حمودة المعناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 18:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
_ مِنْ يُحَدِّد التَّقَدُّمِ فِي مُجْتَمَعٍ لِيبْرَالِيّ مَدْفُوعٌ بِالْعِلْمِ؟
هَذَا السُّؤَالِ يَضَعُ الْيَدَ عَلَى مُعْضِلَة حَقِيقِيَّة وَمِحْوَرِيَّة فِي الْمُجْتَمَعَاتِ اللِّيبْرَالِيَّة الْمُعَاصِرَة، خَاصَّة تِلْكَ الَّتِي تَعْتَمِدُ عَلَى الْعِلْمِ كَقُوَّة دَافِعَة. أَنَّهَا لَيْسَتْ مُجَرَّدَ مَسْأَلَة تَحْدِيدٍ، بَلْ هِيَ صِرَاع مُسْتَمِرّ حَوْلُ تَعْرِيفِ التَّقَدُّم نَفْسِهِ. فِي الْمُجْتَمَعِ اللِّيبْرَالِيّ الْمَدْفُوع بِالْعِلْمِ، لَا تُوجَدُ جِهَةُ وَاحِدَة تُحَدِّد التَّقَدُّم بِشَكْل مُطْلَقٍ. بَلْ هُوَ نِتَاجُ لِتَفَاعل مَعْقِدُ بَيْنَ عِدَّةِ أَطْرَاف. الْعُلَمَاء وَالْبَاحِثُون هُمْ الْمُحَرِّكُ الْأَسَاسِيُّ لِلتَّقَدُّم الْعِلْمِيّ وَ التِّكْنُولُوجِيّ. رُؤْيَتِهِمْ لِلتَّقَدُّم غَالِبًا مَا تَكُونُ مُنْصَبَّةٌ عَلَى الِإكْتِشَافِ، الِإبْتِكَار، وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ بِطُرُق جَدِيدَةٍ. يَرْكَزون عَلَى مَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ عِلْمِيًّا. فِي الِإقْتِصَادِ اللِّيبْرَالِيِّ الْقَائِمِ عَلَى السُّوقِ، الشَّرِكَات وَرِجَال الْأَعْمَال هُمْ مِنْ يُحَوِّل الِإكْتِشَافَات الْعِلْمِيَّة إلَى مُنْتَجَات وَخَدَمَات قَابِلَة لِلتَّسْوِيق. دَافِعهم الرَّئِيسِيّ هُوَ الرِّبْحُ الِإقْتِصَادِيّ، وَغَالِبًا مَا يُحَدِّدُون التَّقَدُّمُ بِمَا هُوَ مُجْدِ إقْتِصَادِيًّا. أَمَّا السِّيَاسَيُّون وَالْحُكُومَاتُ فَإِنَّ دُورَهُمْ يَقْتَصِرُ عَلَى صِيَاغَةٍ الْقَوَانِين وَالسِّيَاسَات الَّتِي تُنَظِّمُ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ وَالتَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ. هُمْ مُجْبَرُونَ عَلَى الْمُوَازَنَةِ بَيْنَ تَشْجِيع الِإبْتِكَار وَحِمَايَة الصَّالِح الْعَامّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَأَثَّرَ تَعْرِيفُهُمْ لِلتَّقَدُّم بِالضَّرُورَات الْأُمْنِيَة، الِإقْتِصَادِيَّة، أَوْ الِإجْتِمَاعِيَّةِ. فِي حِينِ أَنَّ الْمُجْتَمَعَ الْمَدَنِيّ وَالْجُمْهُورُ مِنْ خِلَالِ النَّقَّاش الْعَامّ، الِإحْتِجَاجَات، مُنَظَّمَات الْمُجْتَمَع الْمَدَنِيّ، وَ وَسَائِلِ الإِعْلَامِ، يُمْكِن لِلْجُمْهُورِ أَنَّ يُؤَثِّرْ عَلَى تَعْرِيفِ التَّقَدُّم. هُمْ مِنْ يُثِير الْأَسْئِلَة الْأَخْلَاقِيَّة، البِيئِيَّة، وَالِإجْتِمَاعِيَّة حَوْل التَّطَوُّرَاتِ الْعِلْمِيَّةِ، وَيُطَالَبُون بِأَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ مُفِيدًا لَهُمْ وَ لِلْمُجْتَمَع كَكُلِّ. بِالْإِضَافَةِ إلَى الدَّوْرِ الْبَارِز الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْمُفَكِّرُونَ وَالْفَلَاسِفَةُ وَخَبَراء الْأَخْلَاقِ هَؤُلَاء يُقَدِّمُون الأَطْر الْمَفَاهِيمِيَّة وَالنَّقْدِيَّةُ لِتَقْيِيم التَّقَدُّم، وَيُسَاعِدُون فِي طَرْحِ الْأَسْئِلَةِ الْجَوْهَرِيَّة حَوْل أَيْنَ يَجِبُ أَنْ نَتَجِهَ كَبِشْر. هَذَا التَّفَاعُلُ غَالِبًا مَا يَكُونُ غَيْرَ مُتَوَازِن، حَيْثُ تَمِيل الْقِوَّى الِإقْتِصَادِيَّة وَالتِّكْنُولُوجِيَّة لَأَنْ تَكُونَ هِيَ الأَسْرَع وَالْأَقْوَى فِي الدَّفْعِ بِتَعْرِيف مُعَيَّن لِلتَّقَدُّم.
. هَلْ التَّقَدُّم إقْتِصَادِيّ فَقَطْ، أَمْ يَجِبُ أَنْ يَشْمَلَ أَبْعَادًا أُخْرَى؟
تُقِرّ غَالِبِيَّة الْمُجْتَمَعَات اللِّيبْرَالِيَّة الْحَدِيثَة بِأَنَّ التَّقَدُّمَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْبُعْدِ الِإقْتِصَادِيّ فَقَطْ. بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ شَامِلًا وَمُتَعَدِّد الْأبْعَاد. التَّقَدُّم الِإقْتِصَادِيّ يُعْتَبَر ضَرُورِيًّا لِرَفْع مُسْتَوَيَات الْمَعِيشَة وَتَوْفِير الْمَوَارِد. و التَّقَدُّم الِإجْتِمَاعِيّ يَشْمَل الْعَدَالَة، الْمُسَاوَاة، الشُّمُولِيَّة، حِمَايَة حُقُوق الْأَقَلِّيَّات، وَ تَحْسِين جَوْدَة الْحَيَاة لِلْأَفْرَاد. أَمَّا التَّقَدُّمُ الْأَخْلَاقِيّ فَإِنَّهُ يُشِيرُ إلَى تَطْوِيرٍ الْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة، وَمُرَاعَاة الْكَرَامَة الْإِنْسَانِيَّةِ، وَ التَّصَرُّف بِمَسْؤُولِيَّة تُجَاه التَّحَدِّيَات الْجَدِيدَةِ الَّتِي يُفْرِزُهَا الْعِلْمِ مِثْلُ الْهَنْدَسَة الْوِرَاثِيَّة وَالذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ. كَمَا التَّقَدُّم البِيئِيّ يَتَضَمَّن الْحِفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ، مُكَافَحَة التَّغَيُّرِ الْمُنَاخِيِّ، وَ ضَمَان الِإسْتِدَامَة لِلْإِجْيَال الْقَادِمَةِ. التَّحَدِّي يَكْمُنُ فِي كَيْفِيَّةِ تَحْقِيقِ هَذَا التَّوَازُنِ، خَاصَّة عِنْدَمَا تَتَعَارَضُ هَذِهِ الْإِبْعَادِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، قَدْ يُحَقِّق تَقَدَّم تِكْنُولُوجِيّ مُعَيَّنٍ أَرْبَاحًا إقْتِصَادِيَّة هَائِلَة، وَلَكِنَّهُ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ يُلْحِقُ ضَرَرًا بَيْئِيّاً أَوْ يَزِيدُ مِنْ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ الِإجْتِمَاعِيَّة.
. هَلْ تُسَاهِم اللِّيبْرَالِيَّةُ فِي تَعْرِيفِ التَّقَدُّم بِمَعَايِير مَادِّيَّةٌ بَحْتَةٌ؟
هَذَا إتِّهَامُ يُوَجَّهَ إلَى اللِّيبْرَالِيَّة، وَلَهُ بَعْضُ الْوَجَاهَة، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَقِيقًا تَمَامًا. هُنَاك الْعَدِيدِ مِنَ نِقَاط تُشِيرُ إلَى مَيْلٍ مَادِّيّ مِنْ ضَمَّتُهَا التَّرْكِيزِ عَلَى السُّوقِ الْحُرَّة. اللِّيبْرَالِيَّة الِإقْتِصَادِيَّة تَعْلِي مِنْ شَأْنِ آلِيَات السُّوقِ، الَّتِي بِطَبِيعَتِهَا تُقَدِر النَّجَاح غَالِبًا مِنْ خِلَالِ النُّمُوِّ الِإقْتِصَادِيِّ، الْأَرْبَاح، وَالثَّرْوَة الْمَادِّيَّة. هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُشَجِّعُ عَلَى تَطْوِير التِّقْنِيَّات الَّتِي تَدْر الْمَالِ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ أثَارُهَا الِإجْتِمَاعِيَّةِ أَوِ الْأَخْلَاقِيَّةِ مَحَلِّ شَكٍّ. هَذَا إلَى جَانِب مَبْدَأُ الفَرْدَانِيَّة وَحُرِّيَّةُ الِإخْتِيَار بَيْنَمَا هِيَ قِيَمُ إِيجَابِيَّة، إلَّا أَنَّهَا قَدْ تُؤَدِّي إلَى التَّرْكِيزِ عَلَى الْإِشْبَاع الْفَرْدِيّ وَالرَّغَبَات الشَّخْصِيَّة وَاَلَّتِي قَدْ تَكُونُ مَادِّيَّة، وَقَدْ تَقَلَّلَ مِنَ التَّرْكِيزِ عَلَى الصَّالِحِ الْعَامِ أَوْ الْقَيِّمُ الْمُجْتَمَعِيَّة غَيْر الْمَادِّيَّة. بِالْإِضَافَةِ إلَى مَبْدَأِ العَقْلَانِيَّة الأَدَاتِيَّة. اللِّيبْرَالِيَّة تُشَجِّعُ عَلَى العَقْلَانِيَّة، وَلَكِنْ قَدْ يُصْبِحُ هَذَا التَّرْكِيز عَقْلَانِيَّة أَدَاتِيَّة تُرْكَزُ عَلَى الْكَفَاءَةِ وَ الْوَسَائِل لِتَحْقِيق الْأَهْدَاف، دُون تَدْقِيق كَافٍ فِي قِيمَةِ الْأَهْدَاف ذَاتِهَا مِنْ مَنْظُورٍ أَخْلَاقِيٍّ أَوْ إجْتِمَاعِيّ أَوْسَع.
. اللِّيبْرَالِيَّة لَيْسَتْ مَادِّيَّةٌ بَحْتَةٌ بِالضَّرُورَة؟
تُعْتَبَر اللِّيبْرَالِيَّة الِإجْتِمَاعِيَّةِ عَلَى النَّقِيضِ مِنْ اللِّيبْرَالِيَّة الْكَلاَسِيكِيَّة، تُمَثَّلَ اللِّيبْرَالِيَّة الِإجْتِمَاعِيَّة تِيَارًا يُؤَكِّدُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْعَدَالَةِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ، الْمُسَاوَاة، وَدُور الدَّوْلَةِ فِي تَنْظِيمِ السُّوق لِضَمَان هَذِهِ الْقِيَمِ. هَذَا التَّيَّارِ يَسْعَى جَاهِدًا لِمُوَازِنَة التَّقَدُّم الِإقْتِصَادِيّ بِالتَّقَدُّم الِإجْتِمَاعِيّ وَالْأَخْلَاقِيّ. كَمَا تُعَدُّ حُرِّيَّةُ الْفِكْرِ وَالنَّقْدِ مِنْ مَبَادِئِ اللِّيبْرَالِيَّة الْأَسَاسِيَّة تَوَفُّر الْمِسَاحَة لـِلنَّقْدِ الذَّاتِيِّ و الْمُرَاجَعَة الْمُسْتَمِرَّة لِتَعْرِيف التَّقَدُّم. الأَكَادِيمِيِّون، الصَّحَفِيِّون، وَمُنَظَّماَت حُقُوقِ الْإِنْسَانِ الَّتِي تُعْمَلُ ضِمْنَ إِطَارِ لِيبْرَالِيّ غَالِبًا مَا يَكُونُونَ فِي طَلِيعَةٍ مِنْ يُسَلَّطُون الضَّوْءَ عَلَى الْأثَارِ السَّلْبِيَّة لِلتَّقَدُّم الْمَادِّيّ وَيُطَالَبُون بِتَعْرِيف أَوْسَع لِلتَّقَدُّم. بِالْإِضَافَةِ إلَى أَنْ اللِّيبْرَالِيَّة تَعْلِي مِنْ شَأْنِ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ، وَالَّتِي تَتَجَاوَز الْجَانِب الْمَادِّيّ لِتَشْمَل الْكَرَامَة، الْحُرِّيَّة، وَالتَّعْبِير، وَهِيَ أُمُورٌ تُعَدُّ جُزْءًا مِنْ التَّقَدُّمِ الْأَخْلَاقِيّ وَ الِإجْتِمَاعِيّ. فِي الْمُجْتَمَعِ اللِّيبْرَالِيّ الْمَدْفُوع بِالْعِلْم، يُحَدِّد التَّقَدُّمُ مِنْ خِلَالِ تَفَاعُل دَيْنٌامِيكِي وَمُتَنَازَع عَلَيْهِ بَيْنَ الْقَوَّى الْعِلْمِيَّة، الِإقْتِصَادِيَّة، السِّيَاسِيَّة، و الْمُجْتَمَعِيَّة. عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ اللِّيبْرَالِيَّةَ، خَاصَّةً فِي جَوَانِبِهَا الِإقْتِصَادِيَّة، قَدْ تُسَاهِمُ فِي مَيْلٍ نَحْو تَعْرِيف مَادِّيّ لِلتَّقَدُّم، إلَّا أَنَّهَا فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ تَوَفُّر الْأَدَوَات وَالْمِسَاحَات حُرِّيَّة التَّعْبِير، النَّقْد، الْحُقُوقُ الْفَرْدِيَّةُ لِمُرَاجَعَة هَذَا التَّعْرِيفِ وَتَوْسِيع نِطَاقِه لِيَشْمَل الْأبْعَاد الِإجْتِمَاعِيَّة، الْأَخْلَاقِيَّة، وَالبِيئِيَّة. إنْ التَّحَدِّي الْمُسْتَمِرُّ هُوَ فِي إيجَادِ التَّوَازُن الصَّحِيحِ بَيْنَ هَذِهِ الْأبْعَاد الْمُتَنَافِسَة وَ ضَمَانُ أَنَّ الْعِلْمَ يُسْتَخْدَم لِخِدْمَة رَفَاهِيَةِ الْإِنْسَانِ وَالْكَوْنِ عَلَى نِطَاقٍ أَوْسَع، وَلَيْس فَقَطْ لِتَعْزِيزِ النُّمُوِّ الِإقْتِصَادِيِّ أَوْ الْقُدْرَةِ التِّكْنُولُوجِيَّة الْمُجَرَّدَة. هَذَا يَتَطَلَّب وَعْيًا نَقْدًيا وَمُشَارَكَةٌ دِيمُقْرَاطِيَّة مُسْتَمِرَّة.
_ التَحَدِّيَات الْوُجُودِيَّةُ فِي تُقَاطِع اللِّيبْرَالِيَّة، الْعِلْم، وَالْأَخْلَاق
الْعَلَاقَةِ بَيْنَ اللِّيبْرَالِيَّة، الْعِلْم، وَالْأَخْلَاق تَتَجَاوَز فِعْلًا مُجَرَّد النَّقَّاش حَوْل السِّيَاسَات أَوْ آلِيَات التَّنْظِيم. إنَّهَا تَقَعُ فِي صَمِيمِ التَّسَاؤُلَات الْفَلْسَفِيَّة الْوُجُودِيَّة حَوْل طَبِيعَةِ الْإِنْسَانِ، الْمُجْتَمَع، وَالتَّقَدُّم.
1. حُدُود الْحُرِّيَّة دَاخِل نِطَاق التَّسَاؤُل الْوُجُودِيّ
مَا هِيَ الْحُرِّيَّةُ الْحَقِيقِيَّة؟ وَهَلْ الْحُرِّيَّةِ الْمُطْلَقَةِ لِلْفَرْدِ أَوِ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ تُؤَدَّي بِالضَّرُورَةِ إِلَى الْخَيْرِ، أَمْ إِنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى حُدُودِ تَمْلِيها الْمَسْؤُولِيَّةِ تُجَاه الذَّات، الْآخَرِين، وَالْأَجِيال الْقَادِمَة؟ تَتَجَلَّى الْمُعْضِلَة اللِّيبْرَالِيَّةُ فِي كَوْنِهَا تَعْلِي مِنْ قِيمَةِ الْحُرِّيَّةِ، لَكِنَّ التَّقَدُّمَ الْعِلْمِيَّ مِثْلَ الْهَنْدَسَةِ الْوِرَاثِيَّة أَوِ الذَّكَاءِ الِإصْطِنَاعِيّ الْقَوِيّ يَجِبُرنا عَلَى التَّفْكِيرِ: هَلْ كُلُّ مَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ عِلْمِيًّا يَجِبُ أَنْ يُفْعَلَ؟ أَيْن يَتَوَقَّف حَقُّ الْفَرْدِ فِي الِإخْتِيَارِ عِنْدَمَا يُؤَثِّرُ هَذَا الِإخْتِيَارُ عَلَى جَوْهَرِ الْوُجُودِ الْبَشَرِيِّ أَوْ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ الْكَوْكَب؟
2. مَسْؤُولِيَّةَ الْمَعْرِفَةِ فِي سِيَاقِ التَّسَاؤُل الْوُجُودِيّ
الْمَعْرِفَةُ قُوَّةٍ، لَكِنْ مَا هِيَ مَسْؤُولِيَّةٌ إمْتِلَاك هَذِهِ الْقُوَّةُ؟ كَيْف نَضْمَن أَنَّ الْمَعْرِفَةَ الْعِلْمِيَّةِ، الَّتِي تَكْشِفُ لَنَا أَسْرَارَ الْكَوْن وَ تُمَكِّنَنِا مِنْ التَّلَاعُبِ بِه، تُسْتَخْدَم بِحِكْمَة؟
الْأَزْمَة الْأَخْلَاقِيَّة: الْعِلْمِ لَا يُقَدَّمُ إِجَابَات أَخْلَاقِيَّة. هُو يُخْبِرْنَا كَيْفَ نَفْعَلُ الْأَشْيَاءَ، لَا لِمَاذَا أَوْ مَاذَا يَجِبُ أَنْ نَفْعَلَ. هُنَا يَبْرُزُ دَوْرُ الْأَخْلَاق وَالْفَلْسَفَة فِي تَوْجِيهِ بَوْصَلَّة الْمَعْرِفَةِ حَتَّى لَا تُصْبِحَ أَدَّاة لِلدَّمار أَوْ الظُّلْمِ، بَلْ لِخِدْمَة الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ.
3. مَعَايِير الْأَخْلَاقِ فِي عَالَمِ مُتَغَيِّر بِسُرْعَة
التَّسَاؤُل الْوُجُودِيّ هُنَا هُوَ هَلْ الْأَخْلَاق قِيَّمٍ ثَابِتَة وَمُطَلَّقَة، أَمْ إِنَّهَا تَتَطَوَّر وَتَتَكَيَّفْ مَعَ تَغَيُّرِ الظُّرُوف وَالْمَعْرِفَة؟ كَيْف نُشَكِّل إِطَارًا أَخْلَاقِيًّا يُمْكِنُهُ إسْتِيعَابُ التَّحَدِّيَات غَيْر الْمَسْبُوقَة مِثْل تَعْرِيف الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَالْهَوِيَّة الْبَشَرِيَّةِ فِي ظِلِّ التَّعْدِيل الْجِينِيّ، أَوْ مَكَانَة الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ؟
بِتَرْكِيزِهَا عَلَى العَقْلَانِيَّة وَالنَّقْد، تُقَدَّمُ اللِّيبْرَالِيَّةُ مِسَاحَة لِمُرَاجَعَة وَتَطْوِير الْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة. لَكِنَّ هَذَا يَتَطَلَّب نَقَّاشًا عَامًّا مُسْتَنَيِّرًا، وَلَيْسَ مُجَرَّدُ تَسْلِيمِ لِلسُّلطَة الْعِلْمِيَّةِ أَوِ الِإقْتِصَادِيَّة. يَجِبُ أَنْ تُشَارِكَ الْفَلْسَفَة، عِلْم اللَّاهُوت، وَ عِلْم الِإجْتِمَاعِ فِي هَذَا الْحِوَارِ.
#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟