أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - شذرات من مسرح لا أتذكّر اسمه














المزيد.....

شذرات من مسرح لا أتذكّر اسمه


ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 21:01
المحور: الادب والفن
    


1.

رسم أحدهم موتًا في هيئة لوحة، كما ترسم الكنائس جحيمًا للتزيين، ثم انسحب كما تنسحب الرموز حين تُحمَّل أكثر مما تحتمل. نهضت دمية من قاع الوعي الأوروبي، وقالت ـ بنبرة آلية ـ "أنا الممثل"، فصدّقها الحضور، لا عن قناعة، بل لأنهم فقدوا لياقة الشك.

2.

ذاك الذي أدار المسرح دون أن يترك أثراً لكرسي، كان يعتقد أن الجلوس فعلُ استيطان، وأن الزمن لا يُحتمل في الثبات. لذا استبدل الأجساد بالأطياف، والديكور بشظايا الأشياء، والموسيقى بتراتيل تُؤدى لموتى لا يزالون يتنفسون.

3.

حين صرخ: "فلْيمت الفنانون"، لم يكن يدعو إلى مذبحة، بل يعلن ميلاد انحلال، كما تنحلُّ الكاتدرائية حين تُهجر. الفن يتفسخ، الإيهام يتداعى، والشخصية تنهار تحت عبء تمثيلها لذاتها. وكل ممثل يجرّ ظله كما لو كان وثيقة اتهامٍ غير قابلة للنفي.

4.

لم يكن المسرح عنده حكايةً تُروى، بل فُوَّهةٌ للمعنى. حفرة يمكن أن تُقام عليها طقوس، أو أن تُنصب ككمين. وفي كل مرة، كان هناك معنى يُسلَب، يُنتَهك، ويُعلّق في الهواء كما يُعلّق المصلوبون في أساطير الحدود.

5.

عروضه لم تكن عروضًا، بل جلسات مساءلة. الجمهور ليس جمهورًا، بل هيئة اتهام تراقب ذاتها وهي تُدين. لا براءة في مسرحٍ يُقام على مقبرة اللغة، حتى الجدران مذنبة لأنها نقلت الاعترافات.

6.

في نهاية المشهد، لا تنطفئ الأضواء، بل تمرض. الضوء نفسه يتلوى كعصبٍ تالف، كأن المسرح قد أصيب بنوبةٍ تذكّر فيها أنه مجرد تمثيل، تمثيلٌ مريضٌ بذاته.

7.

الدمى لا تموت، لأنها لم تعرف طعم الحضور. أما الممثل، فكان ينقرض منذ اللحظة التي ظنّ فيها أن الشكل حياة. وكانتور، حين حطّم الجدار الرابع، لم يكن يطلب من الجمهور الاقتراب، بل كان يقدّم لهم مرآةً: "هذا أنتم، حين تحاولون أن تصيروا شخصيات."



#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفل الخشبة /شذرات ضد الأب-المعلّم
- عَتَبة اللّامفاتيح: مُحرِّكُ الأصواتِ اليتيمةِ في هندسةِ الت ...
- الفراغُ يعشقُ الخُلد الأعمى
- القرد الأخير يحاول فهم نزيف ساعةٍ وظله يُعلق ذاته بحبل من أس ...
- تشريح الدرس الأكاديمي
- دليلُ الماعزِ الأعمى إلى علاماتِ الترقيمِ المقدّسةِ
- الركح في متاهة المرايا: عن استيهام الموضة وتيه الهوية في الم ...
- مستدركات على نص تكوينات
- الحاشية الثانية على نص تكوينات
- بيان تأويلي ضد المسرح، أو في امتناع العرض كحدث
- تكوينات / نص مسرحي
- المسرح بوصفه جهازًا أركيولوجيا التمثيل والمراقبة
- بيان تنظيري خراب المعنى في المسرح المعاصر
- بيانٌ حول تأجيل المعنى في المسرح الحديث
- -الكتابة كهرطقة تأويليّة: في تمارين العبور بين اللغة والخراب ...
- ضدّ العرض تفكيك المسرح كجهاز معرفي
- المسرح كحيّز للخراب الدلالي نحو عرض ينسى ذاته ليتذكّر جسده
- خطاب ثوري ضد المسرح
- هشاشة العرض ومكر الدلالة
- اللوحة كفضاء مسرحي


المزيد.....




- اكتشاف أثري تحت الركام.. ما مصير القرى الأثرية بعد سقوط نظام ...
- -القسطنطينية- يفتتح الدورة السابعة لمهرجان -بايلوت- الروسي ( ...
- بيان رسمي بعد نزاع بين ملحن مصري وحسين الجسمي
- من غرناطة إلى تستور.. كيف أعاد الموريسكيون بناء حياتهم في شم ...
- مايك تايسون يتلقى عرضا مغريا للعودة إلى الحلبة ومواجهة أحد أ ...
- من غرناطة إلى تستور.. كيف أعاد الموريسكيون بناء حياتهم في شم ...
- فنانة وإعلامية مصرية شهيرة تعلن الصلح مع طبيب تجميل شوه وجهه ...
- الكتابة في زمن الحرب.. هكذا يقاوم مبدعو غزة الموت والجوع
- أداة غوغل الجديدة للذكاء الاصطناعي: هل تهدد مستقبل المهن الإ ...
- نغوغي وا ثيونغو.. أديب أفريقيا الذي خلع الحداثة الاستعمارية ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - شذرات من مسرح لا أتذكّر اسمه