أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - وسام العبيدي الباحث الجاد والشاعر المتأمل














المزيد.....

وسام العبيدي الباحث الجاد والشاعر المتأمل


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8454 - 2025 / 9 / 3 - 12:06
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، حيث ينهض التاريخ من أعماق بابل، ويهجع الحرف على ضفاف الفرات، وُلد وسام حسين جاسم محمد العبيدي، عام 1982، ليكون منذ بداياته ابنًا للغة، وعاشقًا لمعناها العميق، ورفيقًا لحروفها المتعبة في مسارات النقد والشعر معًا. لم يكن مجرد طالبٍ مجتهد في كلية التربية بجامعة بابل، بل كان منذ خطواته الأولى في رحاب العربية مشروعَ باحثٍ ومثقفٍ وشاعر، يجمع ما تفرّق في غيره من صرامة الدرس، ودفء الإحساس.
حصل العبيدي على شهادة البكالوريوس عام 2004، ولم يتوقف طموحه عندها، بل سار في طريق الدرس الأكاديمي ليحصل على الماجستير في الأدب الحديث والنقد عام 2010، ثم الدكتوراه في عام 2014 من الجامعة نفسها، جامحًا نحو المزيد من التأمل في النص، والتفكيك لمعانيه، والتعاطي مع الشعر والنثر والنقد بعينٍ يقظة وروحٍ شغوفة.
عُرف وسام العبيدي بتنوّع نتاجه، وتعدّد مشاربه، فهو الناقد حين يكتب عن الجواهري، والمفكر حين يتأمل صورة المجنون في المتخيّل العربي، والشاعر حين يُطلق العنان لـ"بوحٍ تعزفه الكلمات"، وهو في كلّ هذه التجليات باحثٌ مشغول بالسؤال، لا يطمئن إلى إجابة جاهزة، ولا يغويه السكون المعرفي.
في كتابه "الجواهري ناقدًا"، الصادر في عمّان عام 2012، اقتحم ميدانًا لم يطرقه كثيرون، كاشفًا عن وجوهٍ خفية للشاعر الذي لطالما قُرئ بوصفه قامة شعرية فحسب، لا ناقدًا له مشروعه ورؤاه. أما في كتابه "صورة المجنون في المتخيل العربي" (الجزائر 2016)، فقد جسّد قدرة بحثية عالية، حيث رصد تقاطعات العقل والجنون، والأسطورة والتاريخ، وأماط اللثام عن خبايا التراث العربي من الجاهلية حتى القرن الخامس الهجري، مشكلًا بذلك لبنة نوعية في النقد الثقافي الحديث.
كتب الشعر كما يكتب الناقد المتأمل، فمجموعته "بوح تعزفه الكلمات" (2016) كانت مرآة لقلقٍ شعريّ، وبوحٍ داخليّ مشوبٍ بالحكمة والحرقة معًا. وقد حظيت هذه المجموعة باهتمام نقدي خاص؛ فكتب عنها الأديب كامل الدليمي فصلًا بعنوان "قراءة في بوح تعزفه الكلمات" في كتابه إبداع الغربة أم غربة الإبداع، كما تناولها الدكتور أحمد الخيال بدراسة تحليلية نشرت في موقع اتحاد أدباء بابل، سلطت الضوء على عمق البنية الشعريّة و"قلق الحدث الشعري".
ولعل اللافت في مسيرة العبيدي هو هذا التوازن بين الأكاديمي والثقافي، بين الجامعيّ والمجتمعيّ، بين الباحث الذي ينقّب في كتب التراث ودهاليز الحداثة، وبين الشاعر الذي لا ينأى عن معاناة الناس وآمالهم، بل يُترجمها في نصوصه ويجعل منها لبّ اهتمامه. لقد كتب في الصحف والمجلات المحكمة، وشارك في المؤتمرات داخل العراق وخارجه، وأسهم في إعداد كتب علمية صدرت عن العتبات أو عن مؤسسات أكاديمية.
وفي أعماله الأخيرة، يواصل العبيدي هذا النهج المتعدد، فكتابه "فضاءات الحرية في منظور القضية الحسينية" (قم، 2022) يكشف عن بعد فكريّ عميق في فهم ثورات الذاكرة الجمعية، أما في "تحت مرمى الجائحة" (2023) فقد أطلّ من نافذة الحدث الكونيّ الراهن، كاشفًا عن تمثيلات الكورونا في الشعر العراقي المعاصر، مؤرشفًا بذلك مشاعر الخوف والاغتراب والنجاة التي طبعت العالم.
النقاد يرونه وجهًا من وجوه الحلة الثقافية المعاصرة، وصوتًا معرفيًا أصيلًا في مشهد تتنازعه التقريرية والسطحية، وهو، كما قال عنه أحدهم، "باحث لا يتكئ على أدوات محفوظة، بل يصنع من قراءته مشروعًا متجددًا"، فيما رآه آخر "من القلائل الذين وحّدوا بين النزعة التأملية في النقد، والنبرة الصادقة في الشعر، فجاء نتاجه ابنًا لتجربة متوازنة، لا تنفصل فيها الذات عن النص، ولا الواقع عن التأمل".
لقد تُرجمت سيرته وأعماله إلى الإنجليزية في كتب مثل حلي بابلية وجنائن بابل، وكتب عنه نقاد وشعراء وأساتذة جامعيون، الأمر الذي يعكس الحضور المميز له في المشهد الثقافي العراقي. وبين مؤلف مطبوع وآخر قيد الإصدار، يظل وسام العبيدي صوتًا يمشي على ضوء البصيرة، ويترك أثره في القلب والفكر معًا.
فهو لا يكتب ليُقال إنه كتب، بل ليمنح الحرف وجعًا جديدًا، ويمنح القارئ متعة فكرية لا تُنسى.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد الزهيري... فكرٌ يقاوم، وصوتٌ لا يهادن
- قيس الجنابي الناقد الذي حرّك سواكن النص، وفتّش في ضمير الترا ...
- محمد مبارك بين الفلسفة والنقد الأدبي
- ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية ...
- مضر النجار الموسوي شاعر الضفتين، ولسان الحرف المتأمل
- وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل
- زهير عبد الرزاق محيي الدين العالمُ الذي حملَ العراقَ في قلبه ...
- عبد الجبار عباس: قامة نقديّة باسقة
- فوزي الطائي شاعر القصيدة المتأملة وباحث النصوص العميقة
- حسام آل زوين.. بين جمر التجربة ولهيب الكتابة
- سلام كاظم فرج القاص والناقد الذي كتب بضمير الوطن
- فلاح الرهيمي حارس الفكرة وناقل الشعلة
- الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات
- ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح
- عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث
- عبد الله كوران الشاعر الذي أعاد ترتيب أنفاس الجبال
- عدنان البراك... مسيرة النور والوفاء
- صلاح حسن شاعر الطفولة والغربة وصوت العبور إلى ضفاف جديدة
- كوكب حمزة مُلحِّن النَّغَم الثائر ورفيق المنفى الطويل
- صادق الطريحي الشاعر الذي مشى إلى اللغة بأجنحة من رؤيا


المزيد.....




- بعد محاكمة أشعلت منصات التواصل.. شاهد كاردي بي تُبرّأ وتهدد ...
- إطلالات أنيقة للمشاهير الرجال على السجادة الحمراء في البندقي ...
- تنمر ترامب يجمع قوى عالمية في الصين- في الإيكونومست
- -قتلنا 11 إرهابيًا-.. ترامب يبرّر أول تحرّك عسكري ضد زورق فن ...
- خمسة جرحى في اعتداء بسكين في مرسيليا جنوب فرنسا والشرطة تقتل ...
- ملاحقة الدولة الفرنسية أمام القضاء لتقاعسها عن منع الإبادة ا ...
- سانشيز: رد أوروبا على حرب غزة فشل ذريع ويقوض مكانة الغرب
- هكذا يتصور نتنياهو نهاية الحرب
- إعلام إسرائيلي: نقاش عاصف باجتماع -الكابينت- لتأييد زامير صف ...
- شهيد كل يومين.. 76 انتهاكا إسرائيليا ضد الصحفيين الفلسطينيين ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - وسام العبيدي الباحث الجاد والشاعر المتأمل