أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ















المزيد.....



عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8333 - 2025 / 5 / 5 - 22:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ مَفْهُومُ عَلِمَ النَّفْس البِيئِيّ

عِلْمِ النَّفْس البِيئِيّ (Environmental Psychology) هُوَ أَحَدُ فُرُوعِ عِلْمِ النَّفْس الْفَلْسَفِيّ، وَهُوَ يُعْنَى بِدِرَاسَة الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة الَّتِي يَعِيشُ فِيهَا، وَتَأْثِيرِ هَذِهِ الْعَلَاقَةِ عَلَى سُلُوكِ الْإِنْسَانِ وَحَالَتُه النَّفْسِيَّة. يُعْتَبَرُ عِلْمُ النَّفْسِ البِيئِيّ أَحَد الحُقُول الْمُتَخَصِّصَة ضَمِنَ عِلْمِ النَّفْس الْفَلْسَفِيّ، وَاَلَّذِي يُرَكِّزُ عَلَى الِإفْتِرَاضَات وَ النَّظَرِيَّات الْكُلِّيَّة الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي تَقِفُ وَرَاءَ ظَوَاهِر السُّلُوكِ الْإِنْسَانِيِّ. فَعُلِم النَّفْس البِيئِيّ يَبْحَثُ فِي الْجَوَانِبِ الْفَلْسَفِيَّة وَالنَّظَرِيَّة لِلْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة، وَ اَلَّتِي تُؤَثِّر بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى الْحَالَةِ النَّفْسِيَّةِ لِلْفَرْد وَسُلُوكِيَّاته. مِنْ الْمَنْظُور الْفَلْسَفِيّ، يَنْظُرُ عِلْمُ النَّفْسِ البِيئِيّ إلَى الْإِنْسَانِ بِإعْتِبَارِهِ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ الْبِيئَة الَّتِي يَعِيشُ فِيهَا، وَلَيْسَ كِيَان مُنْفَصِلٌ عَنْهَا. فَالْبِيئَة لَيْسَتْ مُجَرَّدَ إِطَار مَادِّيٍّ خَارِجِيٍّ، بَلْ هِيَ جُزْءُ مَنْ التَّرْكِيب الْجَوْهَرِيّ لِلْإِنْسَان وَتُؤَثِّر بِشَكْل عَمِيقٌ فِي تَكْوِينِهِ النَّفْسِيّ وَالسَّلْوَكِي. وَيَنْطَلِقُ هَذَا الْمَنْظُورِ الْفَلْسَفِيّ مِنْ فِكْرَة أَنَّ الْإِنْسَانَ وَالْبِيئَة هُمَا نَظَامان مُتَفَاعِلَان وَ مُتَكَامِلَان، وَإِنْ أَيْ تَغَيُّر فِي أَحَدِهِمَا سَيَنْعَكِس بِالضَّرُورَةِ عَلَى الْآخَرِ. فَالْعَلَاقَة بَيْنَهُمَا لَيْسَتْ عَلَاقَة سَبَبِيَّة أُحَادِيَّة الِإتِّجَاه، بَلْ هِيَ عَلَاقَةٌ تَبَادُلِيَّة دِينَّامِيكِيَّة وَعَلَيْهِ، فَإِنْ عَلِمَ النَّفْس البِيئِيّ يَسْعَى إلَى فَهْمِ الْأبْعَاد الْفَلْسَفِيَّة وَالنَّظَرِيَّة لِهَذِهِ الْعَلَاقَةِ الْمُتَشَابِكَة بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة، وَاَلَّتِي تُؤَثِّرُ فِي النِّهَايَةِ عَلَى الْحَالَةِ النَّفْسِيَّةِ لِلْفَرْد وَسُلُوكِيَّاته. كَمَا يَهْتَمّ عِلْمُ النَّفْسِ البِيئِيّ بِدِرَاسَة كَيْفِيَّة إدْرَاك الْأَفْرَاد لِبَيْئَتَّهِم وَالتَّأْثِيرَات النَّفْسِيَّةِ وَ الِإجْتِمَاعِيَّةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى ذَلِكَ. مِنْ النَّاحِيَةِ التَّارِيخِيَّةِ، يَعُود الْفَضْلِ فِي صِيَاغَةِ مُصْطَلَحِ "عِلْمِ النَّفْس البِيئِيّ" إِلَى الفَيْلَسُوفِ وَالْمُحَلَّل النَّفْسِيّ الْأَمْرِيكِيّ ثُيُودُور رَوْزَاك "Theodore Roszak" فِي كِتَابِهِ "صَوْت الْأَرْض" الصَّادِرُ عَامَ 1992. بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ بَعْضَ عُلَمَاءِ النَّفْسِ وَعُلَمَاء الْبِيئَةِ فِي بِيرْكْلِي كَانُوا يَسْتَخْدِمُون الْمُصْطَلَح بِشَكْل مُسْتَقِلّ لِلتَّعْبِيرِ عَنْ أَعْمَالِهِمْ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ. وَقَدْ لَعِبَ كُلٍّ مِنْ رَوْزَاك وَ مَارِي غُومِيز "Mary Gòmez" وَ الْآنَ كَانَر "Allan Kanner" دَوْرًا بَارِزًا فِي تَطْوِيرِ الْفِكْرَة الْأَسَاسِيَّة لِعِلْم النَّفْس البِيئِيّ وَاَلَّتِي تَنُصُّ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ الْبَشَرِيَّ يَتَأَثَّر وَيَتَشَكَّل بِشَكْل حَتْمِيّ بِالبِيئَة الطَّبِيعِيَّةِ الَّتِي تَطَوَّرَ فِيهَا. بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ، كَانَ لِكِتَابَات بَعْضُ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُفَكِّرِينَ تَأْثِير كَبِيرٌ فِي بِلَّوْرَة مَفْهُومُ عَلِمَ النَّفْس البِيئِيّ، مِثْلُ كِتَابٍ بَوْل شَيْبَرد "Paul Shepard" "الطَّبِيعَةِ وَالْجُنُون" الَّذِي إسْتَكْشَف تَأْثِير تَنَاقُص إلْتِحَام الْإِنْسَانِ بِالطَّبِيعَةِ الْبَرِّيَّةِ عَلَى تَطَوُّرَه النَّفْسِيّ، وَ كِتَاب دِيفِيد سِبَانجلر "David Spangler" "لَعْنَةُ الْإِحْسَاسَ" الَّذِي أَثَّرَ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ فِي دَفْعِ عِلْمِ الظَّوَاهِر إلَى الِإهْتِمَامِ بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة وَالنَّفْسِيَّة البِيئِيَّة. وَبِشَكْل عَامٍّ، يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ عِلْمَ النَّفْس البِيئِيّ يَنْطَلِقُ مِنْ مَنْظُورٍ فَلْسَفِيّ يَرَى فِي الْبِيئَةِ الطَّبِيعِيَّة مِحْوَرًا أَسَاسِيًّا فِي تَشْكِيلِ الْحَيَاة النَّفْسِيَّة لِلْإِنْسَانِ، وَأَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْئَتِهِ هُوَ فَصْلُ خَاطِئ وَ غَيْرَ مُمْكِنٍ. فَالْإِنْسَان وَالْبِيئَة يُشَكِّلَان وَحْدَة جَدَلِيَّة مُتَكَامِلَة، وَ أَيّ تَحْلِيل لِلسُّلُوك الْإِنْسَانِيّ لَابُدَّ أَنْ يَنْطَلِقَ مِنْ هَذِهِ الْوَحْدَةُ الْأَسَاسِيَّة.

_ مَا هِيَ التَّطْبِيقَات الْعَمَلِيَّة لِعِلْم النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ

عِلْمِ النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ هُوَ فَرْعُ مَنْ عِلْمِ النَّفْس يُرَكِّزُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي يَتَفَاعل بِهَا الْأَفْرَادُ مَع بَيْئَتَهُم. هُنَاكَ الْعَدِيدِ مِنَ التَّطْبِيقَات الْعَمَلِيَّة لِهَذَا الْعِلْمِ، وَمَنْ أَهَمِّهَا، التَّخْطِيط وَ التَّصْمِيم البِيئِيّ، الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة، التَّرْبِيَةِ وَ التَّعْلِيمِ، الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ. يُسَاعِد عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِي فِي تَصْمِيمِ وَخُطَط الْمَبَانِي وَالْمِسَاحَات الْعَامَّة بِطَرِيقَة تُعَزِّزُ الرَّفَاهِيَة النَّفْسِيَّة لِلْأَفْرَاد وَ تُحْسِن مِنْ تَفَاعُلِهِمْ مَعَ الْبِيئَة. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يُمْكِن إسْتِخْدَامِ هَذَا الْعِلْمِ فِي تَصْمِيمِ مَنَاطِق خَضْرَاء وَأَمَاكِن لِلرَّاحَة دَاخِلِ الْمُدُنِ. كَمَا يُمْكِنُ إسْتِخْدَام عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ لِتَحْسِينِ الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ وَالْجَسَدِيَّةِ لِلْأَفْرَاد مِنْ خِلَالِ دِرَاسَةِ تَأْثِير الْبِيئَة عَلَى سُلُوكِهِمْ وَ تَفْضِيلاتُّهم. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يُمْكِن إسْتِخْدَامِ هَذَا الْعِلْمِ فِي تَصْمِيمِ بَيْئَات عَمِلَ أَكْثَرَ صِحِّيَّة وَإِنْتَاجُيَّة. فِي نَفْسِ الْآن يُسَاعِدَ عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ فِي فَهْمِ كَيْفِيَّة تَأْثِير الْبِيئَة عَلَى سُلُوكِ الْأَفْرَاد وَالمُجْتَمَعَات، مِمَّا يُسَاعِدُ فِي تَصْمِيمِ وَ تَنْفِيذ مُبَادِرًات التَّنْمِيَةَ الْمُسْتَدَامَة بِطَرِيقَةٍ أَكْثَرَ فَعَّالِيَّة. مِنْ جَانِبِ مُعَيَّنٍ يُمْكِن إسْتِخْدَام عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ فِي تَصْمِيمِ بَيْئَات تَعْلِيمِيَّةٌ تَعَزُّز التَّعَلُّم وَالْإِبْدَاع، مِثْلِ إنْشَاءِ فُصُول دِرَاسِيَّة مُرِيحَة وَمُشَجِعَة عَلَى التَّفَاعُلِ. مِنْ جَانِبِ آخَرَ يُسَاعِد عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ فِي فَهْمِ كَيْفِيَّة تَأْثِير الْبِيئَة عَلَى سُلُوكِ الْأَفْرَاد تُجَاه الْحِفَاظُ عَلَيْهَا، مِمَّا يُسَاعِدُ فِي تَصْمِيمِ حَمَلَات تَوْعِيَّة وَبَرَامِج فَعَّالَة.

_ كَيْفَ يُمْكِنُ لِعِلْم النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ أنْ يُؤَثِّرْ عَلَى الْبِيئَةِ

يَسْتَكْشِف عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ كَيْفِيَّةُ تَفَاعُل الْأفْرَادُ مَعَ الْبِيئَة الْمُحِيطَة بِهِمْ. يُمْكِنُ لِهَذَا التَّخَصُّص أَنْ يُؤَثِّرَ فِي الْبِيئَةِ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ. يُمْكِن لِعُلَمَاء النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ تَعْزِيز الْوَعْيِ وَالْمَعْرِفَةِ حَوْلَ الْقَضَايَا البِيئِيَّة وَتَأْثِير سَلُوكَيَّات الْإِفْرَادُ عَلَيْهَا. مِنْ خِلَالِ بَرَامِج التَّوْعِيَة وَالتَّعْلِيم البِيئِيّ، يُمْكِنُ تَغْيِيرُ السُّلُوكِيات وَالْعَادَاتِ الَّتِي لَا تَتَمَاشَى مَعَ حِمَايَة الْبِيئَة لَدَى الْأَفْرَادِ وَالمُجْتَمَعَات. يُسَاعِد عِلْمُ النَّفْسِ الَّإيْكُولُوجِيّ فِي فَهْمِ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ الْبِيئَة عَلَى سُلُوكِ الْإِنْسَانِ، وَكَذَلِكَ كَيْفَ تُؤَثِّرُ التَّصَرُّفَات الْبَشَرِيَّة عَلَى بِيئَتِنَا. مِنْ خِلَالِ هَذَا الْفَهْمِ، يُمْكِن إبْتِكَار تَدْخُلات تَهْدِفُ إِلَى تَعْزِيزِ سَلُوكَيَّات بِيئِيَّة إِيجَابِيَّة مِثْل إِعَادَةِ التَّدْوِيرِ وَتَرْشِيد إسْتِهْلَاكِ الطَّاقَةِ. إسْتِنَادًا إلَى فَهْمِهِمْ لِعَلَاقَة الْبَشَر بِالبِيئَة، يُمْكِن لِعُلَمَاء النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ الْمُسَاهَمَةِ فِي تَصْمِيمِ مُبَان وَأَمَاكِن عِمْرَانِيَّة مُسْتَدَامَة وَصَدِيقَةٍ لِلْبِيئَةِ، مِمَّا يُسَاعِدُ عَلَى تَقْلِيلِ الْأضْرَار النَّاتِجَةِ عَنِ الْأَنْشِطَةِ الْبَشَرِيَّةِ عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَالنَّظْم البِيئِيَّة. كَمَا يُمْكِنُ لِعِلْم النَّفْس الَّإيْكُولُوجِيّ إنْ يُسْهِمُ فِي إنْشَاءِ بَيْئَات أَكْثَرُ إسْتِدَامَة وَصِحَّة لِلْأَفْرَاد مِنْ خِلَالِ التَّعَرُّفِ عَلَى إحْتِيَاجَاتِهِمْ النَّفْسِيَّةِ وَالِإجْتِمَاعِيَّةِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَخْدِمَ هَذَا الْعِلْمِ لِتَصْمِيمِ مُبَان وَأَمَاكِن عَامَّة تُشَجِّعُ عَلَى الْحَرَكَةِ وَالتَّوَاصُل الِإجْتِمَاعِيّ. مِنْ خِلَالِ إسْتِغْلَال أَبْحَاث عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ، يُمْكِنُ وَضْعُ سِيَاسَات بِيئِيَّة أَكْثَر فَعَّالِيَّة، بِفَهْم كَيْفِيَّة تَأْثِيرِ هَذِهِ السِّيَاسَاتِ عَلَى سُلُوكِ الْأَفْرَاد وَكَيْفِيَّة تَصْمِيمُهَا لِتَحْقِيق أَكْبَر أَثَر إِيجَابِيّ. بِإسْتِخْدَام مَعْرِفَتِهِمْ حَوْل الْعَوَامِل الْمُؤَثِّرَةِ فِي السُّلُوكِ البِيئِيّ لِلْأَفْرَاد وَ المُجْتَمَعَات، يُمْكِن لِعُلَمَاء النَّفْس الَّإيْكُولُوجِيّ تَطْوِير تَدْخُلات وَبَرَامِج تُشَجِّعُ عَلَى الْمُمَارَسَات الصِّدِّيقَة لِلْبِيئَة، مِثْل تَقْلِيل الِإسْتِهْلَاك وَالتَّخَلُّصِ مِنْ النِّفَايَات بِطَرِيقَة مَسْؤُولَة وَإعْتِمَاد أَسَالِيب حَيَاتِيَّة مُسْتَدَامَةٌ. مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الْأَسَالِيب الْمُتَنَوِّعَة، يُمْكِن لِعِلْم النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ أنْ يَلْعَبُ دَوْرًا فَعَّالًا فِي حِمَايَةِ الْبِيئَة وَالتَّخْفِيفِ مِنْ أثَارِ الْأَنْشِطَةِ الْبَشَرِيَّةِ الضَّارَّة. كَمَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْهِمَ فِي تَطْوِيرِ حُلُول فَعَّالَة لِلتَّحْدِيات البِيئِيَّة عَبَّر دَمْج الْمَعْرِفَة حَوْل السُّلُوكِ الْبَشَرِيِّ وَالْعَوَامِل البِيئِيَّة.

_ النَّظَرِيَّات الرَّئِيسِيَّة فِي عِلْمِ النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ

النَّظَرِيَّاتِ الأَسَاسِيَّةَ فِي عِلْمِ النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ
هِيَ كَالتَّالِي:
1. نَظَرِيَّة النَّظْم الإِيْكُولُوجِيّ: تُسَلِّطَ هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ الضَّوْءَ عَلَى التَّفَاعُلِ الدِّينَاميكي بَيْنَ الْفَرْدِ وَبَيْئَتِه، وَتُؤَكِّدُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْعَوَامِل البِيئِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة وَالثَّقَافِيَّة فِي تَفْسِيرِ السُّلُوك الْبَشَرِيّ.
2. نَظَرِيَّةُ التَّطَوُّرِ الْإِنْسَانِيّ: تُشِير هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ إلَى أَنْ النُّمُوّ النَّفْسِيِّ وَالِإجْتِمَاعِيِّ لِلْإِنْسَان يَتَأَثَّر بِشَكْل عَمِيق بِالسِّيَاقَات البِيئِيَّة وَالثَّقَافِيَّة الَّتِي يَعِيشُ فِيهَا.
3. نَظَرِيَّة الْإِدْرَاك البِيئِيّ: تُرْكَز هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ عَلَى طَرِيقَةِ إدْرَاك الْأَفْرَاد لِبَيْئَتَّهَم وَكَيْفِيَّةُ تَفَاعُلِهِمْ مَعَهَا، مَعَ التَّأْكِيدِ عَلَى دُورِ الْجَوَانِب الْإِدْرَاكِيَّة وَالْمَعْرُفِيَّة فِي فَهْمِ سُلُوكِهِمْ.
4. نَظَرِيَّة السُّلُوك الْمُنَظَّم: تَفْتَرِض هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ أَنَّ سُلُوكَ الْإِنْسَانِ يَتَأَثَّر بِمَجْمُوعَةً مُتَنَوِّعَةً مِنْ الْعَوَامِلِ البِيئِيَّة وَ الِإجْتِمَاعِيَّة، وَأَنَّ الْأفْرَادَ يَقُومُون بِتَنْظِيم سُلُوكِهِمْ لِيَتَوَافَقَ مَعَ هَذِهِ الْعَوَامِل.
5. نَظَرِيَّة التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة: تَسَلُّط هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ الضَّوْءَ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة لِضَمَان تَحْقِيق تَنْمِيَة تَتَّسِم بِالِإسْتِدَامَة، مَعَ مُرَاعَاةِ الْجَوَانِب الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَ الِإقْتِصَادِيَّةِ وَالبِيئِيَّة.
تِلْكَ هِيَ بَعْضُ منْ النَّظَرِيَّات الأَسَاسِيَّةَ فِي عِلْمِ النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ، الَّتِي تُسَاهِمُ فِي فَهْمِ الْعَلَاقَة المُتَبَادِلَةِ بَيِنَ الْفَرْد وَبَيْئَتِه الْمُحِيطَةَ.

_ نَّقْد النَّظَرِيَّات الأَسَاسِيَّةَ فِي عِلْمِ النَّفْس إلَّايْكُولُوجِيّ

عِلْمُ النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ هُوَ مَجَالٍ مِنَ عِلْمُ النَّفْسِ يُرَكِّزُ عَلَى الْعَلَاقَةِ التَّفَاعُلِيَّة بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَالْبِيئَة الَّتِي يَعِيشُونَ فِيهَا. هَذَا الْمَجَالِ لَهُ أُصُولٌ تَارِيخِيَّة قَدِيمَة، وَقَدْ تَطَوُّر بِشَكْلٍ كَبِيرٍ فِي الْعُقُودِ الْأَخِيرَةِ نَتِيجَة الِإهْتِمَام الْمُتَزَايِد بِالْمَشْكُلَات البِيئِيَّة الْعَالَمِيَّة. وَلَعَلَّ أَهَمَّ النَّظَرِيَّات الرَّئِيسِيَّة فِي عِلْمِ النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ هِيَ نَظَرِيَّة جَيمْس جَايّ جِيبْسُون James J." Gibson" لِلْإِدْرَاكِ الْمُبَاشِر، وَنَظَرِيَّة رُوجَر بَارْكَر "Roger Barker" لِلْوَحْدَات البِيئِيَّة، وَالنَّهْج البِيئِيّ لِيف سِيمُينُوفِيتْش فِيغُوتْسْكِي "Лев Семёнович Выго́тский". وَفِيمَا يَلِي نَقْد مُوجَز لِهَذِه النَّظَرِيَّات الرَّئِيسِيَّة:
1. نَظَرِيَّة جيْبِسون لِلْإِدْرَاكِ الْمُبَاشِر: تَرْكِيز جَيْبِسون عَلَى الْخَصَائِصِ الْمُبَاشَرَة لِلْبِيئَة وَاَلَّتِي يُمْكِنُ لِلْكَائِن الْحَيّ إدْرَاكِهَا دُونَ تَدَخُّلٍ عَمَلِيَّاتٍ عَقْلِيَّةً مُعَقَّدَةً قَدْ يَكُونُ مُبَالِغًا فِيهِ إلَى حَدِّ مَا. فَالْإِدْرَاك هُوَ عَمَلِيَّةُ مُعَقَّدَة تَتَضَمَّن إلَى جَانِبِ الْمَعْلُومَات الْمُبَاشَرَةِ مِنْ الْبِيئَة، مُعَالَجَة عَقْلِيَّة وَمَعَرْفِيَّة مُتَدَاخِلَةٌ. كَمَا أَنَّ جَيْبِسون لَمْ يُوضِحْ بِشَكْل كَافٍ كَيْفَ يَتِمُّ تَكْوِين الْمَعَانِي وَ التَّمْثِيلَات الذِّهْنِيَّة لِلْبِيئَة لَدَى الْأَفْرَادِ، وَأَهَمِّيَّة هَذِهِ الْعَمَلِيَّاتُ الْمَعْرِفِيَّة فِي تَوْجِيهِ السُّلُوك وَالتَّفَاعُل مَع الْبِيئَة. وَيَنْتَقِد الْبَعْض نَظَرِيَّة جَيْبِسون لِإفْتِقَارِهَا إلَى التَّرْكِيزِ عَلَى الْفُرُوقِ الْفَرْدِيَّةُ فِي الْإِدْرَاكِ البِيئِيّ وَاَلَّتِي قَدْ تُنْتِجُ عَنْ إخْتِلَافَات فِي الْخِبْرَات السَّابِقَة وَالْقُدُرَات الْمَعْرِفِيَّة لِلْأَفْرَاد.
2. نَظَرِيَّة بارْكر لِلْوَحْدَات البِيئِيَّة: عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَهَمِّيَّةِ التَّرْكِيزِ عَلَى السِّيَاقِ البِيئِيّ وَالْمَوْقُفِي فِي فَهْمِ السُّلُوكِ الْبَشَرِيِّ كَمَا أَكَّدَتْ نَظَرِيَّة بارْكر، إلَّا أَنْ هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ قَدْ تَبْدُو مُفَرِّطَةً فِي تَأْكِيدِهَا عَلَى دُورِ الْبِيئَة مَعَ إهْمَالِ أَوْ تَقْلِيلِ أَهَمِّيَّة الْعَوَامِل الشَّخْصِيَّة وَالْمَعْرُفِيَّة فِي تَفْسِيرِ السُّلُوكِ. كَمَا أَنَّ تَحْدِيدَ الْوَحَدَات البِيئِيَّة السُّلُوكِيَّة بِشَكْلٍ دَقِيقٌ قَدْ يَكُونُ صَعْبًا فِي الْوَاقِعِ الْعَمَلِيّ نَظَرًا لِتَعَقُّدِ الْبَيِّئَات الَّتِي يَعِيشُ فِيهَا الْأفْرَادُ وَالتَّدَاخُلِ بَيْنَ مُكَوِّنَاتِهَا. وَقَدْ إنْتَقَدَ الْبَعْضَ نَظَرِيَّة بارْكر لِإفْتِقَارِهَا إلَى التَّفْسِيرِ الْكَافِي لِلتَّغَيُّرَات فِي السُّلُوكِ عَبَّر الْمَوَاقِف الْمُخْتَلِفَةُ، إذْ أَنَّ السُّلُوك قَدْ يَخْتَلِفُ حَتَّى فِي نَفْسِ الْمَوْقِف البِيئِيّ.
3. النَّهْج البِيئِيّ فِيغُوتْسْكِي: أكَدُ فِيغُوتْسْكِي عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْبِيئَة الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ فِي عَمَلِيَّةِ النُّمُوّ المَعْرِفِيّ وَ النَّفْسِيّ لِلْفَرْدِ، وَهُوَ تَوَجُّهُ مُهِمٌّ فِي عِلْمِ النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ. وَ مَعَ ذَلِكَ، إنْتَقَدَ الْبَعْضَ نَظَرِيَّة فِيغُوتْسْكِي لِإفْتِقَارِهَا إلَى تَوْضِيحِ طَبِيعَةٍ الْعَمَلِيَّات الدَّاخِلِيَّة لِلْفَرْد وَكَيْفِيَّة تَفَاعُلِهِا مَعَ الْبِيئَة الْخَارِجِيَّةِ كَمَا أَنَّ الْبَعْضَ رَأَى أَنَّ النَّهْج البِيئِيّ لفِيغُوتْسْكِي رَكَّزَ بِشَكْل مُفَرِّط عَلَى الْبِيئَةِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَ الثَّقَافِيَّةِ دُونَ إعْطَاءِ الِإهْتِمَام الْكَافِي لِلْبِيئَة الطَّبِيعِيَّة وَ مُكَوِّنَاتِهَا الْمَادِّيَّة. وَقَدِ إنْتَقَدَ الْبَعْضَ أَيْضًا إفْتِقَار نَظَرِيَّة فِيغُوتْسْكِي إلَى التَّفْصِيلِ فِي كَيْفِيَّةِ تَأْثِير التَّغَيُّرَات البِيئِيَّة عَلَى النُّمُوِّ النَّفْسِيّ وَالْمَعْرُفِيّ لِلْفَرْدِ عَلَى مَدَى الْحَيَاةِ.
بِشَكْلٍ عَامٍّ، يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ النَّظَرِيَّاتِ الرَّئِيسِيَّة فِي عِلْمِ النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ قَدْ سَاهَمَت بِشَكْل كَبِيرٌ فِي تَعْزِيزِ الْفَهْم الْمُتَكَامِل لِلْعَلَاقَة التَّفَاعُلِيَّة بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَالْبِيئَة. وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنْ هَذِهِ النَّظَرِيَّات تَحْتَاجُ إلَى الْمَزِيدَ مِنْ التَّطْوِير وَالْبَحْث لِمُعَالَجَة بَعْض الْقُصُورِ فِي التَّفْسِيرِ وَالتَّوْضِيح، وَخَاصَّة فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَمَلِيَّات النَّفْسِيَّة الدَّاخِلِيَّة لِلْفَرْد وَكَيْفِيَّة تَأَثُّرِهَا بِالتَّغَيُّرَات البِيئِيَّة الْمُخْتَلِفَةِ. كَمَا يَجِبُ أَنْ يُتِمَّ دَمْج هَذِه النَّظَرِيَّات مَع مَنَاهِج بَحْثَيَّة وَتَطْبِيقِيَّة أَكْثَرُ شُمُولِيَّة لِفَهْم ظَوَاهِر عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ بِشَكْلٍ أَعْمَق.

_ الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ لِعِلْم النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ

يُعْتَبَرُ عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ فَرْعًا مِنْ عِلْمِ النَّفْس يَسْتَكْشِف الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة الْمُحِيطَةِ بِهِ. هَذَا الْعِلْمِ يُرَكِّزُ عَلَى دِرَاسَة تَأْثِير الْبِيئَة عَلَى السُّلُوكِ الْإِنْسَانِيِّ، وَكَذَلِكَ أَثَرُ السُّلُوكِ الْبَشَرِيِّ عَلَى الْبِيئَةِ. يَسْعَى عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ إلَى تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ وَالِإنْسِجَامِ بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَبَيْئتَّهَم. وَمَنْ هُنَا، تَنْبُع الْأَهَمِّيَّة الْأَخْلَاقِيَّة لِهَذَا الْعِلْمِ، حَيْثُ تُشْكِل الْأُسُس الْأَخْلَاقِيَّة مِحْوَرًا أَسَاسِيًّا لِفَهْم كَيْفِيَّةَ التَّصَرُّفِ بِمَسْؤُولِيَّة وَ أَخْلَاقِيَّة إزَاء الْبِيئَة، وَالْمُسَاهَمَةِ فِي التَّصَدِّي لِلتَّحْدِيات البِيئِيَّة الَّتِي تُوَاجِهُ الْمُجْتَمَعَات الْحَدِيثَة.
. الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ لِعِلْم النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ:
1. مَبْدَأُ الِإحْتِرَام وَالْمَسْؤُولِيَّة البِيئِيَّة: يُرَكِّز هَذَا الْمَبْدَأِ عَلَى الِإعْتِرَافِ بِحَقّ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ الْأُخْرَى فِي الْحَيَاةِ وَالْبَقَاءِ، وَ عَلَى مَسْؤُولِيَّةُ الإِنْسَانِ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْبِيئَةِ وَحِمَايَتِهَا مِنْ التَّلَوُّثِ وَالِإنْهِيَار. يَتَطَلَّبُ هَذَا الْمَبْدَأِ أَيْضًا تَقْيِيم الْأثَار البِيئِيَّة لِلنَّشَاطِات الْبَشَرِيَّة وَالْعَمَلُ عَلَى تَجَنُّبِ الْأَفْعَالِ الَّتِي قَدْ تُؤْذِي الْبِيئَة.
2. مَبْدَأ الْعَدَالَة البِيئِيَّة: يَنْصِب إهْتِمَام هَذَا الْمَبْدَأِ عَلَى تَوْزِيعِ الأَعْبَاء البِيئِيَّة بِشَكْل مُنَصِّف بَيْنَ جَمِيعِ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ، وَ ضَمَان الْوُصُول الْمُتَسَاوِي لِلْمَوَارِد البِيئِيَّة. كَمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ تَسْلِيط الضَّوْءَ عَلَى الْفِئَات الْأَكْثَر ضَعْفًا وَتَأَثُّرًا بِالمَخَاطِر البِيئِيَّة.
3. مَبْدَأ الِإسْتِدَامَة: يَسْتَوْجِبُ هَذَا الْمَبْدَأِ تَلْبِيَة إحْتِيَاجَات الأَجْيَال الْحَالِيَّةِ دُونَ الْمِسَاس بِإِمْكَانِيَّات الأَجْيَالِ الْمُقْبِلَة لِتَحْقِيق إحْتِيَاجَاتِهِا. يَشْمَلُ ذَلِكَ الِإسْتِخْدَامَ الْمَسْؤُول لِلْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة، وَتَقْلِيل النِّفَايَات وَالْإنْبِعَاثَات الضَّارَّةِ، وَالحِفَاظُ عَلَى التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ.
4. مَبْدَأ الِإحْتِرَام وَالتَّعَاطُف: يُشَجِّع هَذَا الْمَبْدَأِ عَلَى إظْهَارِ الِإحْتِرَام وَالتَّعَاطُف تُجَاه جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ، بِمَا فِي ذَلِكَ الْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ وَالنَّظْم البِيئِيَّة. يَتَطَلَّبُ هَذَا الْمَبْدَأِ تَجَنُّب إيذَاء الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ الْأُخْرَى وَالِإعْتِرَاف بِقِيمَتِهَا الْجَوْهَرِيَّة.
5. مَبْدَأ الْحِكْمَة وَالتَّوَاضُع: يَبْرُزَ هَذَا الْمَبْدَأِ أَهَمِّيَّة إتِّخَاذ قَرَارَات بِيئِيَّة بِحِكْمَة وَتَرَوِي، وَالِإعْتِرَافِ بِحُدُود مَعْرِفَتِنَا حَوْل الْبِيئَة وَتَأْثِيرُنا عَلَيْهَا. كَمَا يَدْعُو إلَى التَّوَاضُعِ فِي التَّعَامُلِ مَعَ الطَّبِيعَةِ وَالِإعْتِرَاف بِأَنَّنَا جُزْءٍ مِنْهَا، وَلَيْسَ سَادَة عَلَيْهَا.
. تَطْبِيق الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ فِي عَمَلِيَّةِ الْبَحْثِ وَالْمُمَارَسَة
تَتَجَلَّى هَذِهِ الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ فِي مَجَالَاتِ مُتَعَدِّدَة ضَمِنَ عَلِمَ النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ
1. تَصْمِيم الْبُحُوث: يَجِبُ عَلَى الْبَاحِثِينَ فِي هَذَا الْمَجَالِ أَنَّ يَأْخُذُوا بِعَيْنِ الِإعْتِبَارِ التَّأْثِيرَات البِيئِيَّة لِبُحُوثِهِمْ، وَضَمَان عَدَمُ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالبِيئَةِ أَوِالْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ الَّتِي تُشَارِكُ فِي الدِّرَاسَاتِ. عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، يَجِبُ الْحُصُولِ عَلَى مُوَافَقَةِ الْجِهَات الْمُعْنِيَة قَبْلَ الْبَدْءِ فِي الْبَحْث.
2. الْمُمَارَسَة الْمِهَنِيَّة: عَلَى الْمُهَنِّيين فِي عِلْمِ النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ الِإلْتِزَامُ بِالْمَبَادِئ الْأَخْلَاقِيَّة أَثْنَاء تَقْدِيم خِدْمَاتُّهِم، مِثْلُ تَعْدِيل السُّلُوكِيات الضَّارَّةِ بِالبِيئَة، وَالْمُشَارَكَةِ فِي بَرَامِج التَّوْعِيَة البِيئِيَّة، وَالسَّعْي لِتَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ إحْتِيَاجَات الْإِنْسَان وَالنَّظْم الإِيْكُولُوجِيَّة.
3. التَّعْلِيمُ وَالتَّدْرِيب: يَنْبَغِي إدْرَاج الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ لِعِلْم النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ فِي بَرَامِج التَّعْلِيمِ وَالتَّدْرِيبِ لِلطُّلَّاب فِي هَذَا التَّخَصُّص، لِضَمَان تَخْرِيج مِمَّارَسَيْن مُلْتَزِمِين بِالْمَبَادِئ البِيئِيَّة.
4. الْمُنَاصَرَة وَالْمُشَارَكَة الْمُجْتَمَعِيَّة: مِنْ الْمُتَوَقَّعِ أَنْ يُشَارِكَ مُمَّارِسُو عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ فِي الْمُنَاقَشَات وَالْمُبَادِرًات الْمُجْتَمَعِيَّة الْمُتَعَلِّقَة بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة، وَالدِّفَاعِ عَنِ الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ فِي صُنْعِ الْقَرَارَات البِيئِيَّة.
فِي الْخِتَامِ، تُشْكِلُ هَذِهِ الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ دِعَامَة أَسَاسِيَّة لِمُمَارَسَة عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ بِشَكْلٍ مَسْؤُول وَفَعَال فِي مُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَات البِيئِيَّةِ المُعَاصِرَةِ. يَتَطَلَّب تَطْبِيقُ هَذِهِ الْمَبَادِئِ إلْتِزَامًا دَائِمًا مِنْ الْبَاحِثِينَ وَالْمَمَارَسَيْن فِي هَذَا الْمَجَالِ، مِمَّا يُسْهَمُ فِي تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ وَالِإنْسِجَامِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْئَتِه.

_ الْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِ النَّفْس الإِيْكُولُوجِيّ وَالنَّظَرِيَّات الْأُخْرَى فِي عِلْمِ النَّفْس

عِلْمُ النَّفْسِ الَّإيْكُولُوجِيّ هُوَ فَرْعُ مَنْ عَلِمَ النَّفْسِ الَّذِي يُرَكِّزُ عَلَى الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْفَرْدِ وَالْبِيئَة الْمُحِيطَةِ بِهِ. يَخْتَلِفُ هَذَا النَّهْجِ عَنْ النَّظَرِيَّات الْأُخْرَى فِي عِلْمِ النَّفْسِ فِي عِدَّةِ جَوَانِب، مِنْهَا الرُّؤْيَة الْكُلِّيَّة لِلْفَرْد وَالْبِيئَة، التَّرْكِيزِ عَلَى التَّفَاعُل، الِإهْتِمَام بِالسِّيَاق البِيئِيّ، النَّظْرَة الْمُتَعَدِّدَة الْمُسْتَوَيَات. عِلْمُ النَّفْسِ الَّإيْكُولُوجِيّ يَنْظُّرُ إلَى الْفَرْدِ وَالْبِيئَة كَنِظَام مُتَكَامِل، بَدَلًا مِنْ التَّرْكِيزِ عَلَى الْفَرْدِ أَوْ الْبِيئَة بِشَكْل مُنْفَصِل. يَرَى أَنَّ السُّلُوك وَ التَّطَوُّر النَّفْسِيّ لِلْفَرْد مُتَشَابِكَان وَمَتَأَثَرَان بِالبِيئَة الْمُحِيطَة. فِي حِينِ تُرْكَز النَّظَرِيَّات الْأُخْرَى عَلَى خَصَائِص الْفَرْدِ أَوْ الْبِيئَة بِشَكْل مُنْفَصِل، يُرَكِّز عِلْمُ النَّفْسِ الَّإيْكُولُوجِيّ عَلَى طَبِيعَةِ التَّفَاعُل وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَهُمَا. يَرَى أَنَّ السُّلُوك وَالتَّطَوُّر النَّفْسِيّ لِلْفَرْد يَنْشَأُ مِنْ هَذَا التَّفَاعُلُ. عِلْمُ النَّفْسِ الَّإيْكُولُوجِيّ يُعْطي أَهَمِّيَّةٌ كَبِيرَةٌ لِلسِّيَاق البِيئِيّ وَالِإجْتِمَاعِيّ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ الْفَرْدُ، وَاَلَّذِي يُؤَثِّرُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى سُلُوكُه وَتَطَوُرُه النَّفْسِيِّ. فِي حِينِ أَنَّ النَّظَرِيَّاتِ الْأُخْرَى قَدْ تُهْمَل هَذَا الْجَانِبِ. كَمَا أَنَّ عِلْمُ النَّفْسِ الَّايْكُولُوجِيّ يَنْظُّرُ لِلْفَرْد وَالْبِيئَة عَلَى مُسْتَوَيَات مُتَعَدِّدَة (الأَسِرَّة، الْمُجْتَمَع، الْبِيئَة الطَّبِيعِيَّة، إلَخْ) وَ كَيْفَ تُؤَثِّرْ هَذِهِ الْمُسْتَوَيَات عَلَى بَعْضِهَا الْبَعْضِ. فِي حِينِ أَنَّ النَّظَرِيَّاتِ الْأُخْرَى قَدْ تُرَكِّزُ عَلَى مُسْتَوَى وَاحِد. بِشَكْلٍ عَامٍّ، يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ عِلْمَ النَّفْس الَّإيْكُولُوجِيّ يَتَمَيَّزُ بِنَظْرَّة أَكْثَرَ شُمُولِيَّة وَ تَكَامُلِيَّة لِلْفَرْدِ وَالْبِيئَة الْمُحِيطَةِ بِهِ، مُقَارِنَةً بِالنَّظَرِيَّات الْأُخْرَى فِي عِلْمِ النَّفْس.

_ تَطْبِيق النَّظَرِيَّات الإِيْكُولُوجِيَّة فِي مَجَالَاتِ أُخْرَى

النَّظَرِيَّات الإِيْكُولُوجِيَّة يُمْكِنُ تَطْبِيقُهَا فِي مَجَالَاتِ أُخْرَى بِعِدَّة طُرُق. نَذْكُرُ مِنْهَا. تَصْمِيم الْمُنْتَجَات وَالْمَبَانِي، إِدَارَةِ الْأَعْمَالِ وَ الْمُنَظَّمَات، السِّيَاسَات وَالتَّخْطِيط الْحَضَرِيّ، الصِّحَّةِ وَ الرَّفَاهِيَةِ. مِنْ خِلَالِ تَطْبِيق مَفَاهِيم النَّظْم البِيئِيَّة وَالتَّوَازُن البِيئِيّ، يُمْكِن تَصْمِيم مُنْتَجَات وَمَبَانِي أَكْثَر إسْتِدَامَة وَكَفَاءَةٍ فِي اإسْتِخْدَامِ الْمَوَارِد. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، تَصْمِيم الْمَبَانِي بِإسْتِخْدَام مَوَادّ وَتَقَنِّيَّات صَدِيقَهُ لِلْبِيئَة، وَتَطْوِير مُنْتَجَات قَابِلَة لِإِعَادَة التَّدْوِير أَوْ إعَادَة الإسْتِخْدَامِ. كَمَا يُمْكِنُ تَطْبِيقُ مَفَاهِيم التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ وَالتَّوَازُن البِيئِيّ عَلَى إدَارَةِ الْمُنَظَّمَات وَالْأَعْمَال. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، تَنْوِيع الْمَحْفَظَة الإسْتِثْمَارِيَة، وَتَبَّنِي مُمَارَسَات الْإِدَارَةِ البِيئِيَّة الْمَسْؤُولَة، وَ التَّرْكِيزِ عَلَى الِإسْتِدَامَةِ فِي أَنْشِطَة الشَّرِكَةِ. كَذَا يُمْكِن إسْتِخْدَام النَّظَرِيَّات الإِيْكُولُوجِيَّة لِتَطْوِير السِّيَاسَات وَ التَّخْطِيط الْحَضَرِيّ الْمُسْتَدَام. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، السِّيَاسَات البِيئِيَّة الَّتِي تَعَزُّز الْحُفَّاظُ عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَالتَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ، وَالتَّخْطِيط الْحَضَرِيّ الَّذِي يُرَاعِي النُّظَم البِيئِيَّة وَ الْمَوَّائِل الطَّبِيعِيَّةِ. إذَنْ هْنَاك إرْتِبَاطُ وَثِيق بَيِنَ الْبِيئَةِ وَالصِّحَّة الْبَشَرِيَّة. وَ يُمْكِنُ تَطْبِيقُ النَّظَرِيَّات الإِيْكُولُوجِيَّة لِتَطْوِير بَرَامِج وَ مُبَادَرَات تَعَزَّزَ الصِّحَّةِ وَالرَّفَاهِيَةِ مِنْ خِلَالِ تَحْسِين الْبِيئَة الطَّبِيعِيَّةِ وَالِإجْتِمَاعِيَّةِ.

_ كَيْفَ يُؤَثِّرُ عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ عَلَى فَهْمِ طَبِيعَةِ السُّلُوكِ الْبَشَرِيِّ

عِلْمُ النَّفْس الَّإيْكُولُوجِيّ هُوَ مَجَالٍ مِنَ عِلْمُ النَّفْسِ الَّذِي يُرَكِّزُ عَلَى الْعَلَاقَةِ المُتَبَادِلَةِ بَيِنَ الْأَفْرَاد وَبَيْئتَّهَم الْمَادِّيَّةِ وَ الِإجْتِمَاعِيَّةِ. يُسَاعِدُ هَذَا الْمَنْظُورِ فِي فَهْمِ كَيْفِيَّة تَأْثِير الْبِيئَة عَلَى السُّلُوكِ الْبَشَرِيِّ وَكَيْف يَتَفَاعل الْأفْرَادُ مَعَ بَئِيتهم. يُؤَكِّدُ عِلْمُ النَّفْسِ الَّإيْكُولُوجِيّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْعَوَامِل البِيئِيَّة فِي تَشْكِيلِ السُّلُوكِ الْبَشَرِيِّ. فَالْبِيئَة الْمَادِّيَّةِ مِثْلِ الْمُنَاخِ وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة تُؤَثِّرُ عَلَى إحْتِيَاجَات الْأَفْرَاد وَأَنْمَاط مَعِيشَتَهُمْ. كَمَا أَنَّ الْبِيئَة الِإجْتِمَاعِيَّة مِثْل الثَّقَافَة وَالتَّفَاعُلًات الِإجْتِمَاعِيَّةِ تَلْعَبُ دَوْرًا رَئِيسِيًّا فِي تَحْدِيدِ السُّلُوك. فَالقِيَمُ وَالْمَعَايِير الِإجْتِمَاعِيَّةِ تُشْكِل تَوَقُّعَات الْأَفْرَاد وَتَوَجَّه سُلُوكِهِمْ. وِفْقَّاً لِمَنْظور عِلْمُ النَّفْس الَّإيْكُولُوجِيّ، فَإِنْ الْأَفْرَادِ لَا يَتَأَثَّرُونَ فَقَطْ بِالبِيئَة وَلَكِنَّهُمْ أَيْضًا يُشَكِّلُون بَئِيتهم. فَالْأفْرَادُ يَتَفَأَعْلَوْن مَعَ بَئِيتهم وَيُؤْثِرُونَ فِيهَا مِنْ خِلَالِ سَلُوكِيَّاتِهِمْ وَقَرَارًاتُهُمْ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، قَدْ يُؤَدِّي سُلُوك الْأَفْرَادِ إلَى تَغْيِيرِ الْبِيئَة الْمَادِّيَّة مِثْل التَّصْنِيع أَوْ التَّنْمِيَة الْعِمْرَانِيَّة. كَمَا أَنَّ التَّفَاعُلَات الِإجْتِمَاعِيَّة وَالْأنْشَطَة الْجَمَاعِيَّة قَدْ تُؤَثِّرُ عَلَى الْبِيئَةِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ. يُسَاعِد مَنْظُور عِلْمُ النَّفْسِ الَّإيْكُولُوجِيّ فِي فَهْمِ السُّلُوكِ الْبَشَرِيِّ بِشَكْلٍ أَكْثَرَ شُمُولِيَّة وَسَيَاقِيَة. فَبَدَلًا مِنْ النَّظَرِ إلَى السُّلُوك كَظَاهِرَة مُنْعَزِلَة، يَتِمّ فَحْصَّهُ فِي سِيَاقِ الْبِيئَة الَّتِي يَحْدُثُ فِيهَا. هَذَا الْمَنْظُورِ لَهُ تَطْبِيقَات هَامَّةٌ فِي مَجَالَاتِ مِثْلُ عِلْمِ النَّفْس التَّطْبِيقِيّ وَ عِلْمُ النَّفْس البِيئِيّ، حَيْث يُسَاعِدُ فِي تَصْمِيمِ تَدْخُلات فَعَّالَة لِتَحْسِين الصِّحَّةِ وَالرَّفَاهِيَةِ الْبَشَرِيَّة.

_ التَّطْبِيقَات الْعَمَلِيَّة لِعِلْم النَّفْس الَّإيْكُولُوجِيّ فِي الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ

عِلْمُ النَّفْسِ الَّإيْكُولُوجِيّ هُوَ فَرْعُ مَنْ فُرُوعِ عِلْمِ النَّفْسِ الَّذِي يُرَكِّزُ عَلَى دِرَاسَة الْعَلَاقَات المُتَبَادِلَةِ بَيِنَ الإِنْسَانُ وَالبِيئَةُ الَّتِي يَعِيشُ فِيهَا. يَهْتَمّ هَذَا الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّةِ تَأْثِير الْبِيئَة عَلَى السُّلُوكِ وَ الْإِدْرَاك الْبَشَرِيّ، وَكَذَلِك كَيْفِيَّة تَأْثِير الْأَفْرَادِ عَلَى الْبِيئَةِ الْمُحِيطَة بِهِمْ. هُنَاك عِدَّة تَطْبِيقَات عَمَلِيَّة لِعِلْم النَّفْس الَّإيْكُولُوجِيّ فِي الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ، مِنْهَا تَصْمِيم الْمِسَاحَات الْمُنَاسَبَة لِلسُّلُوكِيات الصِّحِّيَّة، الْمَهَارَات الِإجْتِمَاعِيَّة وَ التَّوَاصِلِية، تَعْزِيز الشُّعُور بِالِإنْتِمَاء وَالْهَوِيَّة، الَّتَأَقْلُمْ مَعَ التَّغَيُّرَات البِيئِيَّة وَالْمُنَاخيَّة. مَبَادِئِ عِلْمِ النَّفْس الَّإيْكُولُوجِيّ يُمْكِنُ إسْتِخْدَامها فِي تَصْمِيمِ الْبَيِّئَات السُّكْنية وَالْعَمَلُ وَ التَّعْلِيم بِطَرِيقة تُشَجِّع السُّلُوكِيات الصِّحِّيَّة وَ الْإِيجَابِيَّة. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يُمْكِن تَصْمِيم مِسَاحَات تَعَزُّز النَّشَاطُ البَدَنِيُّ وَ الْحَرَكَة مِثْل الْمِسَاحَات الْخَضْرَاء وَ الْمَسَارَات الْمُشَاة، وَ كَذَلِك الْمَنَاطِق الْمُخَصِّصَة لِلرَّاحَة وَالِإسْتِرْخَاء. هَذَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُحْفِز الْأَفْرَادِ عَلَى إتِّبَاعِ أَنْمَاط حَيَاة أَكْثَر صِحَّة وَإِيجَابيَة. تَظْهَرُ الْأَبْحَاث أنَّ التَّوَاصُلَ وَالتَّرَابُطِ مَعَ الطَّبِيعَةِ لَهُ تَأْثِيرٌ إِيجَابِيّ عَلَى الصِّحَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالرَّفَاهِيَة النَّفْسِيَّة لِلْإِفْرَادِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، التَّعَرُّض لِلْمِسَاحَات الْخَضْرَاءُ وَالطَّبِيعِيَّة قَدْ يُسَاعِدُ فِي تَقْلِيلِ الْإِجْهَاد وَالْقَلَق، وَتَحْسِين الْمِزَاج وَزِيَادَة الِإنْتِبَاه وَالتَّرْكِيز. لِذَلِك، يُمْكِن تَصْمِيم الْبَيِّئَات الْمَبْنِيَّةِ بِطَرِيقة تَعَزُّز هَذَا التَّوَاصُلُ وَالتَّرَابُط مَعَ الطَّبِيعَةِ. مِنْ مُنْطَلَقِ عِلْمِي أَخْلَاقِيّ يُؤَكِّد عِلْمُ النَّفْسِ الَّإيْكُولُوجِيّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْبِيئَة فِي تَشْكِيلِ السُّلُوكِ الْإِنْسَانِيِّ. فَالْبَيْئَّات الْمُصَمِّمَة بِشَكْلٍ جَيِّدٍ قَدْ تُشَجِّعُ عَلَى التَّفَاعُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالتَّوَاصُل الْفَعَال بَيْنَ الْأَفْرَادِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، تَوْفِير مِسَاحَات عَامَّةُ مُرِيحَة وَمُشَجِعَة عَلَى الِإجْتِمَاعِ وَ التَّجَمُّع قَدْ يُعَزِّز الْعَلَاقَاتِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَ الْمَهَارَات التَّوَاصُلِيَّة. كَمَا أَنَّ الْبِيئَةِ الْمُحِيطَة تَلْعَبُ دَوْرًا كَبِيرًا فِي تَشْكِيلِ هَوِيِّة الْأَفْرَاد وَشُعُورُهُمْ بِالِإنْتِمَاء. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، التَّصْمِيم الْمِعْمَارِيّ وَالِدَيْكور وَالرُّمُوز الْبَصَرِيَّة فِي الْبِيئَةِ قَدْ تَعْكِس ثَقَافَة وَتَارِيخ الْمُجْتَمَع. هَذَا قَدْ يُعَزِّز الشُّعُور بِالْهُوِيَّة وَالِإنْتِمَاء لَدَى الْأَفْرَادِ. كَمَا أَنَّ تَصْمِيمَ الْأَمَاكِن الْعَامَّة بِطَرِيقَة تُشَجِّع التَّفَاعُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ قَدْ يَنْمِي الشُّعُور بِالِإنْتِمَاءِ إلَى الْمُجْتَمِعِ. فِي ظِلِّ التَّغَيُّرَاتِ الْمُنَاخِيَّةِ الْجَارِيَة، يُصْبِح عِلْمُ النَّفْسِ الَّإيْكُولُوجِيّ مُهِمّاً لِفَهْم كَيْفِيَّة تَأْثِيرِ هَذِهِ التَّغْيِيرَات عَلَى السُّلُوكِ وَالصِّحَّة النَّفْسِيَّة لِلْأَفْرَاد. كَمَا يُمْكِنُ إسْتِخْدَامِ هَذَا الْعِلْمِ لِتَصْمِيمِ بَيْئَاتٍ مَرِنَّة وَقَادِرَةً عَلَى التَّكَيُّفِ مَع التَّحَدِّيَات البِيئِيَّة المُسْتَقْبَلِيَّة. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، تَصْمِيم مَبَانِي وَبِنيَّة تَحْتِيَّة قَادِرَةً عَلَى مُوَاجَهَةِ الكَوَارِث الطَّبِيعِيَّة الْمُتَزَايِدَة. بِشَكْلٍ عَامٍّ، يُقَدِّمُ عِلْمَ النَّفْس الَّإيْكُولُوجِيّ مَنْظُورًا مُتَكَامِلًا لِفَهْم الْعَلَاقَة المُتَبَادِلَةِ بَيِنَ الإِنْسَانُ وَالبِيئَةُ الْمُحِيطَةِ بِهِ. وَهَذَا الْفَهْمُ يُمْكِن تَطْبِيقِه فِي مَجَالَاتِ الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ لِتَحْسِين جَوْدَة الْحَيَاة وَتَعْزِيز السُّلُوكِيات الْإِيجَابِيَّة وَ الصَّحِية.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الْبَيُولُوجْيَا الِإصْطِنَاعِيَّة
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْأَمْن الْبَيُولُوجِيّ
- أَخْلَاقِيَّات التِّكْنُولُوجْيَا
- فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- فَلْسَفَةُ التِّكْنُولُوجْيَا : -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- التِّكْنُولُوجْيَا
- أَخْلَاقِيَّات الْبَحْثُ الْعِلْمِيّ
- أَخْلَاقِيَّات الْإِعْلَام
- الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة :-الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- الْأَخْلَاقِ الطِّبِّيَّة
- الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة
- البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
- البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي فَلْسَفَةِ الِإخْتِلَاف
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : رِهَان الدِّرَاسَات المُسْتَقْبَلِ ...
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَحَدِّيَات الْعَوْلَمَة
- الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : أَسَاسِيًّات التَّقَدُّمُ
- الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : إنْتِقَادَات مَا بَعْدَ الْحَدَاثَة ...


المزيد.....




- زفاف ذي يزن نجل سلطان عُمان ونانسي تتألق في ليالي القاهرة.. ...
- فيديو متداول لـ-بالونات غازية- في سوريا لصد الطائرات الإسرائ ...
- مصر.. تصاعد الجدل حول قانون الإيجار القديم بعد بدء مناقشته ف ...
- الدفاع الروسية: إسقاط 9 مسيرات أوكرانية خلال نصف ساعة
- السودان يطلب المساعدة من السعودية للسيطرة على حريق هائل في م ...
- تحذيرٌ لحماس في لبنان: هل يكون الخطوة الأولى نحو طرح مسألة ا ...
- بمشاركة 30 مقاتلة... الجيش الإسرائيلي يشن غارات على اليمن
- إيران تكشف عن صاروخ جديد بعيد المدى وسط توترات مع الولايات ا ...
- ردا على قصف مطار بن غوريون .. ضربات إسرائيلية على ميناء الحد ...
- ترامب يريد -العمل- مع أردوغان لإنهاء الحرب في أوكرانيا


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ