ناضل حسنين
الكاتب الصحفي
(Nadel Hasanain)
الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 03:08
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هل سألت نفسك ذات مرة متى تشعر بالخجل حقا: هل حين تقوم بعمل مشين سرًا أم عندما ينكشف أمرك؟
لو راح أحد يسترق النظر عبر ثقب الباب ليرى ما بداخل الغرفة وليرى ماذا يفعل من بداخلها، لما شعر بالذنب.. ولواصل النظر عبر الثقب كلما اتيحت له الفرصة. شخص كهذا لا يشعر بتأنيب "ضميرٍ" لفعلته إطلاقا. ولو أنهى مهمته دون أن يكشف أمره، لعاد في اليوم التالي أو توجه الى باب آخر وواصل فعلته. ولكن إذا تم ضبطه متلبسا بفعلته فإنه سيشعر بالعار بسبب الفضيحة فقط ولا شأن للضمير لديه إطلاقا.
هذا الشخص ليس حالة شاذة، بل هو انعكاس لثقافة مجتمعية تضع العار فوق الضمير. نحن نتعايش مع أخطائنا طالما لم تُكشف، ونبرر لأنفسنا كل فعل خاطئ ما دامت السرية تحمينا.
إنه العار الذي خلق لدى شخص كهذا الشعور بالذنب وجعله يغضب من ذاته ويثور عليها وليس الضمير. أما من يحتكم للضمير حتى وإن بقي في خلوة مع نفسه فإنه يبقى وفيا لضميره بوصلة اخلاقه، شخص كهذا قل أمثاله في مجتمع لا يعترف بالضمير بينما يحسب ألف حساب للعار.
ولو نظرنا الى هذا الامر بصورة اوسع، فسنجد اننا كمجتمع اعتدنا على ممارسة كل أنواع الموبقات سراً وعشنا متصالحين مع انفسنا، الى أن فاجأتنا الحداثة وضبطتنا متلبسين بتخلفنا، جن جنوننا ورحنا نتخبط ونردد أننا "لم نكن نسترق النظر عبر ثقب الباب"، بل أنتم من اعتديتم علينا وغزوتمونا ونهبتم ثرواتنا وتسببتم بمآسينا وتخلفنا!
نعم .. ينتابنا شعور بالراحة حين نلقي باللائمة على الآخرين لأن ثقافة العار لا تعترف بالذنب بينما تحسب ألف حساب للفضيحة، ولهذا نصر على تبرئة ساحتنا من كل خطيئة تجنبا للسقوط في خانة الفضيحة ولنبقى على حالنا دون تغيير، لأن ثقافة العار لا تدفعنا الى تغيير ما فينا، بل هي ثقافة الضمير التي تعترف بالذنب وتدفع الإنسان عادة نحو البحث عن تجديد لذاته، وهي ثقافة نفتقرها..!
#ناضل_حسنين (هاشتاغ)
Nadel_Hasanain#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟