أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - بوذا… حين يصمت القلب ويستنير الوعي رحلة نحو السلام الداخلي عبر تعاليم الحقائق الأربع النبيلة














المزيد.....

بوذا… حين يصمت القلب ويستنير الوعي رحلة نحو السلام الداخلي عبر تعاليم الحقائق الأربع النبيلة


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 00:38
المحور: قضايا ثقافية
    


في زحام هذا العالم، حيث تلتف حول أعناقنا قيود الرغبات، وتتناسل من جراحنا أسئلة الوجود، يطل صوت بوذا من عمق التاريخ، همسًا لا صخب فيه، لينادينا إلى سكينةٍ لم نختبرها من قبل.
البوذية ليست دينًا بقدر ما هي رحلة، وليست عقيدة جامدة بقدر ما هي دعوة لأن ننفض الغبار عن أرواحنا ونرى الأشياء كما هي، بلا زيف ولا أقنعة.

من القصر إلى شجرة الاستنارة
وُلد سيدهارتا غوتاما – الذي سيُعرف لاحقًا ببوذا، أي المستنير – في القرن السادس قبل الميلاد، أميرًا يرفل في النعيم. لكنه، حين لمس معاناة البشر من فقر ومرض وشيخوخة وموت، ترك قصره ومضى يبحث عن حقيقة تفسر هذا الوجع الإنساني.
كان يدرك أن وراء كل ابتسامة حزنًا مخفيًا، وأن وراء كل قمة فرح هاوية من الفناء.

الحقائق الأربع النبيلة
جوهر البوذية يتجسد في أربع حقائق أساسية:

الحياة معاناة: ليس بمعنى التشاؤم، بل الاعتراف بأن الفقد والمرض والفناء رفاق لا مهرب منهم.

أصل المعاناة هو التعلق: التعلق بما نحب، أو الخوف من فقده، هو ما يزرع الألم في قلوبنا.

التحرر من المعاناة ممكن: حين نكسر قيد التعلق وننظر للأشياء بوعي يقظ، نستعيد حريتنا الداخلية.

الطريق النبيل ذو الثمانية أضعاف: منهج حياة يقوم على الفهم الصحيح، النية الصافية، القول الصادق، الفعل القويم، الرزق النزيه، الجهد المتواصل، اليقظة الذهنية، والتأمل العميق.

فلسفة اللا عنف والمحبة
البوذية لا تطلب من الإنسان أن يعبد إلهًا متعاليًا بقدر ما تدعوه لأن يلتفت إلى داخله؛ إلى النور الكامن في قلبه، إلى صمته الداخلي حيث تتلاشى الضوضاء وتظهر الحقيقة.
هي فلسفة تقوم على اللا عنف، وعلى المحبة الشاملة لكل الكائنات، لأن كل روح تحمل في جوهرها نفس البذرة النقية التي نحملها نحن.

همسات بوذية ملهمة
"خفّف قبضتك على الأشياء، فكل ما تتمسك به سيفلت، وكل ما تحاول أن تملكه سيتحول إلى عبء. كن كالماء… مرنًا، نقيًا، لا يعلّق نفسه بإناء واحد، بل يتدفق في كل المسارات."

مقتطفات مستوحاة من روح البوذية:

"لا تبحث عن السلام في الخارج… إن لم يكن في قلبك، فلن تجده في أي مكان."

"أنت ما تفكر فيه… فاحرص أن تكون أفكارك بستانًا، لا صحراء."

"الزهرة لا تفكر في منافسة الزهرة الأخرى، إنها تزهر فقط."

"الصفح ليس هدية للآخرين، بل تحرر تمنحه لنفسك."

"في كل نفس تتأمله بعمق، فرصة للقاء ذاتك الحقيقية."

خاتمة: السلام قرارٌ يومي
حين نتأمل تعاليم بوذا بصدق، ندرك أن السلام ليس وعدًا مؤجلًا في نهاية العمر، ولا هدية تهبط من السماء فجأة، بل هو ممارسة يومية، قرار نأخذه مع كل نفس، أن نكون لطفاء مع ذواتنا، ومع الآخرين، ومع الحياة ذاتها.

البوذية تذكّرنا أن الفرح لا يسكن في كثرة ما نملك، بل في خفة ما نحمله في قلوبنا. وأن أعمق انتصار هو أن تفتح ذراعيك للعالم، حتى حين يقابلك بالجفاء.

ربما كان سر المستنير الذي جلس تحت شجرة البو، ليس في أنه وجد أجوبة لكل الأسئلة، بل لأنه أدرك أن بعض الأسئلة يكفي أن تُعاش لا أن تُجاب.
فالحياة، في جوهرها، ليست لغزًا يحتاج إلى حل، بل أغنية تنتظر أن تُسمع، وماءً ينتظر أن نشربه بلا خوف من الجفاف.

فلنمشِ إذن، بخطوات يقظة، كما لو أن كل درب هو دربنا الأول، وكل لقاء هو لقاء أخير، وكل لحظة… هي حياة كاملة.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “البدء من عينيكِ”.. حين تتحول الأنوثة إلى مجرّة تدور حولها ا ...
- -بين أسوار المعبد وحدود الروح: قراءة وجدانية في رواية دينا س ...
- حين تُطهى الصفقات على جمر فلسطين ، نص: فوز فرنسيس ، قراءة وج ...
- “ما راح أنسى”… شهادة رئيفة داود صليبا أبو منّه – كركر كما وث ...
- حين يصرخ الصمت... رواية دينا حنحن تكتب بالحزن والنجاة قراءة ...
- قراءة في نص إياد شماسنة –
- ثمن الفستان… وثمن الوهم قراءة وجدانية في قصة “رجل فاشل” ل عا ...
- نشيد الوحدة في حضرة النور
- شهيدة وطن
- “أيام الغبار”: حين تُحبّك البلاد كما تُجففك
- قراءة زاخرة وجدانية فلسفية لنص “صهيلُ السؤال في زمنِ الصمت”
- حين تُشرعُ الكلمات نوافذ الحوار _ فوز فرنسيس ورانية مرجيّة
- خبزُها... كتب، وصلاتُها... قصائد
- قراءة لديوان “لماذا تأخرتِ دهراً؟” للشاعر يحيى السماوي
- حينَ يزهرُ الصبّارُ في القلب: قراءة لرواية -إلى أن يُزهر الص ...
- حين يُصبح النقد مرآةً للروح والشعر: قراءة في دراسة إيمان مصا ...
- حين يُقتل الحنان بصمت: قراءة نقدية في “لقد قتل الفقد روح الك ...
- حين يُقتل الحنان بصمت: قراءة نقدية في “لقد قتل الفقد روح الك ...
- يا نارَ الانقسامِ، كُفّي
- من أين أملك لغتي؟


المزيد.....




- رفض جائزة مصرية لأسباب سياسية.. رحيل صنع لله إبراهيم ومسؤولو ...
- سوريا تُعلن عزمها إبرام اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا.. هذا م ...
- رغم الحظر الصارم.. جنود بريطانيون في كينيا متورطون في دفع ال ...
- ارتفاع أعداد الطعون القضائية بألمانيا بسبب رفض طلبات اللجوء ...
- التعامل مع حرارة الجو .. عادتان تأتيان بنتيجة عكسية ويُنصح ب ...
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقر خطة الهجوم على غزة وحماس تعل ...
- -شات جي بي تي- يتسبب في إصابة رجل بتسمم البروميد
- عاجل | الخارجية الأردنية: ندين تصريحات نتنياهو التي قال فيها ...
- تحليل أقمار صناعية: الاحتلال يقطع أوصال 3 مخيمات بالضفة
- توترات جديدة بإقليم تيغراي بعد إقالة مسؤول بارز


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - بوذا… حين يصمت القلب ويستنير الوعي رحلة نحو السلام الداخلي عبر تعاليم الحقائق الأربع النبيلة