أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حسين مبدر الأعرجي: القاص الذي كتب بمداد الذاكرة والمكان














المزيد.....

حسين مبدر الأعرجي: القاص الذي كتب بمداد الذاكرة والمكان


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8457 - 2025 / 9 / 6 - 20:18
المحور: سيرة ذاتية
    


في عمق الريف البابلي، حيث تنبض الأرض بسرديات الأجداد وتتشبث الحكايات بجذور النخيل، وُلد القاص حسين مبدر الأعرجي في قرية "حويش السيد" عام 1960، ليكون ابن المكان وسارد أوجاعه، وراصد تغيراته الصامتة. من هناك، من الفضاء الذي يختزن في طينه الغابر كل احتمالات الحنين، بدأت أولى بذور السرد في روحه تتفتّح، قبل أن يصقلها الدرس والعراك الحياتي الطويل.
لم يكن الأعرجي قاصاً بالمعنى التقليدي، بل كان أشبه بمُؤرِّخ شعبي، اختار القصة وسيلة لاستعادة المشاهد المنسية، ونبش التفاصيل التي دفنتها العجلة المعاصرة. ابتدأ تعليمه في الحلة، وتخرج في المعهد الزراعي الفني ببغداد، ثم واصل شغفه بالكلمة فدرس الإعلام في الجامعة الهولندية – قسم الصحافة. ولأن السارد الحقيقي لا يقف عند أبواب التخصصات، بل ينفتح على التجربة، فقد نهل من الحياة أكثر مما نهل من الكتب.
اشتغل موظفًا في دوائر الدولة، لكنه ظل في قرارة نفسه كاتبًا ينتظر لحظة البوح. وعندما تقاعد، لم يتقاعد عن الإبداع، بل انخرط في العمل الثقافي، فكان عضوًا فاعلًا في اللجنة الثقافية لمجلس محافظة بابل، ومديرًا لهيئة التراث، ومسؤولًا عن نادي السرد في اتحاد أدباء بابل.
ولم يكن نشاطه الأدبي حكرًا على المؤسسات الرسمية، بل انتمى إلى فضاءات أوسع؛ فقد كان:
عضو اتحاد الأدباء والكتاب في بابل
عضو جمعية الرواد الثقافية المستقلة
عضو الهيئة الإدارية لمؤسسة التواصل الإعلامية
عضو منظمة بنت الرافدين
مؤسس رابطة "تراثنا غايتنا"
عضو الهيئة الإدارية لمتحف "هن الحياة"
مدير تحرير جريدة الحقائق
أما إبداعه، فكان شهادةً على عصر متقلب، وقلبٍ ظل وفيًا لنبض الناس البسطاء. في روايته "فم الحقيقة"، الصادرة عن دار الشؤون الثقافية، اختلطت اللغة بالتأمل، والحبكة بالوعي، فجاء العمل محمولًا على أكتاف الواقع، دون أن يتخلى عن مسحة الحلم. وفي روايته "الحب وعاصفة ووهان"، المنشورة في زمن الجائحة، قدّم نصًا يمزج الحب بالخوف، والإنسان بالجائحة، في مشهد سردي استثنائي جعل النقاد يتوقفون عنده بوصفه نموذجًا لكتابة اللحظة الساخنة دون الوقوع في فخ الوثائقية المباشرة.
وقد وصفه الناقد الدكتور علي حداد بأنه كاتب يتمتع بقدرة عالية على تحويل المشهد اليومي إلى لحظة درامية نابضة بالحياة، مستفيدًا من خلفيته الصحفية في اقتناص التفاصيل الصغيرة وإعادة بنائها سرديًا. أما القاص حيدر الأسدي، فرأى فيه امتدادًا لكتّاب الريف الذين لا يزالون يؤمنون بقيمة السرد في توثيق التحولات الاجتماعية بصوت إنساني حميم.
قصص الأعرجي، التي نُشرت في مجلات مثل الرافد الخليجية، الطليعة الأدبية، ألف باء، تجنح إلى التصوير الواقعي، لكنها لا تنغلق على نمط واحد، بل تتقاطع فيها ثيمات الإنسان المهمّش، والسلطة الجائرة، والحب المستحيل، في لغة رشيقة لا تغرق في التزويق، بل تسير نحو المعنى بجرأة وهدوء.
ولأن الجوائز لا تأتي مصادفة، فقد حصد الجائزة الأولى في مسابقة الغد الثقافية عام 2009، ثم الجائزة الأولى في مسابقة المفكر عالم سبيط النيلي التي أقامها اتحاد أدباء العراق في بابل، وهو ما أكد مكانته في المشهد القصصي العراقي، لا سيما في بيئة بابل التي أنجبت أقلامًا مشرقة.
ورغم ما صدر له، فإن ما لم يُنشر بعد يبدو أكثر إغراءً، إذ يحتفظ بمخطوطات منها "المسعور"، "الطاغية"، "العكاز"، و"الباج"، وهي عناوين توحي بمناخات مشحونة بالتوتر، ووعود سردية تنبئ عن اشتغال طويل على الشخوص والبنية.
في كتابته، تتجلى ملامح سردٍ لا يتكئ على الحداثة العابرة ولا على التراث المحنّط، بل يجمع بينهما بحسّ واقعي إنساني يجعل من قصصه مرآةً لحياة العراقيين في صراعهم اليومي مع الوجود، من دون تنظير ولا ادعاء.
حسين مبدر الأعرجي… صوت قصصي ينبع من الطين، ويكتب بالحبر والحياة. لم يسعَ إلى الشهرة، بل آمن أن القصة الجيدة مثل الجذر العميق: لا تراه العين، لكن الشجرة كلها مدينة له.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمران العبيدي شاعر تتقد الكلمات بين أصابعه
- وسام العبيدي الباحث الجاد والشاعر المتأمل
- محمد الزهيري... فكرٌ يقاوم، وصوتٌ لا يهادن
- قيس الجنابي الناقد الذي حرّك سواكن النص، وفتّش في ضمير الترا ...
- محمد مبارك بين الفلسفة والنقد الأدبي
- ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية ...
- مضر النجار الموسوي شاعر الضفتين، ولسان الحرف المتأمل
- وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل
- زهير عبد الرزاق محيي الدين العالمُ الذي حملَ العراقَ في قلبه ...
- عبد الجبار عباس: قامة نقديّة باسقة
- فوزي الطائي شاعر القصيدة المتأملة وباحث النصوص العميقة
- حسام آل زوين.. بين جمر التجربة ولهيب الكتابة
- سلام كاظم فرج القاص والناقد الذي كتب بضمير الوطن
- فلاح الرهيمي حارس الفكرة وناقل الشعلة
- الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات
- ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح
- عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث
- عبد الله كوران الشاعر الذي أعاد ترتيب أنفاس الجبال
- عدنان البراك... مسيرة النور والوفاء
- صلاح حسن شاعر الطفولة والغربة وصوت العبور إلى ضفاف جديدة


المزيد.....




- القائد الجديد للقيادة الأميركية الوسطى يزور إسرائيل ويؤكد ال ...
- هجوم مدينة غزة يُثير احتجاجات إسرائيلية واسعة النطاق بشأن ال ...
- محللون: ترامب يحاول تحقيق أهداف إسرائيل وحديثه عن المفاوضات ...
- -مسار الأحداث- يناقش مستقبل الحرب في ظل حديث ترامب عن مفاوضا ...
- الاحتلال يدمر 90% من مباني قطاع غزة
- نهشته حتى الموت.. سمكة قرش تقتل رجلًا قبالة شاطئ سيدني في أو ...
- إسرائيل تستعد لخطوة كبرى تجاه إيران
- الحرب على غزة مباشر.. استمرار القصف بالقطاع وأغلبية وزراء ال ...
- مصر.. تحقيق عاجل بعد فيديو -مسيء- في ذكرى المولد النبوي
- دخول أكثر من 10 آلاف طن من المساعدات الإماراتية إلى غزة


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حسين مبدر الأعرجي: القاص الذي كتب بمداد الذاكرة والمكان