|
الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ : -الْجُزْءُ الثَّانِي-
حمودة المعناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 22:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
_ الْعَلَاقَةُ بَيْنَ الهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ وَالْأَخْلَاق مِنْ مَنْظُورٍ فَلْسَفِيّ
يُنْظَر الْفَلَاسِفَة وَالْبَاحِثُون إلَى الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ وَ الْأَخْلَاق مِنْ زَوَايَا مُخْتَلِفَةٌ، وَقَدْ تَنَاوَلُوا هَذَا الْمَوْضُوعِ مِنْ زَوَايَا فِكْرِيَّة وَأَكَادِيمِيَّة مُتَعَدِّدَة. . الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة وَتَحَدِّيَات الْأَخْلَاق يَرَى الْكَثِيرِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ أَنَّ ظُهُورَ الهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ يُشْكِل تَحَدِّيَات جَدِيدَةً عَلَى مُسْتَوَى الْأَخْلَاقِ وَالْقِيَمِ. فَبُرُوز هَذِه الْهِوَيَات الِإفْتِرَاضَيَة عَلَى مَنَصَّات التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَفِي بَيْئَات التِّقْنِيَّة الرَّقْمِيَّة أَدَّى إلَى مَجْمُوعَة مِنْ التَّسَاؤُلَات وَ الْإِشْكَالَيْات الْأَخْلَاقِيَّة: 1. الْخُصُوصِيَّة وَالشَّفَّافِيَّة : مَا هِيَ حُدُودُ الْخُصُوصِيَّةِ فِي ظِلِّ إِمْكَانِيَّة مُرَاقَبَة وَتَتَبُّع السُّلُوكِيات الرَّقْمِيَّةِ لِلْأَفْرَاد؟ وَإِلَى أَيِّ مَدًى يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ شَفَّافَة وَقَابِلَة لِلِإطِّلَاع عَلَيْهَا؟ 2. الْهُوِيَّة الْمُتَعَدِّدَة وَالتَّمْثِيل الذَّاتِيّ : هَلْ تَعَدَّد الهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ لِلْفَرْد الْوَاحِدُ يُعَدُّ تَضِلُّيلا أَوْ إنْفِصَامَا فِي الشَّخْصِيَّةِ؟ وَمَا هِيَ الْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة لِلتَّمْثِيل الذَّاتِيّ الصَّادِقُ فِي الْفَضَاءِ الرَّقْمِيّ؟ 3. الْعَلَاقَاتِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالتَّوَاصُل : كَيْفَ تُؤَثِّرُ الهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ عَلَى طَبِيعَةِ الْعَلَاقَاتِ وَالتَّوَاصُل الِإجْتِمَاعِيّ؟ وَهَلْ ثَمَّة تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة فِي هَذَا السِّيَاق؟ 4. الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة وَالسُّلْطَة : مَا هِيَ الْأثَار الْأَخْلَاقِيَّة لِسَيْطَرَة مَنَصَّات التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَشَرِكَات التِّكْنُولُوجْيَا عَلَى بِنَاء الهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ وَتَشْكِيلِهَا؟ تَتَنَاوَلُ الْأَدَبِيَّات الْفَلْسَفِيَّة هَذِه التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة مِنْ زَوَايَا نَظَرِيَّة مُتَنَوِّعَة: 1. الْمُقَارَبَة الْوُجُودِيَّة: يَنْظُرُ الْبَعْضِ إلَى الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة كَتِجَسيد جَدِيدٍ لِلْوُجُود الْإِنْسَانِيُّ فِي الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ، مِمَّا يَتَطَلَّب إعَادَة صِيَاغَة مَفَاهِيم الْأَخْلَاقِ وَالْقِيَمِ فِي ضَوْءِ هَذَا التَّحَوُّلِ. 2. الْمُقَارَبَة الأنْطِوَلُوجِيَّة: يَرَى آخَرُونَ أَنْ الهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ تُشْكِل وَاقِعًا أنْطُولُوجِيّاً جَدِيدًا لَهُ خُصُوصِيَّتِه، مِمَّا يَسْتَدْعِي إعَادَةَ النَّظَرُ فِي أُسِّس الْأَخْلَاق التَّقْلِيدِيَّة وَتَطْوِيرِهَا لِتَتَنَاسَب مَعَ هَذَا الْوَاقِعِ الْمُتَغَيِّر. 3. الْمُقَارَبَة التَّوَاصُلِيَّة: يُنْظَرُ بَعْضُ الْفَلَاسِفَةِ إلَى التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة لِلّْهَوِيَات الرَّقْمِيَّةِ مِنْ زَاوِيَةٍ فَلْسَفَة التَّوَاصُل، مُسَلِّطِين الضَّوْءَ عَلَى إشْكَالَيْات التَّفَاعُلِ وَالتَّمْثِيل الذَّاتِيِّ فِي الْفَضَاءِ الرَّقْمِيّ. 4. الْمُقَارَبَة النَّقْدِيَّة: يَنْتَقِدْ آخَرُون الْأبْعَاد الْأَيْدُيُولُوجِيَّة وَ السِّيَاسِيَّةِ لِلّْهَوِيَات الرَّقْمِيَّةِ، وَ يَرَوْنَ أَنَّهَا تَحْمِلُ فِي طَيَاتها مَخَاطِرُ أَخْلَاقِيَّة تَتَعَلَّق بِالسَّيْطَرَة وَالتَّحَكُّم وَالنُّفُوذ. تُشْكِل الهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ تَحَدِّيَات جَدِيدَةً عَلَى مُسْتَوَى الْأَخْلَاقِ وَالْقِيَمِ، وَقَدْ تَنَاوَلَ الْفَلَاسِفَة هَذِهِ الْعَلَاقَةِ مِنْ زَوَايَا نَظَرِيَّة مُتَنَوِّعَة. فَمِنْ الْمَنْظُور الْوُجُودِيّ وَالِأنْطِولُوجِيّ، ثَمَّةَ ضَرُورَةٍ لِإِعَادَة صِيَاغَة الْأَخْلَاقِ فِي ضَوْءِ هَذَا الْوَاقِعِ الرَّقْمِيّ الْمُتَغَيَّرِ. كَمَا أَنَّ التَّحْلِيلَات التَّوَاصُلِيَّة وَالنَّقْدِيَّةُ تُسَلِّطُ الضَّوْءَ عَلَى إشْكَالَيْات الْخُصُوصِيَّةُ وَالسُّلْطَة وَالتَّمْثِيل الذَّاتِيِّ فِي هَذَا السِّيَاقِ. وَبِشَكْل عَامٍ، فَإِنْ هَذِهِ الدِّرَاسَاتِ الْفَلْسَفِيَّة تُؤَكِّدُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ تَطْوِير أُطُرٍ أَخْلَاقِيَّة جَدِيدَة تَتَنَاسَبُ مَعَ دِينَامِيكِيَّات الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ.
_ الْأَخْلَاقِ وَالهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ : إشْكَالَيْات فَلْسَفِيَّة
الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ الَّذِي نَعِيشُه قَدْ فَرَضَ تَحَدِّيَات جَدِيدَةً عَلَى مَفْهُومِ الْأَخْلَاق وَالهَوِيَّة. مَعَ التَّقَدُّمِ السَّرِيعُ فِي التِّكْنُولُوجْيَا وَالذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ، ظَهَرَتْ مُعْضِلَات أَخْلَاقِيَّة مُعَقَّدَة لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً مِنْ قِبَلِ. كَمَا أَنَّ تَشَكُل الهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ أَصْبَحَ لَهُ تَأْثِيرٌ كَبِيرٌ عَلَى هَوِيَاتِنَا الْحَقِيقِيَّةِ وَعَلَى الْمُجْتَمَعِ كَكُلٍّ. لَقَدْ ظَهَرَتْ الْعَدِيد مِنْ المَخَاوِف حَوْلَ مَا إذَا كَانَتْ الأُطُرِ الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة المُتَجَذِّرَة فِي التَّقَالِيد الدِّينِيَّةِ وَالفَلْسَفِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّة قَادِرَةً عَلَى مُعَالَجَةِ هَذِهِ الْمُعْضِلَات الْجَدِيدَة. هُنَاك مُنَاقَشَات مُتَوَاصِلَة حَوْلَ مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ حَاجَةٌ إلَى نَهْج أَخْلَاقِيّ جَدِيد يَتَمَاشَى مَعَ عَالَمِنَا الْمُتَطَوِّر. وَعَلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَإِنْ رَفَضَ هَذِه الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة الرَّاسِخَة بِالْكَامِل قَدْ يُؤَدِّي إلَى فَرَاغِ أَخْلَاقِيّ خَطِير. هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُعَقَّدَة وَمُتَعَدِّدَة الْجَوَانِب بِالْفِعْل. يُثِير هَذَا سُؤَال الْعَدِيدِ مِنَ النِّقَاطِ الْهَامَة حَوْل التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة النَّاشِئَةِ فِي عَالَمِنَا الْمُتَغَيِّر. بِالتَّأْكِيد، هُنَاك بَوَاعِث قَلَق مَوْضُوعِيَّة حَوْل قُدْرَةِ الأُطُرِ الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة الْمُسْتَمَدَّةِ مِنْ التَّقَالِيد الدِّينِيَّةِ وَالفَلْسَفِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّة عَلَى التَّعَامُلِ مَعَ الْمُعْضِلَات الْأَخْلَاقِيَّة الْمُعَقَّدَةِ الَّتِي يُوَاجِهُهَا مُجْتَمَعِنَا الْيَوْم. يَرْجِعُ ذَلِكَ جُزْئِيًّا إلَى أَنْ هَذِهِ الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة الَّتِي قَدْ تَمَّ تَطْوِيرِهِا فِي سِيَاقَات تَارِيخِيَّة وَثَقَافِيَّة مُخْتَلِفَة لِلْغَايَة عَنْ الْوَاقِعِ الْمُعَاصِر. بَعْضِ الْأَمْثِلَةِ عَلَى التَّحَدِّيَاتِ الْجَدِيدَةِ الَّتِي تُوَاجِهُ الْإِطَار الْأَخْلَاقِيّ التَّقْلِيدِيّ تَشْمَل: التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة السَّرِيعَة مِثْل الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَالرُّوبُوتَات وَالْمَوْضُوعَاتُ البِيئِيَّة الْعَالَمِيَّة مِثْلَ تَغَيُّرِ الْمُنَاخِ وَالتَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ. هَذِهِ الْقَضَايَا تَطْرَحُ تَسَاؤُلَات أَخْلَاقِيَّة مُعَقَّدَة لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي السِّيَاقَاتِ الَّتِي تَطَوَّرَتْ فِيهَا الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة. لِذَلِكَ، لَيْسَ مِنْ المُفَاجِئ أَنَّ هُنَاكَ مُنَاقَشَات مُتَوَاصِلَة حَوْل الْحَاجَةِ إلَى تَطْوِيرٍ إِطَار أَخْلَاقِيّ أَكْثَر مُلَاءَمَة لِلطَّبِيعَة الْمُتَغَيِّرَة لِلتَّحْدِيات الْأَخْلَاقِيَّة الْمُعَاصِرَة. هَذَا النَّهْجِ الْأَخْلَاقِيّ الْجَدِيدُ قَدْ يَسْتَمِدُّ مِنْ الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة، لَكِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَتَطَوَّر وَيَتَكَيَّف لِمُعَالَجَة الْمَوْضُوعَات وَالِإعْتِبَارَات الْأَخْلَاقِيَّة النَّاشِئَة. بَعْضُ السِّمَات الْمُقْتَرَحَة لِهَذَا النَّهْج الْأَخْلَاقِيّ الْمُتَطَوِّر تَشْمَل: - وِجْهَةُ نَظَرِ أَكْثَر شُمُولِيَّة وَعَالَمِيَّة تَأْخُذُ فِي الِإعْتِبَارِ التَّأْثِيرَات الْعَالَمِيَّة وَالْأثَار طَوِيلَة الْمَدَى لِلْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة. - مَنْهَجِيَّة أَكْثَرَ مُرُونَةً وَقُدْرَةٌ عَلَى التَّكَيُّفِ مَعَ التَّغْيِيرَاتِ السَّرِيعَة فِي الْمُجْتَمَعِ وَالتِّكْنُولُوجْيَا - تَرْكِيز أَكْبَرُ عَلَى الْمَسْؤُولِيَّة الْجَمَاعِيَّة وَالسِّيَاقِيَّة بَدَلًا مِنْ الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ الْمُطْلَقَة - إدْمَاج وَجِهَات نَظَر مُتَنَوِّعَةً مِنْ التَّخَصُّصَات الْمُخْتَلِفَة وَ الثَّقَافَات الْمُتَعَدِّدَة فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ، يُعْتَبَرُ رَفَض الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة الرَّاسِخَة تَمَامًا أَمْرًا خَطِيرًا، حَيْثُ قَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى فَرَاغِ أَخْلَاقِيّ خَطِير. تَلْعَب هَذِه الأَطْر الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة دُورًا حَيَوِيًّا فِي تَشْكِيلِ قِيَمَ وَأَخْلَاقَ الْمُجْتَمَع. إذَا تَمَّ التَّخَلِّي عَنْهَا بِالْكَامِل دُون إحْلَال بَدْيل قَوِيّ مَحَلِّهَا، فَقَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى إنْهِيَار الْأَسَاس الْأَخْلَاقِيّ لِلْمُجْتَمَع. بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ، الحَلُّ الْأَنْسَب هُوَ مُحَاوَلَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَفْكَار وَ الْمَبَادِئ الْأَخْلَاقِيَّة الْأَسَاسِيَّة لِلتِّقَالِيد التَّارِيخِيَّة مَع مَنْهَجِيَّة أَكْثَرَ مُرُونَةً وَقُدْرَةٌ عَلَى التَّكَيُّفِ لِمُعَالَجَة التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة الْحَدِيثَة. هَذَا النَّهْجِ الْمُتَوَازِن يُمْكِنُ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى الْجَوَانِبِ الْمُفِيدَة وَالضَّرُورِيَّة للأَنِظَمِة الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة مَعَ إدْخَالِ التَّحْسِينَات وَالتَّعْدِيلَات اللَّازِمَةِ لِتِلْبِيَة إحْتِيَاجَات الْمُجْتَمَع الْمُعَاصِر. لَا شَكَّ أَنَّ هُنَاكَ حَاجَةٌ مُلِحَّة لِإِيجَاد طَرِيقَة جَدِيدَةً لِلتَّفْكِيرِ فِي الْأَخْلَاقِ وَالْقِيَمِ فِي عَالَمِنَا الْمُتَغَيِّر. وَمَعَ ذَلِكَ، يَجِبُ أَنْ تَتِمَّ هَذِهِ العَمَلِيَّةِ بِحَذَر وَتَوَازُن لِتَجَنُّب أَيْ فَرَاغِ أَخْلَاقِيّ خَطِير. الْمَطْلُوبَ هُوَ نَهْجُ مُتَطَوِّر قَادِرٌ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَفْكَار الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة وَالِإحْتِيَاجَات الْأَخْلَاقِيَّة الْجَدِيدَة لِلْمُجْتَمَع.
_ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْأَخْلَاق وَالْحَقِيقَة
هُنَاكَ تُحَدّ كَبِيرٌ فِي التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْأَخْلَاق وَالْحَقِيقَة. عَلَى مُسْتَوَى الْعَالَمِ الإفْتِرَاضِي وَ الهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ. فِي الْمَاضِي، رَبَطَتْ الْعَدِيدِ مِنَ الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة بَيْنَ هَذَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ، بِإفْتِرَاض أَنَّ مَا هُوَ أَخْلَاقِيّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَيْضًا. وَ مَعَ ذَلِكَ، فِي عَالَمِنَا الْمُتَزَايِد تَعْقِيدًا وَدِقَّة، قَدْ لَا يَسْتَمِرُّ هَذَا التَّكَافُؤ. غَالِبًا مَا نَوَاجه مَوَاقِفُ تَتَحَدَّى فِيهَا الْحَقَائِق الْعِلْمِيَّة حَدْسٌنا الْأَخْلَاقِيّ، أَوْ حَيْثُ تَبْدُو الضَّرُورَات الْأَخْلَاقِيَّة مُتَعَارِضَة مَع الْحَقَائِق التَّجْرِيبِيَّة فِي الْعَدِيدِ مِنَ الْمَوَاقِف، قَدْ تَتَحَدَّى الْحَقَائِقَ الْعِلْمِيَّةَ حَدْسٌنا الْأَخْلَاقِيّ، أَوْ قَدْ تَبْدُو الضَّرُورَات الْأَخْلَاقِيَّة مُتَعَارِضَة مَع الْحَقَائِق التَّجْرِيبِيَّة. هَذَا يَطْرَحُ تَسَاؤُلَات حَوْلَ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْأَخْلَاق وَالْحَقِيقَة وَكَيْفَ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا. فِي مَجَالِ الْبُحُوث الطِّبِّيَّةِ، قَدْ تُؤَدِّي التَّجَارِبُ عَلَى الْبَشَرِ إلَى نَتَائِج عِلْمِيَّة مُهِمَّة وَحَقَائِق جَدِيدَة. وَمَعَ ذَلِكَ، قَدْ تَكُونُ هَذِهِ التَّجَارِب مُثِيرَة لِلْجَدَل مِنَ النَّاحِيَةِ الْأَخْلَاقِيَّة إذَا كَانَتْ تَنْطَوِي عَلَى مُعَانَاةِ أَوْ إنْتِهَاكِ لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ. هُنَا، تَتَعَارَضُ الْحَقِيقَة الْعِلْمِيَّة مَعَ الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّة. فِي مَجَالِ الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَصَنَع الْقَرَارَ، قَدْ تُوَلِّدُ الْخَوَارِزْمِيَّات نَتَائِجُ دَقِيقَة وَمَوْضُوعِيَّة إسْتِنَادًا إلَى الْبَيَانَات. وَمَعَ ذَلِكَ، قَدْ تُؤَدِّي هَذِه النَّتَائِجُ إِلَى قَرَارَات تَمْيِيزَيْة أَوْ مُجْحِفَة مِنَ النَّاحِيَةِ الْأَخْلَاقِيَّة. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، قَدْ تُسْتَخْدَمُ أَنْظِمَة الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ لِتَحْدِيد الْقُرُوض أَوْ التَّوْظِيفَ بِطَرِيقَة تُمَيَّزُ ضِدّ بَعْض الْمَجْمُوعَات. هُنَا، تَتَعَارَضُ الْحَقِيقَة الْعَلَمِيَّةَ مَعَ الْعَدَالَةِ وَالْإِنْصَاف الْأَخْلَاقِيَّ. فِي عَصْرِ الْمَعْلُومَات الرَّقْمِيَّة، يُمْكِن نَشْر مَعْلُومَات كَاذِبَةٌ بِسُرْعَة كَبِيرَةً. قَدْ تَكُونُ هَذِهِ الْمَعْلُومَاتِ دَقِيقَةٌ مِنْ النَّاحِيَةِ الفَنِّيَّة وَلَكِنَّهَا مُضَلِّلَة تَنْطَوِي عَلَى أَجْنَدة سِيَاسِيَّة أَوْ إجْتِمَاعِيَّة غَيْر أَخْلَاقِيَّة. هُنَا، قَدْ تَتَعَارَضُ الْحَقِيقَة الْمَنْشُورَة مَعَ الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ لِلنَّزَاهَة وَالشَّفَّافِيَّة. هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ تُوَضِّحُ أَنَّ الْعَلَاقَةَ بَيْنَ الْأَخْلَاق وَالْحَقِيقَة لَيْسَتْ بَسِيطَة أَوْ مُبَاشَرَةٍ. فِي الْعَدِيدِ مِنَ الْحَالَاتِ، قَدْ تَتَعَارَضُ الْحَقَائِقَ الْعِلْمِيَّةَ مَع الِإعْتِبَارَات الْأَخْلَاقِيَّة. لِذَلِكَ، هُنَاكَ حَاجَةٌ إلَى مَنْهَجِيَّة مُتَكَامِلَة تُرَاعِي كِلَا الْجَانِبَيْنِ وَتُحَاوِل إيجَاد تُوَازِن بَيْنَهُمَا. هَذَا التَّوَازُنِ قَدْ يَتَطَلَّب إجْرَاء مُنَاقَشَات عَمِيقَةً بَيْنَ الْخُبَرَاء فِي مُخْتَلَفٍ الْمَجَالَات - الْعُلُوم وَالْأَخْلَاق وَالْقَانُون وَالسِّيَاسَة. قَدْ يَتَطَلَّبُ ذَلِكَ أَيْضًا وَضْعُ إِطَار عَمِل أَخْلَاقِيّ شَامِل يُمْكِن تَطْبِيقُهُ عَلَى التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة وَالْعَلَمِيَّة الْجَدِيدَة. الْهَدَفَ هُوَ إيجَادُ طَرِيقَة لِلِإسْتِفَادَةِ مِنْ الْحَقَائِقِ الْعَلَمِيَّةَ مَعَ الْحِفَاظِ عَلَى الْقَيِّمِ الْأَخْلَاقِيَّة الْأَسَاسِيَّة. يُوَضِّحُ هَذَا الْمَوْضُوعِ أَنْ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْأَخْلَاق وَالْحَقِيقَة لَيْسَتْ بَسِيطَة أَوْ مُبَاشَرَةٍ. فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْيَانِ، قَدْ تَتَعَارَضُ الْحَقَائِقَ الْعِلْمِيَّةَ مَع الِإعْتِبَارَات الْأَخْلَاقِيَّة. لِذَلِكَ، هُنَاكَ حَاجَةٌ إلَى مَنْهَجِيَّة مُتَكَامِلَة تُحَاوِل التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ الْمُهِمَيْن. هَذَا يَتَطَلَّب حِوَارًا مُسْتَمِرًّا بَيْنَ مُخْتَلِفِ الْخُبَرَاء وَ التَّوَصُّلُ إلَى إِطَار عَمَل أَخْلَاقِيّ شَامِل يُمْكِن تَطْبِيقُهُ عَلَى التَّطَوُّرَات الْجَدِيدَة.
_ الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ: التَّحَدِّيَات وَالتَّأْثِيرَات عَلَى الْهُوِيَات الْحَقِيقِيَّةِ
ظَهَرَتْ تَحَدِّيَات جَدِيدَةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَشْكِيل الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ وَتَأْثِيرِهَا عَلَى هَوِيَاتِنَا الْحَقِيقِيَّةِ. مَعَ التَّزَايُد الْمُسْتَمِرّ لِلتَّوَاصُل وَالتَّفَاعُل الرَّقْمِيّ، أَصْبَحْت الْهوَيَات الرَّقْمِيَّةِ لِلْأَفْرَاد وَ المُؤَسَّسَات أَكْثَر أَهَمِّيَّةً مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى. وَيُثِير هَذَا الْأَمْرِ الْعَدِيدِ مِنَ الْأَسْئِلَةِ حَوْلَ مَا إذَا كَانَ الْأفْرَادُ يَعْكِسُون هَوِيَاتِهِمُ الْحَقِيقِيَّةِ فِي التَّفَاعُلَات الِإفْتِرَاضَيَة أَمْ يَمِيلُونَ إلَى تَعْدِيلِهَا، وَ مَا إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ قَابِلَة لِلِإسْتِغْلَال وَ الِإسْتِهْدَاف مِنْ خِلَالِ خِطَابَاتِ الِإسْتِقْطاب وَالتَّأْثِيرُ عَلَى الْأَدْوَارِ الِإجْتِمَاعِيَّة الْوَاقِعِيَّة، تَشْكِيْلُ الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ أَصْبَحَ أَمْرًا بَالِغَ الْأَهَمِّيَّةِ فِي عَصْرِنَا الْحَالِيِّ مَعَ التَّزَايُد الْمُسْتَمِرّ لِلنَّشَاط وَالتَّفَاعُل عَبْرَ الْإِنْتَرْنِتِ. هَذَا التَّطَوُّرُ أَدَّى إلَى ظُهُورِ تَحَدِّيَات جَدِيدَةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِعَلَاقَة الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ بِالْهُوِيَات الْحَقِيقِيَّةِ لِلْأَفْرَاد وَ المُؤَسَّسَات. هُنَاكَ سُؤَالُ حَوْلَ مَدَى إنْعِكَاس الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ لِلْأفْرَادِ عَلَى هَوِيَاتِهِمُ الْحَقِيقِيَّةِ. هَلْ يَمِيلَ النَّاسُ إلَى إظْهَارِ جَوَانِبَ مُخْتَلِفَةً مِنْ أَنْفُسِهِمْ فِي الْعَالَمِ الِإفْتِرَاضِي عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ؟ هَلْ تُعَدُّ الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ مُجَرَّد "لُعْبَة" أَوْ "أَقْنِعَةٍ" لَا تَرْتَبِطُ بِشَخْصِيَّاتِهِمْ الْحَقِيقِيَّةِ؟ وَمَا هِيَ الْعَوَامِلِ الَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَى هَذَا الِإرْتِبَاطَ أَوْ عَدَمِ الِإرْتِبَاطِ بَيْنَ الهُوِيَتَيْن؟ هُنَاكَ مَخَاوِف بِشَأْن إِمْكَانِيَّة إسْتِغْلَال وَتَوْظِيف الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ لِأَغْرَاض مُعَيَّنَةٍ. فَقَدْ تُصْبِحُ هَذِهِ الْهُوِيَات عُرْضَة لِلِاسْتِهْداف مِنْ خِلَالِ خِطَابَاتِ التَّأْثِير وَالِإسْتِقْطَاب السِّيَاسِيِّ أَوْ الِإجْتِمَاعِيّ. وَيُثِير ذَلِك تَسَاؤُلَاتٍ حَوْلَ مَدَى قُدْرَة الْأَفْرَادِ عَلَى التَّحَكُّمِ فِي صُورَتِهِمْ الرَّقْمِيَّة وَحِمَايَة خُصُوصِيَّتِهِمْ فِي بِيئَة إفْتِرَاضِيَة مُتَشَعِّبَة. تَطْرَحُ الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ تَحَدِّيَات جَدِيدَةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَدْوِار الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالْمُؤَسَسِيَّة. فَالتَّمْثِيلُ الرَّقْمِيّ لِلْأَفْرَاد وَالْمُنَظَّمَات قَدْ يُؤَثِّرُ عَلَى كَيْفِيَّةِ تَفَاعُلِهِمْ مَعَ الْآخَرِينَ وَتَأْدِيَة وَظَائِفِهِمْ فِي الْعَالَمِ الْحَقِيقِيّ. وَمِنْ هُنَا تَنْشَأ أَسْئِلَةً حَوْلَ مَا إذَا كَانَتْ الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ تَعْكِس بِدِقَّة الْأَدْوَار وَالْمَسْؤُولِيَّات الْحَقِيقِيَّة، أَمْ إِنَّهَا قَدْ تُؤَدِّي إلَى إنْفِصَالِ بَيْنَ الْوَاقِعِ وَالظُّهُور عَبْر الْإِنْتَرْنِتِ. إنْ التَّأْثِيرَ الْمُتَبَادَلَ بَيْن الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ وَالْحَقِيقِيَّة هُوَ مَوْضُوعٌ جَدَل مُسْتَمِرّ. فَمِنْ نَاحِيَةِ، قَدْ تُشْكِلُ الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ فُرَصًا لِلْأَفْرَاد لِلتَّعْبِيرِ عَنْ جَوَانِبَ مُخْتَلِفَةً مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِطُرُق لَا تَكُونُ مُمْكِنَةٌ فِي الْوَاقِعِ. وَهَذَا قَدْ يُعَزِّز الْإِبْدَاع وَالتَّجْرِيب وَ تَطْوِير الشَّخْصِيَّة. مِنْ نَاحِيَةِ أُخْرَى، قَدْ تُؤَدِّي الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ إلَى تَشْوِيه أَوْ إخْتِزَال الْهُوِيَّة الْحَقِيقِيَّة لِلْأَفْرَاد. فَالتَّرْكُيز الْمُفَرِّطُ عَلَى الظُّهُورِ وَالصُّورَة الرَّقْمِيَّة قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَجَاهَلَ أَوْ إهْمَالٌ الْجَوَانِب الْعَمِيقَة وَالمُعَقَدَّة لِلشَّخْصَيْة. كَمَا أَنَّ إسْتِغْلَال الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ سِيَاسِيًّا أَوْ إجْتِمَاعِيًّا قَدْ يُؤَثِّرُ بِشَكْل سَلْبِيٌّ عَلَى الْأَدْوَارِ وَالْعَلَاقَات الْحَقِيقِيَّة لِلْأَفْرَاد. إنْ فَهْمَ التَّحَدِّيَات وَالدَّيْنُاميكَيَّات الْمُخْتَلِفَةِ الْمُرْتَبِطَة بِالْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ أَصْبَحَ أَمْرًا بَالِغَ الْأَهَمِّيَّةِ فِي عَصْرِنَا الْحَالِيّ. يَنْبَغِي عَلَى الْأَفْرَادِ وَالمُؤَسَّسَات التَّوَازُنِ بَيْنَ إسْتِغْلَال الْفُرَصِ الَّتِي تَتَيَحها الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ وَحِمَايَة هُوِيَاتّهِم الْحَقِيقِيَّةِ مِنْ الِإخْتِزَال أَوْ الِإسْتِغْلَالِ. كَمَا يَنْبَغِي تَطْوِيرَ مَنَاهِجِ تَرْبَوِيَّة وَأَطْر تَنْظُيمِيَّة لِتَوْجِيهِ إسْتِخْدَام الْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ بِطَرِيقَة مَسْؤُولَة وَأَخْلَاقِيَّة. أَنْ التَّحَدِّيَات الْمُتَعَلِّقَة بِالْهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ هِي تَحَدِّيَات مُتَعَدِّدَة الْأبْعَاد تَتَطَلَّب مُعَالَجَة مُتَعَدِّدَة الْجَوَانِب. وَيَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ - الْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات وَالْمُجْتَمَع كَكُلّ - الْمُشَارَكَةِ فِي هَذِهِ الْمُنَاقَشَاتِ وَالْبَحْثُ عَنْ حُلُولِ تُحَافِظُ عَلَى التَّوَازُنِ بَيْنَ الْحُرِّيَّةِ الرَّقْمِيَّة وَالْمَسْؤُولِيَّة الِإجْتِمَاعِيَّة.
_ التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة وَالهَوِيَاتِيَّة فِي الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ
التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة وَالهَوِيَاتِيَّة فِي الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ قَدْ إسْتَحْوَذَتْ عَلَى إهْتِمَامِ وَاسِعٌ فِي الْأَوْسَاطِ الْفِكْرِيَّة وَالعِلْمِيَّة. يَتَصَارَع الْفَلَاسِفَة مَع الْأثَار الْمَيتَافِيزِيقِيَّة لِهَذِهِ التَّغْيِيرَات، بَيْنَمَا يَدْرُس الْعُلَمَاءُ فِي مُخْتَلَفٍ التَّخَصُّصَات تَأْثِيرَاتِهَا الْمُجْتَمَعِيَّة. يُحَاوِل الْقَادَة الدِّينِيَّون التَّوْفِيقُ بَيْنَ التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة وَالْقَيِّم الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة. الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ الَّذِي نَعِيشُه قَدْ أَحْدَثَ تَحَوُّلَات جِذْرِيَّة فِي الْقِيَمِ وَالسَّلْوَكَيَّات الْأَخْلَاقِيَّةُ وَالِإجْتِمَاعِيَّةُ لِلْأَفْرَاد وَ المُجْتَمَعَات. مَعَ إنْتِشَارٍ التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ وَالِإنْتِرْنِت، ظَهَرَتْ الْعَدِيدِ مِنَ التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة وَالْهَوِيَاتِيَّة الَّتِي تَسْتَحِقُّ التَّأَمُّل وَالْمُعَالَجَةُ. مِنْ أَبْرَزِ التَّحَدِّيَات فِي هَذَا السِّيَاقِ هِيَ قَضَايَا الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة وَالْخُصُوصِيَّة. فَالتَّوَاجُد الْمُكَثَّف فِي الْفَضَاءِات الرَّقْمِيَّةِ وَ التَّفَاعُل عَبَّر وَسَائِل التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ أَدَّى إلَى إنْفِتَاحِ شِبْه كَامِلٌ عَلَى الْمَعْلُومَاتِ الشَّخْصِيَّةِ لِلْأَفْرَاد. وَأَصْبَحَتْ الْحُدُودَ بَيْنَ الْهُوِيَّة الْحَقِيقِيَّة وَالْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّةِ غَيْرُ وَاضِحَةٍ، مِمَّا طَرْح إشْكَالَيْات مُتَعَلِّقَةٌ بِحِمَايَة الْخُصُوصِيَّة وَأَمِن الْمَعْلُومَات. وَتُشِيرُ الدِّرَاسَات إلَى أَنْ الْمُمَارَسَات الْأَخْلَاقِيَّة فِي الْفَضَاءِات الرَّقْمِيَّةِ تَرْتَبِط بِطَبِيعَة الهُوِيَات الرَّقْمِيَّةِ الَّتِي تَتَشَكَّلُ فِيهَا. فَمُصِير الْخُصُوصِيَّةُ الْفَرْدِيَّة بَاتَتْ مَحْكُومَة بِبَيّْئَة تَتَعَدَّدُ فِيهَا الْمَعْلُومَاتُ الَّتِي يُمْكِنُ نَشْرُهَا وَالْحُصُول عَلَيْهَا، مِمَّا أَدَّى إلَى تَرَاجُعِ السَّيْطَرَة الْفَرْدِيَّةِ عَلَى الْمَعْلُومَاتِ الْخَاصَّةِ. كَمَا أَنَّ قَضَايَا مِلْكِيَّة الْمُحْتَوَى الرَّقْمِيّ وَحُقُوقِ الْمُلْكِيَّةِ الْفِكْرِيَّةِ أَصْبَحْت أَمْرًا ضَبَابِيّاً فِي ظِلِّ تَعَدَّد مُنْتِجِي الْمَعْلُومَات وَ الْمَعْرِفَة وَعَدَمُ مَعْرِفَةِ هَوِياتُّهُم بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ، فَقَدْ أُفْرِزَتْ الرَّقْمَنَّة أَنْمَاطًا جَدِيدَة لِلتَّفَاعُل الِإجْتِمَاعِيّ وَالتَّوَاصُل الْبَشَرِيّ، تُطْرَح تَسَاؤُلَات أَخْلَاقِيَّة حَوْل مَصْدَاقِيَة وَمُوثُّوقِيَّة الْأفْرَادُ وَالمُؤَسَّسَات النَّشِطَة فِي الْفَضَاءِات الرَّقْمِيَّةِ. فَظَاهِرَة الَّتِنمر الْإِلِكْتِرُونِيّ مَثَلًا، وَاَلَّتِي تَتَمَثَّلُ فِي السُّلُوكِيات الْعُدْوَانِيَّة وَالْمَسِيئَة عَبَّرَ الْإنْتَرْنِت، تَعْكِس تَحَدِّيَات جَدِيدَةً فِي مَجَالِ الْقِيَمِ وَالْأَخْلَاقِ. فَفِي ظِلِّ غِيَابِ الْحَوَاجِز الْجَسَدِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة التَّقْلِيدِيَّة، أَصْبَحَ مِنْ السَّهْلِ عَلَى الْبَعْضِ التَّعْبِيرِ عَنْ مَشَاعِرِ الْغَضَب وَ العُدْوَانِيَّة بِطُرُق لَا أَخْلَاقِيَّة تُجَاه الْآخَرِينَ. وَهَذَا مَا يُثِيرُ تَسَاؤُلَات حَوْلَ مَدَى تَأْثِيرِ هَذِهِ التَّفَاعُلَات الرَّقْمِيَّة عَلَى السُّلُوكِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالْأَخْلَاقِيّ لِلْأَفْرَادِ فِي الْوَاقِعِ الْمُعَاشِ. عَلَى صَعِيدِ آخَر، أَدَّتْ الرَّقْمَنَّة إلَى تَنَامي النَّزْعَة الِإسْتِهْلَاكِيَّة لَدَى الْأَفْرَادِ. فَلَمْ تَعُدْ وَظِيفَة الْأَجْهِزَةِ الرَّقْمِيَّةِ كَالْهَوَاتِفِ الذَّكِيَّةِ مُقْتَصِرَةً عَلَى الِإتِّصَالِ وَالتَّوَاصُل، بَلْ أَصْبَحَتْ "مُوضَة" تَشْغَل الْإِنْسَان وَتَغْرِقُهُ فِي الِإسْتِهْلَاكِ مِنْ أَجْلِ الِإسْتِهْلَاك. وَهَذَا مَا نَبَّهَ إلَيْه الْبَابًا فَرَنْسِيس قَبْل عَامَيْن عِنْدَمَا حَذَرٌ مِنْ "فَيْرُوسِ" الِإسْتِهْلَاكَ الَّذِي يُهَاجِم الْأَيْمَانِ مِنْ الْجُذُور. كَمَا أَنَّ التَّسَارُع الرَّقْمِيّ جَعَلَ الْإِنْسَانُ يُنْظَرُ إلَى إِمْكَانَات الشَّاشَة وَلَيْسَ إلَى عَطَايَا السَّمَاءِ، مِمَّا أَدَّى إلَى حَالَةٍ مِنْ الِإسْتِغْرَاقِ فِي الْبَحْثِ عَنْ الْجَدِيدِ الرَّقْمِيّ بِشَكْلٍ لَا يَنْتَهِي. وَ هَذَا يَطْرَحُ تَسَاؤُلَات حَوْلَ تَأْثِيرِ هَذَا التَّوَجُّهِ عَلَى الْقَيِّمِ وَ الْمَمَارَسَات الْأَخْلَاقِيَّة لِلْأَفْرَادِ فِي الْمُجْتَمَعِ. أمَامٌ هَذِهِ التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة وَالْهَوِيَاتِيَّة الْمُتَزَايِدَة فِي الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ، يَبْرُزُ دَوْرُ الْمُجْتَمَع الْمَدَنِيّ وَالمُؤَسَّسَات الْمُعْنِيَة فِي إعَادَةِ تَعْرِيف الْمَفَاهِيم وَالْقَضَايَا الْأَسَاسِيَّةَ فِي هَذِهِ الْفَضَاءِات الرَّقْمِيَّةِ التَّفَاعُلِيَة. فَالْمَنْظُمَات الْأَهْلِيَّةِ وَالمُؤَسَّسَات التَّعْلِيمِيَّة وَالإِعْلَامِيَّة مُطَالَبَة بِإِيجَاد آلِيَّات وَحُلُول لِلتَّصْدِي لِمَظَاهِرِ الَّتِنمر الْإِلِكْتِرُونِيّ وَ حِمَايَة الْخُصُوصِيَّة الرَّقْمِيَّة وَتَرْشِيد الْمُمَارَسَات الِإسْتِهْلَاكِيَّة. كَمَا أَنَّ عَلَى الْحُكُومَات وَالْجِهَات التَّشْرِيعِيَّة دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي وَضْعِ الأُطُرِ الْقَانُونِيَّة وَالتَّنْظِيمِيَّة الَّتِي تَكَفَّلَ الْحِفَّاظُ عَلَى الْقَيِّمِ الْأَخْلَاقِيَّة فِي ظِلِّ التَّطَوُّرَات الرَّقْمِيَّة المُتَسَارِعَة. وَفِي النِّهَايَةِ، يَتَطَلَّب التَّعَامُلِ مَعَ هَذِهِ التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة وَ الْهَوِيَاتِيَّة فِي الْعَصْرِ الرَّقْمِيِّ جُهُودًا مُتَضَافِرَة مِنْ مُخْتَلَفِ قِطَاعَات الْمُجْتَمَعِ، بِمَا فِي ذَلِكَ الْأَفْرَاد أَنْفُسِهِمْ. فَالتَّوَعُّيَة وَ التَّثْقِيف الرَّقْمِيّ لِتَنْمِيَة الْوَعْي الْأَخْلَاقِيّ وَمُمَارَسَات السُّلُوك الرَّقْمِيّ الْإِيجَابِيّ أَمَرَ بَالِغٌ الْأَهَمِّيَّة لِمُوَاجَهَة هَذِه التَّحَدِّيَات وَ تَعْزِيز الْقَيِّمِ فِي ظِلِّ هَذَا التَّحَوُّلِ الرَّقْمِيّ السَّرِيع.
_ الْحَاجَةُ إلَى إِطَار أَخْلَاقِيّ رَقْمِيّ فِي الْوَطَنِ الْعَرَبِيِّ
فِي مُحَاوَلَةٍ لِمُوَاجَهَة هَذِه التَّحَدِّيَات، ظَهَرَتْ حَرَكَةُ وَاسِعَة لِتَدْوِين الْأَخْلَاقَيَّات الرَّقْمِيَّةِ الْمِهَنِيَّةِ فِي الْأَنْظِمَةِ الْقَانُونِيَّة الْمُقَارَنَة. هَذِه الْأَخْلَاقَيَّات تَهْدِفُ إِلَى تَنْظِيمِ السُّلُوك الرَّقْمِيّ لِلْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات وَتَوْجِيهُه نَحْو الْمُمَارَسَات الْأَخْلَاقِيَّة. وَ مَعَ ذَلِكَ، لَا تَزَالُ بَعْض الْمُجْتَمَعَات، بِمَا فِي ذَلِكَ الْكَثِيرُ مِنْ الْمُجْتَمَعَاتِ الْعَرَبِيَّةِ، مُتَخَلِّفَة فِي هَذَا الْمَجَالِ رَغْم التَّطَوُّر الْكَبِيرِ فِي إسْتِخْدَامِ التِّقْنِيَّات الرَّقْمِيَّة وَإرْتِفَاع مُعَدَّلَات الْجَرِيمَة الرَّقْمِيَّة. رَغْمَ التَّطَوُّر السَّرِيع لِلتِّقْنِيَّات الرَّقْمِيَّة وَالِإعْتِمَاد الْمُتَزَايِد عَلَيْهَا فِي مُخْتَلَفٍ جَوَانِبِ الْحَيَاةِ فِي الْوَطَنِ الْعَرَبِيِّ، لَا تَزَالُ بُلْدَانَّنَا مُتَأَخِّرَةٌ فِي وَضْعِ إِطَار أَخْلَاقِيّ يُنَظِّم السُّلُوك الرَّقْمِيّ لِلْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات. هَذِهِ الثُّغْرَةِ الْقَانُونِيَّة تَفْتَحُ الْبَابَ أَمَامَ عِدَّة تَحَدِّيَات وَتَهْدِيدَات، مِنْ بَيْنَهَا: فِي ظِلِّ غِيَابِ قَوَانِين صَارِمَة وَآلِيَات رِقَّابِيَّة فَعَّالَة، شَهِدَتْ الْبُلْدَانِ الْعَرَبِيَّةِ إرْتِفَاعًا كَبِيرًا فِي مُعَدَّلَات الْجَرَائِم الرَّقْمِيَّة عَلَى مَرَّ السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ. وَيَشْمَلُ ذَلِكَ جَرَائِمِ السَّرِقَةِ الْإِلِكْتِرُونِيَّة، الِإحْتِيَال عَبْرَ الْإِنْتَرْنِتِ، التَنَّمُر الرَّقْمِيّ، الِإخْتِرَاق، وَإنْتِهَاك الْخُصُوصِيَّةَ مِنْ بَيْنِ أُمُورٍ أُخْرَى. فِي ظِلِّ غِيَابِ أَنْظِمَة تَنْظُيمِيَّة رَقْمِيَّة، تَنْتَشِر بِسُهُولَة الْأَخْبَارَ الْكَاذِبَةَ وَالْمَعْلُومَات الْمُضَلِّلَة عَبَّر وَسَائِل التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالْمَنْصُات الرَّقْمِيَّةِ. وَهَذَا لَهُ أثَارٌ سِياسِيَّةٌ وَإجْتِماعِيَّةٌ خَطِيرَة، حَيْثُ يُؤَدَّي إِلَى تَضْلِيل الرَّأْيِ الْعَامِّ وَتَأجيج الصِّرَاعَات. مَعَ إنْتِشَارٍ تِقْنِيَات جَدِيدَة مِثْل الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَتَحْلِيل الْبَيَانَات الضَّخْمَة، ظَهَرَتْ تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة مُهِمَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِقَضَايَا كَالْخُصُوصِيَّة، الشَّفَّافِيَّة، الْمُسَاءَلَة، وَالتَّحَيُّز. وَتَحْتَاجُ هَذِهِ الْقَضَايَا إلَى إِطَار تَنْظُيمي يَضْمَنُ الِإسْتِخْدَام الْأَخْلَاقِيّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا. فِي ظِلِّ الإنْتِهَاكَات الْأُمْنِيَة وَالتَّلَاعُب بِالْمَعْلُومَات، فَقَدْ الْجُمْهُور الثِّقَةُ فِي الْعَدِيدِ مِنَ الْمُؤَسَّسَاتِ وَالْخِدْمَات الرَّقْمِيَّة. وَهَذَا يُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى تَبَّنِي التِّقْنِيَّات الرَّقْمِيَّة وَقَبُولُهَا مِنْ قِبَلِ الْمُوَاطِنِين. لِمُوَاجَهَةِ هَذِه التَّحَدِّيَات، هُنَاكَ حَاجَةٌ مَاسَّةٌ فِي الْبُلْدَانِ الْعَرَبِيَّةِ إِلَى إِطَار أَخْلَاقِيّ رَقْمِيّ شَامِل يَضَع قَوَاعِد وَ آلِيَّات تَنْظُيمِيَّة لِضَمَانِ الْمُمَارَسَات الرَّقْمِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة. وَ يَجِبُ أَنْ يَشْمَلَ هَذَا الْإِطَارِ عَنَاصِر مِثْلَ وَضْعِ قَوَانِين وَتَشْرِيعَات صَارِمَة لِمُكَافَحَة الْجَرَائِم الرَّقْمِيَّة وَالْحَدُّ مِنْ إنْتِشَارِهَا و تَطْوِير آلِيَّات رِقَّابِيَّة فَعَّالَة عَلَى المُحْتَوَى الرَّقْمِيّ لِمَنْع إنْتِشَار الْإِخْبَار الزَّائِفَة وَالْمَعْلُومَات الْمُضَلِّلَة كَذَا تَنْظِيم إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيات النَّاشِئَةُ مِثْل الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ بِمَا يَضْمَنُ الْخُصُوصِيَّة وَالشَّفَّافِيَّة و الْمُسَاءَلَة و أَخِيرًا بِنَاء الثِّقَةُ فِي الْمُؤَسَّسَات وَالْخِدْمَات الرَّقْمِيَّة مِنْ خِلَالِ ضَمَان الْأَمْن وَ السَّرِيَّة وَالمُسَاءَلَة إنَّ إنْشَاءَ هَذَا الْإِطَارِ الْأَخْلَاقِيّ الرَّقْمِيّ الشَّامِلِ فِي الْوَطَنُ الْعَرَبِيُّ سَيَكُونُ لَهُ دُورٌ حَيَوِيّ فِي تَعْزِيزِ الْمُمَارَسَات الرَّقْمِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة، وَتَوْجِيه إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا نَحْو خِدْمَة الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَكَذَلِكَ بِنَاءُ مُجْتَمَع رَقْمِيّ أَمِن وَمُوثُوق.
_ دُور المُؤَسَّسَات الِإجْتِمَاعِيَّةِ فِي تَعْزِيزِ التَّعْبِير وَالهَوِيَّة الْحَقِيقِيَّةِ
تُؤَكِّد الْأَبْحَاث عَلَى دُورِ الْمُؤَسَّسَات الِإجْتِمَاعِيَّة، كَالتَّعْلِيم وَ الثَّقَافَة وَالْإِعْلَام، فِي خَلْقِ فُرَص وَمِسَاحَات أَفْضَلُ لِلْأَفْرَاد لِلتَّعْبِيرِ عَنْ هَوِيَاتُّهِم الْحَقِيقِيَّةُ والْحِوَار الِإجْتِمَاعِيّ الشَّامِل كَأَدَاة لِتَشْكِيل هَوِيِّة أَخْلَاقِيَّة مُتَمَاسِكَة، بَعِيدًا عَنْ خِطَابَات الِإسْتِقْطاب وَالِإسْتِدْرَاجِ عَلَى الْإِنْتَرْنِت. الْمُؤَسَّسَات الِإجْتِمَاعِيَّة كَالتَّعْلِيم وَالثَّقَافَة وَالْإِعْلَام تَلْعَبُ دَوْرًا حَيَوِيًّا فِي إِتَاحَةِ فُرَص أَفْضَل لِلْأَفْرَاد لِلتَّعْبِيرِ عَنْ هَوِيَاتُّهِم الْحَقِيقِيَّةِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي الْحِوَارِ الِإجْتِمَاعِيّ الشَّامِل. هَذِه الْمُؤَسَّسَات لَدَيْهَا الْقُدْرَةِ عَلَى تَشْكِيلِ هَوِيِّة أَخْلَاقِيَّة مُتَمَاسِكَة لِلْمُجْتَمَع، بَعِيدًا عَنْ خِطَابَات الِإسْتِقْطاب وَالِإسْتِدْرَاجِ الَّتِي يَنْتَشِرُ عَلَى الْإِنْتَرْنِت. نِظَام التَّعْلِيمِ لَهُ دُورٌ مِحْوَرَي فِي تَنْمِيَةِ قُدُرَات الْأَفْرَادِ عَلَى التَّعْبِيرِ الْحُرّ وَالتَّفْكِير النَّقْدِيّ. مِنْ خِلَالِ الْمَنَاهِج الدِّرَاسِيَّة وَ الْمَمَارَسَات التَّرْبَوِيَّةَ الَّتِي تُرَكِّزْ عَلَى إحْتِرَامِ التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ وَ الْفِكْرِيّ، وَالتَّشْجِيع عَلَى الْمُنَاقَشَة والْحِوَار الْبِنَاءِ، يَتَمَكَّنُ الطُّلَّاب مِنْ تَطْوِيرٍ هَوِيَتِهِم الشَّخْصِيَّةُ وَالِإجْتِمَاعِيَّة بِشَكْل صِحِّيّ. هَذَا يُعَزِّز ثِقَتُهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَيُمَكِّنُهُمْ مِنْ الْمُشَارَكَةِ الْفَاعِلَةِ فِي الْحَيَاةِ الْعَامَّةِ بِمَا يَتَجَاوَزُ الْخِطَابَات الْمُتَطَرِّفُة. كَذَلِك، تَلْعَب الْمُؤَسَّسَات الثَّقَافِيَّة كَالْمَتَاحِف وَالْمَسَارِح وَ الْمَرَاكِز الثَّقَافِيَّة دُورًا فِي تَعْزِيزِ الْحِوَار الِإجْتِمَاعِيّ الشَّامِلِ. مِنْ خِلَالِ تَنْظِيم أَنْشِطَة وَبَرَامِج تَعْكِس التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ لِلْمُجْتَمَع، تُسَاهِم هَذِه الْمُؤَسَّسَاتِ فِي إِتَاحَةِ مِسَاحَات لِلتَّفَاعُل وَالتَّفَاهُم الْمُتَبَادَل بَيْنَ مُخْتَلِفِ الْفِئَات وَالتَّوَجُّهَات. وَبِالتَّالِي تُسْهِمُ فِي بِنَاءِ هَوِيِّة ثَقَافِيَّة مُشْتَرَكَة تَتَّسِم بِالتَّسَامُح وَ التَّعْدِدِيَّة. فِي الْمُقَابِلِ، تَأْتِي دُورَ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ كَأَحَد الْمُؤَسَّسَات الِإجْتِمَاعِيَّة الْمُؤَثِّرَة. فَفِي ظِلّ التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة وَ الإِعْلَامِيَّة المُتَسَارِعَة، أَصْبَح لِلْإِعْلَام الْقُدْرَةِ عَلَى تَشْكِيلِ الْوَعْي الْعَامّ وَتَوْجِيه الرَّأْيِ الْعَامِّ، سَوَاءٌ عَلَى الْمُسْتَوَى الْمَحَلِّيِّ أَوْ الْعَالَمِيّ. لِذَلِكَ، يَجِبُ عَلَى وَسَائِلَ الإِعْلَامِ تَحْمِل مَسْؤُولِيَّتُهَا فِي تَعْزِيزِ قَيِّم التَّسَامُح وَالتَّفَاهُم، وَتَجَنُّب التَّرْوِيج لِخَطَأَبَات الْكَرَاهِيَةُ أَوْ التَّحْرِيضُ عَلَى الْعُنْفِ. كَمَا عَلَيْهَا التَّرْكِيزِ عَلَى تَقْدِيمِ مُحْتَوَى إِعْلَامِيّ مُتَنَوِّع وَمَتَوَازُن، يَعْكِسَ تَعَدَّدِيَّة الْمُجْتَمَعُ هَوِيَتِهِ الْمُخْتَلِفَةِ. فِي الْمُجْمَلِ، تُشْكِل الْمُؤَسَّسَات الِإجْتِمَاعِيَّة كَالتَّعْلِيم وَالثَّقَافَة وَالْإِعْلَام حَلْقَةُ وَصْلٍ حَاسِمَة بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعِ كَكُلّ. فَمَنْ خِلَال دَوْرُهَا فِي تَنْمِيَةِ قُدُرَات الْأَفْرَادِ عَلَى التَّعْبِيرِ الْحُرّ وَ التَّفْكِير النَّقْدِيّ، وَإِتَاحَة مِسَاحَات لِلْحِوَار وَالتَّفَاعُل، وَمُعَالَجَة قَضَايَا الْهُوِيَّة وَالإنْتِمَاء بِمَوْضُوعِيَّة، تُسَاهِم هَذِه الْمُؤَسَّسَاتِ فِي بِنَاءِ مُجْتَمَعٍ مُتَمَاسِك قَائِمٌ عَلَى التَّسَامُحِ وَالتَّعْدِدِيَّة، بَعِيدًا عَنْ آفَاتِ الِإسْتِقْطاب وَالتَّطَرُّف.
_ إعَادَةِ تَعْرِيفُ مَفْهُومِ الْهُوِيَّة لِيَتَجَاوَز الْحُدُود الْجُغْرَافِيَّة وَ الْمَادِّيَّة التَّقْلِيدِيَّة.
بِفَضْلِ التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ أَصْبَحَ مِنْ الْمُمْكِنِ لِلْأَفْرَاد وَ المُؤَسَّسَات إنْشَاء هَوِيَات رَقْمِيَّة مُتَعَدِّدَة تَعْكِس جَوَانِبَ مُخْتَلِفَةً مِنْ شَخْصِيَّاتٍهِمْ أَوْ أَنْشِطَتِهِمْ. وَقَدْ سَاهِم ذَلِكَ فِي إعَادَةِ تَعْرِيفُ مَفْهُومِ الْهُوِيَّة لِيَتَجَاوَز الْحُدُود الْجُغْرَافِيَّة وَ الْمَادِّيَّة التَّقْلِيدِيَّة. هُنَاكَ تَحَوَّل وَاضِحٌ فِي مَفْهُومِ الْهُوِيَّة الْمُعَاصِرَة، حَيْثُ أَصْبَحَتْ أَكْثَر إرْتِبَاطًا بِالْمَجَال الرَّقْمِيّ وَتَخْطت الْحُدُودُ الْجُغْرَافِيَّة وَالْمَادِّيَّة التَّقْلِيدِيَّة. مَع التَّطَوُّر السَّرِيع لِلتَّكْنُولُوجْيَا وَالِإنْتِرْنِت، بَرَزَتْ مَفَاهِيم جَدِيدَة لِلْهَوِيَّة الرَّقْمِيَّةِ وَالِإفْتِرَاضِيَة وَاَلَّتِي أَصْبَحْت جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ حَيَاتِنَا اليَوْمِيَّةِ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ لَهَا عِدَّةُ تَدَاعَيَات وَتَحَدِّيَات مُهِمَّة، فَقَدْ فُتِحَتْ أَفَاقَا وَاسِعَة لِلتَّوَاصُل وَالتَّفَاعُل وَالتَّعْبِيرِ عَنْ الذَّاتِ، لَكِنَّهَا أَيْضًا أَثَارَتْ مَخَاوِف بِشَأْن الْخُصُوصِيَّة وَالهَوِيَّة وَالتَّضْلِيلِ الْمَعْلُومَاتِي. لِذَا، فَإِنَّ إعَادَةَ تَعْرِيفُ مَفْهُومِ الْهُوِيَّة لِيَتَجَاوَز الْحُدُود التَّقْلِيدِيَّة أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لِفَهْم الْمُجْتَمَعَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُعَاصِرَة. مَعَ إنْتِشَار إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا وَالِإنْتِرْنِت، بَرَزَ مَفْهُوم "الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة" وَاَلَّذِي يُشِيرُ إلَى كَيْفِيَّةِ تَمْثِيل الْفَرْد ذَاتِهِ فِي الْعَالَمِ الرَّقْمِيّ. هَذِه الْهُوِيَّة تَتَجَاوَز الْحُدُود الْجُغْرَافِيَّة وَالْمَادِّيَّة التَّقْلِيدِيَّة، حَيْثُ يُمْكِنُ لِلْأَفْرَاد إنْشَاء وَتَطْوِير هَوِيَات إفْتِرَاضِيَة مُتَعَدِّدَةٍ عَبَّر مُخْتَلَف الْمَنْصَات وَالشَّبَكَات الِإجْتِمَاعِيَّةِ. هَذَا التَّحَوُّلِ أَثَر بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا النَّاسُ أَنْفُسَهُمْ وَعَلَاقَاتِهِمْ بِالْآخَرِين. فَالهَوِيَّة الرَّقْمِيَّةِ أَصْبَحْت بِمَثَابَة إمْتِدَاد لِلْهَوِيَّة الْحَقِيقِيَّةِ، حَيْثُ يُعَبِّرُ الْأفْرَادِ عَنْ جَوَانِبَ مُخْتَلِفَةً مِنْ شَخْصِيَّاتٍهِمْ وَمَهَارَاتُهُمْ وَمُيُولَاتِهِمْ فِي الْفَضَاءِ الرَّقْمِيّ. وَقَدْ أَتَاح هَذَا الْأَمْرِ لِلْمُسْتَخْدِمِين إِمْكَانِيَّة التَّحَرُّرِ مِنْ الْقُيُودِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ التَّقْلِيدِيَّة، وَالِإسْتِكْشَاف وَ التَّجْرِيب بِهَوِيَات جَدِيدَةٍ. مَعَ تَزَايُدِ أَهَمِّيَّة الْهُوِيَّة الرَّقْمِيَّة، بَرَزَتْ عِدَّةَ قَضَايَا وَتَحَدِّيَات مُهِمَّة. فَعَلَى الْجَانِبِ الْإِيجَابِيِّ، فَإِنَّ هَذِهِ الْهَوِيَات الِإفْتِرَاضَيَة مَكَّنَتْ الْأَفْرَادِ مِنْ التَّوَاصُلِ وَنَقَل أَفْكَارِهِمْ وَأرَائِهِمْ بِحُرِّيَّة أَكْبَر، وَالِإنْخِرَاط فِي مُجْتَمَعَاتٍ إفْتِرَاضِيَة جَدِيدَةٍ. كَمَا أَتَاحَتْ لِلْمُهمشين وَالْمَعْزِولِين إجْتِمَاعِيًّا فُرْصَة لِلتَّعْبِيرِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَ الْمُشَارَكَةِ فِي الْحَيَاةِ الْعَامَّة. وَمَعَ ذَلِكَ، هُنَاكَ مَخَاوِف بِشَأْن الْخُصُوصِيَّة وَالهَوِيَة وَالتَّضْلِيلِ الْمَعْلُومَاتِي. إذْ أَنَّ إِمْكَانِيَّة إخْفَاء الْهُوِيَّة الْحَقِيقِيَّة وَتَبَّنِي هَوِيَات إفْتِرَاضِيَة مُتَعَدِّدَةٍ قَدْ يُؤَدِّي إلَى مُشْكِلَات كَالْتَنَمَّر الْإِلِكْتِرُونِيّ وَالتَّوَاصُل الْمُضَلَّل. كَمَا أَنَّ الْحُدُودَ الْمَرِنَة بَيْنَ الْوَاقِعِ وَالِإفْتِرَاضِي قَدْ تُؤَثِّرُ عَلَى إدْرَاكِ الْأَفْرَاد لِذَوَاتِهَم وَ عَلَاقَاتِهِمْ الِاجْتِمَاعِيَّة. إنْ إعَادَهُ تَعْرِيفُ مَفْهُومِ الْهُوِيَّة لِيَتَجَاوَز الْحُدُود التَّقْلِيدِيَّة أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لِفَهْم الْمُجْتَمَعَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُعَاصِرَة وَالتَّحْدِيَات الَّتِي تُوَاجِهُهَا. فَالهَوِيَّة الرَّقْمِيَّةِ تَمَثَّل ظَاهِرَة مُعَقَّدَة تَحْمِلُ فِي طَيَاتها فُرَصًا وَتَحَدِّيَات مُتَعَدِّدَةٍ. وَعَلَى الْمُجْتَمَعَاتِ الْعَرَبِيَّةِ التَّعَامُلِ مَعَ هَذِهِ التَّحَوُّلَاتُ بِحِكْمَة وَ بَحَث سُبُل تَعْزِيز الْإِيجَابْيَات وَتَقْلِيلُ السَّلْبِيَّات الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا.
#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ -الْجُزْءُ الْأَوَّل-
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : الْوَاقِع الِإفْتِرَاضِي
-
أَخْلَاقِيَّات الذَّكَاءُ الِإصْطِنَاعِيّ -الْجُزْءُ الثَّان
...
-
أَخْلَاقِيَّات الذَّكَاءُ الِإصْطِنَاعِيّ -الْجُزْءُ الْأَوّ
...
-
الْعَقْل التِّقَنِيّ ؛ -الْجُزْءِ الثَّانِي-
-
الْعَقْل التِّقَنِيّ -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
-
الوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الثَّانِي-
-
اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
-
عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ
-
الْبَيُولُوجْيَا الِإصْطِنَاعِيَّة
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْأَمْن الْبَيُولُوجِيّ
-
أَخْلَاقِيَّات التِّكْنُولُوجْيَا
-
فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
-
فَلْسَفَةُ التِّكْنُولُوجْيَا : -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
-
التِّكْنُولُوجْيَا
-
أَخْلَاقِيَّات الْبَحْثُ الْعِلْمِيّ
-
أَخْلَاقِيَّات الْإِعْلَام
-
الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
-
الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة :-الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
-
الْأَخْلَاقِ الطِّبِّيَّة
المزيد.....
-
أكد موقفه من الغارات الإسرائيلية على دمشق.. هذا ما قاله ولي
...
-
بسبب اعتداء على مسن إسباني .. عشرات الجرحى في اشتباكات بين ي
...
-
أطفال من الحمض النووي لثلاثة أشخاص يولدون خاليين من الأمراض
...
-
مالا يقل عن 60 قتيلا في حريق بمركز تجاري بمدينة الكوت العراق
...
-
جثث في مستشفى السويداء بعد انسحاب قوات الأمن السورية ومخاوف
...
-
-شاهدت طوال حياتي الكثير من الجثث والقتلى، لكن في الأيام الأ
...
-
على وقع هجمات المسيّرات.. اتفاق بين بغداد وأربيل لاستئناف تص
...
-
الأولى منذ الحرب العالمية الثانية.. -اتفاقية تاريخية- بين بر
...
-
تقييم جديد يؤكد أن الضربات الأمريكية دمرت موقعاً واحداً فقط
...
-
معاهدة صداقة -تاريخية- بين لندن وبرلين... طوي صفحة بريكست؟
المزيد.....
-
الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي
...
/ فارس كمال نظمي
-
الآثار العامة للبطالة
/ حيدر جواد السهلاني
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|