أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - نَقْد الكُولُونْيَّالِيَّة - الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-















المزيد.....



نَقْد الكُولُونْيَّالِيَّة - الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8369 - 2025 / 6 / 10 - 19:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ مَفْهُومُ الكُولُونْيَّالِيَّة أَوْ الظَّاهِرَةِ الِاسْتِعْمَارِيَّة

الكُولُونْيَّالِيَّة (Colonialism) هِيَ سِيَاسَة أَوْ مُمَارَسَة لِلَّهِيَمْنَة وَالسَّيْطَرَة الْمُبَاشَرَةِ مِنْ قِبَلِ دَوْلَة قَوِيَّة (الْقُوَّة الِإسْتِعْمَارِيَّة أَوْ الْمتْرُوبول) عَلَى شِعْبِ أَوْ مِنْطَقَةً أُخْرَى (المُسْتَعْمَرَة). تَتَضَمَّنُ هَذِهِ السَّيْطَرَة غَالِبًا الِإسْتِيطَان، أَيْ إنْتِقَالٍ أَعْدَاد كَبِيرَةٌ مِنْ سُكَّانِ الْقُوَّة الِإسْتِعْمَارِيَّة إلَى الْأَرَاضِي المُسْتَعْمَرَة لِتَشْكِيل مُجْتَمَعَات جَدِيدَة هُنَاك.
تُقَوَّمُ الْقُوَّة الِإسْتِعْمَارِيَّة بِفَرْض نِظَام حُكْمُهَا الْخَاصِّ عَلَى المُسْتَعْمَرَة، غَالِبًا مَا يَكُونُ عَبَّرَ تَعْيِين حُكَّام أَوْ إدَارِيَيْن مِنْ الدَّوْلَةِ الْمُسْتَعْمِرَة. يَتِمُّ تَفْكِيكُ أَوْ إِخْضَاع الْأَنْظِمَةِ السِّيَاسِيَّةِ الْمَحَلِّيَّة الْمَوْجُودَة، وَتُحْرَمُ الشُّعُوب المُسْتَعْمَرَة مِنْ سِيَادَتِهَا وَ تَقْرِير مَصِيرُهَا.
تُعْتَبَرُ المُسْتَعْمَرَة مَصْدَرًا لِلْمَوَارِد الْخَام مِثْلَ الْمَعَادِنِ، الْمَحَاصِيلِ الزِّرَاعِيَّةِ، الْأَخْشَابِ الَّتِي تَنْقُلُ إِلَى الدَّوْلَةِ الْمُسْتَعْمِرَة لِتَغْذِيَة صِنَاعَاتِهَا وَإقْتِصَادها. عَادَةً تُسْتَخْدَم المُسْتَعْمَرَة كَسَوْق لِلْمُنْتَجَات النِّهَائِيَّة لِلدَّوْلَة الْمُسْتَعْمِرَة. يُفْرَض نِظَام إقْتِصَادِيّ يَخْدُم مَصَالِح الْقُوَّة الِاسْتِعْمَارِيَّة، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى تَفَقُّير الشُّعُوبُ الْمَحَلِّيَّة وَإِعَاقَة تَنْمِيَتِهَا الِإقْتِصَادِيَّة. غَالِبًا مَا يَتِمُّ إسْتِخْدَام العَمَالَة الْمَحَلِّيَّة بِشَكْل قَسْرًيّ أَوْ بِأُجْور زَهِيدَة.
تَسْعَى الْقُوَّة الِإسْتِعْمَارِيَّة إلَى فَرْض لُغَتِهَا، دِينِهَا، نِظَامِهَا التَّعْلِيمِيّ، وَقِيَمِهَا الثَّقَافِيَّة عَلَى الشُّعُوبِ الْمُسْتَعْمَرَة، مَع تَهْمِيش أَوْ قَمْع الثَّقَافَات وَاللُّغَات الْمَحَلِّيَّةُ. كَمَا يُرَّوَجُ لِفِكْرَة تَفُوق الثَّقَافَة الْغَرْبِيَّة و "تَمْدِّين" الشُّعُوبُ الْمُسْتَعْمَرَة، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى إسْتِعْمَار الْعُقُول وَإِحْسَاس بِالدُّونِيَّة لَدَى السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ. فِي نَفْسِ الْوَقْتِ يَتِمّ إنْشَاء تَسَلْسُلًات هَرَمِيَّة إجْتِمَاعِيَّة وَعِرْقِيَّة تَضَع الْمُسْتَعْمِرِينَ فِي قِمَّةِ الْهَرَم.
الِإسْتِيطَانُ (Settlement) وَهُوَ جَانِبُ يُمَيِّز الكُولُونْيَّالِيَّة عَنْ مُجَرَّدِ الْإِمْبِرَيَالِيَّة الَّتِي قَدْ لَا تَتَضَمَّنُ إسْتِيطَانًا وَاسِع النِّطَاق. يُشِير الِإسْتِيطَان إلَى إنْتِقَالِ أَعْدَاد كَبِيرَةٌ مِنْ الْمُسْتَعْمِرِين إلَى الْأَرَاضِي المُسْتَعْمَرَة، وَتَأْسِيس مُجْتَمَعَات دَائِمَة فِيهَا، وَأَحْيَانًا طَرَدَ أَوْ إِبَادَةِ السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ لِإِفَساح الْمَجَالِ لِلْمُسْتَوْطَنَيْن الْجُدُد.
غَالِبًا مَا تُبَرَّرُ الكُولُونْيَّالِيَّة بِإِيدْيُولُوجْيَّات مِثْلُ "مُهِمَّة الرَّجُلُ الأَبْيَضُ الْحَضَارِيَّة"، أَوْ "نَشْر الْمَسِيحِيَّة"، أَوْ "نَشْرٍ التَّقَدُّم وَ التَّنْمِيَة"، أَوْ الِإدِّعَاءُ بـ "الْفَرَاغِ السُّكَّانِيِّ" لِلْأَرَاضِي الْمُسْتَهْدَفَة، لِتَبْرِيرِ مُمَارَسَاتِهَا الْقَمْعِيَّة وَالِإسْتِغْلَاليَّة.
الكُولُونْيَّالِيَّة مُقَابِلُ الْإِمْبِرَيَالِيَّة: عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الْمُصْطَلَحَيْن يُسْتَخْدَمَان أَحْيَانًا بِالتَّبَادُل، إلَّا أَنْ هُنَاكَ فَرْقًا دَقِيقًا:
الكُولُونْيَّالِيَّة (Colonialism): هِيَ مُمَارَسَة مُبَاشَرَة تَتَضَمَّنُ إقَامَة مُسْتَعْمَرَات وَتَوْظِيف الْقُوَّةُ الْعَسْكَرِيَّة وَالسِّيَاسِيَّة وَ الِإقْتِصَادِيَّة لِلسَّيْطَرَة الْمَادِّيَّةِ عَلَى الْأَرَاضِي وَالشُّعُوب. هِي مُمَارَسَة تَطْبِيقِيٍّة لِلَّهِيَمْنَة.
الْإِمْبِرَيَالِيَّة (Imperialism): هِيَ مَفْهُومُ أَوْسَع يُشِيرُ إلَى السِّيَاسَةِ أَوْ الْإيْدُيُولُوجِيَّة الَّتِي تَدْفَعُ الدَّوْلَة لِتَوْسِيع سُلْطَتِهَا وَنُفُوذِهَا وَسَيْطَرَتِهَا عَلَى مَنَاطِق أُخْرَى، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ الِإسْتِيطَان الْمُبَاشِر (الكُولُونْيَّالِيَّة)، أَوْ عَنْ طَرِيقِ الْهَيْمَنَة الِإقْتِصَادِيَّة، الثَّقَافِيَّة، أَوِ السِّيَاسِيَّةِ غَيْرُ الْمُبَاشَرَةِ (النَّيو-الكُولُونْيَّالِيَّة). يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الكُولُونْيَّالِيَّة إحْدَى أَدَوَات الْإِمْبِرَيَالِيَّة.
الكُولُونْيَّالِيَّة كَانَتْ ظَاهِرَةً تَارِيخِيَّة بَارِزَةً فِي الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ، خَاصَّةً مَعَ تَوَسَّع القِوَّى الْأُورُوبِّيَّة مِثْل بِرِيطَانْيَا، فَرَنْسَا، إِسْبَانْيَا، الْبُرْتُغَال فِي آسْيَا، إفْرِيقْيَا، وَالْأَمْرِيكَتَيْن. وَرَغْمَ إنْتِهَاء مُعْظَم أشْكَال السَّيْطَرَة الِإسْتِعْمَارِيَّة الْمُبَاشَرَةِ، إلَّا أَنْ نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الِإسْتِعْمَار تُؤَكِّدُ أَنَّ أثَارَ الكُولُونْيَّالِيَّة وَإرْثُهَا سَوَاءٌ فِي الِإقْتِصَادِ، السِّيَاسَة، الثَّقَافَة، أَوِ النَّفْسِيَّةِ الِإجْتِمَاعِيَّةَ لَا تَزَالُ قَائِمَةً وَتُشَكِّل عَالَمِنَا الْمُعَاصِرِ.

_ الظَّاهِرَةِ الِإسْتِعْمَارِيَّة مِنْ مَنْظُورٍ فَلْسَفِيّ

مِنْ مَنْظُورٍ فَلْسَفِيّ، تَتَجَاوَز الظَّاهِرَة الِإسْتِعْمَارِيَّة مُجَرَّدُ كَوْنِهَا حَدَثًا تَارِيخِيًّا أَوْ عَمَلِيَّةً سِيَاسِيَّة؛ إنَّهَا تَكْشِفُ عَنْ أبْعَاد عَمِيقَة تَتَعَلَّق بِالسُّلْطَة، الْمَعْرِفَة، الْأَخْلَاق، الْهُوِيَّة، وَوُجُودِ الْآخَرِ. لَقَدْ تَحَدَّت الْفَلْسَفَةِ، خَاصَّةً فِي الْقُرُونِ الْأَخِيرَةِ، الْأُسُس الْأَيْدُيُولُوجِيَّة الَّتِي بَرَّرَتْ الِإسْتِعْمَار وَنَاقشت تَدَاعَيَاتِه الْوُجُودِيَّةِ.
1. الِإسْتِعْمَارُ كَفِعْل هَيْمَنَة وُجُودِيَّة (Ontological Domination):
. فَلْسَفِيًّا، لَمْ يَقْتَصِرْ الِإسْتِعْمَارُ عَلَى السَّيْطَرَة الْمَادِّيَّةِ عَلَى الْأَرْضِ وَالْمَوَارِد، بَلْ سَعَى إلَى إعَادَةِ تَشْكِيل وَاقِع الشُّعُوب الْمُسْتَعْمَرَة عَلَى الْمُسْتَوَى الْوُجُودِيّ:
. فِي جَوْهَرِهِ، قَام الِإسْتِعْمَارُ عَلَى إنْكَارٍ الِإعْتِرَاف (Recognition) بِإِنْسَانٍيَة الْآخَرُ (الشُّعُوب الْمُسْتَعْمَرَة). تَمّ تَصْوِيرُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ بَرَابِرَة، بِدَائِيُّون، غَيْرَ عَقْلَانِيَّيْن، أَوْ أَطْفَالِ كِبَار، مِمَّا يُبَرِّر سَلَب حُرِّيَّتَهُمْ، إسْتِغْلَالَهُمْ، وَحَتَّى إبَادَتُهُمْ. هَذَا الْإِنْكَارَ سَمَح لِلْمُسْتَعْمِر بِتَطْبِيق مَعَايِير أَخْلَاقِيَّة مُخْتَلِفَة تَمَامًا عَلَيْهِمْ.
. حَاوَلْتُ القِوَّى الِإسْتِعْمَارِيَّة فَرْض نَمُوذَج مُحَدَّد لِلْإِنْسَانِ الْمُتَحَضِّرِ (النَّمُوذَج الْأُورُوبِّيِّ) عَلَى الشُّعُوبِ الْمُسْتَعْمِرَة، مِمَّا أَدَّى إلَى تَفْكِيك الهُوِيَّات الْمَحَلِّيَّةَ وَتَشْوِيه الذَّات الْجَمْعِيَّة.
2 . السُّلْطَة وَالْمَعْرِفَة (Power-Knowledge Nexus):
. تَعَدّ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ السُّلْطَةِ وَالْمَعْرِفَةِ مِنْ أَهَمِّ الْأبْعَاد الْفَلْسَفِيَّة لِلِإسْتِعْمَار، وَهُوَ مَا أَبْرَزَه فَلَاسِفَة مِثْل مِيشِيل فَوَكَّو وَإدَّوَارِد سَعِيدُ فِي سِيَاقِ الِإسْتِشْرَاق. لَمْ يَكُنْ الْعِلْمُ مُجَرَّد أَدَّاة مُحَايِّدَة. فَقَدْ تَمَّ إنْتَاج مَعْرِفَة حَوْل الشَّرْقَ أَوْ العَالَمِ غَيْر الْغَرْبِيّ بِطَرِيقَة تَخْدُم مَصَالِح الْمُسْتَعْمِر. عِلْم الأَنْثْرُوبُّولُوجْيَا، عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، دَرَّسَ الْمُجْتَمَعَات الْمَحَلِّيَّة بِطَرِيقَة غَالِبًا مَا كَانَتْ تَهْدِفُ إِلَى فَهْمِ آلِيَّات السَّيْطَرَةِ عَلَيْهَا وَتَبْرِير التَّدَخُّل فِيهَا.
. خَلَقَتْ القِوَّى الِإسْتِعْمَارِيَّة خِطَابَات (Narratives) مُتَكَامِلَة صُوِّرَتْ نَفْسِهَا كَمُنْقِذَّة أَوْ حَامِلَة لِلْحَضَارَة، بَيْنَمَا صُوِّرَتْ الشُّعُوب الْمُسْتَعْمَرَة كَكَائِنَات تَحْتَاجُ إلَى الْإِرْشَادِ أَوْ السَّيْطَرَة. هَذِهِ الْخِطَابَاتِ لَمْ تَكُنْ مُجَرَّد دِعَايَّة، بَلْ شَكَّلَتْ تَصَوُّرَات الأَجْيَال حَوْل الْعَالِمِ.
. كَمَا تَمَّ مَحْوٌ أَوْ تَهْمَيش التَّوَارِيخ الْمَحَلِّيَّة وَرِوَايَات الشُّعُوب الْمُسْتَعْمَرَة، وَإسْتِبْدَالُهَا بِسَرِدِيَات تَخْدُمُ الْقُوَّة الِإسْتِعْمَارِيَّة وَ تَبْرُز عَظَمَتِهَا الْمَزْعُومَة
3. الْأَخْلَاق وَالْمَسْؤُولِيَّة (Ethics and Responsibility):
طَرَحَ الِإسْتِعْمَار تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة وَفَلْسَفِيَّة عَمِيقَة حَوْل الْمَسْؤُولِيَّة:
. مُعْضِلَة الْعَالَمِيَّة وَالْقَيِّم النِّسْبِيَّة: كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْقِوَّى الِإسْتِعْمَارِيَّة أَنْ تَدَّعِيَ إلْتِزَامِهَا بِقِيَم مِثْل الْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ فِي الدَّاخِلِ، بَيْنَمَا تُمَارِسْ القَمْع وَ الِإسْتِغْلَال فِي الْخَارِجِ؟ هَذَا التَّنَاقُضِ كَشْف عَنْ إزْدِوَاجُيَة مَعَايِير أَخْلَاقِيَّة صَارِخَة، حَيْثُ لَمْ تُطَبَّقْ الْقَيِّم الْعَالَمِيَّة إلَّا عَلَى الْغَرْبِيِّين أَنْفُسِهِمْ.
. الذَّنْبِ وَالتَّعْوِيض (Guilt and Reparations): يُثِير إرْث الِإسْتِعْمَار أَسْئِلَة فَلْسَفِيَّة مُعَاصِرَة حَوْل مَسْؤُولِيَّة الأَجْيَال الْحَالِيَّة عَنْ أَفْعَالِ الْمَاضِي، وَإِمْكَانِيَّة "التَّعْوِيضُ" عَنْ الْجَرَائِمِ التَّارِيخِيَّة. هَلْ يُمْكِنُ لِلْمَسْؤُولِيَّة أَنْ تُورَثَ؟ وَمَا هُوَ شَكِلٌ التَّعْوِيض الْعَادِل؟
. فَلْسَفَةُ الْمُقَاوَمَة: مِنْ مَنْظُورٍ فَلْسَفِيّ، يُمْكِنُ فَهْمُ الْمُقَاوَمَةِ ضِدَّ الِإسْتِعْمَار لَيْسَ فَقَطْ كَعَمَل سِيَاسِيّ، بَلْ كَفِعْل وُجُودِيّ لإسْتِعَادَة الذَّات، رَفْضًا لِلْإِنْكَار الْوُجُودِيّ، وَتَأْكِيدًا عَلَى الْحَقِّ فِي تَقْرِيرِ الْمَصِيرِ وَالْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ. فَلَاسِفَة مِثْل فَرَانز فَانُون Frantz Fanon حَلَّلُوا بِعُمْق الْأبْعَاد النَّفْسِيَّة وَ الوُجُودِيَّة لِلْكُفاح ضِدُّ الِإسْتِعْمَار.
4 . الهُوِيَّة وَالتَّهَجُّين (Identity and Hybridity):
تَأَثَّرَتْ الهُوِيَّات بِشَكْلٍ عَمِيق بِالظَّاهِرَة الِإسْتِعْمَارِيَّة، مِمَّا أَفْرَز مَفَاهِيم فَلْسَفِيَّة جَدِيدَة:
. أَدَّتْ مُحَاوَلَات فَرْض هُوِيَّة الْمُسْتَعْمِر إِلَى أَزْمَةٍ هَوِيِّة لَدَى الشُّعُوب الْمُسْتَعْمَرَة، حَيْث شَعْر الْبَعْض بِالِإنْفِصَالِ عَنْ جُذُورَهَمْ التَّقْلِيدِيَّة وَعَدَم الِإنْتِمَاء الْكَامِل لِلثَّقَافَة الْمُسْتَعْمِرَة.
. فِي الْمُقَابِلِ، يَرَى فَلَاسِفَةُ مَا بَعْدَ الِإسْتِعْمَار مِثْل هَوميْ بَابًا إنْ هَذِهِ التَّفَاعُلَات أَدَّتْ إلَى ظُهُورِ هُوِيَّات هَجِينَّة (Hybrid Identities) لَا هِيَ غَرْبِيَّة بِالْكَامِل وَلَا مَحَلِّيَّة بِالْكَامِل. هَذِه الهُوِيَّات لَيْسَتْ مُجَرَّدَ مَزِيج، بَلْ هِيَ مِسَاحَة جَدِيدَة لِلْخَلْق وَ الْمُقَاوَمَة، حَيْثُ يُمْكِنُ لِلْمُسْتَعْمَر أَنْ يُحَاكِيَ الْمُسْتَعْمِر بِطَرِيقَة سُلْطَتَه
. إعَادَةُ تَعْرِيفِ الذَّاتِ بَعْدُ الِإسْتِعْمَار: التَّحَدِّي الْفَلْسَفِيّ الْأَكْبَر لِمَا بَعْدَ الِإسْتِعْمَار هُوَ كَيْفِيَّةٌ بِنَاء هَوِيِّة ذَاتِيَّة وَحَضَارِيٍّة مُسْتَقِلَّةٌ بَعْد قُرُونٌ مِنْ التَّشْوِيهِ، مَعَ الِإعْتِرَافِ بِإِرْث الِإسْتِعْمَار دُونَ الْوُقُوعِ فِي دُورِ الضَّحِيَّة الدَّائِم.
5.نَقْد الْمَرْكَزِيَّة الْأُورُوبِّيَّة (Critique of Eurocentrism):
فَلْسَفِيًّا، الظَّاهِرَة الِإسْتِعْمَارِيَّة هِي التَّجْسِيد الْأَبْرَز لِلْمَرْكَزِيَّة الْأُورُوبِّيَّة:
. الْغَرْب كَمَرْكَز لِلْعَالِم: رَسَخَتْ الكُولُونْيَّالِيَّة فِكْرَة أَنْ أُورُوبَّا هِي مَرْكَز الْحَضَارَة، التَّقَدُّم، وَالْمَعْرِفَةِ، وَإِنْ بَقِيَّة الْعَالِمُ يَجِبُ أَنْ يَحْذُوَ حَذْوَهَا أَوْ يُقَادَ بِوَاسِطَتِهَا.
. فَلْسَفَةُ التَّارِيخِ أُحَادِيَّة الِإتِّجَاه: قَدِّمَتْ فَلْسَفَات التَّارِيخ الْغَرْبِيَّة مِثْل هِيغِل التَّارِيخ كَمَسِيرَة خَطِيَّة تُتَوَّج بِالْحَضَارَة الْغَرْبِيَّة، مَع تَهْمَيش أَوْ تَصْوِيرٌ الْحَضَارَات الْأُخْرَى كَمَرَاحل بِدَائِيَّة.
. تَفْكِيك الْمَعْرِفَة الْعَالَمِيَّة: تَدْعُو الْفَلْسَفَة مَا بَعْدَ الِإسْتِعْمَار إِلَى تَفْكِيكِ إدِّعَاءَ "الْعَالَمِيَّةِ" عَنْ الْعِلْمِ الْغَرْبِيِّ، وَالِإعْتِرَاف بِتَعَدَدِيَّة الأَنْمَاط الْمَعْرِفِيَّة وَأَنْظِمَة الْقِيمَة حَوْل الْعَالِم.
. بِإخْتِصَارٍ، مِنْ وِجْهَة نَظَر فَلْسَفِيَّة، الظَّاهِرَة الِإسْتِعْمَارِيَّة لَيْسَتْ مُجَرَّدَ حَدَثٍ تَارِيخِيٍّ، بَلْ هِيَ مُخْتَبَر كَبِير لِلْعَلَاقَات الْمُعَقَّدَة بَيْنَ السُّلْطَةِ وَالْمَعْرِفَة، الْأَخْلَاق وَالهَيْمَنَة، الْهُوِيَّة وَ الِإعْتِرَاف. إنَّهَا دَعْوَةُ دَائِمَة لِإِعَادَة التَّفْكِيرِ فِي أُسِّس تَصَوُّرَاتِنَا عَنْ الذَّاتِ وَالْآخَرُ، الْعَدَالَة وَالظُّلْم، وَكَيْفَ يُمْكِنُ بِنَاءُ عَالِم أَكْثَر إنْصَافًا بَعْد قُرُونٌ مِنْ الْهَيْمَنَة.

_ الْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق وَالكُولُونْيَّالِيَّة

الْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق وَالكُولُونْيَّالِيَّة هِيَ عَلَاقَةٌ مُعَقَّدَة وَ مُتَرَابِطَة بِشَكْل عَمِيقٍ. لَمْ تَكُنْ والكُولُونْيَّالِيَّة مُجَرَّدُ ظَاهِرَة سِيَاسِيَّة وَإقْتِصَادِيَّة، بَلْ كَانَتْ أَيْضًا مَشْرُوعًا فِكْرِيّاً وَأَخْلَاقِيًّا شَكَلَتْهُ وَسُخِّرَتْ لِأَجْلِهِ الْمُمَارَسَات الْعِلْمِيَّةِ، وَفِي الْمُقَابِلِ، أَثَّرَتْ فِيهِ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى كَيْفِيَّةِ فَهِمْنَا لِلْعِلْم وَالْأَخْلَاق.
1. الْعِلْم كَأَدَاة وَمُبَرِر لِلْكُولُونْيَّالِيَّة
كَانَ الْعِلْمُ، بِمُخْتَلَف فُرُوعِه، أَدَّاة مِحْوَّرِيَّة فِي تَمْكِينِ وَتَبْرِير الْمَشْرُوع الْكُولُونيالي:
. عِلْمَ الْجُغْرَافِيَا وَرَسْم الْخَرَائِط: سَاعِد عُلَمَاء الْجُغْرَافِيَا وَ الْمُسْتَكْشِفًون الْأُورُوبِّيُّونَ فِي رَسْمِ خَرَائِطِ الْأَرَاضِيِ غَيْرَ المُكْتَشَفَة مِنْ مَنْظُورِهِمْ، مِمَّا سَهْل عَمَلِيَّات الْغَزْو وَالِإسْتِيطَان. هَذِه الْخَرَائِط لَمْ تَكُنْ مُجَرَّد تَمْثِيلَات مُحَايِّدَة لِلْأَرْضِ، بَلْ كَانَتْ أَدَوَات لِلْقُوَّة، حَيْث رَسَخَتْ مِلْكِيَّة الْأَرَاضِي لِلْقِوَّى الْأُورُوبِّيَّة وَتَجَاهَلَتْ الْحُدُودُ وَالْمِلْكِيَّة التَّقْلِيدِيَّة لِلشُّعُوب الْأَصْلِيَّة.
. عِلْمَ الأَنْثْرُوبُّولُوجْيَا وَعِلْمَ الْأَعْرَاق (Race Science): قَام عُلَمَاء الأَنْثْرُوبُّولُوجْيَا بِـدِرَاسَة الشُّعُوب المُسْتَعْمَرَة وَتَصْنِيفِهَا، غَالِبًا بِطَرِيقَة تَهْدِفُ إِلَى إظْهَارِ بِدَائِيَتِهَا أَوْ تَخَلُّفُهَا مُقَارَنَة بِالْغَرْب. أَدَّتْ هَذِهِ الدِّرَاسَاتِ إلَى ظُهُورِ عَلِم الْأَعْرَاق الزَّائِفُ الَّذِي بَرَّر التَّمْيِيزِ الْعُنْصُرِيِّ وَالهَيْمَنَة، حَيْثُ إدَّعَى وُجُودَ فُرُوق بَيُولُوجِيَّة وَعَقْلِيَّة جَوْهَرِيَّة بَيْنَ الْأعْرَاقِ الْمُخْتَلِفَةِ، مِمَّا وَضَعَ الْأُورُوبِّيِّين فِي الْقِمَّةِ كـالْعَرَق الْمُتَفَوِّق. هَذَا الْعِلْمِ كَانَ مُبَرِّرًا أَخْلَاقِيًّا مُزَيَّفًا لِلِإسْتِغْلَال وَالْقَمْع، مُدَّعِيًا أَنَّ الشُّعُوبَ المُسْتَعْمَرَة بِحَاجَةٍ إِلَى الْحَضَارَةِ وَالتَّوْجِيه مِنْ قِبَلِ الْأُورُوبِّيِّين.
. الطِّبّ وَالصِّحَّة الْعَامَّة: بَيْنَمَا قَدَمَ الطِّبّ الْغَرْبِيّ بَعْضِ الْفَوَائِدِ، فَقَدْ إسْتَخْدَم أَيْضًا كَأَدَاة لِلسَّيْطَرَة. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، رَكَز الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ عَلَى الْأَمْرَاضِ الَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَى الْمُسْتَعْمِرِين الْأُورُوبِّيِّين مِثْل الْمَلَارْيَا، وَأَحْيَانًا تَمّ تَجَاهَل صِحَّة السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ أَوْ إسْتِخْدَامِهِمْ فِي تَجَارِبَ غَيْر أَخْلَاقِيَّة. كَمَا أَنَّ تَحْسِينَ الصِّحَّة الْعَامَّةِ كَانَ يُقَدَّمُ كَدَلِيلٍ عَلَى مُهِمَّة التَّمْدِين الِإسْتِعْمَارِيَّة.
. الْعُلُوم الزِّرَاعِيَّة وَالْمَوَارِد: سَاهَمَت الْعُلُوم الزِّرَاعِيَّةِ فِي تَحْوِيلِ الْأَرَاضِي المُسْتَعْمَرَة لِإِنْتَاج الْمَحَاصِيل النَّقْدِيَّة الَّتِي تَخْدُمُ مَصَالِح الدَّوْلَةَ الْمُسْتَعْمِرَةَ مِثْل المُطَاط، الشَّايُ، الْقُطْن، مِمَّا أَدَّى إلَى تَدْمِير النَّظْم الزِّرَاعِيَّة الْمَحَلِّيَّة وَتَفَاقُم الْفَقْرِ فِي الْمُسْتَعْمَرَات. كَمَا اُسْتُخْدِمَتْ الْعُلُوم الْجُيُولُوجِيَّة لِإسْتِكْشَاف وَإسْتِغْلَال الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة دُونَ أَيِّ إعْتِبَار لِحُقُوق السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ.
2 . تَدْمِير الْمَعَارِف الْمَحَلِّيَّة وَتَهْميش الْأَخْلَاقِ غَيْر الْغَرْبِيَّة
لَمْ يَكْتَفِ الِإسْتِعْمَار بِتَسْخِير العِلْم لِأَهْدَّافَهُ، بَلْ عَمِلَ عَلَى تَفْكِيك وَتَدْمِير الأَنْظِمَة الْمَعْرِفِيَّة وَالْأَخْلَاقِيَّة الْمَحَلِّيَّة:
. قَمْع الْمَعَارِف التَّقْلِيدِيَّة: تَمَّ إعْتِبَارُ الْمَعَارِف التَّقْلِيدِيَّة فِي الطِّبِّ، الزِّرَاعَة، الْفَلَك، الْفَلْسَفَة لِلشُّعُوب الْمُسْتَعْمَرَة غَيْر عِلْمِيَّةٍ أَوْ خُرَافِيَّة، وَتَمّ قَمْعُهَا أَوْ إزَالَتِهَا مِنْ الْمَنَاهِج التَّعْلِيمِيَّة الَّتِي فَرَضَهَا الْمُسْتَعْمِر. هَذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى خَسَارَة مَعْرِفَةً قَيِّمَةً فَحَسْبُ، بَلْ أَيْضًا إلَى فِقْدَان الثِّقَة بِالذَّات وَتَهْمِيش الهُوِيَّات الثَّقَافِيَّة.
. فَرْض الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة الْغَرْبِيَّة: فَرَضَ الْمُسْتَعِمُرُون قَوَانِينِهِمْ وَأَنْظِمَتِهم الْأَخْلَاقِيَّة الْمُسْتَمَدَّة غَالِبًا مِنْ الْقَيِّمِ الْمَسِيحِيَّة أَوِ الْعِلْمَانِيَّةِ الأُورُوبِيَّةِ عَلَى الشُّعُوبِ الْمُسْتَعْمِرَة، مُتَجَاهِلِين أَوْ مُحَارِبِينَ الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة الْمَحَلِّيَّة الْمُعَقَّدَة. هَذَا أَحْدَث تَصَادَمَا ثَقَافِيًّا وَأَخْلَاقِيًّا، وَشَكَّل إحْسَاسًا بِالدُّونِيَّة لَدَى الشُّعُوب الْمُسْتَعْمِرَة تُجَاه قِيَمِهَا الْخَاصَّة.
. الْعِلْمُ كَأَدَاة لِلتَّنْوِير الِإسْتِعْمَارِيّ: إِدَّعَتْ القِوَّى الِإسْتِعْمَارِيَّة أَنَّهَا تَجْلِب التَّنْوِير وَالْحَضَارَة مِنْ خِلَالِ الْعِلْمِ، مِمَّا يَعْنِي ضِمْنًا إنْ الشُّعُوب الْمُسْتَعْمَرَة كَانَتْ تَعِيشُ فِي ظَلَامٍ وَجَهْلِ. هَذَا التَّصَوُّرِ تَجَاهَل تَارِيخًا غَنِيًّا مِنْ الْإِنْجَازَات الْعِلْمِيَّة وَالفَلْسَفِيَّة فِي هَذِهِ الْحَضَارَات.
3. إرْثُ الكُولُونْيَّالِيَّة فِي الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق الْيَوْم
لَا يَزَالُ إرْث الكُولُونْيَّالِيَّة يُلْقِي بِظِلَالِه عَلَى الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق فِي الْعَالَمِ الْمُعَاصِر:
. هَيْمَنَة النَّمَاذِج الْغَرْبِيَّةِ فِي الْبَحْثِ: لَا تَزَالُ الْمَنَاهِج الْعِلْمِيَّة الْغَرْبِيَّة تُهَيْمِنُ عَلَى السَّاحَةِ الْعَالَمِيَّةِ، وَيَصْعُب عَلَى الْأَبْحَاثِ الَّتِي لَا تَتَوَافَقُ مَعَ هَذِهِ الْمَعَايِيرَ أَنْ تَحْظَى بِالِإعْتِرَاف. هَذَا
يَحُدُّ مَنْ التَّنَوُّع المَعْرِفِيّ وَيَقُود إلَى تَفْسِيرِ الْمُشْكِلَات الْعَالَمِيَّةُ مِنْ مَنْظُورٍ غَرْبِيٍّ غَالِبًا.
. التَّحَيُّزِات الْمُسْتَمِرَّةِ: يُمْكِنُ أَنْ تَظْهَرَ التَّحَيُّزِات الِإسْتِعْمَارِيَّة فِي الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ الْمُعَاصِر، عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، فِي دِرَاسَات الصِّحَّةِ الَّتِي تَفْشَل فِي مُعَالَجَةِ الإِحْتِيَاجَات الْخَاصَّة لِلْمُجْتَمَعَات الْمُهَمَّشَة، أَوْ فِي النَّمَاذِجِ الِإقْتِصَادِيَّة الَّتِي لَا تَأْخُذُ فِي الِإعْتِبَارِ السِّيَاقَات الثَّقَافِيَّة الْمَحَلِّيَّة.
. الْفِجوات الْأَخْلَاقِيَّة فِي التِّكْنُولُوجْيَا الْعَالَمِيَّة: التِّكْنُولُوجْيات الْحَدِيثَةِ، الَّتِي غَالِبًا مَا تُنْتَجُ فِي الْغَرْبِ، تُصَدَرُ إلَى بَقِيَّةِ الْعَالِمِ دُونَ مُرَاعَاةِ كَافِيَة لِتَأْثِيرِاتِهَا الْأَخْلَاقِيَّةُ وَالِإجْتِمَاعِيَّةُ وَ الثَّقَافِيَّة عَلَى الْمُجْتَمَعَات الْمُسْتَقْبَلَة.
. مُطَالَبَات بِالْعَدَالَة الْمَعْرِفِيَّة: تَزْدَاد الدَّعَوَات الْيَوْمَ إلَى إزَالَةِ إسْتِعْمَار (Decolonize) وتَطْهِير الْعِلْم وَالْأَخْلَاق مِنْ شَوَائِبِ النَّزَعَات الْخُرَافِيَّة الَّتِي يَتَبَنَّاهَا الْغَرْب الْعُنْصُرِيّ ، مِمَّا يَعْنِي الِإعْتِرَاف بِقِيمَة الْمَعَارِف التَّقْلِيدِيَّة وَدَمْجُهَا. وَ تَطْوِيرَ مَنَاهِجِ بَحْثِيَّة أَكْثَر شُمُولِيَّة وَتَنْوعا. إضَافَةُ إلَى بِنَاءِ مُؤَسَّسَات عِلْمِيَّة وَأَخْلَاقِيَّة تَعْكِس التَّنَوُّع الْعَالَمِيّ بَدَلًا مِنْ فَرْضِ نَمُوذَج وَاحِدٍ. ثُمَّ مُعَالَجَةِ قَضَايَا الْعَدَالَة البِيئِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة الَّتِي نَشَأَتْ عَنْ الِإسْتِغْلَالِ الْكُولُونْيَّالِي للمَوارْدِ.
فِي الْخِتَامِ، كَانَتْ الكُولُونْيَّالِيَّة لَيْسَتْ مُجَرَّدَ عَمَلِيَّة عَسْكَرِيَّة أَوْ سِيَاسِيَّة، بَلْ كَانَتْ مَشْرُوعًا فِكْرِيّاً عَمِيقًا إِسْتُخْدِمَ فِيهِ الْعِلْمُ كَأَدَاة قَوِيَّة لِلَّهِيَمْنَة، وَتَلَاعَبَت فِيهِ الْأَخْلَاقُ لِتَبْرِير الظُّلْم. يُعَدُّ
فَهْمِ هَذِهِ الْعَلَاقَةِ الْمُعَقَّدَة أَمْر حَيَوِيّ لِتَفْكِيك أثَار الْمَاضِي وَ بِنَاء مُسْتَقْبِل أَكْثَر عَدْلًا وَإِنْصَافًا لِلْمَعْرِفَة وَالْقِيَمِ الْإِنْسَانِيَّةِ.

_ الْإِشْكَالِيَّات الَّتِي تَطْرَحُهَا الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالكُولُونْيَّالِيَّة

1. إشْكَالِيَّة الْحِيَاد المَزْعُوم لِلْعِلْم
.هَلْ الْعِلْمُ مُحَايِّد حَقًّا؟ الْإِشْكَالِيَّة الْأَسَاسِيَّةِ هِيَ إدِّعَاءُ الْعِلْمِ الْغَرْبِيِّ بِالمَوْضُوعِيَّة وَ الْحَيَاد الْقِيَمِيِّ. تَكْشِف الْعَلَاقَة بِالِإسْتِعْمَار إنْ الْعِلْمِ لَمْ يَكُنْ نَشَاطًا مَحَايدا يَسْعَى فَقَطْ لِلْمَعْرِفَة، بَلْ كَانَ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ مَشْرُوعٍ الْهَيْمَنَة الِإسْتِعْمَارِيَّة. لَقَدْ تَمّ تَوْظِيف الْمَعْرِفَة الْعِلْمِيَّة لِخِدْمَة أَغْرَاض سِيَاسِيَّة وَإقْتِصَادِيَّة، مِمَّا يَطْرَحُ سُؤَالًا جَوْهَرِيًّا حَوْل إِمْكَانِيَّة وُجُود عِلْم مُحَايِّد فِي سِيَاقِ عَلَاقَات الْقُوَّة غَيْر المُتَكَافِئَة.
مِنْ يُحَدِّد الْحَقِيقَة؟ إذَا كَانَ الْعِلْمُ أَدَّاة لِلْقُوَّة، فَمَنْ يُحَدِّد مَا يُعْتَبَرُ حَقِيقَةٌ عِلْمِيَّة؟ وَكَيْف تَتَأَثَّر هَذِهِ الْحَقِيقَةِ بِمَصَالِح الْقِوَّى المُهَيْمِنَة؟
2. إشْكَالِيَّة عَلْمَنَّة وَتَهْميش الْمَعَارِفِ الْأُخْرَى
إِبَادَة الْمَعْرِفَة (Epistemicide): الْإِشْكَالِيَّة هُنَا هِيَ أَنْ الِإسْتِعْمَار لَمْ يَقْمَع الشُّعُوب فَحَسْبُ، بَلْ عَمِلَ عَلَى تَدْمِيرِ أَوْ تَهْمِيش اُنْظُمُتَّهَم الْمَعْرِفِيَّة التَّقْلِيدِيَّة وَالْمُتَوَارَثَة. تَمَّ إعْتِبَارُ الْمَعَارِف الْمَحَلِّيَّةِ فِي الطِّبِّ، الزِّرَاعَة، الْفَلَك، الْفَلْسَفَة غَيْر عِلْمِيَّةٍ أَوْ خُرَافِيَّة، مِمَّا أَدَّى إلَى فِقْدَان هَائِل لِلتَّنَوُّع المَعْرِفِيّ الْبَشَرِيّ وَتَشْوِيه هَوِيِّة الشُّعُوب الْمُسْتَعْمَرَة.
الْكَوْنِيَّة الزَّائِفَة: فَرَضَ الْعِلْمُ الْغَرْبِيّ نَفْسِه كَنَمُوذَّج عَالَمِي وَحِيد لِلْمَعْرِفَة، مُتَجَاهِلٍا أَوْ رَافِضًا وُجُود أَنْمَاط مَعْرِفِيَّة أُخْرَى صَالِحَةٌ وَفَعَالَة فِي سِيَاقَاتِهَا الثَّقَافِيَّة. هَذِه الْكَوْنِيَّة الْمَزْعُومَة لَيْسَتْ نَابِعَةً مِنْ حَقِيقَةِ مَوْضُوعِيَّة، بَلْ مِنْ قُوَّةِ السَّيْطَرَة الِإسْتِعْمَارِيَّة.
3. إشْكَالِيَّة الْأَخْلَاق وَالمَسْؤُولِيَّةِ فِي الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ
. التَّحَيُّزِات الْأَخْلَاقِيَّة: كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ، الَّذِي يَدَّعِي الِإلْتِزَام بِالْقِيَم الْإِنْسَانِيَّةِ، أَنْ يَتَوَرَّطَ فِي مُمَارَسَات غَيْرَ أَخْلَاقِيَّة كَالتَّمْيِيز الْعُنْصُرِيّ (عَلِم الْأَعْرَاق)، أَوْ التَّجَارِبِ عَلَى الْبَشَرِ (خَاصَّةً فِي الْمُسْتَعْمَرَات)، أَوْ إسْتِغْلَالٍ الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة بِشَكْل جَائِر دُونَ مُرَاعَاةِ لِحُقُوق السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ؟
. مَسْؤُولِيَّةَ الْعَالِمِ: مَا هِيَ مَسْؤُولِيَّةٌ الْعَالِم (الْفَرْدِ أَوْ الْمُؤَسَّسَة) تُجَاه الْأثَار الأَخْلَاقِيَّةُ وَالِإجْتِمَاعِيَّةُ لِإكْتِشَافَاتٍه أَوْ تَطْبِيقًاتِه؟ هَلْ يُمْكِنُ فَصْلُ الْعَالَمِ عَنْ الْمَشْرُوعِ الِإسْتِعْمَارِيّ إذَا كَانَتْ أَبْحَاثِه تَخْدُم هَذَا الْمَشْرُوعِ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ أَوْ غَيْرَ مُبَاشِر؟
. تَعْوِيض الْمَاضِي: كَيْفَ يُمْكِنُ مُعَالَجَة الْإِرْث الْأَخْلَاقِيّ لِلِإسْتِعْمَار فِي مَجَالِ الْعِلْمِ؟ هَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ تَعْوِيض مَعْرِفِيّ أَوْ أإعَادَهُ تَأْهِيل لِلْمَعَارِف الَّتِي تَمَّ قَمْعِهَا؟
4. إشْكَالِيَّة تَمْثِيل الْآخَر وَإِنْتَاجُه مَعْرِفِيًّا:
. الِإسْتِشْرَاق كَنَمِوذج: كَمَا أَوْضَحَ إدَّوْارد سَعِيدُ، أَدَّتْ الدِّرَاسَات الْغَرْبِيَّة (الِإسْتِشْرَاقِيَّة) عَنْ الشَّرْقِ إلَى إنْتَاجِ الْآخَرِ فِي صُورَةِ نَمَطِيَّة (Exoticized and Stereotyped Other) تَخْدُمُ مَصَالِح الْغَرْب وَتَبَرُّر هَيْمَنته. لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ حَوْلِ الْآخَرِ وَصْفًا مَحَايدا، بَلْ كَانَتْ إنْشَاءً مَعْرِفِيًّا يَهْدِفُ إِلَى السَّيْطَرَةِ.
. الْعُنْصُرِيَّة الْمُؤَسَّسِيَّة: كَيْفَ أَثَّرَتْ التَّصَوُّرَات الْعِلْمِيَّة الْمُنْتَجَة خِلَال الْحِقْبَة الِإسْتِعْمَارِيَّة مِثْل تَصْنِيفَات الْأَعْرَاق الْبَشَرِيَّةُ عَلَى الْعُنْصُرِيَّة الْمُؤَسَّسِيَّة الَّتِي لَا تَزَالُ قَائِمَةً فِي الْعَدِيدِ مِنَ الْمُجْتَمَعَاتِ وَالمُؤَسَّسَات حَوْل الْعَالِم؟
5. إشْكَالِيَّة إزَالَة الِإسْتِعْمَار مِنْ الْمَعْرِفَةِ:
كَيْفَ يُمْكِنُ فَكُّ الِإرْتِبَاط؟ التَّحَدِّي الْأَكْبَر الْيَوْمَ هُوَ كَيْفِيَّةٌ إزَالَة الِإسْتِعْمَار مِنْ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ. هَذَا لَا يَعْنِي رَفْضُ كُلُّ مَا هُوَ غَرْبِيّ، بَلْ يَعْنِي التَّفْكِير النَّقْدِيِّ فِي الْأُسُس الِإسْتِعْمَارِيَّة لِلْمَعْرِفَة الْحَدِيثَة.
. صُعُوبَة التَّعَدُّدِيَّة الْمَعْرِفِيَّة: كَيْفَ يُمْكِنُ بِنَاءُ نَمُوذَج عَالِمِي لِلْمَعْرِفَة يَحْتَرِمُ التَّعَدُّدِيَّة الْمَعْرِفِيَّة وَيَدْمِجُ الْمَعَارِفِ مِنْ جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ، دُونَ فَرْضِ نَمُوذَج وَاحِدٍ؟ هَذَا يَتَطَلَّب تَغْيِيرَات هَيْكَلِيَّة فِي الْمُؤَسَّسَات الأَكَادِيمِيَّة وَالْبَحْثِيَّة، وَإعَادَة تَقْيِيم لِمَعَايِير الْجَوْدَة وَالْمَصْدَاقِيَة.
. الِإسْتِعْمَارُ الْجَدِيدِ فِي الْمَعْرِفَةِ: هَلْ لَا تَزَالُ أشْكَال جَدِيدَةٍ مِنْ الِإسْتِعْمَار المَعْرِفِيّ قَائِمَة الْيَوْمَ، حَيْثُ يَتِمُّ إسْتِهْلَاكٌ أَوْ تَكْيِيف الْمَعَارِف غَيْر الْغَرْبِيَّة بِطُرُق تَخْدُم الأَجِنْدَّات الْغَرْبِيَّةِ، بَدَلًا مِنْ الِإعْتِرَافِ بِهَا كَأَنْظِمَة مَعْرِفِيَّةٍ قَائِمَة بِذَاتِهَا؟
. هَذِه الْإِشْكَالِيَّات تَدْعُو إلَى مُرَاجَعَةِ نَقْدِيَّة عَمِيقَة لِتَارِيخ الْعِلْم وَفَلْسَفَتِه، وَتَسْتَدْعِي التَّفْكِيرُ فِي كَيْفِيَّةِ بِنَاءِ مُسْتَقْبِل تَكُونُ فِيهِ الْمَعْرِفَةُ حَقًّا خِدْمَة لِلْإِنْسَانِيَّة جَمْعَاء، بَعِيدًا عَنْ أَيِّ شَكْلٍ مِنَ أشْكَال الْهَيْمَنَة أَوْ التَّمْيِيز.

_ نَحْوُ بِنَاء عِلْم عَالِمِي حَقِيقِيٍّ لَا يَكُونُ مُجَرَّدُ إمْتِدَاد لِلْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّةِ

بِنَاءً عِلْم عَالِمِي حَقِيقِيٍّ لَا يَكُونُ مُجَرَّدُ إمْتِدَاد لِلْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّةِ، هُوَ مَشْرُوعٌ أَكَادِيمِيّ وَأَخْلَاقِيّ وَفِكْرِي حَيَوِيّ يُعْرَفُ بِـإزَالَة إسْتِعْمَار الْعِلْمِ (Decolonizing Science) أَوْ التَّعَدُّدِيَّة الْمَعْرِفِيَّة (Epistemological Pluralism). هَذَا الْمَشْرُوعِ يَسْعَى إلَى تَجَاوَز الْإِرْث الِإسْتِعْمَارِيّ الَّذِي رَسَخ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة كَمِعْيَّار وَحِيدَ لِلْعِلْم، نَحْو رُؤْيَة أَكْثَر شُمُولِيَّة وَإِنْصَافًا لِلْمَعْرِفَة.
أُسِّسَ بِنَاء عِلْم عَالِمِي غَيْر مَمَرٍّكز غَرْبِيًّا:
1. الِإعْتِرَاف بِالتَّعَدُّدِيَّة الْمَعْرِفِيَّة (Epistemological Pluralism): يَعْنِي هَذَا الِإعْتِرَافُ بِأَنَّ هُنَاكَ طُرُقًا مُتَعَدِّدَةً صَالِحَة لِلْمَعْرِفَة وَإِنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الْمَنْهَجِ التَّجْرِيبِيّ الْغَرْبِيّ. يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ تَقْدِيرُ وَإحْتِرَام الْمَعَارِف التَّقْلِيدِيَّة لِلشُّعُوب الْأَصْلِيَّةِ (Indigenous Knowledge Systems)، مِثْلَ أَنْظِمَة الطِّبّ التَّقْلِيدِيّ، الْمَعَارِف الزِّرَاعِيَّة الْمُتَوَارَثَة، الْفَلَك، وَالْفَلْسَفَات البِيئِيَّة الَّتِي طَوَّرَتْهَا مُجْتَمَعَات حَوْل الْعَالِم عَبَّر الاَفَ السِّنِينَ. هَذِهِ الْمَعَارِفُ لَيْسَتْ فوَلَكلورا بَلْ هِيَ أَنْظِمَة مَعْرِفِيَّة مُتَكَامِلَة تُقَدَّمُ
حُلُولًا وَتَفْسِيرَات فَرِيدَة لِلْعَالِم. الْهَدَف لَيْسَ فَقَطْ دَمْج هَذِهِ الْمَعَارِفُ فِي إِطَارِ غَرْبِيّ، بَلْ الِإعْتِرَافُ بِهَا كَأَنْظِمَة قَائِمَةً بِذَاتِهَا تَسْتَحِقّ الدِّرَاسَة وَالِإحْتِرَام.
2. تَفْكِيك الْهَيْمَنَة الْمَنْهَجِيَّة: إعَادَةُ تَقْيِيم الْمَنَاهِج الْعِلْمِيَّة الْغَرْبِيَّة وَنَقَد إفْتِرَاضِاتِهِا الْكَوْنِيَّة. هَذَا لَا يَعْنِي التَّخَلِّيَ عَنْ الْمَنْهَجِ الْعِلْمِيِّ، بَلْ فَهْم أَنَّهُ أَحَدُ الْمَنَاهِج وَلَيْس الْوَحِيد، وَقَدْ لَا يَكُونُ الْأَنْسَب لِكُلّ السِّيَاقَات أَوْ أَنْوَاعٍ الْمُشْكِلَاتِ. كَمَا يَجِبُ تَشْجِيع و تَطْوِير وَتَطْبِيق مَنَاهِج بَحْثِيَّة مُتَنَوِّعَة تَتَنَاسَبُ مَعَ السِّيَاقَات الثَّقَافِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة الْمُخْتَلِفَة، وَتَسَمَّح لِلْأَصْوَات المُهَمَشَة بِالظُّهُورِ. بِالْإِضَافَة إلَى الِإشْتِغَالِ عَلَى التَّحَرُّرِ مِنْ هَيْمَنَة الْكَمِيّ عَلَى حِسَاب النَّوْعِيِّ فِي الْعُلُومِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَ الْإِنْسَانِيَّةِ.
3. تَغْيِيرُ هَيَاكِل الْمُؤَسَّسَات الأَكَادِيمِيَّة وَبَحْثِيَّة:
. إعَادَةُ صِيَاغَة الْمَنَاهِج الدِّرَاسِيَّة: تَضْمِين تَارِيخ الْعِلْمِ مِنْ مَنْظُورٍ عَالِمِي، وَتَقْدِيم إِسْهَامًات الْحَضَارَات الْمُخْتَلِفَة، وَنَقَد تَارِيخ الِإسْتِعْمَار فِي الْعِلْم.
. تَنَوُّع أَعْضَاء هَيْئَة التَّدْرِيس وَالْبَاحِثِين: تَعْزِيز وُجُود وَتَمْثِيل الْبَاحِثِينَ مِنْ الْجَنُوبِ الْعَالَمِيّ وَمَنْ خَلْفِيَّات مُتَنَوِّعَة فِي الْمُؤَسَّسَات الأَكَادِيمِيَّة وَالْمَرَاكِز الْبَحْثَيْة الرَّائِدُة عَالَمِيًّا.
. تَغْيِيرُ مَعَايِير النَّشْر وَالتَّقْيِيم: تَقْيِيم الْأَبْحَاث بِنَاءً عَلَى جَوْدَتِهَا وَأَهَمِّيَّتِهَا، وَلَيْس فَقَطْ عَلَى مَدَى تَوَافُقَهَا مَع الْمَعَايِير الْغَرْبِيَّةِ أَوْ نَشْرُهَا فِي مَجْلِات غَرْبِيَّة مُعَيَّنَة. دَعْم النَّشْر بِلُغَات مُتَعَدِّدَة.
. إعَادَة تَوْجِيه التَّمْوِيل: تَوْجِيه التَّمْوِيل البَحْثِيّ لِدَعْم أَوْلَوِيَّات الْجَنُوبُ الْعَالَمِيّ وَأجِنَدَات الْبَحْثُ الْمَحَلِّيَّة، بَدَلًا مِنْ فَرْضِ أَجْنَدات بَحْثِيَّة غَرْبِيَّة.
4. اللُّغَةُ وَالتَّرْجَمَة:
. تَحَدَّي هَيْمَنَة اللُّغَةِ الْإِنْجِلِيزِيَّةِ كَلُغَة وَحِيدَة لِلْعِلْم. تَشْجِيع النَّشْر وَالتَّوَاصُل الْعِلْمِيّ بِلُغَات مُتَعَدِّدَة، وَدَعْم جُهُود التَّرْجَمَة. وَالِاعْتِرَافِ بِأَنَّ اللُّغَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ أَدَّاة لِلتَّوَاصُل، بَلْ تَحْمِلُ مَعَهَا مَفَاهِيم وَأُطُراً مَعْرِفِيَّةٍ مُعَيَّنَة.
5. الْمَسْؤُولِيَّةِ الْأَخْلَاقِيَّة وَالتَّعْوِيض:
. الِإعْتِرَاف الْعَلَنِيّ بِالدُّور التَّارِيخِيّ لِلْعِلْمِ فِي دَعْمِ الِإسْتِعْمَار وَ الظُّلْمُ. مِنْ خِلَالِ الْمُسَاهَمَةِ فِي جُهُود التَّعْوِيض، سَوَاءٌ عَنْ طَرِيقِ إعَادَة الْأُصُول الْمَادِّيَّة مِثْلُ القِطَعِ الْأَثَرِيَّة فِي الْمُتَاحَف الْغَرْبِيَّةِ أَوْ عَنْ طَرِيقِ تَعْوِيض مَعْرِفِيّ مِنْ خِلَالِ دَعْم الْبَحْث وَ التَّنْمِيَة فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْمُتَضَرِّرَة.
تَحَدِّيَات هَذَا الْمَشْرُوعِ :
كَمَا ذَكَرْنَا سَابِقًا، بِنَاء عِلْم عَالِمِي غَيْر مَمَرٍّكز غَرْبِيًّا يُوَاجِه تَحَدِّيَات هَائِلَة:
. الْمُقَاوَمَة المُؤَسَّسِيَّة: الْجُمُودِ الأَكَادِيمِيّ، التَّحَيُّزِات المُتَجَذِّرَة، وَأَنْظِمَة التَّقْيِيم وَالتَّمْوِيل الْقَائِمَة.
. الْخَوْفِ مِنْ النِّسْبِيَّة: الْقَلَق مِنْ أَنَّ الِإعْتِرَافَ بِالتَّعَدُّدِيَّة الْمَعْرِفِيَّة سَيُؤَدِّي إِلَى فِقْدَان الْمَوْضُوعِيَّة أَوْ النِّسْبِيَّة الْمُطْلَقَة.
. المَصَالِحُ الِإقْتِصَادِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ: بَقَاء هَيَاكِل الْقُوَّة الْعَالَمِيَّة التِي تَسْتَفِيدُ مِنْ هَيْمَنَة الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة.
. نَقَص الْمَوَارِد: الْفِجوات فِي الْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ البَحْثِيَّة وَهِجْرَةُ الأَدْمِغَة مِنْ الْجَنُوبِ الْعَالَمِيّ.
. تَعْقِيد الدَّمْج: صُعُوبَة دَمْج أَنْمَاط مَعْرِفِيَّة مُخْتَلِفَة جِذْرِيًّا دُونَ أَنْ تُهَيْمِن إحْدَاهَا عَلَى الْأُخْرَى.
بِنَاءً عِلْمٍ عَالِمِي حَقِيقِيّ لَيْسَ مُجَرَّدَ تَجْمِيل أَوْ إضَافَةٍ نَكْهَات مِنْ ثَقَافَات أُخْرَى، بَلْ هُوَ مَشْرُوعٌ تَحَوَّلِي عَمِيق يَهْدِفُ إِلَى إِعَادَةِ هَيّْكَلَة أُسِّسَ إنْتَاج الْمَعْرِفَة وَنَشْرِهَا. أَنَّه يَتَطَلَّب تَحَوُّلًا فِي الْفَلْسَفَةِ، الْمَنَاهِج، الْمُؤَسَّسَات، وَالْمَمَارَسَات. وَرَغْمَ التَّحَدِّيَات الْكَبِيرَةِ، فَإِنْ هَذَا الْمَسْعَى ضَرُورِيّ لِتَحْقِيق عَدَالَة مَعْرِفِيَّة أَكْبَر، وَلِإِيجَاد حُلُولُ أَكْثَر شُمُولِيَّة وَفَعَالِيَّة لِلتَّحْدِيات الْعَالَمِيَّةُ الَّتِي تُوَاجِهُ الْبَشَرِيَّة، وَاَلَّتِي تَتَطَلَّب حِكْمَة وَمَعْرِفَةُ مَنْ جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْعَالِم.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الْعِلْمُ و الْأَخْلَاق: الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة
- التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ -الْجُزْءِ الثَّانِي ...
- التَّنْمِيط الثَّقَافِيّ والقِيَمِيّ -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- حَوْسَبَة القَرَارَات الْأَخْلَاقِيّة -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- حَوْسَبَة القَرَارَات الْأَخْلَاقِيّة -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- الْفَجْوَة الرَّقْمِيَّة -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- الْفَجْوَة الرَّقْمِيَّة -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
- الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ : -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ -الْجُزْءُ الْأَوَّل-
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : الْوَاقِع الِإفْتِرَاضِي
- أَخْلَاقِيَّات الذَّكَاءُ الِإصْطِنَاعِيّ -الْجُزْءُ الثَّان ...
- أَخْلَاقِيَّات الذَّكَاءُ الِإصْطِنَاعِيّ -الْجُزْءُ الْأَوّ ...
- الْعَقْل التِّقَنِيّ ؛ -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- الْعَقْل التِّقَنِيّ -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- الوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ
- الْبَيُولُوجْيَا الِإصْطِنَاعِيَّة
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْأَمْن الْبَيُولُوجِيّ


المزيد.....




- قفزة قياسية بتحويلات المصريين بالخارج -لكنها وحدها لا تكفي- ...
- مقتل مراهق بالضفة الغربية برصاص إسرائيلي من مسافة قريبة.. هذ ...
- أم مصرية تعرض أطفالها الأربعة للبيع .. ما القصة؟
- قبل موعد الحسم.. غارة إسرائيلية تشعل التوتر في الجنوب اللبنا ...
- غزة: عمليات الجيش الإسرائيلي مستمرة وسط أوضاع انسانية صعبة و ...
- العراق: انقسامات حادة بين فصائل الحشد الشعبي بشأن حصر السلاح ...
- ما سبب الخلافات بين فصائل الحشد الشعبي حول تسليم السلاح من ع ...
- الدانمارك تقرر استدعاء السفير الأمريكي في كوبنهاغن بعد تعيين ...
- خلال زيارته إلى الإمارات.. ماكرون يعلن موافقته على بناء حامل ...
- بطريرك القدس يترأس قداس عيد الميلاد في غزة


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - نَقْد الكُولُونْيَّالِيَّة - الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-