ميشيل الرائي
الحوار المتمدن-العدد: 8347 - 2025 / 5 / 19 - 07:23
المحور:
كتابات ساخرة
التكوين الاول
النقطة الزرقاء
ماكس فريش طفل إذًا نحن في دراما النموذج السويسري
دورنمات يرد بل جريمة لغوية أكمل أكمل
أنا الطفل الذي قُطعت أُذنه كي يسمع أكثر
الحائط علّمني أن الصمت ليس غيابًا
بل جمجمة اللغة بعدما التهمتها البلاغة في مأدبة ميتافيزيقية
صمت يشبه ابتلاع لغم
كانوا يقولون اجلس مستقيمًا
لكنني كنت قوسًا أرسم نفسي
فريش يعلّق أعتقد أن القوس انتخب في البرلمان الأخير أليس كذلك
دورنمات لا لكنه كان وزير التعليم رسم نفسه على كل المناهج
التكوين الثاني
الكرسي الذي ضحك
الكرسي في ضوء أبيض يضحك كأن أحدهم قال له إن المسرح لا يزال حيًا
يقول ضحكت لأن أحدًا لم يجلس عليّ منذ الحرب الأولى
كنت عرشًا ثم صرت وصمة على مؤخرة التاريخ
كل ساق لي تشتهي السقوط
لكنني مصمَّم على الاحتمال
أحلم أحيانًا أن أكون سكينًا
فريش على الأقل لم يتحول إلى مائدة حوار
دورنمات أو إلى منصة خطابة للسياسيين الكبار الذين لا يجلسون أبدًا
التكوين الثالث الباب الهارب
باب في زاوية المسرح مفتوح نصف فتحة
يخرج منه صوت أنثوي
أنا لا أُغلق أنا أختنق
كل مرة يُطرق عليّ أصرخ من الداخل كفى
خرجت من نفسي لأدخل فيك
لكنك كنت حائطًا
أكره المفاتيح إنها تتحدث كثيرًا
فريش مفتاح يتحدث هذا وزير الداخلية إذًا
دورنمات أو سفير سابق في دولة بلا أبواب
التكوين الرابع
يد ضخمة تتدلى من السقف ملوّنة بألوان مستعملة من مسرح بلدي
محاطة بلافتة مكتوب عليها مفقود ذراع منذ 1914
اليد تقول كنت أملك ذراعًا لكن ذات صباح ديمقراطي استُبدلت بلجنة تحقيق
الكتف قال إنه لم يوقّع على أي اتفاق اتصال
الذراع رُقي إلى رتبة ساق في نظام إداري جديد
أصافح الهواء لأثبت وجودي في سجلّ الحضور
يتهمونني بالتآمر لأنني لا أصفق
لكن كيف أصفق وأنا وحدي
أرادوني أن أكون جناحًا فانتهيت أداة عرضٍ في متحف الحياد
فريش حياد هذه سويسرا أليس كذلك
دورنمات لا هذه يد الأمم المتحدة في عطلتها الصيفية
ويعاد المشهد
كانت لي ذراع لكن اتفاقية جنيف لا تعترف بالأحلام
الكتف أنكر معرفتي
الذراع التحق بوظيفة في مصلحة الضرائب
أصافح الهواء لأن الجميع يرتدي قفازات
أردت أن أطير
قالوا لي أنتِ أداة توقيع لا جناح
أنا الآن مجرد ملحق لقرار لم يُطبع
دورنمات طابع القرار كان في إجازة مرضية منذ الحرب الباردة
التكوين الخامس المرآة
مرآة مغطاة بغبار نظيف جدًا
كأن شخصًا محترفًا في النسيان نظّفها
المرآة تقول يرونني كل صباح
لكن لا أحد يعترف بأنني أراهم أولًا
أنا الحفرة القانونية في واجهة الحمّام
حين تنظرون إليّ
أرى ما تريدون أن تكونوا
وأقول جيد الكذب ما زال يعمل
انظروا جيدًا
ستشاهدون مستقبلكم وهو يصفف شعره قبل مقابلة عمل وهمية
فريش لا أحد يعمل الكل يمثل أنه يعمل
دورنمات حتى السجون تطلب خبرة خمس سنوات في الحرية
التكوين السادس المصباح الذي يطالب بحقوق الإنسان
مصباح يتدلى من السقف يرتدي باروكة قطنية وقناع مهرج
يلمع ويطفأ مثل قلب مسؤول بعد استجواب
يقول أنا النور الوحيد الذي لم يُنتخب
كانوا يلمسون زرّي كل ليلة
كما لو كنت عاهرة كهربائية في مصح نوراني
ضحكوا عليّ حين قلت إنني أحترق كي يروا فشلهم
هل أنا مصباح أم شمعة في جنازة عقل جماعي
أنا لا أضيء أنا أصرخ بالفوتونات
طالبوني بالاستقرار
فقررت أن أصاب بالصرع
فريش إنه البرلمان السويسري
دورنمات لا إنه وزير الطاقة في أزمة هوية
التكوين السابع الساعة التي ابتلعت الزمن وتعثرت بعظمة جدها
ساعة عتيقة على هيئة تمساح خشبي
عقاربها تصطدم ببعضها كزوجين في طلاق زمني
تسأل من أنتم ولماذا أنتم في مستقبلي
تدور عقاربها للخلف وتغني نشيدًا وطنيًا مجهولًا
تقول أنا الساعة التي تقيأت الثانية ٣٧ دون إذن
كل تيك تعني أنا نادمة
وكل تاك تعني اذهبوا للجحيم بالتقسيط
طلبوا مني الوقت
قدّمت لهم طفولتهم على طبق من الرصاص
سأحاول الانتحار مجددًا
لكن بندول المعدة لا يتعاون
فريش عقارب الزمن تُعاني من عُقد أوديب
دورنمات أو من تباطؤ اقتصادي
التكوين الثامن السجادة التي استقالت من أرضيتها
سجادة مخملية متهالكة ترتدي وشاحًا أحمر وصرصورًا كزينة
ترفع إحدى زواياها كمن يلوّح في جنازة كلب سياسي
تقول كنت فُرشت فرُشت فطُرحت فدعكت فتبهدلت
لم أعد أريد أن أكون عنصر دفء
أريد أن أكون جدارًا باردًا في زنزانة شاعر
أنا السجادة التي وقّعت اتفاقية السلام مع الحذاء العسكري
وما زلت أُغتصب كل صباح
أنفخ زغبي في الهواء
أطلب اللجوء في متحف جنون الحداثة
شرطي الحدود رفض لأنه لا يفهم لغة الأنسجة
قال لي ارجعي لأسفلك
فبكيت ثم طرحت عليه لعابي المنسوج
فريش اللعاب المنسوج هذا بيان سياسي ممتاز
دورنمات أرشحه لجائزة نوبل للأقمشة
---------------
ملحوظات اخراجبة
اجعل كل شيء يتكلم دون وساطة الحدث، فـ"الأشياء" عندك أكثر إنسانية من الناس
دع الضحك يسقط كصفعة لا كزينة
حافظ على الطابع البوليفوني للحوار، بين العبث السياسي والوجودي
دَع المفردات تعمل وكأنها شيفرات من عالم مسرحي موازٍ
اقتراحات سينغرافية
1. المنصة:
تقسم إلى ثلاث طبقات متداخلة، كأنها لوح زجاج مكسور:
طبقة علوية تمثل "الوعي الجماعي"، مليئة بمرايا مائلة ومتشظية.
طبقة وسطى هي الخشبة التقليدية، لكنّها معوجة، مقوسة، تشبه سرج حصان سريالي.
طبقة سفلية رمزية "للاوعي الاجتماعي"، تتخللها أنابيب دخان وأيدٍ خرسانية تخرج من الأرض.
2. الألوان:
لوحة لونية مستوحاة من مرحلته الزرقاء والرمادية:
الأزرق الباهت = الحنين والضياع
الرمادي المعدني = البيروقراطية
الأحمر الداكن = السياسة القمعية
الأصفر الفاقع = السخرية
3. الأجساد والتماثيل:
أجساد بشرية مكسّرة على الطريقة التكعيبية:
ذراع على الكرسي
وجه ملتصق بالمرآة
قدم بارزة من السقف
جسد بدون وجه يمسك ميكروفونًا معطلًا
لكل "شيء" (الكرسي، الباب، الساعة…) تمثال تجريدي يرمز له: لا تمثيل مباشر.
4. الإضاءة:
إضاءة مائلة لا مركزية:
لا ضوء مباشر على الممثلين، بل على ظلالهم
استخدام الألوان النيونية المقطعة على شكل مثلثات
لحظات الإظلام الكلي مفاجئة، تليها ومضات صادمة (تشبه ضربات فرشاة جريئة)
5. المؤثرات البصرية:
إسقاطات Cubist Projection Mapping:
تتكسر الصور على الأجساد
إسقاط نصوص متقطعة من "جورج باتاي"، "كافكا"، "مكيافيلي"، وكلمات من نشرات رسمية
رسم باب يفتح ويغلق كأنه فم يلتهم الهواء
6. الممثلون:
يرتدون أقنعة من خطوط حادة، وكأن وجوههم منحوتة من زجاج مكسور
يتحركون بطريقة لا عضوية، مثل دُمى في يد رسّام
لا يُظهرون العاطفة بشكل تقليدي، بل ككولاج من التعبيرات: ضحكة نصفها بكاء، دمعة نصفها لسان
---
"لا تمثلوا الأشياء كما تراها أعين الدولة، بل كما يحلم بها الكرسي حين يكون وحده."
#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟