أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات














المزيد.....

الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8436 - 2025 / 8 / 16 - 12:01
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، حيث يلامس الفرات ذاكرة الأرض، ويتهجّى النخيل صمت الأسلاف، وُلد الشاعر أكرم بخيت تايه عام 1960، فكان ميلاده امتدادًا لصوتٍ شعريٍّ يخرج من قلب العراق المثقل، يحمل في نبراته وجع الإنسان وهمّه، ويصوغ من الكلمات تراتيل عزاء وأمل.
نشأ بخيت في تلك المدينة العريقة التي اختزنت منذ بابل الأولى نُتف الشعر والأساطير، وأكمل دراسته فيها، متدرجًا من مقاعد المدرسة حتى كلية التربية، التي تخرج منها وعمل موظفا، وكان يصوغ القصيدة من ضوء الروح وظلّ الحياة. ومنذ أيامه المدرسية، حمل أكرم همّ الشعر، وكان يشارك في مهرجانات التربية، يقرأ على المنابر نصوصه التي تتأرجح بين وجدان الفرد وأنين الجماعة، بين الوطن المهدور والذات المطمئنة بالخلق.
لم يكن مجرد شاعر يكتب، بل كائن لغويٌّ مشحونٌ بتجربة معيشة قاسية، فجاءت قصائده مشبعة بالأسى الجميل، وبالبوح العميق، كأنها تصدر عن قلب يسكنه التاريخ وتغشاه جراحات الإنسان. شارك في مهرجانات وندوات، ونشر في صحف ومجلات عراقية، ليكون صوته جزءًا من الجوقة الشعرية العراقية، في زمن كان فيه الصوت الإنساني النقي ضربًا من الجسارة.
أصدر أكرم بخيت ديوانه الأول "بوابات الوجع" عام 2015، وهو عنوان يكشف منذ عتبته عن وعي الشاعر بتجربة الألم، لا كحدثٍ عارض، بل كبنية شعورية أصيلة. وفيه، عبَر القارئ بواباتٍ متوالية من الأنين الجمعي، والحنين الشخصي، والقلق الوجودي، حيث تتداخل اللغة والصورة لتشكّلا فضاءً شعريًا يفيض برائحة الأرض وجراحها.
أما ديوانه الثاني "ألواح هابيل" الصادر عام 2017، فهو سفر آخر في التاريخ والأسطورة، إذ يستدعي شخصية "هابيل" بوصفه رمزًا للضحية، ليبني على اسمه نصوصًا تمتح من الميثولوجيا والراهن معًا. وقد تماهى الشاعر في هذا الديوان مع الوجع الإنساني العميق، حتى بدت قصائده كأضلاع حجرية ألقتها الذاكرة فوق نهرٍ من الدموع.
ولم يكتفِ بخيت بما نُشر، إذ ينتظر ديوانه الجديد "تراتيل طائر الهم" الخروج إلى النور، وهو عنوان ينطوي على نبرة صوفية حزينة، تنذر بمرحلة شعرية أكثر نضجًا وامتزاجًا بين الهم الذاتي والقلق الكوني.
لم تمرّ تجربة أكرم بخيت النقد مرور الكرام، بل توقّف عندها عدد من النقاد الذين وجدوا في شعره مادة تستحق التأمل والتحليل. فقد كتب عنه الروائي والناقد غانم عمران المعموري دراسة نقدية بعنوان "وحدة الهم الشعري في قصيدة أوراق وخنادق"، أبرز فيها كيف تتكثف التجربة الشعرية لدى بخيت في معاناة الإنسان العراقي، حيث تتشابك الذكريات بالحاضر، وتنهض اللغة على أنقاض الانكسار.
كما تناول الناقد والمترجم محمد العميدي قصائده في كتابه "قراءات نقدية في الشعر الحلي"، مشيرًا إلى النبرة المغايرة التي يحملها شعر بخيت، بما فيها من صدق شعوري، وإحكام لغوي، وانحياز دائم للمعنى العميق دون أن يفقد الشعر شعريته. وفي مؤلف آخر، عاد غانم عمران ليتناول شعر بخيت من زاوية وجدانية، في كتابه "الذات والوجدان في القصيدة: شعراء بابل أنموذجًا"، معتبرًا بخيت صوتًا نابضًا بالحزن الجليل، وتعبيرًا عن ضمير شعري لم يتلوث بزخرف القول.
وقد تُرجمت نصوص من شعره إلى اللغة الإنكليزية، في إشارات متكررة إلى عالميته الممكنة، تلك التي تبدأ من عمق الجراح العراقية وتمتد إلى قلب الإنسان أينما كان.
شارك بخيت في مهرجان بابل الدولي للثقافات والفنون لدورتين متتاليتين، كما كان من الوجوه الثابتة في أمسيات اتحاد أدباء بابل، يقرأ قصائده بهدوء من يعرف أن الشعر ليس هتافًا ولا صخبًا، بل جمرٌ مستورٌ تحت الرماد، لا يراه إلا من يحترق سرًا.
أكرم بخيت، شاعر يتقن الصمت أكثر من التصريح، والنزف أكثر من الزهو، ويفهم أن القصيدة ليست متراسًا، بل نافذة، تطلّ على الذات والآخر، وتُصغي لأنين الجدران المهجورة، ولهمس العابرين في ليالي الحلة الطويلة.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح
- عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث
- عبد الله كوران الشاعر الذي أعاد ترتيب أنفاس الجبال
- عدنان البراك... مسيرة النور والوفاء
- صلاح حسن شاعر الطفولة والغربة وصوت العبور إلى ضفاف جديدة
- كوكب حمزة مُلحِّن النَّغَم الثائر ورفيق المنفى الطويل
- صادق الطريحي الشاعر الذي مشى إلى اللغة بأجنحة من رؤيا
- عادل حبه: شاهد قرنٍ مضرجٍ بالخيبات والأمل
- في عيد الصحافة الشيوعية... حين تُقاتل الكلمة
- الخطيب الثائر محمد الشبيبي
- الشهيد الذي كتب بالحبر والدم: عبد الجبار وهبي (أبو سعيد)
- عبد الرزاق الصافي: نبضُ الصحافةِ الحمراء وقلمُ الفكرة الواضح ...
- قاسم محمد حمزة... صوت الشعب الذي أعدمه الطغيان
- عبد الأمير محيميد... ربيع الشوملي الذي أزهر في فجر الإعدام
- المقدم إبراهيم كاظم الموسوي... نبيلُ الحلة ودرعُ الثورة الذي ...
- سنية عبد عون رشو... راوية الأنوثة المتأملة ومفاتيح الغموض ال ...
- الشهيد النقيب الطيار عبد المنعم شنّون.. شهقة الحلة التي اختن ...
- عبد القادر البستاني أنفاس العراق الحمراء التي لم تُطفأ
- سعود الناصري... قلمه لم ينكسر، وصوته لم يُخرس حتى وهو يودع ا ...
- حسن عوينة... قصيدة لم تكتمل لأنفاسها الأخيرة


المزيد.....




- قمة ترامب - شكلا ومضمونا، كل شيء مقابل لاشيء
- سوريا: فيديو متداول لـ-انشقاق قوات من قسد وانضمامها إلى العش ...
- -لا يمكن رشوة بوتين لإنهاء الحرب-- مقال رأي في التلغراف
- جدل متصاعد حول التمييز.. دعوات في فرنسا لمقاطعة المنتجعات ال ...
- رجال الإطفاء يصارعون النيران للسيطرة على حرائق الغابات المست ...
- مسؤولان سابقان في إدارة بايدن: الجيش الإسرائيلي لم يقدّم أدل ...
- جعجع يؤكد دعم المؤسسات ويعتبر تصريحات قاسم تهديدا للبنان
- الليثيوم.. المعدن الحيوي يشعل سباقا عالميا في عصر الطاقة الم ...
- صحف عالمية: الطفولة تختفي بغزة وأطفالها يخضعون لجراحات دون ت ...
- “نظرتُ خلفي ولم أرَ أحدًا”.. ناج من فيضان مفاجئ يصف مصرع حوا ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات