أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - الشرق الأوسط الجديد... حين يتهاوى ظلُّ طهران ويُولد الضوء من بغداد














المزيد.....

الشرق الأوسط الجديد... حين يتهاوى ظلُّ طهران ويُولد الضوء من بغداد


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 10:40
المحور: قضايا ثقافية
    


في زمن تتقلّب فيه خرائط الجغرافيا السياسية وتتغيّر فيه معادلات القوى كما تتبدّل الفصول، يبدو أن الشرق الأوسط يقف على أعتاب ولادة جديدة. ليست ولادة من تلك التي تعجُّ بها المؤتمرات ولا من تلك التي تُعلنها البيانات الرسمية، بل ولادة تتسلل من بين أنقاض الدول، من صمت المدن التي شبعت من الحروب، من العواصم التي ملّت المساومة، ومن الشعوب التي كرهت أن تبقى رهينة للوصايات الأجنبية والأطماع العابرة للقارات.وفي قلب هذا التحوّل، ينهض العراق، ذلك البلد المتخم بالتاريخ والجراح، حاملاً بيده مفاتيح الخلاص، وممسكاً بشعلة التغيير التي لا بد أن تشتعل من الداخل لا أن تُستورد من الخارج. ولعل اللحظة التي نعيشها الآن، بتفاصيلها الخفية وصراعاتها المعقّدة، تشي بأن إعادة هيكلة المشهد العراقي ليست ترفًا، بل ضرورة وجودية تتكئ على ركنين: وعي الشعب، وصلابة مؤسساته السيادية، وعلى رأسها الجيش الذي ما يزال يشكل الدرع الوحيد المتبقي وسط هذا الركام العميق.الجيش العراقي، بما يمثله من إرث وطني وبما يحمله من دور ماضٍ ومستقبل، هو ليس مجرد مؤسسة عسكرية، بل هو الصورة الأخيرة المتبقية من الدولة حين تُمسخ بقية صورها. هو الممر الإجباري نحو استعادة السيادة، حين تضيع السلطات بين الوكلاء، وتتبخر الولاءات في فضاء المليشيات المتشظي. فلا خلاص في العراق، ولا بناء لمرحلة جديدة، دون جيش يحمي، وشرطة تفرض القانون، وأمن يطرد الخوف من ملامح المدن. ولعل اللحظة التي نعيشها، بما تحمله من إشارات سياسية واستراتيجية، توحي بأن العراق مقبل على تفكيك شبكة النفوذ الإيراني داخله، لا كردّ فعل على الخارج، بل كحالة من الوعي المتنامي بأن أي إصلاح يبدأ من استعادة القرار الوطني أولاً.في الجانب الآخر من هذا المشهد المتحوّل، تعود سوريا لتفتح صفحة جديدة، بعد أن أتعبتها السنوات الدامية، وها هي الدولة تسعى لبسط حضورها الكامل في الجنوب، ولا سيما في السويداء، كرسالة واضحة بأن ما مضى يجب أن يُطوى. ومن خلف الستار، تتحرك موسكو ببطء الخبير، وهدوء اللاعب المخضرم، لتنسحب من خنادق طهران وتحجز لنفسها موقعًا ضامنًا في الشرق الأوسط، شريطة أن تنال مقابل ذلك مخرجًا مشرّفًا من المستنقع الأوكراني، وممرًا نحو إنهاء العقوبات دون أن تخسر هيبتها كقوة كبرى. تلك هي لغة السياسة حين تكتبها البنادق وتُراجعها الدبلوماسية.
لكن التحوّل الأهم، وربما الأكثر تعبيرًا عن نهاية مرحلة وبداية أخرى، هو ما شهده البيان المشترك الصادر عن 14 دولة غربية، أدان بصراحة غير مسبوقة سلوك إيران الاستخباراتي، الذي بات يطال معارضين وصحفيين ويهودًا ومسؤولين سابقين داخل أراضي تلك الدول. لم يكن البيان مجرد تنديد بروتوكولي، بل إعلانًا جماعيًا عن نفاد الصبر، ورغبة دولية حقيقية بقطع شرايين التمدد الإيراني في العالم، بدءًا من الداخل الغربي نفسه. وهذا بحد ذاته يعكس حالة إجماع دولي تتشكّل ببطء ولكن بثبات، مفادها أن إيران لم تعد شريكًا، بل عبئًا... وأن نظامها لم يعد خطًا أحمر، بل منطقة خطر مفتوحة على احتمالات العزل، وربما ما هو أبعد من ذلك.من لبنان الذي أنهكته الهيمنة، إلى سوريا التي تنفض عنها الغبار، إلى بغداد التي تعود من سباتها المرهق، تتشكّل ملامح شرق أوسط جديد... شرق لا مكان فيه للوصاية الإيرانية ولا للوكلاء الذين باعوا أوطانهم بحفنة من الشعارات. شرق تُكتب ملامحه الآن بهدوء، وبأيدٍ بدأت تتيقن أن لا نهوض دون تطهير، ولا سيادة دون جيش، ولا دولة دون مؤسسات.
وفي وسط هذا العصف، يبقى العراق، رغم كل ما جرى ويجري، الأمل الأصدق. فمنه تبدأ الكلمة، وفيه تُختبر الإرادة، وعلى أرضه تُحسم المعركة الكبرى بين دولة تُبنى، أو وهم يُعاد تدويره. ومن هذا المكان، من وطن الأنبياء والملوك والكتاب، من بلاد سومر وأكد وبابل، نقولها: إن ساعة الحقيقة قد دقّت، وإن جيش العراق هو السياج الأخير، لا ترفًا في السرد، بل يقينًا في الوعي... لأن لا وطن بلا درع، ولا مستقبل بلا قرار مستقل.
هكذا يُكتب الشرق الأوسط الجديد، لا بالحبر وحده، بل بالدم أحيانًا، وبالدمع دائمًا... شرق يُولد من الرماد، خالٍ من ظل طهران، مليءٌ بوهج العودة إلى الذات.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجرذ الذي أكل 62 ترليوناً ولم يتجشأ
- صرخة في وجه التفاهة الإعلامية: حين يصبح الانحدار خبزًا يوميً ...
- -على موائد الإمبراطوريات: حين تُباع الأرواح بثمن الدولار-
- -دولة الوجهين ونصف عمامة-
- -قوّادو الكلمة وباعة الوهم: حين يصبح الإبداع طعنة في خاصرة ص ...
- -شهرة على مقاس العُري… ومثقفٌ خلف الستار-
- استري نفسكِ… قبل أن يفضحكِ هاتفكِ!
- فيروز تودّع نغمة قلبها.. حين بكى الصباح في حضن الوطن
- شمشونا... رماد ملكةٍ لم تولد، وسؤالٌ يمشي في شوارع بابل
- من باع الخور والنفط والأرض
- -المرشح الراقص والناخب الطيّب: من جوبي البرلمان إلى حفلة الد ...
- -الفن العراقي... بين ضوء الماضي وظل الحاضر-
- قفي أيتها الملكة.. فالساقطون لا يرون الهامات المرتفعة
- من أندلسِ تطوان إلى نبضِ بغداد: شهرزاد الركينة… نشيدُ الفنّ ...
- -أنا الحرف الذي لا يركع… هذا بعض ما كنته يا سائلين عن حامد ا ...
- -اخوتنا درع العراق… حين يكون العراقي ظلاً لأخيه-
- من دفتر فكتوريا... حيثُ تنوح الأرقام وتبكي الدولة.
- تَجَلّيات الحضارة الإغريقية بين وهج البدايات ومرآة التأثير ا ...
- ضحكة التريليون… وبكاء الخدعة الكبرى
- ملحمة جلجامش أقدم من تراتيل أنخيدوانا… ولكن لكل بداية معراجه ...


المزيد.....




- سؤال صعب خلال فعالية: -مليونا إنسان في غزة يتضورون جوعًا-.. ...
- كيف تبدو تصاميم الحدائق والمناحل الجديدة المنقذة للنحل؟
- ماذا يعني قرار ترامب نشْر غواصتين نوويتين قرب روسيا على أرض ...
- ويتكوف: لا مبرر لرفض حماس التفاوض، والحركة تربط تسليم السلاح ...
- ويتكوف يتحدّث من تل أبيب عن خطة لإنهاء الحرب.. وحماس: لن نتخ ...
- فلوريدا: تغريم تيسلا بأكثر من 240 مليون دولار بعد تسبب نظامه ...
- عاجل | وول ستريت جورنال عن مسؤولين: واشنطن تلقت خلال الصراع ...
- عاجل | حماس: نؤكد مجددا أن المقاومة وسلاحها استحقاق وطني ما ...
- الهند والصين تُعيدان فتح الحدود للسياح بعد قطيعة طويلة
- حتى الحبس له فاتورة.. فرنسا تدرس إلزام السجناء بدفع تكاليف ا ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - الشرق الأوسط الجديد... حين يتهاوى ظلُّ طهران ويُولد الضوء من بغداد