حمودة المعناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 17:46
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
_ مَاذَا نَعْنِي بِالنَّيُولِيبْرَالِيَّة
النَّيُولِيبْرَالِيَّة (Neoliberalism) هِيَ مُصْطَلَح سِيَاسِيّ وَ إقْتِصَادِيّ يُشِيرُ إلَى مَجْمُوعَة مِنْ الْأَفْكَارِ وَالسِّيَاسَات الَّتِي تُرَكِّزْ عَلَى تَحْرِيرِ الْأَسْوَاق وَتَقْلِيل دُور الدَّوْلَةِ فِي الِإقْتِصَادِ و الْمُجْتَمَع. ظَهَرَتْ هَذِهِ الْأَفْكَارِ فِي مُنْتَصَفِ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ كَرَدِّ فِعْلٍ عَلَى تَدَخُلاَت الدَّوْلَةِ الْوَاسِعَةِ الَّتِي كَانَتْ سَائِدَةً فِي فَتْرَةٍ مَا بَعْدَ الْكَسَادِ الْكَبِير وَالْحَرْب الْعَالَمِيَّةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ السِّيَاسَات الْكِينْزِيَّة، وَإكْتَسَبَتْ نُفُوذًا كَبِيرًا بِدَايةً مِن سَبْعِينِيَّات وَ ثَمَانِينِّيَّات الْقَرْنُ الْمَاضِي.
الْخَصَائِصِ الْأَسَاسِيَّة لِنَّيُولِيبْرَالِيَّة:
تُعَزِّزُ النَّيُولِيبْرَالِيَّة بِشَكْلٍ عَامٍّ الْمَبَادِئ التَّالِيَة:
1. خَصْخَصَة الْخِدْمَات وَالمُؤَسَّسَات الْعَامَّة: تَحْوِيل مِلْكِيَّة وَ إِدَارَة الْخَدَمَات وَالْمَرَافِق الَّتِي كَانَتْ تُدَارُ مِنْ قِبَلِ الدَّوْلَةِ مِثْل الصِّحَّة، التَّعْلِيم، النَّقْل، الطَّاقَة إلَى الْقِطَاعِ الْخَاصِّ. يَهْدِف ذَلِكَ إلَى زِيَادَةِ الْكَفَاءَة وَتَحْسِين الْجَوْدَةِ مِنْ خِلَالِ الْمُنَافَسَة.
2. تَحْرِير الْأَسْوَاق (Deregulation): تَقْلِيل الْقُيُود وَ التَّنْظِيمَات الحُكُومِيَّةِ عَلَى الْأَنْشِطَة الِإقْتِصَادِيَّة وَالتِّجَارِيَّة، مِثْلُ سُوقِ الْعَمَل، الْأَسْوَاق الْمَالِيَّة، وَحَرَكَة رُؤُوسِ الْأَمْوَالِ. الْهَدَفَ هُوَ تَمْكِينٌ الْيَد الْخَفِيَّة لِلسُّوقِ مِنْ الْعَمَلِ بِحُرِّيَّة أَكْبَر.
3.الْعَوْلَمَة (Globalization): فَتْحَ الأَسْوَاقِ الْمَحَلِّيَّة أمَام التِّجَارَة وَالِإسْتِثْمَار الدَّوْلِيِّين، وَتَقْلِيل الْحَوَاجِز الْجُمْرُكِيَّة وَ التِّجَارِيَّة. تُعْتَبَرُ الْمُنَافَسَةِ الْعَالَمِيَّةِ مُحَرَّكًا لِلنَّمو وَالِإبْتِكَار.
4. تَخْفِيضَ الْإِنْفَاق الْحُكُومِيّ (Austerity): تَقْلِيل حَجَم الْإِنْفَاق الْحُكُومِيّ عَلَى الْخَدَمَات الِإجْتِمَاعِيَّة، الرِّعَايَة، وَ الإِعَانَات. يُبَرِّر ذَلِكَ غَالِبًا بِضَرُورَة خَفَض عَجَز الْمُوَازَنَة وَالدَّيْن الْعَامّ، وَيُشَجِّعُ عَلَى تَحَمُّلِ الْأَفْرَاد مَسْؤُولِيَّة أَكْبَرُ عَنْ رِفَاهِيَتِهِمْ.
5. خَفْضُ الضَّرَائِب: خُصُوصًا عَلَى الشَّرِكَات وَالْإِفْرَاد ذَوِي الدَّخْل الْمُرْتَفِع، بِهَدَف تَحْفَيز الِإسْتِثْمَار وَالنُّمُوّ الِإقْتِصَادِيّ.
6. أَهَمِّيَّة الْمُنَافَسَة الْحُرَّة: تُعْتَبَر الْمُنَافَسَة بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَ الشَّرِكَات هِيَ الْمُحَرِّكُ الرَّئِيسِيّ لِلتَّنْمِيَة وَالِإبْتِكَار، وَيَجِبُ أَنْ تُطَبَّقَ هَذِهِ الْمَبَادِئِ فِي جَمِيعِ مَجَالَاتِ الْحَيَاةِ.
7.المَسْؤُولِيَّةِ الفَرْدِيَّةِ: تُشَدَّد النَّيُولِيبْرَالِيَّة عَلَى أَهَمِّيَّةِ المَسْؤُولِيَّةِ الفَرْدِيَّةِ عَنِ النَّجَاح وَالْفَشَل، وَتُقَلِّلُ مِنْ دُورِ الْعَوَامِل الْهَيْكَلِيَّة أَوْ الِإجْتِمَاعِيَّةِ.
. الْأُصُولُ التَّارِيخِيَّة:
ظَهَر مُصْطَلَح النَّيُولِيبْرَالِيَّة فِي ثَلَاثِينَيات الْقَرْنُ الْعِشْرِين، لَكِنَّه إكْتَسَب زَخْمَة بَعْدَ الْحَرْبِ الْعَالَمِيَّةِ الثَّانِيَةِ، خَاصَّةً مَعَ بُرُوز مُفَكِّرِين مِثْل فِرِيدْرِيش هَايَك (Friedrich Hayek) وَ مَيِّلتون فِرِيدْمَان. (Milton Friedman) لَقَدْ جَادَلُوا بِأَنْ تَدْخُلات الدَّوْلَةِ الْوَاسِعَةُ كَمَا فِي النَّمَاذِجِ الْكِينْزِيَّة تُعِيق الحُرِّيَّةَ الفَرْدِيَّةَ وَتُؤَدِّي إلَى عَدَمِ الْكَفَاءَةِ الِإقْتِصَادِيَّة. فِي سَبْعِينِيَّاتِ وَثَمَانِينِّيَّات الْقَرْنُ الْمَاضِي، بَدَأَتْ الْحُكُومَات فِي الْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ فِي عَهْدِ رُونَالدْ ريغان (Ronald Reagan) وَالْمُمَلَّكَةُ الْمُتَّحِدَةِ فِي عَهْدِ مَارًّجَرَيْت تَاتِشر (Margaret Thatcher) فِي تَطْبِيقِ هَذِهِ السِّيَاسَاتِ عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ، ثُمَّ إنْتَشَرَتْ عَالَمِيًّا عَبَّر مُؤَسَّسَات مِثْل صُنْدُوقُ النَّقْدِ الدَّوْلِيُّ (IMF) وَالْبُنْك الدَّوْلِيّ. (WBG)
. الْجَدَلُ حَوْل النَّيُولِيبْرَالِيَّة
النَّيُولِيبْرَالِيَّة هِيَ مُصْطَلَح مُثِيرٌ لِلْجَدَلِ وَغَالِبًا مَا يَسْتَخْدِم بِطَرِيقَة نَقْدِيَّة سَلْبِيَّة. الْمُؤَيَّدِون يَرَوْنَ أَنَّهَا تَعَزُّز الْحُرِّيَّة الِإقْتِصَادِيَّة، وَتُحَقَّق النُّمُوِّ الِإقْتِصَادِيِّ، وَ تُشَجِّعْ عَلَى الِإبْتِكَارِ، و تُسَاهِمُ فِي تَخْصِيصِ الْمَوَارِد بِكَفَاءَة. أَمَّا الْمُنْتَقَدون يُجَادِلُونَ بِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى زِيَادَةِ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ بِحَيْثُ تُوَسِّعُ الْفَجْوَةِ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، وَتُضَعِف الطَّبَقَة الْمُتَوَسِّطَةِ. إلَى جَانِبِ إضْعَاف الْخَدَمَات الْعَامَّة بِإعْتِبَارِهَا تُقَلِّل مِنْ جَوْدَةِ الْخَدَمَات الْأَسَاسِيَّة كَالصِّحَّة وَالتَّعْلِيم بَعْد خَصْخَصَتُهَا. بِالْإِضَافَةِ إلَى أَزَمَات مَالِيَّة كَوْنِهَا تُسَاهِمُ فِي زَعْزَعَة الِإسْتِقْرَار الِإقْتِصَادِيّ بِسَبَب تَحْرِير الْأَسْوَاق الْمَالِيَّة بِشَكْل مُفْرِطٌ. كَمَا تُؤَدَّي إِلَى تَأْكُل الدِّيمُقْرَاطِيَّة لِأَنَّهَا تُعْطِي أَوْلَوِيَّة لِلْمَصَالِح الِإقْتِصَادِيَّة عَلَى حِسَابِ الصَّالِح الْعَامّ وَالْقَرَارَات الدِّيمُقْرَاطِيَّة. نَاهِيك عَنْ تَأْثِيرَاتِهَا السَّلْبِيَّةِ عَلَى البِيئَةِ لِأَنَّهَا تَضَع النُّمُوِّ الِإقْتِصَادِيِّ فَوْق الِإعْتِبَارَات البِيئِيَّة.
النَّيُولِيبْرَالِيَّة مُقَابِلُ اللِّيبْرَالِيَّة الْكَلاَسِيكِيَّة:
النَّيُولِيبْرَالِيَّة تُعَدُّ إمْتِدَادًا لِبَعْض مَبَادِئ اللِّيبْرَالِيَّة الْكَلاَسِيكِيَّة مِثْلُ الْأَسْوَاق الْحُرَّة، لَكِنَّهَا تَخْتَلِفُ عَنْهَا فِي جَوَانِبِ مُهِمَّة. اللِّيبْرَالِيَّة الْكَلاَسِيكِيَّة كَانَتْ تَدْعُو لـِعَدَم تَدَخُّلَ الدَّوْلَةِ إطْلَاقًا فِي الِإقْتِصَادِ (دَوْلَة الْحَارِس اللَّيْلِيّ). أَمَّا النَّيُولِيبْرَالِيَّة لَا تُعَارِضَ كُلّ تَدْخُل حُكُومِيّ، بَلْ تَرَى أَنْ دُور الْحُكُومَة يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي حِمَايَةِ وَتَنْظِيم عَمَلُ السَّوْقِ، وَضَمَان الْمُنَافَسَة، وَ إِنْفَاذ الْعُقُود، وَحِمَايَة الْمِلْكِيَّةِ الْخَاصَّةِ. بِمَعْنًى آخَرَ، التَّدَخُّل الْحُكُومِيّ يَكُون لـدَعْم آلِيَات السُّوقِ وَلَيْسَ لِكَبْحَهَا. النَّيُولِيبْرَالِيَّة هِيَ فَلْسَفَةُ سِيَاسِيَّة وَإقْتِصَادِيَّة مُعَقَّدَة كَانَ لَهَا تَأْثِيرٌ عَمِيق عَلَى السِّيَاسَات الْعَالَمِيَّة لِعُقُود، وَلَا تَزَالُ مَحَطّ نَقَّاش وَتَحْلِيل مُكَثِّف بِسَبَب تَأْثِيرَاتِهَا الْإِيجَابِيَّة وَالسَّلْبِيَّة عَلَى الْمُجْتَمَعَات.
_ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ النَّيُولِيبْرَالِيَّة، الْعِلْمُ، وَالْأَخْلَاق
إنْ التَّسَاؤُل حَوْل الْعَلَاقَةِ بَيْنَ النَّيُولِيبْرَالِيَّة، الْعِلْمُ، وَالْأَخْلَاق يُشِيرُ إلَى نُقْطَةِ إلْتِقَاءٍ مِحْوَّرِيَّة وَمُعَقَدَّة فِي فَهْمِ الْمُجْتَمَعَات الْحَدِيثَة. هَذِهِ الْعَلَاقَةِ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ تَدَاخُلَ، بَلْ هِيَ سِلْسِلَة مِنْ التَّوَتُّرِات الْفَلْسَفِيَّة الْعَمِيقَةِ الَّتِي تُثِيرُ أَسْئِلَة وُجُودِيَّة حَوْل طَبِيعَة التَّقَدُّم، الْحُرِّيَّة، وَالْمَسْؤُولِيَّة. دَعْنَا نَسْتَعرض أَبْرَزَ هَذِهِ التَّسَاؤُلَاتِ الْفَلْسَفِيَّة؟
1. الْعِلْمُ فِي ظِلِّ النَّيُولِيبْرَالِيَّة: أَدَّاة لِلتَّقَدُّم أَمْ لِلرِّبْح؟
مِنْ يُحَدِّد أَجَنْدَّة الْبَحْثُ الْعِلْمِيّ؟ هَلْ النَّيُولِيبْرَالِيَّة، بِتَرْكيزها عَلَى التَّحْرِيرِ الِإقْتِصَادِيّ وَالسُّوق، تَدْفَعُ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ نَحْو الْمَجَالَاتِ الَّتِي تُحَقَّقَ أَكْبَرَ قَدّْر مِنْ الرِّبْحِ مِثْلُ التِّكْنُولُوجْيَا الِإسْتِهْلَاكِيَّة، الطِّبّ التَّجْمِيلي، الْأَسْلِحَةِ عَلَى حِسَابِ الْمَجَالَاتِ الَّتِي تَخْدُمُ الصَّالِح الْعَامّ وَلَكِنَّهَا أَقَلّ رِبْحِيَّة مِثْل أَبْحَاث الْأَمْرَاض النَّادِرَة، الطَّاقَةِ الْمُتَجَدِّدَةِ غَيْر الْمُرْبِحَة، الْعَدَالَة الِإجْتِمَاعِيَّة؟
هَلْ تُصْبِح الْمَعْرِفَة سِلْعَةً؟ فِي ظِلِّ النَّيُولِيبْرَالِيَّة، هَلْ تُصْبِح الْمَعْرِفَة الْعِلْمِيَّة مُجَرَّد سِلْعَةً تُبَاعُ وَتُشْتَرَى، بَدَلًا مِنْ أَنَّ تَكُونَ مِلْكِيَّة عَامَّة تُفِيد الْبَشَرِيَّة جَمْعَاء؟ كَيْفَ يُؤَثِّرُ ذَلِكَ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْمَعْرِفَةِ وَتَوْزِيع فَوَائِد التَّقَدُّم الْعِلْمِيّ؟
هَلْ تُشَجِّع النَّيُولِيبْرَالِيَّة عِلْمًا غَيْرَ أَخْلَاقِيّ؟ إذَا كَانَ الْهَدَفُ الأَسْمَّى هُوَ النُّمُوُّ الِإقْتِصَادِيّ وَ الْمُنَافَسَة، فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَدْفَعَ الْعِلْمِ نَحْوُ تَجَاوُزِ الحُدُودِ الْأَخْلَاقِيَّة فِي مَجَالَاتِ مِثْلَ الْهَنْدَسَةِ الْوِرَاثِيَّة، الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ، أَوْ تَجَارِب الْأَدْوِيَةِ، إذَا كَانَتْ هَذِهِ التَّجَاوُزَات تُحَقِّقَ مَزَايَا إقْتِصَادِيَّة أَوْ تَنَافِسِية؟
2. الْأَخْلَاقِ فِي سُوقِ الْقَيِّم النَّيُولِيبْرَالِيّ: هَلْ تَتَآكل؟
هَلْ تُخَصْخِص النَّيوليبْرَالِيَّة الْأَخْلَاقِ؟ بِتَرْكِيزِهَا عَلَى الْمَسْؤُولِيَّةِ الْفَرْدِيَّةِ وَتَقْلِيل دُور الدَّوْلَةِ وَالْمُجْتَمَعِ، هَلْ تُحَوِّلُ النَّيوليبْرَالِيَّة الْأَخْلَاقِ إِلَى مَسْأَلَةِ إخْتِيَار فَرْدَيْ بَحْت، تَفْقِد بِذَلِك مَعَايِيرِهَا الْمُجْتَمَعِيَّة الشَّامِلَة؟ هَلْ تُصْبِح الْأَخْلَاقِ مَا هُوَ مُرْبِح لِلْفَرْدِ أَوِ الشَّرِكَة، بَدَلًا مِنْ أَنَّ تَكُونَ نِظَامًا قِيَمِيًّا يُحَافِظُ عَلَى الصَّالِحِ الْعَامّ؟
أَخْلَاقُ الْكَفَاءَة مُقَابِل أَخْلَاق الْعَدَالَة: تَعْلِي النَّيوليبْرَالِيَّة مِنْ قِيمَةِ الْكَفَاءَة وَالِإنْتِاجِيَّة فِي السُّوقِ. هَلْ هَذَا التَّرْكِيز يُقَلِّلُ مِنْ قِيمَةِ الِإعْتِبَارَات الْأَخْلَاقِيَّة الأُخْرَى مِثْلَ الْعَدَالَةِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ، التَّعَاطُف، التَّكَافُل، أَوْ رِعَايَةِ الْفِئَات الضَّعِيفَة، وَاَلَّتِي قَدْ تُعْتَبَرُ غَيْرَ كُفْؤَة مِنْ مَنْظُورٍ السُّوق؟
مَا هُوَ دَوْرُ الدَّوْلَةِ فِي حِمَايَةِ الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ؟ إذَا كَانَتْ النَّيوليبْرَالِيَّة تَسْعَى لِتَقْليص دُورٌ الدَّوْلَة، فَمَنْ يُحَدِّد وَيَنْفُذ الْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة، خَاصَّة عِنْدَمَا يَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بِالتَّحَدِّيَات الْعِلْمِيَّة الْجَدِيدَةِ الَّتِي تُهَدِّدُ الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ أَوِ الْبِيئَة؟
3. تَعْرِيفُ التَّقَدُّم: هَلْ يُشَوِّهَه الْمَنْظُور النَّيوليبْرَالِيّ؟
هَلْ تُضَيِّق النَّيُولِيبْرَالِيَّة مَعْنَى التَّقَدُّمِ؟ فِي سِيَاقِ نِيُولِيبْرَالِيّ، هَلْ يَخْتَزِل مَفْهُوم التَّقَدُّم بِشَكْلٍ أَسَاسِيٍّ فِي النُّمُوِّ الِإقْتِصَادِيِّ، الِإبْتِكَار التِّكْنُولُوجْيّ، وَزِيَادَةُ النَّاتِج الْمَحَلِّيّ الْإِجْمَالِيّ؟ هَلْ تُهْمَل الْأبْعَاد الْأُخْرَى لِلتَّقَدُّم مِثْل التَّقَدُّم الِإجْتِمَاعِيّ كَالْمُسَاوَاة، الْعَدَالَة، التَّقَدُّم البِيئِيّ الِإسْتِدَامَة، أَوْ التَّقَدُّمِ الْأَخْلَاقِيّ كَجَوْدَة الْحَيَاةُ، السَّعَادَة، الرَّوَابِط الْمُجْتَمَعِيَّة؟ مَنْ الْمُسْتَفِيد مِنْ التَّقَدُّمِ؟ إذَا كَانَ التَّقَدُّمُ يُقَاس
بِمَعَايِير نِيُولِّيبْرَالِيَّة مِثْلُ خَلَق الثَّرْوَة، فَهَلْ يُصْبِحُ هَذَا التَّقَدُّمِ غَيْرَ عَادِلٍ، حَيْث يَسْتَفِيدُ مِنْهُ بِشَكْلٍ أَسَاسِيٍّ الْقِلَّةِ عَلَى حِسَابِ الْأَغْلَبِيَّة، مِمَّا يُعَمَّق الإنْقِسَامَات الِإجْتِمَاعِيَّة؟
هَلْ يَخْدِمُ الْعِلْمِ فِي ظِلِّ النَّيُولِيبْرَالِيَّة الْمَصَالِحُ الضَّيِّقَة؟ هَلْ تُصْبِح الِإكْتِشَافَات الْعِلْمِيَّة مُوَجَّهَة لِخِدْمَة أَهْدَاف نِيُولِّيبْرَالِيَّة مُحَدَّدَة، مِثْلُ زِيَادَةِ الْأَرْبَاحِ أَوْ تَعْزِيز الْقُوَّة التِّكْنُولُوجِيَّة، بَدَلًا مِنْ أَنَّ تَكُونَ مُوَجَّهَةً لِتَحْسِين حَيَاة الْجَمِيعِ أَوْ حَلَّ الْمُشْكِلَات الْعَالَمِيَّة الْكُبْرَى مِثْل الْفَقْر، الأَوْبِئَة، التَّغَيُّرُ الْمُنَاخِيّ؟
إنْ هَذِهِ التَّسَاؤُلَاتِ الْفَلْسَفِيَّة تَدْعُو إلَى مُرَاجَعَةِ نَقْدِيَّة لِلنَّمُوذَج النَّيُولِيبْرَالِيّ، وَتُسَلِّطُ الضَّوْءَ عَلَى ضَرُورَةِ إيجَاد تَوَازُن بَيْنَ حُرِّيَّةِ السُّوق، تَقَدُّمِ الْعِلْمِ، وَالِإلْتِزَام بِقِيَم أَخْلَاقِيَّة شَامِلَة تَخْدُم الصَّالِح الْعَامّ وَتَضْمَن بِنَاء مُجْتَمَعَات أَكْثَر إِنْسَانِيَّة وَ عَدَالَة وَإسْتِدَامَة.
#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟