أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - ليلى عبد الأمير حين تتكئ القصيدة على ريشة وتكتب قلبًا














المزيد.....

ليلى عبد الأمير حين تتكئ القصيدة على ريشة وتكتب قلبًا


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8458 - 2025 / 9 / 7 - 11:12
المحور: سيرة ذاتية
    


في بغداد الكرخ، حيث تختلط ضوضاء المدينة بنبض دجلة، ويمتزج العطر العتيق للبيوت بالأحلام التي تسكن العيون، وُلدت الشاعرة ليلى عبد الأمير في اليوم الأول من تموز عام 1952، وفي تلك اللحظة، ولدت أنثى مختلفة، عيناها تتبعان المدى، وأصابعها تلوّن الكلمات كما لو كانت سماءً تستعدّ لاستقبال المطر.
نشأت في بغداد وتعلّمت بين مدارسها، ثم التحقت بأكاديمية الفنون الجميلة، قسم الرسم، لتتخرج عام 1970، وهي تحمل في قلبها لوحتين: واحدة ترسمها الألوان، وأخرى تنسجها المفردات. فليلى عبد الأمير لم تكن فنانة تشكيلية فقط، بل شاعرة تنظر إلى العالم بعين مزدوجة، ترى الصورة وترى ما وراءها، تسمع الكلمة وتسمع ما لا يُقال فيها.
ما يميز تجربة ليلى الشعرية أنها جاءت من ضفة الفن البصري، لذلك فإن قصائدها لا تُقرأ فقط، بل تُرى، تُستشعر كما تُستشعر الألوان حين تتراقص على سطح اللوحة. وفي دواوينها: "ثمة عزفٌ في السماء" و"أختفي وتلاحقني المرايا"، نجد شاعرًة تكتب من مكان مختلف، تهمس لا تصرخ، تُلمّح لا تُصرّح، وتدع القارئ يعيش القصيدة كمن يدخل إلى متحفٍ لا تُفسّر لوحاته بالكلمات بل بالحدس.
نشرَت قصائدها في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية والعالمية، وكانت حاضرة في المشهد الثقافي بقوة الصمت لا صخب الادعاء، تكتب كأنها تُنصت إلى نبض الأرض، وتقرأ ما تخفيه السماء.
لم تمر تجربة ليلى عبد الأمير مرورًا عابرًا في الذاكرة النقدية. كتب عنها طالب عمران المعموري بوصفها "شاعرة تنتمي إلى جيل الوجدان النقي"، واحتفى شكر حاجم الصالحي بشفافيتها قائلاً إنها "تنسج القصيدة من ضوء وسكون". أما عبد الحسين الشيخ علي فقد رأى في نصوصها "انسيابًا يشبه الماء حين ينحت الحجر بصبرٍ طويل"، فيما أكد سعد الساعدي على "سحر التوازن بين الفكرة والصورة في تجربتها، حيث تنجح في الإمساك بجوهر الشعر دون أن تغرق في الزخرفة اللفظية".
ولعل أبرز ما أجمع عليه النقاد أنها شاعرة تُحسن الإصغاء إلى دواخلها، وتُخرج من صمتها جمالًا خالصًا، لا يصرخ ولا يدّعي، بل يهمس في قارئه حتى يستكين له.
بعد زواجها، انتقلت إلى مدينة الحلة، تلك المدينة العابقة بالتراث وبالقصائد، وهناك واصلت حضورها الثقافي، شاعرةً ومعلمةً وفنانة. شاركت في العديد من المهرجانات والأمسيات داخل العراق، وكانت عضوًا فاعلًا في اتحاد أدباء وكتّاب بابل منذ عام 2020، وكذلك في جمعية الفنانين التشكيليين ونقابة الفنانين والمعلمين، مما يدل على طبيعة شخصيتها الجامعة، التي تمزج الثقافة بالتعليم، والكلمة باللون.
كما تُرجمت بعض قصائدها إلى الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، وهي إشارات واضحة إلى انفتاح تجربتها الشعرية على العالم، وقابليتها على ملامسة وجدان القارئ، مهما اختلفت لغته وثقافته.
تكتب ليلى عبد الأمير بعيدًا عن ضجيج الاستعراض، لكنها حين تكتب، تضعك في مرآة لا تعكس وجهك فقط، بل تعكس ما خلفه من أحلام وألم وحنين. لا تكتب لتُدهش، بل لتُواسي، لا لتتحدى، بل لتُضيء. ولعل في عنوان ديوانها "أختفي وتلاحقني المرايا" اختزالًا لجوهر تجربتها: شاعرة لا تسعى للظهور، لكن الشعر، كالمرايا، لا يكفّ عن ملاحقتها.
ولديها اليوم مخطوطتان شعريتان تنتظران النشر، وفيهما ما يؤكد أنها لم تزل على الطريق، تواصل العزف على أوتار داخلها، وتمنح القصيدة مزيدًا من الضوء.
وهي ليست مجرد اسم شعري، بل هي تجربة ناعمة، هادئة، لكنها متينة الجذور. شاعرًة تمشي إلى القصيدة كما تمشي الريشة إلى قماشة الرسم، بلا ضجيج، بلا افتعال، ولكن ببراعة الحرف وحسّ الفنانة التي تعرف أن أجمل الألوان، تلك التي لا تُرى بالعين وحدها، بل تُلمَس بالقلب.
هي ليلى التي "تعزف في السماء"، لكنها تُطربنا نحن، السائرين في الأرض. وهي ظلّ الشجرة الذي لا يطالب بشيء، لكنه يمنح الراحة للمُتعبين.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسين مبدر الأعرجي: القاص الذي كتب بمداد الذاكرة والمكان
- عمران العبيدي شاعر تتقد الكلمات بين أصابعه
- وسام العبيدي الباحث الجاد والشاعر المتأمل
- محمد الزهيري... فكرٌ يقاوم، وصوتٌ لا يهادن
- قيس الجنابي الناقد الذي حرّك سواكن النص، وفتّش في ضمير الترا ...
- محمد مبارك بين الفلسفة والنقد الأدبي
- ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية ...
- مضر النجار الموسوي شاعر الضفتين، ولسان الحرف المتأمل
- وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل
- زهير عبد الرزاق محيي الدين العالمُ الذي حملَ العراقَ في قلبه ...
- عبد الجبار عباس: قامة نقديّة باسقة
- فوزي الطائي شاعر القصيدة المتأملة وباحث النصوص العميقة
- حسام آل زوين.. بين جمر التجربة ولهيب الكتابة
- سلام كاظم فرج القاص والناقد الذي كتب بضمير الوطن
- فلاح الرهيمي حارس الفكرة وناقل الشعلة
- الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات
- ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح
- عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث
- عبد الله كوران الشاعر الذي أعاد ترتيب أنفاس الجبال
- عدنان البراك... مسيرة النور والوفاء


المزيد.....




- حادثة أثارت حيرة عائلة.. -أفعى النحاس- تلدغ طفلًا أثناء تواج ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي يقول إنَّ الحرب في غزة يمكن وقفها غ ...
- دراسة: تغيّر الوزن قد يسرّع التراجع الإدراكي لدى كبار السن
- أكبر هجوم جوي روسي يستهدف مقر الحكومة الأوكرانية
- الجيش الإسرائيلي يدمر برجا ثانيا في مدينة غزة ويدعو السكان ل ...
- واشنطن بوست: العقوبات الأميركية على منظمات فلسطينية تهدد الم ...
- لماذا قرر ترامب الآن تغيير اسم وزارة الدفاع الأمريكية إلى ال ...
- خطة سموتريتش.. الوعد الإلهي وجوهر العقيدة اليمينية
- قيادي في حزب الله: لن نسلّم سلاح المقاومة والحكومة وقعت بفخ ...
- العثور على جثة جندي كندي مفقود في لاتفيا


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - ليلى عبد الأمير حين تتكئ القصيدة على ريشة وتكتب قلبًا