طوفان الأقصى 610 – لماذا أنشأ ستالين المنطقة اليهودية ذاتية الحكم في الإتحاد السوفياتي؟

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8367 - 2025 / 6 / 8 - 09:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا

*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

فيرونيكا بارك
كاتبة صحفية ومدونة

4 ديسمبر 2024

في عام 1947، إتخذ المجتمع الدولي قرارًا بإنشاء دولة إسرائيل. وبالتحديد، أقرت الأمم المتحدة القرار المتعلق بتقسيم فلسطين تمهيدا لقيام دولتين: عربية ويهودية.

أما في الإتحاد السوفياتي، فقد تم حل المسألة اليهودية قبل ذلك بكثير، حيث تم إنشاء المنطقة اليهودية ذات الحكم الذاتي، والتي كانت في جوهرها "دولة يهودية" داخل الإتحاد السوفياتي.

كيف بدأ الأمر؟

1. في عام 1918، تم إنشاء القسم اليهودي في المفوضية الشعبية لشؤون القوميات (الـ"إيفسيكتسيا").
2. في عام 1924، تأسست جنة توطين العمال اليهود ("كومزيت").
وهكذا بدأ النقاش حول أفضل مكان لتوطين اليهود في الإتحاد السوفياتي.

أسباب إنشاء المنطقة اليهودية ذات الحكم الذاتي

في زمن الإمبراطورية الروسية، كانت المسألة اليهودية حادة جدًا. على سبيل المثال، كانت هناك مناطق سكن لليهود، التي لم يكن مسموحًا لليهود تجاوزها.

لكي يصبح اليهودي حرًا تمامًا ويتمتع بحرية التنقل، كان عليه إعتناق المسيحية الأرثوذكسية. وهذا ما فعله أجداد فلاديمير لينين (من جهة أمه-ZZ)، بالمناسبة، مما سمح لجده بالإستقرار في سانت بطرسبرغ.

كما كانت المذابح ضد اليهود أمرًا غير نادر في الإمبراطورية الروسية.

كان ستالين يدرك تمامًا المشاكل المتعلقة بمعيشة اليهود في الإتحاد السوفياتي. وفي الحقيقة، كانت هناك صعوبات مع قوميات أخرى أيضًا. ففي بعض الأحيان، تسعى بعض الشعوب للإنفصال وتقرير المصير. وهذه ليست مشكلة روسية فقط، بل هي موجودة في دول أخرى أيضًا. على سبيل المثال:
- في بريطانيا، هناك من يريد إنفصال إسكتلندا.
- في إسبانيا، هناك مشكلة كاتالونيا وإقليم الباسك.

كانت مهمة ستالين صعبة: الحفاظ على وحدة جميع الشعوب والجمهوريات داخل الإتحاد السوفياتي.

معظم الشعوب كان لديها أراضيها الخاصة، لكن وضع اليهود كان مختلفًا. لذا، تقرر منحهم "جمهورية" خاصة بهم، أو بشكل أدق: منطقة يهودية مع حكم ذاتي.

الخطط الأولية
في البداية، خططوا لتوطين اليهود في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، حيث المناخ الدافئ والتربة الخصبة والبحر. لكن سرعان ما ظهرت مشكلتان:
1. السكان المحليون رفضوا التخلي عن أراضيهم لصالح اليهود.
2. كان هناك خطر تفاقم النزاعات العرقية وحدوث مذابح جديدة ضد اليهود.

لذلك، تم التخلي عن فكرة توطين اليهود في القرم وأوكرانيا، وبدأ البحث عن خيارات أخرى.

الحل البديل: الشرق الأقصى

إقترح البروفيسور بوريس بروك، ضمن مشروع إستيطان منطقة آمور، إنشاء منطقة يهودية ذات حكم ذاتي في الشرق الأقصى.

لم تواجه الفكرة إعتراضات كبيرة، وتمت الموافقة عليها في عام 1928 بقرار من اللجنة التنفيذية المركزية للإتحاد السوفياتي. وتم إختيار مدينة بيروبيجان في إقليم خاباروفسك عاصمة للمنطقة اليهودية ذاتية الحكم.

لماذا وافق اليهود على الإنتقال إلى منطقة باردة؟
1. قدمت الدولة السوفياتية مساعدات مالية جيدة للمهاجرين. في الأشهر الأولى، إنتقلت آلاف العائلات اليهودية إلى بيروبيجان بفضل الدعم المادي.
- بالطبع، العائلات الثرية في موسكو لم تفكر في الرحيل، لكن الكثير من اليهود الفقراء رأوا في هذه الفرصة وسيلة لتحسين أوضاعهم.

2. ساعدت منظمة أمريكية لدعم التوطين اليهودي في تمويل المشروع. حيث جمع يهود الولايات المتحدة حوالي 250 مليون دولار، وتم توفير المعدات الزراعية والبذور للمستوطنين.

الخلاصة
من الغريب أن اليهود، الذين عاشوا تاريخيًا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وافقوا على العيش في منطقة باردة مثل الشرق الأقصى الروسي. لكن الدعم المادي والرغبة في الحصول على أرض خاصة بهم جعلت الفكرة مقبولة.

وهكذا، أصبحت المنطقة اليهودية ذاتية الحكم واقعًا في الإتحاد السوفياتي، قبل سنوات من إنشاء إسرائيل.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل