|
العيد 80 للنصر – الجزء الخامس والعشرون – المجر في الحرب ضد الإتحاد السوفياتي- آخر حليف لهتلر في أوروبا 1-2
زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8359 - 2025 / 5 / 31 - 20:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
*إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف *
ألكسندر سامسونوف كاتب صحفي ومحلل سياسي مؤرخ وخبير عسكري روسي
29 أكتوبر 2014
في 29 أكتوبر 1944، بدأت عملية بودابست الإستراتيجية. إستمرت المعركة الضارية من أجل المجر لمدة 108 أيام. خلال العملية، دمرت قوات الجبهتين الأوكرانيتين الثانية والثالثة 56 فرقة ولواء، وقضت على تجمع معادٍ قوامه حوالي 200 ألف جندي مجري، وحررت المناطق الوسطى من المجر وعاصمتها بودابست. تم إخراج المجر من الحرب العالمية الثانية.
الخلفية التاريخية: المجر على طريق الحرب وفي الحرب العالمية الثانية
في عام 1920، تم إقامة نظام إستبدادي في المجر بقيادة ميكلوش هورتي (السياسي الأدميرال هورتي). قمع الأدميرال السابق والقائد العام للبحرية النمساوية المجرية الثورة في المجر. تحت حكم هورتي، بقيت المجر مملكة، لكن العرش ظل شاغرًا. وهكذا، كان هورتي وصيًا على العرش في مملكة بدون ملك. إعتمد على القوى المحافظة، وقمع الشيوعيين والقوى اليمينية المتطرفة. حاول هورتي عدم تقييد نفسه بأي قوة سياسية، مع التركيز على الوطنية والنظام والإستقرار.
كانت البلاد في أزمة. لم تكن المجر دولة مصطنعة، بل كانت تمتلك تقاليد دولة عريقة، لكن هزيمة الإمبراطورية النمساوية المجرية في الحرب العالمية الأولى حرمت المجر من ثلثي أراضيها (حيث عاش الملايين من المجريين العرقيين إلى جانب السلوفاك والرومانيين) ومعظم البنية التحتية الإقتصادية. فرضت معاهدة تريانون بصمتها على التاريخ المجري ما بعد الحرب (إتفاقيات بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى والمجر المهزومة). حصلت رومانيا على ترانسيلفانيا وجزء من بانات على حساب المجر، بينما حصلت يوغوسلافيا على كرواتيا وباتشكا والجزء الغربي من بانات، كما حصلت تشيكوسلافيا والنمسا على أراضي مجرية.
لتوجيه إستياء الشعب والرغبة في الإنتقام، ألقى هورتي بكل مصائب المجر على الشيوعية. أصبحت معاداة الشيوعية أحد الدعائم الأيديولوجية الرئيسية لنظام هورتي. تم إستكمال ذلك بأيديولوجية قومية-مسيحية رسمية موجهة نحو الطبقات الميسورة. لذلك، في عشرينيات القرن الماضي، لم تتمكن المجر من إقامة علاقات مع الإتحاد السوفياتي. إعتبر هورتي الإتحاد السوفياتي مصدر "الخطر الأحمر الأبدي" للبشرية وعارض إقامة أي علاقات معه. جزء من الأيديولوجية كان الإنتقام revanchism. على سبيل المثال، بمناسبة توقيع معاهدة تريانون، أعلنت المملكة المجرية الحداد الوطني، وتم تنكيس جميع الأعلام الرسمية حتى عام 1938. في المدارس المجرية، كان التلاميذ يقرأون صلاة يومية من أجل لم شمل الوطن قبل الدروس.
في البداية، توجهت المجر نحو إيطاليا، وفي عام 1933 تم إقامة علاقات مع ألمانيا. كانت سياسة أدولف هتلر الرامية إلى مراجعة شروط إتفاقية فرساي تتناسب تمامًا مع بودابست. أرادت المجر نفسها مراجعة نتائج الحرب العالمية الأولى وعارضت شروط معاهدة تريانون. جعل الموقف العدائي لدول "الوفاق الصغير"، التي حصلت على أراضي مجرية وإشتبهت في محاولات بودابست مراجعة نتائج الحرب، وبرودة فرنسا وبريطانيا، التوجه المؤيد لألمانيا حتميًا. في صيف عام 1936، زار هورتي ألمانيا. وجد الزعيم المجري والفوهرر الألماني تفاهمًا بشأن التقارب وتوحيد القوى تحت راية معاداة الشيوعية. إستمرت الصداقة مع إيطاليا. عندما غزت إيطاليا إثيوبيا في عام 1935، رفضت المجر فرض قيود على العلاقات التجارية والإقتصادية مع إيطاليا، كما طالبت عصبة الأمم.
بعد أن إحتلت ألمانيا النمسا، أعلن هورتي عن برنامج تسليح المجر - حيث بلغ عدد الجيش في بداية عام 1938 حوالي 85 ألف شخص فقط. تم تعزيز دفاع البلاد وإعتبر المهمة الرئيسية للمجر. ألغت المجر القيود المفروضة على القوات المسلحة والتي فرضتها معاهدة تريانون. بحلول يونيو 1941، كان لدى المجر جيش قوي: ثلاثة جيوش ميدانية وفيلق متنقل منفصل. كما تطورت الصناعة العسكرية بسرعة.
بعد ذلك، لم يرى هورتي خيارًا آخر سوى مواصلة التقارب مع الرايخ النازي. في أغسطس 1938، زار هورتي ألمانيا مرة أخرى. رفض المشاركة في العدوان على تشيكوسلافيا، محاولًا الحفاظ على إستقلال المجر، لكنه لم يعارض حل المسألة الإقليمية لصالح بودابست بالوسائل الدبلوماسية.
وفقًا لشروط إتفاقية ميونخ، في 29 سبتمبر 1938، إضطرت براغ إلى حل "المسألة المجرية" وفقًا لإتفاق مع بودابست. رفضت الحكومة المجرية خيار منح الحكم الذاتي للمجتمع المجري ضمن تشيكوسلافيا. أجبر التحكيم الفييني الأول في 2 نوفمبر 1938، تحت ضغط إيطاليا وألمانيا، تشيكوسلافيا على التنازل عن المناطق الجنوبية من سلوفاكيا (حوالي 10 آلاف كيلومتر مربع) والمناطق الجنوبية الغربية من روتينيا الكارباتية (حوالي 2 ألف كيلومتر مربع) مع أكثر من مليون نسمة للمجر. لم تقاوم فرنسا وبريطانيا هذا التقسيم الإقليمي.
في فبراير 1939، إنضمت المجر إلى حلف مناهضة الكومنترن وبدأت في إعادة هيكلة الإقتصاد على أسس عسكرية، مما زاد النفقات العسكرية بشكل كبير. بعد إحتلال تشيكوسلافيا بأكملها في عام 1939، تم إحتلال روتينيا الكارباتية، التي أعلنت إستقلالها، من قبل القوات المجرية. أراد هتلر، الذي كان يرغب في ربط المجر بألمانيا بشكل وثيق، أن يعرض على هورتي نقل كامل أراضي سلوفاكيا مقابل تحالف عسكري، لكنه قوبل بالرفض. فضل هورتي في هذه المسألة الحفاظ على الإستقلالية وحل المسألة الإقليمية على أساس عرقي.
في الوقت نفسه، حاول هورتي مواصلة سياسة الحذر، محاولًا الحفاظ على إستقلال المجر النسبي. على سبيل المثال، رفض الوصي المجري المشاركة في الحرب ضد بولندا والسماح للقوات الألمانية بالمرور عبر الأراضي المجرية. بالإضافة إلى ذلك، إستقبلت المجر عشرات الآلاف من اللاجئين من سلوفاكيا وبولندا ورومانيا، بما في ذلك اليهود. بعد أن إستعاد الإتحاد السوفياتي بيسارابيا وبوكوفينا، اللتين استولت عليهما رومانيا بعد سقوط الإمبراطورية الروسية، طالبت المجر بوخارست بإعادة ترانسيلفانيا. دعمت موسكو هذا المطلب باعتباره عادلاً. قرر التحكيم الفييني الثاني في 30 أغسطس 1940، بقرار من إيطاليا وألمانيا، نقل شمال ترانسيلفانيا بمساحة إجمالية تبلغ حوالي 43.5 ألف كيلومتر مربع مع حوالي 2.5 مليون نسمة إلى المجر. لم تكن كل من المجر ورومانيا راضيتين عن هذا القرار. أرادت بودابست الحصول على كل ترانسيلفانيا، بينما لم ترغب بوخارست في التنازل عن أي شيء. أثار هذا التقسيم الإقليمي شهية التوسع لدى القوتين وربطهما أكثر بألمانيا.
على الرغم من أن هورتي كان لا يزال يحاول إبقاء المملكة المجرية بعيدة عن الحرب الأوروبية الكبرى. على سبيل المثال، في 3 مارس 1941، تلقى الدبلوماسيون المجريون تعليمات تنص على ما يلي: "المهمة الأساسية للحكومة المجرية في الحرب الأوروبية حتى نهايتها هي السعي للحفاظ على القوى العسكرية والمادية وموارد البلاد البشرية. يجب أن نمنع بأي ثمن إنجرارنا إلى صراع عسكري... لا يجب أن نخاطر بالبلاد وشبابنا وجيشنا لمصلحة أي شخص، بل يجب أن ننطلق فقط من مصالحنا الخاصة". ومع ذلك، لم يكن من الممكن الحفاظ على هذا المسار، حيث كانت القوى التي دفعت أوروبا إلى الحرب قوية جدًا.
في 20 نوفمبر 1940، وقعت بودابست تحت ضغط برلين على الميثاق الثلاثي، منضمة إلى التحالف العسكري لألمانيا وإيطاليا واليابان. بدأت الصناعة المجرية في تنفيذ الطلبات العسكرية الألمانية. على وجه الخصوص، بدأت المجر في إنتاج الأسلحة الخفيفة لألمانيا. في أبريل 1941، شاركت القوات المجرية في العدوان على يوغوسلافيا. إنتحر رئيس وزراء المجر بال تيليكي، الذي حاول منع جر البلاد إلى الحرب. في رسالته الوداعية إلى هورتي، كتب: "لقد أصبحنا ننكث باليمين"، لأنه لم يتمكن من منع البلاد من "الوقوف إلى جانب الأوغاد". بعد هزيمة يوغوسلافيا، حصلت المجر على شمال البلاد: باتشكا (فويوفودينا)، بارانيا، مقاطعة ميديموريه وبريكموريه.
الحرب ضد الإتحاد السوفياتي
أخفى هتلر حتى اللحظة الأخيرة عن القيادة العسكرية والسياسية المجرية خططه تجاه الإتحاد السوفياتي. حتى في أبريل 1941، أكد هتلر ل هورتي أن العلاقات بين ألمانيا والإتحاد السوفياتي "مهذبة للغاية" وأن الرايخ لا يتهدده أي شيء من الشرق. بالإضافة إلى ذلك، توقعت القيادة الألمانية "حربًا خاطفة" في الشرق، لذلك لم تأخذ المجر في الإعتبار. مقارنة بالفيرماخت، كان الجيش المجري ضعيفًا ومجهزًا تقنيًا بشكل سيئ، ولم يكن قادرًا على تعزيز الضربة الأولى والحاسمة، كما إعتقدوا في برلين. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن الفوهرر الألماني لم يكن واثقًا من ولاء القيادة المجرية الكامل ولم يرغب في مشاركتها خططه السرية.
ومع ذلك، عندما بدأت الحرب، قامت برلين بمراجعة خططها بشأن مشاركة المجر في الحرب. في الواقع، كان جزء من القيادة المجرية يتوق أيضًا إلى المشاركة في تقسيم "جلد الدب الروسي". حزب "الصليب السهمي" المجري النازي، على الرغم من منعه بإنتظام، حظي بدعم جماهيري في المجتمع، بما في ذلك في الأوساط العسكرية، وطالب بمشاركة البلاد في الحرب ضد الإتحاد السوفياتي. طالب العسكريون المجريون، الذين تذوقوا النصر في الحرب ضد يوغوسلافيا وكانوا تحت إنطباع النجاحات العسكرية للفيرماخت في أوروبا، بالمشاركة في الحرب. في ربيع عام 1941، طالب رئيس الأركان العامة المجري الجنرال هنريك فيرت من الوصي على العرش هورتي ورئيس الوزراء لاسلو باردوسي بأن يطرحا على ألمانيا مسألة المشاركة الحتمية للجيش المجري في "الحملة الصليبية" ضد الإتحاد السوفياتي. لكن هورتي كان ينتظر، وكذلك الحكومة.
دخلت المجر الحرب بعد حادثة 26 يونيو 1941، عندما قصفت طائرات قاذفة مجهولة مدينة كوشيتسه المجرية. وفقًا لإحدى الروايات، إرتكب الطيران السوفياتي خطأ وكان من المفترض أن تقصف مدينة بريشوف السلوفاكية (دخلت سلوفاكيا الحرب ضد الإتحاد السوفياتي في 23 يونيو)، أو أن القيادة السوفياتية لم تشك في الإختيار المستقبلي للمجر، أو ربما كانت الضربة عرضية بسبب الفوضى في إدارة القوات في بداية الحرب. وفقًا لرواية أخرى، دبر الألمان أو الرومانيون الإستفزاز لجر المجر إلى الحرب. في نفس اليوم، تلقت الأركان العامة للجيش المجري عرضًا من القيادة العليا الألمانية للإنضمام إلى الحرب ضد الإتحاد السوفياتي. نتيجة لذلك، أعلنت المجر الحرب على الإتحاد السوفياتي. فتحت المجر أراضيها لعبور المواد الحربية من ألمانيا وإيطاليا. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت المملكة المجرية خلال الحرب قاعدة زراعية للرايخ الثالث.
في نهاية يونيو – بداية يوليو 1941، تم إرسال مجموعة الكاربات إلى الجبهة الشرقية: فيلق كوشيتسه الثامن (اللواء الجبلي الأول ولواء الحدود الثامن) تحت قيادة الفريق فيرينتس سومباتيهي والفيلق المتنقل (لواءان آليان ولواء فرسان واحد) بقيادة الجنرال بيلا ميكلوش . تم إلحاق القوات المجرية بالجيش الألماني السابع عشر ضمن مجموعة جيوش "الجنوب". في بداية يوليو، دخل الجنود المجريون في قتال مع الجيش السوفياتي الثاني عشر. ثم شاركت القوات المجرية في معركة أومان .
في سبتمبر 1941، تم نقل عدة فرق مجرية أخرى إلى الإتحاد السوفياتي. تم إستخدامهم لحماية خطوط الإتصال ولمحاربة التشكيلات الحزبية في أوكرانيا، ومناطق سمولينسك وبريانسك. يجب القول إن المجريين "تميزوا" بسلسلة من الفظائع في تشيرنيغوف وبريانسك وقرب فورونيج، حيث شكر الجنود المجريون "الله" على أنهم يستطيعون المشاركة في تدمير "العدو السلافي واليهودي" وقتلوا بلا رحمة الشيوخ والنساء والأطفال. إرتكب المجريون فظائع مماثلة في الأراضي المحتلة من يوغوسلافيا. في فويفودينا الصربية، إرتكب جنود فيلق ساغاد بقيادة الجنرال فيكتهالمي (رئيس الأركان العامة المستقبلي للجيش المجري) مذبحة. لم يتم إعدام الصرب واليهود بالرصاص، بل تم إغراقهم في نهر الدانوب وقطعهم بالفؤوس.
لهذا السبب، فإن النصب التذكاري للجنود المجريين الذي تم تشييده في أرض فورونيج في قرية رودكينو، وكذلك المقابر التذكارية للغزاة الأجانب في قرى أخرى في أرض فورونيج، حيث إرتكب المجريون-الماديار أكبر الفظائع، هو تدنيس حقيقي لذكرى الجنود السوفيات وخيانة للحضارة الروسية. هذا هو التطبيق التدريجي لبرامج التسامح السياسي واللياقة السياسية المعادية.
بحلول بداية عام 1942، زاد عدد الجنود المجريين في الإتحاد السوفياتي إلى 200 ألف شخص، وتم تشكيل الجيش المجري الثاني. سرعان ما دفع المجريون ثمن فظائعهم. خلال الهجوم المضاد للقوات السوفياتية في معركة ستالينغراد، تم تدمير الجيش المجري تقريبًا. خسر الجيش المجري 145 ألفًا بين قتيل وأسير (تم إبادة معظمهم مثل الكلاب المسعورة، حيث لم يكن أجدادنا يتسامحون مع الأشرار) ومعظم الأسلحة والمعدات. توقف الجيش المجري الثاني عمليًا عن الوجود كوحدة قتالية. بعد ذلك، لم يقم أدولف هتلر بوضع القوات المجرية في المواقع الأمامية لفترة طويلة، حيث قام المجريون الآن بمهام خلفية في أوكرانيا. في غضون ذلك، قام هورتي، القلق بشأن المصير المستقبلي للمجر، بتغيير حكومة باردوسي بحكومة كالاي . واصل ميكلوش كالاي سياسة تزويد ألمانيا بكل ما يلزم، لكن في الوقت نفسه بدأ المجريون في البحث عن إتصالات مع القوى الغربية. على سبيل المثال، تعهدت بودابست بعدم إطلاق النار على الطائرات الأنجلو-أمريكية فوق المجر. في المستقبل، وعدت الحكومة المجرية بالإنتقال إلى جانب الحلفاء، بعد غزو القوى الغربية للبلقان. ومع ذلك، رفضت بودابست إجراء مفاوضات مع الإتحاد السوفياتي. بالإضافة إلى ذلك، أقام المجريون إتصالات مع حكومات بولندا وتشيكوسلافيا المنفية، محاولين الحفاظ على المكاسب الإقليمية لما قبل الحرب. كما أجريت محادثات مع سلوفاكيا، التي كان عليها أيضًا الإنتقال إلى جانب الحلفاء، بعد إنتقال المجر إلى جانب إنجلترا والولايات المتحدة.
محاولة المجر للخروج من الحرب
في عام 1944، تفاقم الوضع بشكل حاد. تعرض الفيرماخت والجيش الروماني لهزائم قاسية على الجبهة الجنوبية الإستراتيجية. طالب هتلر من هورتي إجراء تعبئة عامة. تم تشكيل الجيش المجري الثالث في المجر. لكن هورتي ظل متمسكًا بخطه، حيث أصبحت حتمية هزيمة ألمانيا، وبالتالي المجر، واضحة له. تميز الوضع الداخلي للبلاد بتصاعد الصعوبات الإقتصادية والإجتماعية، وزيادة نفوذ القوى المؤيدة لألمانيا المتطرفة.
شك هتلر في موثوقية بودابست، وأجبر هورتي في مارس 1944 على الموافقة على دخول القوات الألمانية، ومعها قوات SS، إلى المجر. تم تشكيل حكومة موالية لألمانيا بقيادة دومي ستوي في المجر. عندما وقع إنقلاب مناهض لألمانيا في رومانيا في 23 أغسطس وإنتقلت رومانيا إلى جانب الحلفاء، أصبح الوضع حرجًا بالنسبة للمجر. في الفترة من 30 أغسطس إلى 3 أكتوبر 1944، نفذت قوات الإتحاد السوفياتي ورومانيا عملية "بوخارست-أراد" ضد الفيرماخت والجيش المجري (عملية رومانيا). خلال هذه العملية، تم تحرير رومانيا بالكامل تقريبًا من القوات الألمانية المجرية، وإحتل الجيش الأحمر مناطق إنطلاق للهجوم على المجر ويوغوسلافيا. في سبتمبر 1944، عبرت القوات السوفياتية حدود المجر. في وقت لاحق، خلال عملية الكاربات الشرقية (الضربة الستالينية التاسعة: عملية الكاربات الشرقية)، تكبد الجيش المجري الأول خسائر كبيرة، ودمر فعليًا.
على خلفية الهزائم العسكرية، وقعت أزمة حكومية في المجر. حاول هورتي ومقربوه كسب الوقت ومنع دخول القوات السوفياتية إلى المجر، من أجل الحفاظ على النظام السياسي في البلاد. أقال هورتي الحكومة الموالية لألمانيا بقيادة ستوي وعين الجنرال جيزا لاكاتوش رئيسًا للوزراء. كانت الحكومة العسكرية للاكاتوش معادية لألمانيا وحاولت الحفاظ على المجر السابقة. في الوقت نفسه، حاول هورتي مواصلة المفاوضات مع إنجلترا والولايات المتحدة للتوصل إلى هدنة. ومع ذلك، لم يعد من الممكن حل هذه المسألة دون مشاركة الإتحاد السوفياتي. في 1 أكتوبر 1944، إضطرت البعثة المجرية إلى الوصول إلى موسكو. كان الموفدون المجريون مخولين بعقد هدنة مع موسكو، إذا وافقت الحكومة السوفياتية على مشاركة القوات الأنجلو-أمريكية في إحتلال المجر والإخلاء الحر للفيرماخت من الأراضي المجرية.
في 15 أكتوبر 1944، أعلنت الحكومة المجرية عن هدنة مع الإتحاد السوفياتي. ومع ذلك، لم يتمكن هورتي، على عكس ملك رومانيا ميخائيل الأول، من إخراج بلاده من الحرب. تمكن هتلر من الإحتفاظ بالمجر. لم يكن الفوهرر ينوي خسارة آخر حليف له في أوروبا. كانت المجر والنمسا الشرقية ذات أهمية عسكرية إستراتيجية هائلة. حيث تم وضع عدد كبير من المصانع العسكرية ووجد مصدران رئيسيان للنفط، الذي كانت القوات الألمانية في حاجة ماسة إليه. إختطف فريق SS إبن هورتي – ميكلوش (الأصغر) هورتي – في بودابست وأخذه كرهينة. نفذ العملية عضو المغاوير الألماني الشهير أوتو سكورزيني (عملية "فاوست باترون"). تحت تهديد فقدان حياة إبنه، تنازل الوصي المجري عن السلطة وسلمها للحكومة الموالية لألمانيا بقيادة فيرينتس سالاشي . حصل زعيم حزب "الصليب السهمي" النازي على السلطة، وإستمرت المجر في الحرب إلى جانب ألمانيا.
بالإضافة إلى ذلك، أرسل الفوهرر وحدات مدرعة كبيرة إلى منطقة بودابست. تم نشر مجموعة قوية في المجر – مجموعة الجيوش "الجنوب" (الجيشان الألمانيان الثامن والسادس، والجيشان المجريان الثاني والثالث) تحت قيادة يوهانس (هانس) فريسزينر وجزء من قوات مجموعة الجيوش "و".
تم إرسال الأدميرال هورتي إلى ألمانيا، حيث تم وضعه تحت الإقامة الجبرية. تم إرسال إبنه إلى معسكر. إنتقل جزء من العسكريين المجريين بقيادة قائد الجيش المجري الأول الجنرال بيلا ميكلوش إلى جانب الجيش الأحمر. وجه ميكلوش نداءً عبر الراديو إلى الضباط المجريين للإنتقال إلى جانب الإتحاد السوفياتي. في وقت لاحق، سيقود القائد العام الحكومة المجرية المؤقتة. بالإضافة إلى ذلك، بدأ تشكيل وحدات مجرية ضمن الجيش الأحمر. ومع ذلك، إستمر معظم الجيش المجري في الحرب إلى جانب ألمانيا. وقفت القوات المجرية بنشاط ضد الجيش الأحمر خلال عمليات ديبريتسين وبودابست وبالاتون.
سيخسر الجيش المجري الثاني في عملية ديبريتسين، وسيتم دمج بقاياه في الجيش الثالث. سيتم تدمير معظم الجيش المجري الأول خلال المعارك العنيفة في أوائل عام 1945. سيتم تدمير معظم بقايا الجيش المجري الثالث على بعد 50 كم غرب بودابست في مارس 1945. ستتراجع بقايا الوحدات المجرية التي قاتلت إلى جانب الألمان إلى النمسا وتستسلم فقط في أبريل – أوائل مايو 1945 على مشارف فيينا.
يتبع...
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طوفان الأقصى 602 - دونالد ترامب – الصهيوني الأول في أمريكا؟
-
العيد 80 للنصر - الجزء الرابع والعشرون - فضح مزيّفي التاريخ
-
طوفان الأقصى 601 - إسرائيل والولايات المتحدة - نتنياهو يرد ا
...
-
العيد 80 للنصر - الجزء الثالث والعشرون - هل كانت القيادة الس
...
-
طوفان الأقصى 600 - من المستفيد من الصهيونية؟
-
العيد 80 للنصر - الجزء الثاني والعشرون - كيف ومتى اتخذ أدولف
...
-
طوفان الأقصى 599 - ترامب - الشرع - نتنياهو
-
العيد 80 للنصر - الجزء الحادي والعشرون - أساطير الرايخ الثال
...
-
طوفان الأقصى 598 - ترامب في الشرق الأوسط – جولة أعمال أم شيء
...
-
طوفان الأقصى597 - سواليف شرقية - بماذا عاد ترامب من جولته في
...
-
العيد 80 للنصر - الجزء العشرون - أساطير الرايخ الثالث: النظر
...
-
طوفان الأقصى 596 - زيارة ترامب إلى دول الخليج - ملف خاص
-
طوفان الأقصى 596 - زيارة ترامب إلى دول الخليج - ملف خاص
-
العيد 80 للنصر - الجزء التاسع عشر - من أساطير الرايخ الثالث
...
-
طوفان الأقصى 595 – ترامب في الإمارات
-
العيد 80 للنصر - الجزء الثامن عشر - من الذي رعَى النازية في
...
-
طوفان الأقصى 594 - ترامب في قطر
-
العيد 80 للنصر - الجزء السابع عشر – أدولف هتلر: صُنع في أورو
...
-
طوفان الأقصى 593 - ترامب في السعودية
-
العيد 80 للنصر - الجزء السادس عشر - جذور الحرب العالمية الثا
...
المزيد.....
-
-تُبت إلى الله-.. داعية مصري يثير التكهنات حول اعتزال المطرب
...
-
طهران تهدد بالردّ الصارم على أي خطوة إسرائيلية متهورة
-
جولة مفاوضات ثانية في إسطبول بين الروس والأوكرانيين
-
إيران: سنرد على المقترحات الأمريكية وفق مصالحنا الوطنية والت
...
-
السيسي يلتقي وزير خارجية إيران ويحذر من حرب شاملة
-
تركيا تأمل بأن يتم في نهاية المطاف لقاء بين بوتين وزيلينسكي
...
-
غروسي يؤكد دور مصر -الواضح- في محاولة تسوية الملف النووي الإ
...
-
السعودية.. حجّاج من الصين ينظفون شوارع مكة المكرمة
-
مباحثات أمنية بين مديري المخابرات السودانية والإثيوبية في بو
...
-
مغردون: هجوم أوكرانيا على روسيا يستدعي ذكريات بيرل هاربر ومخ
...
المزيد.....
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|