|
طوفان الأقصى597 - سواليف شرقية - بماذا عاد ترامب من جولته في ممالك الخليج؟
زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8354 - 2025 / 5 / 26 - 02:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نافذة على الصحافة الروسية نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا
**مالك دوداكوف مؤسسة الثقافة الاستراتيجية
اختتم دونالد ترامب أول جولة دولية في ولايته الرئاسية الثانية، تمامًا كما حدث في عام 2017، حيث زار مرة أخرى دول الشرق الأوسط. هناك العديد من أوجه التشابه مع الأحداث التي وقعت قبل ثماني سنوات — ففي ذلك الوقت، حاول ترامب أيضًا جذب إستثمارات من ممالك الخليج إلى الولايات المتحدة. لكن هناك أيضًا إختلافات مهمة.
الوضع الحالي أكثر توترًا
الوضع الآن أكثر توترًا بكثير مقارنة بعام 2017، الذي يبدو الآن هادئًا مقارنة بالواقع الحالي. كما أن موازين القوى في الشرق الأوسط قد تغيرت بشكل كبير.
خلال السنوات الأربع لرئاسة جو بايدن، تدهورت العلاقات الأمريكية مع الممالك الخليجية — الحليفة التقليدية لواشنطن — إلى أدنى مستوى في التاريخ تقريبًا.
كان ذلك بسبب مواقف الديمقراطيين الأمريكيين، الذين إتهموا السعودية والدول المجاورة بإنتهاكات حقوق الإنسان. كما أن الإهانات الشخصية التي وجهها بايدن، مثلًا، إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أثارت إستياءً كبيرًا في الرياض.
لم يُظهر أحد أي احترام كبير لبايدن. فخلال زياراته القصيرة إلى دول الشرق الأوسط، كان الرئيس الأمريكي السادس والأربعون ومسؤولوه يُجبرون على الإنتظار لساعات قبل الحصول على مقابلات رسمية.
كما رفضت السعودية تقديم تنازلات للولايات المتحدة فيما يتعلق بخفض حصص إنتاج النفط ضمن تحالف "أوبك+".
في المقابل، تعزز التعاون مع روسيا والصين، مما دفع البيت الأبيض في مرحلة ما إلى فرض عقوبات على السعودية والإمارات في مجال الوصول إلى الرقائق الإلكترونية الأمريكية.
حتى أن الحديث وصل إلى إمكانية تخلي الرياض عن الأسلحة الأمريكية لصالح شراء أسلحة من روسيا والصين. كما أن السعوديين لم يعارضوا فكرة بيع نفطهم ليس فقط بالدولار، بل أيضًا باليوان.
كان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى إنهيار نظام "البترودولار" الذي إستمر لمدة 50 عامًا، ليحل محله نظام "بترويوان" يعكس الواقع الحالي — حيث إن 85% من النفط السعودي يتجه الآن إلى آسيا، وليس إلى الولايات المتحدة أو أوروبا.
تراجع النفوذ الأمريكي
منذ خريف 2023، دخل الشرق الأوسط في أزمة طويلة أضعفت المواقع الأمريكية المتدهورة أصلاً في المنطقة.
فشل فريق بايدن في التأثير على موقف إسرائيل، أو التفاوض مع إيران، أو تحقيق تقدم في مواجهة الحوثيين.
على مدى السنوات العشر الماضية، خفض البنتاغون بشكل كبير الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، مما جعل من الصعب على واشنطن فرض نفوذها وقوتها في المنطقة.
أظهر الصراع مع الحوثيين حدود قدرات الولايات المتحدة. ففي الماضي، كانت لدى أمريكا القوة والقدرة على خوض حروب كبرى في الشرق الأوسط، أما الآن، فلا تستطيع سوى إرسال حاملات طائرات وقصف بعض الأهداف دون تحقيق أي تأثير سياسي يذكر.
هناك أيضًا أدوات اقتصادية وعقوبات، لكنها تفقد فعاليتها تدريجياً، خاصة وأن الصين أصبحت الشريك التجاري الرئيسي لمعظم دول الشرق الأوسط.
عودة ترامب وإستعادة العلاقات
بعد توليه السلطة، وضع فريق ترامب هدفًا واضحًا وهو إستعادة العلاقات مع الشرق الأوسط وعودة النفوذ الأمريكي السابق في المنطقة.
يتمتع ترامب بعلاقات شخصية جيدة مع قادة الممالك الخليجية، الذين إستقبلوه بحفاوة، على عكس زيارات بايدن. كما أن هذه الدول تعلمت كيفية التعامل مع الرئيس الأمريكي الحالي.
على سبيل المثال، يهتم ترامب كثيرًا بالصورة الإعلامية المبهرجة، لذا وعدته هذه الدول بإستثمارات ضخمة تصل إلى تريليونات الدولارات، رغم أن أغنى دول الخليج لا تملك مثل هذه الأموال. لكن هذه تفاصيل قد تتغير خلال المفاوضات، حيث قد تنخفض الأرقام الحقيقية للإستثمارات بعشرات المرات.
صفقات أسلحة ووعود غير مضمونة
كانت الصفقة العسكرية الأكبر في التاريخ الأمريكي مع السعودية بقيمة 140 مليار دولار مثالًا واضحًا على هذه الإستراتيجية. حيث وعدت واشنطن الرياض بأنظمة دفاع جوي وصواريخ وقنابل.
لكن يمكن تذكّر أن ترامب وقّع عام 2017 صفقة أسلحة مماثلة مع السعوديين بقيمة 100 مليار دولار، ولم يُنفذ منها سوى الثلث حتى الآن. ومن المرجح أن تواجه الصفقات الجديدة مصيرًا مشابهًا، خاصة أن الصناعة العسكرية الأمريكية تعاني من صعوبات كبيرة في إنتاج أسلحة جديدة.
فالإنتظار للحصول على بطاريات "باتريوت"، على سبيل المثال، يستغرق من 5 إلى 7 سنوات، حيث يتم إنتاج 300 صاروخ فقط سنويًا. وقد تُقدّم السعودية في قائمة المستلمين، مما يعني تأخير تسليم الأسلحة لأوروبا وأوكرانيا.
كما تواجه صفقة بيع 200 طائرة "بوينغ" إلى قطر مشاكل مماثلة، حيث تواجه الشركة الأمريكية صعوبات في الإنتاج بعد الفضائح المتعلقة بأعطال طائراتها.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن ترامب قبل هدية من قطر — طائرة رئاسية جديدة — لأن "بوينغ" عاجزة حتى عن تنفيذ العقود الحكومية ذات الأولوية. ففي عام 2024، بلغت خسائرها مستوى قياسيًا وصل إلى 12 مليار دولار، مما يجعل إنقاذها مسؤولية جماعية.
تغيير الموقف من إسرائيل
من المفاجئ أن إسرائيل لم تكن ضمن الدول التي زارها ترامب هذه المرة.
في ولايته الأولى، عمل ترامب بشكل وثيق مع اللوبي الإسرائيلي ونفذ كل ما طلبه منه بنيامين نتنياهو، بما في ذلك الإعتراف بمرتفعات الجولان المحتلة ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
لكن العلاقات بين ترامب ونتنياهو تدهورت منذ عام 2020، حيث لم يغفر الجمهوريون لنتنياهو إعترافه المبكر بفوز بايدن في إنتخابات ذلك العام.
كما أن الرأي العام الأمريكي أصبح أكثر إنتقادًا لإسرائيل ونتنياهو بسبب الحرب على غزة، لذا يحاول ترامب الآن تقديم نفسه كسياسي أكثر حيادية تجاه إسرائيل.
فقد منع البيت الأبيض نتنياهو من ضرب إيران، وهو موقف أقرب إلى ما تريده ممالك الخليج، التي تدعو إلى التفاوض وإبرام صفقة نووية جديدة مع طهران.
إستثمارات مقابل قرارات سياسية
بالنسبة للسعودية والإمارات وقطر، فإن الإستثمارات الموعودة لترامب هي أيضًا وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية في المستقبل.
فقد رفعت واشنطن بالفعل العقوبات المفروضة على ممالك الخليج في مجال الرقائق الإلكترونية، كما أُبعد الصقور المعادون لإيران، مثل مستشار الأمن القومي السابق مايك وولتز، عن مناصبهم.
كما خفتت مخاوف حرب كبرى مع إيران، التي كانت ممكنة في فبراير-مارس الماضي، رغم أن الكثير سيعتمد على المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران.
يبدو أن ترامب يرغب في تحقيق أي إتفاق مع إيران خلال المئة يوم الثانية من رئاسته (أي قبل نهاية الصيف)، وإعتباره إنتصارًا كبيرًا له، حتى لو كان مجرد إعادة لإتفاقيات عهد أوباما التي إنسحب منها سابقًا.
الهدف الرئيسي هو تحقيق تخفيف التصعيد، وإحتواء الإنقسام الأمريكي الذي تفاقم بسبب حروب الشرق الأوسط، وتحسين شعبيته قليلاً.
الخلاصة: تراجع النفوذ الأمريكي
لكن حتى لو حقق ترامب نجاحًا تكتيكيًا، فمن غير المرجح أن يتمكن من عكس تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.
فالبنتاغون لا يستطيع زيادة إنتشار قواته في المنطقة، حيث إن أولوياته تتجه إلى أماكن أخرى.
أما دول الشرق الأوسط، فهي مصممة على التعامل مع العالم بأسره. صحيح أن بعضها قد تكون له علاقات جيدة مع ترامب، لكنه لن يبقى إلى الأبد — ففي عام 2029، قد يعود الديمقراطيون إلى السلطة في الولايات المتحدة ويعاودون الضغط على هذه الدول بالعقوبات.
في الوقت الحالي، يبدو بناء العلاقات مع ترامب خيارًا عمليًا، لكن ممالك الخليج لن تتبع السياسة الأمريكية في كل شيء كما كانت في الماضي. ------ **مالك دوداكوف مؤسسة الثقافة الاستراتيجية نبذة عن الكاتب: مالك دوداكوف هو محلل سياسي وكاتب متخصص في الشؤون الدولية، وخاصة القضايا الجيوسياسية والاستراتيجية. يعمل ضمن "مؤسسة الثقافة الاستراتيجية"، وهي منظمة بحثية تهتم بتحليل التوجهات العالمية وتأثيرها على موازين القوى، مع تركيز خاص على العلاقات الدولية والأمن والاقتصاد السياسي.
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العيد 80 للنصر - الجزء العشرون - أساطير الرايخ الثالث: النظر
...
-
طوفان الأقصى 596 - زيارة ترامب إلى دول الخليج - ملف خاص
-
طوفان الأقصى 596 - زيارة ترامب إلى دول الخليج - ملف خاص
-
العيد 80 للنصر - الجزء التاسع عشر - من أساطير الرايخ الثالث
...
-
طوفان الأقصى 595 – ترامب في الإمارات
-
العيد 80 للنصر - الجزء الثامن عشر - من الذي رعَى النازية في
...
-
طوفان الأقصى 594 - ترامب في قطر
-
العيد 80 للنصر - الجزء السابع عشر – أدولف هتلر: صُنع في أورو
...
-
طوفان الأقصى 593 - ترامب في السعودية
-
العيد 80 للنصر - الجزء السادس عشر - جذور الحرب العالمية الثا
...
-
طوفان الأقصى 592 – ترامب – نتنياهو: لا شيء شخصي...إسرائيل تت
...
-
العيد 80 للنصر – الجزء الخامس عشر – من أوصل هتلر إلى السلطة؟
-
طوفان الأقصى 591 - ترامب يُعدّ -طرد- نتنياهو
-
العيد 80 للنصر – الجزء الرابع عشر – لماذا أجلت بريطانيا والو
...
-
طوفان الأقصى 590 – لماذا يخشى اليهود الصهيونية؟ دروس من الحر
...
-
العيد 80 للنصر – الجزء الثاني عشر – الإتحاد السوفياتي عشية ا
...
-
طوفان الأقصى 589 - ترامب يهمّش نتنياهو في الشرق الأوسط... وي
...
-
العيد 80 للنصر – الجزء الحادي عشر – الإتحاد السوفياتي عشية ا
...
-
طوفان الأقصى 588 – ترامب يسحب البساط السوري من تحت قدمي أردو
...
-
العيد 80 للنصر – الجزء العاشر – الإتحاد السوفياتي عشية الحرب
...
المزيد.....
-
ترامب يعلن دعمه لحلف -الناتو- وهذا ما قاله عن بوتين بعد مهلة
...
-
-موسكو لا تبالي-.. ميدفيديف يرد على تهديدات ترامب لروسيا بشأ
...
-
مشهد -نادر-.. عدسة مصور في السعودية توثق عائلة من حيوانات ال
...
-
بعد دخول القوات الحكومية إلى السويداء.. وزير الدفاع السوري ي
...
-
الجيش الإسرائيلي يأمر سكان غزة وجباليا بإخلاء عاجل، وحماس تت
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 3 جنود في غزة.. ويعترض مسيّرة أطل
...
-
سلسلة غارات استهدفت البقاع في لبنان.. والجيش الإسرائيلي: قصف
...
-
35 مسلحًا من حماس اقتحموا قاعدة -موف داروم- في 7 أكتوبر.. تق
...
-
في يوم تكريم 66 من حاملى راية الكد والمجهود.. عمال مصر يرفضو
...
-
بوتين -أخطأ- في رهانه على ترامب.. ومصر تعزز وجودها العسكري ف
...
المزيد.....
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
-
مغامرات منهاوزن
/ ترجمه عبدالاله السباهي
المزيد.....
|