أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - العيد 80 للنصر - الجزء الثامن والعشرون - النتائج المنسيّة - عن معاهدة السلام في أوروبا عام 1947















المزيد.....

العيد 80 للنصر - الجزء الثامن والعشرون - النتائج المنسيّة - عن معاهدة السلام في أوروبا عام 1947


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 22:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إيغور كاباردين
كاتب صحفي ومحلل سياسي وناشر وخبير في الشؤون الدولية


27 نوفمبر 2015

في تاريخ الحرب العالمية الثانية، لا يزال هناك العديد من الأحداث التي إختفت ببساطة من الوعي العام، رغم أنه رسمياً لا يوجد حظر على إعلانها. ولا يمكن إعتباره خطأ القول إنه في تصورنا الجماهيري للتاريخ توجد "صفحات منسية من النصر"، والتي تتجمع عند فحص دقيق، منها ما يكفي لملء ملف سميك. وهكذا، فإن ذكر معاهدة السلام في باريس عام 1947، والتي وقعتها الدول الحليفة مع دول المحور السابقة في أوروبا (بإستثناء ألمانيا، التي لم تعد موجودة آنذاك كموضوع للعلاقات الدولية)، قد طُبِّق عليها نوع من المحرمات غير المبررة وغير المفهومة. ويمكن الإشارة بالتحديد إلى كتب مدرسية حديثة في الإتحاد الروسي، حيث لم يتم ذكر المعاهدة ولو لمرة واحدة، رغم وجود وصفٍ مفصل في نفس الكتب للمؤتمر الثلاثي في بوتسدام، والتسوية المتعلقة بالنمسا، ومخكمة نورمبرغ.

لماذا حدث ذلك؟ يبقى مجرد تخمين. إما أن أحدًا بعد إستسلام ألمانيا غير المشروط اعتقد أن السكان السوفيات، ثم الروس لاحقاً، لن يفهموا التعامل الأكثر ليونة تجاه حلفاء هتلر. أو ربما بدا الحدث تافهاً وغير جدير بالذكر في كتب التاريخ المدرسية أو وسائل الإعلام الجماهيريّة. أو ربما كان هذا نتيجة الصدفة. أي باحث يبحث عن معلومات حول هذه المعاهدة الأوروبية المهمة سيصطدم تقريبًا فورًا بندرة كبيرة في المعلومات المتاحة حول إعداد وتوقيع الوثيقة. علاوة على ذلك، لا توجد تقريبًا خرائط عنها، حتى في البحث داخل المواقع المحلية على الإنترنت: المواقع البلغارية أو الرومانية أو المجرية. كيف تفسر هذا الظاهرة الغامضة أمر غير واضح تمامًا، لكن يمكن إفتراض أن شروطها قد تم إنتهاكها بشكل صريح (بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي-ZZ) لدرجة أن الورق المصفر يُفضل إخفاؤه بعيدًا لتجنب المشاكل.

في عام النصر 1945 ، ظهر سؤال منطقي أمام الحلفاء: ماذا يفعلون مع حلفاء هتلر الأوروبيين؟ لم يكن النظام الذي طُبق على ألمانيا (مع النمسا) وعلى اليابان (مع كوريا وغيرها من المناطق) مناسباً هنا – فقد كانت الدول الحليفة ترغب في حل المسألة بسرعة وإغلاق الموضوع لتتمكن من التركيز على الأمور الأكثر أهمية. كانت الدول المهزومة، ولأسباب واضحة، مهتمة بنفس الشيء. تم الإتفاق على البنود الأساسية لمعاهدات السلام خلال مؤتمر عقد في باريس من 29 يوليو إلى 15 أكتوبر 1946، وجرى التوقيع الفعلي في 10 فبراير 1947. سرعة قياسية، خاصة إذا أخذنا في الإعتبار أن الأمريكيين قضوا ست سنوات كاملة لإعداد معاهدة السلام الخاصة بمنطقة المحيط الهادئ، والتي أدت في النهاية إلى خلافات كافية لتوليد عشرات الحروب القادمة. لذلك يمكن إعتبار معاهدة باريس نجاحًا كبيرًا للدبلوماسية عمومًا، وللدبلوماسية السوفياتية على وجه الخصوص.

في الواقع، تمثل معاهدة السلام الباريسية نظامًا من المعاهدات بين الحلفاء وكل دولة سابقة من دول المحور على حدة. تم فرض شروط جديدة على الدول المهزومة فيما يتعلق بطبيعة الدولة الجديدة، وتعرضت لعقوبات مالية وحدودية. وفي المقابل، كجائزة ترضية، تم منح حلفاء هتلر حق العضوية في الأمم المتحدة. وقد إستخدم الأمريكيون تجربة هذه المعاهدة الجماعية أربع سنوات لاحقًا في تسوية مشابهة مع اليابان والدول الجديدة في منطقة المحيط الهادئ.

ومع ذلك، فإن أهمية معاهدة السلام الباريسية لإستقرار أوروبا الحديثة كبيرة جدًا، بل يمكن القول إنها أساسية. فعلى سبيل المثال، الكثير من حدود القارة الحديثة تعود في شكلها الحالي إلى هذه المعاهدة تحديدًا.

إيطاليا كانت واحدة من الدول التي لم تُعاقَب بشدة. وهكذا، تغيرت حدودها مع فرنسا قليلاً لصالح باريس، ولو لم تكن الحرب قد وقعت، فمن الممكن الإعتقاد بأنها مجرد تسوية حدودية عادية. كانت التنازلات لصالح يوغوسلافيا أكثر أهمية.

كما فقدت روما الجزر في بحر إيجه ومستعمراتها كلها، بالإضافة إلى الإمتيازات في الصين. علاوة على ذلك، دفعت إيطاليا تعويضات حرب. وتحديدًا للإتحاد السوفياتي، بلغت 100 مليون دولار (وكان الدولار في عام 1947 أعلى قيمة بكثير مما هو عليه اليوم)، وبعض السفن الحربية الإيطالية يجب أن تنتقل إلى الإتحاد السوفياتي (في هذه الفقرة، غدر الحلفاء الغربيون موسكو وسلموها سفينة مختلفة تمامًا، وهي السفينة الحربية القديمة "جوليو تشيزاري" بدلاً من واحدة من السفن الحربية الحديثة من نوع "ليتوريو").

من الخصائص المميزة للترتيب العالمي بعد الحرب ظهور محميات صغيرة على أراضي الدول المعتدية السابقة، والتي كانت لها حالة خاصة تشمل الحكم الذاتي وحتى الإستقلال الكامل. في ألمانيا المهزومة، أصبحت مناطق مثل السار وبرلين الغربية، وفي اليابان أصبحت الجزر الجنوبية كذلك، ومن ضمن إيطاليا تم إنشاء "منطقة تريستا الحرة"، والتي ألغيت نهائيًا فقط في السبعينيات. إذن، كانت معاهدة باريس هي الضامنة لظهور تريستا المستقلة.


بالنسبة لألمانيا واليابان، فقد نصت المعاهدة على بند يحظر على الإيطاليين التعاون العسكري مع تلك الدولتين. رغم أن الحظر رسميًا لا يزال ساريًا، إلا أنه في الواقع لم يعد له أي تأثير منذ زمن بعيد.

تتعلق شروط معاهدة السلام التي تتناول بلغاريا خاصية فريدة واحدة. فقد تم الإحتفاظ بجنوب الدوبروجة، التي إنتقلت من رومانيا إلى بلغاريا في عام 1940، تحت السيادة البلغارية. وهذه هي الحالة الوحيدة التي وافق فيها الحلفاء على ضم أراض قامت به دولة من دول المحور خلال الحرب.

ومع ذلك، إضطرت بلغاريا إلى التخلي عن جنوب مقدونيا لصالح بلغراد، وكذلك عن مقدونيا الشرقية وفراكيا الغربية، التي تم إعادة تخصيصها لليونان. على عكس ما يُشاع، لم تقاتل بلغاريا مباشرة ضد الإتحاد السوفياتي، وبالتالي لم تدفع تعويضات للإتحاد السوفياتي. وعلى الرغم من إحتلال بلغاريا، فقد وجدت روسيا التاريخية (على هيئة الإتحاد السوفياتي) نفسها مرة أخرى على بعد خطوة واحدة من السيطرة على مضيق الدردنيل، ولكن مرة أخرى حالات الظروف دون القيام بهذا الخطوة.

تم إعادة رومانيا إلى حدود 1 يناير 1941، مع فقدان جنوب الدوبروجة لصالح بلغاريا، وشمال بوكوفينا وبسارابيا لصالح الإتحاد السوفياتي. كما تم منح جزيرة الثعبان الشهيرة للجانب السوفياتي بعد عام واحد بموجب إتفاق ثنائي بين الإتحاد السوفياتي ورومانيا. علاوة على ذلك، كانت رومانيا ملزمة بدفع تعويضات للإتحاد السوفياتي بقيمة 200 مليون دولار أمريكي.

فقدت المجر ليس فقط جميع الأراضي التي إقتطعتها من رومانيا وتشيكوسلوفاكيا، بل أيضًا منطقة بأكملها مع عدة قرى لصالح الأخيرة، ودفعت تعويضات للإتحاد السوفياتي وتشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا.

من بين دول أوروبا التي كانت ضمن دول المحور، كانت فنلندا أقلها تضررًا. إذ لم يُطيح أحد بحكومتها، ولم تعرف معظم أراضيها الإحتلال الأجنبي تقريبًا: فقد طردت الألمان من لابلاند بنفسها في حرب لابلاند، وكان الإتحاد السوفياتي في 1944-1945 لا يهتم كثيرًا بجاره الشمال الغربي. إلتزمت فنلندا الحياد، وحدت من قواتها المسلحة، ودفعت تعويضات حرب للإتحاد السوفياتي (-$-300,000,000)، وتنازلت للروس بشكل دائم عن المنطقة الشمالية "بيتسامو" ووافقت على تأجير شبه جزيرة "بوركالا" للروس.

في عام 1990، وفي ظل ضعف الإتحاد السوفياتي تحت قيادة غورباتشوف، رفضت فنلندا القيود العسكرية التي فرضتها معاهدة السلام، مما وضع نهاية لعصر الهزيمة. من بين دول المحور في العالم، لم يُحالف الحظ سوى فنلندا والدولة الثانية صاحبة الحظ الأوفر، حيث لم تتحمل تايلاند أي ضرر حقيقي، ودفعت تعويضات رمزية على شكل شحنات من الأرز.

من حيث الأهمية، يمكن مقارنة معاهدة السلام الباريسية لعام 1947 بمعاهدة السلام في سان فرانسيسكو لعام 1951، التي أنهت الحرب في المحيط الهادئ. بعض بنودها، وخاصة المتعلقة بتقييد السيادة أو التعويضات، فقدت قوتها. أما البعض الآخر (وخاصة فيما يتعلق بالحدود الوطنية)، فلا تزال سارية حتى يومنا هذا. عمر أي معاهدة سلام، حتى تلك الأساسية مثل معاهدة باريس أو سان فرانسيسكو، محدود بحدود زمنية غير مكتوبة. ستنتهي تمامًا مع بداية صراع كبير جديد. هذا الصراع حتمي، وذلك لأن مناطق توزيع شعوب معينة غالبًا لا تتطابق مع الحدود الوطنية، ناهيك عن الطبقة الحاكمة لكل دولة، التي لديها مطالب تاريخية خاصة بها.

------

يتبع ...



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 605 - التاريخ المنسي لليهودية المعادية للصهيوني ...
- العيد 80 للنصر - الجزء السابع والعشرون - فشل مخططات رومانيا ...
- طوفان الأقصى 604 – كراهية اليهود في الولايات المتحدة خرجت عن ...
- العيد 80 للنصر – الجزء الخامس والعشرون – المجر في الحرب ضد ا ...
- طوفان الأقصى 603 - الصهيونية المسيحية - تناقض لفظي؟ لا، بل و ...
- العيد 80 للنصر – الجزء الخامس والعشرون – المجر في الحرب ضد ا ...
- طوفان الأقصى 602 - دونالد ترامب – الصهيوني الأول في أمريكا؟
- العيد 80 للنصر - الجزء الرابع والعشرون - فضح مزيّفي التاريخ
- طوفان الأقصى 601 - إسرائيل والولايات المتحدة - نتنياهو يرد ا ...
- العيد 80 للنصر - الجزء الثالث والعشرون - هل كانت القيادة الس ...
- طوفان الأقصى 600 - من المستفيد من الصهيونية؟
- العيد 80 للنصر - الجزء الثاني والعشرون - كيف ومتى اتخذ أدولف ...
- طوفان الأقصى 599 - ترامب - الشرع - نتنياهو
- العيد 80 للنصر - الجزء الحادي والعشرون - أساطير الرايخ الثال ...
- طوفان الأقصى 598 - ترامب في الشرق الأوسط – جولة أعمال أم شيء ...
- طوفان الأقصى597 - سواليف شرقية - بماذا عاد ترامب من جولته في ...
- العيد 80 للنصر - الجزء العشرون - أساطير الرايخ الثالث: النظر ...
- طوفان الأقصى 596 - زيارة ترامب إلى دول الخليج - ملف خاص
- طوفان الأقصى 596 - زيارة ترامب إلى دول الخليج - ملف خاص
- العيد 80 للنصر - الجزء التاسع عشر - من أساطير الرايخ الثالث ...


المزيد.....




- -حرب كلامية-.. ترامب يعرب عن خيبة أمله في إيلون ماسك والأخير ...
- في الذكرى الـ81 لإنزال نورماندي... المحاربون القدامى يعودون ...
- محررون فلسطينيون يتحدثون عن ظروف اعتقالهم داخل السجون الإسرا ...
- اكتشاف مدينة أثرية غارقة في المحيط يعود عمرها إلى 140 ألف عا ...
- اتصال هاتفي بين ولي العهد السعودي والرئيس الإيراني
- انسحاب مسؤولين مصريين من فعالية دولية كبرى خلال كلمة إسرائيل ...
- ترامب يعرب عن استيائه من -تصعيد- النزاع الأوكراني
- في مشهد إنساني.. توزيع مثلجات مجانا على الحجاج في صعيد عرفات ...
- الأمين العام لحلف -الناتو- يقترح زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5 ...
- حكومة نتنياهو تصدر توجيهات للإدارة المدنية ببدء فرض السيادة ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - العيد 80 للنصر - الجزء الثامن والعشرون - النتائج المنسيّة - عن معاهدة السلام في أوروبا عام 1947