الإبادة الجماعية الأرمنية في الآدب العالمية (6-7)

عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 8420 - 2025 / 7 / 31 - 02:48
المحور: الادب والفن
    

في الأدبين الأمريكي والإنجليزي.
يُطرح موضوع مذبحة الأرمن في تركيا العثمانية أيضًا في الأدب الإنجليزي: فقد ردّ الكُتّاب الأمريكيون والإنجليز على هذه الجريمة غير المسبوقة. وانعكس هذا الموضوع أيضًا في أعمال الكُتّاب الأرمن الناطقين بالإنجليزية.
في عام ١٩٢٢، صوّر استوديو الأفلام الأمريكي "مترو تولدوين ماير" بإخراج دبليو. وايلدر فيلم "بيع الأرواح"، وكان مؤلف السيناريو ومؤدي الدور الرئيسي هو أرشالويس مارتيكانيان. لاحقًا، في عام ١٩٢٨، نُشر كتاب "بيع الأرواح" لأمارتيكانيان في إنجلترا، والذي روى الإبادة الجماعية للأرمن، والمصير المأساوي الذي تلاه للفتيات الأرمنيات الصغيرات (أُعيد طبع الكتاب عدة مرات). وُصفت مذبحة السكان المسيحيين في إزمير (سميرنا) في قصة "في ميناء سميرنا" (١٩٢٥) لإيرنست. همنغواي (١٨٩٩١٩٦١) من مجموعة "في عصرنا".
بصفته مراسلاً لصحيفة كندية، جاب همنغواي أوروبا بعد الحرب، وكتب عن العديد من المؤتمرات الدولية، وفي عام ١٩٢٢ شهد أحداث الحرب اليونانية التركية. صدمته فظائع الأتراك ومعاناة المسيحيين - نساءً وأطفالاً وكباراً.
"... من الصعب نسيان ضفاف سميرنا. ما لم يطفو في مياهها. لأول مرة في حياتي، وصلتُ إلى مرحلة حلمتُ فيها بمثل هذه الأشياء ليلاً. نساء يلدن - لم يكن هذا الأمر بفظاعة النساء مع موت أطفالهن..." (إيرنست. همنغواي، الأعمال الكاملة، المجلد ١، ١٩٨٢، ص ٢٢).
رواية ليفون زافين سورميليان "أخاطبكم، سيداتي وسادتي!" (١٩٤٥، الطبعة الأرمنية ١٩٨٠) هي رواية شاهد عيان على الإبادة الجماعية، والكاتب أحد الأطفال الأرمن الناجين الذين تشتتوا في جميع أنحاء العالم، سعيًا لاستعادة ذكرياتهم وحياتهم المفقودة.
وصف ف. سارويان هذا الكتاب بأنه قصيدة شعرية، وكتب: "هلك كثيرون في غرب أرمينيا، إلى جانب العالم الذي دُمر. لن ينساهم أصدقاؤهم، الذين اتضح أنهم أكثر صمودًا أو حظًا، أبدًا. أصبح الشر عدوهم... كان هؤلاء الأطفال، بالطبع، أبرياء. وإذا كانوا ينتمون إلى أي أمة، فهي أمة الأطفال، دون التعدي على أحد". في محاولة لكشف تاريخ شعب "يواجه خطر الانقراض باستمرار"، يعتقد سورميليان أنه يشهد في "محكمة عالمية، أمام جميع ذوي النوايا الحسنة".
تجلّت أصداء الإبادة الجماعية، ومعاناة الشعب الأرمني، والمصير الصعب للأرمن في أعمال ويليام سارويان (1908-1981)، وخاصةً في قصص ثلاثينيات القرن العشرين ("الأرمني والأرمني"، "7000 آشوري"، "أندرانيك من أرمينيا")، وكذلك في كتاب "الثلاثية الأرمنية" الصادر عام 1986، والذي يتضمن ثلاث مسرحيات: "الأرمن" (1971)، و"بيتليس" (1975)، و"آراش" (1979).
مع تعاقب الأجيال، اكتسب انعكاس الإبادة الجماعية الأرمنية في الأدب سمات مميزة جديدة. لم يعايش الجيل الجديد هذا الكابوس مباشرةً، بل يعرفه من خلال الذكريات المؤلمة وحزن الجيل الأكبر سنًا على الخسائر التي لا تُعوّض، ومن الأدبيات التاريخية والوثائق.
من كُتّاب هذا الجيل: لورن شيرينيان، وهارولد بوند بانشوكشيان، وليفون سرابيان، وجون فاردوكيان.يصف هاكوب ميرسيان وآخرون الجيل الأكبر سنًا بالطريقة نفسها - على دروب المعاناة والمحن، ويعودون في الوقت نفسه مباشرةً إلى موضوع الإبادة الجماعية، ويربطونها بالمفاهيم العالمية، معتبرينها جريمة ضد الإنسانية جمعاء.
أعمال ديفيد هيرديان، وديانا تير-أوفانيسيان، وبيتر بالاكيان، وليوناردو أليسيان مشبعة بألم ومرارة حادين.
في كتابه "رحلة إلى أرارات" (1975)، يُولي مايكل أرلين الابن مكانة خاصة للإبادة الجماعية الأرمنية، وعلى خلفية تاريخية واسعة، يصور تعسف السلطات التركية وقسوتها، التي ارتقت إلى مستوى السياسة مع وصول السلطان عبد الحميد الثاني إلى السلطة، وأدت في النهاية إلى المذبحة التي نظمتها حركة تركيا الفتاة.
يكشف الكتاب عن أسباب هذه الفظاعة، وارتباطها بالقضية الأرمنية، والمؤامرات الأنانية للقوى العظمى. يؤكد الكتاب حقيقة الإبادة الجماعية من خلال وثائق وشهادات دبلوماسيين وشهود عيان ومؤرخين من تلك الحقبة، وذكريات الناجين منها؛ ويرفق الكاتب هذه المواد بتعليقاته وتحليلاته.
وُلد أبطال رواية "سفر" لبيتر ناجاريان في أمريكا، لكنهم يُعذبهم الحنين إلى بلد لم يروه قط ولم يعشوا فيه. أما رواية أخرى للكاتب نفسه، والتي تستند أيضًا إلى الإبادة الجماعية للأرمن، فتدور أحداثها في محورين: حياة اللاجئين الأرمن في أمريكا الحديثة، وذكرياتهم عن وطنهم، والإبادة الجماعية، وتجوالهم في أرض أجنبية. يسعى الكاتب إلى وصف الأحداث الدرامية للمجزرة، وفي الوقت نفسه، كشف العمليات المعقدة التي تجري في العالم الداخلي للأرمن الأجانب.
تتناول رواية الكاتب الأمريكي المعاصر كورت فونيغوت "اللحية الزرقاء" (1988) أيضًا موضوع الإبادة الجماعية للأرمن: بطلها، الفنان الأمريكي من أصل أرمني رابو كارابكيان، الذي سقط أقاربه ضحايا الإبادة الجماعية، يعيش في الذكريات.
غالبًا ما ينعزل في إحدى غرفه، حيث لا يستطيع أحد الوصول إليها. في نهاية الرواية، يتضح أن لوحته موجودة هناك - تحمل صورًا لمذبحة الأرمن في تركيا.
وفي رواية الكاتب الإنجليزي مايكل بيريرا "صدى من الصمت" (1968)، ينعكس موضوع الإبادة الجماعية في الذكريات المريرة لمن نجوا من المذبحة وفي أحداث حياتهم المحطمة اللاحقة.
كارابيت هايكازيان، الذي أصبح رجل الأعمال الإنجليزي تشارلز ماسترمان، يزور وطنه - إزمير - بعد أربعين عامًا، ويعيش مجددًا مأساة المذبحة، وأهوال فراره المذعور، وحبه الأول المُدنّس.
تُقدّم قصيدة هوفانيس بيليكيان "١٩١٥ - السيمفونية الأرمنية" (١٩٨٠) الإبادة الجماعية الأرمنية كحلقة في سلسلة تاريخية.
يُبيّن الكاتب أن أي شرّ يُرتكب في التاريخ يترك مساره مع مرور الزمن، وأن اللامبالاة بالفظائع لا تؤدي إلا إلى نشوء فظائع جديدة. يتجلى موضوع الحزن الأرمني في القصيدة من خلال تجارب الكاتب وتأملاته.
يدعو الكاتب الناس إلى التوحد من أجل تحقيق السلام.أعمال ديفيد هيرديان، وديانا تير-أوفانيسيان، وبيتر بالاكيان، وليوناردو أليسيان مشبعة بألم ومرارة حادين.
في نهاية الرواية، يتبين أن لوحته موجودة - مع صور لمذبحة الأرمن في تركيا. في رواية الكاتب الإنجليزي مايكل بيريرا، "أصداء من الصمت" (1968)، ينعكس موضوع الإبادة الجماعية من خلال الذكريات المريرة لأولئك الذين نجوا من المذبحة وأحداث حياتهم المحطمة اللاحقة.

#عطا_درغام (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل