أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - التَّنْمِيط الثَّقَافِيّ والقِيَمِيّ -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-















المزيد.....


التَّنْمِيط الثَّقَافِيّ والقِيَمِيّ -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8365 - 2025 / 6 / 6 - 20:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ مَاهُو التَّنْمِيط الثَّقَافِيّ و القِيَمِيّ

التَّنْمِيط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيَّ "Cultural and value stereotyping" هُوَ عَمَلِيَّةُ تَشْكِيل وَتَوْجِيه الْأَفْرَاد وَ المُجْتَمَعَات وَفْقاً لِقِيَّم وَمَعَايِير ثَقَافِيَّة مُحَدَّدَة. هَذِهِ الْعَمَلِيَّةِ تَلْعَبُ دَوْرًا حَيَوِيًّا فِي تَحْدِيدِ الْهُوِيَّة الثَّقَافِيَّة لِلْأَفْرَاد وَ المُجْتَمَعَات، وَيُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى السُّلُوكِيات وَ الْعَلَاقَاتِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ.
التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ : "cultural stereotyping" هُوَ عَمَلِيَّةُ نَقَل وَتَبَّنِي الْعَادَات وَالتَّقَالِيد وَ الْقَيِّم الثَّقَافِيَّة الْخَاصَّة بِمُجْتَمَع مُعَيَّن. يَشْمَلُ هَذَا التَّنْمِيَط التَّعَلُّمُ مِنْ خِلَالِ الْأَسْر وَ الْمَدَارِس وَوَسَائِلِ الإِعْلَامِ وَ المُؤَسَّسَات الِإجْتِمَاعِيَّة الْأُخْرَى.
التَّنْمِيَط الْقِيَمِيِّ : "Value stereotyping" يُرَكِّزُ عَلَى زَرْعِ وَ تَوْجِيه الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ وَ الِإجْتِمَاعِيَّة الَّتِي تَوَجَّهَ السُّلُوكِيات وَالْقَرَارَات الْفَرْدِيَّة وَ الْجَمَاعِيَّة. يُمْكِنُ لِهَذِهِ الْقِيَمِ أنْ تَكُونَ دِينِيَّةً أَوْ إجْتِمَاعِيَّة أَوْ إقْتِصَادِيَّة.
يُسَاعِد التَّنْمِيَط الثَّقَافِيِّ فِي الْحِفَاظِ عَلَى الْهُوِيَّةِ الثَّقَافِيَّة وَ تَمَرِيرُهَا مِنْ جَيْلِ إلَى جِيلٌ. مِنْ خِلَالِ تَبَّنِي قِيِّم مُشْتَرَكَة، يُمْكِن لِلْمُجْتَمَعَاتِ أَنْ تَحَقَّقَ مُسْتَوَى عَالٍ مِنْ التَّمَاسُك الِإجْتِمَاعِيّ وَالْوَحْدَة.
الْقَيِّم الثَّقَافِيَّة تَوَفُّر إِطَارًا لِتَوْجِيه السُّلُوكِيات الْفَرْدِيَّةُ وَ الْجَمَاعِيَّة، مِمَّا يُسَاعِدُ فِي تَحْقِيقِ الِإسْتِقْرَار الِإجْتِمَاعِيّ. وَ قَدْ يُؤَدِّي التَّرْكِيز الْمُفْرِط عَلَى التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ إِلَى الِإنْعِزَالِ وَ الِإنْغِلَاق أمَام الثَّقَافَات الْأُخْرَى.
فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْمُتَعَدِّدَة الثَّقَافَات، قَدْ تَنْشَأ صِرَاعَات بَيْنَ الْقَيِّمِ الْمُخْتَلِفَةِ، مِمَّا يَتَطَلَّب التَّوَازُن والْحِوَار الْمُسْتَمِرّ. يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ تَبَّنِي قِيِّم مُعَيَّنَةٍ إلَى التَّحَيُّزِ أَوْ التَّمْيِيزِ ضِدٍّ مِنْ يَخْتَلِفُونَ فِي قِيَمِهِمْ وَثَقَافَاتِهِمْ.
نَشْرُ الْوَعْيِ بِأَهَمِّيَّةِ التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ وَالْقِيَمِيّ يُمْكِنُ أَنْ يُسَاعِدَ فِي تَقْلِيلِ التَّحَيُّزِات وَالصَّرَّاعَات. وَ تَعْزِيز الْحِوَارِ بَيْنَ الثَّقَافَاتِ الْمُخْتَلِفَة يَفْتَحُ الْمَجَالَ لِلتَّفَاهُم وَالْقَبُول الْمُتَبَادَل. يَجِب تَشْجِيع الْأَفْرَاد وَالمُجْتَمَعَات عَلَى التَّكَيُّفِ مَع التَّغَيُّرَات الثَّقَافِيَّة وَالِإنْفِتَاح عَلَى الْأَفْكَار وَالْقَيِّم الْجَدِيدَة
التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ يَلْعَبُ دَوْرًا أَسَاسِيًّا فِي تَشْكِيلِ الْهُوِيَّة الْفَرْدِيَّة وَالْجَمَاعِيَّة. وَمَعَ ذَلِكَ، يَجِبُ التَّعَامُلِ مَعَ هَذِهِ الْعَمَلِيَّةِ بِحَذَر لِضَمَان الْحُفَّاظُ عَلَى التَّوَازُنِ بَيْنَ الْحُفَّاظِ عَلَى الْهُوِيَّةِ الثَّقَافِيَّة وَالِإنْفِتَاح عَلَى التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ وَالْقِيَمِيّ.

_ دُورٌ الْعِلْمِ فِي تَحْلِيلِ التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ

يُعَدُّ التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ مِنْ الظَّوَاهِرِ الَّتِي تُؤَثِّرُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى الْمُجْتَمَعَات وَالْأفْرَاد. يَتَمَثَّل التَّنْمِيَط فِي تَشْكِيلِ الصُّوَر النَّمَطِيَّة حَوْل ثَقَافَات مُعَيَّنَةً أَوْ قَيِّمٍ مُحَدَّدَة بِنَاءً عَلَى خَصَائِصِ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ مَعَايِير مُحَدَّدَة. يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِهَذِهِ التَّصْنِيفات تَأْثِيرَات إيجَابِيَّةٌ أَوْ سَلْبِيَّةٌ عَلَى الْأَفْرَادِ وَ المُجْتَمَعَات. يَلْعَب الْعِلْم دُورًا حَيَوِيًّا فِي تَحْلِيلِ وَفَهْم هَذِهِ الظَّاهِرَةِ مِنْ خِلَالِ أَدَوَاتِه وَأَسَالِيبِه الْمُتَنَوِّعَة.
فِي مَجَالِ الْعُلُومِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّة، يَتِمّ إسْتِخْدَام الْأَبْحَاثُ وَالدِّرَاسَاتُ لِفَهْم كَيْفِيَّة تَشَّكُل الصُّوَر النَّمَطِيَّة وَ التَّأْثِيرَات الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا. "الدِّرَاسَات الْكَمِّيَّة وَ النَّوْعِيَّة" "Quantitative and qualitative studies". تُسَاعِدُ فِي جَمْعِ الْبَيَانَات حَوْل تَصَوُّرَات الْأَفْرَاد وَ المُجْتَمَعَات حَوْل الثَّقَافَات وَ الْقَيِّم الْمُخْتَلِفَة.
يَعْتَمِدُ الْعِلْمَ أَيْضًا عَلَى التَّحْلِيلِ الثَّقَافِيّ لِفَهْم كَيْفِيَّة تَطَوُّر الثَّقَافَات وَالْقَيِّم بِمُرُورِ الزَّمَنِ. "الأَنْثْرُوبُّولُوجْيَا الثَّقَافِيَّة" "Cultural Anthropology"، عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، تَدْرُس كَيْفَ تُؤَثِّرُ الْعَوَامِل التَّارِيخِيَّة وَ الِإجْتِمَاعِيَّة عَلَى تَشَّكُل الثَّقَافَات وَكَيْفِيَّة تَعَامُل الْأفْرَادُ مَعَ هَذِهِ التَّنْمِيَطات.
فِي الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ، تَلْعَب الْبَيَانَات الضَّخْمَة دَوْرًا كَبِيرًا فِي تَحْلِيلِ وَفَهْم التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ. يُمْكِن إسْتِخْدَام أَدَوَات تَحْلِيل الْبَيَانَات لِفَهْم الأَنْمَاط السُّلُوكِيَّة وَالتَّوَجُّهَات الثَّقَافِيَّة عَبْرَ الْإِنْتَرْنِتِ، مِمَّا يُوَفِّر نَظْرَّة أَعْمَق وَأَكْثَر شُمُولًا لِلتَّنْمِيَطات الْقَائِمَةُ.
يُسَاهِم الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ فِي تَحْلِيلِ التَّنْمِيَط مِنْ خِلَالِ قُدْرَتِهِ عَلَى مُعَالَجَةِ كَمِّيَاتٍ كَبِيرَةٍ مِنْ الْبَيَانَاتِ وَإسْتِخْلَاص الأَنْمَاط مِنْهَا. يُمْكِنُ لِلذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ تَحْدِيد الصُّوَر النَّمَطِيَّة فِي النُّصُوصِ وَالْمُحَادَثَات عَبَّرَ الْإنْتَرْنِت وَتَحْلِيل تَأْثِيرَاتِهَا الْمُحْتَمَلَة.
يَلْعَب الْعِلْم دُورًا مُحَوَّريا فِي تَحْلِيلِ التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ وَفَهْم تَأْثِيرَاتِهَا عَلَى الْمُجْتَمَعَات وَالْإِفْرَادُ. مِنْ خِلَالِ إسْتِخْدَامِ أَدَوَات الْبَحْث الْمُتَقَدِّمَة وَالتِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَة، يُمْكِن لِلْعُلَمَاء تَقْدِيم رُوَّى وَحُلُول لِلتَّخْفِيفِ مِنْ التَّأْثِيرَاتِ السَّلْبِيَّة لِلتَّنْمِيَط وَ تَعْزِيزِ التَّفَاهُمِ وَالتَّسَامُح بَيْنَ الثَّقَافَاتِ الْمُخْتَلِفَة.

_ تَأْثِيرِ التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيِّ عَلَى الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ

التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ يُشِيرُ إلَى الْعَمَلِيَّةِ الَّتِي يَتِمُّ مِنْ خِلَالِهَا تَحْدِيد وَفَرْض قَوَاعِد وَأَنْمَاط مُعَيَّنَة تَتَعَلَّق بِالثَّقَافَة وَ الْقَيِّمُ عَلَى الْأَفْرَادِ وَالمُجْتَمَعَات. يَلْعَب هَذَا التَّنْمِيَط دَوْرًا مُهِمًّا فِي تَشْكِيلِ الْبِيئَة الَّتِي يَتِمُّ فِيهَا إِجْرَاءَ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ، حَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْثِيرَات إِيجَابِيَّة وَسَلْبِيَّة عَلَى حَدِّ سَوَاءٍ.
تَتَحَدَّد التَّأْثِيرَات الْإِيجَابِيَّة فِي الْآتِي: يُمْكِن لِلتَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ أَنْ يُسَاهِمَ فِي تَوْجِيهِ الْبَاحِثِين لِدِرَاسَة مَوْضُوعَات ذَاتِ أَهَمِّيَّةٍ مَحَلِّيَّة أَوْ قَوْمِيَّة، مِمَّا يُعَزِّز مِنْ قِيمَةِ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ و يُسَاهِمُ فِي حَلِّ مَشَاكِل حَقِيقِيَّة تَوَاجَه الْمُجْتَمَع.
الْقَيِّم الْمُشْتَرَكَة يُمْكِنُ أَنْ تُسْهِمُ فِي تَعْزِيزِ التَّعَاوُنِ بَيْن الْبَاحِثِينَ مِنْ خَلْفِيَّاتِ ثَقَافِيَّةً مُتَنَوِّعَةً، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى تَبَادُل الْأَفْكَار وَتَطْوِير حُلُول مُبْتَكَرَة.
فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ، يُمْكِنُ أَنْ يُشَجِّع التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ الْبَاحِثِين عَلَى التَّفْكِيرِ خَارِج الصُّنْدُوق وَتَطْوِير أَفْكَار جَدِيدَة تَتَمَاشَى مَعَ الْقِيَمِ الثَّقَافِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة.
أَمَّا التَّأْثِيرَات السَّلْبِيَّة يُمْكِنُ أَنْ نَتَناوُلَ بَعْضُ النُّقَط نَذْكُرُ مِنْهَا : قَدْ يُؤَدِّي التَّرْكِيزِ عَلَى أَنْمَاطٍ ثَقَافِيَّة وَقِيمِيَّة مُحَدَّدَة إلَى تَجَاهَل الْأَفْكَارِ الْجَدِيدَةِ وَالْمُبْتَكَرَة الَّتِي لَا تَتَمَاشَى مَعَ الْقِيَمِ السَّائِدَة، مِمَّا يُحَدُّ مَنْ إمْكَانِيَّات الْبَحْث الْعِلْمِيّ.
يُمْكِنُ أَنْ يُؤَثِّرَ التَّنْمِيَط عَلَى إخْتِيَارِ مَوْضُوعَات الْبَحْثَ، حَيْثُ قَدْ يَتَجَنَّب الْبَاحِثُون دِرَاسَة مَوْضُوعَات تُعْتَبَرُ غَيْرَ تَقْلِيدِيَّة أَوْ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ ثَقَافِيًّا، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى نَقْصِ فِي الْمَعْرِفَةِ فِي مَجَالَاتِ مُعَيَّنَةٍ. قَدْ يَتِمُّ تَفْسِيرُ النَّتَائِج الْبَحْثَيْة بِشَكْلٍ يَتَمَاشَى مَعَ الْقِيَمِ الثَّقَافِيَّة السَّائِدَة، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى تَحَيَّز فِي النَّتَائِجِ وَ عَدَم دِقَّة فِي التَّحْلِيلِ.
التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ لَه تَأْثِيرَات مُتَعَدِّدَةٌ عَلَى الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ. مِنْ الْمُهِمِّ أَنْ يَكُونَ الْبَاحِثُون وَاعِين لِهَذِه التَّأْثِيرَات وَ أَنْ يَسْعَوْا لِتَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ إحْتِرَام الْقَيِّم الثَّقَافِيَّة وَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الِإنْفِتَاحِ عَلَى الْأَفْكَارِ الْجَدِيدَةِ وَالْمُبْتَكَرَة. مِنْ خِلَالِ تَعْزِيز الْحِوَار الْمَفْتُوح وَالتَّنْوِيع فِي الْأَبْحَاث، يُمْكِن لِلْبَحْث العِلْمِيِّ إنْ يَزْدَهِر وَيُحَقِّق نَتَائِج تَخْدُم الْمُجْتَمَع بِشَكْل أَفْضَل.

_ تَأْثِيرِ الْعِلْمِ عَلَى التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ و الْقِيَمِيّ

يُعْتَبَرُ الْعِلْمُ أَحَدُ الْعَوَامِلِ الْأَسَاسِيَّةَ الَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَى تَطَوُّرِ الْمُجْتَمَعَات وَتَشْكِيل هَوِيَاتِهَا الثَّقَافِيَّة وَالْقِيمَيَّة. فَالتَّطَوُّرَات الْعِلْمِيَّةِ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى تَحْسِينِ الْمُسْتَوَى الْمَعِيشِي لِلْأَفْرَاد فَحَسْبُ، بَلْ تَمْتَدّ لِتَشْمَل تَأْثِيرَات أَعْمَق تَتَعَلَّق بِالتَّنْمِيط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ.
أَدَّى التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ إلَى تَسْهِيلِ التَّوَاصُلُ بَيْنَ الثَّقَافَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ مِنْ خِلَالِ الْإنْتَرْنِت وَوَسَائِلِ الإِعْلَامِ. هَذَا الِإنْفِتَاحِ يُعَزِّز التَّبَادُل الثَّقَافِيّ وَيُقَلِّلَ مِنْ الْعُزْلَةِ، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى نُشُوء ثَقَافَة عَالَمِيَّة مُشْتَرَكَةً. مَعَ تَقَدُّمِ الْعِلْمِ، تَتَغَيَّر بَعْض الْعَادَات وَ التَّقَالِيد لِتَوَاكب الْعَصْرِ الْحَدِيثِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، أَصْبَحْت الْعَادَات الْغِذَائِيَّة أَكْثَر تَنُوعا بِفَضْلِ مَعْرِفَة أَوْسَع عَنْ الْفَوَائِدِ الصِّحِّيَّة لِلْأَطْعِمَة الْمُخْتَلِفَةِ. كَمَا يُوَفِّرُ الْعِلْم وَسَائِل لِحِفْظ التُّرَاث الثَّقَافِيّ، مِثْل الرَّقْمَنَّة وَالتَّوْثِيق، مِمَّا يُسَاعِدُ فِي الْحِفَاظِ عَلَى الْهُوِيَّةِ الثَّقَافِيَّة لِلْإِجْيَال الْقَادِمَةِ.
بِفَضْلِ الْعِلْم، بَدَأَتْ بَعْضَ الْقِيَمِ الإجْتِمَاعِيَّة التَّقْلِيدِيَّة فِي التَّغَيُّرِ. فَمَثَلًا، أَصْبَح لِلْعِلْم دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي دَعْمِ قَيِّم الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ مِنْ خِلَالِ تَسْلِيط الضَّوْءَ عَلَى أَهَمِّيَّةِ دَوْرَ الْمَرْأَةِ فِي الْمُجْتَمَعِ. كَمَا سَاهِم الْعِلْمِ فِي زِيَادَةِ الْوَعْي بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة، مِمَّا أَدَّى إلَى تَرْسِيخ قَيِّم جَدِيدَة تَتَعَلَّق بِالحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ وَحِمَايَة الْكَوْكَب لِلْإِجْيَال المُسْتَقْبَلِيَّة. لَقَدْ أَدَّى التَّقَدُّمَ الْعِلْمِيَّ فِي مَجَالِ الصِّحَّةِ إلَى تَعْزِيز قَيِّم الصِّحَّة الْعَامَّة وَ الْوِقَايَة، حَيْثُ أَصْبَحَتْ الْمُجْتَمَعَات أَكْثَر وَعْيًا بِأَهَمِّيَّة الْوِقَايَةِ مِنْ الْأَمْرَاضِ وَإتِّخَاذ نَمَط حَيَاةٍ صِحِّيٍّ.
رَغْمَ الْفَوَائِد الْعَدِيدَة لِلْعِلْم، هُنَاك تَحَدِّيَات تَتَعَلَّق بِالتَّمَسُّك بِالْهُوِيَّة الثَّقَافِيَّة فِي ظِلِّ الْعَوْلَمَةِ. قَدْ يُؤَدِّي الِإنْفِتَاح الْمُفْرِط إلَى ذُؤْبَان بَعْض الثَّقَافَات التَّقْلِيدِيَّة وَفِقْدَانُهَا. فِي نَفْسِ الْوَقْتِ يُوَفِّر الْعِلْم فُرْصَة لِتَعْزِيز التَّفَاهُم الْعَالَمِيّ وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ الثَّقَافَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ، مِمَّا يُخْلَقُ بِيئَة ثَقَافِيَّة غَنِيَّة وَمُتَنَوِّعَة تُسْهِمُ فِي رَفَاهِيَةٍ الْإِنْسَان.
بِإِمْكَانِ الْعِلْمِ أَنَّ يَكُونَ قُوَّةٌ دَافِعَةٌ لِتَحْقِيق التَّنْمِيَة الثَّقَافِيَّة وَ الْقِيمَيَّة، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ تَوْظِيفِه بِشَكْل يُوَازِن بَيْنَ الْحُفَّاظِ عَلَى الْهُوِيَّةِ الثَّقَافِيَّة وَإسْتِيعَاب المُتَغَيِّرَات الْحَدِيثَة.

_ هَلْ يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ مُحَايِّداً ثَقَافِيًّا

الْعِلْمُ يُعْتَبَرُ مِنْ أَكْثَرَ الْمَجَالَات تَأْثِيرًا فِي الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ. فَهُو يُسَاهِمُ فِي فَهْمِنَا لِلْعَالِم وَتَطْوِير التِّكْنُولُوجْيَا وَتَحْسِين جَوْدَة الْحَيَاة. وَمَعَ ذَلِكَ، يُطْرَحُ سُؤَال مُهِمٌّ وَهُوَ: هَلْ يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ مَحَايدا ثَقَافِيًّا؟ هَذَا السُّؤَالِ يَفْتَحَ بَابًا لِلنَّقاش حَوْلَ تَأْثِيرُ الثَّقَافَةِ عَلَى الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ وَتَطْبِيقِاته.
الْعِلْمُ فِي جَوْهَرِهِ يَسْعَى إلَى الْوُصُولِ إلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ خِلَالِ مَنْهَجِيَّةِ مَوْضُوعِيَّة تَعْتَمِدُ عَلَى التَّجْرِيبِ وَالتَّحْلِيل. وَمَعَ ذَلِكَ، لَا يُمْكِنُ فَصْلُ الْعِلْمِ عَنْ السِّيَاقِ الثَّقَافِيّ الَّذِي يُمَارِسُ فِيه. فَالثَّقَافَة تُؤَثِّرُ عَلَى أَسْئِلَة الْبَحْث الَّتِي يَتِمُّ إخْتِيَارُهَا، وَعَلَى تَفْسِيرِ النَّتَائِج، وَحَتَّى عَلَى الطُّرُقِ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا نَشَرَ هَذِه النَّتَائِج.
الْبَاحِثُون غَالِبًا مَا يَتَأَثَّرُونَ بِالِإهْتِمَامًات الثَّقَافِيَّة وَالْأَوَّلُوِيَّات الِإجْتِمَاعِيَّةِ عِنْدَ إخْتِيَارِ مَوْضُوعَات أَبْحَاثِهِمْ. فَالمُجْتَمَعَات الَّتِي تُعْطِي أَهَمِّيَّةٌ كَبِيرَةٌ لِلتَّكْنُولُوجْيَا قَدْ تُرَكِّزُ عَلَى تَطْوِيرِ تِقْنِيَاتٍ جَدِيدَة، بَيْنَمَا الْمُجْتَمَعَاتِ الَّتِي تَهْتَمّ بِالصِّحَّة الْعَامَّةَ قَدْ تُرَكِّزُ عَلَى الْأَبْحَاثِ الطِّبِّيَّة.
النَّتَائِجِ الْعِلْمِيَّة يُمْكِنُ أَنْ تُفَسَّرَ بِطُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ بِنَاءً عَلَى الْخَلْفِيَّةِ الثَّقَافِيَّة لِلْمُجْتَمَع. مَا يُعْتَبَرُ إكْتِشَافًا إِيجَابِيًّا فِي ثَقَافَةِ مَا قَدْ يُنْظَرُ إلَيْهِ بِشَكْل مُخْتَلَفٌ فِي ثَقَافَةِ أُخْرَى. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، تِقْنِيَات التَّعْدِيلِ الْوِرَاثِيِّ قَدْ تُشَجِّع فِي بَعْضِ الثَّقَافَات وَتَرْفُض فِي أُخْرَى بِسَبَبِ الِإعْتِبَارَات الْأَخْلَاقِيَّة وَالدِّينِيَّة.
فِي الْبَيِّئَات مُتَعَدِّدَةٍ الثَّقَافَات، يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ تَفَاعُلٌ إِيجَابِيٌّ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالثَّقَافَة. يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ، مِمَّا يُعَزِّز الِإبْتِكَار وَالْإِبْدَاع. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، الْمَعْرِفَة التَّقْلِيدِيَّة الْمَحَلِّيَّةِ فِي بَعْضِ الثَّقَافَات يُمْكِنُ أَنْ تُسَاهِمُ فِي تَطْوِيرِ حُلُول عِلْمِيَّة جَدِيدَة وَمُسْتَدَامَة.
فِي النِّهَايَةِ، بَيْنَمَا يَهْدِف الْعِلْمِ إلَى أَنْ يَكُونَ مَحَايدا مِنْ خِلَالِ مِنْهَجِيَتُه الْمَوْضُوعِيَّة، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَحَايدا تَمَامًا لِأَنَّ الثَّقَافَة تَلْعَبُ دَوْرًا مُحَوَّريا فِي جَمِيعِ جَوَانِبِ الْحَيَاةِ الْإِنْسَانِيَّةِ، بِمَا فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ. الْمُهِمِّ هُوَ السَّعْيُ لِجَعْل الْعِلْمِ أَكْثَرُ شُمُولًا وَإحْتِرَامًا لِلتَّنَوُّع الثَّقَافِيّ، لِضَمَان إسْتَفَادَة جَمِيع الْمُجْتَمَعَاتِ مِنَ التَّقَدُّمِ الْعِلْمِيّ.

_ دُورٌ الْعِلْمِ فِي تَعْزِيزِ الْهُوِيَّة الثَّقَافِيَّة

تَلْعَبُ الْمَعْرِفَة الْعِلْمِيَّة دُورًا حَيَوِيًّا فِي تَعْزِيزِ الْهُوِيَّة الثَّقَافِيَّة لِلْأَفْرَاد وَالمُجْتَمَعَات. فَالْعِلْمُ لَيْسَ مُجَرَّدَ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْحَقَائِقِ وَالنَّظَرِيَّات، بَلْ هُوَ وَسِيلَةٌ لِفَهْم الْعَالَمِ مِنْ حَوْلِنَا وَتَفْسِيرُه، مِمَّا يُسَاهِمُ فِي بِنَاءِ هَوِيَتَنا الثَّقَافِيَّة وَتَعْزِيزِها بِعِدَّة طُرُقٌ.
مِنْ خِلَالِ دِرَاسَةِ الْعُلُومِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ، يُمْكِن لِلْأَفْرَاد إكْتِسَاب فَهُمْ أَعْمَق لِتَارِيخِهم وَتَرَاثِهِمْ الثَّقَافِيّ. تُسَاهِم هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ فِي بِنَاءِ إحْسَاس بِالْفَخْر وَالِإنْتِمَاء لِلْمُجْتَمَع، كَمَا تُسَاعِدُ فِي تَوْثِيقِ التَّقَالِيد وَالْعَادَات الَّتِي تُشَكِّلُ جُزْءًا مِنْ الْهُوِيَّة الثَّقَافِيَّة.
يُسْهَمُ الْعِلْمِ فِي تَعْزِيزِ الْحِوَار وَالتَّفَاهُم بَيْنَ الثَّقَافَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ، مِنْ خِلَالِ تَبَادُل الْمَعْرِفَة وَالْمَعْلُومَات الْعِلْمِيَّة، يُمْكِن لِلْمُجْتَمَعَاتِ أَنْ تَتَعَلَّمَ مِنْ بَعْضِهَا الْبَعْضِ، مِمَّا يُعَزِّز مِنْ التَّفَاهُمِ الْمُتَبَادَل وَالِأحْتِرَام، وَيُسَاهِمُ فِي بِنَاءِ هَوِيِّة ثَقَافِيَّة غَنِيَّة وَ مُتَنَوِّعَة.
يُعْتَبَرُ الْعِلْمُ مُحَرَّكًا رَئِيسِيًّا لِلْإِبْتِكَار وَالتَّقَدُّمُ، وَهُوَ مَا يُسَاهِمُ فِي تَطْوِيرِ جَوَانِبَ مُخْتَلِفَةً مِنْ الثَّقَافَة. مِنْ خِلَالِ الِإبْتِكَارَات الْعِلْمِيَّة وَالتِّكْنُولُوجِيَّة، يُمْكِن لِلْمُجْتَمَعَات تَحْسِين جَوْدَة الْحَيَاة وَتَعْزِيز ثَقَافَاتِهَا بِطُرُقٍ جَدِيدَة وَمُثِّيرَة.
يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ أَنْ يَلْعَبَ دَوْرًا مُهِمًّا فِي حِمَايَةِ وَالْحِفَاظِ عَلَى التُّرَاث الثَّقَافِيّ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يُمْكِن إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَةِ فِي تَوْثِيقِ وَ حَفِظَ الْأَعْمَال الفَنِّيَّة و الْأثَار التَّارِيخِيَّة، مِمَّا يَضْمَنُ نَقَلَ هَذِهِ الْعَنَاصِرِ الثَّقَافِيَّة القَيِّمَةِ إلَى الأَجْيَال الْقَادِمَة.
يُسَاهِم الْعِلْمِ فِي بِنَاءِ هَوِيِّة ثَقَافِيَّة مُسْتَدَامَةٌ مِنْ خِلَالِ تَعْزِيز الْوَعْي البِيئِيّ وَالِإجْتِمَاعِيّ. فَبِفَضْل التَّطَوُّرَاتِ الْعِلْمِيَّةِ فِي مَجَالَاتِ مِثْل الْبِيئَة وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة، يُمْكِن لِلْمُجْتَمَعَات تَطْوِير إسْتِرَاتِيجِيَّات لِلْحِفَاظِ عَلَى الْكَوْكَب، مِمَّا يُعَزِّز مِنْ إسْتِدَامَةِ الْهُوِيَّة الثَّقَافِيَّة عَلَى الْمَدَى الطَّوِيل.
إذَنْ، يُمْكِنُنَا الْقَوْلُ أَنَّ الْعِلْمَ يَلْعَبُ دَوْرًا أَسَاسِيًّا فِي تَعْزِيزِ الْهُوِيَّة الثَّقَافِيَّة مِنْ خِلَالِ تَعْزِيز الْفَهْم، وَتَشْجِيع الْحِوَار، وَدَعْم الِإبْتِكَار، وَالْحِفَاظِ عَلَى التُّرَاث الثَّقَافِيّ، وَبِنَاء هَوِيِّة مُسْتَدَامَة. إنَّ تَكَامُلَ الْعِلْمِ مَعَ الثَّقَافَة يَخْلُق مُجْتَمَعًا قَوِيًّا وَمُتَعَدِّد الْأبْعَاد قَادِرًا عَلَى مُوَاجَهَةِ تَحَدِّيَات الْمُسْتَقْبَل بِثِقَة وَإبْتِكَار.

_ هَلْ يُؤَدِّي التَّقَدُّمَ الْعِلْمِيَّ إلَى تَغَيُّرِ فِي الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ

يُعَدُّ التَّقَدُّمَ الْعِلْمِيَّ وَاحِدًا مِنْ أَهَمِّ الْمُحَرِّكَات الَّتِي تُحَدِّدُ مَسَار الْمُجْتَمَعَات وَتُشَكِّل مُسْتَقْبِلُهَا. وَمَعَ كُلِّ إكْتِشَاف عِلْمِي جَدِيدٍ أَوْ تَطَوُّرٍ فِي التِّكْنُولُوجْيَا، تُثَّارُ التَّسَاؤُلَاتِ حَوْل تَأْثِيرِ هَذِهِ التَّطَوُّرَات عَلَى الْقَيِّمِ الْأَخْلَاقِيَّة لِلْمُجْتَمَع.
يُمْكِن لِلتَّقَدُّم الْعِلْمِيِّ انْ يُسَاهِمُ فِي تَعْزِيزِ الْقِيَمِ الْإِنْسَانِيَّةِ مِثْل التَّعَاوُن وَالْمُسَاعَدَةِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، التَّطَوُّرَات فِي مَجَالِ الطِّبِّ تُسَاعِدُ فِي تَحْسِينِ حَيَاةِ الْأَفْرَادِ وَإِنْقَاذ الْأَرْوَاح، مِمَّا يُعَزِّز قِيمَةَ الْحَيَاةِ وَالْكَرَامَة الْإِنْسَانِيَّة.
يُسَاعِدَ التَّقَدُّمَ الْعِلْمِيَّ فِي زِيَادَةِ الْوَعْي بِمَشِكِلَات الْعَالِمُ، مِثْلَ التَّغَيُّرِ الْمُنَاخِيِّ وَالْأَمْرَاض الْوَبَائِيَّة، مِمَّا يَدْفَعُ الْأَفْرَاد وَ المُجْتَمَعَات إلَى التَّعَاوُنِ لِحَلِّ هَذِهِ الْمُشْكِلَات.
تُفْتَح التَّطَوُّرَاتِ الْعِلْمِيَّةِ أَفَاقَا جَدِيدَة لِلتَّعَلُّم وَالتَّفْكِير النَّقْدِيّ، مِمَّا يُشَجِّعُ الْأَفْرَادِ عَلَى التَّسَاؤُلِ وَمُرَاجَعَة الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ الْمَوْرُوثَةُ.
مَعَ التَّقَدُّمِ فِي التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ، أَصْبَحَ مِنْ السَّهْلِ جَمْع الْمَعْلُومَاتِ الشَّخْصِيَّةِ لِلْأَفْرَاد، مِمَّا يُشْكِلُ تَحْدُيا كَبِيرًا لِقِيمَة الْخُصُوصِيَّة وَيُثِير تَسَاؤُلَاتٍ حَوْلَ حُقُوقَ الْأَفْرَادِ فِي التَّحَكُّمِ بِمَعْلُومَاتِهِم الشَّخْصِيَّةُ.
يُمكِنُ لِلتَّغَيُّرَات السَّرِيعَة فِي التِّكْنُولُوجْيَا أَنْ تُؤَدِّيَ إلَى تَغَيُّرَات فِي الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ بِشَكْلٍ أسْرَعَ مِنَ قُدْرَة الْمُجْتَمَعَات عَلَى إسْتِيعَابِهَا وَالتَّكِيَّف مَعَهَا، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى صِرَاعَات دَاخِل الْمُجْتَمَعَات.
بَعْض التَّطَوُّرَاتِ الْعِلْمِيَّةِ، مِثْلُ الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَالْهَنْدَسَة الْوِرَاثِيَّة، تُثِير مَخَاوِف أَخْلَاقِيَّة حَوْلَ مَدَى قُدْرَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى التَّحَكُّمِ فِي هَذِهِ التِّقْنِيَّات وَإسْتِخْدَامُهَا بِشَكْل مَسْؤُول.
يُعَدُّ التَّقَدُّمُ الْعِلْمِيّ سِلَاحًا ذُو حَدَّيْنِ؛ فَهُوَ يُمْكِنُ أَنْ يُعَزِّزَ الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ وَيَفْتَح آفَاقَا جَدِيدَة لِلْإِنْسَانِيَّة، وَفِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ يُمْكِنُ أَنْ يُثِير تَحَدِّيَات جَدِيدَة تَوَاجَه الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ التَّقْلِيدِيَّة. لِذَا، مِنَ الْمُهِمِّ أَنْ يُرَافِقَ التَّقَدُّمَ الْعِلْمِيَّ حِوَار مُسْتَمِرّ حَوْل الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ لِضَمَان إسْتِخْدَام الْعِلْمُ فِي خِدْمَةِ الْإِنْسَانِ وَالْمُجْتَمَعِ.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حَوْسَبَة القَرَارَات الْأَخْلَاقِيّة -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- حَوْسَبَة القَرَارَات الْأَخْلَاقِيّة -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- الْفَجْوَة الرَّقْمِيَّة -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- الْفَجْوَة الرَّقْمِيَّة -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
- الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ : -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ -الْجُزْءُ الْأَوَّل-
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : الْوَاقِع الِإفْتِرَاضِي
- أَخْلَاقِيَّات الذَّكَاءُ الِإصْطِنَاعِيّ -الْجُزْءُ الثَّان ...
- أَخْلَاقِيَّات الذَّكَاءُ الِإصْطِنَاعِيّ -الْجُزْءُ الْأَوّ ...
- الْعَقْل التِّقَنِيّ ؛ -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- الْعَقْل التِّقَنِيّ -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- الوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ
- الْبَيُولُوجْيَا الِإصْطِنَاعِيَّة
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْأَمْن الْبَيُولُوجِيّ
- أَخْلَاقِيَّات التِّكْنُولُوجْيَا
- فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- فَلْسَفَةُ التِّكْنُولُوجْيَا : -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-


المزيد.....




- جذبت ملايين المعجبين.. لماذا غزت دمية -لابوبو- الصينية العال ...
- لجنة تقصي الحقائق في سوريا تعلن نتائج تحقيقاتها في أحداث الس ...
- -كفى لهذا الظلم وهذه الوحشية-.. أردوغان داعيًا لموقف دولي بش ...
- بعد عقود من الجدل.. هل آن أوان إعادة الثقة في العلاج الهرمون ...
- باريس تطالب بدخول الصحافة إلى غزة.. وكالاس: قتل مدنيين ينتظر ...
- دخان الحرب يتصاعد من دير البلح: توغّل إسرائيلي يشعل جبهة وسط ...
- البنتاغون يسحب كامل قوات مشاة البحرية من لوس أنجلوس بعد عودة ...
- في بيان غير مسبوق.. وكالة الأنباء الفرنسية تحذر من الموت بال ...
- حداد وطني وغضب في بنغلادش غداة مقتل 31 شخصا في تحطم طائرة عس ...
- أسرار باريس | لآلئ من بحر التاريخ!


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - التَّنْمِيط الثَّقَافِيّ والقِيَمِيّ -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-