|
العيد 80 للنصر - الجزء السابع والعشرون - فشل مخططات رومانيا العظمى - رومانيا في مواجهة الإتحاد السوفياتي
زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8361 - 2025 / 6 / 2 - 20:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
*إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف *
ألكسندر سامسونوف كاتب صحفي ومحلل سياسي مؤرخ وخبير عسكري روسي
28 يوليو 2011
للأسف، لا يفهم جميع الساسة دروس التاريخ، فالإتحاد السوفياتي قضى ذات مرة على أحلام "رومانيا العظمى" (على حساب أراضينا)، لكن الساسة الرومانيين المعاصرين يحلمون مجددًا بـ"قوة عظمى". ففي 22 يونيو 2011، صرّح الرئيس الروماني ترايان باسيسكو بأنه لو كان رئيسًا لرومانيا عام 1941، لأرسل، مثل أنطونيسكو، جنودًا رومانيين إلى الحرب ضد الإتحاد السوفياتي. ويتماشى هذا التصريح تمامًا مع روح كراهية روسيا الذي ميّز النخب الأوروبية لعقود طويلة.
خلفية تاريخية
بعد الحرب العالمية الأولى، التي حاربت فيها رومانيا أولاً إلى جانب دول الوفاق ثم إلى جانب ألمانيا، إستولت بوخارست على أراضي تابعة للإمبراطورية الروسية - وهي بيسارابيا. بعد هزيمة ألمانيا، عادت بوخارست وإنضمت مجدداَ إلى دول الوفاق، وشاركت في الحرب ضد المجر السوفيتية عام 1919. وحتى قبل هذه الحرب، في عام 1918، إستغل الرومانيون إنهيار الإمبراطورية النمساوية المجرية، فاستولوا على ترانسيلفانيا من المجريين.
"رومانيا الكبرى" في عشرينيات القرن الماضي.
بعد ذلك، إتجهت رومانيا نحو لندن وباريس، وإنضمت إلى ما يُسمى "الوفاق الصغير". لذلك، عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، وهاجمت ألمانيا بولندا، حافظت بوخارست على علاقات شراكة مع فرنسا. ولكن بعد أن بدأت ألمانيا النازية مسيرتها المنتصرة عبر أوروبا، وإستيلاء الفيرماخت على باريس، إنضمت بوخارست إلى الرايخ الثالث، القوة العظمى. لم يُنقذ هذا رومانيا من خسائر إقليمية، بل كان لا بد من التراجع عن الأراضي التي إستولت عليها بعد الحرب العالمية الأولى، بل إنهارت "رومانيا الكبرى": طالب الإتحاد السوفياتي بإستعادة بيسارابيا، وفي 27 يونيو/حزيران 1940، وضع الجيش في حالة تأهب قتالي، وقرر مجلس التاج الروماني عدم المقاومة. في 28 يونيو/حزيران، عبر الجيش الأحمر الحدود، محتلاً بيسارابيا وشمال بوكوفينا. أصبحت معظم هذه الأراضي جزءًا من جمهورية مولدوفا السوفياتية الإشتراكية في 2 أغسطس/آب 1940، وجزء منها أصبح جزءًا من جمهورية أوكرانيا السوفياتية الإشتراكية. إستغلت المجر هذا الوضع، فبعد مطالبتها بإستعادة ترانسيلفانيا، وبوساطة برلين، إضطرت رومانيا، بعد التحكيم الثاني في فيينا، إلى التخلي عن نصف هذه الأراضي - ترانسيلفانيا الشمالية. إضطرت رومانيا للإستسلام لحليف آخر لبرلين - بلغاريا. ووفقًا لمعاهدة كرايوفا للسلام المبرمة في 7 سبتمبر 1940، مُنح البلغار منطقة جنوب دوبروجا، التي حصلت عليها رومانيا بعد حرب البلقان الثانية عام 1913.
رومانيا بعد التنازلات الإقليمية عام 1940
بالنسبة لرومانيا، تسببت هذه الأحداث في أزمة سياسية - منذ سبتمبر 1940، إنتقلت السلطة في الدولة إلى حكومة المارشال أيون أنطونيسكو، الذي أصبح فعليًا ديكتاتورًا مطلقًا. في الوقت نفسه، ظلت رومانيا رسميًا ملكية. في 6 سبتمبر 1940، أُجبر الملك الروماني كارول الثاني، تحت ضغط الرأي العام، على التنازل عن عرش رومانيا لصالح إبنه ميهاي، وفرّ هو وزوجته إلى يوغوسلافيا. أخيرًا، سلكت الحكومة الجديدة مسارًا نحو التحالف مع الرايخ الثالث، مُخططةً لإستعادة "رومانيا الكبرى" على حساب الإتحاد السوفياتي. في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1940، إنضمت رومانيا إلى حلف برلين. لم يكتفِ السياسيون الرومانيون بالتخطيط للإستيلاء على بيسارابيا، بل ضمّ الأراضي حتى نهر بوه الجنوبي أيضًا، وكان أكثرهم تطرفًا يرى أن الحدود يجب أن تُرسم على طول نهر الدنيبر، بل وأبعد من ذلك شرقًا، مُنشئين، على غرار ألمانيا، "مساحةً حيويةً" خاصة بهم، أي "إمبراطورية رومانية".
بداية الحرب ضد الإتحاد السوفياتي
وصلت مجموعة ألمانية قوامها نصف مليون جندي إلى رومانيا في يناير/كانون الثاني 1941، بذريعة حماية نظام أنطونيسكو من "الحرس الحديدي" (منظمة سياسية يمينية متطرفة تأسست عام 1927، بقيادة كورنيليو زيليا كودريانو، الذي تعاون معه أنطونيسكو في البداية، ثم إنفصلا). في نوفمبر/تشرين الثاني، نظّمت هذه المجموعة موجة من الإغتيالات السياسية والإرهاب والمذابح ضد اليهود، وفي يناير/كانون الثاني، ثار الفيلق. ظنّ قائدهم، هوريا سيما، أن الرايخ الثالث سيدعمهم، لكن هتلر فضّل دعم نظام أنطونيسكو. في الوقت نفسه، وصل مقر قيادة الجيش الألماني الحادي عشر، وسيطر الألمان على حقول النفط، وأولى هتلر أهمية كبيرة لهم.
لم يكن الجيش الروماني بمفرده قوة ذات شأن، والأسباب الرئيسية هي: ضعف التسليح، ونقص المركبات المدرعة (إستخدمت القيادة الألمانية على نطاق واسع المعدات والأسلحة التي تم الإستيلاء عليها لتسليح الرومانيين - حتى قبل الحرب بدأوا في توريد الأسلحة للجيش البولندي، ثم الأسلحة السوفياتية وحتى الأمريكية)، والقدرات القتالية المنخفضة للجنود الرومانيين أنفسهم. في مجال القوات الجوية، تم تغطية نصف إحتياجاتهم من قبل مصنع طائرات IAR Braşov في براشوف، وكان أحد أكبر مصانع الطائرات في جنوب شرق أوروبا، حيث عمل هناك حوالي 5 آلاف شخص. أنتج النماذج عديدة من طائرات IAR. تمت تغطية الإحتياجات المتبقية من قبل المنتجات الأجنبية - الطائرات الفرنسية والبولندية والإنجليزية والألمانية. لم يكن لدى البحرية الرومانية سوى عدد قليل من الوحدات القتالية (بما في ذلك 7 مدمرات وزوارق طوربيد و19 زورقًا حربيًا وقوارب) لا تشكل تهديدًا لأسطول البحر الأسود التابع للإتحاد السوفياتي. كان جزء كبير من الوحدات البرية عبارة عن ألوية وفرق من سلاح الفرسان.
مع بداية الحرب ضد الإتحاد السوفياتي، تم حشد قوات قوامها 600 ألف جندي على الحدود، تضم الجيش الألماني الحادي عشر، أجزاء من الجيش الألماني السابع عشر، والجيشين الرومانيين الثالث والرابع. وفقًا للبيانات الرومانية، في يوليو 1941، قاتل على الجبهة الشرقية ضد الإتحاد السوفياتي 342 ألف جندي وضابط روماني. كما هو الحال مع دول أخرى أو منظمات موالية للفاشية في البلدان المحتلة، أعلنت رومانيا هذه الحرب "مقدسة"، حيث قيل للجنود والضباط الرومان إنهم ينفذون مهمتهم التاريخية لـ"تحرير إخوانهم" (مشيرين إلى بيسارابيا) ويحمون "الكنيسة والحضارة الأوروبية من البلشفية".
في الساعة 3:15 صباحًا يوم 22 يونيو 1941، هاجمت رومانيا الإتحاد السوفياتي. بدأت الحرب بضربات جوية رومانية على الأراضي السوفياتية - جمهورية مولدافيا الإشتراكية السوفياتية، ومناطق تشيرنوفتسي وأككرمان في أوكرانيا، وشبه جزيرة القرم. بالإضافة إلى ذلك، بدأ قصف مدفعي من الضفة الرومانية لنهر الدانوب والضفة اليمنى لنهر بروت للمناطق السوفياتية الحدودية. في نفس اليوم، عبرت القوات الرومانية الألمانية أنهار بروت ودنيستر والدانوب. لكن خطة الإستيلاء على رؤوس الجسور لم تنجح بالكامل، حيث قام حرس الحدود السوفياتي، بدعم من وحدات الجيش الأحمر، بالقضاء على جميع رؤوس الجسور المعادية تقريبًا في الأيام الأولى، باستثناء سكولين.
قاوم الغزو قوات حرس الحدود، والجيوش السوفياتية التاسع والثاني عشر والثامن عشر، وأسطول البحر الأسود. في 25-26 يونيو، إستولى حرس الحدود (الكتيبة 79) ووحدات من فرق المشاة 51 و25 على رأس جسر داخل الأراضي الرومانية، ولم تتمكن القوات الرومانية من القضاء عليه. في النهاية، إنسحبت القوات السوفياتية من الأراضي الرومانية بشكل مستقل خلال التراجع العام في يوليو.
القوات الرومانية الألمانية في 22 يونيو 1941 على نهر بروت
في نفس الوقت، ومع نهاية يونيو، شكل الألمان في شمال غرب رومانيا مجموعة هجومية قوية إستعدادًا لعملية تطويق القوات السوفياتية. في 2 يوليو، بدأ الجيش الألماني الحادي عشر والجيش الروماني الرابع هجومًا في منطقة بيلتس. توقعت القيادة السوفياتية هذا الهجوم، لكنها أخطأت في تحديد مكان الضربة الرئيسية للعدو، حيث توقعوها في إتجاه موغيلوف-بودولسكي، على بعد 100 كم شمال بيلتس. بدأت القيادة السوفياتية إنسحابًا تدريجيًا لتجنب التطويق: في 3 يوليو تم التخلي عن جميع المواقع على نهر بروت، وفي 7 يوليو (بعد قتال إستمر من 4 يوليو) تم التخلي عن خوتين، وفي منتصف يوليو تم التخلي عن بوكوفينا الشمالية، وفي 13 يوليو بدأت معارك كيشيناو - التي سقطت في 16 يوليو، وفي 21 يوليو تركت القوات السوفياتية بيندير، التي دخلها الرومان في 23 يوليو.
بحلول ذلك الوقت، كانت كل من بيسارابيا وبوكوفينا تحت سيطرة القوات الألمانية الرومانية، وإنتقل خط الجبهة إلى نهر دنيستر. في 27 يوليو، شكر هتلر أنطونيسكو على قراره القتال إلى جانب ألمانيا وهنأه بـ"إستعادة الأقاليم". كانت النتيجة الإيجابية للمعارك الحدودية إفشال خطط القيادة الألمانية لتطويق وتدمير قوات الجيش الأحمر بين نهري بروت ودنيستر.
معركة أوديسا
قبل أنطونيسكو عرض هتلر بمواصلة العمليات العسكرية عبر دنيستر: في 3 أغسطس، عبر الجيش الروماني الرابع بقيادة نيكولاي تشوبركا (قوامه 340 ألف جندي) نهر دنيستر عند مصبه، وفي 8 أغسطس تلقى أوامر بمهاجمة القوات السوفياتية في الجنوب. لكن أسطول البحر الأسود عرقل هذه الخطط، لذا قام الرومان في 13 أغسطس بتطويق المدينة من الشمال، مما قطع إتصالاتها البرية بالكامل. في 4 أغسطس، تلقت حامية أوديسا أوامر من القيادة العليا السوفياتية بالدفاع عن المدينة - وكان عدد الحامية في البداية 34 ألف جندي.
في 15 أغسطس، شنت القوات الرومانية هجومًا بإتجاه بولدنكي وسيتشافكا، لكن الهجوم فشل. في 17 و18 أغسطس، هاجموا على طول محيط الخطوط الدفاعية، وفي 24 أغسطس تمكنت القوات الرومانية من الوصول إلى المدينة نفسها، لكنها أوقفت بعد ذلك. حاول العدو كسر المقاومة بضربات جوية، حيث كانت الأهداف الرئيسية هي الميناء والطرق البحرية للمدينة لقطع إمدادات الحامية السوفياتية. لكن سلاح الجو الروماني والألماني لم يكن لديه ألغام بحرية غير متصلة، لذا فشلوا في حظر الإمدادات البحرية.
في 5 سبتمبر، أوقف الجيش الروماني الهجوم، وفي 12 سبتمبر، بعد وصول التعزيزات، استأنف محاولاته للإستيلاء على المدينة. في 22 سبتمبر، شنت القوات السوفياتية (الفرق 157 و421 للمشاة، بالإضافة إلى فوج المشاة البحري الثالث) هجومًا مضادًا على الجناح الأيسر، مما تسبب في خسائر فادحة للرومان ووضع الجيش الروماني الرابع على حافة الإنهيار. طالبت القيادة الرومانية بتعزيزات وبدأت في التشكيك في جدوى الحصار. في النهاية، قررت موسكو سحب قواتها - حيث تراجع الجيش الأحمر شرقًا، وفقدت أوديسا قيمتها الإستراتيجية. تم الإنسحاب بنجاح دون خسائر، تاركين المدينة دون هزيمة. تكبد الجيش الروماني خسائر كبيرة - 90 ألفًا بين قتلى ومفقودين وجرحى، أكثر من ربعهم من الضباط. بينما بلغت الخسائر السوفياتية أكثر من 16 ألفًا.
الإرهاب وسياسة المحتلين
في الأراضي الرومانية والمناطق المحتلة من الإتحاد السوفياتي، شن الرومان سياسة إبادة جماعية وإرهاب ضد الغجر واليهود و"البلاشفة". دعم أنطونيسكو سياسة هتلر "النقاء العرقي" ورأى ضرورة "تطهير" أراضي "رومانيا الكبرى" من "البلشفية" و"الأعراق غير النقية". قال: "لن أحقق شيئًا إذا لم أطهر الأمة الرومانية. ليست الحدود، بل التجانس العرقي والنقاء هم من يعطون القوة للأمة: هذا هدفي الأسمى".
وضعت خطة لإبادة جميع يهود رومانيا. كان من المقرر أولاً "تطهير" بوكوفينا وبيسارابيا وترانسنيستريا، ثم يهود رومانيا نفسها، وكان عددهم في هذه المناطق حوالي 600 ألف. بدأ إنشاء غيتوات (مثل غيتو كيشيناو) ومعسكرات إعتقال، أكبرها في فيرتيوجاني وسيكوريني وإيدينتسي. لكن أول الضحايا كانوا الغجر، حيث إعتقل 30-40 ألفًا، وقُتل خلال الحرب حوالي 300 ألف غجري.
ثم تقرر ترحيل الغجر واليهود بالكامل من معسكرات الإعتقال في بيسارابيا وبوكوفينا إلى معسكرات ترانسنيستريا، عبر نهر دنيستر. ووُضعت خطة وطرق خاصة لهذه الترحيلات الجماعية لليهود والغجر، وسُميت مسيراتهم السير على الأقدام بـ"مسيرات الموت": فقد ساروا في الشتاء، وكان يتم إعدام المتخلفين والعاجزين عن السير على الفور. كل 10 كيلومترات كانت تُحفر حفر لدفن جثث الضحايا.
كانت معسكرات ترانسنيستريا مكتظة، ومات عدد هائل من الناس بسبب الجوع والبرد والأمراض قبل إعدامهم. وأصبحت منطقة جولتا تُعرف بـ"مملكة الموت"، حيث كانت تقع أكبر معسكرات الإعتقال الرومانية - بوغدانوفكا، ودومانيفكا، وأكماشيتكا، ومستوفوي. في شتاء 1941-1942، نفذت عمليات إعدام جماعية واسعة النطاق في هذه المعسكرات، حيث أعدم الجلادون في غضون أيام قليلة 40 ألف سجين، بينما أُحرق 5 آلاف أحياء في بوغدانوفكا. ووفقًا لبعض التقديرات، قُتل خلال هذه الفترة وحدها 250 ألف يهودي.
في الأراضي المحتلة، أُنشئت محافظات: محافظة بوكوفينا (تحت إدارة ريوسيانو، وعاصمتها تشيرنوفتسي)، محافظة بيسارابيا (تحت حكم فويكوليسكو، وعاصمتها كيشيناو)، وترانسنيستريا (تحت حكم أليكسيانو، وعاصمتها تيراسبول ثم أوديسا).
في هذه المناطق، طُبقت سياسة الإستغلال الإقتصادي ورومنة السكان. طالب الديكتاتور أنطونيسكو السلطات الرومانية المحلية بالتصرف كما لو أن "سلطة رومانيا ستستمر في هذه الأراضي لمليوني عام". صودرت جميع ممتلكات الإتحاد السوفياتي وسلمت للإدارة والجمعيات التعاونية الرومانية، وسُمح بإستخدام العمالة القسرية المجانية، وفُرضت عقوبات بدنية على العمال.
أُجبر أكثر من 47 ألف شخص على العمل القسري في ألمانيا، وصودر الماشية لصالح الجيش الروماني. فُرضت حصص غذائية، وصودر كل ما زاد عن ذلك. تمت عملية "إزالة الروسنة" - حيث صودرت الكتب الروسية ودُمّرت، وحُظر إستخدام اللغة الروسية واللهجة الأوكرانية في المجالين الحكومي والتجاري.
خضعت المؤسسات التعليمية لعملية رومنة، حتى أن الأسماء الروسية غُيرت إلى أسماء رومانية: إيفان أصبح إيون، دميتري أصبح دوميترو، ميخائيل أصبح ميهاي، وهكذا. هذه السياسة تُستخدم اليوم من قبل "النخبة" الأوكرانية في عملية "أكرنة" روسيا الصغرى.
المزيد من العمليات العسكرية وهزيمة القوات الرومانية
دفع الشعب الروماني ثمناً باهظاً لأخطاء نخبته السياسية. رغم الأراضي الشاسعة التي إحتلوها، لم تسحب بوخارست قواتها من الجبهة وإستمرت في الحرب.
شارك الجيش الروماني الثالث في معركة أومان، وعندما وصل الرومان إلى نهر دنيبر، فقدوا حوالي 20 ألف جندي إضافي. شاركت الوحدات الرومانية في غزو القرم، وفي معركة سيفاستوبول، حيث خسروا حوالي 20 ألفًا آخرين.
بشكل عام، أظهرت بعض وحدات الجيش الروماني كفاءة قتالية عالية، خاصة بدعم من الفيرماخت، وأحيانًا أبدت صمودًا مدهشًا في القتال، مثل الفرقة الجبلية الرابعة خلال معركة سيفاستوبول.
لكن أكبر الخسائر تكبدتها القوات الرومانية في معركة ستالينغراد، حيث فقدت أكثر من 158 ألف جندي، وأسر 3 آلاف. خسرت القوات الجوية الرومانية 73 طائرة خلال المعركة. من أصل 18 فرقة رومانية متمركزة في الجنوب، دمرت 16 فرقة بالكامل.
إجمالاً، خسرت رومانيا 800 ألف شخص خلال الحرب، منهم 630 ألفًا على الجبهة الشرقية (بينهم 480 ألف قتيل). هذه الأرقام تظهر مدى إنخراط الشعب الروماني في هذه الحرب وحلمه بـ"رومانيا الكبرى".
كان عام 1944 نهاية مأساوية لرومانيا الفاشية: خلال معارك كوبان وتامان، تمكنت القيادة الألمانية من إخلاء القوات الرئيسية، لكن الرومان خسروا 10 آلاف جندي إضافي. في مايو، غادرت القوات الألمانية والرومانية القرم.
في الوقت نفسه، تواصل الهجوم السوفياتي: خلال عمليات دنيبر-كاربات، وأومان-بوتوشاني، وأوديسا، وياشي-كيشيناو بين مارس وأغسطس 1944، تم تحرير أوديسا، بيسارابيا، بوكوفينا، وترانسنيستريا.
في 23 أغسطس، أُطيح بأنطونيسكو، وإنتقلت السلطة إلى الملك ميهاي الأول والحزب الشيوعي. فشل الألمان في قمع الإنتفاضة بعد تدخل الجيش الأحمر، وفي 31 أغسطس دخلت القوات السوفياتية بوخارست. أعلن الملك ميهاي الأول إنهاء الحرب مع الإتحاد السوفياتي، وسُلم أنطونيسكو لموسكو، وحُل جهاز الشرطة السرية (سيغورانتزا) الذي كان يدعمه.
لكن لاحقًا أعاد الإتحاد السوفياتي الديكتاتور الروماني السابق إلى رومانيا، حيث حُكم عليه بالإعدام بعد محاكمة في بوخارست كمجرم حرب (أُعدم في 1 يونيو 1946).
إستعاد الإتحاد السوفياتي بيسارابيا وبوكوفينا (بما في ذلك منطقة هيرتسا)، وفي 23 مايو 1948، سلمت رومانيا جزيرة الأفعى وجزءًا من دلتا الدانوب (بما في ذلك جزر مايكان ويرماكوف) للإتحاد السوفياتي.
بقيت دبروجة الجنوبية ضمن بلغاريا، بينما أعادت المجر ترانسيلفانيا الشمالية إلى رومانيا. وفقًا لمعاهدة باريس للسلام 1947، فرض الإتحاد السوفياتي وجودًا عسكريًا غير محدود في رومانيا.
اليوم، تشهد رومانيا مرة أخرى تصاعدًا في النزعات القومية، وأُحييت خطط "رومانيا الكبرى" التي تشمل ضم مولدوفا وترانسنيستريا، كما أن لرومانيا مطالب إقليمية بأوكرانيا.
التاريخ يعيد نفسه، والشعوب التي تقع فريسة لديماغوجية السياسيين تدفع ثمنًا باهظًا لعدم تعلمها من الدروس...
-----
يتبع ...
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طوفان الأقصى 604 – كراهية اليهود في الولايات المتحدة خرجت عن
...
-
العيد 80 للنصر – الجزء الخامس والعشرون – المجر في الحرب ضد ا
...
-
طوفان الأقصى 603 - الصهيونية المسيحية - تناقض لفظي؟ لا، بل و
...
-
العيد 80 للنصر – الجزء الخامس والعشرون – المجر في الحرب ضد ا
...
-
طوفان الأقصى 602 - دونالد ترامب – الصهيوني الأول في أمريكا؟
-
العيد 80 للنصر - الجزء الرابع والعشرون - فضح مزيّفي التاريخ
-
طوفان الأقصى 601 - إسرائيل والولايات المتحدة - نتنياهو يرد ا
...
-
العيد 80 للنصر - الجزء الثالث والعشرون - هل كانت القيادة الس
...
-
طوفان الأقصى 600 - من المستفيد من الصهيونية؟
-
العيد 80 للنصر - الجزء الثاني والعشرون - كيف ومتى اتخذ أدولف
...
-
طوفان الأقصى 599 - ترامب - الشرع - نتنياهو
-
العيد 80 للنصر - الجزء الحادي والعشرون - أساطير الرايخ الثال
...
-
طوفان الأقصى 598 - ترامب في الشرق الأوسط – جولة أعمال أم شيء
...
-
طوفان الأقصى597 - سواليف شرقية - بماذا عاد ترامب من جولته في
...
-
العيد 80 للنصر - الجزء العشرون - أساطير الرايخ الثالث: النظر
...
-
طوفان الأقصى 596 - زيارة ترامب إلى دول الخليج - ملف خاص
-
طوفان الأقصى 596 - زيارة ترامب إلى دول الخليج - ملف خاص
-
العيد 80 للنصر - الجزء التاسع عشر - من أساطير الرايخ الثالث
...
-
طوفان الأقصى 595 – ترامب في الإمارات
-
العيد 80 للنصر - الجزء الثامن عشر - من الذي رعَى النازية في
...
المزيد.....
-
بسبب روسيا.. سرقة تمثال ماكرون الشمعي من متحف في باريس وسط ض
...
-
سُجنوا من أجل فاكهة.. ثلاثة لصوص في قبضة الشرطة لسرقات -غير
...
-
طبق الكُشري في مصر ..هكذا يُحضر على طريقة أهل الريف
-
محمد رمضان يبرّأ من تهمة -إهانة- العلم المصري ويروّج لـ -أنا
...
-
مقتل مواطن تونسي في جنوب فرنسا يؤجج المخاوف حيال جرائم الكرا
...
-
نحو منع أبرز منصات الموضة السريعة -شين- و-تيمو- من النشاط في
...
-
12 مكسبا عادت بها سوريا من قطر بعد زيارة الشيباني إلى الدوحة
...
-
حرب سياتل الجامحة على الإيمان
-
شركة توزيع المساعدات في غزة تعلن عن توقفها ومجلس الأمن يبحث
...
-
قرار ترامب مضاعفة الرسوم على الواردات من الصلب والألومنيوم
...
المزيد.....
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|