أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - الدكتور عدنان العوادي حكمة الأكاديمي وروح الأديب














المزيد.....

الدكتور عدنان العوادي حكمة الأكاديمي وروح الأديب


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 14:14
المحور: سيرة ذاتية
    


في بابل، حيث تنام الحضارة على ضفاف الفرات وتنهض في أفق الحرف والمعنى، وُلد الدكتور عدنان حسين العوادي، ليكون أحد أولئك الذين نذروا العمر للعلم والكلمة، فارتقى باسمه إلى مصاف الأعلام الذين لا تُخطئهم الذاكرة الثقافية في العراق والعالم العربي. لم يكن مجرد أستاذ جامعي يؤدي واجبه، بل كان صاحب رسالة، نسج خيوطها من شغف البحث، وإيمان عميق بأن المعرفة لا تكتمل إلا حين تُضاء بوعي نقدي وبصيرة تستنطق النص وتستنفر العقل.
ولد العوادي في قرية "جميعات" القريبة من الحلة عام 1942، ومنذ دراسته الأولى برز نبوغه، فكان الأول على دفعته في الفرع الأدبي عام 1961، وما لبث أن تخرج من كلية التربية بجامعة بغداد بدرجة شرف عام 1964، إيذانًا ببداية مسيرة أكاديمية حافلة لا تعرف الفتور. انتقل بعدها إلى دراسات عليا أثبت فيها تفرّده، فقد نال الماجستير بأطروحة عن "الشعر الصوفي حتى أفول مدرسة بغداد وظهور الغزالي"، ثم الدكتوراه بدرجة امتياز عن "لغة الشعر الحديث في العراق"، وهي أطروحة رأت فيها الدولة ما يستحق الطباعة والنشر على نفقتها.
لم تكن الوظيفة عند الدكتور العوادي غاية، بل وسيلة لتحقيق مشروعه الثقافي. عمل في التعليم، والإدارة التربوية، ثم انطلق في فضاء التعليم العالي أستاذًا في كلية الفقه، ثم الآداب، والدراسات الإسلامية، والتربية، حيث خرّج أجيالًا من الطلبة، وأشرف على رسائل وأطاريح أكاديمية لا تُحصى. ولم يكن حضوره محصورًا في الصف الدراسي، بل تعدّاه إلى المنتديات والمؤتمرات والندوات، مشاركًا، ومحكّمًا، ومؤسسًا، كما في ندوة "عشتار" الأدبية، التي ترأسها عام 1973 مع نخبة من أدباء بابل.
أحبّ طلبته أسلوبه المتوازن بين النظرية والتطبيق، بين التحليل الصارم والذوق الأدبي، فكان مصدر إلهام لهم، ومرشدًا لمن أراد أن يخوض غمار البحث بلا تكلّف ولا تهويمات. ولعلّ أعماله العلمية والأدبية خير شاهد على ذلك؛ فقد كتب في الأدب، والنقد، والتاريخ الثقافي، وكان لكتابه عن الشعر الصوفي، وكتابه الآخر عن لغة الشعر الحديث في العراق، أثرٌ بالغ في تجسيد رؤيته النقدية الأصيلة.
لم يكن غريبًا أن تُحتفى به الأوساط الثقافية والأكاديمية؛ فإلى جانب عضويته في لجان التقييم والترقيات الجامعية، اختير ضمن الهيئة الاستشارية لمجلة "الأديب العراقي"، ومثّل العراق في مهرجانات ومؤتمرات عربية مثل مهرجان الشباب العربي في الجزائر عام 1973، وملتقى السياب في البصرة، وندوة النقد في الموصل، وغيرها من المحافل التي نُظر فيها إليه بوصفه صوتًا علميًا رصينًا لا يهادن في الرأي، ولا يتنازل عن معايير المعرفة الحقة.
لم يكن الدكتور عدنان العوادي ناقدًا وحسب، بل كان شاعرًا، وإن لم تُنشر مجموعته بعد، إلا أن طيف الشعر ظلّ يسكنه، ويظهر أثره في لغته وتحليله وتذوقه للنصوص، وهو ما جعل الدارسين يعودون إليه بوصفه من أهم الأصوات النقدية في دراسة الشعر الحديث. صدرت عنه دراسات ورسائل جامعية تُبرز مكانته، منها: "عدنان العوادي في أفق الأدب" للدكتور سعيد عدنان، ورسالة ماجستير بعنوان "قراءة الشعر الحديث عند الدكتور عدنان حسين العوادي"، فضلاً عن بحوث نقدية تناولت إسهاماته في قراءة الشعر العراقي المعاصر.
نال الدكتور العوادي تكريمات لا تُعد، من جامعات ومؤسسات ثقافية، ومن وزارات ومجالس، لكنه بقي متواضعًا، قريبًا من طلبته وزملائه، منشغلًا بسؤال الكلمة وقلق الحقيقة. وحتى حين تولّى عمادة كلية الآداب في جامعة بابل عام 2004، لم يغيره المنصب، بل زاد من حضوره العلمي والإداري الفاعل حتى أعفي عام 2010، وأُحيل إلى التقاعد في نهاية 2011، لكنه لم يتقاعد من البحث والإبداع.
إن سيرة الدكتور عدنان العوادي ليست مجرد قائمة من المناصب والمؤلفات، بل هي قصة رجل آمن بأن الثقافة هي حجر الزاوية في بناء الأوطان، وأن الأستاذ الحقيقي هو من يزرع في طلابه روح التساؤل، لا الرضى بالجاهز والموروث فقط. في شخصه تآلفت الحكمة الأكاديمية مع رهافة الحس الأدبي، لتظل ذكراه وأعماله منارة لمن أراد أن يسير في درب المعرفة بشرف واستقامة.
سيظل الدكتور عدنان العوادي حاضرًا في ذاكرة طلابه، وفي صفحات النقد، وفي ضمائر المثقفين، لا لأنه فقط كتب وألّف، بل لأنه مثّل نموذجًا نادرًا للباحث الذي يرى في الكلمة مسؤولية وفي الفكر رسالة لا تنطفئ.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى عبد الأمير حين تتكئ القصيدة على ريشة وتكتب قلبًا
- حسين مبدر الأعرجي: القاص الذي كتب بمداد الذاكرة والمكان
- عمران العبيدي شاعر تتقد الكلمات بين أصابعه
- وسام العبيدي الباحث الجاد والشاعر المتأمل
- محمد الزهيري... فكرٌ يقاوم، وصوتٌ لا يهادن
- قيس الجنابي الناقد الذي حرّك سواكن النص، وفتّش في ضمير الترا ...
- محمد مبارك بين الفلسفة والنقد الأدبي
- ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية ...
- مضر النجار الموسوي شاعر الضفتين، ولسان الحرف المتأمل
- وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل
- زهير عبد الرزاق محيي الدين العالمُ الذي حملَ العراقَ في قلبه ...
- عبد الجبار عباس: قامة نقديّة باسقة
- فوزي الطائي شاعر القصيدة المتأملة وباحث النصوص العميقة
- حسام آل زوين.. بين جمر التجربة ولهيب الكتابة
- سلام كاظم فرج القاص والناقد الذي كتب بضمير الوطن
- فلاح الرهيمي حارس الفكرة وناقل الشعلة
- الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات
- ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح
- عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث
- عبد الله كوران الشاعر الذي أعاد ترتيب أنفاس الجبال


المزيد.....




- روسيا تخترق أجواء حلف الناتو بعدد هائل من المسيّرات.. إليكم ...
- رئيس إسرائيل يزور لندن وسط دعوات لاعتقاله ومخاوف مشرعين بريط ...
- أمير قطر يُعلق على زيارة رئيس الإمارات إلى الدوحة ويوضح ما ن ...
- نيبال: استنفار عسكري في كاتماندو مع خروج التظاهرات عن السيطر ...
- بعد اختراق المسيّرات الروسية أجواءها.. بولندا تدرس تفعيل الم ...
- ألمانيا: السجن مدى الحياة لسوري أدين بتنفيذ -هجوم زولينغن-
- هجوم الدوحة.. ضربة لمصداقية ترامب كحليف ولقطار التطبيع مع إس ...
- تانيا صالح: رحلة مع الأغاني والرسومات لمواجهة بؤس العالم
- فرنسا: سيباستيان لوكورنو يتسلم رسميا مهامه رئيسا للوزراء تزا ...
- فرنسا: إغلاق طرقات واضطرابات في نحو 100 مدرسة ثانوية وعدد من ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - الدكتور عدنان العوادي حكمة الأكاديمي وروح الأديب