أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - الْعِلْمُ و الْأَخْلَاق: الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة















المزيد.....



الْعِلْمُ و الْأَخْلَاق: الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8368 - 2025 / 6 / 9 - 06:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ الْمَرْكَزِيَّة كَمَفْهُوم شُمُولِيّ

الْمَرْكَزِيَّة (Centralization) هِي نِظَامٍ أَوْ مَبْدَأ يَقُومُ عَلَى تَرْكِيز السُّلْطَة وَإتِّخَاذ الْقَرَارَات وَالْمَوَارِد وَالتَّحَكُّمُ فِي نُقْطَةٍ أَوْ مُسْتَوَى وَاحِد مَرْكَّزِي، بَدَلًا مِنْ تَوْزِيعُهَا عَلَى مُسْتَوَيَات أَوْ وَحَدَات مُتَعَدِّدَة. تَخْتَلِف تَطْبِيقَاتِهَا بِإخْتِلَاف الْمَجَال.
فِي السِّيَاسَةِ وَالْإِدَارَة الْعَامَّة (Political & Administrative Centralization): يَتِمّ تَرْكِيز السُّلْطَةَ السِّيَاسِيَّةَ وَالإِدَارِيَّة فِي الْعَاصِمَةِ أَوْ الْحُكُومَةُ الْمَرْكَزِيَّة. مَعَ تَقْلِيلِ إسْتِقْلَالِيَّة الْحُكُومَات الْمَحَلِّيَّةُ أَوْ الْإِقْلِيميَّةُ مِثَالٌ: الدُّوَل ذَات النِّظَام الْمُوَحِّد (Unitary State) مِثْل فَرَنْسَا (تَقْلِيدِيٍّا) أَوْ الْمَملَّكَةُ الْمُتَّحِدَة، حَيْثُ تَكُونُ مُعْظَم الصَّلَاحِيات بِيَدِ الْحُكُومَة الْمَرْكَزِيَّة.
فِي تَدْبِيرِ الْإِدَارَة وَالْمُنَظَّمَات (Management Centralization): يَتِمّ تَرْكِيز عَمَلِيَّة صَنَع الْقَرَارَات الْمُهِمَّة وَالِإسْتِرَاتِيجِيَّة فِي قِمَّةِ الْهَرَم الْإِدَارِيّ كَالْمُدِيرِين التَّنْفِيذِيِّين أَوْ الْمَقَرِّ الرَّئِيسِيّ. أَمَّا الْفُرُوعُ أَوْ الْإِدَارَات الْأَقَلُّ مُسْتَوَى تَتْبَع تَعْلِيمَات صَارِمَة مِنْ الْمَرْكَزِ. مِثَال: شَرِكَة عَالَمِيَّة حَيْث تُتَّخَذ جَمِيع الْقَرَارَات الرَّئِيسِيَّة (الْمِيزَانِيَّة، التَّوْظِيف الرَّئِيسِيّ، الِإسْتِرَاتِيجِيَّة) فِي الْمُقَرِّ الرَّئِيسِيّ فَقَطْ.
فِي تِكْنُولُوجْيَا الْمَعْلُومَات (IT Centralization): يَكُون تَوْحِيد إدَارَة مَوَارِد تِكْنُولُوجْيَا الْمَعْلُومَاتِ (السَّيرفرات، الَّتَخزيْن، الشَّبَكَات، الْبَرْمَجَيات) فِي مَوْقِعِ أَوْ فَرِيقٌ وَاحِدٌ. مِثَال: تَوْحِيد جَمِيع خَوَادم الشَّرِكَةُ فِي مَرْكَزِ بَيَانَات مَرْكَّزِي وَاحِدٍ.
فِي الِإقْتِصَادِ (Economic Centralization): تَكُون هُنَاكَ سَيْطَرَة مِنْ قِبَلِ الدَّوْلَةِ الْمَرْكَزِيَّة عَلَى التَّخْطِيط الِإقْتِصَادِيّ وَ تَوْزِيع الْمَوَارِدِ كَمَا فِي الِإقْتِصَادَات الْمُوَجَّهَة.
تَسْعَى الْمَرْكَزِيَّة إلَى تَحْقِيقِ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْأَهْدَافِ الْبَارِزَة. مُحَاوِلَةً تَحْقِيق الِإتِّسَاق وَ الْوَحْدَة فِي الْقَرَارَات وَالسِّيَاسَات. مَعَ تَحْقِيقِ أَكْبَرَ قَدّْرٍ مُمْكِنٌ مِنْ السَّيْطَرَة وَالرَّقَابَة الْمَرْكَزِيَّة. إضَافَة إلَى تَحْقِيقِ وُفُورَات الْحَجْمِ (Economies of Scale) فِي بَعْضِ الْمَجَالَاتِ (مِثْل الْمُشْتَرَيَات أَوْ تِكْنُولُوجْيَا الْمَعْلُومَاتِ). إلَى جَانِبِ تَبْسِيط الْعَمَلِيَّات وَتَقْلِيل التَّكْرَارِ. ثُمَّ ضَمَانُ الِإمْتِثَال لِلْمَعَايِيّر وَاللِّوَائِح.
مِنْ إنْتِقَادَات وَعُيُوبِ الْمَرْكَزِيَّة التَّأَخُّرِ فِي إتِّخَاذِ الْقَرَارَات وَ رُدُود الْفِعْلِ، خَاصَّةً فِي الْأَوْقَاتِ الْحَرَجَة أَوْ فِي الْمَنَاطِقِ الْبَعِيدَة. وصُعُوبَة التَّكَيُّف مَع الإِحْتِيَاجَات وَالظُّرُوف الْمَحَلِّيَّة الْمُتَنَوِّعَة. نَاهِيك عَنْ تَقْلِيلِ الْحَافِز وَالِإبْتِكَار لَدَى الْمُدِيرِين وَ الْمُوَظَّفين فِي الْفُرُوعِ أَوْ الْأَقْسَامِ. كَمَا قَدْ تُؤَدِّي إلَى تَعْقِيد الْإِجْرَاءَات وَزِيَادَةُ عَدَدٍ التَّرَاخِيص الْمَطْلُوبَةِ. وَفِي الْكَثِيرِ مِنْ الْحَالَاتِ قَدْ لَا تَفْهَمُ الْقِيَادَة الْمَرْكَزِيَّة دَيْنٌاميكَيَّات الْعَمَلُ الْمَحَلِّيَّة بِشَكْل كَاف. يُعَدّ الْبُطْيء. عَدَمِ الْمُرُونَةِ. إحْبَاط الْمُسْتَوَيَات الدُّنْيَا. الرُّوتِين وَالْبِيرُوقْرَاطِيَّة. الِإنْفِصَالِ عَنْ الْوَاقِعِ. هَذِهِ تُعَدُّ مِنْ عُيُوبِ و إنْتِقَادَات الْمَرْكَزِيَّة
بَدِيل اللَّامَرْكَزِيَّة (Decentralization) هِيَ نَقِيضُ الْمَرْكَزِيَّة، وَتَقُومُ عَلَى تَفْوِيضٍ السُّلْطَة وَاِتِّخَاذ الْقَرَارَات إلَى مُسْتَوَيَات أَدْنَى أَوْ وَحَدَات مَحَلِّيَّة أَوْ إدَارَات فَرْعِيَّةٌ. تَهْدِفُ إِلَى زِيَادَةِ الْمُرُونَة وَالسُّرْعَة وَالِإسْتِجَابَة لِلِإحْتِيَاجَات الْمَحَلِّيَّة وَتَمْكِين الْمُسْتَوَيَات الدُّنْيَا.
بِإخْتِصَارٍ الْمَرْكَزِيَّة هِيَ فَلْسَفَةُ تَنْظُيمِيَّة وَسِيَاسِيَّةٌ تَهْدِفُ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالسَّيْطَرَة مِنْ خِلَالِ تَرْكِيز السُّلْطَة وَالتَّحَكُّمُ فِي نُقْطَةٍ مَرْكَزِيَّة وَاحِدَةً، وَلَهَا مَزَايَا وَعُيُوب تَخْتَلِف حَسَب السِّيَاق وَطَبِيعَةِ الْعَمَلِ أَوْ الدَّوْلَة.

_ مَا الَّذِي نَقْصِدُهُ بِمُصْطَلَح الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة

مُصْطَلَحُ "الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّةِ" أَوْ (Western-centrism Eurocentrism) يُشِيرُ إلَى نَزْعَة فِكْرِيَّة وَثَقَافِيَّة تُعْلِي مِنْ قِيمَةِ الْحَضَارَةِ الْغَرْبِيَّةِ (أُورُوبَّا وَأَمْرِيكَا الشَّمَالِيَّة) وَتَجْعَلُهَا مِحْوَر التَّقْيِيم وَالْمِعْيَار الْعَالَمِيّ، غَالِبًا عَلَى حِسَابِ الْحَضَارَات وَالثَّقَافَات الْأُخْرَى. هِيَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ "مَرْكَزِيَّة" تَنْظُيمِيَّة، بَلْ رُؤْيَةُ عَالَمِيَّة (Worldview) تُقَدُّمِ التَّارِيخِ وَالْقِيِّم وَالتَّجَارِب الْغَرْبِيَّة كَمَسْار طَبِيعِيٌّ أَوْ مُتَفَوِّق لِلتِّطور الْبَشَرِيِّ.
مِنْ أَبْرَزِ مَلَامِح الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة إظْهَار التَّارِيخ كَسَرْدِيَّة غَرْبِيَّةٍ. مِنْ خِلَالِ تَقْدِيم التَّارِيخِ الْعَالَمِيِّ مِنَ مَنْظُور أُورُوبِّيّ مِثْلُ إعْتِبَارِ "النَّهْضَة الْأُورُوبِّيَّة" بِدَايَة التَّقَدُّم، وَتَهْميش إِسْهَامًات الْحَضَارَات الْعَرَبِيَّة وَالصِّينِيَّة وَالْهِنْدِيَّة وَالإِفْرِيقِيَّة. و تَقْسِيم التَّارِيخِ إِلَى عُصُورِ قَدِيمَة/وُسْطَى/ حَدِيثَّة بِنَاءً عَلَى مَعَايِير أُورُوبِّيَّة.
مِنْ جَانِبِ يُطْرَح إشْكَال الْمَعَايِير الثَّقَافِيَّة الْمُطْلَقَة. الَّذِي يَتِمُّ النَّظَرُ مِنْ خِلَالِهِ إِلَى الْقِيَمِ الْغَرْبِيَّة كَالفَرْدِيَّة، الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ اللِّيبْرَالِيَّةِ، الْعِلْمَانِيَّة مَعَايِير عَالَمِيَّة يَجِبُ أَنْ تَتَبَنَّاهُا جَمِيعُ الْمُجْتَمَعَاتِ. مِنَ جَانِبٍ آخَرَ وَصْمُ ثَقَافَات أُخْرَى بِـ"التَّخَلُّفِ" أَوْ "البِدَائِيَّة" إذَا إخْتَلَفَتْ عَنْ النَّمُوذَج الْغَرْبِيّ.
فِيمَا يَخُصُّ الِإقْتِصَاد وَالتَّنْمِيَة يَتِمّ تَقْدِيم النَّمُوذَج الرَّأْسِمَالِيّ الْغَرْبِيّ كَهَدَف نِهَائِيّ لِلتَّنْمِيَةِ. ثُمَّ قِيَاسُ تَقَدَّم الدُّوَل بِمَعْايِير غَرْبِيَّة مِثْل: النَّاتِج الْمَحَلِّيّ الْإِجْمَالِيّ، التَّصْنِيع، مُتَجَاهِلٍه مَقَايِيسُ أُخْرَى لِلرَّفَاه كَالتَّوَازِن الْبِيئِيِّ، التَّمَاسُك الِإجْتِمَاعِيّ.
أَمَّا عَنْ الْمَعْرِفَةِ وَالْبَحْث الأَكَادِيمِيّ. هُنَاك هَيْمَنَة شِبّْه مُطَلَّقَةً لِلنَّظَرِيَّات الْغَرْبِيَّةِ فِي الْعُلُومِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ و الْإِنْسَانِيَّة كَالِإقْتِصَاد، عَلِم الِإجْتِمَاع، الْفَلْسَفَة. نَاهِيك عَنْ إعْتِبَارِ اللُّغَات الْأُورُوبِّيَّة خَاصَّة الْإِنْجِلِيزِيَّة وَسِيلَة الْمَعْرِفَة "الأَرْقَى" ثُمَّ إهْمَال مَصَادِر الْمَعْرِفَة غَيْر الْغَرْبِيَّة كَالْفَلْسَفَة الْإِسْلَامِيَّة، الْحِكْمَة الصِّينِيَّة، التُّرَاث الْإِفْرِيقِيّ.
فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالفن وَالْجَمَالِيَّات. عَادَةً مَا يَتِمُّ إعْتِبَارُ الْفَنّ الْأُورُوبِّيّ الْكِلاَسِيكِيّ وَالْمعَاصِر "قِمَّة الْإِبْدَاع"، وَتَهْميش الْفُنُونِ غَيْر الْغَرْبِيَّةِ أَوْ تَصْنِيفُهَا كـ"فُنُون شَعْبِيَّة".
التَّوَسُّعُ الِإسْتِعْمَارِيّ مِنْ أَسْبَابِ نَشْأَة الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة. و هَيْمَنَة أُورُوبَّا عَلَى الْعَالِمِ مِنْ الْقَرْنِ ١٦ إلَى ٢٠. إضَافَةِ إِلَى الثَّوْرَةِ الصِّنَاعِيَّة الَّذِي أَحْدَثْتَ تَأْثِير فَائِقٌ فِي مَوَازِين القِوَّى. وَتَفَوُّق الْغَرْب التِّكْنُولُوجْيّ وَالِإقْتِصَادِيّ. كَمَا لَعِبَتْ الْمَرْكَزِيَّة الْمَسِيحِيَّة دَوْرًا بَارِزًا فِي تَكْرَيس إعْتِقَاد أُورُوبَّا بِتَفَوُّق دِينِهَا فِي الْعُصُورِ الْوُسْطَى.
أمَّا فِيمَا يَخُصُّ الْإِعْلَام وَالثَّقَافَة الشَّعْبِيَّة تُعَدُّ هُولِيوُود وَ وَسَائِلِ الإِعْلَامِ الْغَرْبِيَّة كَصَانِعَة "الصُّورَةُ الْعَالَمِيَّة".
مِنْ الِإنْتِقَادَات الجِذْرِيَّة لِلْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّةِ. تَسْعَى الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّةِ إِلَى تَحْوِيل الثَّقَافَات الْأُخْرَى إلَى هَامِش أَوْ إسْتِثْنَاءً. بِقَدْرِ مَا تَسْعَى لِنَشْر فِكْرَة التَّفَوُّق الزَّائِف و مُحَاوَلَة إخْتِزَال التَّنَوُّع الْبَشَرِي فِي نَمُوذَج وَاحِد. نَاهِيك عَنْ تَزْيِيفِ التَّارِيخِ وَ تَجَاهَل إِسْهَامًات غَيْرَ الْأُورُوبِّيِّين مِثْلِ دَوْر الْمُسْلِمِينَ فِي نَقْلِ الْعُلُوم الْيُونَانِيَّة. ثُمَّ السَّعْيُ لِإِضْفَاء الشَّرْعِيَّة الْوَاهِيَة لِتَبْرِير الْهَيْمَنَة السِّيَاسِيَّةِ وَالِإقْتِصَادِيَّةِ الْغَرْبِيَّة.
الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة لَيْسَتْ مُؤَامَرَة بَلْ بِنِيَّةِ فِكْرِيَّة رَاسِخَة نَتَجَتْ عَنْ قُرُونٌ مِنْ الْهَيْمَنَة. نَقْدَهَا لَا يَعْنِي رَفْضُ الْإِنْجَازَات الْغَرْبِيَّة، بَلْ رَفَض إعْتِبَارُهَا الْمِقْيَاسَ الْوَحِيدَ لِلْإِنْسَانِيَّة. التَّحَدِّي الْيَوْمَ هُوَ بِنَاءٌ عَالِم مُتَعَدِّد الْأَقْطَاب ثَقَافِيًّا وَفِكْرِيًّا.

_ الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة

الْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق، وَتَأْثِير الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة عَلَيْهِمَا، هِيَ إحْدَى الْقَضَايَا الْفَلْسَفِيَّة الْمُعَقَّدَة وَالْمُتَشَابِكَة الَّتِي حَظِيت بِنُقْاشَات وَاسِعَةٌ عَبْرَ التَّارِيخِ، وَخُصُوصًا فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ. دَعْنَا نُفَصِّل هَذِهِ الْعَلَاقَةِ ثُلَاثِيَّة الْأبْعَاد.
تَارِيخِيًّا، تَبَايَنَتْ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق فِي الْفِكْرِ الْغَرْبِيِّ. لِفَتْرَة طَوِيلَة، سَاد تَصَوُّر يَفْصِلُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق. كَانَ يَنْظُرُ إلَى الْعِلْمِ كَبَحْث عَنْ الْحَقَائِقِ الْمَوْضُوعِيَّة الْقَابِلَة لِلْقِيَاس وَالتَّجْرِيب، دُونَ تَدَخُّلٍ لِلْقَيِّم أَوْ الْأَحْكَامِ الْأَخْلَاقِيَّة. فِي هَذَا التَّصَوُّرِ، يَكُونَ الْعِلْمُ "مَحَايدا قِيَمِيًّا"؛ فَهُوَ يَصِف "مَا هُوَ كَائِنٌ" (is) وَلَا يُمْلِيَ "مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ" (ought). الْفَيْلَسُوفُ الْأَلْمَانِيُّ إيمَانْوِيل كَانَط، عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، شَدَّدَ عَلَى إسْتِقْلَالِيَّة الْمَجَال الْأَخْلَاقِيّ (الْعَقْل الْعَمَلِيّ) عَنْ الْمَجَالِ الْعِلْمِيِّ (الْعَقْل النَّظَرِيّ).
مَعَ التَّقَدُّمِ الْعِلْمِيِّ الْهَائِل، خَاصَّةً فِي مَجَالَاتِ مِثْل الْبَيُولُوجْيَا النَّوَوِيَّةِ وَالْوِرَاثَة وَالتِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَة، بَدَأَتْ تَتَّضِح الْأثَار الْأَخْلَاقِيَّةُ وَالِإجْتِمَاعِيَّةُ الْمُدَمِّرَة أَحْيَانًا لِلتَّقَدُّم الْعِلْمِيّ غَيْر الْمُوَجِّه أَخْلَاقِيًّا. لَقَدْ دَفَعْت أحْدَاثُ مِثْلِ إسْتِخْدَامِ الْقُنْبُلَةِ النَّوَوِيَّةِ إلَى إعَادَةِ التَّفْكِيرِ فِي ضَرُورَةِ دَمْج الْأَخْلَاقِ فِي مُمَارَسَات الْبَحْثُ الْعِلْمِيّ.
الْيَوْمَ، تَزَايَد الْوَعْي بِأَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ نَشَاطًا مُحَايِّداً بِالْكَامِل. الِإخْتِيَارَات الْعِلْمِيَّة، طُرُق الْبَحْث، وَ تَطْبِيقَات النَّتَائِجَ كُلَّهَا تَحْمِل أَبْعَادًا أَخْلَاقِيَّة. ظَهَر مَجَال أَخْلَاقِيَّات الْعِلْمُ لِيُنَاقِش قَضَايَا مِثْل مَسْؤُولِيَّة الْعَالِمِ. هَلْ الْعَالِم مَسْؤُولٌ عَنْ كَيْفِيَّةِ إسْتِخْدَامِ إكْتِشَافِاته؟ وَ أَخْلَاقِيَّات الْبَحْثُ: هَلْ هُنَاكَ حُدُودٌ أَخْلَاقِيَّة لِتِجَارب مُعَيَّنَةٍ عَلَى الْبَشَرِ أَوْ الْحَيَوَانَاتِ؟ و تَوْزِيع فَوَائِد الْعِلْمِ: كَيْفَ يُمْكِنُ ضَمَانُ تَوْزِيع عَادِل لِفَوَائِد التَّقَدُّم الْعِلْمِيُّ مِثْلُ الْأَدْوِيَةِ وَالتِّقْنِيَّات؟ التَّحَيُّز فِي الْعِلْمِ؟ هَلْ الْقَيِّم الشَّخْصِيَّةِ أَوْ الْمُجْتَمَعِيَّة لِلْبَاحِثَيْن تُؤَثِّرُ عَلَى النَّتَائِج أَوْ التَّفْسِيرَات الْعِلْمِيَّةِ؟ إنَّ هَذَا التَّحَوُّلِ يُشِيرُ إلَى أَنْ الْأَخْلَاق لَمْ تَعُدْ مُجَرَّد "نَوَافِل" لِلْعِلْم، بَلْ أَصْبَحَتْ بُعْدًا تَأَسِّيسَيَا يُوَجَّهُ الْفَاعِلِيَّة الْعِلْمِيَّةِ فِي عَلَاقَتُهَا بِالْحَيَاة وَالْمَعْنَى وَحَاجَات الْإِنْسَان.
تُشِير الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّةِ (Eurocentrism) إِلَى نَظْرَّة لِلْعَالَم تَضَع الْغَرْب (أُورُوبَّا وَشَمَال أَمْرِيكَا) فِي مَرْكَزِ التَّارِيخ، التَّقَدُّم، الْمَعْرِفَة، وَالْحَضَارَة. هَذِهِ النَّظْرَةِ كَانَ لَهَا تَأْثِيرٌ عَمِيق عَلَى كُلِّ مِنْ مَفْهُومِ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق. تَارِيخِيًّا، قَدِّمَتْ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة الْعِلْمِ الْغَرْبِيِّ كَالْمَعْرِفَة الْوَحِيدَة "الْحَقِيقِيَّةِ" أَوْ "الْعَالَمِيَّة"، مُهَمَّشَة أَوْ مُتَجَاهِلة الْإِسْهَامات الْعِلْمِيَّةِ الْكَبِيرَة لِلْحَضَارَات الأُخْرَى مِثْلَ الْحَضَارَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالصِّينِيَّة وَالْهِنْدِيَّة. فَرَضَتْ الْمَنَاهِج الْعِلْمِيَّة الْغَرْبِيَّة كَمِعْيَّار عَالِمِي لِلْبَحْثِ وَالتَّفْكِيرِ، وَ أَحْيَانًا يَتِمّ إنْتِقَاد هَذَا لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُنَاسِبُ دَائِمًا سِيَاقَات ثَقَافِيَّة وَمَعَرْفِيَّة أُخْرَى.
إرْتَبَطَتْ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّةِ فِي الْعِلْمِ غَالِبًا بِمَشَارِيع الْهَيْمَنَة الِإسْتِعْمَارِيَّة، حَيْثُ تَمَّ إسْتِخْدَام "تَفُوُّق" الْعِلْمِ الْغَرْبِيِّ كَمُبَّرِر لِلِإسْتِعْمَار وَالتَّدَخُّل فِي شُؤُونِ الشُّعُوب الْأُخْرَى.
سَعَتْ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّةِ إِلَى تَصْدِير قِيَمِهَا الْأَخْلَاقِيَّة مِثْل الدِّيمُقْرَاطِيَّة، حُقُوقِ الْإِنْسَانِ بِصِيغَتِهَا الْغَرْبِيَّة، الحُرِّيَّات الْفَرْدِيَّة كَقِيَم عَالَمِيَّة مُطْلَقَة، وَتَجَاهَلَتْ التَّنَوُّع الْأَخْلَاقِيّ وَ الثَّقَافِيِّ فِي الْعَالَمِ.
يَرَى النَّقَّاد أَنْ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة غَالِبًا مَا مَارَسَتْ إزْدِوَاجُيَة فِي الْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة، حَيْث طَبَّقَت قِيِّمًا مُعَيَّنَةٍ عَلَى نَفْسِهَا وَ أُخْرَى عَلَى الشُّعُوبِ الْمُسْتَعْمَرَة أَوْ الْخَارِجَةِ عَنْ الْمَرْكَزِ، مِمَّا أَدَّى إلَى مُمَارَسَات إسْتِعْمَارِيَّة غَيْرَ أَخْلَاقِيَّة.
يُجَادِل الْبَعْض بِأَنْ التَّرْكِيز الْغَرْبِيّ عَلَى التَّقَدُّمِ الْمَادِّيِّ وَ الِإنْتِاجي، أَحْيَانًا عَلَى حِسَابِ الْجَوَانِب الرُّوحِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِيَّةِ، قَدْ أَدَّى إلَى "مَأْزِق أَخْلَاقِيّ" فِي الْغَرْبِ نَفْسِه، يَتَجَلَّى فِي قَضَايَا مِثْلِ "الْمِثْلِيَّةِ الْجِنْسِيَّة" حَسَبَ بَعْضَ الْآرَاء وَالِإنْشِغَال بِالنَّزْعِات الْفَرْدِيَّةُ الْمُفْرِطَة ظَهَرَتْ حَرَكَاتٌ نَقْدِيَّة قَوِيَّة، مِثْل نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الِإسْتِعْمَار، (Postcolonialism) و نَظَرِيَّة التَّأْكِيدِ عَلَى التَّعَدُّدِيَّة الْمَعْرِفِيَّة. (Cognitive Pluralism) الَّتِي تَدْعُو إلَى الِإعْتِرَافِ بِأَنَّ هُنَاكَ أَنْظِمَة مَعْرِفِيَّة مُتَعَدِّدَةٍ، وَإِنْ الْعِلْمِ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى النَّمُوذَج الْغَرْبِيّ.
تُحَاوِل هَذِهِ الْحَرَكَاتِ تَفْكِيك الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة وَتَأْثِيرِهَا. كَمَا تَسْعَى إِلَى إِعَادَةِ كِتَابَةِ التَّارِيخِ مِنْ مَنْظُورٍ غَيْر غَرْبِيّ، وَ تَسْلِيطِ الضَّوْءِ عَلَى الْإِسْهَامات الْمُتَنَوِّعَةِ لِلْحَضَارَات فِي بِنَاءِ الْمَعْرِفَة الْإِنْسَانِيَّةِ. كَمَا تُطَالِبُ هَذِهِ الْحَرَكَاتِ بِإِعَادَة تَقْيِيم الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ الْعَالَمِيَّة لِتَعَكس تَنَوُّعُ الثَّقَافَات وَالِإحْتِيَاجَات الْبَشَرِيَّة، بَعِيدًا عَنْ فَرَضَ نَمُوذَج وَاحِدٍ. كَمَا تُحَاوِل التَّأْكِيدِ عَلَى مَسْؤُولِيَّةِ عَالَمِيَّة فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَخْلَاق و تَدْعُو إلَى تَطْوِيرٍ أَخْلَاقِيَّات عَالَمِيَّةُ لِلْعِلْم تَأْخُذُ فِي الِإعْتِبَارِ تَدَاعَيَات التَّقَدُّمُ الْعِلْمِيِّ عَلَى جَمِيعِ الشُّعُوبِ، وَخَاصَّة الْفِئَات الْمُهَمَشَّة.
بِإخْتِصَارٍ، الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق فِي سِيَاقِ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة هِيَ عَلَاقَةٌ مُعَقَّدَة وَمُثِّيرَة لِلْجَدَل. فِي حِينِ أَنَّ الْعِلْمَ قَدْ حَقَّقَ تَقَدَّمَا هَائِلًا، فَإِنْ غِيَاب التَّوْجِيه الْأَخْلَاقِيّ الْمُنَاسِب، وَتَأْثِير النَّظْرَة الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة، قَدْ خَلَقَ تَحَدِّيَات كَبِيرَة تَتَطَلَّب تَفْكِيرًا نَقْدًيا مُسْتَمِرًّا لِإِيجَاد تَوَازُنُ بَيْنَ التَّقَدُّمِ الْمَعْرِفِيِّ وَالْمَسْؤُولِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة الْعَالَمِيَّة.

_ تَأْثِيرِ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّةِ عَلَى تَصَوُّرِ الْعِلْم

لَقَدْ أَثَّرَتْ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة بِشَكْل عَمِيق عَلَى كَيْفِيَّةِ تَعْرِيفِ الْعِلْمِ، وَالْمنَاهِج الْمُعْتَبَرَةِ "عِلْمِيَّة"، وَالنَّظْرَة إلَى التِّكْنُولُوجْيَا، وَ غَالِبًا مَا أَدَّتْ إلَى تَهْمِيش أَوْ سُوءِ فَهْم الأَنْمَاط الْمَعْرِفِيَّة الْأُخْرَى.
. تَعْرِيفُ الْعِلْم (What Counts as "Science): فَرَضَتْ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة تَصَوُّرًا لِلْعِلْم يَرْتَكِز بِشَكْلٍ أَسَاسِيٍّ عَلَى العَقْلَانِيَّة التَّجْرِيبِيَّة وَ الْمُلَاحَظَة الْكَمِّيَّة وَالتَّحَقُّق التَّجْرِيبِيّ كَأَسَاس وَحِيد لِلْمَعْرِفَة "الصَّحِيحَةِ". أَيْ مَعْرِفَةُ لَا تَتَّفِقَ مَعَ هَذِهِ الْمَعَايِيرَ مِثْل الْمَعَارِف التَّقْلِيدِيَّة، الْمَعَارِف الشَّفَهِيَّة، أَوْ الأَنْظِمَة الْمَعْرِفِيَّة الَّتِي تَتَضَمَّنُ أَبْعَادًا رُوحِيَّة أَوْ ذَاتِيَّة غَالِبًا مَا يَتِمُّ تَصْنِيفُهَا كـ"خُرَافَة"، "أُسْطُورَة"، "مَعْرِفَةً غَيْرَ عِلْمِيَّةٍ"، أَوْ "فَوَلَكلور".
أَدَّى ذَلِكَ إلَى تَهْمِيش وَتَجَاهَلَ الْمَعَارِف الْعِلْمِيَّة الْغَنِيَّة وَ الْمُتَطَوِّرَة الَّتِي أَنْتَجَتْهَا حَضَارَات أُخْرَى عَبْرَ التَّارِيخِ (الصِّينِيَّة، الْهِنْدِيَّة، الْإِسْلَامِيَّة، الأَمْرِيكِيَّة الْأَصْلِيَّة، الْأَفْرِيقِيَّة).عَلَى سَبِيلِ الْمِثَال: غَالِبًا مَا يَنْظُرُ إلَى الطِّبِّ الْعَرَبِيِّ أَوْ الَّآيُورْفِيدِي أَوْ الصِّينِيّ التَّقْلِيدِيّ أَوْ الطِّبَّ الشَّعْبِيّ الْإِفْرِيقِيّ بِعَيْن الشَّكِّ إذَا لَمْ يَثْبُتْ فَعَّالِيَّتَه وَفْقّاً لِلْمَنْهَجِيَّة التَّجْرِيبِيَّة الْغَرْبِيَّة الصَّارِمَة، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ الَآفِ السِّنِينَ مِنْ الْمُمَارَسَة وَالنَّتَائِج الْمُثْبَتَةَ فِي سِيَاقَاتِهَا الْخَاصَّة.
تَمَّ تَجَاهَل الْإِسْهَامات الْكَبِيرَةُ لِلْحَضَارَات الْعَرَبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ فِي عِلْمِ الْفَلَكِ وَالرِّيَاضِيَّاتِ، أَوْ تَمَّ تَقْدِيمُهَا كَتَمْهِيد لِلْعِلْم الْغَرْبِيّ الْحَقِيقِيّ.
الْمَعَارِف الْمُتَوَارَثَة حَوْل الزِّرَاعَة الْمُسْتَدَامَة، وَأَنْمَاط الرَّيّ، وَ إخْتِيَار الْبُذُور فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْمَحَلِّيَّة غَالِبًا مَا تُهْمَل لِصَالِح "الْعُلُوم الزِّرَاعِيَّة الْحَدِيثَة" الْقَائِمَةِ عَلَى نَمَاذِج الْإِنْتَاج الْكَبِير.
يَرَى بَعْضُ النَّقَّاد أَنَّ الْعِلْمَ الْغَرْبِيّ، مُتَأَثِّرًا بِالْفِكْر الدِّيكَارتي، أَقَامَ فَصْلًا حَادًّا بَيْنَ الْإِنْسَانِ (الْعَقْل) وَالطَّبِيعَة (الْمَادَّة)، مِمَّا أَثَرِ عَلَى كَيْفِيَّة دِرَاسَة الْبِيئَة وَالْكَائِنَات الْحَيَّة، وَأَدَّى إلَى نَظَرَّة إسْتِغْلَالِيَّة لِلطَّبِيعَة بَدَلًا مِنْ نَظَرَّة تَكَامُلِيٍّة كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي بَعْضِ الثَّقَافَات الْأُخْرَى.
. الْمَنَاهِجِ الْعِلْمِيَّة (Methodology): الْمَنْهَج التَّجْرِيبِيّ الْقِيَاسِيّ كَنَمُوذَّج وَحِيدَ. رَفَعَتْ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة الْمَنْهَجِ الْعِلْمِيِّ التَّجْرِيبِيِّ (Empirical Method) الْقَائِمِ عَلَى الْمُلَاحَظَةِ، الْفَرْضِيَّة، التَّجْرِيب، وَالْقِيَاس، كَنِظَام مِنْهُجي عَالِمِي وَوَحِيد لِتَحْقِيق الْمَعْرِفَة المَوْثُوقَة.
. الْكَمِّيَّة (Quantification): كَمَعْيار لِلْمِصْدَّاقِيَّة. التَّرْكِيزِ عَلَى الْبَيَانَاتِ الْكَمِّيَّة وَالْإِحْصَاءَات، وَإعْتِبَارُ مَا لَا يُمْكِنُ قِيَاسُهُ كِمِّيًّا أَقَلُّ "عِلْمِيَّةٍ" أَوْ أَقَلَّ أَهَمِّيَّةِ. هَذَا أَثَرٌ عَلَى الْعُلُومِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَ الْإِنْسَانِيَّةِ، حَيْثُ دَفَعَهَا لِتَبَّنِي مَنَاهِج كَمِيِّة حَتَّى فِي دِرَاسَةِ الظَّوَاهِرَ غَيْرُ الْكَمِّيَّة بِطَبِيعَتِهَا، مِمَّا قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَبْسِيط مُخِلّ أَوْ تَهْمِيش لِلْجَوَانِب النَّوْعِيَّة (Qualitative).
. الْعَالَمِيَّةُ الْمَزْعُومَة لِلْمَنْهَج: تَمّ تَقْدِيمَ هَذَا الْمَنْهَجِ لَيْسَ فَقَطْ كَطَرِيقَة فَعَّالَة، بَلْ كَطَرِيقَة عَالَمِيَّة تَتَجَاوَز الثَّقَافَة وَالتَّارِيخ، مِمَّا يَغْفُلُ إِنْ حَتَّى الْمَنْهَجِ الْعِلْمِيِّ نَفْسِهِ هُوَ نِتَاجُ سِيَاق تَارِيخِيّ وَثَقَافِيّ مُعَيَّنٍ فِي أُورُوبَّا
. نَقَص التَّنَوُّع الْمَنْهَجِيّ: فِي الْجَامِعَات وَمُؤَسَّسَات الْبَحْث الْعَالَمِيَّة، غَالِبًا مَا يَنْظُرُ إلَى الْمَنَاهِج الْبَحْثَيْة غَيْرَ الْغَرْبِيَّة مِثْل الْأَسَالِيب السَّرْدِيُّة، أَوْ الْمَنَاهِج الْمُعْتَمَدَةِ عَلَى الْفَهْمِ الشَّامِلِ لِلْعَلَاقَات، أَوِ الْمَعَارِفِ الْمُسْتَمَدَّةِ مِنْ التَّجْرِبَةِ الرُّوحِيَّةِ فِي بَعْضِ الثَّقَافَات كَأَقَلّ مَصْدَاقِيَة أَوْ كَـ"أُنْثَروبولُوجْيَا" بَدَلًا مِنْ "عِلْمِ".
. النَّظْرَةُ إِلَى التِّكْنُولُوجْيَا (The View of Technology): التِّكْنُولُوجْيَا كَرَّمَز لِلتَّقَدُّمِ الْغَرْبِيّ. غَالِبًا مَا تُقَدَّم التِّكْنُولُوجْيَا الْغَرْبِيَّة (الصِّنَاعِيَّة، الرَّقْمِيَّة) كَقِمَّة التَّطَوُّرِ الْبَشَرِيّ، وَكَّدَليل عَلَى "تَفُوق" الْحَضَارَةِ الْغَرْبِيَّةِ. هَذَا يَتَّجَاهَل الْأَشْكَالُ الْأُخْرَى مِنْ التِّكْنُولُوجْيَا الَّتِي طَوَرَّتْهَا الْحَضَارَات الأُخْرَى (مِثْلَ تِقْنِيَات الرَّيّ الْقَدِيمَةِ، أَوْ تِقْنِيَات الْبِنَاء التَّقْلِيدِيَّة، أَوْ تِقْنِيَات الصَّيْد الْمُسْتَدَامَة).
. التِّكْنُولُوجْيَا كَأَدَاة لِلتَّحَكُّمِ فِي الطَّبِيعَةِ: النَّظْرَة الْغَرْبِيَّة لِلتَّكْنُولُوجْيَا تَمِيلُ إلَى رُؤْيَتِهَا كَأَدَاة لِلسَّيْطَرَة عَلَى الطَّبِيعَةِ وَ إسْتِغْلَال مَوَارِدِهَا لِتَحْقِيق الرَّفَاهِيَة الْبَشَرِيَّة، بَدَلًا مِنْ مَنْظُورٍ يَرَى التِّكْنُولُوجْيَا كَجُزْءٍ مِنْ عَلَاقَةِ تَكَامُلِيٍّة أَوْ مُتَوَازِنَة مَعَ الطَّبِيعَةِ. هذَا الْفِكْرُ سَاهَمَ فِي الْأَزَمَاتِ البِيئِيَّة الْعَالَمِيَّة.
. التَّصْدِير الْأُحَادِيّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا: يَتِمّ تَصْدِير التِّكْنُولُوجْيَا الْغَرْبِيَّةِ إِلَى بَقِيَّةِ الْعَالِمِ دُونَ مُرَاعَاةِ السِّيَاقَات الْمَحَلِّيَّة، مِمَّا يُؤَدِّي أَحْيَانًا إِلَى مَشَاكِلَ إجْتِمَاعِيَّة أَوْ إقْتِصَادِيَّة أَوْ بِيئِيَّة، حَيْثُ لَا تَتَنَاسَبُ هَذِه التِّكْنُولُوجْيات دَائِمًا مَعَ الظُّرُوفِ الثَّقَافِيَّة أَوْ الْمَوَارِد الْمُتَاحَة.
. فَصْلٌ التِّكْنُولُوجْيَا عَنْ القِيَمِ: غَالِبًا مَا تُقَدَّمَ التِّكْنُولُوجْيَا كَأَدَاة "مُحَايِّدَة" لَا تَحْمِلُ قِيِّمًا بِذَاتِهَا، بَيْنَمَا فِي الْوَاقِعِ، كُلّ تِكْنُولُوجْيَا تَعْكِس الْقَيِّمِ وَ الْأَوْلَوِيات الَّتِي صَمَّمْت مِنْ أَجْلِهَا. الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة غَالِبًا مَا تَخْفِي الْقَيِّم الْغَرْبِيَّة الْكَامِنَة وَرَاء التِّكْنُولُوجْيَا الَّتِي تَرُوجُ لَهَا.
بِإخْتِصَارٍ، الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة لَمْ تُؤَثِّرْ فَقَطْ عَلَى كَيْفِيَّةِ تَطْبِيق الْعِلْمِ، بَلْ شَكَّلَتْ جَوْهَر مَفْهُومِ "الْعِلْمِ" نَفْسِهِ، مِمَّا أَدَّى إلَى عَالَمِيَّة مَزْعُومَة لِمَنْهَج وَمَعْرِفَة هُمَا فِي الْأَصْلِ نِتَاج سِيَاق ثَقَافِيّ مُحَدَّد، وَتَهْميش كَبِيرٌ لِأَشْكَال الْمَعْرِفَة وَالِإبْتِكَار الْأُخْرَى هَذَا يَدْعُو إلَى مُرَاجَعَةِ نَقْدِيَّة لِمَفْهُوم "الْعِلْم الْعَالَمِيّ" وَالسَّعْيِ نَحْوَ رُؤْيَة أَكْثَر تَعَدَّدِيَّة وَشُمُولِيَّة لِلْمَعْرِفَة.

_ إزْدِوَاجُيَة الْمَعَايِير" الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تَنْتَقِدُهَا نَظَرِيَّةٌ مَا بَعْدَ الِإسْتِعْمَار فِي سِيَاقِ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة؟

تَنْتَقِد نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الِإسْتِعْمَار الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة بِشِدَّة بِسَبَب إزْدِوَاجُيَة الْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي مَارًّسَتِهَا، وَتَسْتَمِرُّ فِي مُمَارَسَتِهَا، تُجَاه الشُّعُوب وَالْمَنَاطِق غَيْر الْغَرْبِيَّة. هَذِه الِإزْدِوَاجِيَّة تَتَجَلَّى فِي تَطْبِيقِ قِيَمٌ وَمَبَادِئُ مُخْتَلِفَة تَمَامًا بِنَاءً عَلَى هَوِيِّة الطَّرَف الْمَعْنِي (الْمَعْنِي غَرّْب/غَيْر غَرّْب، مُسْتَعْمِر/مُسْتَعْمَر).
كَيْفَ تَظْهَرُ هَذِهِ الِإزْدِوَاجِيَّة :
. حُقُوقُ الْإِنْسَانِ وَالدِّيمُقْرَاطِيَّة: لِلْغُرَبَاء (الْأُورُوبِّيِّين/الْأَمْرَيْكِيِّين): تُعَدُّ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ وَالْحُرِّيَّات الْفَرْدِيَّة وَ الدِّيمُقْرَاطِيَّة قِيَّمًا مُقَدَّسَة وَغَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّصَرُّفِ، وَهِيَ جَوْهَرٌ الْحَضَارَةِ الْغَرْبِيَّةِ. تُطَالِب الدُّوَلُ الْغَرْبِيَّةُ بِتَطْبِيقِهَا عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ وَتَتَدخل أَحْيَانًا بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ أَوْ غَيْرَ مُبَاشِرٍ بِإسْم "نَشْر الدِّيمُقْرَاطِيَّة وَحُقُوقُ الْإِنْسَانِ".بِالنِّسْبَةِ لِلْآخَرَيْنِ غَيْر الْغَرْبِيِّين/الشُّعُوب الْمُسْتَعْمَرَة سَابِقًا. عَادَةً مَا يَتِمُّ التَّعَاطِي بِنَوْعٍ مِنْ التَّجَاهُل أَوْ التَّبْرِير لِلِإنْتِهَاكَات. خِلَالَ فَتْرَةٍ الِإسْتِعْمَار، تَمّ تَبْرِير إنْتِهَاكِات حُقُوقُ الْإِنْسَانِ الْوَحْشِيَّة مِثْل الْقِمْع، الِإسْتِغْلَال الِإقْتِصَادِيّ، التَّمْيِيزِ الْعُنْصُرِيِّ، تِجَارَة الرَّقِيق، وَحَتَّى الْإِبَادَة الْجَمَاعِيَّة بِإسْم "التَّمْدِين"، "الْمُهِمَّةُ الْحَضَارِيَّة"، أَوْ "جَلْبِ التَّقَدُّم".
. دَعِّمْ الدَّيكتاتورِيَّات: حَتَّى بَعْدَ الِإسْتِقْلَالِ، غَالِبًا مَا تُدَعِّم الدُّوَلُ الْغَرْبِيَّةُ أَنْظِمَة دِيكًتَاتُورِيَّة قَمْعِيَّة فِي الْعَالَمِ الثَّالِثِ، طَالَمَا أَنَّهَا تَخْدُمُ مَصَالِحِهَا الِإقْتِصَادِيَّة أَوْ الْجُيوسيَاسِيَّة، بَيْنَمَا تُدِين أَنْظِمَة أُخْرَى وَ تَفْرِضُ عَلَيْهَا عُقُوبَات بِحُجَّة عَدَمِ إحْتِرَامِ الدِّيمُقْرَاطِيَّة وَحُقُوق الْإِنْسَان.
. التَّعَامُلِ مَعَ الْمُقَاوَمَة: عِنْدَمَا تُقَاوِم الشُّعُوب الْمُسْتَعْمَرَة أَوْ الْمَقْهُورَة الظُّلْم، غَالِبًا مَا يَتِمُّ وَصُمْها بِالْإِرْهَاب أَوْ التَّطَرُّف، بَيْنَمَا تَمْنَحُ الِقوَّى الِإِسْتِعْمَارِيَّة أَوْ الحِلِيفَة حَقّ الدِّفَاعِ عَنْ النَّفْسِ" حَتَّى لَوْ تَجَاوَزَتْ كُلِّ الْحُدُودِ الْأَخْلَاقِيَّة. الْقَضِيَّةِ الْبَاسكيَّةِ هِيَ مِثَالٌ صَارِخ حَيْثُ يَتِمُّ دَعْم الِإحْتِلَال وَإدَانَة الْمُقَاوَمَةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْيَانِ، بَيْنَمَا تُنْكِر حُقُوقِ الْإِنْسَانِ الْأَسَاسِيَّةُ لِلشَّعْب الْبَاسكي.
. الْحُرِّيَّةُ مُقَابِل الْمَصَالِح: تَعْلِي بَعْضِ الدُّوَلِ الْغَرْبِيَّةِ مِنْ قِيمَةِ حُرِّيَّة التَّعْبِير لَدَيْهَا، لَكِنَّهَا قَدْ تَتَجَاهل أَوْ تُدَعِّم قَمْع الحُرِّيَّاتِ فِي دُوَلِ أُخْرَى إذَا تَعَارَضَ ذَلِكَ مَعَ مَصَالِحِهَا النَّفْطِيَّة أَوْ الْأُمْنِيَة.
. السِّيَادَةِ الْوَطَنِيَّة وَعَدَم التَّدَخُّل: بِالنِّسْبَة لِلدُّوَل الْغَرْبِيَّة تُعَدُّ سِيَادَة الدَّوْلَة وَعَدَم التَّدَخُّلِ فِي شُؤُونها الدَّاخِلِيَّة مَبَادِئ أَسَاسِيَّة لِلْعَلَاقَات الدَّوْلِيَّة. أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّوَل غَيْر الْغَرْبِيَّة يَحْدُثُ غَالِبًا التَّدَخُّلِ فِي شُؤُونها الدَّاخِلِيَّة تَحْتَ ذَرِيعَةٍ التَّدَخُّل "الْإِنْسَانِيِّ" أَوْ "التَّغْيِيرِ الدِّيمُقْرَاطِيّ" حَيْثُ تَتَدَخَّل دُوَل غَرْبِيَّة فِي شُؤُونِ دُوَلٍ أُخْرَى عَسْكَرِيًّا، إقْتِصَادِيًّا، سِيَاسِيًّا بِحُجَج مُخْتَلِفَةً مِثْلَ "التَّدَخُّل الْإِنْسَانِيّ"، "حِمَايَة الْأَقَلِّيَّات"، "نَشْر الدِّيمُقْرَاطِيَّة"، أَوْ "مُحَارَبَةٍ الْإِرْهَاب"، حَتَّى لَوْ كَانَتْ هَذِهِ التَّدَخُّلِات تُؤَدَّي إِلَى زَعْزَعَة إسْتِقْرَار الْمِنْطَقَة وَتَفَاقُم الْمُعَانَاة.
. التَّدَخُّل الِإقْتِصَادِيّ: تَفْرِضُ الْمُؤَسَّسَات الْمَالِيَّة الْغَرْبِيَّة مِثْل صُنْدُوقُ النَّقْدِ الدَّوْلِيُّ وَالْبَنْكُ الدَّوْلِيُّ شُرُوطًا قَاسِيَةً عَلَى الدُّوَلِ النَّامِيَةُ قَدْ تُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى شُعُوبِهَا، بِحُجَّة "الْإِصْلَاح الِإقْتِصَادِيّ"، بَيْنَمَا قَدْ تَتَجَاهل نَفْسُ الْمَعَايِير عِنْدَ التَّعَامُلِ مَعَ أَزْمِاتِهَا الدَّاخِلِيَّة.
. إسْتِغْلَال الْمَوَارِد: يُنْظَرُ إلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّةِ فِي الدُّوَلِ النَّامِيَة كَمِلْك لِلشَّرِكَات الْغَرْبِيَّةِ أَوْ كَجُزْءٍ مِنْ السُّوقِ الْعَالِمِيَّةَ، حَتَّى لَوْ كَانَ إسْتِغْلَالَهَا يُؤَدِّي إلَى تَدْمِير الْبِيئَة أَوْ حِرْمَانٍ السُّكَّان المُحَلَّيَيْن مِنْ حُقُوقِهِمْ الْأَسَاسِيَّة.
. الْقَانُونُ الدَّوْلِيّ وَالْعَدَالَةُ: بِالنِّسْبَةِ لِلدُّوَل الْغَرْبِيَّة وَحُلَفَائِهَا غَالِبًا مَا تُطَبَّق قَوَاعِد الْقَانُون الدَّوْلِيّ بِصَرَامَة عِنْدَمَا يَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بِمَسْاءَلَة "خُصُومها"، وَتُدَعِّمُ الْمَحَاكِم الْجِنَائِيَّة الدَّوْلِيَّة لِلتَّحْقِيقِ فِي جَرَائِم تَرْتَكِبَهَا دُوَل غَيْر غَرْبِيَّة. تَمَتَّع الدُّوَلُ الْغَرْبِيَّةُ نَفْسِهَا بِالْحَصَانَة وَالْإِفْلَات مِنْ الْعِقَابِ. غَالِبًا مَا تَحْظَى القِوَّى الْغَرْبِيَّة وَحُلَفَاؤُهَا بِنَوْعٍ مِنْ الْحَصَانَة مِنْ الْمُسَاءَلَة الدَّوْلِيَّة عَنْ إنْتِهَاكِاتِهَا لِلْقَانُون الدَّوْلِيّ أَوْ جَرَائِم الْحَرْبِ الَّتِي تَرْتَكِبَهَا مِثْل غَزْو الْعِرَاقِ، أَوْ دَعْمِ أَنْظِمَة تَنْتَهِك حُقُوق الْإِنْسَان
. الْمَعَايِير الْمُزْدَوِجَةُ فِي الْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ: إسْتِخْدَام حَقُّ النَّقْضِ (الْفِيتُو) فِي مَجْلِسِ الْأَمْن لِمَنْع قَرَارَات تَدَيَّنَ حُلَفَاءَهَا أَوْ تَفْرِضُ عُقُوبَات عَلَيْهِمْ، بَيْنَمَا لَا تَتَرَدَّدُ فِي إسْتِخْدَامِ نَفْسِ الْحَقِّ ضِدّ دُوَل أُخْرَى.
. مَسَائِل الهِجْرَةِ وَاللُّجُوءِ: بَيْنَمَا يُشَدِّدْ عَلَى حُقُوقِ اللَّاجِئِين وَ الْمُهَاجِرِينَ فِي بَعْضِ السِّيَاقَات، يَتِمّ تَجَاهَلَ أَوْ قَمْع هَذِهِ الْحُقُوقِ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عِنْدَمَا يَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بِالْحُدُود الْغَرْبِيَّة، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى مَآسِي إِنْسَانِيَّة.
. التَّسَامُحُ الدِّينِيّ وَالثَّقَافِيِّ: فِي الْغَرْبِ يُنْظَرُ إلَى التَّسَامُحِ الدِّينِيِّ كَقِيمَة أَسَاسِيَّةً فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْغَرْبِيَّةِ، وَلَكِنْ غَالِبًا مَا يُعَامَلُ الْإِسْلَامِ أَوْ الدِّيَانَاتِ الْأُخْرَى غَيْرُ الْغَرْبِيَّة بِشَكْل تَمْيِيزَيْ، تَحْتَ سِتَارِ "حُرِّيَّة التَّعْبِير" مَثَلًا: رُسُوم كَارِيكَاتُورِيَّة مُسِيئَة، أَوْ حَظْر رُمُوز دِينِيَّة مُعَيَّنَة.
. صِرَاعٌ الْحَضَارَات": بَدَلًا مِنْ تَعْزِيز التَّفَاهُم الْمُشْتَرَك، تُقَدَّم بَعْضُ الْخِطَابَات الْغَرْبِيَّة، تَحْتَ تَأْثِيرِ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة، نَظَرِيَّة "صِرَاع الْحَضَارَات" الَّتِي تُصَوُّر الثَّقَافَات الْأُخْرَى خَاصَّةً الْإِسْلَامِيَّة كَتَهْدِيد لِلْقَيِّم الْغَرْبِيَّة، مِمَّا يُبَرِّر التَّمْيِيز و الْعُنْصُرِيَّة.
بِإخْتِصَارٍ، إزْدِوَاجُيَة الْمَعَايِير هَذِهِ هِيَ أَحَدُ أَبْرَز أَوْجُه نَقْد نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الِإسْتِعْمَار لِلْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّةِ. إنَّهَا تَكْشِفُ عَنْ أَنْ "الْقَيِّم الْعَالَمِيَّة" الَّتِي تَرُوجُ لَهَا الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة غَالِبًا مَا تَكُونُ مَشْرُوطَةً بِالْمَصْلَحَة الذَّاتِيَّة، وَتُسْتَخْدَم كَأَدَوَات لِلَّهِيَمْنَة بَدَلًا مِنْ كَوْنِهَا مَبَادِئَ أَخْلَاقِيَّةٍ عَالَمِيَّة تُطَبَّق عَلَى الْجَمِيعِ دُونَ تَمْيِيزٍ. هَذَا التَّنَاقُضِ بَيْنَ الْخِطَابِ وَالْمُمَارَسَة يُمَثِّل تَحَدِيّاً كَبِيرًا لِلْمِصْدَّاقِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة لِلْغَرْب فِي نَظَرِ الْكَثِيرِين حَوْل الْعَالِم.

_ التَّحَدِّيَات الَّتِي تُوَاجِهُ مُحَاوَلَات "إزَالَة الْمَرْكَزِيَّة الْأُورُوبِّيَّةُ" مِنْ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق؟

تَنْقِيح الْمَنْظُومَة الْعِلْمِيَّة و الْأَخْلَاقِيَّة مِنْ شَوَائِبِ الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة أَوْ مُحَاوَلَات إزَالَة الْمَرْكَزِيَّة الْأُورُوبِّيَّةُ مِنْ الْعِلْمِ وَ الْأَخْلَاقُ هِيَ عَمَلِيَّةُ مُعَقَّدَة وَ وَاسِعَة النِّطَاق، وَتُوَاجِه الْعَدِيدِ مِنَ التَّحَدِّيَات الْجَوْهَرِيَّة. هَذِه التَّحَدِّيَات لَيْسَتْ فِي حَدِّ ذَاتِهَا
مُجَرَّدَ عَقَبَات لُوجِسْتِيَّة، بَلْ تَتَعَلَّقُ بِعُمْق الْجُذُور التَّارِيخِيَّة وَ الْفِكْرِيَّة لِلْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّةِ، وَمُقَاوَمَة التَّغْيِيرِ فِي الْمُؤَسَّسَات الْقَائِمَة.
إلَيْك أَبْرَزَ هَذِهِ التَّحَدِّيَات:
1. المُقَاوَمَة المُؤَسَّسِيَّة وَالْجُمُودُ الأَكَادِيمِيّ:
. هَيْمَنَة النَّمَاذِج الْغَرْبِيَّةِ فِي الْجَامِعَات: لَا تَزَالُ الْجَامِعَات وَالمُؤَسَّسَات الْبَحْثَيْة حَوْلَ الْعَالِمِ، حَتَّى فِي الْجَنُوبِ الْعَالَمِيّ، تَعْتَمِد بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى الْمَنَاهِجِ، النَّظَرِيَّات، وَالْمَرَاجِع الْغَرْبِيَّة. تَغْيِير الْمَنَاهِج الدِّرَاسِيَّة، أَوْ قَبُولِ الْأَبْحَاثِ الَّتِي لَا تَتَوَافَقُ مَعَ الْمَعَايِير الْغَرْبِيَّة، يُوَاجِه مُقَاوَمَة كَبِيرَة.
. التَّحَيُّزِات المُتَجَذِّرَة فِي التَّوْظِيفِ وَالتَّرْقُيَة: غَالِبًا مَا يُفَضِلُ التَّوْظِيف وَالتَّرْقُيَة الأَكَادِيمِيَّة الْبَاحِثِين الَّذِين تَدْرِبوا فِي الْغَرْبِ أَوْ الَّذِينَ يَلْتَزِمُون بِالنَّمَاذِج الْغَرْبِيَّةِ، مِمَّا يُدِيم الْهَيْمَنَة.
. نَظَمَ النَّشْر وَالتَّقْيِيم: الْمَجَلَّات الأَكَادِيمِيَّة الْمَرْمُوقَة، مُؤْتَمَرًات النَّشْرُ، وَمَعَايِير تَقْيِيم الْأَبْحَاث غَالِبًا مَا تَكُونُ غَرْبِيَّة بِطَبِيعَتِهَا، مِمَّا يَجْعَلُ مِنَ الصَّعْبِ عَلَى الْأَبْحَاثِ غَيْر الْغَرْبِيَّة الْحُصُولِ عَلَى الِإعْتِرَافِ أَوْ الِإنْتِشَار.
. تَمْوِيل الْبَحْث: تُوَجَّهُ مُعْظَم أَمْوَال الْبَحْث الْعَالَمِيَّةُ مِنْ قِبَلِ مُؤَسَّسَات غَرْبِيَّة، مِمَّا يُؤَثِّرُ عَلَى أَوْلَوِيَّات الْبَحْثُ وَيَجْعَلُهَا تَتَمَاشَى مَعَ الأَجَنْدَّات الْغَرْبِيَّةِ.
2 . مَفْهُومُ "الْعَالَمِيَّة" وَمُقَاوَمَة التَّعَدُّدِيَّة الْمَعْرِفِيَّة:
. الِإدِّعَاءُ بِعَالَمِيَّة الْعِلْمِ الْغَرْبِيِّ : التَّحَدِّي الْأَكْبَرُ هُوَ التَّخَلُّصَ مِنْ فِكْرة أَنَّ الْعِلْمَ الْغَرْبِيَّ هُوَ عِلْمُ "عَالِمِي" أَوْ "مُحَايد" بِطَبِيعَتِه. كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ الْعِلْمِيَّة مُجَرَّدَةً مِنْ السِّيَاقِ الثَّقَافِيّ، مِمَّا يَجْعَلَهُمْ يَرَوْن جُهُود إزَالَة الْمَرْكَزِيَّة كَتَهْدِيد لِلْمَوْضُوعِيَّة أَوْ الْجَوْدَةِ الْعِلْمِيَّة.
. الْخَوْفِ مِنْ النِّسْبِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة: فِي مَجَالِ الْأَخْلَاق يَخْشَى الْبَعْضِ أَنَّ تُؤَدِّي إزَالَة الْمَرْكَزِيَّة الْأُورُوبِّيَّة إلَى نِسْبِيَّة أَخْلَاقِيَّة حَيْثُ لَا تُوجَدُ قَيِّم مُشْتَرَكَة، مِمَّا قَدْ يُقُوِّضُ أُسِّسَ الْقَانُون الدَّوْلِيّ أَوْ حُقُوقَ الْإِنْسَانِ.
. صُعُوبَةُ دَمْج أَنْمَاط الْمَعْرِفَة الْمُخْتَلِفَة: دَمْج الْمَعَارِف التَّقْلِيدِيَّة أَوِ "الشُّعُوبِ الْأَصْلِيَّةِ" (Indigenous knowledge) مَعَ العِلْمِ الْغَرْبِيِّ لَيْس بِالْمُهِمَّة السَّهْلَة. قَدْ تَخْتَلِفُ الأَطْر الْمَعْرِفِيَّة، مِنْهُجِيَّات الْبَحْثُ، وَحَتَّى أَهْدَاف الْمَعْرِفَة بِشَكْلٍ كَبِيرٍ، مِمَّا يَتَطَلَّبُ جُهْدًا كَبِيرًا لِلتَّرْجَمَة وَ التَّفَاهُم الْمُتَبَادَل دُون "إسْتِعْمَار" الْمَعَارِف غَيْر الْغَرْبِيَّة.
3. نَقَص الْمَوَارِد وَالْقُدُرَات فِي الْجَنُوبِ الْعَالَمِيّ:
. الْفَجْوَة فِي الْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ الْبَحْثَيْة: تُعَانِي الْعَدِيدِ مِنَ دُوَل الْجَنُوب الْعَالَمِيِّ مِنَ نَقْصٌ فِي الْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ الْبَحْثَيْة اللَّازِمَةِ (الْمُخْتَبَرات، الْمَكْتَبَات، التِّكْنُولُوجْيَا)، مِمَّا يُعِيقُ قُدْرَتِهَا عَلَى إِنْتَاجِ مَعْرِفَة تَنَافِسِية وَفْقَ الْمَعَايِير الدَّوْلِيَّة.
. هِجْرَة الأَدْمِغَة (Brain Drain): يَمِيل الْعَدِيدِ مِنَ الْبَاحِثِينَ الْمَوْهُوبين مِنْ الْجَنُوبِ الْعَالَمِيّ إلَى الْهِجْرَةِ إلَى الْمُؤَسَّسَات الْغَرْبِيَّة حَيْثُ تَتَوَفَّرُ فُرَص أَفْضَل لِلْبَحْث وَالتَّمْوِيل وَالِإعْتِرَاف
. الِإعْتِمَادُ عَلَى الْمُسَاعَدَةِ الْغَرْبِيَّة: غَالِبًا مَا تَعْتَمِدُ دُوَل الْجَنُوب عَلَى الْمُسَاعَدَةِ وَالْخِبْرَة الْغَرْبِيَّةِ فِي مَجَالَاتِ الْعِلْم وَ التِّكْنُولُوجْيَا، مِمَّا يُدِيم التَّبَعِيَّة وَيَجْعَلُ مَنْ الصَّعْب تَطْوِير مَسَارَاتُهَا الْخَاصَّة.
4 . التَّحَدِّيَات الْفِكْرِيَّة و النَّظَرِيَّة:
. تَعْرِيفُ "غَيْر الْغَرْبِيّ": مَفْهُومُ "غَيْرِ الْغَرْبِيّ" نَفْسِه وَاسِعٌ جِدًّا وَيَشْمَل تَنَوُعاً هَائِلًا مِنْ الثَّقَافَات وَ الْفَلْسَفَات. تَحْدِيد مَا يُشَكِلُ بَدِيلًا لِلْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّةِ دُونَ الْوُقُوعِ فِي تَبْسِيط أَوْ تَعْمِيمٍ هُو تَحَدٍّ كَبِير.
. تَجَنُّب الْقَوْمِيَّة الْمَعْرِفِيَّة: يَجِبُ عَلَى مُحَاوَلَات إزَالَة الْمَرْكَزِيَّة أَنْ تَتَجَنَّبَ الْوُقُوعِ فِي فَخٍّ الْقَوْمِيَّة الْمَعْرِفِيَّة الَّتِي تَرْفُضُ أَيْ إسْهَام غَرْبِيّ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، بَلْ يَجِبُ أَنْ تَسْعَى إِلَى حِوَار نَقْدِيّ وَبِنَاء.
. اللُّغَةُ: اللُّغَةِ الْإِنْجِلِيزِيَّةِ هِيَ لُغَةً الْعِلْمِ وَالْبَحْثِ الأَكَادِيمِيّ المُهَيْمِنَة عَالَمِيًّا. هَذَا يَضَعُ تَحَدِيّاً كَبِيرًا أمَام الْبَاحِثِين الَّذِينَ لُغَتُهُمْ الْأُمِّ لَيْسَتْ الْإِنْجِلِيزِيَّة، وَيُحَدُّ مَنْ إنْتِشَارِ المَعْرِفَةِ الْمُنْتَجَة بِلُغَات أُخْرَى.
5 . المُقَاوَمَهْ السِّيَاسِيَّةِ وَالِإقْتِصَادِيَّةِ:
. المَصَالِحُ الِإقْتِصَادِيَّة: غَالِبًا مَا تَرْتَبِط الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة بِمَصَالِح إقْتِصَادِيَّة قَوِيَّة. الشَّرِكَات الْمُتَعَدِّدَة الْجِنْسَيْات وَ الْجِهَاتُ الْفَاعِلَة الِإقْتِصَادِيَّة الْقَوِيَّة لَدَيْهَا مَصْلَحَةَ فِي الْحِفَاظِ عَلَى الْوَضْعِ الرَّاهِنِ الَّذِي يَخْدُمُ هَيْمَنَتُهَا.
. الِإسْتِعْمَارُ الْجَدِيدِ (Neocolonialism): حَتَّى بَعْدَ الِإسْتِقْلَالِ السِّيَاسِيّ، تَظَلّ الْعَدِيدِ مِنَ الدُّوَلِ فِي الْجَنُوبِ الْعَالَمِيِّ تَحْتَ تَأْثِيرِ أشْكَال جَدِيدَةٍ مِنْ السَّيْطَرَةِ الِإقْتِصَادِيَّة وَ الثَّقَافِيَّة وَالسِّيَاسِيَّةِ الَّتِي تَعَزُّز الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة.
. الْقُوَّةُ النَّاعِمَة: تُمَارِسْ القِوَّى الْغَرْبِيَّة نُفُوذًا كَبِيرًا مِنْ خِلَالِ "الْقُوَّة النَّاعِمَةُ" (Soft Power) الَّتِي تُرَّوِجُ لِقَيِّمِهَا وَأَنْمَاط حَيَاتِهَا وَثَقَافَتَهَا عَلَى أَنَّهَا مَرْغُوبَة أَوْ مُتَّفَوِقَة.
6 . التَّحَدِّيَات فِي مَجَالِ الْأَخْلَاق تَحْدِيدًا:
. الِإخْتِلَافَاتِ فِي الأَطْر الْأَخْلَاقِيَّة: تَخْتَلِف الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ وَ الْأَوَّلُوِيَّات بَيْنَ الثَّقَافَاتِ مِثْل التَّرْكِيزِ عَلَى الْفَرْدِيَّةِ مُقَابِل الْجَمَاعِيَّة، أَوْ الْعَلَاقَةِ مَعَ الطَّبِيعَةِ. التَّوَصُّلُ إلَى أَخْلَاقِيَّات عَالَمِيَّةُ لَا تَفْرِضُ قِيَّمًا غَرْبِيَّة يَتَطَلَّب حِوَارًا عَمِيقًا وَتَنَازَلَات.
. تَارِيخُ الإِسَاءَات: إنْ تَارِيخ الِإسْتِعْمَار وَالِإنْتِهَاكِات الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي أرْتَكَبَتْ بِإسْم "التَّقَدُّمُ" أَوْ "الحَضَارَة" يَتْرُكُ إرْثًا مِنْ عَدَمِ الثِّقَة يَجْعَلُ مِنْ الصَّعْبِ بِنَاء جُسُور لِلتَّعَاوُن الْأَخْلَاقِيّ الْمُتَكَافِئ.
. إنْ إزَالَة الْمَرْكَزِيَّة الْأُورُوبِّيَّة لَيْسَتْ مُجَرَّدَ عَمَلِيَّة فِكْرِيَّة، بَلْ هِيَ عَمَلِيَّةُ سِياسِيَّةٌ وَإجْتِماعِيَّةٌ وَإقْتِصَادِيَّة مُعَقَّدَة تَتَطَلَّب إلْتِزَامًا طَوِيل الْأَمَد، وَإعَادَة تَقْيِيم نَقْدِيَّة لِلْإِسس الَّتِي بُنِيَتْ عَلَيْهَا الْمَعْرِفَة الْعَالَمِيَّة، وَرَغْبَة حَقِيقِيَّةً فِي بِنَاءِ عَالِم أَكْثَر عَدْلًا وَإِنْصَافًا فِي إنْتَاجِ وَتَطْبِيق الْعِلْم وَالْقَيِّم الْأَخْلَاقِيَّة.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التَّنْمِيَط الثَّقَافِيّ وَالْقِيَمِيّ -الْجُزْءِ الثَّانِي ...
- التَّنْمِيط الثَّقَافِيّ والقِيَمِيّ -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- حَوْسَبَة القَرَارَات الْأَخْلَاقِيّة -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- حَوْسَبَة القَرَارَات الْأَخْلَاقِيّة -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- الْفَجْوَة الرَّقْمِيَّة -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- الْفَجْوَة الرَّقْمِيَّة -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
- الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ : -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- الهُوِيَّات الرَّقْمِيَّةِ -الْجُزْءُ الْأَوَّل-
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : الْوَاقِع الِإفْتِرَاضِي
- أَخْلَاقِيَّات الذَّكَاءُ الِإصْطِنَاعِيّ -الْجُزْءُ الثَّان ...
- أَخْلَاقِيَّات الذَّكَاءُ الِإصْطِنَاعِيّ -الْجُزْءُ الْأَوّ ...
- الْعَقْل التِّقَنِيّ ؛ -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- الْعَقْل التِّقَنِيّ -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- الوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- اللاَّوَعِي الإِيْكُولُوجِيّ: -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- عِلْمُ النَّفْسِ الإِيْكُولُوجِيّ
- الْبَيُولُوجْيَا الِإصْطِنَاعِيَّة
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْأَمْن الْبَيُولُوجِيّ
- أَخْلَاقِيَّات التِّكْنُولُوجْيَا


المزيد.....




- صحفي يسأل ترامب عن رسالة -بذيئة- زُعم أنه بعثها لجيفري إبستي ...
- وثائق جديدة تنشرها نيويورك تايمز.. هكذا بارك ترامب لإبستين ب ...
- 30 قتيلاً بينهم نساء وأطفال.. اتهامات لقوات الدعم السريع بتن ...
- محكمة التمييز الفرنسية تلغي مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد
- -لا ثقل له-.. ترامب ينتقد إعلان ماكرون عن نيّته الاعتراف بدو ...
- محادثات الدوحة تصل إلى طريق مسدود.. إسرائيل تتهم حماس والحرك ...
- زيلينسكي يعلن تأمين مبلغ لشراء ثلاثة أنظمة دفاع باتريوت ويتر ...
- -أخبار كاذبة-.. السفارة الأمريكية في طرابلس تنفي الأنباء عن ...
- فلسطين... التسلسل الزمني لمسار شعب ودولة في انتظار الاعتراف ...
- شبكة الجزيرة تحذر من استهداف صحفييها في غزة بسبب حملة تحريضي ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - الْعِلْمُ و الْأَخْلَاق: الْمَرْكَزِيَّة الْغَرْبِيَّة