أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - ناضل حسنين - لا تأكلوا -صديقها-!














المزيد.....

لا تأكلوا -صديقها-!


ناضل حسنين
الكاتب الصحفي

(Nadel Hasanain)


الحوار المتمدن-العدد: 8364 - 2025 / 6 / 5 - 15:59
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


كانت في الخامسة من عمرها ولم تكن تجيد التحدث بالعربية بعد، وقد عادت مع والديها من اغتراب طال امده، فكانت تستعيض عن الكلام بالابتسام وبالإشارات لمن حولها او ان تستعين بوالدها حين يستوجب الامر. لهذا نجحت خلافا لغيرها من أطفال البيت الكبير، في إيجاد لغة مشتركة مع الضيف الجديد الذي أحضروه عصر ذات يوم، وتحول الى الشغل الشاغل لكافة صغار البيت، انه خروف العيد.
كانت الوحيدة التي تمكنت من ربط أواصر الصداقة مع الخروف المذعور الذي كان يملأ البيت ثغاءً بلا انقطاع، فكانت تلملم له الأعشاب من ساحة البيت وتصنع منها رزمة ثم تقف على مسافة آمنة منه حسب طول الحبل، وتمد يدها نحو فمه بكثير من الحذر خوفا من اسنانه، الى ان اعتاد الضيف المذعور وجودها وهدوءها وصار يأمن لها فيتناول العشب من يدها ويمنحها سعادة لا توصف بهذه "الصداقة" التي لا تحتاج للغة صعبة المفردات.
وكانت كلما تناول الخروف رزمة العشب من يدها، تسارع الى جمع رزمة بدلها. ومع مرور الوقت لم تعد تخشى اسنانه، فكانت تقصر المسافة منه أكثر فأكثر، حتى استجمعت شجاعتها وداعبت اذنيه، فراق لها ذلك واحست بهدوء الصديق الجديد، الى ان تحولت علاقتها به الى عناية متواصلة تقدم له العشب والماء سواء كان جائعا ام لا وسواء كان عطشا ام لا...وصارت تلف ذراعيها حول عنقه وتقبله من اعلى رأسه، وصارت تنهر الأولاد الذين يحاولون ازعاجه او شد إليته!
وما لبثت ان صارت تفيق في ساعة مبكرة عند الصباح وتنزل الى ساحة البيت مسرعة، قبل الجميع، الى الخروف لإطعامه وإسعاده، بينما كان يبدو هو راضيا وقد هدأ روعه واختفى قلقه من المكان الجديد واعتاد وجه الطفلة التي بقيت الوحيدة التي تعتني به بعد أن مل بقية الأطفال منه وانصرفوا عنه بعد يوم او يومين.
هكذا أمضت أسبوعا من العناية بصديقها الخروف حتى أنها كانت كلما خرجت مع والديها الى مكان ما، تلح عليهما بالعودة سريعًا الى البيت كي تكون بجوار الخروف الذي صار جزءاً من يومياتها بعد ان اطمأن هو بدوره لها وتيقن من انها مصدر طعامه وشرابه.
ذات صباح، نهضت الطفلة في ساعة مبكرة كعادتها، ونزلت الى ساحة البيت، فرأت في ركن آخر من ساحة المنزل تجمهرًا غير عادي في مثل هذا الوقت من ساعات الصباح...ولاحظت كذلك حركة نشطة للأطفال وضوضاء من أحاديث الكبار بينما يقف الجميع في شبه حلقة يتابعون أمرًا يستحوذ على اهتمامهم.
وبدلا من ان تتجه الى صديقها الخروف، سارت نحو الحشد المتجمهر لترى ما الذي يستقطب اهتمام الجميع. اقتربت ودست رأسها من بين الكبار، فرأت دماء تغطي الأرض...رفعت عينيها لترى خروفها معلقا من قدميه ورأسه يترنح على ما تبقى من عنقه المنحور وهو يقطر دما، وكان الجزار قد سلخ جلده حتى النصف فظهر اللحم الأبيض والاحمر من بطنه...وقفت مصدومة من المشهد لا تقوى على شيء.. انسحبت الى الخلف بذهول ثم استدارت وتوجهت نحو تلك الشجرة رافضة التفكير بأن هذا كان خروفها، ولما لم تجده بانتظارها تحت الشجرة أيقنت ان ذاك الذي يعبث به سكين الجزار هو خروفها.
جلست على حافة العتبة بعيدا عن الجميع، تنظر تارة الى التجمهر وتارة الى ظل الشجرة، حيث بقيت فقط طنجرة الماء التي كان يشرب منها الخروف. جلست صامتة بعض الوقت، ثم صعدت الى البيت وأغلقت على نفسها الغرفة لساعات دون ان يشعر بها أحد.
منذ ذلك اليوم والطفلة التي أصبحت اليوم في الثلاثينات من عمرها، ترفض تناول أي نوع من أنواع اللحوم. لقد أصبحت نباتية تشعر بالقشعريرة من عيد الأضحى..!



#ناضل_حسنين (هاشتاغ)       Nadel_Hasanain#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة لا بد منها..
- وهم الخلود: فكرة اخترعناها فحكمتنا
- مآسينا التي لم نعد نحفظ أرقامها..
- -فما أطال النوم عمرًا..!-
- أميطوا النقاب عن التعليم!
- كلمة وفاء لصديق سوري راحل..
- قيمة الحياة بين الأنا والوطن
- إنه العار وليس الضمير..
- الديمقراطية: بين التقليد والحرية الفردية
- تعال نفكر معاً..!
- حملة الشهادات أم حملة الأفكار؟
- حين يصبح الموت مهنة وطنية


المزيد.....




- -واجه الموت بكل شجاعة-.. رغد صدام تنشر بيانا بذكري إعدام وال ...
- حزب الدعوة يستذكر إعدام صدام: القصاص منه تحقق بالعدل ولن نسم ...
- فيديو منسوب للحظة اعتقال إيران -عميل للموساد-.. هذه حقيقته
- الأمم المتحدة تدعو أميركا لرفع العقوبات عن قضاة المحكمة الجن ...
- الاحتلال يغيب آلاف الأسرى ويواصل تعذيبهم في سجونه
- حملت اسم -Viper-.. عملية دولية تسفر عن اعتقال نحو 20 شخصاً ب ...
- الاحتلال يمدد اعتقال سناء سلامة دقة حتى الأحد المقبل
- طفلة عمرها 6 سنوات ضمن معتقلين في ميانمار لقتلهم جنرالا متقا ...
- الأمم المتحدة تدعو واشنطن لرفع العقوبات عن قضاة المحكمة الجن ...
- الأمم المتحدة تدعو واشنطن لرفع العقوبات عن قضاة المحكمة الجن ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - ناضل حسنين - لا تأكلوا -صديقها-!