أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - حين تُطهى الصفقات على جمر فلسطين ، نص: فوز فرنسيس ، قراءة وجدانية














المزيد.....

حين تُطهى الصفقات على جمر فلسطين ، نص: فوز فرنسيس ، قراءة وجدانية


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8432 - 2025 / 8 / 12 - 02:42
المحور: الادب والفن
    


النص:
جُهّزت معدّات الوليمة هناك بعيدًا بعيدًا.
منذ زمن وهم يجرّبون إعداد وجبات تجريبيّة في مطابخهم، يتذوّقون ويتباهون بتميّزهم، يستشيرون أمهر الطبّاخين، وحلّ الزّمان يومًا ليعرضوا ابتكارهم الجديد في أساليب الطّهي على الملأ.
حمّلوا لوازم الوليمة، أشهرًا وهم يعدّون المعدّات ويحزمون الأمتعة. جاؤوا بكلّ أصناف الرأسماليّة والسلطويّة والماديّة، لم ينسوا التّوابل فهي من تضيف النكهة الرائعة: كثيرًا من حبّات الخبث، أملاح الخيانة، وعيدان النّتانة.
صناديق مُحكمة مملوءة بأوراق النّشوة والنّصر، شبيهة شكلاً بأوراق الغار في شرقنا.

في أجواء ساحرة جمعت بين زرقة السماء والبحر، استقبل أهل الدار ضيوفهم والوفود مهلّلين مرحّبين، واختاروا لهم مكان اللقاء. وشرع كل واحد بإنجاز مهمّته لتبدو في غاية الجمال، فيرضى بها كلّ الحضور ويشهدوا لهم بالكمال.
جهزت المأدبة والتأم الآكلون: الطّهاة من الغرب – ومن يدري أي غشّ فيهم – والمدعوّون من الشرق – كلّ الغشّ فيهم.
أكلوا وشربوا وأتخموا، “أعطوهم من طرف اللسان حلاوة”، سمعوا واستمعوا وما تيقّظوا.

وفي غمرة سكرتهم والمُجون، سُمع صوت نحيب وعويل وراء الباب، أتبعتها طرقات وصيحات غضب وصخب. ترنّح الحاضرون يمنة ويسرة، وتساءلوا بخبث: ترى من يجرؤ فيزعج النّيام في المنامة؟

مع طلوع الفجر، شوهد أحدهم مهرولًا منطلقًا إلى الخارج ناشدًا بعض الهواء النقي. فوجئ عند المدخل ببقع دم كبيرة بأشكال مُلفتة غريبة. فرك جفونه، تبصّر وقرأ: ف.. ل.. س.. ط.. ي.. ن…

27.6.2019

القراءة الوجدانية:


ليس نص فوز فرنسيس وليمةً أدبية عابرة، بل مأدبة رمزية زاخرة بالتلميح والوجع، حيث تتحوّل أدوات الطهي والتوابل إلى شفرات سياسية، وحيث يختلط طعم الخيانة بملح البحر، ورائحة النتانة بعبق الغار المزيّف.

المشهد التمهيدي الذي رسمته الكاتبة هو تخطيط طويل الأمد لوليمة الزيف الكبرى. الطهاة من الغرب، الضيوف من الشرق، لكن المائدة واحدة، والاتفاق الخفي واحد: أكلٌ وشرب حتى التخمة، مع بعض “الحلاوة على طرف اللسان” لإسكات الجائعين إلى كرامة لا إلى طعام.

لكن الحدث المفصلي لا يقع على الطاولة، بل على العتبة التي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها: هناك، خلف الباب، نحيب ودماء تكتب اسمًا لم ولن يُمحى: فلسطين. هنا، تبلغ المفارقة ذروتها؛ الداخل في غفلة ولهو، والخارج ينزف ويصرخ، والزمن يسجّل الحقيقة بحروف من دم.

النص هنا لا يصف طقسًا سياسيًا فحسب، بل يكشف حالة الانفصال الأخلاقي بين من يصنع القرار على موائد المساومة، وبين من يدفع الثمن على الأرصفة الملطّخة بالدم.

ولأن الأدب الحقيقي لا ينفصل عن الحاضر، يمدّ هذا النص خيوطه إلى واقعنا اليوم: الولائم لا تزال تُعقد في العواصم البعيدة، والأنخاب تُرفع على حساب دماء غزة والضفة والقدس. تغيّرت أسماء الطهاة والضيوف، لكن الوصفة بقيت كما هي: وعود فارغة، تنازلات متكررة، وتوابل خيانة لا تتبدّل.

كل وليمة على حساب فلسطين ليست سوى مأتم متنكّر بزي احتفال، وكل بقعة دم على أعتاب الصباح هي جرس إنذار بأن المأساة لم تنتهِ، وأن اسم فلسطين سيظلّ يُكتب بلون الحياة نفسها، مهما حاول الطهاة أن يغطّوه بطبقات الزيف



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “ما راح أنسى”… شهادة رئيفة داود صليبا أبو منّه – كركر كما وث ...
- حين يصرخ الصمت... رواية دينا حنحن تكتب بالحزن والنجاة قراءة ...
- قراءة في نص إياد شماسنة –
- ثمن الفستان… وثمن الوهم قراءة وجدانية في قصة “رجل فاشل” ل عا ...
- نشيد الوحدة في حضرة النور
- شهيدة وطن
- “أيام الغبار”: حين تُحبّك البلاد كما تُجففك
- قراءة زاخرة وجدانية فلسفية لنص “صهيلُ السؤال في زمنِ الصمت”
- حين تُشرعُ الكلمات نوافذ الحوار _ فوز فرنسيس ورانية مرجيّة
- خبزُها... كتب، وصلاتُها... قصائد
- قراءة لديوان “لماذا تأخرتِ دهراً؟” للشاعر يحيى السماوي
- حينَ يزهرُ الصبّارُ في القلب: قراءة لرواية -إلى أن يُزهر الص ...
- حين يُصبح النقد مرآةً للروح والشعر: قراءة في دراسة إيمان مصا ...
- حين يُقتل الحنان بصمت: قراءة نقدية في “لقد قتل الفقد روح الك ...
- حين يُقتل الحنان بصمت: قراءة نقدية في “لقد قتل الفقد روح الك ...
- يا نارَ الانقسامِ، كُفّي
- من أين أملك لغتي؟
- الكاتب الكبير... الذي لا يكتب!
- -نكبتنا لم تَغِب... بل كبُرت معنا-
- توجيه مجموعات للمتوحدين: عبور إلى عالمٍ آخر


المزيد.....




- فنان سوداني لاجئ يصرخ في وجه العالم.. -لماذا يهملوننا-؟
- على صهوة جواده.. فنان سنغالي يلفت الأنظار برسالة تضامن مع غز ...
- على صهوة جواده.. فنان سنغالي يلفت الأنظار برسالة تضامن مع غز ...
- وزيرا الثقافة والعمل يتفقدان البلدة القديمة من الخليل
- رحيل المخرج والكاتب المسرحي التونسي الفاضل الجزيري عن عمر نا ...
- ساهم في فوز فيلم بالأوسكار.. فيديو فلسطيني وثق مقتله على يد ...
- ساهم في فوز فيلم بالأوسكار.. فيديو فلسطيني وثق مقتله على يد ...
- -هجوم على ذاكرة شعب-.. حظر الكتب في كشمير يثير مخاوف جديدة م ...
- انطلاقة قوية لفيلم الرعب -ويبنز- في أميركا بإيرادات بلغت 42. ...
- الجبّالية الشحرية: لغة نادرة تصارع النسيان في جبال ظفار العُ ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - حين تُطهى الصفقات على جمر فلسطين ، نص: فوز فرنسيس ، قراءة وجدانية