكتمل إلا حين تُعاش من أجل قضية.
كان عبد الأمير محيميد زهرة نبتت في أرض الشوملي، فأثمرت في فجر الغزلاني، لتصبح شاهدًا على جيلٍ آمن بحلم، ومضى إليه، ولو كان الثمن الرصاص.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقدم إبراهيم كاظم الموسوي... نبيلُ الحلة ودرعُ الثورة الذي ...
- سنية عبد عون رشو... راوية الأنوثة المتأملة ومفاتيح الغموض ال ...
- الشهيد النقيب الطيار عبد المنعم شنّون.. شهقة الحلة التي اختن ...
- عبد القادر البستاني أنفاس العراق الحمراء التي لم تُطفأ
- سعود الناصري... قلمه لم ينكسر، وصوته لم يُخرس حتى وهو يودع ا ...
- حسن عوينة... قصيدة لم تكتمل لأنفاسها الأخيرة
- سراب سعدي حين تكتب المرأة لتتخطى جدران -السجن الجميل-
- حسين حسان الجنابي شاعر تستضيء به الحروف
- حامد الهيتي الفنان الذي تشظّى في ضوء الإبداع
- حامد كعيد الجبوري ذاكرة التراث وصوت الوجدان الشعبي
- باسم محمد الشمري حين يتخذ الشعر هيئة المعلم وملامح النهر
- طارق حسين شاعر الطفولة والوجدان العراقي.. رحلة بين النقاء وا ...
- 14 تموز: انقلاب تحوّل إلى ثورة... وأحلام انتهت بالخيبة
- أنمار كامل حسين ريشة الشعر وصوت الوجع الجميل
- الدكتورة إنصاف سلمان الجبوري سيدة الحرف وناقدة الخطاب الثقاف ...
- أمل عايد البابلي بين اعترافات الشعر وهمس النثر
- أحمد الخيّال شاعرٌ يمشي في ظل القصيدة
- إبراهيم خليل ياسين قلبٌ يخطُّ القصيدة ويحكي الحكاية
- إبراهيم الجنابي شاعرُ الأرضِ والهواء ومراكبُ الحلم
- شمران الياسري...راوي السخرية الحزينة وصوت الفلاحين


المزيد.....




- غزة ولينينغراد.. الحصار وصمود المدن
- بالفيديو.. جورج عبد الله للجزيرة نت: عودتي ليست نهاية النضال ...
- جهة الدار البيضاء: السلطات تواصل التضييق على حزب النهج الديم ...
- سؤال وجواب حول إضراب يوم شغيلة غلوفو GLOVO يوم الاثنين 28 ...
- احتجاجات عمال التوصيل لدى شركة “كلوقو” (GLOVO) مستمرة…
- حزب التقدم والاشتراكية ينعى المناضل التقدمي الكبير حميد المُ ...
- م.م.ن.ص// لا نقبل التشتيت.. ولا تراجع عن مواجهة الهدم!
- المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي ينعي الرفيق أحم ...
- حزب العمال: العصابة الصّهيونية تعربد من جديد وتعتدي على سفين ...
- الرفيق عزوز الصنهاجي، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتر ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - محمد علي محيي الدين - عبد الأمير محيميد... ربيع الشوملي الذي أزهر في فجر الإعدام