ناضل حسنين
الكاتب الصحفي
(Nadel Hasanain)
الحوار المتمدن-العدد: 8364 - 2025 / 6 / 5 - 14:37
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
في الأيام الأولى من الحرب على غزة، خرج بعض قادتنا: نواب كنيست، أعضاء في لجنة المتابعة، شخصيات عامة، ليُحذروا الناس من التعبير عن أي مواقف حادة في وسائل التواصل. قالوا لنا: لا تكتبوا، لا تشاركوا، لا تُعلقوا حتى بكلمة. لأن القانون الإسرائيلي صارم، ولأن منشورًا قد يُفسر دعمًا للإرهاب أو تحريضًا عليه في ظل الملاحقات التي كانت تتعرض لها حتى شخصيات بارزة من مجتمعنا. خاف الناس او اخافوهم. مسحوا منشوراتهم، وأغلقوا أفواههم، وانسحبوا من المشهد، لا خوفًا من السجن فقط، بل لأن من يُفترض أن يحميهم هو من قال لهم: "اصمتوا".
الآن، وبعد سنة ونصف من الحرب الشرسة وعشرات آلاف الضحايا، نفس هؤلاء القادة جاؤوا يدعون الناس إلى النزول للشارع والاحتجاج على استمرار الحرب. لكن الناس لا تأتي. لا تستجيب. ليس لأنهم لا يشعرون، بل لأنهم خائفون، خائفون من الاعتقال، من التضييق، من تركهم وحيدين إذا ما وقعت الواقعة. كيف نلوم من اختار الصمت إذا كانت نصيحتنا الأولى له: لا تُخاطر؟
الضرر الحقيقي لم يكن في الموقف السياسي بل في الأثر النفسي. لقد أُطفئت شرارة الشجاعة في القلوب. لم يعد الناس يثقون أن هناك من سيحميهم إذا تكلموا. وهذا ليس افتراضًا أو مبالغة، بل تجربة عشناها قبل وقت قريب.
من ينسى ما حدث في أيار 2021؟ عندما خرج شبابنا إلى الشارع بعد مجازر غزة، وانخرطوا في احتجاجات عارمة بصدور عارية. اعتُقل المئات، وتركوا للمحاكم تنهشهم. أحكام قاسية، بعضها يُشبه تلك التي تُصدر في قضايا أمنية خطيرة. ومنهم من لا يزال حتى اليوم رهن الحبس، بلا اهتمام كاف، بلا احتضان سياسي أو قانوني كافٍ.
لهذا، حين يُعتقل اليوم ناشط عربي في مظاهرة ضد الحرب، لا يجد من يقف معه. لا أحد. وكأن الصوت الذي قال له ذات يوم: "اصمت" ما زال يتردد في أذنه.
في المقابل، من ينظر إلى الاحتجاجات الأخيرة، يرى أن أكثر من 70% من المشاركين هم من المواطنين اليهود. لأنهم لا يخافون مما نخاف. لم يتعرضوا لترهيب جماعي، ولم يُقال لهم إن منشورًا قد يُرسلهم للسجن. ليس لديهم ما لدينا من ذاكرة الخوف ومنطق التمييز، ولهذا لديهم مساحة أوسع ليصرخوا، ونحن لدينا حساب مفتوح مع الحذر.
ليس الغضب هو ما يُبعد الناس عن الشارع، بل الخيبة. والخيبة حين تأتي من أهل البيت، تكون أقسى.
#ناضل_حسنين (هاشتاغ)
Nadel_Hasanain#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟