|
الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
حمودة المعناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 19:00
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
_ إعَادَةُ تَشْكِيل الْمُعْتَقَدَات و الْقَيِّمِ وَ الْمُيُول الشَّخْصِيَّة
مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أنْ تُعْرَضَ الْأَفْرَاد لِلْمُحْتَوَى الرَّقْمِيّ وَ التَّفَاعُل مَعَه يُؤَثِّرُ فِي تَشْكِيلِ مُعْتَقَدَاتِهِمْ وَقَيِّمُهُمْ وَمُيُولِهِم الشَّخْصِيَّة. وَبِذَلِك أَصْبَحْت الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة لِلْفَرْد وَسِيلَة لِتَعْبِير عَنْ ذَاتِهِ وَ تَأْكِيد هُوِيَّتُه الِإجْتِمَاعِيَّةِ فِي بِيئَة رَقْمِيَّة مُتَزَايِدَة الْأَهَمِّيَّة. فِي الْعَصْرِ الْحَالِيّ، يَقْضِي الْأَفْرَاد جُزْءًا كَبِيرًا مِنْ وَقْتُهُمْ عَلَى الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةِ، مَا يَجْعَلُهَا مَصْدَرًا رَئِيسِيًّا لِإكْتِسَاب الْمَعْلُومَات وَالْخَبَرُات وَالتَّأَثُّر بِالْقِيَم وَالسَّلْوَكَيَّات. فَخِلَال هَذَا التَّفَاعُلُ مَع المُحْتَوَى الرَّقْمِيّ، يَبْدَأ الْفَرْدِ فِي تَشْكِيلِ هُوِيَّتُه الرَّقْمِيَّة عَبَرَ مَا يَنْشُرْه وَيَتَفَاعِل مَعَهُ مِنْ مُحْتَوَى عَلَى مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَنْصَات. وَتَعْكِسُ هَذِه الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة جَانِبًا مِنْ شَخْصِيَّتِهِ وَقِيَّمِهِ وَمُيُولَه، وَتُسَاعِدُ فِي إظْهَارِهِ لِلْآخَرِين بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي يُرِيدُهَا. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة لِلْفَرْد أَصْبَحْت جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ هُوِيَّتُه الشَّخْصِيَّة، حَيْث تَتَدَاخَل الْمُكَوِّنَات الرَّقْمِيَّة وَالْوَاقِعِيَّة لِلْهُوِيَّة فِي ظِلِّ التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ الْمُتَسَارِع. فَالْأفْرَادُ يَسْتَخْدِمُون الْأَدَوَات الرَّقْمِيَّة لِبِنَاء وَتَعْزِيز هَوِيَتَهُّم الِإجْتِمَاعِيَّةِ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ إنْشَاء مَلْفات شَخْصِيَّةً عَلَى مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالْمُشَارَكَةِ فِي الْمُحَادَثَات وَ التَّعْلِيقَاتِ. فِي هَذَا السِّيَاقِ، يُعَدّ التَّفَاعُلِ مَعَ المُحْتَوَى الرَّقْمِيّ وَسِيلَة لِلْأَفْرَاد لِلتَّعْبِيرِ عَنْ ذَوَاتِهِمْ وَرَبَط أَنْفُسِهِمْ بِقِيَم وَمُجْتَمَعَات مُعَيَّنَة. فَالْمُنْشِورَات وَالصُّوَرُ وَالفِيدْيوهات الَّتِي يَنْشُرُهَا الْأَفْرَاد عَبْرَ هَذِهِ الْمَنْصَات تَعْكِسُ جَوَانِبَ مِنْ شَخْصِيَّاتٍهِمْ وَ تُسَاعِدُ فِي بِنَاءِ صُورَتُهُمْ الذِّهْنِيَّة لَدَى الْآخَرِين. وَعِلَاوَةٌ عَلَى ذَلِكَ، يُمْكِنُ لِلْهَوِيَّة الرَّقْمِيَّةِ أنْ تُشَكَّلَ وَسِيلَة لِلتَّفَاعُل الِإجْتِمَاعِيّ وَالتَّوَاصُلِ بَيْنَ الْأَفْرَادِ فِي بِيئَة رَقْمِيَّة. فَمَنْ خِلَال تَبَادُل المُحْتَوَى وَ التَّفَاعُل عَلَى الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةِ، يَبْنِي الْأَفْرَاد عَلَاقَاتٍ إجْتِمَاعِيَّةٍ وَيَنْتَمُون إِلَى مُجْتَمَعَاتٍ إفْتِرَاضِيَة تُشَارِكُهُمْ الِإهْتِمَامَات وَالْقَيِّمِ. وَبِذَلِك تَلْعَب الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة دَوْرًا مُهِمًّا فِي تَعْزِيزِ التَّوَاصُل وَالتَّفَاعُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ فِي الْعَالَمِ الرَّقْمِيّ. لَقَدْ أَصْبَحْتَ الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة لِلْفَرْد وَسِيلَة فَعَّالَة لِلتَّعْبِيرِ عَنْ الذَّاتِ وَتَأْكِيدَ الْهُوِيَّة الِإجْتِمَاعِيَّةِ فِي ظِلِّ الْبِيئَة الرَّقْمِيَّة الْمُتَنَامِيَّة. إذْ يَسْتَخْدِم الْأَفْرَاد الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةِ لِبِنَاء وَ تَشْكِيل هَوِيَتَهُّم الشَّخْصِيَّةُ وَ الِإجْتِمَاعِيَّة مِنْ خِلَالِ التَّفَاعُلِ مَعَ المُحْتَوَى وَالْآخِرِين عَبْرَ الْإِنْتَرْنِتِ. وَبِذَلِك أَصْبَحْت الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ هَوِيِّة الْفَرْد الشَّامِلَةَ فِي عَصْرِ التَّحَوُّل الرَّقْمِيّ.
_ تَشْكِيْلُ الْهِوَيَات الْجَمَاعِيَّة و تَحَدِّيَاتُهَا فِي الْعَالَمِ الرَّقْمِيّ
لَمْ يَقْتَصِرْ تَأْثِير التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ عَلَى الْهُوِيَّةِ الْفَرْدِيَّة فَقَطْ، بَلْ إمْتَدّ أَيْضًا إلَى هَوِيَات الْجَمَاعَاتُ وَالمُجْتَمَعَات. فَظُهُور الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةِ سَاهَمَ فِي نُشُوءِ تَجَمُعَات وَجَمَاعَات إفْتِرَاضِيَة جَدِيدَةٍ تَتَقَاسَم إهْتِمَامًات وَخَصَائِص مُشْتَرَكَة بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ الْحُدُودِ الْجُغْرَافِيَّة. لَقَدْ أَحْدَثَتْ التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ تَأْثِيرَات عَمِيقَة لَيْسَ فَقَطْ عَلَى هَوِيِّة الْأَفْرَاد، وَلَكِنْ أَيْضًا عَلَى هَوِيِّة الْجَمَاعَات وَ المُجْتَمَعَات كَكُلّ. ظُهُور الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةِ كَان مُحَوَّريا فِي هَذَا التَّحَوُّلِ، حَيْث أَتَاح لَمُخْتَلِف التَّجَمُّعِات وَالْجَمَاعَاتِ الْبَشَرِيَّة إِمْكَانِيَّةَ التَّوَاصُلِ وَالتَّفَاعُل بِشَكْلٍ غَيْرِ مَسْبُوقٍ عَبَّر الْحُدُود الْجُغْرَافِيَّة وَ الثَّقَافِيَّة إنْ تَدَفُّق الْمَعْلُومَات وَالتَّوَاصُل السَّرِيع الَّذِي أَتَاحته التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ مُكِّن مُخْتَلَف الْجَمَاعَات وَالمُجْتَمَعَات مِنْ التَّعْبِيرِ عَنْ هَوِيَاتِهَا وَتَأْكِيدُ خَصَائِصِهَا الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى نِطَاقٍ عَالِمِي. فَقَدْ بَرَزَتْ عَلَى مَنَصَّات التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةِ مَجْمُوعَات إفْتِرَاضِيَة تَجْمَعُ أَفْرَادًا مِنْ مُخْتَلَفِ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ يَشْتَرِكُونَ فِي إهْتِمَامًات أَوْ خَصَائِص مُحَدَّدَة، كَالْمُجْتَمَعَات الِإفْتِرَاضَيَة لِلْمُهْتَمِّين بِمُوسِيقَى مُعَيَّنَةً أَوْ الْمُشَجِّعِين لِفَرْق رِيَاضِيَّة بِعَيْنِهَا عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ. وَقَدْ أَتَاح هَذَا الِإنْتِمَاء الرَّقْمِيّ الْمَرن لِلْجَمَاعَات وَالمُجْتَمَعَات إِمْكَانِيَّة تَعْزِيز الْهَوِيَات الْفَرْعِيَّةِ وَالْخُصُوصِيَّات الثَّقَافِيَّة الْمُخْتَلِفَةِ، حَتَّى أَنَّهَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ أَصْبَحْت تُشَكِّلُ بَدِيلًا أَوْ مُوَازِيًا لِلْإِنتماءَات الْوَطَنِيَّةِ وَالْإِقْلِيمِيَّة التَّقْلِيدِيَّة. فَمُسْتَخْدِمُّو الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةِ بَاتُوا قَادِرِينَ عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْ هَوِيَاتُّهِم الْفَرْعِيَّةِ وَالْخُصُوصِيَّات الثَّقَافِيَّةِ الَّتِي يَنْتَمُون إلَيْهَا بِشَكْل أَوْسَعَ وَأَكْثَرَ فَاعِلِية، سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْهَوِيَات مُرْتَبِطَةٌ بِمَجْمُوعِات مَحَلِّيَّةِ أَوْ عَالَمِيَّة. وَلَكِنْ مَعَ هَذِهِ الْفُرَصِ الْجَدِيدَةِ الَّتِي أَتَاحَتَهَا التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ، بَرَزَتْ أَيْضًا تَحَدِّيَات تَتَعَلَّق بِالحِفَاظِ عَلَى الْهَوِيَات الْجَمَاعِيَّة وَالْخُصُوصِيَّات الثَّقَافِيَّة. فَفِي مُقَابِل تَنَامي التَّجَمُّعِات الرَّقْمِيَّةِ الْقَائِمَةِ عَلَى الِإهْتِمَأَمَات الْمُشْتَرَكَةِ، بَرَزَتْ مَخَاوِفَ مِنْ تَآكُلِ الرَّوَابِط التَّقْلِيدِيَّة الْمُجْتَمَعِيَّة وَتُفَكِّك النَّسِيجُ الِإجْتِمَاعِيُّ. كَمَا أَنَّ الطَّبِيعَةَ الْمَفْتُوحَة وَالسَّرِيَّعَة لِلتَّوَاصُل عَبَّر الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةِ قَدْ تُسْهِمُ فِي إنْتِشَارِ ثَقَافَات عَالَمِيَّة مُوَحَّدَة عَلَى حِسَابِ الْخُصُوصِيَّات الْمَحَلِّيَّة. وَلِذَلِكَ، تَبْرُز الْحَاجَةِ إلَى إيجَادِ تَوَازُنُ بَيْنَ تَعْزِيز الْهِوَيَات الْجَمَاعِيَّة الْمُتَنَوِّعَةِ فِي الْعَالَمِ الرَّقْمِيّ وَالْحِفَاظِ عَلَى التَّرَابُطَ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالْخُصُوصِيَّة الثَّقَافِيَّة. وَهَذَا يَتَطَلَّب جُهُودًا مُتَوَاصِلَة مِنْ قِبَلِ مُخْتَلَف الْجِهَات الْمُعْنِيَة - الْحُكُومَات وَ الْمَنْصُات الرَّقْمِيَّةِ وَالْمُجْتَمَع الْمَدَنِيّ - لِتَنْظِيم التَّفَاعُل عَبْرَ الْإِنْتَرْنِتِ وَضَمَان إحْتِرَام التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ وَالْهَوِيَات الْجَمَاعِيَّةُ فِي ظِلِّ هَذِهِ التَّحَوُّلَاتُ التِّكْنُولُوجِيَّة.
_ تَحَدِّيَات الْحفَّاظُ عَلَى الْهَوِيَات الثَّقَافِيَّة الْمَحَلِّيَّة وَ التَّقْلِيدِيَّة
إنْ التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة وَالرَّقْمِيَّة الَّتِى شَهِدَهَا الْعَالِمُ فِي الْعُقُودِ الْأَخِيرَةِ قَدْ أدَتْ إلَى تَحَوُّلَات كَبِيرَةٌ فِي طَبِيعَةِ الْهَوِيَات الْجَمَاعِيَّة وَالثَّقَافَات. مِنْ نَاحِيَةِ، أَتَاحَتْ هَذِه التَّطَوُّرَات فُرَصًا جَدِيدَة لِظُهُور هَوِيَات جَمَاعِيَّة رَقْمِيَّة مُتَنَوِّعَة تَتَخَطَّى الْحُدُود التَّقْلِيدِيَّة لِلْقَومِيَّة وَالْعَرَقُ وَاللُّغَة. وَ قَدْ سَاهِم التَّسَارُع فِي قُدْرَة الْأَفْرَادِ عَلَى نَشْرِ الْمُحْتَوَى الرَّقْمِيّ وَتَبَادُلِه بِشَكْلٍ سَرِيعٌ فِي تَعْزِيزِ هَذَا الشُّعُورُ بِالِإنْتِمَاء لِهَذِه الْهَوِيَات الرَّقْمِيَّةِ الْجَمَاعِيَّة. مِنْ نَاحِيَةِ أُخْرَى، فَقَدْ وَاجَهَتْ الثَّقَافَات وَالمُجْتَمَعَات الْمَحَلِّيَّة تَحَدِّيَات مُتَزَايِدَة فِي الْحِفَاظِ عَلَى هَوِيَاتِهَا التَّقْلِيدِيَّة فِي ظِلِّ الضُّغُوط الْمُتَنَامِيَّة مِنْ التَّيَّارَات الثَّقَافِيَّة الْعَالَمِيَّة الْمُنْتَشِرَة عَبَّر شَبَكَة الْإنْتَرْنِت وَالتِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّة. فَقَدْ أَدَّتْ هَذِهِ التَّيَّارَات إِلَى تَعْزِيزِ التَّوَاصُل وَالتَّفَاعُل بَيْنَ الثَّقَافَاتِ وَ المُجْتَمَعَات الْمُخْتَلِفَةُ عَلَى نَحْوِ غَيْرِ مَسْبُوقٍ، مِمَّا أَثَر بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى الْهَوِيَات الْجَمَاعِيَّة التَّقْلِيدِيَّة. هَذَا التَّحَوُّلِ فِي طَبِيعَةِ الْهَوِيَات الْجَمَاعِيَّة لَهُ أثَارٌ مُتَعَدِّدَةٌ عَلَى الْمُسْتَوِيَيْنِ الِإجْتِمَاعِيّ وَالثَّقَافِيّ. فَمِنْ نَاحِيَةِ، أَتَاح ظُهُور الْهَوِيَات الرَّقْمِيَّةِ الْجَمَاعِيَّة فُرَصًا جَدِيدَة لِلتَّوَاصُل وَالتَّفَاعُل بَيْنَ مُخْتَلِفِ الْجَمَاعَات وَالثَّقَافَات، مِمَّا عَزَّز مِنْ التَّفَاهُمِ وَ التَّسَامُح بَيْنَهَا. كَمَا سَاعِد ذَلِكَ عَلَى إضْعَافِ بَعْض الْحَوَاجِز التَّقْلِيدِيَّة الْمُرْتَبِطَة بِالِإنْتِمَاءَات الْقَوْمِيَّة وَالعَرْقِيَّة وَاللُّغَوِيَّة. وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنْ هَذَا التَّحَوُّلِ قَدْ أثَارٌ أَيْضًا مَخَاوِف مُتَزَايِدَة بِشَأْن خَطَر ذُؤْبَان الْهَوِيَات الثَّقَافِيَّة الْمَحَلِّيَّة وَالتَّقْلِيدِيَّة فِي ظِلِّ هَيْمَنَة الثَّقَافَات الْعَالَمِيَّة الْمُنْتَشِرَة عَبْرَ الْإِنْتَرْنِتِ. فَقَدْ وَاجَهَتْ الْكَثِيرِ مِنْ الْمُجْتَمَعَاتِ وَالثَّقَافَات الْمَحَلِّيَّة ضُغُوطا مُتَزَايِدَة لِلتِّكيف مَعَ نَمَطِ الحَيَاةِ وَالْقَيِّم الْمُرْتَبِطَة بِالْعَوْلَمَة الثَّقَافِيَّة، مِمَّا يُهَدَّد بِتَآكُل خُصُوصِيَّاتِهَا وَتَقَالِيدِهَا الثَّقَافِيَّة الْفَرِيدَة. وَعَلَيْهِ، فَإِنْ التَّحَوُّلِ فِي طَبِيعَةِ الْهَوِيَات الْجَمَاعِيَّة النَّاجِمَ عَنْ التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة وَالرَّقْمِيَّة يَنْطَوِي عَلَى مَجْمُوعَة مُتَنَوِّعَةً مِنْ التَّحَدِّيَات وَالْفُرَص الَّتِي تُوَاجِهُ الْمُجْتَمَعَات وَ الثَّقَافَات عَلَى حَدِّ سَوَاءٍ. فَمِنْ جِهَةِ، أَتَاح هَذَا التَّحَوُّلِ فُرَصًا جَدِيدَة لِلتَّوَاصُل وَالتَّفَاعُل بَيْنَ الْجَمَاعَاتِ وَالثَّقَافَات الْمُخْتَلِفَة وَعَزَز مِنْ التَّفَاهُمِ وَالتَّسَامُح بَيْنَهَا. وَمِنْ جِهَةِ أُخْرَى، طَرْح تَحَدِّيَات كَبِيرَةٌ أَمَامَ الْحفَّاظُ عَلَى الْهَوِيَات الثَّقَافِيَّة الْمَحَلِّيَّة وَ التَّقْلِيدِيَّة فِي ظِلِّ الضُّغُوط الْمُتَزَايِدَة لِلْعَوْلَمَة الثَّقَافِيَّة. وَتَظَلُّ إدَارَة هَذِه التَّحَدِّيَات وَالْفُرَص عَلَى نَحْوِ مُتَوَازِن وَشَامِلٌ مِنْ أَبْرَزِ التَّحَدِّيَات الَّتِي تُوَاجِهُ المُجْتَمَعَاتِ فِي الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ الْحَالِيّ.
_ تَأْثِير التَّحَوُّل الرَّقْمِيّ عَلَى هَوِيِّة الْمُؤَسَّسَات
إنْعَكَسَ التَّحَوُّل الرَّقْمِيّ أَيْضًا عَلَى هَوِيِّة الْمُؤَسَّسَات وَ الشَّرِكَات، حَيْثُ أَصْبَحَتْ الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة لِلْمُؤَسَّسَة هِيَ الْوَاجِهَة الرَّئِيسِيَّةِ الَّتِي تَعْكِس قِيَمِهَا وَرِسَالَتِهَا وَصُورَتُهَا فِي أَذْهَانِ الْجُمْهُورِ. فَمَنْ خِلَال التَّوَاجُد الرَّقْمِيّ عَبَّر المَوَاقِعِ الإِلكِتْرُونِيَّةِ وَالْحِسَابَات عَلَى وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ، تَسْتَطِيع الْمُؤَسَّسَات بِنَاء عَلَامَة تِجَارِيَّة قَوِيَّة وَتَعْزِيز مَصْدَاقِيتِهَا وَثَّقَة الْعُمَلَاء بِهَا. كَمَا تُتِيحُ لَهَا التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ فُرَصًا لِتَفَاعل مُبَاشِرٍ مَعَ الْجُمْهُورِ وَفُهِم ادإحْتِيَاجَاتِهِمْ بِشَكْل أَفْضَلُ. فِي الْمُقَابِلِ، تَوَاجَه الْمُؤَسَّسَات تَحَدِّيَات فِي الْحِفَاظِ عَلَى هَوِيتُهَا الرَّقْمِيَّة الْمُتَمَاسِكَة فِي ظِلِّ سُرْعَةَ التَّغَيُّرِ التِّكْنُولُوجْيّ وَتَزَايُدِ الْمُنَافَسَة، مِمَّا يَتَطَلَّب إسْتِرَاتِيجِيَّات مُتَطَوِّرَة لِإِدَارَة الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة. أَنَّ التَّحَوُّلَ الرَّقْمِيّ قَدْ أَحْدَثَ تَغْيِيرَات جَوْهَرِيَّةٌ فِي طَرِيقَة عَمِل الْمُؤَسَّسَات وَالشَّرِكَات وَفِي كَيْفِيَّةِ تَوَاصُلَهَا مَعَ جُمْهُورُهَا. أَصْبَحْت الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة لِلْمُؤَسَّسَة هِيَ الْوَاجِهَة الرَّئِيسِيَّةِ الَّتِي تَعْكِس قِيَمِهَا وَرِسَالَتِهَا وَصُورَتُهَا فِي أَذْهَانِ الْجُمْهُور. فَالتَّوَاجُد الرَّقْمِيّ عَبَّر الْمَوَاقِعِ الْإِلكِتْرُونِيَّةِ وَالْحِسَابَات عَلَى وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ أَصْبَح الْمَدْخَل الْأَوَّل لِلتَّعَرُّفِ عَلَى الْمُؤَسَّسَة وَتَكْوِين إنْطِبَاع عَنْهَا. تُتِيح التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ لِلْمُؤَسَّسَات فُرْصَة لِبِنَاء عَلَامَة تِجَارِيَّة قَوِيَّة وَتَعْزِيز مَصْدَاقِيتِهَا وَثَّقَهُ الْعُمَلَاء بِهَا. فَمَنْ خِلَال التَّوَاصُل الْمُبَاشِر وَالْفَعَال مَعَ الْجُمْهُورِ عَبَّر الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةُ، تَسْتَطِيع الْمُؤَسَّسَات التَّعَرُّفِ عَلَى إحْتِيَاجَاتِهِمْ وَإهْتِمَامَاتِهِمْ بِشَكْلٍ أَفْضَل وَتَلْبِيَتُهَا بِطَرِيقَة مُخَصِّصَة. مَعَ سُرْعَةِ التَّغَيُّرِ التِّكْنُولُوجْيّ وَتَزَايُدِ الْمُنَافَسَة، تَوَاجَه الْمُؤَسَّسَات تَحَدِّيَات فِي الْحِفَاظِ عَلَى هَوِيتُهَا الرَّقْمِيَّة الْمُتَمَاسِكَة. فَالْتَكَيَّف الْمُسْتَمِرُّ مَع التَّطَوُّرَات التِّقْنِيَّة وَالْحِفَاظُ عَلَى إتِّسَاق الرِّسَالَة وَالصُّورَة الذِّهْنِيَّة عَبَّر مُخْتَلَف الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةُ أَصْبَحَ أَمْرًا ضَرُورِيًّا. عَلَى الْمُؤَسَّسَات وَضَع إسْتِرَاتِيجِيَّة مُتَكَامِلَة لِإِدَارَة هَوِيتُهَا الرَّقْمِيَّة تَتَضَمَّن عَنَاصِر مِثْل تَحْدِيد الرِّسَالَة وَالْقَيِّم وَالصُّورَة الْمَرْغُوبَة، وَخُطَط التَّوَاصُلِ عَبْرَ الْمَنْصَات الرَّقْمِيَّةُ الْمُخْتَلِفَة، وَآلِيَّات قِيَاس الْأَدَاء وَالتَّحْسِين الْمُسْتَمِرّ. يَجِبُ عَلَى الْمُؤَسَّسَات الْحفَّاظُ عَلَى إتِّسَاق الرِّسَالَة وَالصُّورَة الذِّهْنِيَّةُ الَّتِي تَعْكِسُهَا عَبَّر مُخْتَلَف قَنَوَات التَّوَاصُل الرَّقْمِيّ، بِمَا فِي ذَلِكَ المَوَاقِعِ الإِلكِتْرُونِيَّةِ وَالْحِسَابَات عَلَى وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَتَطْبِيقَات الْهَوَاتِفِ الذَّكِيَّةِ. هَذَا الِإتِّسَاق يُسَاعِدُ فِي بِنَاءِ ثِقَة الْجُمْهُور وَتَعْزِيز هَوِيِّة الْمُؤَسَّسَة. كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَسَّسَات الِإسْتِفَادَةِ مِنَ التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ لِإِقَامَة تَفَاعُل مُبَاشِر وَفَعَال مَع جُمْهُورُهَا، مِنْ خِلَالِ الرَّدِّ عَلَى إسْتِفْسَارَات الْعُمَلَاء، وَالْمُشَارَكَةِ فِي الْمُنَاقَشَات عَلَى وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ، وَتَلَقِّي رُدُود الْفِعْل وَالِإقْتِرَاحٍات. هَذَا التَّفَاعُلُ يُسَاعِدُ فِي فَهْمِ إحْتِيَاجَات الْجُمْهُور وَمَخَاوِفَهم وَ تَلْبِيَتُهَا بِشَكْلٍ أَفْضَل. مَعَ التَّطَوُّر الْمُتَسَارِع فِي التِّكْنُولُوجْيَا وَالتَّغَيُّرَات فِي سَلُوكَيَّات الْمُسْتَخْدِمِين، يَجِبُ عَلَى الْمُؤَسَّسَات أَنْ تَكُونَ مَرِنَّة فِي التَّكَيُّف مَعَ هَذِهِ التَّغَيُّرَاتُ وَتَحْدِيث إسْتِرَاتِيجِيَّتها الرَّقْمِيَّةُ بِإسْتِمْرَار. فَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّجْدِيدِ وَالِإبْتِكَار فِي إدَارَةِ الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة أَصْبَحْت ضَرُورَة لِضَمَان بَقَاء الْمُؤَسَّسَة وَتَعْزِيز تَنَافُسِيَتَها. بِإِجْمَال، فَإِنَّ التَّحَوُّلَ الرَّقْمِيّ قَدْ أَحْدَثَ تَغْيِيرَات جِذْرِيَّة فِي طَرِيقَة عَمل الْمُؤَسَّسَات وَالتَّوَاصُل مَع جُمْهُورُهَا، مِمَّا يَتَطَلَّب مِنْهَا إعَادَةِ النَّظَرِ فِي إسْتِرَاتِيجِيَّات إدَارَةُ هَوِيتُهَا الرَّقْمِيَّة لِضَمَان بَقَائِهَا وَتَعْزِيز مَكَانَتَهَا فِي الْبِيئَةِ التَّنَافُسِيَّة. أَنَّ مَسْأَلَةَ الْأَخْلَاق وَالْهَوِيَات الرَّقْمِيَّةُ فِي الْعَصْرِ الْحَالِيّ هِيَ مَوْضُوعُ مُعَقَد وَمُتَشَعِّب يَتَطَلَّب جُهُودًا مُتَكَامِلَة مِنْ مُخْتَلَفِ الْأَطْرَاف لِمُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَاتِ النَّاشِئَة وَصِيَاغَة رُؤْيَة أَخْلَاقِيَّة وَهُوَيَاتِيَّة مُتَّسِقَة مَع عَالَمِنَا الْمُتَطَوِّر. هَذَا التَّحَوُّلِ الرَّقْمِيّ السَّرِيع يَتَطَلَّب إعَادَة تَقْيِيم لِلْمَفَاهِيم الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة وَإِيجَاد حُلُول مُبْتَكَرَة تَتَنَاسَبُ مَعَ طَبِيعَةِ الْعَصْر الْحَالِيّ. وَيَتَطَلَّب أَيْضًا زِيَادَةُ الْوَعْي وَالتَّثْقِيف الْمُجْتَمَعي لِتَمْكِينِ الْأَفْرَادِ مِنْ التَّعَامُلِ بِحِكْمَة مَع التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة وَالهَوِيَاتِيَّة النَّاشِئَةُ. مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الْجُهُود الْمُتَكَامِلَة، يُمْكِنُنَا صِيَاغَة رُؤْيَة أَخْلَاقِيَّة وَهُوَيَاتِيَّة مُتَّسِقَة مَع عَالَمِنَا الْمُتَطَوِّر وَالْحِفَاظِ عَلَى قِيِّمِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْكَرَامَةِ فِي ظِلِّ هَذَا التَّحَوُّلِ الرَّقْمِيّ.
#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ : -الْجُزْءُ الثَّانِي-
-
الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ -الْجُزْءُ الْأَوَّل-
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : الْوَاقِع الِإفْتِرَاضِي
-
أَخْلَاقِيَّات الذَّكَاءُ الِإصْطِنَاعِيّ -الْجُزْءُ الثَّان
...
-
أَخْلَاقِيَّات الذَّكَاءُ الِإصْطِنَاعِيّ -الْجُزْءُ الْأَوّ
...
-
الْعَقْل التِّقَنِيّ ؛ -الْجُزْءِ الثَّانِي-
-
الْعَقْل التِّقَنِيّ -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
-
الوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الثَّانِي-
-
اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
-
عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ
-
الْبَيُولُوجْيَا الِإصْطِنَاعِيَّة
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْأَمْن الْبَيُولُوجِيّ
-
أَخْلَاقِيَّات التِّكْنُولُوجْيَا
-
فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
-
فَلْسَفَةُ التِّكْنُولُوجْيَا : -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
-
التِّكْنُولُوجْيَا
-
أَخْلَاقِيَّات الْبَحْثُ الْعِلْمِيّ
-
أَخْلَاقِيَّات الْإِعْلَام
-
الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
-
الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة :-الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
المزيد.....
-
بسمة بوسيل ورهف الحربي تتألقان بوشاح للرأس في مهرجان البندقي
...
-
فستان شفاف...كيم كارداشيان تفاجئ متابعيها في مهرجان البندقية
...
-
رابطة علمية دولية: إسرائيل ترتكب -إبادة جماعية- في غزة
-
حماية المستهلك تتهم شوكولاتة ميلكا بـ-الخداع والتضليل-
-
التحضيرات على قدم وساق لتقديم أكبر عرض عسكري في تاريخ الصين
...
-
لماذا يدير مودي ظهره لترامب الآن ويتجه إلى عدوه التاريخي؟
-
غارديان: إسرائيل تقتل الصحفيين بغزة حتى لا يرى العالم ما تفع
...
-
صحف عالمية: إستراتيجية نتنياهو ومساعيه للسيطرة الإعلامية فشل
...
-
الجيش الأردني يحبط تهريب مخدرات عبر بالونات
-
4 قتلى جراء سقوط مروحية عسكرية شمال باكستان
المزيد.....
-
الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي
...
/ فارس كمال نظمي
-
الآثار العامة للبطالة
/ حيدر جواد السهلاني
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|