أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-















المزيد.....



اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8335 - 2025 / 5 / 7 - 22:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ مَفْهُومُ اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ

الْمَفْهُوم الْمُعَاصِر لِلْبِيئَة وَالْوَعْي البِيئِيّ لَا يَنْحَصِرُ فَقَطْ بِالْمَظَاهِر الْمَادِّيَّة وَالْحِسِّيَّة الْمُبَاشَرَة لِلْبِيئَة كَالتَّلَوُّث وَالْقُمَامَةُ وَالنَّظَافَة الْعَامَّةِ، بَلْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى أبْعَادٍ وَمَفَاهِيم أَعْمَق وَ أَشْمَل تَتَعَلَّق بِالْعَلَاقَة الْوُجُودِيَّة وَالْفِكْرِيَّة وَالرُّوحِيَّة بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْئَتِهِ. وَيُمْكِنُ إعْتِبَارُ "اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ" "ecological unconscious" مِنْ هَذِهِ الْمَفَاهِيمِ الْأَسَاسِيَّةَ الَّتِي تَكْشِفُ عَنْ هَذَا الْبُعْدِ الْعَمِيق لِلْوَعي الْبِيئِيِّ. يَنْطَلِق مَفْهُوم اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ مِنْ فَهْمِ أَنَّ الطَّبِيعَةَ وَالْبِيئَة الْمُحِيطَةَ بِنَا تَمْتَلِك بُعْدًا لاَوَاعِيَا وَدِيناميكِيًّا لَا يَقُلْ أَهَمِّيَّةً عَنِ بَعْدَهَا الْمَادِّيِّ وَ الْحِسِّيِّ. فَالْنِظَام الْبِيئِيِّ يَتَكَوَّنُ مِنْ شَبَكَةٍ مُعَقَّدَة مِنْ الْعَلَاقَاتِ وَالتَّفَاعُلًات بَيْنَ مُكَوِّنَاتِه الْمُخْتَلِفَة - الْجَمَادِيَّة وَالْحَيَّة - وَاَلَّتِي تَتَجَاوَز الْإِدْرَاك الْمُبَاشِر وَالْوَعْي السَّطْحَيْ لِلْإِنْسَانِ. هُنَاك جَوَانِب كَامِنَة وَلَاشُعُورِيَّة فِي هَذَا النِّظَامِ الإِيْكُولُوجِيّ لَا يُمْكِنُ إِدْرَاكُهَا بِسُهُولَة. وَهَذَا اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ يَنْطَوِي عَلَى الْعَدِيدِ مِنَ الْأبْعَاد:
1. الْبُعْد الْفَلْسَفِيّ وَالْوُجُودِيّ: حَيْث تَرْتَبِط الْبِيئَة وَالطَّبِيعَة بِالْقَضَايَا الْوُجُودِيَّة الْكُبْرَى كَالْحَيَاة وَالْمَوْت وَالتَّوَازُن وَ التَّنَاقُض وَالتَّكَامُل، وَهِي أبْعَاد لَا نُدْرِكُهَا بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ وَلَكِنْ تُؤَثِّر عَمِيقًا فِي إِدْرَاكِنَا لِلْعَالِم.
2. الْبُعْد الرُّوحِيّ وَالْمَيِّتُافِيزِيقِيّ: تَنْظُرُ الْكَثِيرِ مِنْ الثَّقَافَات وَ الدِّيَانَات إِلَى الطَّبِيعَةِ وَعَنَاصِرِهَا كَمَظَاهِر رُوحِيَّة وَإِلَهِيَّة، وَهَذَا الْبُعْدُ اللاَّوَعِي لِلْبِيئَة يُشَكِّلُ جُزْءًا أَسَاسِيًّا مِنْ تَجْرِبَةٍ الْإِنْسَانِ الرُّوحِيَّةُ وَالوُجُودِيَّة.
3. الْبُعْد اللَّاشُعُوري وَالنَّفْسِيُّ: هُنَاك تَفَاعُلًات وَعَمَلِيَّاتُ لاَشُعُورِيَّة دَاخِلٌ النِّظَام البِيئِيّ تُؤَثِّرُ فِي سُلُوكِ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ وَتَوَازُنَاتِهَا النَّفْسِيَّةِ، وَهِيَ جَوَانِبَ لَا يُمْكِنُ إِدْرَاكُهَا بِشَكْل مُبَاشِر.
4. الْبُعْد الْحَضَارِيّ وَالثَّقَافِيّ: لِلْبِيئَة وَلِلْمَكَان بَعْد ثَقَافِيّ وَ حَضَارِيّ لَا يَقُلْ أَهَمِّيَّةً عَنِ بَعْدَهَا الْمَادِّيّ، فَهِي تُشْكِل جُزْءًا مِنْ الْهُوِيَّة وَالذَّاكِرَة الْجَمْعِيَّة لِلشُّعُوب وَالمُجْتَمَعَات.
إنَّ الوَعْيَ البِيئِيّ "ecological awareness" الْحَقِيقِيّ وَ الشَّامِل يَتَطَلَّب فَهْمًا عَمِيقًا لِهَذِه الْأبْعَاد اللَّأَوْعِيَة لِلْبِيئَة وَ النِّظَام الإِيْكُولُوجِيّ. فَالْمُشْكِلَات البِيئِيَّة الرَّاهِنَةِ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْمَظَاهِر الْمَادِّيَّة وَالْحِسِّيَّة فَقَطْ، بَلْ تَمْتَدُّ إلَى جَوَانِبِ ثَقَافِيَّة وَنَفْسِيَّة وَفَلْسَفِيَّة مُتَّجَذِرَة فِي عَلَاقَةِ الْإِنْسَان بِمَحَيطه الطَّبِيعِيّ. وَيَتَطَلَّب تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ البِيئِيِّ وَالِإسْتِدَامَة الإِيْكُولُوجِيَّة أنْ نَتَجَاوَز النَّظْرَةَ السَّطْحِيَّةَ وَالْمَحْدُودَة لِلْبِيئَة، وَنَتْعمق فِي فَهْمِ هَذِهِ الْأبْعَاد اللَّأَوْعِيَة وَالرَّمْزِيَّة الَّتِي تَرْبِطُ الْإِنْسَانِ بِالطَّبِيعَةِ عَلَى مُسْتَوَى الْوُجُودِ وَ الرُّوح وَالثَّقَافَة. فَقَطْ مِنْ خِلَالِ هَذَا الْفَهْمِ الشُّمُولِيّ وَ العَمِيق لِلْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة يُمْكِنُنَا أَنْ نُحَقِّقَ نَوْعًا مِنْ التَّنَاغُم وَالتَّوَازُن الْحَقِيقِيّ. وَفِي هَذَا السِّيَاقِ، تَبْرُز أَهَمِّيَّة الْمُسَاهَمات الْفِكْرِيَّة وَ الفَلْسَفِيَّة وَالرُّوحِيَّة لِلثَّقَافَات غَيْرَ الْغَرْبِيَّةِ فِي إِثْرَاءِ مَفْهُومِ الْوَعْيِ البِيئِيّ. فَالْعَدِيد مِنَ التَّقَالِيدِ الْفِكْرِيَّة وَالدِّينِيَّة فِي الشَّرْقِ وَ الْجَنُوب، كَالْفَلَسِفَات الدِّينِيَّةُ الشَّرْقِيَّة وَالْحِكْمَة الْأَصْلِيَّة لِلشُّعُوب الْأَصْلِيَّة، تَتَضَمَّن رُوَّى عَمِيقَة حَوْل الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة تَتَجَاوَز النَّمُوذَج الْغَرْبِيّ الْمَادِّيّ وَالتِّقْنِيّ لِلطَّبِيعَة. وَهَذِه الْمُسَاهَمات يُمْكِنُ أَنْ تَثْرِي وَتُعَمِّق فَهْمَنَا لِلْبُعْد اللَّاَوَاعِي وَالرَّمْزِيّ لِلنَّظَّام الإِيْكُولُوجِيّ. إنَّ الْإِقْرَارَ بِهَذَا الْبُعْدِ اللَّاَوَاعِي وَالرَّمْزِيّ لِلْبِيئَة لَا يَعْنِي بِالضَّرُورَة إهْمَال الْجَوَانِب الْمَادِّيَّة وَالْحِسِّيَّة لِلْمُشْكِلَات البِيئِيَّة. بَلْ عَلَى الْعَكْسِ، فَإِنَّ هَذَا الْفَهْمِ الْعَمِيق لِلْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالطَّبِيعَةِ سَوْف يُثْرِي الْجُهُود الْعَمَلِيَّة وَالتَّطْبِيقِيٍّة لِلْحِمَايَة البِيئِيَّة وَ الْحِفَاظِ عَلَى التَّوَازُنِ الإِيْكُولُوجِيّ. فَعِنْدَمَا نُدْرِكُ أَنَّ لِلْبِيئَة بُعْدًا لاَوَاعِيَا وَ رُوحِيا وَثَقَافِيّا، سَوْف نَتَعَامَل مَعَهَا بِمَنْظُور أَكْثَرُ إحْتِرَامًا وَ تَقْدِيرًا، وَ سَوْف تَتَحَوَّل الْمَسْؤُولِيَّة البِيئِيَّة مِنْ مُجَرَّدِ ضَرُورَة عَمَلِيَّة إلَى إلْتِزَامِ وُجُودِيّ وَرُوحي. وَبِذَلِكَ سَيَتَحَقَّق نَوْعٌ مِنْ التَّوَازُنِ وَالِإنْسِجَامِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْئَتِه، الَّذِي هُوَ فِي النِّهَايَةِ الْهَدَف الأَسْمَى لِلْوَعِي الْبِيئِيِّ الْحَقِيقِيّ.

_ تَارِيخُ مَفْهُوم اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ

مَفْهُومُ اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ لَهُ جُذُور تَارِيخِيَّة تَمْتَدُّ إلَى بِدَايَةِ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ، وَيَرْتَبِط بِشَكْل وَثِيق بِأَفْكَار عَدَدٍ مِنْ الْمُفَكِّرِين وَالْفَلَاسِفَة الْبَارِزَيْن فِي هَذَا الْمَجَالِ. الْبِدَايَة كَانَتْ مَعَ القِدِّيس أُوغَسْطِينْ "Sanctus Augustinus" فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ الْمِيلَادِيّ، حَيْثُ صَرَّحَ أَنَّهُ "لَيْسَ بِوَسَعي الْإِحَاطَةُ بِكُلِّ مَا هُوَ أَنَا"، وَهَذِهِ التَّصْرِيحَة اُعْتُبِرَتْ إشَارَة مُبَكِّرَة إلَى مَفْهُومِ اللاَّوَعِي. تَلا ذَلِكَ ظُهُورُ الْعَدِيدِ مِنَ الْمُفَكِّرِينَ وَ الْفَلَاسِفَةُ الَّذِينَ أَشَارُوا إلَى مَفَاهِيم مُرْتَبِطَة بِاللاَّوَعِي خِلَالَ الْعَصْر الرُّومَانْسِيّ، أَمْثَالَ جُوتِه "Goethe وَبليك "Blake" وَ شيْلي. "Shelly" وَكَانَ مِنْ بَيْنِهِمْ الْفَيْلَسُوفُ الْأَلْمَانِيُّ أرْثٍر شَوْبَنهاور "Arthur Schopenhauer" الَّذِي تَنَاوَلَ فَكَرَة "الْإِرَادَةُ غَيْر الْمُعَرَفَة" فِي فَلْسَفَتُه، وَالَّتِي كَانَتْ بِمَثَابَةِ بَذْرَة أَوَّلِيَّة لِفَهْم اللاَّوَعِي. فِي الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ، بَرَز الْعَدِيدِ مِنَ الشَّخْصِيَّاتِ الْبَارِزَةِ فِي مَجَالِي عِلْمُ النَّفْسِ وَالتَّحْلِيل النَّفْسِيّ، وَاَلَّذِين أَسْهَمُوا بِشَكْلٍ كَبِيرٍ فِي بِلَّوْرَة مَفْهُوم اللاَّوَعِي وَ تَطْوِيرِه. كَانَ مِنْ أَبْرَزَهُم سِيجْمُونْدَ فُرُويِدَ Sigmund" Freud" الَّذِي قَدَمَ دِرَاسَات مُفَصَّلَة حَوْل اللاَّوَعِي وَالْعَمَلِيَّاتِ اللَّاشُعُوْرِيَّة، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ "شَبَح غَيْرُ مَرْئِيٍّ لَكِنَّهُ هُنَاكَ". وَ بِالتَّوْازي، ظَهَرَ كَارْل يُونُغ "Carl Jung" الَّذِي مَيَّزَ بَيْنَ اللاَّوَعِي الْفَرْدِيّ وَاللاَّوَعِي الْجَمَاعِيّ، وَأعْتُبِرَ هَذَا الْأَخِيرِ مَخْزَن لِلذِّكْرَيَات وَالْمَعَارِف وَالْأَنْمَاط السُّلُوكِيَّة الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْبَشَرِ. كَمَا رَبَط يُونُغ بَيْنَ اللاَّوَعِي وَالظَّوَاهِرُ الْخَارِقَة لِلطَّبِيعَة، مِمَّا أَضْفَى طَابَعًا غَامِضًا وَمُثِيرًا عَلَى هَذَا الْمَفْهُومِ. فِي أَوَائِلِ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ، بَدَأ الْعُلَمَاء وَالْفَلَاسِفَة فِي التَّفْكِيرِ فِي الطَّرِيقَةِ الَّتِي نُدْرِك بِهَا الْبِيئَةَ مِنْ حَوْلِنَا، وَكَيْف تُؤَثِّرْ هَذِهِ الْإِدْرَاكَات عَلَى سَلُوكنا تُجَاهَ الطَّبِيعَةُ. فِي عَامٍ 1934، إسْتَخْدَم الْفَيْلَسُوف وَالنَّفْسَانِيّ الْفَرِيد نُورَث وَايْتهيد "Alfred North Whitehead" مُصْطَلَحُ "اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ" لِلْإِشَارَةِ إلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ فِي الْإِدْرَاكِ. كَمَا بَدَأَ الِإهْتِمَام بِمَفْهُوم اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ مَعَ ظُهُورِ الْفَلْسَفَةِ البِيئِيَّة فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ. فِي عَامٍ 1973 قَدَمَ الْفَيْلَسُوف الْأَلْمَانِيُّ أَرِنِي نَايس "Arne Næss" مَفْهُوم "الْحِكْمَة الإِيْكُولُوجِيّة" "Ecological Wisdom" الَّذِي يَتَضَمَّنُ بُعْدًا لاَوَاعِيٍّا يَرْتَبِطُ بِالطَّبِيعَة وَالْبِيئَة. إسْتَخْدَمَ أَرِنِي نَايس هَذَا الْمُصْطَلَحَ فِي كِتَابَاتِه لِلْإِشَارَةِ إلَى الْعَلَاقَةِ غَيْر الوَاعِيَة بَيْنَ الْبَشَرِ وَالْبِيئَة. وَ فِي السِّتِّينَيات وَ السَّبْعِينِيَّات مِنْ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ، تَطَوَّرَ هَذَا الْمَفْهُومِ بِشَكْلٍ أكْبَرَ مَعَ ظُهُورِ حَرَكَة الْبِيئَة وَالِإهْتِمَام الْمُتَزَايِد بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة. ثُمَّ فِي الْعُقُودِ اللَّاحِقَة، تَمَّ تَطْويْرُ الْمَفْهُومِ بِشَكْلٍ أَكْثَرَ تَعْقِيدًا، مَع التَّرْكِيزِ عَلَى كَيْفِيَّةِ تَشْكِيل لاَوَعْيَّنَا الإِيْكُولُوجِيّ لِسُلُوكِنَّا وَقَرَارًاتنا. وَ ذَهَبَ الْفَيْلَسُوف الْفَرَنْسِيّ فَيلْيكس غتاري "Félix Guattari" إلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ، حَيْثُ رَبَطَ بَيْنَ اللاَّوَعِي الْفَرْدِيّ وَاللاَّوَعِي الْجَمَاعِيّ وَاللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ، مُعْتَبَرًا أَنْ هُنَاكَ تَرَابطا عَمِيقًا بَيْنَ هَذِهِ الْمُسْتَوَيَات اللاَّوَعِية الْمُخْتَلِفَةِ. وَأَكَّد عَلَى ضَرُورَةِ الِإهْتِمَام بِالْبُعْد البِيئِيّ وَالإِيْكُولُوجِيّ ضِمْنَ الْمُمَارَسَات النَّفْسِيَّة وَالفَلْسَفِيَّة. إذَنْ، مَفْهُوم اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ لَهُ جُذُور تَارِيخِيَّة عَمِيقَة، وَإرْتَبَط بِأَفْكَار عَدَدٍ مِنْ الْمُفَكِّرِين الْبَارِزَيْن فِي مَجَالَاتِ عِلْمُ النَّفْسِ وَالْفَلْسَفَة، وَاَلَّذِين أَسْهَمُوا فِي بِلَّوْرَة هَذَا الْمَفْهُومِ وَرَبْطِه بِالْبُعْد البِيئِيّ وَ الإِيْكُولُوجِيّ. وَتُعَدُّ أَفْكَار نَايس وَغَتَّاري مِنْ أَبْرَزِ الْمُسَاهَمات فِي هَذَا الْمَجَالِ.

_ أَهَمِّيَّة اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ فِي فَهْمِ سُلُوكَ الْإِنْسَانِ تُجَاهَ الْبِيئَةِ

تَتَجَلَّى أَهَمِّيَّة اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ فِي فَهْمِ سُلُوكَ الْإِنْسَانِ تُجَاهَ الْبِيئَةِ فِي عِدَّةِ جَوَانِب :
. الْعُمْق النَّفْسِيّ لِلتَّعَامُلِ مَعَ الْبِيئَة: الْإِنْسَانَ لَا يَتَعَامَلُ مَع الْبِيئَة فَقَطْ عَلَى مُسْتَوَى الْوَعْيِ وَالْعَقْلِ، بَلْ أَيْضًا عَلَى مُسْتَوَى اللاَّوَعِي وَ الْمَشَاعِرُ. فَالِإهْتِمَام بِالبِيئَة وَ حِمَايَتِهَا يَرْتَبِط بِمَشَاعِر الْإِنْسَان تُجَاه الطَّبِيعَة، وَبِالْجَوَانِب الْإِنْفِعَالِيَّة الَّتِي تَنْشَأُ مِنْ خِلَالِ التَّفَاعُلِ مَعَهَا. فَاللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ يُسَاعِدَ فِي فَهْمِ هَذِهِ الْجَوَانِبِ الْعَمِيقَة فِي سُلُوكِ الْإِنْسَانِ. إِنَّ مُعَالَجَةِ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْبِيئَة وَالصِّحَّة النَّفْسِيَّةُ هِيَ أَحَدُ الْجَوَانِبِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي يَنْبَغِي عَلَيْنَا الإِلْمَامِ بِهَا. فَالتَّعَامُل مَعَ الْبِيئَة لَهُ عُمْقٌ نَفْسِي كَبِيرٌ يُمْكِنُ إسْتِكْشَافُهُ وَالِإسْتِفَادَةِ مِنْهُ لِتَحْقِيقِ النَّفْعِيَّة الْقُصْوَى. إنَّ الْحَيَاةَ فِي بِيئَة طَبِيعِيَّة تُعْطِي مَزِيدًا مِنَ الرَّاحَةِ النَّفْسِيَّة لِلرِّجَال وَتُحَسِن أَدَاء الدِّمَاغ وَنَوْعِيَّة النَّوْم لَدَى كِبَارِ السِّنِّ مِنْ الْجِنْسَيْنِ. وَهَذَا يُؤَكِّدُ أَهَمِّيَّة الِإسْتِمْتَاع بِالطَّبِيعَة وَالِإنْخِرَاط فِي الْأَنْشِطَة البِيئِيَّة لِتَعْزِيز الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ. فَالْفَرْد عِنْدَمَا يَكُونُ فِي مُحِيطِ طَبِيعِيّ، يَشْعُرُ بِالِإسْتِرْخَاء وَالتَّنَاغم مَعَ الْمُحِيطِ مِمَّا يَنْعَكِس إيجَابًا عَلَى تَوَازُنَه النَّفْسِيِّ. كَمَا أَنَّ مُمَارَسَةَ الرِّيَاضَةِ فِي الْهَوَاءِ الطَّلْقِ لَهَا أثَارٌ إِيجَابِيَّة عَلَى الصِّحَّةِ الْبَدَنِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ، حَيْث تُسَاعِدُ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْ الضُّغُوط وَالتُّوتِر. وَيُمْكِنُ أَيْضًا الِإهْتِمَامُ بِطَرِيقَة التَّنَفُّس، فَالتَّنَفُّس الْعَمِيق بِالْهَوَاء النَّقِيّ يُسْهِمُ فِي تُوَازِن الْحَالَةِ النَّفْسِيَّةِ. مِنْ النَّاحِيَةِ الْفَلْسَفِيَّةِ، يَنْظُرُ الْبَعْضِ إلَى الْإِنْسَانِ بِإعْتِبَارِهِ جُزْءٍ لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ الْبِيئَة، وَإِنْ مُحَاوَلَة فَصْلُهُ عَنْهَا مُحَاوَلَة فَاشِلَّة فَالْإِنْسَانُ هُوَ "هِجْرَة دَائِمَة لِلْبِيئَة" كَمَا يَقُولُ (أرْتيجا)، "Ortega" وَتَفَاعُلِه مَعَ مُحِيطَهُ هُوَ مَا يُشْكِلُ جَوْهَرَه. لِذَا فَإِنَّ الْوَعْي البِيئِيّ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْبِيئَةِ وَ مَوَارِدَهَا الطَّبِيعِيَّة هِيَ أُمُورٌ جَوْهَرِيَّة لِلصِّحَّة النَّفْسِيَّةِ وَ الْجَسَدِيَّةِ لِلْإِنْسَان. وَبِالنَّظَرِ إلَى الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة الْمُنْتَشِرَةِ فِي مُجْتَمَعَاتِنَا الْعَرَبِيَّةِ، فَإِنَّ عَدَمَ الْوَعْي البِيئِيّ هُوَ مَظْهَرُ مِنْ مَظَاهِرِ عَجَزْنَا فِي الْوُصُولِ إلَى جُذُور مُشْكِلَاتِنا الْمُجْتَمَعِيَّة وَ حلِّهَا. فَالتَّعَامُل مَعَ الْبِيئَة بِإِهْمَال وَإِسَاءَة يُؤَدِّي إلَى تَفَاقُمِ الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة وَصُعُوبَة إِيجَادِ حُلُولٍ لَهَا. وَلِذَلِكَ فَإِنَّ تَطْوِير الْوَعْي البِيئِيّ عَلَى الْمُسْتَوَيَات الْفَرْدِيَّة وَ الْمُجْتَمَعِيَّة هُوَ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لِتَحْقِيقِ التَّوَازُنِ النَّفْسِيِّ وَ الِإجْتِمَاعِيِّ. وَ هُنَاك جَوَانِب مَعْرِفِيَّة وَفَلْسَفِيَّة مُهِمَّةٌ فِي بِنَاءِ الْوَعْي البِيئِيّ، حَيْث يَنْبَغِي تَزْوِيد الْأَفْرَاد بِالْمَعَارِف الْمُتَعَلِّقَة بِالْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة وَدُور الْإِنْسَانِ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا. كَمَا أَنَّ تَأْكِيدَ دُور الْأَطْرَاف الْفَاعِلَة كَالْمُؤَسَسَاتِ التَّعْلِيمِيَّة وَالْمَرَاكِز الصِّحِّيَّة وَ الْقِيَادَات الرُّوحِيَّةِ فِي تَعْزِيزِ الْوَعْي البِيئِيّ هُوَ أَمْرٌ حَيَوِيّ. إذْن يَتَّضِحُ أَنَّ الْعُمْق النَّفْسِيّ لِلتَّعَامُلِ مَعَ الْبِيئَة يَتَجَلَّى فِي إرْتِبَاطِ الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ بِالبِيئَة الطَّبِيعِيَّة، وَفِي الطَّابَع الْفَلْسَفِيّ لِلْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْمُحِيطِ، وَفِي أَهَمِّيَّة تَنْمِيَة الْوَعْي البِيئِيّ لِتَحْقِيقِ التَّوَازُنِ النَّفْسِيِّ وَالِإجْتِمَاعِيِّ. إنَّ مُعَالَجَةَ هَذِهِ الْجَوَانِبِ بِعُمْق هُوَ أَمْرٌ بَالِغَ الْأَهَمِّيَّةِ لِفَهْمِ وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ البِيئِيَّة الْمُعَقَّدَة فِي مُجْتَمَعَاتِنَا.

. التَّطَوُّرِ التَّارِيخِيّ لِلْوَعي البِيئِيّ : تَارِيخِيًّا، كَانَ الْإِنْسَانُ فِي الْبِدَايَةِ جُزْءًا مِنْ الْبِيئَة الطَّبِيعِيَّة وَ تَفَاعَل مَعَهَا بِشَكْل عُضْوَيْ. مَعَ تَطَوُّرِ الْحَضَارَات وَإزْدِيَاد التَّحَكُّمِ فِي الْبِيئَةِ، بَدَأَ الْإِنْسَانُ فِي الِإبْتِعَادِ عَنْهَا وَ تَغَيَّرت نَظْرَتَه إلَيْهَا. اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ يُسَاعِدَ فِي فَهْمِ هَذَا التَّطَوُّرُ التَّارِيخِيّ وَإنْعِكَاسَاتِه عَلَى سُلُوكِ الْإِنْسَانِ تُجَاهَ الْبِيئَةِ. التَّرْبِيَةَ البِيئِيَّة لَيْسَتْ حَدِيثَةَ الْعَهْدِ، بَلْ لَهَا جُذُورُهَا التَّارِيخِيَّة الْقَدِيمَةِ فِي مُخْتَلَفٍ ثَقَافَاتِ الشُّعُوبِ. يُمْكِن تَتْبَع التَّطَوُّر التَّارِيخِيّ لِلْوَعي الْبِيئِيِّ مُنْذُ الْقِدَمِ. فِي الْعُصُورِ الْقَدِيمَةِ، كَانَ لَدَى الْبَشَر وَعِي بِالبِيئَة الْمُحِيطَة بِهِمْ وَ تَأْثِيرِهَا عَلَى حَيَاتِهِمْ. فَقَدْ كَانُوا يَعِيشُونَ مُنْسَجِمَيْن مَعَ الطَّبِيعَةِ وَيُرَاعُون تَوَازُنِهَا الْحَيَوِيّ. وَ يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الثَّقَافَاتِ وَ التَّقَالِيد الْقَدِيمَة لِلشُّعُوب وَ الْحَضَارَات الْبَشَرِيَّة. مَعَ تَطَوُّرِ الْمَدَنِيَّات الْبَشَرِيَّة وَ إزْدِيَاد قُدُرَاتِ الْإِنْسَانِ عَلَى إسْتِغْلَالِ الْبِيئَة وَتَدْمِيرِهَا، بَدَأ الْوَعْي البِيئِيّ بِالتَّبَلْوُر كَضَرُورَة لِحِمَايَة الْبِيئَةَ مِنْ الكَوَارِث الْمُحْتَمَلَة. هَذَا الْأَمْرِ قَادَ إِلَى سَنِّ تَشْرِيعَات وَقَوَاعِدُ مَحَلِّيَّة وَ دَوْلِيَّة لِلْحَدِّ مِنْ الْأثَارِ الضَّارَّة عَلَى الْبِيئَةِ الطَّبِيعِيَّةِ. فِي النِّصْفُ الْأَوَّلُ مِنْ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ، شَهِدَتْ الْجُهُود الْمَبْذُولَة لِحِمَايَة الْبِيئَة الطَّبِيعِيَّة تَطَوُّرًا مَلْمُوسًا. وَفِي عَامِ 1949، تَأَسَّسَتْ اللَّجْنَة الْمُخْتَصَّة بِالتَّرْبِيَة البِيئِيَّة كَخُطْوَة تَأَسِّيْسِيَّة لِمُمَارَسَة التَّرْبِيَة البِيئِيَّة فِي الْمُؤَسَّسَات. كَمَا أَنَّ عَامَ 1972 كَانَ بِمَثَابَةِ نُقْطَة تَحَوَّلَ فِي تَطْوِيرِ السِّيَاسَات البِيئِيَّة الدَّوْلِيَّة، حَيْثُ عُقِدَ فِي هَذَا الْعَامِ مُؤْتَمَر الْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ لِلْبِيئَةِ الْبَشَرِيَّةِ فِي سْتُّوكْهُولْم، وَاَلَّذِي أَكَّدَ عَلَى أَهَمِّيَّةِ التَّرْبِيَة البِيئِيَّة وَضَرُورَة تَنْمِيَتِهَا. مُنْذُ ذَلِكَ الْحِينِ، شَهِد الْوَعْي البِيئِيّ تَطَوُّرًا مَلْحُوظًا عَلَى الْمُسْتَوَيَات الْفَرْدِيَّة وَالْمُجْتَمَعِيَّة وَالدُّولَيَّة. وَأَصْبَحَ مَوْضُوع الْبِيئَة وَحِمَايَتِهَا مِنْ التَّلَوُّثِ وَالتَّدَهُّوُر مِنْ الْأَوْلَوِيات الرَّئِيسِيَّةُ فِي الْعَدِيدِ مِنَ الدُّوَلِ وَالْمُنَظَّمَات الدَّوْلِيَّة. وَقَدْ سَاهَمَ فِي هَذَا التَّطَوُّرُ عَوَامِلُ عِدَّةٌ، مِنْهَا تَفَاقُم التَّحَدِّيَات البِيئِيَّة الْعَالَمِيَّة مِثْلَ تَغَيُّرِ الْمُنَاخِ وَتَدَهْوُر التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ وَنُدْرَة الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. كَمَا أَدَّى تَنَامي الْوَعْيِ بِأَهَمِّيَّةِ الْبِيئَة وَدَوْرُهَا فِي حَيَاةِ الْإِنْسَانِ إلَى إعَادَةِ التَّفْكِيرِ فِي أَسَالِيبِ الْحَيَاةِ وَ السَّلْوَكَيَّات البِيئِيَّة. وَفِي هَذَا السِّيَاقِ، تَطَوَّرَتْ التَّرْبِيَة البِيئِيَّة لِتُصْبِح بُعْدًا هَامًا مِنْ أَبْعَادِ التَّرْبِيَة الشَّامِلَة وَالْمُسْتَدَامَة، بِهَدَف تَعْدِيل سُلُوكَ الْإِنْسَانِ وَتَنْمِيَة الْوَعْي البِيئِيّ لَدَيْهِ. وَ عَلَيْهِ، يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ التَّطَوُّر التَّارِيخِيّ لِلْوَعي الْبِيئِيِّ مَرّ بِمَرَاحِل مُتَعَدِّدَة، بَدْءًا مِنَ الْإِدْرَاك البِدَائِيّ لِلْبِيئَة فِي الْعُصُورِ الْقَدِيمَةِ، وُصُولًا إِلَى التَّرْكِيز الْمُتَزَايِدِ عَلَى التَّرْبِيَةِ البِيئِيَّة كَوَسِيلَة لِتَنْمِيَة الْوَعْي البِيئِيّ وَصَوْن الْبِيئَة فِي الْعَصْرِ الْحَدِيث.

. التَّأْثِيرَات الثَّقَافِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة: يَنْشَأ الْوَعْي البِيئِيّ لِلْإِنْسَان أَيْضًا مِنْ خِلَالِ السِّيَاقَات الثَّقَافِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة الَّتِي يَعِيشُ فِيهَا. فَالْمُعْتَقَدَات وَالْقَيِّمِ السَّائِدَةِ فِي الْمُجْتَمَعِ تُؤَثِّر بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى طَرِيقَةِ تَعَامُل الْإِنْسَانِ مَعَ الْبِيئَة. اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ يُسَاعِدَ فِي فَهْمِ هَذِهِ التَّأْثِيرَات وَ كَيْفِيَّة إنْعِكَاسُهَا عَلَى سُلُوكِ الْإِنْسَان. التَّأْثِيرَات الثَّقَافِيَّة وَ الِإجْتِمَاعِيَّة لِإِنْسَانٍ عَلَى الْبِيئَةِ هِيَ مُتَعَدِّدَةٌ وَوَاسِعَة النِّطَاق. فَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَعْتَمِدُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى الْبِيئَةِ الْمُحِيطَةِ بِهِ، إلَّا أَنْ أَنْشِطَتِه وَمُمَارَسَاته الثَّقَافِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة قَدْ أدَتْ إِلَى تَدَهْوُرِ الْبِيئَة بِشَكْل مَلْحُوظٌ. فَمَنْ خِلَال الزِّرَاعَةِ وَالصِّنَاعَةِ وَالتَّحَضُّر، تَسَبَّب الْإِنْسَانِ فِي تَلَوُّثَ الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ وَ التُّرْبَة، وَفِقْدَان التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ، وَالِإحْتِبَاس الْحَرَارِيّ، وَ غَيْرِهَا مِنْ الْمُشْكِلَاتِ البِيئِيَّة الْخَطِيرَةِ. مِنْ النَّاحِيَةِ الثَّقَافِيَّة، تَلْعَب الْعَادَات وَالتَّقَالِيد وَالْمُعْتَقَدَات الدِّينِيَّة دَوْرًا مُهِمًّا فِي تَحْدِيدِ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالطَّبِيعَةِ. فَفِي بَعْضِ الثَّقَافَات، يُنْظَرُ إلَى الطَّبِيعَةِ عَلَى أَنَّهَا مَصْدَرٌ لِلْمَوَارِد الَّتِي يَجِبُ إسْتِغْلَالَهَا دُونَ إعْتِبَارِ لِأثَارِهَا. بَيْنَمَا فِي ثَقَافَات أُخْرَى، تُوجَدُ نَظَرَة أَكْثَرُ تَوَاضُعًا وَتَقْدِيرًا لِلْبِيئَة وَأَهَمِّيَّة الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا. إجْتِمَاعِيًّا، أَدَّتْ التَّنْمِيَة السَّرِيعَة وَالتَّصْنِيع إلَى تَفَكُّكِ الرَّوَابِطِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالِإنْفِصَالُ عَنْ الطَّبِيعَةِ. فَالْتَحْضُر وَتَغَيَّرَ أَنْمَاط الْحَيَاة قَدْ أَدَّى إلَى تَرَاجُعِ الِإعْتِمَادُ عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة الْمَحَلِّيَّة وَزِيَادَة الِإعْتِمَادُ عَلَى السِّلَعِ الْمُصَنَعَة. كَمَا أَنَّ الْفَجْوَةِ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ الِإجْتِمَاعِيَّة وَإزْدِيَاد مُعَدَّلَات الْفَقْرَ قَدْ سَاهَمَ فِي إسْتِنْزَاف الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَإِحْدَاث تَدَهْوُر بَيئِي. بِشَكْلٍ عَامٍّ، إنْ التَّأْثِيرَات الثَّقَافِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة لِلْإِنْسَانِ عَلَى الْبِيئَةِ هِيَ تَفَاعُلٌ مَعْقِد بَيْنَ الْعَوَامِلِ الِإقْتِصَادِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ وَ التِّكْنُولُوجِيَّة، مِمَّا يَتَطَلَّب جُهُودًا مُتَكَامِلَة لِلْحَدّ مِنْ الْإِضْرَارِ البِيئِيَّة. إنْ اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ يُمَثِّلُ بُعْدًا مُهِمًّا فِي فَهْمِ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة، وَهُوَ مَا يُسَاعِدُ فِي تَطْوِيرِ نَمَاذِج سُلُوكِيَّة أَكْثَر إنْسِجَامٍا مَعَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْبِيئَةِ. إنَّهُ بِمَثَابَةِ إدْرَاكِ غَيْرِ وَاع لِلْعَلَاقَة المُتَبَادِلَةِ بَيِنَ الإِنْسَانُ وَالبِيئَةُ. يُمَثِّل هَذَا الْبُعْدِ اللاَّوَاعِي أَهَمِّيَّةُ كَبِيرَةً فِي فَهْمِ تِلْكَ الْعَلَاقَةِ بِشَكْل أَعْمَق. يُسَاعِد اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ فِي إدْرَاكِ أَنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ جُزْءٌ لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ النِّظَامِ البِيئِيّ، وَلَيْسَ مُنْفَصِلًا عَنْهُ. وَ يُشِير اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ إلَى الْحَسَّاسَيَّة وَالِإرْتِبَاطُ الْعَمِيق مَع الْبِيئَة وَالطَّبِيعَة عَلَى الْمُسْتَوَى اللَّاشُعُوري. كَمَا يُمَكِنُ اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ مِنْ فَهْمِ الْعَوَاطِف وَالصِّلَات الْعَمِيقَة بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالطَّبِيعَةِ، وَاَلَّتِي تَتَجَاوَز الْمَنْظُور الْعَقْلَانِيّ وَالْمَادِّيّ. هَذَا مِنْ جِهَةِ. أَمَّا مَنْ جِهَةِ أُخْرَى يُسَاهِم اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ فِي تَطْوِيرِ وِجْهَةُ نَظَرِ أَكْثَر شُمُولِيَّة وَتَكَامُلِيَّة حَوْلَ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَ الْبِيئَةِ. كَمَا يُعَزِّز اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ الشُّعُورِ بِالِإنْتِمَاء وَالْمَسْؤُولِيَّة تُجَاهَ الْبِيئَةِ، مِمَّا يَنْعَكِس عَلَى السُّلُوكِيات وَالْقَرَارَات الَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَيْهَا. وَ أَخِيرًا يُمَكِنُ اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ مِنْ تَجَاوُزِ النَّظْرَةِ الضَّيِّقَةِ لِلْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَ الْبِيئَة، وَيُسْهَم فِي تَطْوِيرِ رُؤَى أَكْثَرُ تَكَامُلاًّ وَعُمْقًا.

_ تَأْثِير اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ عَلَى الْقَرَارَات البِيئِيَّة

تَتَمَثَّلُ الطَّرِيقَة الْأَسَاسِيَّة لِتَحْلِيل تَأْثِير اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ عَلَى الْقَرَارَات البِيئِيَّة فِي فَهْمِ الدَّوَافِع وَالْمُعْتَقَدَات الْكَامِنَة وَرَاء السُّلُوكِيات البِيئِيَّة. يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ دِرَاسَة الْمُعْتَقَدَات وَ الِإفْتِرَاضِات الضِّمْنِيَّة عَنِ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْبَشَرِ وَالطَّبِيعَة، وَاَلَّتِي غَالِبًا مَا تُؤَثِّرُ عَلَى إتِّخَاذِ الْقَرَارَات البِيئِيَّة دُونَ وَعْيٍ. تَكْمُنُ هَذِهِ التَّأْثِيرَاتِ فِي إسْتِكْشَافِ الْمُعْتَقَدَات الثَّقَافِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ وَ الِإجْتِمَاعِيَّة الْمُتَعَلِّقَة بِالبِيئَة وَالطَّبِيعَة وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. و فَهُمْ كَيْفَ تُؤَثِّرُ هَذِهِ الْمُعْتَقَدَات عَلَى النَّظْرَةِ إِلَى الطَّبِيعَةِ وَ دَوْرُهَا فِي حَيَاةِ النَّاس. إضَافَهُ إلَى تَحْلِيلٍ الأَنْمَاط الضِّمْنِيَّةُ فِي اللُّغَةِ وَالرُّمُوز وَالصُّوَر الْمُسْتَخْدَمَةُ فِي وَصْفِ الْبِيئَة وَ الْمَوَارِد. ثُمّ تَقْيِيم تَأْثِير مُعْتَقَدَات اللاَّوَعِي عَلَى الْقَرَارَات البِيئِيَّة.
. مُعْتَقَدَات اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: الْمُعْتَقَدَات اللاَّوَعِية الإِيْكُولُوجِيَّة هِيَ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْمُعْتَقَدَات وَالْأَفْكَار الْمُتَأَصِّلَة بِعُمْق وَالَّتِي تُشَكِّلُ نَظْرَة الْفَرْد لِلْعَالَمِ الطَّبِيعِيّ وَعَلَاقَتُه بِهِ. هَذِهِ الْمُعْتَقَدَات غَالِبًا مَا تَكُونُ خَفِيَّةً وَغَيْر مُدْرِكَة، لَكِنَّهَا تُؤَثِّر بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى السُّلُوكِيات وَ الْقَرَارَات وَالْمَوَاقِف البِيئِيَّة لِلْفَرْد. فَهِي تُشْكِل نَوْعًا مِنْ الْإِطَارِ الْمَرْجِعُيّ الَّذِي مِنْ خِلَالِهِ يُفَسِّر الْفَرْد الظَّوَاهِر وَالْأَحْدَاث البِيئِيَّة وَيَتَفَاعِل مَعَهَا. مِنْ أَهَمُّ مُعْتَقَدَات اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ الَّتِي يُمْكِنُ تَحْدِيدِهَا
1. الِإعْتِقَادِ فِي السَّيْطَرَةِ وَالتَّحَكُّم: يَعْتَقِد الْفَرْد أَنَّهُ بِإِمْكَانِهِ السَّيْطَرَةَ عَلَى الطَّبِيعَةِ وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَتَسْخِيرِهَا لِخِدْمَة أَهْدَافِه، دُونَ مُرَاعَاةِ لِلتَّوَازُن البِيئِيّ أَوْ الْأثَارِ السَّلْبِيَّة الْمُحْتَمَلَة. هَذَا الِإعْتِقَادِ يُنْتِج عَنْه سَلُوكَيَّات إسْتِغْلَالِيَّة وَ تَدْمِيرِيَّة لِلْبِيئَة.
2. الِإعْتِقَادِ فِي الْفَصْلِ وَالِإنْفِصَال: يَنْظُرُ الْفَرْدِ إِلَى الْإِنْسَانِ عَلَى أَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الطَّبِيعَةِ وَلَيْسَ جُزْءًا مِنْهَا. وَ يَنْظُرُ إلَى الْبِيئَة عَلَى أَنَّهَا مُجَرَّدُ مَخْزَنٍ لِلْمَوَارِد وَالْخِدْمَات الَّتِي يَجِبُ إسْتِخْدَامُهَا لِمَصْلَحَة الْإِنْسَانُ. هَذَا يُؤَدِّي إلَى إهْمَالِ التَّرَابُط وَ التَّأْثِيرَ الْمُتَبَادَلَ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة.
3. الِإعْتِقَادِ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ الْبَشَرِيَّة: يَعْتَقِد الْفَرْد أَنَّ الْبَشَرَ هُمْ الْمَرْكَز وَالْغَايَة وَالْأَوْلَوِيَّة فِي الْكَوْنِ، وَأَنَّ الطَّبِيعَةَ مَوْجُودَة لِخِدْمَتِهِمْ. هَذَا الِإعْتِقَادِ يُبَرِّر إسْتِغْلَال وَتَدْمِير الْبِيئَةَ مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ الْمَصَالِح الْبَشَرِيَّة دُونَ مُرَاعَاةِ لِحُقُوق وَحَاجَات الْكَائِنَات الْأُخْرَى.
4. الِإعْتِقَادِ فِي الْخُضُوعِ وَالتَّسْلِيم: يَنْظُرُ الْفَرْدِ إِلَى الطَّبِيعَةِ عَلَى أَنَّهَا قُوَّةٍ خَارِجِيَّةٍ مُسَيْطِرَة وَغَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّأْثِير، وَإِنْ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَخْضَعَ لَهَا وَيَتَكَيَّف مَعَهَا دُونَ مُحَاوَلَةٍ التَّأْثِير عَلَيْهَا أَوْ إحْدَاثُ تَغْيِيرِ. هَذَا الِإعْتِقَادِ يُؤَدِّي إلَى سَلْبِيَّة الْفَرْد وَ عَدَم الْمُبَادَرَة لِحِمَايَة الْبِيئَة.
5. الِإعْتِقَادِ فِي الْإِنْتَاجِيَّة وَالْكَفَاءَة: يُرَكِّز الْفَرْدِ عَلَى تَحْقِيقِ الْإِنْتَاجِيَّة وَالْكَفَاءَة الِإقْتِصَادِيَّة عَلَى حِسَابِ الِإعْتِبَارَات البِيئِيَّة. وَيَرَى أَنَّ الْأَدَاءَ الِإقْتِصَادِيّ هُو المِقْيَاس الأَسَاسِيّ للنَّجَاح، دُونَ مُرَاعَاةِ لِلتَّكَالِيف البِيئِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة.
هَذِه الْمُعْتَقَدَات اللاَّوَعِية الإِيْكُولُوجِيَّة تُشَكِّلُ نَمُوذَجًا ذِهْنِيًّا وَ إطْارا مَرْجِعِيَّا لِلْفَرْدِ، وَاَلَّذِي يُوَجَّه سُلُوكَّيَاتِه وَإخْتِيَارَاتِه تُجَاهَ الْبِيئَةِ. وَتُعْتَبَرُ هَذِهِ الْمُعْتَقَدَات أَحَد الْعَوَائِق الرَّئِيسِيَّة أمَام تَحْقِيق الِإسْتِدَامَة البِيئِيَّة وَالْوَعْي الإِيْكُولُوجِيّ الْحَقِيقِيِّ. لِذَا، فَإِنَّ إدْرَاكَ هَذِه الْمُعْتَقَدَات وَتَحَدِّيهِا هُوَ خُطْوَةٌ أَسَاسِيَّة لِتَحَفيز التَّغْيِيرُ الثَّقَافِيّ وَالسُّلُوكِي اللَّازِمُ لِبِنَاء عَلَاقَة مُتَوَازِنَةً بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة. وَ الْبَحْثِ عَنْ حُلُولِ لِمُوَاجَهَة هَذِه الْمُعْتَقَدَات اللَّأَوْعِيَة يَتَطَلَّبُ تَبَّنِي مُقَارَبَات تَرْبَوِيَّة وَتَوَعَوِيَّة تُرْكَزُ عَلَى تَنْمِيَةِ الْوَعْي البِيئِيّ وَالْقَيِّم الإِيْكُولُوجِيَّة، وَتَشْجِيعِ التَّفْكِير النَّقْدِيّ وَالتَّأَمُّلي حَوْلَ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالطَّبِيعَةِ. كَمَا يَتَطَلَّب دَمْج مَفَاهِيم الِإسْتِدَامَةُ فِي مُخْتَلَفٍ الْمَجَالَات التَّعْلِيمِيَّة وَالْمِهْنَيَّة وَالْحَيَاتِيَّة، لِتَرْسِيخ نَمُوذَج ذِهْنِي جَدِيد يَقُومُ عَلَى إحْتِرَامِ الْبِيئَة وَالتَّعَايش الْمُتَوَازِن مَعَهَا.

. كَيْفَ تُؤَثِّرُ مُعْتَقَدَات اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ عَلَى إدْرَاكِ الْمَخَاطِر وَالْفُرَص البِيئِيَّة: يَتِمُّ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ تَحْلِيل كَيْفَ يَتِمُّ تَبْرِير أَوْ تَفْسِيرٌ الْقَرَارَات البِيئِيَّة فِي ضَوْءِ هَذِهِ الْمُعْتَقَدَات الضِّمْنِيَّة. وَفَهْمِ كَيْفَ تُؤَثِّرُ هَذِهِ الْمُعْتَقَدَات عَلَى التَّوَازُنِ بَيْنَ الِإعْتِبَارَات الِإقْتِصَادِيَّة وَ البِيئِيَّة فِي إتِّخَاذِ الْقَرَارَات. إضَافَةُ إِلَى إسْتِخْدَامِ نَتَائِج التَّحْلِيلِ فِي صُنْعِ الْقَرَارَات البِيئِيَّة، ثُمّ إسْتِخْدَام فَهمْ مُعْتَقَدَات اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ لِتَصْمِيم إسْتِرَاتِيجِيَّات فَعَّالَة لِتَغْيِير السُّلُوكِيات البِيئِيَّة. و تَعْزِيز الْوَعْي بِالمُعْتَقَدَات الضِّمْنِيَّة وَتَحَدِّيهِا مِنْ خِلَالِ التَّثْقِيف وَالتَّوَاصُل البِيئِيّ. و أَخِيرًا ضَمَانَ أنْ تَكُونَ الْقَرَارَات البِيئِيَّة مُسْتَنِدَةٌ إلَى فَهْمِ شَامِل لِلدَّوَافِع وَالِإعْتِقَادَاتُ الْكَامِنَة وَرَاء السُّلُوكِيات البِيئِيَّة.
تُؤَثِّرُ مُعْتَقَدَات اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى إدْرَاكِ الْأَفْرَاد لِلْمَخَاطِر وَالْفُرَص البِيئِيَّة. هُنَاكَ ثَلَاثَةٌ جَوَانِب رَئِيسِيَّة لِهَذَا التَّأْثِير:
. الْمُعْتَقَدَات حَوْل الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الطَّبِيعَةِ وَالْإِنْسَانُ: يَعْتَقِدُ الْبَعْضِ أَنَّ الْبَشَرَ مُنْفَصَلُّون عَنْ الطَّبِيعَةِ وَأَنَّهُمْ يُسَيْطِرُون عَلَيْهَا. هَذَا يُؤَدِّي إلَى إدْرَاكِ أَقَلِّ لِلْمَخَاطِر البِيئِيَّة وَ عَدَم الشُّعُور بِالْمَسْؤُولِيَّة تُجَاه حِمَايَة الْبِيئَة. فِي الْمُقَابِلِ، يَرَى آخَرُونَ أَنْ الْبَشَر جُزْءٍ مِنْ النِّظَامِ الإِيْكُولُوجِيّ وَإِنْ مَا يُؤَثِّرُ عَلَى الطَّبِيعَةِ سَيَنْعَكِس عَلَيْهِمْ. هَذَا الْإِدْرَاكُ يَزِيدُ مِنْ الْحَسَّاسَيَّة تُجَاهَ الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة.
. التَّفْسِيرَات الشَّخْصِيَّة لِلْأَحْدَاث اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: تُؤَثِّر مُعْتَقَدَات عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي يُفَسَّرُ بِهَا الْأَفْرَادُ الْأَحْدَاث البِيئِيَّة. فَمَنْ يُؤْمِنَ بِأَنَّ الْبَشَر مُنْفَصَلُّون عَنْ الطَّبِيعَةِ قَدْ يَنْظُرُونَ إلَى الكَوَارِث الطَّبِيعِيَّةِ عَلَى أَنَّهَا "فِعْلُ الطَّبِيعَةِ" وَ لَيْس نَتِيجَة لِلتِّدخل الْبَشَرِيِّ. فِي الْمُقَابِلِ، مَنْ يَرَى الْإِنْسَانُ جُزْءًا مِنْ النِّظَامِ البِيئِيّ سَيَكُون أَكْثَر حَسَاسِيَة لِمَسْؤُولِيَّة الْبَشَرِ تُجَاه مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْدَاثِ.
. الشُّعُورِ بِالتَّحَكُّم: تُؤَثِّر مُعْتَقَدَات اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ عَلَى مَدَى شُعُور الْأَفْرَاد بِالْقُدْرَةِ عَلَى التَّحَكُّمِ بِالمَخَاطِر وَالْفُرَص البِيئِيَّة. مَنْ يَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ مُنْفَصِلَيْن عَنْ الطَّبِيعَةِ قَدْ يَشْعُرُون بِعَجْز تُجَاه الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة، بَيْنَمَا مَنْ يَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ جُزْءًا مِنْ النِّظَامِ البِيئِيّ قَدْ يَشْعُرُون بِمَزِيدٍ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّأْثِيرِ وَالتَّحَكُّم.
فِي النِّهَايَةِ، تُشْكِل مُعْتَقَدَات اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ إِطَارًا مَرْجِعِيَّا يُؤَثِّرُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى إدْرَاكِ الْأَفْرَاد لِلْمَخَاطِر وَ الْفُرَص البِيئِيَّة وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي يَتَعَامَلُونَ بِهَا مَعَهَا.

_ تَعْزِيزِ اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ الْإِيجَابِيّ

لِلنُّهُوض بِاللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ الْإِيجَابِيّ، هُنَاكَ مَجْمُوعَةً مِنْ التَّدَخُّلِات وَالتَّوَصُّيات الْهَامَةُ يُمْكِن إتِّبَاعُهَا:
. إدْمَاج الْمَفَاهِيم البِيئِيَّة فِي المَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّة: إدْرَاج مَوَاضِيع الْبِيئَة وَالِإسْتِدَامَة وَالْحِفَاظِ عَلَى الطَّبِيعَةِ فِي المَنَاهِجِ الدِّرَاسِيَّة مِنْ الْمَرْحَلَة الِإبْتِدَائِيَّة وَحَتَّى الْجَامِعِي هُوَ أَمْرٌ بَالِغَ الْأَهَمِّيَّةِ. فَالْوَعْي البِيئِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَنْمُو مَعَ الْفَرْدِ مُنْذُ الصِّغَرِ، وَأَنْ يَكُونَ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ تَكْوِينِه المَعْرِفِيّ وَ الثَّقَافِيّ. هَذَا سَيُسْهِمُ فِي تَشْكِيلِ وَعْي جَمْعِيّ بِالأَهَمِّيَّة البِيئِيَّة وَرَبَط السُّلُوكِيات الْيَوْمِيَّةُ بِالْأَثَرِ البِيئِيّ.
. تَطْوِير بَرَامِج التَّوْعِيَة وَالتَّثْقِيف البِيئِيّ: جَنْبًا إِلَى جَنْبِ مَع إدْرَاج الْمَفَاهِيم البِيئِيَّة فِي المَنَاهِجِ، تَأْتِي أَهَمِّيَّة تَطْوِير بَرَامِج التَّوْعِيَة وَالتَّثْقِيف البِيئِيّ الْمُوَجَّهَة لِلْجُمْهُور الْعَامّ. هَذِه الْبَرَامِج يُمْكِنُ أَنْ تُتَّخَذَ أشْكَالًا مُتَنَوِّعَة كَالنَّدَوَات وَالْوَرَش التَّدْرِيبِيَّة وَالْحَمْلُات الْإِعْلَامِيَّة وَالْإِنْشَطَة التَّطَوُّعِيَّة. الْهَدَفُ هُوَ نَشْرَ الْوَعْي البِيئِيّ وَتَغْيِير السُّلُوكِيات السَّلْبِيَّةِ تُجَاهَ الْبِيئَةِ، وَتَمْكِين الْمُجْتَمِعِ مِنْ إتِّخَاذِ قَرَارَات وَاعِيَةً وَمُمَارَسَات بِيئِيَّة إِيجَابِيَّة.
. تَبَّنِي سِيَاسَات وَتَشْرِيعَات بِيئِيَّة صَارِمَةً: عَلَى صَعِيدِ السِّيَاسَات الحُكُومِيَّة، لَا بُدَّ مِنْ تَبَّنِي تَشْرِيعَات وَ قَوَانِينِ بِيئِيَّة صَارِمَة تُنَظِّم السُّلُوكِيات وَالْمَمَارَسَات الْمُؤَثِّرَةِ عَلَى الْبِيئَةِ. فَرْض غَرَامَات عَلَى التَّلَوُّث، إلْزَام الشَّرِكَات بِتَطْبِيق مَعَايِير الِإسْتِدَامَة، وَحَظْر إسْتِخْدَام الْمَوَادّ الضَّارَّة بِالبِيئَة كُلُّهَا أَمْثِلَةٌ عَلَى هَذِهِ التَّدَخُّلِات الْقَانُونِيَّة. إنَّ وُجُودَ إِطَار تَنْظُيمي وَقَانُونٍي قَوِيٍّ سَيَحْفز الْأفْرَادُ وَالمُؤَسَّسَات عَلَى تَبَّنِي مُمَارَسَات بِيئِيَّة أَكْثَر مَسْؤُولِيَّة.
. تَعْزِيز الْمُبَادَرات الْمُجْتَمَعِيَّة وَالْمُشَارَكَة الشَّعْبِيَّة: إلَى جَانِبِ الْجُهُود الحُكُومِيَّة وَالْمُؤَسَسِيَّة، لَا بُدَّ مِنْ تَشْجِيع الْمُبَادَرات الْمُجْتَمَعِيَّة وَالْمُشَارَكَة الشَّعْبِيَّةِ فِي مَجَالِ الْبِيئَة وَ الِإسْتِدَامَة. تَنْظِيم حَمَلَات تَطَوُّعِيَّة لِلتَّشْجِير أَوْ التَّنْظِيفَ البِيئِيّ، وَإِنْشَاء جَمْعِيَّات أَهْلِيَّة مُتَّخَصِصَة فِي الْقَضَايَا البِيئِيَّة، وَالتَّشْجِيع عَلَى الْمَسْؤُولِيَّةِ الْفَرْدِيَّةِ تُجَاهَ الْبِيئَةِ كُلِّهَا سُبُل لِتَعْزِيز الْمُشَارَكَةِ الْمُجْتَمَعِيَّةِ. هَذَا سَيُسَاهم فِي بِنَاءِ وَعْي جَمَاعِي قَوِيّ وَشُعُور بِالْمِلْكِيَّة الْمُشْتَرَكَة لِلْبِيئَة.
. دَمْج الْأبْعَاد البِيئِيَّة فِي التَّنْمِيَةِ الِإقْتِصَادِيَّة: تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ التَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ أَمَر حَيَوِيّ. يَجِب دَمْج الِإعْتِبَارَات البِيئِيَّة فِي السِّيَاسَات وَ الَّخُطَط التَّنْمَوِيَّة، مِنْ خِلَالِ تَشْجِيع الِإقْتِصَاد الْأَخْضَر وَ الصِّنَاعَات الْمُسْتَدَامَة، وَتَطْوِير تِقْنِيَات الطَّاقَة النَّظِيفَة، نَمَاذِج إسْتِهْلَاك وَإِنْتَاج أَكْثَر كَفَاءَة. هَذَا سَيُسْهِمُ فِي الْحَدِّ مِنْ الْأثَارِ السَّلْبِيَّة لِلتَّنْمِيَة عَلَى الْبِيئَةِ وَتَعْزِيز الِإسْتِدَامَةَ عَلَى الْمَدَى الطَّوِيلِ.
. تَعْزِيز الْمُمَارَسَات الْفَرْدِيَّة وَالأُسَرِيَّة الصِّدِّيقَة لِلْبِيئَة: فِي النِّهَايَةِ، لَا بُدَّ مِنْ التَّرْكِيزِ عَلَى تَعْزِيز الْمُمَارَسَات وَ السَّلْوَكَيَّات الْفَرْدِيَّةُ وَالأُسَرِيَّة الصِّدِّيقَة لِلْبِيئَة. هَذَا يَشْمَلُ تَرْشِيد الِإسْتِهْلَاك، وَتَقْلِيل النِّفَايَات وَالتَّدْوِير، وَالِإعْتِنَاء بِالطَّبِيعَة وَالْمِسَاحَات الْخَضْرَاء، وَالِإخْتِيَار الْوَاعِي لِلسِّلَع وَ الْخَدَمَات الْمُسْتَدَامَة. إنَّ إنْتِشَارَ هَذِه الْمُمَارَسَات عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ سَيُؤَدِّي إِلَى تَغْيِيرِ جِذْرِيٍّ فِي الْوَعْيِ وَالِإتِّجَاهَات البِيئِيَّة عَلَى الْمُسْتَوَى الْمُجْتَمَعي.
فِي الْخِتَامِ، تَعْزِيز اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ الْإِيجَابِيّ يَتَطَلَّب جُهُودًا مُتَكَامِلَةٌ عَلَى مُخْتَلِفِ الْمُسْتَوَيَاتِ - التَّعْلِيمِيَّة وَ التَّوَعّويَّة وَالتَّشْرِيعِيَّة وَالْمُجْتَمَعِيَّة وَالِإقْتِصَادِيَّةِ. مِنْ خِلَالِ هَذِهِ التَّدَخُّلِات الْمُتَنَوِّعَةِ، سَنَتَمكن مِنْ تَشْكِيل وَعْي بَيئِي قَوِيٍّ وَمُمَارَسَات مُسْتَدَامَة عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ، وَالْمُسَاهَمَةِ فِي بِنَاءِ مُسْتَقْبِل أَكْثَر إتَزَانا بَيْئِيًّا وَإجْتِمَاعِيًّا وَإقْتِصَادِيًّا.

_ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَثِّرَ التَّعْلِيم البِيئِيّ عَلَى سُلُوكِ الْأَفْرَاد تُجَاهَ الْبِيئَةِ

التَّعْلِيمُ البِيئِيّ لَهُ تَأْثِيرٌ كَبِيرٌ عَلَى سُلُوكِ الْأَفْرَاد تُجَاهَ الْبِيئَةِ. يُسَاعِد التَّعْلِيم البِيئِيّ الْأَفْرَادِ عَلَى فَهْمِ أَهَمِّيَّة الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ وَالتَّصَرُّف بِشَكْل مَسْؤُول تُجَاهَهَا. يُمْكِن لِلتَّعْلِيم البِيئِيّ أَنْ يَزِيدَ مِنْ وَعْي الْأَفْرَاد بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة وَالتَّأْثِيرَات السَّلْبِيَّة لِلسُّلُوكِيات الضَّارَّةِ بِالبِيئَة. كَمَا يُسَاعِد التَّعْلِيم البِيئِيّ الْأَفْرَادِ عَلَى إكْتِسَابِ الْمَهَارَات اللَّازِمَة لِإتِّخَاذ خِيَارَات وَقَرَارًات صَدِيقَة لِلْبِيئَة فِي حَيَاتِهِمْ الْيَوْمِيَّة. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ التَّعْلِيم البِيئِيّ الْفَعَال يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى تَحْسِينِ سَلُوكَيَّات الْإِفْرَادُ تُجَاهَ الْبِيئَةِ وَزِيَادَة مُشَارَكَتَهُمْ فِي الْحِفَاظِ عَلَيْهَا. مِنْ خِلَالِ تَحْسِين السُّلُوكِيات البِيئِيَّة، زِيَادَةِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ. يَزِيدُ التَّعْلِيمُ البِيئِيّ مِنْ وَعْي الْأَفْرَاد بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة مِثْل التَّلَوُّث وَالِإسْتِخْدَام الْمُفْرِط لِلْمَوَارِد وَالتَّغَيُّر الْمُنَاخِيّ. كَمَا يُسَاعِد الْأَفْرَادِ عَلَى فَهْمِ تَأْثِير سَلُوكِيَّاتِهِمْ عَلَى الْبِيئَةِ وَ تَحْفِيزهم عَلَى إتِّخَاذِ إجْرَاءَات لِلْحَدِّ مِنْ الْأثَارِ السَّلْبِيَّة. و يُزَوِّد الْأَفْرَاد بِالْمَعْرِفَة وَالْمُهَارات اللَّازِمَةِ لِاِتِّخَاذ قَرَارَات وَ سَلُوكَيَّات صَدِيقَة لِلْبِيئَة فِي حَيَاتِهِمْ الْيَوْمِيَّة. فِي نَفْسُ الْوَقْتِ يُشَجِّع التَّعْلِيم البِيئِيّ الْأَفْرَادِ عَلَى الْمُشَارَكَةِ فِي الْأَنْشِطَة وَالْمُبَادِرًات الْمُجْتَمَعِيَّة لِلْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ. كَمَا يُسَاعِد الْأَفْرَادِ عَلَى فَهْمِ دُورِهِمْ وَأَهَمِّيَّة مُسَاهَمَاتِهم الْفَرْدِيَّةُ فِي حِمَايَةِ الْبِيئَة. وَ يَزِيدُ مِنْ الشُّعُورِ بِالْمَسْؤُولِيَّة تُجَاهَ الْبِيئَةِ وَالرَّغْبَةِ فِي الْمُسَاهَمَةِ فِي حُلُولِ الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة.

_ التَّحَدِّيَات الرَّئِيسِيَّةِ الَّتِي تُوَاجِهُ نَشْر الثَّقَافَة البِيئِيَّة فِي الْمُجْتَمَعَاتِ

نَشْرُ الْوَعْيِ البِيئِيّ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ يُوَاجِه الْعَدِيدِ مِنَ التَّحَدِّيَات الرَّئِيسِيَّة، وَالَّتِي تُشَكِّلُ عَقَبَات كَبِيرَةٌ أَمَامَ تَعْزِيز الثَّقَافَة البِيئِيَّة. مِنْ أَبْرَزِ هَذِهِ التَّحَدِّيَات:
1. ضَعْفِ البِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ البِيئِيَّة: كثِيرٍ مِنْ الْمُجْتَمَعَاتِ تُعَانِي مِنْ ضَعْفِ البِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ البِيئِيَّة اللَّازِمَة لِرَصْد وَمُتَابَعَة الْأَوْضَاع البِيئِيَّة. فَالنَّقْصُ فِي الْمَوَارِدِ وَ التَّجْهِيزًات اللَّازِمَةِ لِقِيَاس وَمُرَاقَبَة مُسْتَوَيَات التَّلَوُّث وَ النِّفَايَات يَحُولُ دُونَ الْحُصُولِ عَلَى الْبَيَانَاتِ الدَّقِيقَة وَالشَّامِلَة الَّتِي يُمْكِنُ الِإعْتِمَادُ عَلَيْهَا فِي بَرَامِج التَّوْعِيَة البِيئِيَّة.
2. غِيَاب التَّشْرِيعَات البِيئِيَّة الْفَاعِلَةِ: فِي كَثِيرٍ مِنْ الْحَالَاتِ، تَكُون التَّشْرِيعَات البِيئِيَّة الْمَوْجُودَة غَامِضَة أَوْ مُتَضَارَبِة مَعَ قَوَانِين أُخْرَى، مِمَّا يَجْعَلُ تَفْسِيرُهَا وَ تَطْبِيقِهَا أَمْرًا صَعْبًا. كَمَا أَنَّ ضَعْفَ الْآلِيَات التَّنْفِيذيَّة لِهَذِهِ الْقَوَانِين يُحَدُّ مَنْ فَعَّالِيَّتَهَا فِي حِمَايَةِ الْبِيئَة وَالْحَدُّ مِنْ التَّلَوُّث.
3. ضُغُوط الْمَصَالِح الِإقْتِصَادِيَّة: غَالِبًا مَا تَوَاجَه الْجُهُودِ الرَّامِيَةِ إِلَى تَعْزِيزِ الْوَعْي البِيئِيّ مُعَارَضَة مِنْ جِهَاتِ لَهَا مَصَالِحُ إقْتِصَادِيَّة قَصِيرَةُ الْمَدَى، وَ اَلَّتِي تَسْعَى لِلِإسْتِفَادَةِ مِنْ الْمَوَارِدِ الطَّبِيعِيَّة دُونَ الِإلْتِزَامِ بِالْمَعَايِير البِيئِيَّة. هَذِه الضُّغُوط تُشْكِل تَحَدِّياً كَبِيرًا أمَام تَبَّنِي
سِيَاسَات وَبَرَامِج فَعَّالَة لِلْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَة.
4. ضَعْف التَّنْسِيق بَيْن الْجِهَات الْمُعْنِيَة: غَالِبًا مَا تَفْتَقِرُ الْجُهُود البِيئِيَّة إلَى التَّنْسِيق وَالتَّكَامُل الْمَطْلُوبُ بَيْنَ الْحُكُومَة وَالْقُطَّاع الْخَاصّ وَالْمُجْتَمَع الْمَدَنِيُّ. هَذَا الِإنْفِصَام يُحَدُّ مَنْ كَفَاءَة الْبَرَامِج التَّوْعَوِيَّة وَيُضَعِّفُ مِنْ إِمْكَانِيَّة تَحْقِيق أَهْدَاف الِإسْتِدَامَة البِيئِيَّة.
5. نَقَص الْوَعْي البِيئِيّ عَلَى مُسْتَوَى الْمُجْتَمَعِ: فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْيَانِ، يُعَانِي الْمُجْتَمِعِ مِنْ ضَعْفِ الْوَعْي البِيئِيّ وَقِلَّة الِإهْتِمَام بِالْقَضَايَا البِيئِيَّة. هَذَا يَنْعَكِسُ سَلْبًا عَلَى مُشَارَكَةِ الْأَفْرَادِ فِي الْأَنْشِطَة وَالْمُبَادِرًات الَّتِي تَهْدِفُ إِلَى حِمَايَة الْبِيئَة وَتَعْزِيز الْمُمَارَسَات الْمُسْتَدَامَة. لِمُوَاجَهَة هَذِه التَّحَدِّيَات، تَحْتَاج الْمُجْتَمَعَات إلَى إتِّبَاعِ نَهْج شَامِل يَتَضَمَّن تَطْوِير الْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ البِيئِيَّة، وَتَعْزِيز التَّشْرِيعَات وَالْآلْيَات التَّنْفِيذيَّة، وَخَلَقَ التَّوَازُنِ بَيْنَ الْمَصَالِحِ الِإقْتِصَادِيَّة وَالبِيئِيَّة، وَتَحْسِين التَّنْسِيق بَيْن الْجِهَات الْمُعْنِيَة، وَتَكُثيف بَرَامِج التَّوْعِيَة الْمُجْتَمَعِيَّة. فَقَطْ مِنْ خِلَالِ هَذَا التَّكَامُل وَالتَّضَافَر لِلْجَهود يُمْكِنُ تَحْقِيقُ نَتَائِج مَلْمُوسَة فِي نَشْرِ الثَّقَافَة البِيئِيَّة الْفَعَّالَةِ فِي الْمُجْتَمَعَات



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ
- الْبَيُولُوجْيَا الِإصْطِنَاعِيَّة
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْأَمْن الْبَيُولُوجِيّ
- أَخْلَاقِيَّات التِّكْنُولُوجْيَا
- فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- فَلْسَفَةُ التِّكْنُولُوجْيَا : -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- التِّكْنُولُوجْيَا
- أَخْلَاقِيَّات الْبَحْثُ الْعِلْمِيّ
- أَخْلَاقِيَّات الْإِعْلَام
- الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة :-الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- الْأَخْلَاقِ الطِّبِّيَّة
- الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة
- البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
- البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي فَلْسَفَةِ الِإخْتِلَاف
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : رِهَان الدِّرَاسَات المُسْتَقْبَلِ ...
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَحَدِّيَات الْعَوْلَمَة
- الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : أَسَاسِيًّات التَّقَدُّمُ


المزيد.....




- -لم أقابلك لمناقشة محتوى وسائل التواصل-.. مذيعة CNN تضغط على ...
- لهذا السبب تُعد كازاخستان الوجهة -المثالية- صيفًا لسكان دول ...
- باكستان تكشف البلد المصنّع للسلاح الذي أسقط المقاتلات الهندي ...
- تقرير: ارتفاع كبير في حوادث معاداة السامية في ألمانيا
- ضربات جديدة بمسيرات على قاعدة بحرية في بورتسودان ومخاوف من ا ...
- إيران ترفض الاتهامات بضلوعها في مخطط ضد السفارة الإسرائيلية ...
- مطالبات بإطلاق سراح مسؤول حملة “BDS” الأردن
- محادثات تركية إسرائيلية في باكو حول سوريا تتضمن 3 مطالب لتل ...
- مسيرة إسرائيلية تلقي مناشير على شكل أوراق نقدية تحذر فيها من ...
- ليتوانيا تنسحب من اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-