أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - الوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الثَّانِي-















المزيد.....



الوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الثَّانِي-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8340 - 2025 / 5 / 12 - 18:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ الْفَهْم الْعَمِيق لِلْوَعي الَّإيْكُولُوجِيّ

إنْ الْفَهْم الْعَمِيق لِلْوَعي الَّإيْكُولُوجِيّ ecological" awareness" أَمَرَ بَالِغٌ الْأَهَمِّيَّةِ فِي عَالَمِنَا الْمُعَاصِرِ. لَا يَقْتَصِرُ الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ عَلَى مُجَرَّدِ مَعْرِفَة الْقَوَانِين وَالتَّشْرِيعَات البِيئِيَّة، بَلْ يَتَعَدَّاهُ إلَى فَهْمِ الْعَلَاقَات الْمُعَقَّدَة بَيْنَ مُخْتَلِفِ عَنَاصِر النِّظَام البِيئِيّ وَكَيْفِيَّة تَأْثِير الْأَنْشِطَةِ الْبَشَرِيَّةِ عَلَيْهَا. الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ هُوَ إدْرَاكُ وَ فَهْم عَمِيق لِلْمُشْكِلَات وَالتَّحْدِيَات البِيئِيَّة الْمُتَزَايِدَة فِي عَصْرِنَا الْحَالِيّ، بَدْءًا مِنَ تَغَيُّرِ الْمُنَاخِ وَمَرَّورا بِتَلَوُّث الْهَوَاءِ وَ الْمَاءِ وَإنْقِرَاض الْأَنْوَاع. إنَّهُ رُؤْيَةُ شَامِلَة لِلْعَلَاقَات المُتَبَادِلَةِ بَيِنَ الْإِنْسَانِ وَالطَّبِيعَةِ الْمُحِيطَةِ بِهِ، وَإِدْرَاكُ دَوْرُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى التَّوَازُنِ البِيئِيِّ. يُعَدّ الْفَهْم الْعَمِيق لِلْوَعي الَّإيْكُولُوجِيّ أَمْرًا حَاسِمًا لِبِنَاء مُجْتَمَعَات أَكْثَر إسْتِدَامَة. فَعِنْدَمَا يُدْرِكْ الْأَفْرَاد تَأْثِير سَلُوكِيَّاتِهِمْ عَلَى الْبِيئَةِ، فَإِنَّهُمْ يُصْبِحُون أَكْثَر مِيلًا لِتَبْنِي مُمَارَسَات صَدِيقَة لِلْبِيئَة فِي حَيَاتِهِمْ الْيَوْمِيَّة، مِثْل تَرْشِيد إسْتِهْلَاكِ الطَّاقَةِ وَالْمِيَاه وَإعَادَة التَّدْوِير. كَمَا أَنَّ هَذَا الْفَهْمِ يَدْفَع الْأَفْرَاد لِلْمُشَارَكَةِ فِي الْأَنْشِطَة البِيئِيَّة وَالِإنْخِرَاط فِي حَلِّ الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة عَلَى الْمُسْتَوَى الْمُجْتَمَعي. إنْ غَرَسَ الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ فِي المَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّة أَمَرَ بَالِغٌ الْأَهَمِّيَّة لِتَنَشئة أَجْيَال قَادِرَة عَلَى مُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَات البِيئِيَّة. مِنْ خِلَالِ تَضْمِين مَفَاهِيم الِإسْتِدَامَة وَ الْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ فِي المَنَاهِجِ الدِّرَاسِيَّة، يُمْكِن لِلْمُؤَسَّسَات التَّعْلِيمِيَّة أَنْ تُسَاهِمُ فِي تَشْكِيلِ جِيل وَاع وَمُدْرِك لِأَهَمِّيَّة دَوْرِهِ فِي حِمَايَةِ الْكَوْكَب.كَمَا أَنَّ الْأَنْشِطَة اللَّامنهَجِيَّة كَالْأَنْدَيَة البِيئِيَّة وَالرِّحْلَات المَيْدَانِيَّة تَعَدّ وَسَائِل مُبْتَكَرَة لِتَعْزِيز الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ لَدَى الطُّلَّاب. عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، تَلْعَب الْجَامِعَات دُورًا مُحَوَّريا فِي نَشْرِ الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ مِنْ خِلَالِ تَقْدِيم بَرَامِج تَعْلِيمِيَّة وَبَحْثِيَّة مُتَّخَصِّصَة فِي قَضَايَا الْبِيئَةِ وَ الِإسْتِدَامَة. كَمَا يُمْكِنُ لِلْجَامِعِات أنْ تَكُونَ نَمُوذَجًا يُحْتَذَى بِهِ فِي تَطْبِيقِ مُمَارَسَات صَدِيقَة لِلْبِيئَة عَلَى أَرْضٍ الْوَاقِع دَاخِلِ الْحَرَمِ الْجَامِعِي. فِي الْخِتَامِ، إنَّ الْفَهْمَ الْعَمِيق لِلْوَعي الَّإيْكُولُوجِيّ هُوَ مِفْتَاحُ لِبِنَاء مُسْتَقْبِل مُسْتَدَام. وَ يَتَطَلَّب ذَلِك تَضَافَر الْجُهُود عَلَى مُسْتَوَى الْأَفْرَادِ وَالمُجْتَمَعَات وَالمُؤَسَّسَات التَّعْلِيمِيَّة وَالْحُكُومَات لِنَشْر الْمَعْرِفَة وَالْمَمَارَسَات الَّتِي تَحْمِي الْبِيئَة وَتَضْمَن إسْتِمْرَارِيَّةِ الْحَيَاةِ عَلَى كَوْكَبِ الْأَرْضِ.

_ تَحْفَيز الْوَعْيِ الَّإيْكُولُوجِيّ فِي الْمُجْتَمَعِ

تَحْفَيز الْوَعْيِ الَّإيْكُولُوجِيّ فِي الْمُجْتَمَعِ يَتَطَلَّب جُهُودًا مُسْتَمِرَّة وَتَعَاوَنَا مِنْ جَمِيعِ الْأَطْرَافِ. لِتَحْقِيقِ ذَلِكَ، يُمْكِنُ إتِّبَاعُ الِإسْتِرَاتِيجِيَّات التَّالِيَة. التَّعْلِيم وَالتَّوْعِيَة. الْإِعْلَام وَ التَّوَاصُل. حَمَلَات إِعْلَامِيَّة. إسْتِخْدَام الْمُؤْثَرِين. الْأَنْشِطَة التَّطَوُّعِيَّة. إدْرَاجُ الْمَوْضُوعَات البِيئِيَّة فِي المَنَاهِجِ الدِّرَاسِيَّة. تَعْزِيز الْوَعْي البِيئِيّ يَبْدَأُ مِنْ التَّعْلِيمِ، وَذَلِكَ بِإِدْرَاج مَوْضُوعَات حَوْل الْبِيئَة وَالِإسْتِدَامَة فِي المَنَاهِجِ الدِّرَاسِيَّة فِي جَمِيعِ الْمَرَاحِل التَّعْلِيمِيَّة. وَرَشّ الْعَمَل وَالنَّدَوَات. تَنْظِيم وَرَشّ عَمِل وَ نُدِوات تَوَعَّوية حَوْلَ الْقَضَايَا البِيئِيَّة، مِثْل التَّغَيُّر الْمُنَاخِيّ وَ التَّلَوُّث، لِزِيَادَة الْوَعْي بَيْنَ مُخْتَلِفِ فِئَاتِ الْمُجْتَمَع. الْمُبَادَرات الْمَحَلِّيَّةَ. تَشْجِيع السِّيَاسَات البِيئِيَّة. تَشْجِيع الِإبْتِكَار الْأَخْضَر. يَتِمُّ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ إطْلَاق حَمَلَات إِعْلَامِيَّة عَبَّر التِّلِفِزْيُون وَ الإِذَاعَةُ وَوَسَائِل التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ لِنَشْر الْوَعْي حَوْلَ أَهَمِّيَّةِ الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ و التَّصَرُّفَات الْيَوْمِيَّةِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ إِيجَابِيًّا عَلَى الْبِيئَةِ. والتَّعَاوُنِ مَعَ الْمُؤْثَرِين عَلَى وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ لِنَشْر رَسَائِل تَوْعِيَّة بِيئِيَّة بِشَكْل جُذَاب وَ جَدِيدُ. إضَافَة إلَى تَشْجِيع الْمُجْتَمَعِ عَلَى الْمُشَارَكَةِ فِي الْأَنْشِطَة التَّطَوُّعِيَّة مِثْلُ تَنْظِيفِ الشَّوَاطِئ أَوْ زِرَاعَةِ الْأَشْجَارُ، مِمَّا يُعَزِّز الشُّعُور بِالْمَسْؤُولِيَّة الْجَمَاعِيَّة تُجَاه الْبِيئَة. ثُمّ دَعْم الْمُبَادَرات الْمَحَلِّيَّةَ الَّتِي تَهْدِفُ إِلَى تَحْسِينِ الْبِيئَة، مِثْلِ إنْشَاءِ حَدَائِق مُجْتَمَعِيَّة أَوْ بَرَامِج لِإِعَادَة التَّدْوِير. أَمَّا فيَمِا يَتَعَلَّقُ بِالتَّشْرِيعَات وَالسِّيَاسَاتُ فَلَا بُدَّ مِنْ الضَّغْط عَلَى الْحُكُومَات لِتَبْنِي سِيَاسَات بِيئِيَّة صَارِمَة تَحْمِي الطَّبِيعَة وَتُدَعِّم الِإسْتِدَامَةِ. مَعَ تَقْدِيمِ حَوَافِزَ مَالِيَّةٍ لِلشَّرِكَات وَالْأفْرَاد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مُمَارَسَات صَدِيقَة لِلْبِيئَة، مِثْل الْإِعْفَاءات الضَّرِيبيَّة أَوْ الدَّعْم الْمَالِيّ لِمَشَارِيع الطَّاقَةُ الْمُتَجَدِّدَة. يُعَدُّ دَعْم الْأَبْحَاث وَ التَّطْوِير فِي مَجَالَاتِ التِّكْنُولُوجْيَا النَّظِيفَة وَالْحُلُول البِيئِيَّة الْمُبْتَكَرَة بِمَثَابَة أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ. إلَى جَانِبِ إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا لِنَشْر الْوَعْي عَنْ طَرِيقِ تَطْوِير تَطْبِيقَات وَأَلْعَاب تَعْلِيمِيَّة تُرَكِّزُ عَلَى التَّوْعِيَة البِيئِيَّة وَتُسَاعِدُ فِي نَشْرِ الْمَعْرِفَة حَوْلَ الْقَضَايَا البِيئِيَّة بِطُرُق تَفَاعُلِيَّة. مِنْ خِلَالِ تَطْبِيقُ هَذِهِ الِإسْتِرَاتِيجِيَّات، يُمْكِنُ لِلْمُجْتَمَع أَنْ يُحَقِّقَ تَقَدَّمَا كَبِيرًا فِي رَفْعِ الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ وَتَحْفيز الْأفْرَادُ عَلَى إتِّخَاذِ خُطُوَات إِيجَابِيَّة نَحْو الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ.

_ إشْكَالَيْات الوَعْيَ الَّإيْكُولُوجِيّ

الوَعْيَ الَّإيْكُولُوجِيّ هُوَ قُدْرَةٌ الْفَرْدِ عَلَى إدْرَاكِ الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة وَأَسْبَابِهَا وَأثَارِهَا، وإمْتِلاَك الْمَعَارِف وَالِاتِّجَاهَات وَ الْمُهَارات اللَّازِمَةِ لِلْمُسَاهَمَةِ فِي حِلِّ هَذِهِ الْمُشْكِلَاتِ وَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْبِيئَةِ. وَمَعَ تَزَايُدِ التَّحَدِّيَات البِيئِيَّةِ المُعَاصِرَةِ، تَبْرُز عِدَّة إشْكَالَيْات حَوْلَ تَنْمِيَة هَذَا الْوَعْيِ وَتَفْعَيْلَة لَدَى الْأَفْرَادِ وَالمُجْتَمَعَات.
. الْإِشْكَالِيَّات الثَّقَافِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة: مِنْ أَبْرَزِ التَّحَدِّيَات الثَّقَافِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة الْمُرْتَبِطَة بِالْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ هُوَ الِإرْتِبَاط الوَثِيقِ بَيْنَ الْمُمَارَسَات الثَّقَافِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة وَ السَّلْوَكَيَّات البِيئِيَّة السَّلْبِيَّة. فَالْعَدِيد مِنْ الْمُجْتَمَعَاتِ مَا زَالَتْ تَتَبَنَّى مُمَارَسَات وَإتِّجَاهُات ثَقَافِيَّة تَضُرّ بِالبِيئَة، كَالْإِسْرَافِ فِي إسْتِهْلَاكِ الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة، وَالتَّخَلُّص العَشْوَائِيّ مِنْ النِّفَايَات، وَالتَّعَامُلُ مَعَ الْبِيئَة بِإعْتِبَارِهَا مُجَرَّد مَصْدَر لِلْمَوَارِد وَالْمَنَافِع دُون الْإِحْسَاس بِالْمَسْؤُولِيَّة تُجَاهَهَا. كَمَا أَنَّ بَعْضَ الْمُعْتَقَدَات الشَّعْبِيَّة وَالتَّقَالِيد الِإجْتِمَاعِيَّةَ قَدْ تَكُونُ مُتَعَارِضَة مَع قَيِّم الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ. وَيُشْكِل الِإفْتِقَارِ إلَى الْوَعْي البِيئِيّ فِي المَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّة وَبَرَامِج التَّنْشِئَةِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ أَحَد أَهَمَّ مُعَوِّقَاتِ تَنْمِيَة الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ.
. الْإِشْكَالِيَّات السِّيَاسِيَّةِ وَالِإقْتِصَادِيَّةِ: تُعَدُّ السِّيَاسَات وَ الْقَرَارَات السِّيَاسِيَّةِ وَالِإقْتِصَادِيَّةِ مِنْ أَهَمِّ الْعَوَامِل الْمُؤَثِّرَةِ فِي مُسْتَوًى الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ، فَغِيّاب الْإِرَادَةُ السِّيَاسِيَّة الْحَقِيقِيَّة لِلتَّصْدِي لِلْمُشْكِلَات البِيئِيَّة وَضَعَّف تَطْبِيق التَّشْرِيعَات البِيئِيَّة، بِالْإِضَافَةِ إلَى الْأَوْلَوِيَّةِ الَّتِي تُعْطَى لِلتَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة عَلَى حِسَابِ الْبِيئَة، كُلُّ ذَلِكَ يُشْكِلُ عَائِقًا أمَام تَنْمِيَة الْوَعْي البِيئِيّ. كَمَا أَنَّ إرْتِبَاطَ بَعْضُ الْمُصَالَحِ الِإقْتِصَادِيَّة بِالْإِنْشَطَة المُلَوَّثَة لِلْبِيئَة يُؤَدِّي إلَى تَقْوِيض الْجُهُودِ الرَّامِيَةِ إِلَى نَشْرِ الْوَعْي البِيئِيّ.
. الْإِشْكَالِيَّات التِّكْنُولُوجِيَّة وَالْمَعْرُفِيَّة: يُشْكِلُ التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ السَّرِيعُ وَالْمُتَزَايِد تَحَدِّياً كَبِيرًا أمَام تَنْمِيَة الْوَعْي البِيئِيّ، فَالْكَثِيرُ مِنْ التِّقْنِيَّات وَالتِّكْنُولُوجِيَّات الْحَدِيثَةِ قَدْ تَكُونُ ضَارَّةً بِالبِيئَة وَتُؤَدِّي إلَى إسْتِنْزَاف الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَ تَلْوِيث الْبِيئَة. وَفِي الْمُقَابِلِ، فَإِنْ نَقَصَ الْمَعْلُومَاتِ وَالْمَعَارِفَ البِيئِيَّة الدَّقِيقَة وَالْمَوْثُوقَة لَدَى الْجُمْهُورِ يُعِيق قُدْرَتِهِمْ عَلَى فَهْمِ طَبِيعَةِ الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة وَالتَّأْثِيرَات السَّلْبِيَّة لِلْإِنَشِّطَة الْبَشَرِيَّة عَلَيْهَا. كَمَا أَنَّ غِيَاب البُحُوثِ العِلْمِيَّةِ الْمُتَعَمِّقَةُ فِي مَجَالِ الْبِيئَة وَنُدْرَة الْبَرَامِج التَّدْرِيبِيَّة وَالتَّوْعَّوِيَّة فِي هَذَا الْمَجَالِ يُشْكِل حَاجِزًا أمَام تَطْوِير الْوَعْي البِيئِيّ.
.الْإِشْكَالِيَّات الْإِعْلَامِيَّة: يَلْعَب الْإِعْلَام دُورًا مُحَوَّريا فِي تَشْكِيلِ الْوَعْي البِيئِيّ لَدَى الْجُمْهُورِ، إلَّا أَنْ هُنَاكَ الْعَدِيدِ مِنَ التَّحَدِّيَات الَّتِي تُوَاجِهُ دُور الْإِعْلَامِ فِي هَذَا الْمَجَالِ. فَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ تَزَايُدِ التَّغْطِيَةُ الْإِعْلَامِيَّةُ لِلْقَضَايَا البِيئِيَّة فِي الْآوِنَةِ الْأَخِيرَةِ، إلَّا أَنْ هُنَاكَ نَقْصًا فِي الْجَوْدَةِ وَالتَّخَصُّصِ فِي هَذِهِ التَّغْطِيَةِ، كَمَا أَنَّ بَعْضَ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ قَدْ تَكُونُ مِنَحٌازه أَوْ غَيْر مَوْضُوعِيَّة فِي مُعَالَجَةِ هَذِهِ الْقَضَايَا. وَأَحْيَانًا تُرْكَز وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ عَلَى الْأَحْدَاثِ وَالكَوَارِث البِيئِيَّة دُونَ التَّطَرُّقِ بِشَكْل مَعْمَق إلَى الْأَسْبَابِ وَالْحُلُولِ.
فِي ضَوْءِ هَذِهِ الْإِشْكَالِيَّات الْمُتَنَوِّعَة، فَإِنْ تَنْمِيَة الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ يَتَطَلَّبُ تَضَافَر الْجُهُود عَلَى مُخْتَلِفِ الْمُسْتَوَيَاتِ - السِّيَاسِيّ وَالِإقْتِصَادِيّ وَالِإجْتِمَاعِيّ وَالتَّرْبِوِيّ وَالْإِعْلَامِيِّ - مِنْ أَجْلِ إِرْسَاء أُسِّس ثَقَافِيَّة وَإجْتِمَاعِيَّة دَاعِمَة لِلْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ، وَتَطْوِير السِّيَاسَات وَالتَّشْرِيعَات البِيئِيَّة الْفَاعِلَة، وَتَعْزِيز الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ وَالتَّوْعِيَة الْمُجْتَمَعِيَّة فِي هَذَا الْمَجَالِ. إنَّ مُعَالَجَةِ هَذِهِ الْإِشْكَالِيَّات بِشَكْل شُمُولِيّ وَتَكَامُلِي هِيَ الطَّرِيقُ الْأَمْثَل لِتَحْقِيق التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة وَحِمَايَة الْبِيئَة.

_ الْأُسُسِ الْأَخْلَاقِيَّة لِلْوَعي الَّإيْكُولُوجِيّ

إنْ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة هِيَ عَلَاقَةٌ قَدِيمَة قِدَمَ الْخَلْق، تَطَوَّرَتْ عَبَّر الزَّمَن وَشَهِدَتْ تَغَيُّرَات كَبِيرَة، خَاصَّةً مَعَ ظُهُورِ التِّقْنِيَّة الْحَدِيثَةِ الَّتِي جَعَلَتْ الْإِنْسَانِ يَشْعُرُ بِسِيَادَتِه عَلَى الطَّبِيعَةِ بِشَكْل عَنِيف. هَذَا الشُّعُورُ بِالتَّفَوُّق أَدَّى إلَى تَدَهْوُر وَاضِحٌ فِي الْبِيئَةِ وَأَوْجَدَ حَاجَةٍ مُلِحَّةٍ لِارْساء أُسِّسَ أَخْلَاقِيَّة تَحَكُّم هَذِهِ الْعَلَاقَةِ وَ تَضْبِطُهَا. إنَّ الْفِكْرَ الَّإيْكُولُوجِيّ المُعَاصِرُ يَشْهَد الْعَدِيدِ مِنَ النَّظَرِيَّاتِ الْمُتَبَايِنَة وَ الْمُتَكَامِلَة أَحْيَانًا. وَ رَغْم الِإخْتِلَافَات، فَإِنْ أَغْلَب هَذِه النَّظَرِيَّات تُدَافِعُ عَنْ تَفْسِيرِ "ثَقَافِيّ" و"أَخْلَاقِيّ" لِلْأَسْبَاب الْكَامِنَة وَرَاء التَّدَهْوُر الشَّامِل لِلْمُحِيط البِيئِيّ. مَفْهُوم الْبِيئَة الْحَدِيث ظَهَرَ فِي الْقَرْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ وَتَطَوَّر خِلَال الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ. وَيُوَفِّر عِلْمَ الْبِيئَة مَعَارِف ضَرُورِيَّة لِوَضْع سِيَاسَات تَهْتَمّ بِالْمَجَال الْحَيَوِيّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ تَنْمِيَةِ مُسْتَدَامَة وَحِمَايَة لِلطَّبِيعَة وَحِفْظ التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ. وَبِشَكْل عَامٍّ، يُمْكِنُ لِعِلْم الْبِيئَة أَنْ يُسَاعِدْنَا عَلَى إدْرَاكِ الْعَلَاقَات الْمُعَقَّدَةِ الَّتِي تَسْوَدّ الطَّبِيعَة ضِمْنَ تَصَوُّر نَسَقِي أَوْ شُمُولِيّ (holiste)، بِمَا يَعْنِي مَجْمُوعَة أَجْزَاء مُتَدَاخِلَة تَجْمَعُ بَيْنَ الْحَيَوِيّ وَالْجَامِد لِتَشَكُّل دَوَائِر تَأْثِير تُؤَدِّي إلَى نُشُوء خَصَائِص جَدِيدَة. هُنَاك جَدَل وَاسِع حَوْل الْأُسُس الْأَخْلَاقِيَّة لِلْوَعي الَّإيْكُولُوجِيّ. فَبَيْنَمَا تَرَى بَعْضَ النَّظَرِيَّات أَنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ الْمَرْكَز الْأَخْلَاقِيّ لِلْعَالِم، تَرَى نَظَرِيَّات أُخْرَى أنْ الْبَشَرِيَّة لَيْسَتْ فِي الْمَرْكَزِ، بَلْ هِيَ أَحَدُ مُكَوِّنَات مَجَال الْأَخْلَاقَيَّات. وَيَدْعُو بَعْضُ الْفَلَاسِفَةِ، مِثْلَ بَوْلِ ريكور، إلَى التَّوَازُنِ بَيْنَ الْإِحْسَاس بِالِإنْتِمَاء لِلطَّبِيعَة وَالْإِحْسَاس بِالِإسْتِثْنَاء دَاخِلِهَا. وَيَرَى الْبَعْضُ أَنَّ الوَعْيَ الْأَخْلَاقِيّ هُوَ الْأَسَاسُ الَّذِي يَبْنِي عَلَيْهِ الْوَعْي البِيئِيّ. فَهُو يَنْطَوِي عَلَى إدْرَاكِ وَفَهْمِ عَمِيقَيْن لِعَلَاقَةِ الْإِنْسَانِ بِالنِّظَام البِيئِيّ الْأَوْسَع، بِمَا فِي ذَلِكَ الْأبْعَادَ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ. وَيَتَطَلَّب هَذَا الْوَعْيِ الْأَخْلَاقِيّ تَرْبِيَة وَفْقَ مَبَادِئَ وَضَوَابِط تَحْمِل الرَّحْمَةِ وَ الْعَدْلِ وَالصَّلَاحِ فِي الْأَرْضِ، وَتَبْنِي الْإِنْسَان الْمُتَخَلِّق عَلَى أَسَاسِ قَيِّم الْإِرَادَة وَالْمَسْؤُولِيَّة. مِنْ جَانِبِ آخَرَ، يَرَى الْبَعْضُ أَنَّ الْأَسَاسَ الَّذِي يَدْفَعُ الْعُلَمَاءُ وَالْأَئِمَّة لِلْعَمَلِ فِي التَّوْعِيَة البِيئِيَّة هُوَ الِإلْتِزَامُ الدِّينِيّ. فَهُمْ يَهْدِفُون إلَى حِمَايَةِ الْأَرْضِ وَ مَوَارِدَهَا مِنْ خِلَالِ الْخُطَب وَالْوَعْظ، دَاعِين النَّاسِ إلَى الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ وَعَدَمِ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ. وَيُشَدَّد آخَرُونَ عَلَى ضَرُورَةِ تَعْزِيزِ الْوَعْي البِيئِيّ لَدَى الأَطْفَالِ وَالْأَسْر مِنْ خِلَالِ الْبَرَامِج وَالْإِنْشَطَة الْمُتَنَوِّعَةِ، بِإعْتِبَارِهَا أُسُسًا رَئِيسَة لِتَكْوِين الْوَعْي البِيئِيّ. فَالتَّرْبِيَة الْأَخْلَاقِيَّة وَالبِيئِيَّة مُنْذُ الصِّغَرِ هِيَ طَرِيقٌ لِبِنَاء جِيل وَاع يُحَافِظُ عَلَى الْبِيئَةِ وَيَحْتَرِم قَوَاعِد الْحِفَاظُ عَلَيْهَا. وَفِي النِّهَايَةِ، فَإِنْ الْفِكْر الَّإيْكُولُوجِيّ المُعَاصِرُ يُؤَكِّدُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْأُسُس الْأَخْلَاقِيَّة فِي تَشْكِيلِ الْوَعْي البِيئِيّ، سَوَاءٌ مِنْ خِلَالِ النَّظَرِيَّاتِ الْفَلْسَفِيَّةِ أَوْ الِإلْتِزَامَاتِ الدِّينِيَّةِ أَوْ الْبَرَامِج التَّرْبَوِيَّة. فَالتَّوَازِن بَيْنَ حَاجَات الْإِنْسَان وَإحْتِرَام الْبِيئَة هُوَ جَوْهَرٌ هَذِهِ الْأُسُسِ الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تَسْعَى لِإِيجَاد عَلَاقَة مَتْنِاغَمَة بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالطَّبِيعَةِ.

_ تَحَدِّيَات وَالْأفَاق المُسْتَقْبَلِيَّة لِلْوَعي الْبِيئِيِّ (الَّإيْكُولُوجِيّ)

الْقَضِيَّةِ البِيئِيَّة أَوْ الَّإيْكُولُوجِيَّة مِنْ أَبْرَزِ التَّحَدِّيَات الَّتِي تُوَاجِهُ الْمُجْتَمَع الْعَالَمِيِّ فِي الْقَرْنِ الْحَادِي وَ الْعِشْرِينَ. مَعَ تَزَايُدِ الْوَعْي البِيئِيّ وَالِإهْتِمَام الْمُتَزَايِد بِقَضَايَا التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة، أَصْبَح الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ وَالتَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ أَمْرًا حَيَوِيًّا لِبَقَاءِ الْإِنْسَانِ وَالْكَوْكَب كَكُلّ. وَيَشْمَل الْمَفْهُوم البِيئِيّ أَوْ الَّإيْكُولُوجِيّ مَجْمُوعَةً وَاسِعَةٍ مِنْ الْقَضَايَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّلَوُّث، وَ تَغَيَّرَ الْمُنَاخ، وَإسْتِنْزَاف الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة، وَفُقْدَان التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيِّ، وَكُلُّهَا تَنْدَمج لِتُؤَثِرَ عَلَى النَّظْمِ البِيئِيَّة وَ المُجْتَمَعَات الْبَشَرِيَّة. وَهُنَاك مُجْتَمَعَات تَأْخُذُ فِيهَا الْقَضِيَّةَ البِيئِيَّة بُعْدًا مُخْتَلِفًا كَمُجْتَمَعِات الشَّمَالُ وَمُجْتَمَعَات الْجَنُوب نَظَرًا لِلتَّحْدِيات البِيئِيَّة الْفَرِيدَةِ الَّتِي تُوَاجِهُ الْكَوْكَبُ، مِنْ تَأْثِيرِ الْأَنْشِطَة الصِّنَاعِيَّة وَالزِّرَاعِيَّة إلَى التَّغَيُّرَاتِ الْمُنَاخِيَّةِ وَ الْجَفَاف. وَيُعَانِي الْمُجْتَمِعُ هُنَاكَ مِنْ مُشْكِلَاتِ بِيئِيَّة مُعَقَّدَة تَتَطَلَّب حُلُولًا مُسْتَدَامَة. وَيَتَطَلَّب التَّعَامُلِ مَعَ هَذِهِ الْقَضَايَا نَهْجًا شَامِلًا يَشْمَل السِّيَاسَات الحُكُومِيَّة، وَالْمُبَادِرًات الْمُجْتَمَعِيَّة، وَالتَّعَاوُن الدَّوْلِيّ. وَيَأْتِي التَّرْكِيزِ عَلَى الْبِيئَةِ فِي الْفِكْرِ الثَّوْرِيّ كَمُحَاوَّلَة لِرَبْطِ النِّضَال السِّيَاسِيِّ وَالِإجْتِمَاعِيِّ بِضَرُورَة الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ. وَيُرَى أَنَّ الْمُجْتَمَعَ الدِّيمُقْرَاطِيّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَوَازِنَا مَعَ الطَّبِيعَةِ، وَأنْ الْإِدَارَة البِيئِيَّة الفِعَالَة هِيَ جُزْءُ لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ الْعَدَالَةِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَ الِإقْتِصَادِيَّةِ. وَهَذَا الْفِكْر يُسْهِمُ فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي البِيئِيّ بَيْن الْجَمَاهِير وَدَفْعِهِمْ إلَى الْمَزِيدَ مِنْ الِإلْتِزَامِ بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة. عَلَى الرَّغْمِ مِنْ الْجُهُود الْمَبْذُولَة عَلَى مَدَى عُقُود لِحِمَايَة الْبِيئَة، إلَّا أَنْ نَتَائِجِ هَذِهِ الْجُهُود لَا تَزَالُ أَقَلَّ مِمَّا هُوَ مُتَوَقَّعٌ بِسَبَب التَّحَوُّلَات الْهَائِلَة وَالتَّغَيُّرَات الْعَمِيقَة وَالتَّحْدِيَات الضَّخْمَةُ الَّتِي تُوَاجِهُهَا الْبِيئَة. وَتَشْمَلُ هَذِهِ التَّحَدِّيَات الرَّئِيسِيَّة تَغَيُّرِ الْمُنَاخِ وَإرْتِفَاع مُعَدَّلَات النُّمُوّ السُّكَّانِيّ وَالنُّمُوّ الِإقْتِصَادِيّ وَالْحَضَرِيّ السَّرِيعُيْن فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ، مِمَّا يُضَاعَف تَعَرَّض الْمَنَاطِق الْمُخْتَلِفَة لِلْمَخَاطِر البِيئِيَّة. كَمَا تَوَاجَه الْجُهُود البِيئِيَّة تَحَدِّيَات أُخْرَى كَإرْتِفَاع مُعَدَّلَات التَّسَرُّب مِنْ التَّعْلِيمِ، وَالْحَوَاجِز الِإجْتِمَاعِيَّةِ، وَنَقَص الدَّعْم مِنْ أَنْظِمَة التَّعْلِيم. وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنْ الْآفَاق المُسْتَقْبَلِيَّة لِلْحَرَكَات وَ النَّشَاطَات البِيئِيَّة (الَّإيْكُولُوجِيَّة) وَاعِدَّة. فَمَع تَزَايَد الِإهْتِمَام بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة عَلَى الْمُسْتَوَى الْعَالَمِيّ، يُمْكِنُ أَنْ يُسَاهِمَ هَذَا الْمَجَالِ فِي تَشْكِيلِ جِيل وَاع وَمُتَعَهِّد بِحِمَايَة كَوْكَبِنَا. وَتَتَجَلَّى أَهَمِّيَّة دُور التَّعْلِيم البِيئِيّ (الَّإيْكُولُوجِيّ) فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي البِيئِيّ بَيْنَ الطُّلاَّبِ بِإعْتِبَارِه وَسِيلَة فَعَّالَة لِتَنْشِئَة جِيلٌ قَادِرٌ عَلَى مُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَات البِيئِيَّةِ المُعَاصِرَةِ. فَمَنْ خِلَال إدْرَاج مَفَاهِيم الِإسْتِدَامَة وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ فِي المَنَاهِجِ الدِّرَاسِيَّة يُمْكِن لِلْجَامِعِات وَالمُؤَسَّسَات التَّعْلِيمِيَّة أَنْ تُسَاهِمُ فِي تَشْكِيلِ جِيل وَاع وَمُدْرِك لِأَهَمِّيَّة دَوْرِهِ فِي حِمَايَةِ الْكَوْكَب. كَمَا تَبْرُز أَهَمِّيَّة الْأَنْشِطَة الْعَمَلِيَّة كَالْأَنْدَيَة البِيئِيَّة وَالفَعَالِيَّات الْخَارِجِيَّةِ فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي البِيئِيّ لَدَى الطُّلَّاب، فَهَذِه الْمُبَادَرات لَا تَجْذِب إنْتِبَاهَهُمْ فَحَسْبُ، بَلْ تَعَزُّز أَيْضًا شُعُورَهُمْ بِالْمَسْؤُولِيَّة تُجَاهَ الْبِيئَةِ. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ مُعَالَجَة التَّحَدِّيَات البِيئِيَّة الرَّاهِنَة تَتَطَلَّب إسْتِرَاتِيجِيَّات مُتَعَدِّدَةٍ الْأَوْجَه تَجْمَعُ بَيْنَ إصْلَاح السِّيَاسَات، وَالْمُشَارَكَة الْمُجْتَمَعِيَّة، وَالْمَمَارَسَات التَّعْلِيمِيَّة الْإِبْدَاعِيَّة. وَمِنْ خِلَالِ هَذَا الَّتِضَافُر فِي الْجُهُود، يُمْكِنُنَا تَنْشِئَة جِيل وَاع وَمُتَعَهِّد بِحِمَايَة كَوَكِبنا لِلْإِجْيَال الْقَادِمَة.

_ دُورٌ التَّعْلِيم البِيئِيّ فِي بِنَاءِ وَعْيّ إيَكُولُوجِيّ وَتَطْوِيرِ حُلُول مُبْتَكَرَة

التَّعْلِيم البِيئِيّ لَعِبَ دَوْرًا مُحَوَّريا فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي البِيئِيّ وَ الْإِيكَولُوجِيّ بَيْنَ الطُّلاَّبِ وَتَزْوِيدُهُمْ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْمَهَارَات اللَّازِمَةِ لِفَهْم وَمُعَالَجَة التَّحَدِّيَات البِيئِيَّة الْمُتَنَامِيَّة. هَذِهِ الْمُبَادَرات التَّعْلِيمِيَّة لَا تَجْذِب إنْتِبَاهَ الطُّلَّابِ وَ الْبَاحِثِين فَحَسْبُ، بَلْ تَعَزُّز أَيْضًا شُعُورَهُمْ بِالْمَسْؤُولِيَّة تُجَاهَ الْبِيئَةِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ. فَالتَّعْلِيم البِيئِيّ يُسَاعِدُ عَلَى تَنْمِيَةِ مَهَارَات حَلَّ الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة لَدَى الطُّلَّاب وَيُزَوِدُهُمْ بِمَعْلُومَات قَيِّمَةً عَنْ التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ وَالْمَخَاطِرِ الَّتِي تُوَاجِهُه. كَمَا يُسْهَمُ التَّعْلِيم البِيئِيّ فِي تَرْسِيخِ مَوَاقِفَ إِيجَابِيَّةٍ لَدَى الطُّلَّاب تُجَاهَ الْبِيئَةِ، وَ إكْسَابِهِمْ مَعْرِفَة شَامِلَةٌ عَنْ النَّظْمِ البِيئِيَّة وَعَلَاقَات السَّبَبُ وَ النَّتِيجَة، وَفَهْم نِظَام تَدَفُّق الطَّاقَة وَتَأْثِيرُاته عَلَى الْإِنْسَانِ. وَ تُعْتَبَر الْأَنْشِطَة الْعَمَلِيَّة، كَالْأَنْدَيَة البِيئِيَّة وَالفَعَالِيَّات الْخَارِجِيَّةِ، مِنْ الْأَسَالِيبِ الْمُبْتَكَرَة الَّتِي تَهْدِفُ إِلَى تَعْزِيزِ الْوَعْي البِيئِيّ بَيْنَ الطُّلاَّبِ. هَذِه الْمُبَادَرات تَشَجَّعُ التَّفْكِير النَّقْدِيّ وَتَطْوِير حُلُول مُبْتَكَرَة لِلتَّحْدِيات البِيئِيَّة. عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، يُسَاهِم التَّعْلِيم البِيئِيّ فِي إعْدَادِ جِيل قَادِرٌ عَلَى تَحْدِيدِ الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة وَإبْتِكَار الْحُلُولُ الْمُنَاسَبَةِ لَهَا. كَمَا يُسْهَمُ فِي تَطْوِيرِ الِإبْتِكَارَات التِّكْنُولُوجِيَّة الْخَضْرَاءَ الَّتِي تُسَاعِدُ فِي التَّصَدِّي لِلتَّحْدِيات البِيئِيَّة. وَمَعَ ذَلِكَ، هُنَاكَ تَحَدِّيَات تَوَاجَه طَرِيق التَّرْبِيَة البِيئِيَّة، مِنْهَا إرْتِفَاعُ مُعَدَّلَات التَّسَرُّب مِنْ التَّعْلِيمِ وَ الْحَوَاجِز الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَنَقَص الدَّعْم مِنْ أَنْظِمَة التَّعْلِيم. وَ يَتَطَلَّب مُعَالَجَةِ هَذِهِ الْمُشْكِلَاتِ إتِّبَاع إسْتِرَاتِيجِيَّات مُتَعَدِّدَةٍ الْأَوْجَه تَجْمَعُ بَيْنَ إصْلَاح السِّيَاسَات وَالْمُشَارَكَة الْمُجْتَمَعِيَّة وَ الْمَمَارَسَات التَّعْلِيمِيَّة الْإِبْدَاعِيَّة. فِي خِتَامِ، يَلْعَب التَّعْلِيم البِيئِيّ دُورًا مُحَوَّريا فِي بِنَاءِ الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ وَتَطْوِيرِ الْحُلُول الْإِبْدَاعِيَّة لِلتَّحْدِيات البِيئِيَّة الْمُتَزَايِدَة. فَهُو يُزَوِّد الطُّلَّاب بِالْمَعَارِف وَالْمَهَارات اللَّازِمَةِ لِفَهْم وَحَلّ هَذِهِ الْقَضَايَا الْمُلْحَة، وَيُعَزِّز مَهَارات التَّفْكِيرُ النَّقْدِيّ وَالْإِبْدَاع لَدَيْهِمْ. وَ بِالتَّالِي، فَإِنَّ مُعَالَجَة التَّحَدِّيَات الَّتِي تُوَاجِهُ التَّرْبِيَة البِيئِيَّة أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لِإِعْدَاد جِيل وَاع وَمُتَعَهِّد بِحِمَايَة الْبِيئَة لِلْإِجْيَال الْقَادِمَةِ.

_ ضَرُورَةً الْوَعْي البِيئِيّ لِصِيَاغَة سِيَاسَات بِيئِيَّة ناجِحَة

تُعَدُّ قَضِيَّة الْوَعْي البِيئِيّ وَالْإِيكَولُوجِيّ مِنْ الْمَحَاوِر الرَّئِيسِيَّةُ فِي صُنْعِ السِّيَاسَات البِيئِيَّة الفِعَالَة وَالنَّاجِحَة عَلَى الْمُسْتَوَى الْمَحَلِّيِّ وَالْوَطَنِي وَالدَّوْلِيِّ. فَالْوَعْي البِيئِيّ يُشْكِل الرَّكِيزَة الْأَسَاسِيَّةِ الَّتِي تَسْتَنِد عَلَيْهَا هَذِهِ السِّيَاسَاتِ وَاَلَّتِي تَهْدِفُ إِلَى تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ وَالِإسْتِدَامَة البِيئِيَّة. فَبِدُون وَعِيّ بَيئِي كَافٍ لَدَى الْمُوَاطِنِين وَالْمَسْؤُولِين، قَدْ تَفْشَل أَيْ مُحَاوَلَات لِوَضْع سِيَاسَات بِيئِيَّة فَعَالَةٌ أَوْ تَطْبِيقِهَا بِنَجَاح. فَالْوَعْي البِيئِيّ يَعْمَلُ عَلَى خَلْقِ الْإِدْرَاكُ وَالْفَهْم اللَّازِمَيْن لَدَى الْأَفْرَادِ وَالمُجْتَمَعَات حَوْلَ الْقَضَايَا البِيئِيَّة الْمُخْتَلِفَة، وَالتَّحْدِيَات الَّتِي تُوَاجِهُهَا الْبِيئَة، وَالْأَخْطَار المُحْدِقَة بِهَا، وَأَهَمِّيَّة الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا وَ إسْتِدَامَة مَوَارِدِهَا. وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الْوَعْيِ، يُمْكِن صِيَاغَة السِّيَاسَات البِيئِيَّة بِمَا يَتَنَاسَبُ مَعَ الْوَاقِعِ وَالِإحْتِيَاجَات الْمَحَلِّيَّةَ، وَيَتِمّ تَفْعَيلُهَا بِشَكْلٍ فَعَالٌ مِنْ خِلَالِ مُشَارَكَة الْمُجْتَمَع وَتَعَاوُنِه. فَعِنْدَمَا يُدْرِكْ الْمَوَاطِنون أَهَمِّيَّةُ الْبِيئَة وَخُطُورَة الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة، سَيَكُونُون أَكْثَر إسْتِعْدَادًا لِدَعْم السِّيَاسَات البِيئِيَّة وَالإِلْتِزَام بِتَطْبِيقِهَا. مِنْ هُنَا، تَأْتِي أَهَمِّيَّة تَعْزِيز الْوَعْي البِيئِيّ وَالْإِيكَولُوجِيّ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْتَوَيَات كَخُطْوَة أَسَاسِيَّة وَضَرُورِيَّة لِإِنْجَاح أَيْ سِيَاسَات بِيئِيَّة، سَوَاءٌ عَلَى الْمُسْتَوَى الْمَحَلِّيِّ أَوْ الْوَطَنِيّ أَوْ الدَّوْلِيّ. فَالْتَثْقِيف الْبِيئِيِّ وَالتَّوْعِيَة الْمُجْتَمَعِيَّة حَوْلَ الْقَضَايَا البِيئِيَّة هِيَ أَسَاسُ بِنَاء سِيَاسَات بِيئِيَّة فَعَّالَة وَقَابِلَة لِلتَّطْبِيق.

. دُورٌ الْمُؤَسَّسَات التَّعْلِيمِيَّة وَالْمُنَظَّمَات الْمُجْتَمَعِيَّة فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ:
تَلْعَبُ الْمُؤَسَّسَات التَّعْلِيمِيَّة وَالْمُنَظَّمَات الْمُجْتَمَعِيَّة دُورًا مُحَوَّريا فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي البِيئِيّ وَالْإِيكَولُوجِيّ لَدَى أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ. فَالْمَدَارِس وَالْجَامِعَات، مِنْ خِلَالِ مَنَاهِجِهَا وَ أنْشِطَتِهَا، تُسْهِمُ فِي غَرْسِ الْمَفَاهِيم البِيئِيَّة وَتَنْمِيَة الِإتِّجَاهَات الْإِيجَابِيَّة نَحْو الْبِيئَة لَدَى الطُّلَّاب. كَمَا تَقُومُ الْمُنَظَّمَات الْمُجْتَمَعِيَّة وَالجَمْعِيَّات البِيئِيَّة بَحَمَلات تَوْعِيَّة وَتَثْقِيف بَيئِي مُوَجَّهَةً لِلْجُمْهُور الْعَامِّ، مِنْ خِلَالِ تَنْظِيم فَعَّالِيَّات وَوُرَشَ عَمَلٍ وَنُدِوات حَوْلَ قَضَايَا الْبِيئَة وَالتَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة. وَتَسْهَم هَذِه الْمُبَادَرات فِي إِذْكَاء الْوَعْي البِيئِيّ وَتَحْفيز الْمُشَارَكَةُ الْمُجْتَمَعِيَّة فِي حِمَايَةِ الْبِيئَة. بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ، تَلْعَب وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ الْمُخْتَلِفَةِ دَوْرًا مُهِمًّا فِي نَشْرِ الْوَعْي البِيئِيّ وَتَسْلِيطِ الضَّوْءِ عَلَى الْقَضَايَا البِيئِيَّة وَالتَّحْدِيَات الَّتِي تُوَاجِهُهَا. فَالْتَغْطِيَة الْإِعْلَامِيَّة لِلْمَوْضُوعَات البِيئِيَّة وَتَسْلِيطِ الضَّوْءِ عَلَى الْمُمَارَسَات الصِّدِّيقَة لِلْبِيئَة تُسَاهِمُ فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي الْعَامّ وَ حَثّ الْمُوَاطِنِين عَلَى الْمُسَاهَمَةِ فِي حِمَايَةِ الْبِيئَة. بِشَكْلٍ عَامٍّ، إنْ تَكَاتُف جَمِيعُ هَذِهِ الْجُهُود التَّرْبَوِيَّة وَالْمُجْتَمَعِيَّة وَالإِعْلَامِيَّة مِنْ أَجْلِ نَشْرِ الْوَعْي البِيئِيّ وَالْإِيكَولُوجِيّ سِيَّمَكن صُنَّاع السِّيَاسَات مِنْ وَضْعِ إسْتِرَاتِيجِيَّات بِيئِيَّة فَعَّالَة وَقَابِلَة لِلتَّطْبِيق، تُرَاعِي إحْتِيَاجَات الْمُجْتَمَع وَتَحَقَّق التَّوَازُنِ البِيئِيِّ الْمَنْشُود.
. رَبَطَ الْوَعْي البِيئِيّ بِصُنْع السِّيَاسَات البِيئِيَّة فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْمَحَلِّيَّة:
عَلَى مُسْتَوَى الْمُجْتَمَعَات الْمَحَلِّيَّةِ، فَإنْ رَبَط الْوَعْي البِيئِيّ بِصُنْع السِّيَاسَات البِيئِيَّة هُوَ أَمْرٌ بَالِغَ الْأَهَمِّيَّةِ. فَالتَّرْكُيز عَلَى التَّوْعِيَة البِيئِيَّة عَلَى هَذَا الْمُسْتَوَى يُمْكِن السُّكَّان المُحَلَّيَيْن مِنْ فَهْمِ الْقَضَايَا البِيئِيَّة الْمُحِيطَة بِهِمْ، وَإِدْرَاك دُورِهِمْ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْبِيئَةِ الْمَحَلِّيَّة. وَعِنْدَمَا يَكُونُ لَدَى السُّكَّانِ هَذَا الْوَعْيِ البِيئِيّ، فَإِنَّهُمْ سَيَكُونُونَ أَكْثَر إسْتِعْدَادًا لِلْمُشَارَكَةِ فِي عَمَلِيَّاتِ صُنْعِ السِّيَاسَات البِيئِيَّة عَلَى الْمُسْتَوَى الْمَحَلِّيِّ. كَمَا أَنَّ إِشْرَاكُهُمْ فِي هَذِهِ الْعَمَلِيَّاتُ سَيَزِيدُ مِنْ فُرَصِ نَجَاح وَتَطْبِيق تِلْك السِّيَاسَات، نَظَرًا لِفَهْمِهِمْ لِلْقَضَايَا البِيئِيَّة وَإرْتِبَاطِهِمْ بِالبِيئَة الْمَحَلِّيَّة. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ تَعْزِيز الْوَعْي البِيئِيّ عَلَى الْمُسْتَوَى الْمَحَلِّيِّ، وَرَبْطِه بِمُشَارَكَة السُّكَّانِ فِي صِيَاغَةِ السِّيَاسَات البِيئِيَّة، سَيُؤَدِّي إِلَى وَضْعِ خُطَط وَبَرَامِج بِيئِيَّة أَكْثَر مُلَاءَمَة لِلِإحْتِيَاجَات الْمَحَلِّيَّة وَأَكْثَر قَابِلِيَّة لِلتَّطْبِيق. وَهَذَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُسْهِمَ فِي تَحْقِيقِ التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة عَلَى الْمُسْتَوَى الْمَحَلِّيِّ. فِي الْخِتَامِ، يُعَدّ الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ وَالْبِيئَي حَجَرٌ الزَّاوِيَةِ فِي صُنْعِ السِّيَاسَات البِيئِيَّة الفعَالَة، سَوَاءٌ عَلَى الْمُسْتَوَى الْوَطَنِيِّ أَوْ الْمَحَلَّي. فَتَعَزيز هَذَا الْوَعْيِ مِنْ خِلَالِ مُخْتَلَف الْمُؤَسَّسَات وَالْجِهَات الْمُعْنِيَةُ سَيُؤَدِّي إِلَى صِيَاغَة سِيَاسَات بِيئِيَّة أَكْثَر إسْتِدَامَة وَقَابِلِيَّة لِلتَّطْبِيق، تُسْهِمُ فِي حِمَايَةِ الْبِيئَة وَتَحْقِيق التَّوَازُن الَّإيْكُولُوجِيّ الْمَنْشُود.

_ دُورٌ الْحَرَكَات البِيئِيَّة وَالْمَوْتِمَرًات الدَّوْلِيَّة فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ

الْحَرَكَاتِ البِيئِيَّة وَالْمُؤْتَمَرَات الدَّوْلِيَّة لَعِبَتْ دُورًا مُحَوَّريا فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ عَلَى الْمُسْتَوَى الْعَالَمِيّ. بِدَايَة، شَكْل التَّدَهْوُر البِيئِيّ وَالأَزَمَات البِيئِيَّة المُتَفَاقِمَة نُقْطَة إنْطِلَاق لِتَصَاعُد الِإهْتِمَامِ وَالِإعْتِرَاف الدَّوْلِيّ بِأَهَمِّيَّة حِمَايَة الْبِيئَة وَ الْحِفَاظِ عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. هَذَا التَّرَدِّي البِيئِيّ دَفَع الْبَاحِثِينَ وَالْمُفَكِّرِينَ إلَى طَرْحِ مُسَاءَلاَّت نَقْدِيَّة حَوْلَ سِيَاسَاتِ التَّعْلِيم البِيئِيّ وَمُمَارَسَات التَّرْبِيَة البِيئِيَّة، مَا أَسْهَمَ فِي لَفَتَ إنْتِبَاه الرَّأْيِ الْعَامِّ وَالْمُنَظَّمَات الدَّوْلِيَّة إلَى ضَرُورَةٍ إتِّخَاذ إجْرَاءَات فَعَّالَة لِمُوَاجَهَة هَذِه التَّحَدِّيَات. فِي هَذَا الصَّدَدِ، بَادَرَتْ الْمُؤَسَّسَات وَالْهَيْئَات الدَّوْلِيَّة كَالْأُمَّمِ الْمُتَّحِدَةِ إلَى عَقْدِ الْعَدِيدِ مِنَ الْمُؤْتَمَرَاتِ الْعَالَمِيَّة حَوْل قَضَايَا الْبِيئَة وَتَحَدِّيَاتِهَا، كَان أَبْرَزَهَا "مُؤْتَمَر ستُّوكهولم لِلْبِيئَة الْبَشَرِيَّة" عَامّ 1972 الَّذِي أَعْلَن أَهَمِّيَّة التَّرْبِيَة البِيئِيَّة كَمَدّْخَل حَيَوِيّ لِمُوَاجَهَة أَزَمَات الْبِيئَة. هَذَا الْمُؤْتَمَر تَمَخَض عَنْه إعْلَان ستُّوكهولم وَ خَطُّة عَمَل دَوْلِيَّة رَكَّزَتْ عَلَى مَبَادِئِ الْحفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ وَ تَعْزِيزِها، بِالْإِضَافَةِ إلَى إنْشَاءِ بَرْنَامَج الْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ لِلْبِيئَةِ كَجِهَاز رَئِيسِيّ لِتَنْسِيق الْجُهُود الدَّوْلِيَّة. كَمَا شَهِدَتْ السَّاحَة التَّرْبَوِيَّة عَلَى أثَرِ هَذَا الِإهْتِمَامِ الْعَالَمِيّ نِقَاشَات وَحِوَّارَات وَاسِعَةٌ حَوْل مَفَاهِيم التَّعْلِيم البِيئِيّ وَتَطْوِير نَظَرِيَّاتِه وَ مَنَاهِجَه وَتَطْبِيقِاته. وَأَدَّى هَذَا إلَى وِلَادَةِ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنْ الْبَرَامِج وَالسِّيَاسَات التَّرْبَوِيَّة التَّنْمَوِيَّة فِي مُخْتَلَفٍ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ بِهَدَف فَهُمْ أُسِّس التَّعْلِيم البِيئِيّ وَتَعْزِيزِه. عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، لَعِبَتْ الْحَرَكَات البِيئِيَّة دُورًا مُحَوَّريا فِي رَفْعِ الْوَعْي الْمُجْتَمَعي بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة وَالدَّفْع بِإتِّجَاه تَبَّنِي سِيَاسَاتِ وَمُمَارَسَاتِ أَكْثَر إسْتِدَامَة. فَقَدْ شَكَّلَتْ هَذِهِ الْحَرَكَاتِ مِنَصَّة مُهِمَّة لِطَرْح الْمَطَالِب وَالضَّغْطِ عَلَى الْحُكُومَات وَالمُؤَسَّسَات لِاِتِّخَاذ إجْرَاءَات فَعَّالَة لِحِمَايَة الْبِيئَة. كَمَا سَاهَمَت فِي تَنْشِيطِ النَّقَّاش الْعَامُ حَوْلٌ الْعَدَالَة البِيئِيَّة وَالرَّبْطُ بَيْنَ النِّضَال السِّيَاسِيِّ وَ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالْحِفَاظِ عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. وَمِنْ هَذَا الْمُنْطَلَقِ، يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ الْحَرَكَاتِ البِيئِيَّة وَالْمَوْتِمَرًات الدَّوْلِيَّة سَاهَمَت بِشَكْلٍ كَبِيرٍ فِي تَسْلِيطِ الضَّوْءَ عَلَى التَّحَدِّيَاتِ البِيئِيَّة الْعَالَمِيَّة وَأَهَمِّيَّة تَعْزِيز الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ كَإِطْار مَرْجِعِي لِمُوَاجَهَتها. فَقَدْ أَسْهَمَت هَذِهِ الْجُهُودِ فِي إِرْسَاءِ مَفَاهِيم التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة وَالتَّرْبِيَة البِيئِيَّة، وَتَنْمِيَة الْإِدْرَاك الْمُجْتَمَعي بِالْمَخَاطَرِ المُحْدِقَة بِالبِيئَة وَضَرُورَة إتِّخَاذ إجْرَاءَات عَاجِلَة لِحِمَايَتِهَا. وَبِذَلِك، مَثَّلْت هَذِه الْفَعَّالِيَّات مِنَصَّة هَامَة لِتَعْبِئَة الرَّأْيُ الْعَامّ وَتَحْشيد الْجُهُود الدَّوْلِيَّة نَحْوَ غَايَات حِمَايَة الْبِيئَة وَالْحِفَاظِ عَلَى مَوَارِدِهَا.

_ إنْتِشَارُ الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ فِي الثَّقَافَةِ الْعَامَّةِ فِي السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ

خِلَالَ السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ، نُلَاحِظ إنْتِشَار الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ فِي الثَّقَافَةِ الْعَامَّة بِشَكْلٍ مَلْحُوظٍ. هَذَا الِإنْتِشَار يَأْتِي نَتِيجَة لِعِدَّة عَوَامِل أَسَاسِيَّة:
. إزْدِيَاد الْوَعْي البِيئِيّ وَالِإهْتِمَام بِالتَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة:
تَزَايَد الْوَعْي البِيئِيّ وَالِإهْتِمَام بِالتَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة عَلَى الْمُسْتَوَى الْعَالَمِيّ كَانَ لَهُ أَثَرٌ كَبِيرٌ فِي إنْتِشَارِ الْمَوْضُوعَات البِيئِيَّة فِي الثَّقَافَةِ الْعَامَّةِ. فَفِي ظِلِّ تَنَامِي الْقَلَق بِشَأْن التَّهْدِيدَات البِيئِيَّة كَالتَّلَوُّث وَتَغَيَّرَ الْمُنَاخ وَفِقْدَان التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ، أَصْبَح الْحفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ قَضِيَّة حَيَّوِيَّة تَحْظَى بِإهْتِمَام مُتَزَايِدٌ مِنْ قِبَلِ الْحُكُومَات وَالمُجْتَمَعَات وَالْأفْرَاد.
.دُور وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ فِي نَشْرِ الثَّقَافَة البِيئِيَّة:
لَعِبَتْ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ دُورًا مُحَوَّريا فِي نَشْرِ الْوَعْي البِيئِيّ وَ تَسْلِيطِ الضَّوْءِ عَلَى الْقَضَايَا البِيئِيَّة فِي الثَّقَافَةِ الْعَامَّة. فَمَنْ خِلَال التَّوْعِيَة وَالتَّثْقِيف، تَغْيِير السُّلُوكِيات، تَحْفَيز الْمُبَادَرات، التَّأْثِيرُ عَلَى السِّيَاسَات، وَرَفَع الْوَعْي الْمُجْتَمَعي، سَاهَمَ الْإِعْلَامِ فِي خَلْقِ بِيئَة أَفْضَل وَمُسْتَقْبَل أَكْثَر إسْتِدَامَة.
. ظُهُورُ حَرَكَات وَجَمْعِيَّات بِيئِيَّة فَاعِلَة:
فِي السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ، بَرَزَتْ الْعَدِيدِ مِنَ الْحَرَكَات وَالجَمْعِيَّات البِيئِيَّة الَّتِي لَعِبَتْ دَوْرًا كَبِيرًا فِي نَشْرِ الثَّقَافَة البِيئِيَّة وَرَفَع الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ. فَمَنْظْمَات مِثْلُ غَرِينبيس وَغَيْرِهَا مِنْ الْمُبَادَرات الْمُجْتَمَعِيَّة سَاهَمَت فِي إبْرَازِ الْقَضَايَا البِيئِيَّة وَ إِيصَالِهَا إلَى الرَّأْيِ الْعَامّ.
. دُور الْمُؤَسَّسَات الثَّقَافِيَّةِ وَالْفَنِّيَّةِ فِي التَّوْعِيَة البِيئِيَّة:
أَصْبَحْت الْمُؤَسَّسَات الثَّقَافِيَّةِ وَالْفَنِّيَّةِ تَلْعَبُ دَوْرًا مُحَوَّريا فِي نَشْرِ الْوَعْي البِيئِيّ وَتَعْزِيز ثَقَافَة الْحِفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ. فَمَنْ خِلَال الْمُعَارِض الفَنِّيَّة وَالْأنْشَطَة الثَّقَافِيَّةِ الَّتِي تُسَلِّطُ الضَّوْءَ عَلَى الْقَضَايَا البِيئِيَّة، تُسَاهِم هَذِه الْمُؤَسَّسَاتِ فِي تَحْسِينِ الْوَعْي الْعَامّ وَتَشْجِيع السُّلُوكِيات الصِّدِّيقَةُ لِلْبِيئَة.
. دَمْج الْبُعْد البِيئِيّ فِي المَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّة:
أَصْبَحْت التَّرْبِيَة البِيئِيَّة جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ الْمَنَاهِج التَّعْلِيمِيَّةُ عَلَى مُخْتَلِفِ الْمَرَاحِل، مِمَّا سَاهَمَ فِي غَرْسِ قَيِّم الِإسْتِدَامَة وَ الْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ لَدَى الأَجْيَال الصَّاعِدَة. فَالتَّرْكُيز عَلَى الْبِيئَةِ فِي الْمُقَرَّرَات الدِّرَاسِيَّة وَالْأنْشَطَة المَدْرَسِيَّة يُسْهِمُ فِي خَلْقِ وَعِيّ بَيئِي جَمَاعِي فِي الْمُجْتَمَع.
. تَنَامي الْحَرَكَات وَالْمُبَادِرًات الْمُجْتَمَعِيَّة:
عَلَى صَعِيدِ الْمُجْتَمَع الْمَدَنِيّ، نُلَاحِظ تَنَامي الْحَرَكَات وَ الْمُبَادِرًات الْمُجْتَمَعِيَّة الَّتِي تَهْدِفُ إِلَى نَشْرِ الْوَعْي البِيئِيّ وَ تَعْزِيز السُّلُوكِيات الصِّدِّيقَةُ لِلْبِيئَة. مِنْ حَمَلَات إِعَادَةِ التَّدْوِيرِ إلَى الْمُبَادَرات التَّطَوُّعِيَّة لِلنَّظَافَةِ وَالتَّشْجِير، هَذِهِ الْمَسَاعِي الْمُجْتَمَعِيَّة سَاهَمَت فِي رَفْعِ الْوَعْي البِيئِيّ وَجَعْلِهِ جُزْءًا مِنْ الثَّقَافَة الْعَامَّة.
. الِإهْتِمَام الْمُتَزَايِد بِالثَّقَافَة البِيئِيَّة فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْمَحَلِّيَّة:
فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَات الْمَحَلِّيَّةِ، بَرَز إهْتِمَام مُتَزَايِد بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة نَظَرًا لِلتَّحْدِيات البِيئِيَّة الْفَرِيدَةِ الَّتِي تُوَاجِهُهَا هَذِهِ الْمَنَاطِقِ. فَالتَّرْكُيز عَلَى الْبِيئَةِ فِي فَكَّرَ السَّائِد وَرَبَطَهُ بالنِّضَال السِّيَاسِيِّ وَالِإجْتِمَاعِيِّ بِضَرُورَة الْحفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ يسَاهَمَ فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي البِيئِيّ فِي هَذه الْمُجْتَمَعات.
بِالتَّالِي، يُمْكِنُ الْقَوْلُ أنَّ إنْتِشَارَ الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ فِي الثَّقَافَةِ الْعَامَّة خِلَالَ السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ كَانَ نَتِيجَةَ لِتَضَافُر عِدَّة عَوَامِلَ أَسَاسِيَّةٍ، مِنْ إزْدِيَادِ الِإهْتِمَام البِيئِيّ عَالَمِيًّا إلَى دُورِ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ وَالمُؤَسَّسَات الثَّقَافِيَّة وَالْمُبَادِرًات الْمُجْتَمَعِيَّة. وَ هَذَا التَّوَجُّهِ نَحْوَ الِإسْتِدَامَة وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ أَصْبَح جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ الثَّقَافَة وَالْوَعْي الْعَامِّ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْمُعَاصِرَة.

_ التَّحَدِّيَات الْمُسْتَمِرَّة أمَام تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ التَّنْمِيَة وَ الْبِيئَة

تَوَاجَه مُعْظَم الدُّوَلِ فِي الْعَالَمِ تَحَدِّيَات مُسْتَمِرَّة لِتَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ التَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ. هَذِه التَّحَدِّيَات تَتَمَثَّلُ فِي الضَّغْط السُّكَّانِيّ الْمُتَزَايِد وَاَلَّذِي يُؤَدِّي إلَى إسْتِنْزَاف الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَتَلَوُّثُ الْبِيئَةِ. فَالتَّوَسُّع فِي الْمَنَاطِقِ السُّكْنَية وَالصِّنَاعِيَّة يُؤَدِّي إلَى تَآكُلِ الْأَرَاضِي الزِّرَاعِيَّةِ وَتَدْمِير النَّظْم البِيئِيَّة. إضَافَة إلَى إعْتِمَادِ الْكَثِيرِ مِنْ الدُّوَلِ عَلَى الْوُقُودِ الْأُحْفُورِيّ كَمَصْدَر رَئِيسِيّ لِلطَّاقَة مِمَّا يُؤَدِّي إلَى إنْبِعَاثَات غَازَات الدَّفَيْئَة وَ تَغَيَّرَ الْمُنَاخ. وَهَذَا يَتَطَلَّب الِإسْتِثْمَار فِي مَصَادِرِ الطَّاقَةِ الْمُتَجَدِّدَةِ كَالطَّاقَة الشَّمْسِيَّة وَ الرِّيَاح وَالْمَائِيَّة. نَاهِيك عَنْ تَوَسُّعِ الْأَنْشِطَة الصِّنَاعِيَّة وَ الزِّرَاعِيَّة بِطَرِيقَة غَيْرَ مُسْتَدَامَة مِمَّا يُؤَدِّي إلَى تَلَوُّثِ الْمِيَاه وَ التُّرْبَة وَالْهَوَاء. وَهَذَا يَتَطَلَّب تَطْبِيق مَعَايِير بِيئِيَّة صَارِمَةً عَلَى هَذِهِ الْأَنْشِطَة. إلَى جَانِبِ هَذَا هُنَاكَ إرْتِفَاعُ مُعَدَّلَات الِإسْتِهْلَاك وَالنِّفَايَات مِمَّا يُؤَدِّي إلَى تَرَاكَم الْمُخَلَّفَات وَ تَلَوُّثُ الْبِيئَةِ. وَ يَتَطَلَّب هَذَا تَعْزِيز ثَقَافَة إِعَادَةِ التَّدْوِيرِ وَ الِإسْتِهْلَاك الْمُسْتَدَام. لِذَلِك، تَحْتَاج الدُّوَلِ إلَى التَّوْفِيقِ بَيْنَ مُتَطَلَّبَات التَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة وَبَيْن الْحفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ مِنْ خِلَالِ سِيَاسَات وَإسْتَرَاتيجيات مُتَكَامِلَةَ عَلَى الْمُسْتَوَيَات الْوَطَنِيَّة وَ الدُّولَيَّة.

_ ضَعْفُ السِّيَاسَات البِيئِيَّة الفَعَالَة كَعَائِق أمَامٌ التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة

إنْ ضَعُفَ السِّيَاسَات البِيئِيَّة الفَعَالَة يُمَثِّل بِالتَّأْكِيد عَقَبَة كَبِيرَةٌ أَمَامَ تَحْقِيق التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة. هُنَاك عِدَّة عَوَامِل تُسْهِمُ فِي ذَلِكَ نَذْكُرُ مِنْهَا السِّيَاسَات البِيئِيَّة غَيْر الفَعَالَة. تَأْثِيرِ ضَعْفِ السِّيَاسَات عَلَى التَّنْمِيَةِ الْمُسْتَدَامَة. الْحَاجَةِ إلَى سِيَاسَات بِيئِيَّة فَعَّالَة. غَالِبًا مَا تَكُونُ السِّيَاسَات البِيئِيَّة غَيْرُ كَافِيَةٍ أَوْ ضَعِيفَةً، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى الِإسْتِغْلَال الْمُفْرِط لِلْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَ تَفَاقُم تَلَوُّثِ الْبِيئَةِ. قَدْ تُوجَدُ السِّيَاسَات عَلَى الْوَرَقِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَتِمُّ تَنْفِيذُهَا بِشَكْل فَعَالٌ فِي الْوَاقِعِ. كَمَا قَدْ تُصَمِّم السِّيَاسَات بِشَكْلٍ غَيْرِ مُنَاسِبٍ أَوْ قَدْ لَا تَتَوَافَقُ مَعَ السِّيَاقِ الْمَحَلِّي. مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ فِي غِيَابِ سِيَاسَات بِيئِيَّة قَوِيَّة، يَسْتَمِرّ تَدَهْوُر الْبِيئَة، مِمَّا يُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة الضَّرُورِيَّة لِلتَّنْمِيَة. وَهَذَا الْوَضْعِ يُهَدَّد الْأَمْنِ الْغِذَائِيِّ وَالْمَوَارِد الْمَائِيَّة وَالطَّاقَة، مِمَّا يُعِيقُ جُهُود التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة. بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ ضَعُفَ الْحِمَايَة البِيئِيَّة يُؤَدِّي إلَى زِيَادَةِ الْمَخَاطِر وَالكَوَارِثِ الطَّبِيعِيَّةِ الَّتِي تَعُوق مَسِيرَة التَّنْمِيَة. و لِتَحْقِيق التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة، مِنْ الضَّرُورِيِّ وُجُود سِيَاسَات بِيئِيَّة قَوِيَّة وَفِعَالَة تَشْمَل تَشْرِيعَات وَقَوَانِينِ صَارِمَة لِحِمَايَة الْبِيئَة. وآلْيَات فَعَّالَة لِضَمَان تَنْفِيذ وَإِنْفَاذ هَذِه السِّيَاسَات. كَذَا حَوَافِز وَتَشْجِيع لِلْمُمَارَسَات الصِّدِّيقَةُ لِلْبِيئَة. ثُمَّ إشْرَاكُ الْمُجْتَمَع الْمَدَنِيّ وَ الْقِطَّاعِ الْخَاصِّ فِي عَمَلِيَّةِ صَنَع السِّيَاسَات البِيئِيَّة. بِهَذِه الْوَسَائِل، يُمْكِن مُوَاجَهَة التَّحَدِّيَات البِيئِيَّة وَتَعْزِيزِ جُهُودِ التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة.

_ آلْيَات تَعْزِيز الْوَعْي الإيْكُولُوجِيّ عَلَى مُخْتَلِفِ الْمُسْتَوَيَاتِ

يُعْتَبَرُ تَعْزِيز الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ عَبَّرَ مُخْتَلِفِ الْمُسْتَوَيَاتِ أَحَد الدَّعَائِم الْأَسَاسِيَّة لِمُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَاتِ البِيئِيَّةِ المُعَاصِرَةِ وَ ضَمَان تَحْقِيق التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة. وَقَدْ اُتُّخِذَتْ الْمُنَظَّمَاتِ الدَّوْلِيَّةِ وَالْحُكُومَات وَالمُؤَسَّسَات الْمُعْنِيَة مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْآلْيَات وَالْمَمَارَسَات الْفَعَالَةُ فِي هَذَا الْمَجَال:
1. التَّرْبِيَة وَالتَّدْرِيب البِيئِيّ عَلَى كَافَّةِ الْمُسْتَوَيَات
تُؤَكِّد الْعَدِيدِ مِنَ الْوَثَائِق وَالِإتِّفَاقِيَّات الدَّوْلِيَّة عَلَى أَهَمِّيَّةِ تَعْزِيز التَّرْبِيَة وَالتَّدْرِيب البِيئِيّ فِي جَمِيعِ مَرَاحِلَ التَّعْلِيم، بَدْءًا مِنَ التَّعْلِيمِ الْأَسَاسِيِّ وُصُولًا إِلَى التَّعْلِيمِ الْجَامِعِي وَ بَرَامِج التَّنْمِيَة الْمِهَنِيَّة الْمُسْتَمِرَّة. فَتُعْتَبَر التَّرْبِيَة البِيئِيَّة بِمَثَابَة نُقْطَة الِإنْطِلَاق الْحَيَوِيَّة لِتَعْزِيز الْوَعْي البِيئِيّ وَتَشْجِيع التَّحَوُّلَات فِي السُّلُوكِيات وَالْمَمَارَسَات غَيْرَ الْمُسْتَدَامَة. وَمِنْ الْآلْيَاتِ الْمُهِمَّةِ فِي هَذَا السِّيَاق:
- إدْرَاج مَنَاهِجِ التَّرْبِيَةِ البِيئِيَّة ضَمِن الْمَنَاهِج الدِّرَاسِيَّة فِي كَافَّةِ الْمُسْتَوَيَات التَّعْلِيمِيَّة.
- تَطْوِير بَرَامِج التَّدْرِيب البِيئِيّ لِلعَامِلِينَ فِي مُخْتَلَفٍ الْقُطَّاعِات (كَالزِّرَاعَة وَالصِّنَاعَة وَالْخَدَمَاتِ) لِتَحْسِين مُمَارَسَاتهم وَتَعْزِيزِ وَعْيِهِم البِيئِيّ.
- تَشْجِيع الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ وَالدِّرَاسَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة وَتَحَدِّيَاتِهَا، مَعَ السَّعْيِ لِإِيجَاد حُلُول مُبْتَكَرَة.
- إنْشَاء مَرَاكِز وَمَعَاهَد مُخْتَصَّة فِي التَّرْبِيَةِ البِيئِيَّة لِتَطْوِير الْبَرَامِج وَالْمُنَاهِج وَتَدْرِيبِ الْمُعَلِّمِين وَالْمُدَرِّبين.
2. دَعْم الْمُنَظَّمَات الْمُجْتَمَعِيَّة وَالجَمْعِيَّات البِيئِيَّة
تَضْطَلِع الْمُنَظَّمَات الْمُجْتَمَعِيَّة وَالجَمْعِيَّات البِيئِيَّة بِدُور مِحْوَرَي فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي البِيئِيّ عَلَى الصَّعِيدِيْن الْمَحَلَّي وَ الْوَطَنِي، مِنْ خِلَالِ تَنْفِيذ بَرَامِجَ وَأَنْشِطَةً تَوْعَّوِيَّة مُتَنَوِّعَة فِي مُخْتَلَفٍ الْمَجَالَات. وَمِنْ أَهَمِّ الْآلْيَات فِي هَذَا السِّيَاق:
- تَقْدِيم الدَّعْم الْمَالِيّ وَالْفَنِّيّ لِلْجَمْعِيَّات وَالْمُنَظَّمَاتِ البِيئِيَّة، مِمَّا يُمَكِّنَهَا مِنْ أَدَاءِ دَوْرُهَا فِي نَشْرِ الْوَعْي الْمُجْتَمَعي.
- تَشْجِيعِ الْمُشَارَكَةِ الْمُجْتَمَعِيَّةِ فِي جُهُود حِمَايَة
الْبِيئَةِ مِنْ خِلَالِ بَرَامِج التَّطَوُّع وَالْمُبَادِرًات الشَّعْبِيَّة.
- إشْرَاك الْمُنَظَّمَات الْمُجْتَمَعِيَّة فِي عَمَلِيَّاتِ إتِّخَاذ الْقَرَار وَصِيَاغَة السِّيَاسَات البِيئِيَّة عَلَى مُخْتَلِفِ الْمُسْتَوَيَات.
3. تَطْوِير الْحَوْكَمَّة وَالإِطَار التَّنْظِيمِيّ لِلْبِيئَة
تُعْتَبَرْ قُوَّةُ الْقَوَانِين وَالتَّشْرِيعَات البِيئِيَّة وَكَفَاءَة تَطْبِيقِهَا عَوَامِل حَاسِمَةً فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ وَتَحْفيز التَّغَيُّرَات السُّلُوكِيَّة. وَمَنْ الْآلْيَات الْأَسَاسِيَّةَ فِي هَذَا الْمَجَالِ:
- تَعْزِيز الْمَنْظُومَة الْقَانُونِيَّة وَالتَّشْرِيعِيَّة لِحِمَايَة الْبِيئَة وَ الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة.
- تَطْوِير آلْيَات لِلرَّصْد وَالْمُرَاقَبَة وَتَحْفيز دُورٌ الْجِهَات التَّنْفِيذيَّة فِي تَطْبِيقِ الْقَوَانِين البِيئِيَّة.
- تَعْزِيز الْحَوْكَمَّة البِيئِيَّة عَلَى مُسْتَوَيَات مُتَعَدِّدَة وَتَنْسيق الْجُهُود بَيْنَ الْأَطْرَافِ الْمُعْنِيَة عَلَى الْمُسْتَوَيَات الْمَحَلِّيَّة وَ الوَطَنِيَّة وَالْإِقْلِيمِيَّة وَالدُّولَيَّة.
- تَشْجِيعِ الْمُبَادَرات الِإبْتِكَارِيَة فِي مَجَالِ الْإِنْتَاج وَالِإسْتِهْلَاك الْمُسْتَدَامَيْن وَتَطْوِير الْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ الْخَضْرَاء.
4. تَعْزِيز الْوَعْي الْعَامّ وَالْإِعْلَام البِيئِيّ
يَلْعَب الْإِعْلَام دَوْرًا رَئِيسِيًّا فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي البِيئِيّ فِي الْمُجْتَمَعِ بِشَكْلٍ عَامٍّ. وَمِنْ الْآلْيَاتِ الفِعَالَة لِتَحْقِيق ذَلِكَ:
- إطْلَاقُ حَمَلَات تَوَعَّويَّةً إِعْلَامِيَّةً مُسْتَمِرَّة عَبَّر وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ الْمُخْتَلِفَةِ لِتَوْعِيَة الْجُمْهُور بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة وَأثَارِهَا.
- إسْتِغْلَال وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ الْحَدِيثَة (مِثْل وَسَائِل التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالتَّطْبِيقَات الرَّقْمِيَّةِ) لِنَشْر الْمَعْلُومَات البِيئِيَّة وَ تَعْزِيز الْمُشَارَكَة الْمُجْتَمَعِيَّة.
- تَشْجِيع الْأَعْمَال الفَنِّيَّة وَالثَّقَافِيَّة (مِثْلُ الْأَدَبِ وَالسِّينِمَا وَ الْفُنُون التَّشْكِيلِيَّة) الَّتِي تُناقِش الْقَضَايَا البِيئِيَّة وَتَحَدِّيَاتِهَا.
فِي الْخِتَامِ، يَتَطَلَّب تَعْزِيز الْوَعْي الَّإيْكُولُوجِيّ عَلَى مُخْتَلِفِ الْمُسْتَوَيَاتِ جُهُودًا مُتَكَامِلَة مِنْ الْحُكُومَاتِ وَالْمُنَظَّمَات الدَّوْلِيَّة وَالْمُجْتَمَع الْمَدَنِيُّ، مِنْ خِلَالِ إسْتِخْدَامِ مَجْمُوعَةً مُتَنَوِّعَةً مِنَ الْآلْيَات وَالْمَمَارَسَات الْفَعَالَةُ فِي شَتَّى الْمَجَالَات. تُسْهِم التَّرْبِيَة البِيئِيَّة وَالْحَوْكَمَّة البِيئِيَّة وَالْإِعْلَام البِيئِيّ كَعَوَامِل حَيَّوِيَّة لِتَحْقِيقِ هَذَا الْهَدَفِ فِي مُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَات البِيئِيَّة الْمُعَاصِرَة.

_ الْحَاجَةُ إلَى تَغْيِيرِ جِذْرِيٍّ فِي النَّمَاذِجِ الِإقْتِصَادِيَّة وَ الِإجْتِمَاعِيَّة لِتَحْقِيق الِإسْتِدَامَة

تَوَاجَه الْعَالِمِ الْيَوْمَ تَحَدِّيَات كَبِيرَة تَتَطَلَّب تَغْيِيرًا جِذْرِيًّا فِي النَّمَاذِجِ الِإقْتِصَادِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة السَّائِدَة مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ الِإسْتِدَامَةَ عَلَى الْمَدَى الطَّوِيلِ. الْبَحْثِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ يُشِيرُ إلَى أَنْ النَّمَاذِج الِإقْتِصَادِيَّة الْخَطِيَّة التَّقْلِيدِيَّة الْقَائِمَةِ عَلَى الِإسْتِهْلَاكِ الْمُفْرِط لِلْمَوَارِد وَالْإنْبِعَاثَات الْكَرْبُونِيَّة الْعَالِيَةِ غَيْرُ قَادِرَةٍ عَلَى تَلْبِيَةِ إحْتِيَاجَات الْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَلِ.
أَوَّلًا، يَتَّضِحُ مِنْ التَّقَارِيرِ أَنَّ النَّمَاذِج الِإقْتِصَادِيَّة الْحَالِيَّة تُؤَدِّي إلَى إسْتِنْزَاف الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة بِشَكْلٍ غَيْرِ مُسْتَدَامٍ وَتَلْحَق ضَرَرًا كَبِيرًا بِالبِيئَة. هَذَا النَّمُوذَجَ الْخَطِي"خُذْ، صَنَع، إسْتَهْلَك، تَخَلَّص" يُؤَدِّي إلَى تَرَاكَم النِّفَايَات وَتَلَوُّثُ الْبِيئَةِ عَلَى نَحْوِ لَا يُمْكِنُ إسْتِمْرَارُهُ عَلَى الْمَدَى الطَّوِيلِ. لِذَا تَبْرُز الْحَاجَةِ إلَى إعْتِمَادِ نَمَاذِج إقْتِصَادِيَّة دَائِريَّة قَادِرَةً عَلَى إعَادَةِ إسْتِخْدَام الْمَوَارِد وَتَدْوِيرِهَا بِشَكْلٍ مُسْتَمِرٍّ.
ثَانِيًا، فَإِنْ النَّمَاذِج الِإقْتِصَادِيَّة الْحَالِيَّة تُؤَدِّي إلَى تَفَاقُمِ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ الِإجْتِمَاعِيَّة وَإنْعِدَام الْعَدَالَةِ. حَيْثُ يُؤَدِّي التَّرْكِيزِ عَلَى النُّمُوِّ الِإقْتِصَادِيِّ دُونَ الْأَخْذِ فِي الِإعْتِبَارِ الْأثَار الِإجْتِمَاعِيَّةِ إِلَى تَهْمِيش الْفِئَات الضَّعِيفَةِ فِي الْمُجْتَمَعِ، وَ تَفَاقُم الْفَجْوَةِ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ. لِذَلِك تَبْرُز الْحَاجَةِ إلَى نَمَاذِج تَنْمَويَّة شَامِلَةٌ تُرَاعِي الْبُعْد الِإجْتِمَاعِيّ وَتَضْمَن تَوْزِيع عَادِل لِلثَّرْوَة وَالْمَوَارِد.
ثَالِثًا، تُشِير الْأَبْحَاث إلَى أَنْ النَّمَاذِج الِإقْتِصَادِيَّة التَّقْلِيدِيَّة تَتَجَاهل التَّكَالِيفُ البِيئِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة النَّاجِمَةِ عَنِ أَنْشِطَتِهِا، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى أثَارِ سَلْبِيَّةٍ عَلَى الْمَدَى الطَّوِيلِ. وَبِالتَّالِي هُنَاكَ ضَرُورَةٌ لِتَبْنِي نَمَاذِج إقْتِصَادِيَّة وَتَنمَويًة جَدِيدَةٍ تَدْمَج الْبُعْدُ البِيئِيّ وَالِإجْتِمَاعِيّ بِشَكْلٍ أكْبَرَ وَتَتَبَّنَى مَبَادِئُ الِإسْتِدَامَةُ.
فِي الْوَاقِعِ، تَتَطَلَّب تَحْقِيق الِإسْتِدَامَةَ عَلَى الْمُسْتَوَيَات الِإقْتِصَادِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة وَالبِيئِيَّة تَغْيِيرًا جِذْرِيًّا فِي الْبُّنَى الِإقْتِصَادِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة السَّائِدَة. وَهَذَا يَتَطَلَّب إعَادَة التَّفْكِيرِ فِي النَّمَاذِجِ الْإِنْتَاجِيَّة وَالِاسْتِهْلَاكيَّة وَالتَّوْزِيعِيَّة، بِمَا فِي ذَلِكَ الِإنْتِقَالُ إلَى إقْتِصَاد دَائِرِيّ وَتَبَّنِي مُمَارَسَات أَكْثَرُ عَدَالَةً وَ إحْتِوَاء إجْتِمَاعِيًّا. وَلَا يَقْتَصِرُ التَّغْيِير الْجِذْرِيّ الْمَطْلُوبِ عَلَى الْمُسْتَوَى الِإقْتِصَادِيّ، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَشْمَلَ أَيْضًا الْبُّنَى الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ لِلْمُجْتَمَعَات. فَالتَّحَوُّل نَحْو نَمَاذِج تَنْمَويَّة مُسْتَدَامَة يَتَطَلَّب تَغْيِيرًا فِي الْقِيَمِ وَالسَّلْوَكَيَّات عَلَى مُسْتَوَى الْأَفْرَادِ وَالمُؤَسَّسَات مِنْ أَجْلِ ضَمَانِ التَّوَازُنِ بَيْنَ التَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة وَحِمَايَة الْبِيئَة وَتَحْقِيقِ الْعَدَالَةِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ.
فِي الْخِتَامِ، يَتَّضِحُ مِنْ الْبَحْثِ أَنَّ تَحْقِيقَ الِإسْتِدَامَةَ عَلَى الْمَدَى الطَّوِيلِ يَتَطَلَّب تَغْيِيرًا جِذْرِيًّا فِي النَّمَاذِجِ الِإقْتِصَادِيَّة وَ الِإجْتِمَاعِيَّة السَّائِدَة. وَهَذَا التَّغْيِيرُ لَيْس بِاﻷمَرّ السَّهْل أَوْ السَّرِيع، وَلَكِنَّه ضَرُورِيّ لِضَمَان مُسْتَقْبِل مُسْتَدَام لِلْإِجْيَال الحَالِيَّةِ وَالْقَادِمَة.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ
- الْبَيُولُوجْيَا الِإصْطِنَاعِيَّة
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْأَمْن الْبَيُولُوجِيّ
- أَخْلَاقِيَّات التِّكْنُولُوجْيَا
- فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- فَلْسَفَةُ التِّكْنُولُوجْيَا : -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- التِّكْنُولُوجْيَا
- أَخْلَاقِيَّات الْبَحْثُ الْعِلْمِيّ
- أَخْلَاقِيَّات الْإِعْلَام
- الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة :-الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- الْأَخْلَاقِ الطِّبِّيَّة
- الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة
- البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
- البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي فَلْسَفَةِ الِإخْتِلَاف
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : رِهَان الدِّرَاسَات المُسْتَقْبَلِ ...
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَحَدِّيَات الْعَوْلَمَة


المزيد.....




- ارتفاع أسعار الفواكه الصيفية في مصر.. وتجار يكشفون الأسباب
- ما المفاجآت التي يحضرها الحوثي لإسرائيل؟
- مصر.. تحرك واسع للسلطات يمنع كارثة طبية بالبلاد
- مؤشر الديمقراطية 2025: تراجع شعبية أمريكا عالميًا وإسرائيل ف ...
- أوكسفام: غزة على شفا مجاعة وأطفال ينهكهم الجوع حتى البكاء
- اجتماع سوري-تركي-أردني: دعم للاستقرار الإقليمي وقلق مشترك بش ...
- ترامب يحتاج إلى زنزانات إضافية... فهل أوروبا على استعداد للم ...
- طائرة قطرية لترامب بـ400 مليون دولار.. كيف ردت الإدارة الأمر ...
- ماكرون و-المنديل الأبيض-.. ما حقيقة فيديو -الكوكايين- في اجت ...
- ساويرس يطالب بإزاحة الجيش عن مزاحمة القطاع الخاص في مصر


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - الوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الثَّانِي-