أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية والعربية















المزيد.....

ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية والعربية


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8448 - 2025 / 8 / 28 - 12:42
المحور: سيرة ذاتية
    


في ربوع مدينة الحلة العريقة، التي تنبعث من ترابها نفحات تاريخية وأدبية، وُلد ناجح حسين ناصر المعموري عام 1944م. هناك، حيث تلتقي مياه الفرات بالثقافة الغنية، انطلق هذا الباحث والمفكر الذي سيكون لاحقًا من أبرز رموز الفكر النقدي والأدبي في العراق والعالم العربي.
نشأ ناجح المعموري في بيئة تربوية راسخة، أكمل فيها دراسته الابتدائية والثانوية، ثم نال دبلومًا في التربية عام 1963. لم يكن عمله في مجال التعليم مجرد وظيفة اعتيادية، بل كان بداية رحلة ثقافية وفكرية شاقة، حمل خلالها شعلة البحث والكتابة حتى أُجبر بسبب ظروف سياسية على الانتقال للعمل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، التي اعتزلها تقاعدًا عام 1988.
لكن المعموري لم يكن يومًا رجلاً عاديًا في مواقع العمل الحكومية، فقد اختير عام 2018 من قبل مجموعة "كاسل جورنال" البريطانية كشخصية ثقافية عالمية، تقديرًا لدوره الرائد في دعم ثقافة السلام والتسامح المجتمعيين، ولدراساته التي أغنت الفكر العربي وأضفت عليه رؤى نقدية جديدة.
في قلب الحركة الأدبية العراقية، وقف المعموري مؤسسًا وأمينًا لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق، حيث ترأسه لدورتين متتاليتين بين 2016 و2022، وساهم في رسم خارطة الثقافة الوطنية بوعي وإصرار. كان عضوًا في المجلس المركزي والتنفيذي للاتحاد بين 2010 و2013، ونائبًا للأمين العام، مناضلًا في ميادين الثقافة والوعي، من خلال منبر العقل ومنتديات الثقافة النسوية، ومسؤولًا عن المنتدى الثقافي داخل الاتحاد.
كان أيضًا جزءًا من لجان جائزة الإبداع في وزارة الثقافة، حيث ترك بصماته كعضو فاحص ومشرف، داعمًا للأدب والفنون بجميع أشكالها. نشاطه الثقافي لم يتوقف عند حدود العراق، بل امتد إلى عدد من البلدان العربية، حيث قدم محاضرات وورشًا فكرية، مسلطًا الضوء على الأبعاد الأسطورية والرمزية في التراث الإنساني.
في مسيرة الكاتب والمفكر ناجح المعموري، تتجلى عبقرية الجمع بين النقد الأدبي والأسطورة، بين التراث والحداثة. فقد أصدر عشرات الكتب التي غاصت في أعماق الميثولوجيا والأساطير القديمة، مستكشفًا أصولها وتأويلاتها في ضوء النصوص التوراتية وموروث بلاد الرافدين، موثقًا العلاقة بين الأسطورة والسياسة والدين.
من مجموعاته القصصية الأولى «أغنية في قاع ضيق» (1969) و«الشمس في الجهة اليسرى» (1972)، إلى رواياته المهمة مثل «النهر» (1978) و«شرق السدة.. شرق البصرة» (1984) و«مدينة البحر» (1986)، استمر المعموري في ترسيخ مكانته الروائية، ليكون بعدها صائدًا للأسطورة والرمز في مؤلفات مثل «موسى وأساطير الشرق» (2001) و«الأسطورة والتوراة» (2002) و«ملحمة كلكامش والتوراة» (2009).
إن كتاباته ليست مجرد سردٍ بل مقاربات نقدية معمقة في قوالب الأسطورة، الجنس، المقدس، والفنون، محدثة تحولات في الفكر الثقافي العراقي والعربي، كما هو واضح في عناوين مثل «الجنس في الأسطورة السومرية»، «التفاحة والناي»، «الرمز الأسطوري في الفن العراقي»، و«سحريات الطقوس والأساطير» التي صدرت حتى عام 2020.
شغل المعموري مناصب ثقافية مهمة، منها رئاسة تحرير مجلات ثقافية مثل «الجندول» و«شبابيك»، وإدارة مكتب صحيفة «المدى» في بابل، إضافة إلى استشاراته للحكومة المحلية في بابل، متفاعلًا دومًا مع المجتمع المدني ومؤسساته الثقافية، مجددًا صلة الثقافة بالأرض والإنسان.
لقد أثار نتاج ناجح المعموري الفكري اهتمام عدد كبير من النقاد والباحثين في العراق والعالم العربي، الذين أجمعوا على أن دراساته تشكل نقلة نوعية في حقل النقد الأسطوري والتراثي. يرى النقاد أن المعموري يمتاز بعمق التحليل ودقة التأويل، حيث نجح في نسج روابط متينة بين النصوص الأسطورية القديمة والنصوص الدينية والتاريخية، ما أتاح رؤية جديدة ومغايرة تجاه التراث العربي والشرق أوسطي.
كما أشادوا بقدرته الفذة على إعادة قراءة النصوص التراثية بشفافية نقدية حادة، لا تهدف إلى التقديس الأعمى، بل إلى استكشاف الأبعاد الإنسانية والاجتماعية والرمزية التي تنطوي عليها. هذا النهج جعله نموذجًا للباحث المثقف الذي لا يغفل السياقات الثقافية والسياسية التي تؤثر على النص وتؤثر به.
وقد كتب عنه عدد من كبار النقاد:
قال الدكتور علي حداد:" إن مشروع ناجح المعموري في إعادة قراءة الأسطورة من منظور ثقافي وأنثروبولوجي يمثل أحد أهم ملامح التحديث في الفكر النقدي العربي، حيث تخلى عن الأدوات التقليدية لصالح مقاربات مركبة تزاوج بين اللساني والرمزي والاجتماعي."
ورأى الناقد فاضل ثامر أن المعموري "من أوائل من اشتغلوا على تبيئة الفكر الميثولوجي في القراءة النقدية العراقية"، مشيرًا إلى قدرته على كشف البنى الذهنية العميقة في النصوص التراثية.
أما الدكتور عبد الله إبراهيم فاعتبر أن "جهده المعرفي ينقل الأسطورة من حيّز الحكاية إلى فضاء التأويل الثقافي والاجتماعي، مشكلًا مشروعًا حداثيًا يحاور التراث من داخله".
وأكدت الناقدة مي مظفر أن "المعموري سحب الرمز الطقوسي من غموضه وأدرجه في خطاب ثقافي حديث لا يخشى مساءلة المحظورات".
لقد خُصصت لأعماله رسائل ماجستير وأطاريح دكتوراه، من بينها:
"الأسطورة والتحليل الثقافي في فكر ناجح المعموري: قراءة في البنية والوظيفة" – جامعة بغداد.
"الرمز والدلالة في كتابات ناجح المعموري: قراءة في التشكيل الثقافي" – جامعة الكوفة.
كما نُظمت له ندوات تكريمية في بغداد والحلة، أبرزها ندوة "ناجح المعموري: الأسطورة والهوية الثقافية" التي أقامها بيت الحكمة عام 2019.
وقد تُرجمت بعض دراساته إلى اللغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية، وظهرت في مجلات مهتمة بالأنثروبولوجيا ودراسات الأديان والأساطير.
في ميدان الفكر والثقافة، يعكس ناجح المعموري صورة الباحث المتفرد، ذلك الإنسان الذي أنشد المعرفة في تفاصيل النص والأسطورة، وواصل مسيرته بحس نقدي ثاقب، راصدًا المتخيل الإنساني عبر العصور. هو ليس مجرد كاتب أو ناقد، بل رحالة يستكشف الميثولوجيا الإنسانية ليعيد صياغتها في ضوء فكره المتقد، مؤسسًا لوعي جديد ينبذ العنف، وينادي بالسلام والتسامح الثقافي.
هكذا تبقى سيرته ومنجزه موروثًا ثقافيًا عميقًا، يمضي فيه كل مهتم بالأدب والنقد والتراث، ليتعلم كيف تكون الأسطورة نبراسًا لفهم الحاضر، وكيف يتحول النص إلى فضاء رحب للحوار بين الموروث والحداثة.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مضر النجار الموسوي شاعر الضفتين، ولسان الحرف المتأمل
- وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل
- زهير عبد الرزاق محيي الدين العالمُ الذي حملَ العراقَ في قلبه ...
- عبد الجبار عباس: قامة نقديّة باسقة
- فوزي الطائي شاعر القصيدة المتأملة وباحث النصوص العميقة
- حسام آل زوين.. بين جمر التجربة ولهيب الكتابة
- سلام كاظم فرج القاص والناقد الذي كتب بضمير الوطن
- فلاح الرهيمي حارس الفكرة وناقل الشعلة
- الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات
- ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح
- عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث
- عبد الله كوران الشاعر الذي أعاد ترتيب أنفاس الجبال
- عدنان البراك... مسيرة النور والوفاء
- صلاح حسن شاعر الطفولة والغربة وصوت العبور إلى ضفاف جديدة
- كوكب حمزة مُلحِّن النَّغَم الثائر ورفيق المنفى الطويل
- صادق الطريحي الشاعر الذي مشى إلى اللغة بأجنحة من رؤيا
- عادل حبه: شاهد قرنٍ مضرجٍ بالخيبات والأمل
- في عيد الصحافة الشيوعية... حين تُقاتل الكلمة
- الخطيب الثائر محمد الشبيبي
- الشهيد الذي كتب بالحبر والدم: عبد الجبار وهبي (أبو سعيد)


المزيد.....




- إسرائيل تخطط لـ-إجهاض- الاعتراف بدولة فلسطينية، والسلطة الفل ...
- باريس ولندن وبرلين تفعّل آلية إعادة فرض العقوبات الأممية على ...
- إسرائيل تشن أعنف هجماتها على صنعاء وتستهدف قيادات حوثية بارز ...
- لبنان... مجلس الأمن ينهي عمل اليونيفيل بعد 50 عاما من خدمتها ...
- حكومة السودان تسلط الضوء على معاناة مليون شخص محاصر في الفاش ...
- المعلمون التونسيون ينظمون -يوم غضب- للمطالبة بزيادة الأجور
- سموتريتش يدعو لإبادة سكان غزة ويتوعد: من لا يموت بالرصاص سيم ...
- احتجاجات الأساتذة تؤجج المواجهة بين اتحاد الشغل والسلطة في ت ...
- -لحظة حاسمة-.. ترامب يستضيف لي في أول زيارة له كرئيس لكوريا ...
- غارات إسرائيلية جديدة على صنعاء.. ومسؤولان: استهدفت كبار قاد ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية والعربية