أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ -الْجُزْءِ الثَّانِي-















المزيد.....

التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ -الْجُزْءِ الثَّانِي-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8366 - 2025 / 6 / 7 - 16:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ تَأْثِيرِ الِإكْتِشَافَات الْعِلْمِيَّة عَلَى النِّزَاعَات الثَّقَافِيَّة

تُعْتَبَرُ الِإكْتِشَافَات الْعِلْمِيَّة مُحَرَّكًا رَئِيسِيًّا لِلتَّقَدُّم وَالتَّطَوُّر فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْحَدِيثَة. وَمَعَ ذَلِكَ، قَدْ تُؤَدِّي هَذِه الِإكْتِشَافَات أَحْيَانًا إِلَى نِزَاعات ثَقَافِيَّة، حَيْث تَتَعَارَض الْأَفْكَارِ الْجَدِيدَةِ مَع الْمُعْتَقَدَات وَالتَّقَالِيد السَّائِدَة.
غَالِبًا مَا تَتَحَدَّى الِإكْتِشَافَات الْعِلْمِيَّة الْمُعْتَقَدَات الدِّينِيَّة الرَّاسِخَة، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى نِزَاعات بَيْنَ الْمُجْتَمِعِ الْعِلْمِيّ وَ المُؤَسَّسَات الدِّينِيَّةِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، تَعَرَّضَتْ نَظَرِيَّةُ التَّطَوُّرِ لِدَارَوَيْن لِإنْتِقَادَات شَدِيدَةً مِنْ قِبَلِ الْمُؤَسَّسَات الدِّينِيَّةَ لِأَنَّهَا تَتَعَارَضُ مَعَ قَصَص الْخَلْقِ فِي الْعَدِيدِ مِنَ الْأَدْيَانِ.
يُمْكِنُ لِلْإِكْتِشَافَات الْعِلْمِيَّةِ أَنَّ تُؤَدِّي إلَى تَغَيِيرَاتٍ فِي الْقِيَمِ الِإجْتِمَاعِيَّة، مِمَّا يُثِيرُ قَلَق الْبَعْضِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، قَضَايَا مِثْل الِإسْتِنْساخ وَالْهَنْدَسَةِ الْوِرَاثِيَّة تُثِير تَسَاؤُلَات أَخْلَاقِيَّة حَوْل حُدُود التَّدَخُّل الْبَشَرِي فِي الطَّبِيعَة.
الِإكْتِشَافَات الْعِلْمِيَّة تُؤَدِّي إلَى تَطْوِيرٍ تِكْنُولُوجِيَّات جَدِيدَةٍ تَغَيَّر الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ، وَاَلَّتِي قَدْ لَا يَتَقَبَّلُهَا جَمِيعِ الْأَفْرَادِ بِسُهُولَة. قَدْ يُشْعِرُ الْبَعْض بِالْقَلَق إزَاء فِقْدَان الْوَظَائِف التَّقْلِيدِيَّة أَوْ التَّغْيِيرِ فِي نَمَطٍ الْحَيَاةِ بِسَبَبِ الأَتْمَتَّة وَ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَة.
مِنْ الْمُهِمِّ تَعْزِيز الْحِوَار الْمَفْتُوحِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالمُجْتَمَعَات الثَّقَافِيَّة الْمُخْتَلِفَة لِضَمَان فَهُمْ مُتَبَادَل وَتَقْدِير لِلتَّحْدِيات وَ الْفُرَص الَّتِي تَطْرَحُهَا الِإكْتِشَافَات الْجَدِيدَة.
رَفَع مُسْتَوَى الْوَعْيِ وَالتَّعْلِيم حَوْل الْفَوَائِد وَالْمَخَاطِر الْمُحْتَمَلَة لِلْإِكْتِشَافَات الْعِلْمِيَّةِ يُمْكِنُ أَنْ يُسْهِمَ فِي تَقْلِيلِ النِّزَاعَاتِ. يُمْكِن لِلتَّعْلِيم أَنْ يُسَاعِدَ الْأَفْرَادِ عَلَى فَهْمِ كَيْفِيَّة التَّكَيُّف مَعَ التَّغْيِيرَاتِ الَّتِي تَجْلِبها الِإكْتِشَافَات الْعِلْمِيَّة.
الِإعْتِرَافُ بِالتَّنَوُّع الثَّقَافِيّ وَإحْتِرَامُه يُمْكِنُ أَنْ يُسَاعِدَ فِي تَقْلِيلِ النِّزَاعَاتِ. يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ فَهُمْ وَإحْتِرَام وِجْهَاتِ النَّظَرِ الْمُخْتَلِفَةِ إلَى إيجَادِ حُلُول وُسْطَى تَرْضِّي جَمِيعِ الْأَطْرَافِ الْمُعْنِيَة.
بَيْنَمَا يُمْكِنُ أَنْ تُؤَدِّيَ الِإكْتِشَافَات الْعِلْمِيَّة إلَى نِزَاعات ثَقَافِيَّة، فَإِنَّهَا تَوَفُّر أَيْضًا فُرَصًا لِتَطْوِير فَهُمْ أَعْمَق وَتَعْزِيز التَّعَاوُنُ بَيْنَ الثَّقَافَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ. مِنْ خِلَالِ الْحِوَارِ وَالتَّفَاهُم الْمُتَبَادَل، يُمْكِن لِلْمُجْتَمَعَاتِ أَنْ تَسْتَفِيدُ مِنْ الِإكْتِشَافَات الْعِلْمِيَّةَ مَعَ الْحِفَاظِ عَلَى قِيَمِهَا الثَّقَافِيَّة.

_ كَيْفَ يُمْكِنُ وَضْعُ حُدُود أَخْلَاقِيَّة لِلْبَحْث الْعِلْمِيّ

إنْ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ يُعْتَبَر أَسَاس التَّقَدُّم وَالتَّطَوُّر فِي مُخْتَلَفٍ الْمَجَالَات، لَكِنَّهُ يَأْتِي مَعَ مَسْؤُولِيَّة كَبِيرَة تُجَاه الْمُجْتَمَع وَ الْبِيئَة. لِذَلِكَ، مِنْ الضَّرُورِيِّ وَضْعِ حُدُودٍ أَخْلَاقِيَّة لِضَمَانٍ أنْ تُؤَدَّي الْأَبْحَاث إلَى فَوَائِدِ إِيجَابِيَّة دُون التَّسَبُّبُ فِي أضْرَارِ أَوْ إنْتِهَاكِات لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ أَوْ الْبِيئَة.
يَجِبُ أَنْ تَضْمَنَ الْأَبْحَاثُ الْعِلْمِيَّةُ عَدَمِ إنْتِهَاكِ حُقُوقِ الْأَفْرَاد الْمُشَارِكِين فِيهَا. وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الْحُصُولِ عَلَى مُوَافَقَةِ مَسْبَقَة وَ مُسْتَنِيرَة مِنْ الْمُشَارِكِينَ، وَضَمَان سَرِيَّة الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ، وَ إحْتِرَام خُصُوصِيَّة الْأَفْرَاد.
يَجِبُ أَنْ تَضْمَنَ الْأَبْحَاث عَدَم تَعْرِيض الْمُشَارِكِين أَوِ الْمُجْتَمَعِ لِمَخَاطِر غَيْر مُبَرِّرة. يَتَطَلَّبُ ذَلِكَ تَقْيِيم دَقِيق لِلْمَخَاطِر وَ الْفَوَائِد الْمُحْتَمَلَة قَبْلَ الْبَدْءِ فِي أَيِّ دِرَاسَة.
يَتَعَيَّنُ عَلَى الْبَاحِثِين الْإِبْلَاغ عَنْ نَتَائِجِهِمْ بِدِقَّة وَأَمَانَة، وَ تَجَنُّب التَّلَاعُب بِالْبَيَانَات أَوْ تَحْرِيفٌ النَّتَائِج لِتَحْقِيقِ مَصَالِحِ شَخْصِيَّة. كَمَا يَنْبَغِي عَلَيْهِمْ تَوْثِيق خُطُوَات الْبَحْث بِوُضُوح لِضَمَان شِفَافِيَّة الْإِجْرَاءَات.
يَجِبُ أَنْ تَأْخُذَ الْأَبْحَاثِ فِي إعْتِبَارِهَا تَأْثِيرِهَا الِإجْتِمَاعِيّ وَ الْبِيئَي. يَجِبُ تَشْجِيع الْأَبْحَاثِ الَّتِي تُسْهِمُ فِي تَحْسِينِ الْمُجْتَمَع وَالْبِيئَة، وَتَجَنُّب الْأَبْحَاثِ الَّتِي قَدْ تُؤَدِّي إلَى أضْرَارِ أَوْ إسْتِغْلَال.
يَجِبُ أَنْ تَضْمَنَ الْأَبْحَاث تَوْزِيعًا عَادِلًا لِلْفَوَائِد وَالْمَخَاطِر بَيْنَ جَمِيعِ الْمُشَارِكِين، دُونَ تَمْيِيزٍ عَلَى أَسَاسِ الْعَرَقِ أَوْ الْجِنْسِ أَوْ الْخَلْفِيَّة الِإجْتِمَاعِيَّة.
تُعْتَبَر لِجَان الْأَخْلَاقَيَّات آلِيَّة رَئِيسِيَّة لِمُرَاجَعَة الْأَبْحَاثُ الْعِلْمِيَّةُ قَبْلَ تَنْفِيذِهَا. تَقُومُ هَذِهِ اللِّجَان بِتَقْييم الْجَوَانِبِ الْأَخْلَاقِيَّة لِلدِّرَاسَات الْمُقْتَرَحَة وَتَقْدِيم التَّوْصِيات اللَّازِمَة.
يَجِبُ تَوْفِير بَرَامِج تَدْرِيبِيٍّة لِلْبَاحِثَيْن حَوْل الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ فِي الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ لِضَمَان إلْتِزَامِهِمْ بِهَا فِي جَمِيعِ مَرَاحِل الْبَحْث.
يَجِب دَعْم الْأَبْحَاثُ الْعِلْمِيَّةُ بِإِطَار قَانُونِيٍّ يُحَدِّد الْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة وَيَضْمَن إلْتِزَام الْبَاحِثِين بِهَا، مَعَ فَرْضِ عُقُوبَاتٍ عَلَى الْمُخَالَفَات.
إنَّ وَضْعَ حُدُود أَخْلَاقِيَّة لِلْبَحْث الْعِلْمِيّ لَيْسَ مُجَرَّدَ خِيَارَ بَلْ هُوَ ضَرُورَةُ لِضَمَانٍ أنْ تُسَاهِم الْأَبْحَاثِ فِي تَحْسِينِ حَيَاةِ النَّاسِ وَحِمَايَة الْبِيئَة، بَدَلًا مِنْ التَّسَبُّبِ فِي أضْرَارِ أَوْ تَعْرِيض حَيَاةِ الْأَفْرَادِ لِلْمَخَاطِر.

_ هَلْ يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ أَنْ يُسَاهِمَ فِي فِقْدَانِ الْهُوِيَّة الثَّقَافِيَّة

الْعِلْمُ وَالتِّكْنُولُوجْيَا يَلْعَبَان دُورًا حَيَوِيًّا فِي تَشْكِيلِ حَيَاتِنَا اليَوْمِيَّةِ وَتَغْيِير الطَّرِيقَةِ الَّتِي نَعِيش بِهَا. وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنْ هُنَاكَ نِقَاشًا مُسْتَمِرًّا حَوْلَ مَا إذَا كَانَ هَذَا التَّطَوُّرُ الْمُسْتَمِرّ قَدْ يُؤَدِّي إلَى فِقْدَان الْهُوِيَّة الثَّقَافِيَّة.
مَعَ تَقَدُّمِ الْعِلْمِ وَالتِّكْنُولُوجْيَا، أَصْبَحْت الْعَوْلَمَة أَكْثَرَ إنْتِشَارًا. الْأَدَوَات التِّكْنُولُوجِيَّة مِثْل الْإنْتَرْنِت وَوَسَائِل التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ سَاهَمَت فِي جَعْلِ الْعَالِم قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ، مِمَّا يَسْهُلُ تَبَادُلِ الثَّقَافَاتِ وَالْأَفْكَار. هَذَا التَّبَادُلِ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى تَجَانَس الثَّقَافَات، حَيْث تَنْدَمج الْعَنَاصِر الثَّقَافِيَّة الْمُخْتَلِفَة لِتَشَكُّل ثَقَافَة عَالَمِيَّة مُوَحَّدَة.
التِّكْنُولُوجْيَا تَسْهُل الْوُصُولِ إلَى مَعْلُومَات عَنْ ثَقَافَات مُخْتَلِفَةً مِمَّا يُعَزِّز التَّفَاهُم وَالتَّقْدِير الْمُتَبَادَل بَيْن الشُّعُوب.
الْعِلْمِ يُقَدَّمُ أَدَوَات لِحِفْظ التُّرَاث الثَّقَافِيّ، مِثْل الرَّقْمَنَّة وَ الْأَرْشَفَة الْإِلِكْتِرُونِيَّة لِلْوَثَائِق التَّارِيخِيَّة وَالْمَعَالِم الثَّقَافِيَّة.
الِإنْتِشَار السَّرِيع لِلثَّقَافَة الْعَالَمِيَّةُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَآكُلِ التَّقَالِيد الْمَحَلِّيَّة، حَيْث يَتَبَنَّى الشَّبَابِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ ثَقَافَات جَدِيدَةً عَلَى حِسَابِ تَقَالِيدِهُمْ الْأَصْلِيَّةُ.
التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ تُؤَدِّي إلَى تَغَيُّرَات إقْتِصَادِيَّة تُؤَثِّرُ عَلَى الصِّنَاعَات الثَّقَافِيَّة الْمَحَلِّيَّة، مِمَّا يُضْعِفُهَا أَوْ يُؤَدِّي إلَى إخْتِفَائِهَا.
بَيْنَمَا يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ أَنْ يُسَاهِمَ فِي فِقْدَانِ بَعْضِ جَوَانِبِ الْهُوِيَّة الثَّقَافِيَّة، فَإِنَّهُ يُوَفِّرُ أَيْضًا فُرَصًا لِلْحِفَاظِ عَلَيْهَا وَتَعْزِيزِها.
الْمِفْتَاحِ هُوَ تَحْقِيقُ تَوَازُنُ بَيْنَ التَّقَدُّمِ الْعِلْمِيِّ وَالْحِفَاظِ عَلَى الْقَيِّمِ الثَّقَافِيَّة، مِنْ خِلَالِ تَبَّنِي التِّكْنُولُوجْيَا بِطَرِيقَة تَحْتَرَم وَ تُحَافِظُ عَلَى التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ.

_ كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ أَنْ يُسْتَخْدَمَ لِتَعْزِيز التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ

يُعْتَبَرُ الْعِلْمُ أَدَّاة قَوِيَّة يُمْكِنْ إسْتِخْدَامُهَا لِتَعْزِيز التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ وَالِإحْتِفَاء بِهِ. مِنْ خِلَالِ الْبَحْث وَالتَّعْلِيم وَ التِّكْنُولُوجْيَا، يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ أَنْ يَلْعَبَ دُورًا مُحَوَّريا فِي فَهْمِ الثَّقَافَات الْمُخْتَلِفَة وَدَعَّمَهَا.
هُوَ أَحَدُ أَهَمّ الْوَسَائِل لِتَعْزِيز التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ. مِنْ خِلَالِ الْمَنَاهِج التَّعْلِيمِيَّة الْمُتَنَوِّعَةِ وَالَّتِي تَشْمَل دِرَاسَات الثَّقَافَات الْمُخْتَلِفَة، يُمْكِن لِلطُّلَّاب أَنْ يَتَعَلَّمُوا عَنْ تَارِيخِ وَتَقَالِيد الشُّعُوب الْأُخْرَى. هَذَا الْفَهْمِ يُعَزِّز الِإحْتِرَام الْمُتَبَادَل وَيُقَلِّلَ مِنْ التَّحَيُّزِات الثَّقَافِيَّة.
يُمْكِنُ لِلْبَحْث الْعِلْمِيِّ أنْ يُسَاهِمُ فِي حِفْظِ التُّرَاث الثَّقَافِيّ مِنْ خِلَالِ تَوْثِيق اللُّغَات وَالتَّقَالِيد وَالْعَادَات الَّتِي قَدْ تَكُونُ مُعَرَّضَةً لِلْإِنْدِثَار. عُلَمَاءُ الإٍنْثْرُوبُّولُوجْيَا وَاللُّغَوِيُّونَ، عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يَعْمَلُونَ عَلَى تَسْجِيلِ اللُّغَات غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ وَتَقَنِّيَّات الْحَرْفُ الْيَدَوِيَّة التَّقْلِيدِيَّة، مِمَّا يُسَاعِدُ فِي الْحِفَاظِ عَلَى هَذِهِ الْجَوَانِبِ الثَّقَافِيَّة.
تَلْعَبُ التِّكْنُولُوجْيَا دُورًا مُحَوَّريا فِي تَعْزِيزِ التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ مِنْ خِلَالِ الرَّقْمَنَّة. يُمْكِنُ إسْتِخْدَام الْإنْتَرْنِت وَوَسَائِلِ الإِعْلَامِ الِإجْتِمَاعِيَّة لِتَبَادُل الْمَعْلُومَات الثَّقَافِيَّة وَالتَّعْرِيف بِالتُّرَاث الثَّقَافِيّ الْمُتَنَوِّع لِمَلَايِين الْأَشْخَاص حَوْل الْعَالِمِ. كَمَا يُمْكِنُ لِلْوَاقِع الِإفْتِرَاضِي وَالْوَسَائِط الْمُتَعَدِّدَةُ أنْ تُقَدِّمَ تَجَارِب غَامِرَة تُتِيح لِلنَّاس إسْتِكْشَاف الثَّقَافَات الْأُخْرَى بِطَرِيقَةٍ تَفَاعُلِيَّة.
الْعِلْمُ يُشَجِّعُ عَلَى التَّعَاوُنِ الدَّوْليِّ مِنْ خِلَالِ المَشَارِيع الْمُشْتَرَكَة وَالْمُنْتَدَيَات الْعَالَمِيَّةُ الَّتِي تَجْمَعُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ خَلْفِيَّاتِ ثَقَافِيَّةً مُتَنَوِّعَةً. هَذَا التَّعَاوُنِ يُسْهِمُ فِي بِنَاءِ جُسُور التَّفَاهُم وَتَعْزِيز الِإبْتِكَار مِنْ خِلَالِ تَبَادُل الْأَفْكَار وَالْخَبَرُات.
يُسَاهِم الْعِلْمِ فِي الِإبْتِكَارِ دَاخِل الْفُنُون وَالثَّقَافَة مِنْ خِلَالِ تَطْوِير أَدَوَات وَتَقَنِّيَّات جَدِيدَةٍ تَسَمُّح لِلْفَنَّانِين وَالْمُبْدِعين بِالتَّعْبِيرِ عَنْ ثَقَافَاتِهُمْ بِطُرُقٍ جَدِيدَة وَمُبْتَكَرَة. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يُمْكِن لِلْفَنَّانِين إسْتِخْدَامُ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَةِ مِثْل الطِّبَاعَة ثُلَاثِيَّة الْأبْعَاد وَالْوَاقِع الْمُعَزَّز لِتَقْدِيمِ أَعْمَال فَنِيَّة تَمَثَّل تُرَاثَهُمْ الثَّقَافِيّ.
بِالتَّالِي، يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ قُوَّةٌ دَافِعَةٌ لِتَعْزِيز التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ وَالِإحْتِفَاء بِهِ، مِمَّا يُخْلَقُ مُجْتَمِعًا عَالَمِيًّا أَكْثَر شُمُولِيَّة وَتَفْاهُمَا.

_ كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ أَنْ يُسَاهِمَ فِي تَعْزِيزِ الْقَيِّم الْعَالَمِيَّة

يُمَثِّلُ الْعِلْمَ أَحَدٌ الرَّكَائِز الْأَسَاسِيَّة لِلتَّقَدُّم الْبَشَرِيّ، فَهُوَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الِإكْتِشَافَات التِّقْنِيَّة وَالِإبْتِكَارُات، بَلْ يَمْتَدُّ تَأْثِيرِه لِيَشْمَل تَعْزِيز الْقَيِّم الْعَالَمِيَّة الَّتِي تُوَحِّدُ الْبَشَرِ عَلَى إخْتِلَافِ ثَقَافَاتِهُمْ وَبُلْدَانِهِمْ.
يَعْمَل الْعِلْمِ عَلَى تَعْزِيز التَّفَاهُم الْمُتَبَادَل بَيْنَ الشُّعُوبِ مِنْ خِلَالِ نَشْر الْمَعْرِفَة وَتَبَادُل النَّتَائِج الْعِلْمِيَّة. التَّعَاوُن الْعِلْمِيّ الدَّوْلِيّ يُتِيح لِلْعُلَمَاءِ مِنْ مُخْتَلَفِ الْبُلْدَان الْعَمَلِ مَعًا، وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى تَبَادُل وِجْهَاتِ النَّظَرِ وَالثَّقَافَات، مِمَّا يُسْهَمُ فِي تَعْزِيزِ التَّسَامُح وَالِإحْتِرَام الْمُتَبَادَل.
الْعِلْمُ يَلْعَبُ دَوْرًا مُحَوَّريا فِي دَعْمِ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ مِنْ خِلَالِ إبْتِكَار تِقْنِيَات تُسَاعِدُ عَلَى تَحْسِينِ جَوْدَة الْحَيَاةِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، التَّطَوُّرَات فِي الطِّبِّ وَالتِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة تُسَاهِمُ فِي تَحْسِينِ الصِّحَّة الْعَامَّة وَتَقْلِيل الْمُعَانَاة الْإِنْسَانِيَّة، مِمَّا يُعَزِّز قِيمَة الْحَقِّ فِي الْحَيَاةِ وَالصِّحَّة.
بِفَضْل الْأَبْحَاثُ الْعِلْمِيَّةُ، أَصْبَح الْعَالِم أَكْثَر وَعْيًا بِأَهَمِّيَّة حِمَايَة الْبِيئَة، مِمَّا يَدْفَعُ بِإتِّجَاه مُمَارَسَات مُسْتَدَامَة. الْعِلْم يُسَاهِمُ فِي تَطْوِيرِ تِقْنِيَاتٍ جَدِيدَة لِإِنْتَاج الطَّاقَة النَّظِيفَة وَتَقْلِيل إنْبِعَاثَات الْكَرْبُون، مِمَّا يُعَزِّز قِيمَةَ الْمَسْؤُولِيَّةِ البِيئِيَّة.
مِنْ خِلَالِ نَشْر التَّعْلِيم الْعِلْمِيّ وَفَتْح الْمَجَالِ أَمَامَ الْجَمِيعِ لِلْوُصُولِ إلَى الْمَعْرِفَةِ، يُسَاهِم الْعِلْمِ فِي تَعْزِيزِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ وَبَيْن الْفِئَاتِ الْإجْتِمَاعِيَّةِ الْمُخْتَلِفَة. المَشَارِيع الْعِلْمِيَّةِ الَّتِي تُدَعِّمُ التَّنَوُّع وَالدَّمْج تُسْهِمُ فِي كَسْرِ الْحَوَاجِز الِإجْتِمَاعِيَّة وَالثَّقَافِيَّة.
الْعِلْم يُعَزِّز السَّلَامِ الْعَالَمِيِّ مِنَ خِلَالِ تَطْوِير أَدَوَات وَتَقَنِّيَّات تَعَزَّزَ الْأَمْن وَالسَّلَامَة، مِثْل تِقْنِيَات الِإتِّصَال الَّتِي تُسْهِمُ فِي نَشْرِ الْوَعْي وَتَحْقِيق التَّفَاهُم، وَتَقَنِّيَّات الْإِنْذَارِ الْمُبَكِّر الَّتِي تُسَاعِدُ فِي مَنْعِ النِّزَاعَات.
بِالْمُجْمَلِ، يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ مُجَرَّدَ أَدَّاة لِتَقَدُّم التِّكْنُولُوجْيَا، بَلْ هُوَ قُوَّةٌ دَافِعَةٌ لِتَعْزِيز الْقِيَمِ الْإِنْسَانِيَّةِ الْعَالَمِيَّة الَّتِي تَجْمَعُنَا جَمِيعًا كَأفْرَاد فِي مُجْتَمَعٍ عَالِمِي وَاحِد.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التَّنْمِيط الثَّقَافِيّ والقِيَمِيّ -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- حَوْسَبَة القَرَارَات الْأَخْلَاقِيّة -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- حَوْسَبَة القَرَارَات الْأَخْلَاقِيّة -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- الْفَجْوَة الرَّقْمِيَّة -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- الْفَجْوَة الرَّقْمِيَّة -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
- الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ : -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ -الْجُزْءُ الْأَوَّل-
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : الْوَاقِع الِإفْتِرَاضِي
- أَخْلَاقِيَّات الذَّكَاءُ الِإصْطِنَاعِيّ -الْجُزْءُ الثَّان ...
- أَخْلَاقِيَّات الذَّكَاءُ الِإصْطِنَاعِيّ -الْجُزْءُ الْأَوّ ...
- الْعَقْل التِّقَنِيّ ؛ -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- الْعَقْل التِّقَنِيّ -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- الوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ
- الْبَيُولُوجْيَا الِإصْطِنَاعِيَّة
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْأَمْن الْبَيُولُوجِيّ
- أَخْلَاقِيَّات التِّكْنُولُوجْيَا
- فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا: -الْجُزْءِ الثَّانِي-


المزيد.....




- السعودية.. محمد بن سلمان يشدد على مواجهة -التداعيات الكارثية ...
- طهران: لا نسعى لامتلاك سلاح نووي
- أم عراقية تصف ابنتها الصغيرة بالجلحة خلال بث مباشر
- رجل يقود سيارة وسط حشد من الناس في مدينة باساو الألمانية
- هل يواعد المغربي حكيمي طليقة زميله السابق -الفاتنة-؟
- ألمانيا.. زوجته وابنته من ضمن الضحايا.. سائق يصدم حشدا في با ...
- واشنطن بوست: البيت الأبيض حاول تلطيف حدة الصراع بين ترامب وم ...
- زعيم تنظيم -القاعدة- في اليمن يهدد ترامب وماسك وآخرين
- كندا أرسلت معدات وأجهزة عسكرية إلى أوكرانيا قيمتها تتجاوز 25 ...
- بريطانيا ترمي -بشباكها- على جيش جمهورية سوفيتية سابقة


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ -الْجُزْءِ الثَّانِي-