أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - كتاب الحجر الرابع: تعاويذ المادة الأولى















المزيد.....

كتاب الحجر الرابع: تعاويذ المادة الأولى


ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8374 - 2025 / 6 / 15 - 08:37
المحور: الادب والفن
    


لقد اكتشف وجود المعادن
ليس فقط في نتوءات بعض الصخور،
بل أيضًا في لون الأرض، وظهور الحشرات،
ووفرة بعض الأعشاب أو الزهور،
وحتى في شكل السحب، وظلال الضوء،
ونكهة الماء.

الحجارة غاصت في مياه النسيان الحديدية،
السراخس الأحفورية التي اتخذ الحجرُ شكلها.

الألوان المطوية ليست قصيدة،
ليست قاربًا فارغًا.
خلف البحر، حفرة هائلة مليئة بالأوراق المجعدة.

على طريق الحدائق القديمة، مناديل قديمة تغلق أفواهها،
وخطَتْ عزلتي خطوة.

في ثلج العلامات، ظلال الغرقى لم يعد لديهم ملابس النهار.

أتيتُ لأضيء ذكرى امرأةٍ ميتة،
رمالٌ تشكّل الرمال.

الشعراء والملاكمون.
أزياء واختراعات على استعداد لعبور المدينة في نعومة السيارات.

لقد أصبح العشاق شجرتين لأنهما نسيا الزمن،
نمت أقدامهما في الأرض، أصبحت أذرعهما فروعًا،
كل هذه البذور التي تطير بعيدًا هي أفكارهما المتشابكة،
لن يتمكن المطر، ولا الريح، ولا الصقيع من فصلهما،
فهما يشكّلان جذعًا واحدًا صلبًا، وعروقًا مثل الرخام،
وعلى أفواههما المتلاصقة، بنى زهر العسل عشه.

وداعًا للجميع، لم أضع سوى قدمٍ واحدة في المصعد بعد. وداعًا!
وأنا وحدي، مثل طائرٍ على حافة كفن، مع ثقب في الزجاج.

شيءٌ مضطرب يترك أثره على جسدٍ خفيٍّ ينمو ميتًا،
سيُشتّت نفسه فيك…
تتشابك مع معابدنا.

حجارة مفقودة في إيقاع هشّ، ورود فولاذية.

عشّاق السبت يخافون من ظلالهم – سيغمر الشتاء عاره تحت الثلج –


الرمز الأول: الجُمشت

> في الليلة التي التهمت فيها الغابة قمرها الرابع، انفتح في صدع الذاكرة حجرٌ بنفسجي. قال الحكماء: هذا جُمشت السلالة السادسة. لا يُحمل إلا في جيب النسيان.

يقال إن كل من حمله حلم بحصان يتكلم.

يُرى الجُمشت في مرايا الكائنات الوحيدة.

يشبه النسيج الجُمشتي دم الحب حين يُسلَك في أنبوب نحاسي.


الرمز الثاني: الملاكايت

> كان المُلاكيت، قبل أن يُصهر، إمبراطورة تُخفي عرشها في الطين. ولكن عندما قبّلتها النار، غيّرت لونها واسمها... أصبحت نحاسًا.



يُرسم شكله في لغة السراخس.

يحمل سرّ السيف الأخضر الذي لا يُستعمل إلا مرة واحدة في الزمن.

هو سحر الأبواب المغلقة: كلما فُتحت إحداها، أغلقت أخرى في مكان بعيد.


الرمز الثالث: السرخس

> صرخة السرخس لا تُسمع إلا بعد ألف قدم من الغياب. يقال إنه نبات، لكنه في المخطوطات القديمة يُعد "أذن الأرض".
يتنفس في الحجارة، ويصمت في البشر.

ينمو حيث تتقاطع ذكرى عاشق مع جذر منسي.

سرّه محفوظ في بلورة مكسورة من بحيرة فال كريستالينا.

خريطة الظل المعدني

الجهة الشمالية: جبال الطين – حيث تُخزّن الذاكرة التي نُسيت عمدًا.

الجهة الجنوبية: مدفأة النداء – حجر على هيئة قلب، ينبض فقط عند نسيان الحبيبة.

الشرق: مختبر النار – مصنع أفريقي قديم، لا يغلق أبوابه، حيث تُحوّل الأحجار إلى أصوات.

الغرب: مقبرة السرّ – بئر زرقاء، إذا شرب منها العاشق نسي لماذا أحب.
التعويذة الأخيرة:

“قل كلمة، فتنفجر الجمجمة: يخرج منها سمسم، يطير منه عصفور، ويُخلق كون من قطرة.”

لا تُقال إلا تحت صرخة برق بنفسجي.

من قالها، أصبح خفيفًا كدمعة في ليلٍ من حجر.
سجل/صفحة من الأطلس: محطة الوعي الصخري

"عندما يتنفس الحجر"

في زمن لم تكن فيه اللغة قد جُرِّبت بعد، كانت الأحجار هي أول من تكلم. لا بصوت، بل برعشة طفيفة في شبكة الزمن. كل حجر حمل داخله مسودة لكائن لم يولد. لم يكن البشر موجودين بعد، لكنهم كانوا محتملين داخل طبقات الملاكايت، مثل نبضة ضوء تنتظر أن تنكسر.

في تلك العصور، كانت الأرض معملًا مفتوحًا. المعادن تُصهر لا لتُستخرج، بل لتُفهم.


سجل: صوت الجمشت عند الاحتراق

> "أنا لستُ حجرًا، بل تجربة نسيان تعود كلما شُعل الحنين. كنتُ ليلًا قبل أن يكتشف الليل نفسه. وأنت، أيها الحامل لي، لن تصير إنسانًا ما لم تُجرّب أن تُنسى كليًا.
الجُمشت لا يُؤخذ. هو من يختار الجيب الذي يذوب فيه. في كل بلورة عمياء خريطة لتهلكة ما، لم تحدث بعد.

ملحوظة هامسة، حُفرت على تابوت معدن خام:

> "أنت لست كائنًا فرديًا، بل مجموعة من المعادن تخوض حلمًا جماعيًا. كل موت يحدث لك، يحدث أيضًا لحجر في قارة أخرى."

وصف بصري: شكل النار عندما تُهاجم ملاكايتًا خجولًا

النار لا تهاجم. إنها تمتحن. الحجر حين ينصهر لا يصرخ، بل يتذكر. تتكشّف طبقات سرّه، واحدة تلو الأخرى، كما تتكشّف أسرار عاشق في ليلة ارتجاف.

قال العامل في مصنع الحديد:

> "عندما تُذيب النحاس، أنت لا تصهره، بل تستخرج منه سيرة ذاتية لم تُكتب بعد."
فصل من الأطلس: عن الحب كتحول معدني

الحب، حين يكون حقيقيًا، ليس شعورًا، بل انفجارًا ميتافيزيقيًا يُحوّل الأجساد إلى معادن شفافة.

إن مارست الحب بصدق، ستتغير تركيبتك الكيميائية.

عشيقتك ستُصبح كوارتزًا حيًا.

قلبك: وعاء صغير يُصفِّي فيه الغياب رماده.
دفتر العاشق المعدني

(سجلات كائن أُعيد تكوينه من حجر ونار وحنين)

الدخول الأول:
أنا جمشتٌ يتذكّر. كنت حجرًا موضوعًا على طاولة مهجورة في قلب حدادة. كان قلبي بلورةً أرجوانية تتنفس كلما نام العامل الأسود. الآن بدأت أتذكّر من كنت: رجلًا، أو فلنقل، بقايا رجل، أحبّ أمرأةً كانت تضحك كأنها ماء يقطع الجبال.

الدخول الثاني:
رأيتها آخر مرة في انعكاس ملعقة من نحاس مذاب. كانت تقول:

> "لا تثق بالحروف، الأحجار وحدها لا تكذب."
منذ تلك الليلة، نسيتُ جسدي، وتحجّرت. كنت أظن أني ميت، لكنني كنت ببساطة نائمًا في أحد عروق المالاكيت.

الدخول الرابع:
استيقظت أول مرة حين ضربت مطرقة النار صدري. كانت رنة الشق الأولى تشبه صرخة رضيع أُلقي في نهر. انفجرتُ صوتًا:

> "أنا لم أُصهر، بل تذكّرت."
الدخول الخامس:
الذاكرة معدنٌ لا يصقل إلا بالشوق. صرت أسمع من بعيد أغاني الكلارينت التي تعزفها الشعاب المرجانية في حفلةٍ لا يُدعى إليها البشر.

الدخول السادس:
جاءت الليلة التي عادت فيها. لم تدخل من باب، بل من شق في الزمان. كانت تمشي على الحصى. لم تتكلم. لم تلمسني. فقط وضعت أصبعها على جمجمتي المعدنية وقالت:

> "أنت لم تُولد بعد."
عندها، تفجّر من داخلي جدولٌ من الضوء، وخرجت بلورة لم أرَ مثلها من قبل: أنا، لكن قبل أن أُحب.

الدخول السابع:
منذ تلك اللحظة، صار دمي نحاسًا سائلًا، وصار وجهي مرآةً مقعّرة ترى الكائنات في صورتها الخام، قبل أن يفسدها العقل.



#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا تمثالٌ بزيٍّ غريب
- تأملات في البنية الكلية
- سيرة أدونيس تمثال من دخان، أو كيف تُصنع أسطورة من ورق الجرائ ...
- الرواقية
- العُري السماوي
- حاشية ثانية على جزيرة اليوم السابق
- الجسد المؤنث كفضاء للسلطة والمقاومة: في تشكيل الهوية الجنسية ...
- بيان مسرحي
- نظام الوحدات وتشكيل السلطة: في هندسة المسرح الكلاسيكي
- في عيون الأرنب الشمسي ويبدأ القارئ بالصراخ
- شذرات من مسرح لا أتذكّر اسمه
- طفل الخشبة /شذرات ضد الأب-المعلّم
- عَتَبة اللّامفاتيح: مُحرِّكُ الأصواتِ اليتيمةِ في هندسةِ الت ...
- الفراغُ يعشقُ الخُلد الأعمى
- القرد الأخير يحاول فهم نزيف ساعةٍ وظله يُعلق ذاته بحبل من أس ...
- تشريح الدرس الأكاديمي
- دليلُ الماعزِ الأعمى إلى علاماتِ الترقيمِ المقدّسةِ
- الركح في متاهة المرايا: عن استيهام الموضة وتيه الهوية في الم ...
- مستدركات على نص تكوينات
- الحاشية الثانية على نص تكوينات


المزيد.....




- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...
- كتاب -رخصة بالقتل-.. الإبادة الجماعية والإنكار الغربي تحت مج ...
- ضربة معلم من هواوي Huawei Pura 80 Pro.. موبايل أنيق بكاميرات ...
- السينما لا تموت.. توم كروز يُنقذ الشاشة الكبيرة في ثامن أجزا ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - كتاب الحجر الرابع: تعاويذ المادة الأولى