ناضل حسنين
الكاتب الصحفي
(Nadel Hasanain)
الحوار المتمدن-العدد: 8372 - 2025 / 6 / 13 - 07:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعتبر الدين في مجتمعنا العربي أينما كان، العصب الرئيس في بلورة شخصية الانسان فكريا وسلوكيا، وفي ذات الوقت يحدد له انتماءه واولوياته بل ونمط حياته.
هذه الحقيقة لا تغيب عن السلطات المستبدة في الدول غير الديمقراطية وكذلك لا تغيب عن الحكومات العنصرية المتعاقبة في إسرائيل، وهو ما نلاحظه نحن عرب الداخل منذ عقود.
ولو تفحصنا دور غالبية الحركات الدينية في المجتمع الفلسطيني في الداخل، لوجدناها ترتدي عباءة الدين بغرض المناورات السياسية على صعيدين:
الأول ان تجتذب هذه الحركة الجماهير وان تتولي قيادتهم بعد ان تقنعهم بأنها قيادة دينية صِرفة، تتخذ من الإيمان مسلكًا ومن الورع منهجًا ومن مرضاة الله هدفًا.
وأما صعيد المناورة الآخر، فهو أن تبرز الحركة نفسها على أنها عنوان الجموع السائرة خلفها، وأن كل جهة أو سلطة تريد مخاطبة هذه الجموع، عليها التوجه إلى قيادة الحركة.
من هنا، فإن السلطات، أياً كانت، ترحب عادة بوجود مثل هذه الحركات التي تستقطب حولها أعدادًا كبيرة من الأتباع، لأنها تسهل عملية التواصل معهم من خلال قيادتهم.
وطالما وجدت السلطات قواسم مشتركة تستند اليها في التعاون مع هذه القيادة، تبقى القيادة مرحبا بها ومدللة بمناصب خاوية الصلاحيات ومكاسب فارغة الفحوى ووعود مستقبلية لا ينضج موعدها ابداً.
قد تشعر الحركة أحيانا بأنها قوة جماهيرية ذات قرار مستقل وترفض التخاطب مع السلطات او التضحية برصيدها الجماهيري مقابل مكاسب باهتة، عندها لا بد أن تتعرض للتعسف السلطوي واخراجها عن القانون. وخير الامثلة لدينا هو الشق الشمالي من الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني.
تكمن الخطورة هنا في أن ما يحدث هو تلاعب برغبات الجماهير. فبينما تعتقد أنك تسير خلف هذه القيادة في قافلة نحو المسجد، تجد نفسك فجأة في أروقة الكنيست... وبدلا من أن تجلس بين يدي الله تجد نفسك بحضرة نتنياهو او بينيت أو لبيد أو ليبرمان. هذا استخدام تطلعات الناس في غير مرادهم. فهم ساروا خلفك سعيًا لعيش يرضي الله، وإذا بهم يتصرفون بما يرضي الحاكم.
حين نبلغ هذه المحطة من المسار في الاتجاه المخادع، قلما نجد من يعترض على ما آلت إليه أوهامه، وإلا سيبدو كمن لم يستقرئ ذلك مسبقًا. ولكي يتجنب مطبات الحرج والإتهام بقصر النظر أو السذاجة، يبدأ معظم من تعرضوا لهذه الخديعة بالدفاع عن "مصيبتهم" وكأنها كانت خيارهم الواضح منذ البداية، لأن كبرياءهم لا يدعهم يعترفون بأنهم كانوا أداة طيّعة بيد القيادة تلاعبت بهم إلى أن أوقعتهم في هذا الفخ.
#ناضل_حسنين (هاشتاغ)
Nadel_Hasanain#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟