أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - محمد الزهيري... فكرٌ يقاوم، وصوتٌ لا يهادن














المزيد.....

محمد الزهيري... فكرٌ يقاوم، وصوتٌ لا يهادن


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 12:01
المحور: سيرة ذاتية
    


من تخوم الجنوب العراقي، ومن مدينة الناصرية العابقة بتاريخها النضالي وثقافتها العريقة، بزغ فجر محمد الزهيري في الثاني من كانون الثاني عام 1949، ليشقّ طريقه في دروب المعرفة والوعي، ويصبح أحد أبرز الوجوه الوطنية والفكرية في عراق ما بعد الخراب.
نشأ الزهيري في كنف أسرة تحترم العلم وتجلّ الثقافة، فنهل من معين التعليم في بغداد منذ نعومة أظفاره، متدرجًا في مراحل الدراسة حتى أكمل الإعدادية في مسقط رأسه، قبل أن تقوده مسارات الحياة إلى مدينة الحلة، حيث استقرّ منتصف السبعينات بحكم عمله الوظيفي. حصل على شهادة البكالوريوس في علوم التربة والمياه من كلية الزراعة – جامعة بغداد، وعمل في مشاريع استصلاح الأراضي بالتعاون مع شركات أجنبية، ثم في دوائر الري، مهندسًا يرعى النهر ويقرأ في جريانه تاريخًا ونبوءة.
ولأنه لم يكن رجل وظيفة فحسب، بل رجل فكرة وقضية، فقد واصل دراسته حتى نال شهادة البكالوريوس في القانون من الجامعة الإسلامية، وامتهن المحاماة، ليجمع بين العلم والعمل، بين الحرف والموقف. لكنه لم يُطِل المكوث في عالم المرافعات، إذ سرعان ما ترك المحاماة ليتفرغ كليًا للعمل الثقافي، متخذًا من الفكر سلاحًا، ومن المعرفة ساحة نزال.
كانت رؤاه متجذّرة في اليسار، لكنه لم يكن أسيرًا للإيديولوجيا، بل قارئًا واعيًا للتحولات، ناقدًا للثابت حين يعوق الحياة. عُرف بإعداده دراسات معمّقة طالت قضايا الاقتصاد السياسي، النظم الانتخابية، العولمة، الدولة، والدين، وقدّم محاضراته في منابر لا تحصى، من أبرزها:
محاضرته في اتحاد أدباء وكتاب بابل عن “الدولة المدنية: عناصرها وتطورها التاريخي”، حيث فصل القول في نشأة الدولة ومرور مفهومها من العقد الاجتماعي إلى النظام المؤسساتي.
ندوته في منتدى “العشرة كراسي” بعنوان “الخصخصة والعراق”، حيث طرح سؤالًا جريئًا: "هل نُباع نحن مع المصانع؟" في إشارة إلى تفكك الدولة وانفلات سيادتها.
حديثه في مقر الحزب الشيوعي العراقي عن “النظام الانتخابي الجديد حسب قانون 9 لسنة 2020”، حيث انتقد تفصيل القوانين على مقاسات القوى المتنفذة، قائلًا: "الديمقراطية لا تُختزل في صناديق الاقتراع، بل تُبنى على وعي الناخب وكرامته."
وفي ساحة احتجاجات تشرين، وقف يخطب بين الشباب الغاضب قائلاً: "هذه الساحة ليست ساحة غضب فقط، إنها ساحة تفكير، ساحة مراجعة كبرى لما جرى لنا، فلنكن صوتًا للمستقبل لا صدى للماضي."

ومن القضايا التي خاض غمارها بجرأة وعمق: العولمة وأثرها على المجتمعات النامية، صندوق النقد الدولي، الماسونية العالمية، الخصخصة وهيمنة رأس المال، العلمانية وبنية الدولة الحديثة، المجتمع المدني والدولة الديمقراطية، الأنظمة الانتخابية في العالم، الأزمة المالية في العراق، بداية انحدار الإمبراطورية الأمريكية، نقد مشروع قانون الأحوال الشخصية (الجعفري).
وكان من أبرز مناصري الدولة المدنية، لا بشعاراتها فحسب، بل بإيمان راسخ بها كخيار وحيد لنجاة العراق. دعا إلى بناء دولة تُدار بالمواطنة لا بالمحاصصة، واستبسل في الدفاع عن الديمقراطية بوصفها مشروع تحرر لا غطاءً للتسلط.
أما في ميدان حركة السلم العراقية، فكان من المؤسسين البارزين لـ مجلس السلم والتضامن بعد 2003، وأسهم في أنشطته ولقاءاته، مستذكرًا دائمًا أن "العدل والسلام متلازمان، لا يمكن أن يُزرع السلام على أرض منزوعة الكرامة."
ومن أبرز شهادات المثقفين عنه: قال عنه أحد زملائه في اتحاد الأدباء: "كان الزهيري عندما يصعد إلى المنبر، لا يُلقي محاضرة بل يُشعل جذوة وعي، تُجبرك أن تفكر، أن تتساءل، أن تراجع."
وكتب أحد شباب تشرين منشورًا بعد مشاركته في ندوة ميدانية له: "عرفت لأول مرة الفرق بين الدولة والحكومة... شكرًا للزهيري الذي فتح لنا نافذة نطل منها على الوطن كفكرة، لا كأنقاض."
كذلك، لم تغب عنه وسائل التواصل الاجتماعي، فكان حاضرًا بمنشوراته القانونية والسياسية والاقتصادية، مبسطًا المفاهيم بلغة جماهيرية، لا نخبويّة، حتى غدا مرجعًا شعبيًا في قضايا ملتبسة كالدستور، العقود، والعدالة الانتقالية.
لقد مثّل محمد الزهيري نموذجًا نادرًا للمثقف العضوي الذي لا ينعزل في برجٍ من عاج، بل يهبط إلى الناس، ويقف بينهم، ويصوغ فكره من معاناتهم وآمالهم، واضعًا على رأس رسالته مسؤولية الدفاع عن الإنسان، عن حريته، وعن حقه في وطن حرّ كريم.
إنه فكر يقاوم، وصوت لا يهادن، وقامة وطنية ستبقى ماثلة في ذاكرة الحراك الثقافي والاجتماعي العراقي، ما بقيت الكلمة الحرة نبراسًا، وما دام هناك من يرفض أن يُدار الوطن كغنيمة لا كمشروع حياة.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيس الجنابي الناقد الذي حرّك سواكن النص، وفتّش في ضمير الترا ...
- محمد مبارك بين الفلسفة والنقد الأدبي
- ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية ...
- مضر النجار الموسوي شاعر الضفتين، ولسان الحرف المتأمل
- وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل
- زهير عبد الرزاق محيي الدين العالمُ الذي حملَ العراقَ في قلبه ...
- عبد الجبار عباس: قامة نقديّة باسقة
- فوزي الطائي شاعر القصيدة المتأملة وباحث النصوص العميقة
- حسام آل زوين.. بين جمر التجربة ولهيب الكتابة
- سلام كاظم فرج القاص والناقد الذي كتب بضمير الوطن
- فلاح الرهيمي حارس الفكرة وناقل الشعلة
- الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات
- ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح
- عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث
- عبد الله كوران الشاعر الذي أعاد ترتيب أنفاس الجبال
- عدنان البراك... مسيرة النور والوفاء
- صلاح حسن شاعر الطفولة والغربة وصوت العبور إلى ضفاف جديدة
- كوكب حمزة مُلحِّن النَّغَم الثائر ورفيق المنفى الطويل
- صادق الطريحي الشاعر الذي مشى إلى اللغة بأجنحة من رؤيا
- عادل حبه: شاهد قرنٍ مضرجٍ بالخيبات والأمل


المزيد.....




- مشروب يكشف عن مصيرك..طقوس القهوة التركية تتحدى الزمن
- بعد استكماله فترة النقاهة.. ماجد المهندس يعود لاستئناف نشاطه ...
- هيفاء وهبي تتألق بفستان زفاف على ضفاف بحيرة كومو في إيطاليا ...
- موضة ورقص..ديمة قندلفت تخطف الأنظار بإطلالة فلامنكو اسبانيّة ...
- خوف يسود شوارع غزة.. شاهد ما حدث لحظة فرار أم مع طفليها وسط ...
- حصيلة زلزال أفغانستان ترتفع إلى 1200 قتيل وتحذيرات من تأثر م ...
- بتبني سرديتهم.. دعم ماسك لشعبويي ألمانيا في انتخابات كولونيا ...
- -لن يبقى أحد لنقل ما يحدث في غزة-.. جوناثان داغر يتحدث عن رس ...
- شركة -نستله- تقيل رئيسها التنفيذي لإقامته -علاقة عاطفية غير ...
- قرويون في أفغانستان ينتظرون المساعدات بعدل زلزال مدمر راح ضح ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - محمد الزهيري... فكرٌ يقاوم، وصوتٌ لا يهادن