أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عمران العبيدي شاعر تتقد الكلمات بين أصابعه














المزيد.....

عمران العبيدي شاعر تتقد الكلمات بين أصابعه


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 11:48
المحور: سيرة ذاتية
    


ليس كل من كتب الشعر شاعرًا، لكن عمران العبيدي حين يكتب، تهتزُّ اللغة كما لو أنها تستيقظ على صوتها الأول. في ضوء المحاويل، هناك حيث ولد في 27 أيار1964، كان لعطر وملحها الأرض أثره في تشكيل ملامح هذا الشاعر الذي عجن وجدانه بالأسئلة لا بالأجوبة، وكتب من رعشة الروح لا من صفاء اللفظ فقط. تخرّج من كلية الآداب - قسم الإعلام في جامعة بغداد عام 1986، ليبدأ رحلة طويلة بين الكلمات، والورق، والمواقف، والميكروفونات، والمهرجانات، والشاشات.
ما إن فرغ من دراسته حتى التحق بوزارة الثقافة، وهناك اكتشف أن العمل الوظيفي لا يحجب الحلم، بل قد يمنحه أجنحة أخرى. فكان الكاتب والموظف، الشاعر والناطق الرسمي، الجندي المجهول في إدارة مهرجانات العراق الكبرى، والاسم الذي ينساب بهدوء بين الصفحات ليترك أثرًا لا يزول.
ثلاث مجموعات شعرية تحكي عن عمران العبيدي، لكن كل واحدة منها تقول عنه شيئًا مختلفًا. في "حين يلتبس السؤال" بدا شاعرًا مشتبكًا مع العالم، يطارد الحقيقة وسط دخان الكلمات، أما "وشم لذكرى وجه" فهي مرآته الشخصية، كتاب الحنين الذي لا يُغلق، حيث يتداخل الحرف مع الألم، والرمز مع الطيف، والغياب مع الحضور. وفي "وأنتِ تلمعين أصابع الوقت"، يضع القارئ في مواجهة الجمال المفاجئ، فتتبدى المرأة لا ككائنٍ عاطفي، بل كزمنٍ متوهج، كلما حاولت الإمساك به، انسكب من بين أصابعك.
يكتب العبيدي شعره كما لو أنه يكتب على ماء، لكنه لا يتلاشى، بل يظل هناك... في الذاكرة. ويكتب مقالاته الصحفية كما لو أنه يفتح نافذة في الجدار، نافذته الأسبوعية التي ظلّ يطل منها عبر جريدة "الاتحاد" وغيرها، كانت مساحة للتأمل، والنقد، والمكاشفة، وملمحًا من ملامح تجربته التي جمعت ما بين الأدب والإعلام والاشتغال الثقافي اليومي.
يرى فيه بعض النقاد صوتًا شعريًّا مائزا، لا تغويه الحداثة الشكلية، بل يتوغل في وجدان الحداثة من حيث الروح والمعنى. لغته رشيقة بلا افتعال، عميقة بلا تعقيد، ويؤمن كثيرون أن توازن العبيدي بين اشتغاله الإعلامي والشعري هو ما منحه مرونة الرؤية ووضوح الأسلوب. يصفه أحد النقاد بأنه "شاعر الهمس الجارح"، في إشارة إلى هدوئه الظاهري وقدرته على تمرير الدهشة في سطر عابر.
عمران العبيدي لم يكن شاعرًا يعيش في برج، بل نزل إلى الأرض، وتنقل بين القنوات الفضائية، من "الحرية" إلى "الحرة عراق" و"العمود الثامن"، متحدثًا ومدافعًا عن الكلمة والثقافة. وخلف الكواليس، كان المشرف والمخطط والمدير، يقف وراء مهرجانات مثل المربد والكميت والمتنبي، يصوغ التفاصيل، ويمنح الآخرين الضوء، ويكتفي بالظلّ الذي يكبر على جدار المحبة.
كان المتحدث الرسمي لوزارة الثقافة بين 2015 و2019، لكنه لم يتخلَّ عن شاعريته لحظة، بل ظلّ يكتب ويصوغ حضور الثقافة بلسانٍ شعريّ. شارك في اللجنة العليا لجائزة الإبداع العراقي، وأسهم في تنظيم عشرات الفعاليات والمناسبات، جامعًا بين فكر المثقف ورشاقة الإعلامي وشفافية الشاعر.
نال جوائز عديدة، وشهادات تقدير، لكنه ظلّ وفيًّا لذاته، بعيدًا عن الأضواء الفارغة. رأس تحرير "جريدة الفرات الأوسط" التي كانت تطبع ثقافة مختلفة، تؤمن بأن الكلمة هي الرافعة الحقيقية لأي مشروع حضاري.
عمران العبيدي، في خلاصته، هو شاعر يعرف كيف يُطوِّق المعنى بصمت، وكاتب ينسج الحروف بيد خفية، وإعلامي لا يصخب، بل يقنع. هو شاعر يسير على أطراف اللغة، فلا يكسرها ولا يكسر معها القارئ، بل يأخذه إلى ضوء بعيد... يشبه الوطن حين يكون حلمًا.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وسام العبيدي الباحث الجاد والشاعر المتأمل
- محمد الزهيري... فكرٌ يقاوم، وصوتٌ لا يهادن
- قيس الجنابي الناقد الذي حرّك سواكن النص، وفتّش في ضمير الترا ...
- محمد مبارك بين الفلسفة والنقد الأدبي
- ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية ...
- مضر النجار الموسوي شاعر الضفتين، ولسان الحرف المتأمل
- وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل
- زهير عبد الرزاق محيي الدين العالمُ الذي حملَ العراقَ في قلبه ...
- عبد الجبار عباس: قامة نقديّة باسقة
- فوزي الطائي شاعر القصيدة المتأملة وباحث النصوص العميقة
- حسام آل زوين.. بين جمر التجربة ولهيب الكتابة
- سلام كاظم فرج القاص والناقد الذي كتب بضمير الوطن
- فلاح الرهيمي حارس الفكرة وناقل الشعلة
- الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات
- ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح
- عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث
- عبد الله كوران الشاعر الذي أعاد ترتيب أنفاس الجبال
- عدنان البراك... مسيرة النور والوفاء
- صلاح حسن شاعر الطفولة والغربة وصوت العبور إلى ضفاف جديدة
- كوكب حمزة مُلحِّن النَّغَم الثائر ورفيق المنفى الطويل


المزيد.....




- مصممة الأزياء ياسمين يحيى تكشف شخصيات النجمات العربيات في ال ...
- الصين تستعرض قوتها العسكرية على وقع -ولادة نظام جديد-
- إسرائيل تتوقع نزوح مليون فلسطيني جراء هجومها على غزة وحماس ت ...
- فرنسا وحلفاؤها مستعدون لتقديم الضمانات الأمنية لأوكرانيا وهي ...
- تركيا: إلغاء حفل المغني إنريكو ماسياس عقب احتجاجات بسبب موقف ...
- تحالف الراغبين في باريس: ضمانات عسكرية لأوكرانيا أم رهان معل ...
- ما السيناريوهات المحتملة لعملية عسكرية أميركية كبيرة ضد فنزو ...
- محكمة هولندية تنظر في استئناف ضد الحكومة بشأن تصدير أسلحة لإ ...
- إسحاق بريك: خطة احتلال غزة ستكون كارثية على إسرائيل ولن تضعف ...
- وليد الخالدي مؤرخ مقدسي بلغ العالمية


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عمران العبيدي شاعر تتقد الكلمات بين أصابعه