أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناضل حسنين - المسيحي الفلسطيني...














المزيد.....

المسيحي الفلسطيني...


ناضل حسنين
الكاتب الصحفي

(Nadel Hasanain)


الحوار المتمدن-العدد: 8373 - 2025 / 6 / 14 - 18:49
المحور: القضية الفلسطينية
    


في زوايا النقاش الشعبي، كثيرًا ما يُطرَح سؤال خافت النبرة لكنه ثقيل المعنى: كيف يجد المسيحي الفلسطيني، الذي يؤمن بالسيد المسيح المولود يهوديًا، القوة لمناصرة قضية شعبه الفلسطيني، والوقوف ضد مشروع دولة تُعرّف نفسها بأنها "يهودية"؟
قد يبدو السؤال محرجًا أو معقدًا، لكنه في الحقيقة يكشف عن سوء فهم جوهري لطبيعة الانتماء الفلسطيني، وللدور الذي لعبه – ولا يزال – المسيحيون الفلسطينيون في تشكيل الوعي الوطني، والدفاع عن الكرامة الجماعية.
المسيحي الفلسطيني لا يعاني من ازدواجية في الهوية، ولا يعيش صراعًا داخليًا بين عقيدته الدينية وانتمائه القومي. بل إن إيمانه ذاته، وفهمه العميق لشخصية المسيح، هما ما يمنحانه شرعية النضال وقدسية الموقف.
المسيح، في وعي المسيحي الفلسطيني، ليس مؤسسًا قوميًا لمشروع يهودي، بل هو نبي العدالة، الثائر على فساد رجال الدين، والمصلوب ظلمًا بأيدي سلطة دينية متحالفة مع قوة استعمارية. لقد جاء السيد المسيح ناقدًا جذريًا للمؤسسة الدينية في زمنه، لا حليفًا لها، واصطف دومًا مع الفقراء والمهمشين والمظلومين. من هنا، يصبح الإيمان به حافزًا لمناصرة كل مَن يُصلب يوميًا ظلمًا، لا سيما في فلسطين.
فلسطين، بالنسبة للمسيحي، ليست فقط مسقط رأس المسيح، بل هي الأرض التي احتضنت حضارته، ولغته، وصلاته، ودمه، وقيامته. والمسيحي الفلسطيني لا يرى في يهودية السيد المسيح مبررًا لشرعنة دولة احتلال، تمامًا كما لا يرى المسلم في انتماء يوسف عليه السلام لبيت يعقوب سببًا لقبول الظلم.
التاريخ الفلسطيني الحديث حافل بأسماء مسيحية طبعت الوعي الوطني بطابع لا يُمحى. جورج حبش، مؤسس الجبهة الشعبية، لم يكن مسلمًا، بل مسيحيًا من اللد، لكنه حمل همّ الأمة بكل تفاصيله. إميل حبيبي كتب أدب المقاومة في قلب حيفا. ونيقولا زيادة، المؤرخ الموسوعي، كان صوتًا عاقلاً للفكر العربي. ولم تكن هذه الأسماء استثناءً، بل تجسيدًا حيًا لحقيقة أن المسيحي الفلسطيني لم يكن يومًا على هامش المعركة، بل في قلبها.
في الانتفاضتين، كما في مخيمات اللجوء، كما في السجون، كما في ساحات النضال السياسي والثقافي، كان المسيحيون الفلسطينيون دومًا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الوطني، لا بوصفهم أقلية تتضامن، بل بوصفهم أهلًا يعانون ويصمدون ويقاومون.
لم يكن الشعب الفلسطيني طائفيًا في يوم من الأيام، ولم تُطرح فيه الأسئلة على أساس الانتماء الديني، بل على أساس الانتماء للأرض والمصير الواحد. ففي فلسطين، كان الجرس يُقرع إلى جانب الأذان، وكان الإفطار في رمضان يتسع للجميع، كما أن عيد الميلاد يُضاء في قلوب المسلمين كما المسيحيين.
إن النضال الوطني الفلسطيني لم يكن يومًا مقصورًا على أبناء دين أو طائفة، بل هو مشروع كرامة إنسانية قبل أن يكون صراعًا سياسيًا. والمسيحي الفلسطيني لم ينتظر أحدًا ليمنحه شرعية الانتماء، لأنه ببساطة لم يغادرها يومًا.
من رنين أجراس القيامة، إلى تطريز الثوب في بيت ساحور، إلى شهقة أم شهيد في رام الله، لا تزال فلسطين تُكتب بكل الحروف، وتُصلّى بكل اللغات، وتُحَبّ بكل القلوب.
فلا تسألوا المسيحي الفلسطيني لماذا يناضل... بل اسألوا أنفسكم: كيف غفلتم عنه طيلة هذا الوقت؟



#ناضل_حسنين (هاشتاغ)       Nadel_Hasanain#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران تستعرض... وإسرائيل تنفّذ
- من المسجد الى الكنيست..
- حل الدولتين.. الميت الذي نرفض دفنه
- نشيد الكوفية والشخير الوطني
- ما أشبه اليوم بالأمس..
- إضاءة على التطهير العرقي لعرب الداخل
- إيلون ماسك: عبقري أم مهووس؟
- ترانيم العصائر..
- حين تكون -اللي- أكثر فصاحة من -الذي-
- مفتاح الشرف تحت الخاصرة
- حكايتي مع المجرمين..
- لا تأكلوا -صديقها-!
- كلمة لا بد منها..
- وهم الخلود: فكرة اخترعناها فحكمتنا
- مآسينا التي لم نعد نحفظ أرقامها..
- -فما أطال النوم عمرًا..!-
- أميطوا النقاب عن التعليم!
- كلمة وفاء لصديق سوري راحل..
- قيمة الحياة بين الأنا والوطن
- إنه العار وليس الضمير..


المزيد.....




- مصادر إسرائيلية وأمريكية تكشف لـCNN -المدة التقريبية- للعملي ...
- أول تعليق من عبدالملك الحوثي على الضربة الإسرائيلية بإيران و ...
- إيران تضرب إسرائيل بصواريخ -الحاج قاسم-.. ماذا نعلم عنه؟
- -فارس-: بعض الصواريخ التي قصفت تل أبيب فجر اليوم مزودة برؤوس ...
- محاكاة ثورية تكشف إمكانية -خلق- الضوء من العدم
- تكتيك هجين سلاح واشنطن ضد الصين
- خبير يكشف الأهمية الاستراتيجية لتطوير البحرية الروسية
- الهجوم الروسي الصيفي، بدأ!
- صراع الجبابرة في أمريكا
- -يسرائيل هيوم-: فرق الطوارئ تقيم مركزا لاستيعاب القتلى في من ...


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناضل حسنين - المسيحي الفلسطيني...