|
طوفان الأقصى 605 - التاريخ المنسي لليهودية المعادية للصهيونية - قصة صعود وسقوط وإحياء اليهودية المعادية للصهيونية
زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 00:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نافذة على الصحافة الروسية نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا * اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*
زاكاري جيه. فوستر Zachary J. Foster The Palestine Nexus newsletter
22 مايو 2025
كانت الصهيونية غير محبوبة بين معظم اليهود خلال العقود الستة الأولى من وجودها، من سبعينيات القرن19 حتى ثلاثينيات القرن 20. لقد أصبحت مهيمنة في الأربعينيات مع تدمير اليهودية الأوروبية وتحول يهود أمريكا والعرب من غير صهاينة إلى صهاينة. خلال العقود الستة التالية، إزدهرت الصهيونية، محولة الإنتماء الديني للمؤسسات اليهودية حول العالم من اليهودية إلى "الإسرائيليانية" (أي الانتماء الأعمى لإسرائيل والتعصب لها-ZZ). لكن في العقدين الأخيرين، وبالأخص في السنتين الماضيتين، إنقسمت اليهودية العالمية: بينما ترسخت الصهيونية بين يهود إسرائيل، تراجعت بين يهود الولايات المتحدة، حيث يعيش 70% من اليهود خارج إسرائيل، وحيث ينخفض الدعم للصهيونية بأسرع معدل في التاريخ. هذه قصة صعود وسقوط وإحياء اليهودية المعادية للصهيونية.
اليهودية المعادية للصهيونية قبل عام 1948
الولايات المتحدة وأوروبا الغربية
عارض معظم اليهود الأمريكيين، الذين تراوح عددهم بين 4 و5 ملايين في ثلاثينيات القرن 20، الصهيونية منذ نشأتها وحتى الحرب العالمية الثانية. عبرت حركة الإصلاح اليهودية عن رفضها المؤسسي للصهيونية في "منصة بيتسبرغ" عام 1885 وإعلان 1898، بإعتبار أن "مهمة اليهودية روحية وليست سياسية". بعد الحرب العالمية الأولى، كتب 299 يهوديًا أمريكيًا بارزًا رسالة مفتوحة إحتجاجًا على "الفصل السياسي لليهود وإقامة دولة يهودية خاصة في فلسطين". وإعتبروا أن ذلك "يتعارض تمامًا مع مبادئ الديمقراطية". كما رأوا أن دولة يهودية في بلد يشكل غير اليهود 90% من سكانه أمر غير ديمقراطي. من يعرف السبب! وفقًا للمؤرخ اليهودي الأمريكي موريس جاسترو الابن عام 1919 (Morris Jastrow Jr) (1861–1921) "وجود العديد من القوميات في فلسطين" هو السبب في وجوب أن تكون هناك "دولة فلسطينية — ليست دولة يهودية ولا مسلمة ولا مسيحية". كانت مشكلة الصهيونية واضحة لمعظم اليهود الأمريكيين.
حتى في منتصف الثلاثينيات، جذبت الصهيونية أقلية فقط من اليهود الأمريكيين. كان أعضاء أكبر المنظمات الصهيونية الأمريكية يمثلون حوالي 1.5% من اليهود الأمريكيين، أو 65,000 من أصل 4,400,000. تجنب معظم اليهود الصهيونية، معتبرين أن دعم فكرة إقامة دولة يهودية في فلسطين سيُشكك في ولائهم للولايات المتحدة، مما يؤكد إتهامات معاداة السامية بالولاء المزدوج. حتى المثقفون اليهود الذين دعوا إلى إحياء الثقافة اليهودية، مثل صموئيل أونترماير وفيليكس واربورغ، (Samuel Untermyer 1853-1940) & (Felix Maurice Warburg, 1868–1937) تبنوا هذا الرأي. بينما مال آخرون إلى الشيوعية، ساخرين من الصهاينة بإعتبارهم قوميين وإمبرياليين. كما قال أحد الباحثين، كان الصهاينة "أقلية صغيرة، غالبًا ما يسخر منها اليسار اليهودي الإشتراكي".
في أوروبا الغربية، سادت أيضًا مواقف معادية للصهيونية بين القادة والمثقفين اليهود قبل الحرب العالمية الأولى. سعى معظم يهود أوروبا الغربية، كما في الولايات المتحدة، إلى الاندماج في مجتمعاتهم، ورأوا في الحركة الصهيونية تهديدًا لذلك. في النهاية، تحالفت الأطراف الصهيونية في أوروبا مع أعداء اليهود، ومعاداة السامية، متفقين معهم على أن اليهود لا مكان لهم في أوروبا. لهذا السبب، كان العضو اليهودي الوحيد في الحكومة البريطانية الذي عارض وعد بلفور عام 1917، الذي دعا إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، هو إدوين صموئيل مونتاجو، الذي اعتقد أن الصهيونية ستجعل الرأي العام البريطاني يشك في ولاء اليهود البريطانيين. كما هاجم الاشتراكيون اليهود البريطانيون الصهيونية في الثلاثينيات، واصفين إياها بـ"أداة الإمبريالية البريطانية... التي تسلب الفلاحين العرب ملكياتهم وتجري استعمارًا عن طريق الغزو باستخدام الحراب البريطانية".
قبل عام 1937، كان أكثر من 500,000 يهودي ألماني في غالبيتهم العظمى غير صهاينة أو معادين للصهيونية. كما قال مسؤول صهيوني في الوكالة اليهودية بألمانيا عام 1932: "في ألمانيا، لا نواجه فقط اللامبالاة من الأوساط اليهودية الواسعة، بل أيضًا عداءهم". كانت الصهيونية غير محبوبة بين اليهود الألمان لأن الصهاينة تشاركوا مع الفاشيين والنازيين الإيمان بنظريات عرقية غير علمية، وتعميمات غامضة حول "الشخصية القومية الشعبية" (Volk)، وكانوا يميلون إلى "الاستثناء العرقي". تفاقم هذا العداء بسبب الدعم الذي تلقته الحركة الصهيونية الألمانية من النازيين.
لكن بحلول الثلاثينيات، حققت الصهيونية بعض التقدم. وصف أحد الباحثين الوضع المتغير بين اليهود في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، الذين انتقلوا من معاداة صهيونية صريحة قبل الحرب العالمية الأولى إلى عدمية صهيونية أكثر ليونة في الثلاثينيات. بنهاية الحرب العالمية الثانية، تعرضت هذه المجتمعات للإبادة النازية، وأصبحت بحلول عام 1948 مجرد ظل لما كانت عليه.
أوروبا الشرقية
في أوروبا الشرقية، كان الحزب السياسي اليهودي الأكثر شعبية هو "البوند" المعادي للصهيونية، الذي تأسس عام 1897. نشأ في الإمبراطورية الروسية، وإنقسم عام 1917 إلى منظمتين، روسية وبولندية، وكان له فروع في ليتوانيا ولاتفيا ورومانيا وغيرها. وكما كتب أحد المؤرخين: "مقابل كل شاب يهودي إنضم إلى الحركة الصهيونية، إنضم العديدون إلى صفوف البوند". رأى البوند أن الصهيونية تشتت عن الصراع الطبقي ووصفوها بـ"العدو الأشر للبروليتاريا اليهودية المنظمة". حمل البونديون ذكريات مريرة عن محاولة هيرتسل التقارب مع أشهر معادي السامية في الإمبراطورية الروسية، مثل وزير الداخلية فياتشيسلاف فون بليف ووزير المالية سيرغي ويت. قال الأخير لهيرتسل إنه أخبر القيصر ألكسندر الثالث أنه لن يعترض على "إغراق ستة أو سبعة ملايين يهودي في البحر الأسود". كان البونديون يحظون بشعبية كبيرة وإحتقروا الصهاينة.
في عام 1925، بلغ عدد أعضاء المنظمة الصهيونية في بولندا حوالي 110,000 عضو دافع، من أصل 2.8 مليون يهودي بولندي، أي حوالي 4%. بعد عام، في 1926، انخفض هذا العدد بنسبة 90% إلى 10,670 عضوًا، حيث نشر آلاف اليهود البولنديين العائدين من رحلة فاشلة إلى فلسطين خيبة أملهم على نطاق واسع في بولندا. كما دعم الصهاينة اليمينيون القوميون البولنديين، "المعادين للسامية بشدة"، الذين "غنوا النشيد الوطني البولندي بينما كانوا يضربون الإشتراكيين اليهود". ليس من المستغرب أن يتراجع الدعم للصهيونية، الذي وصل إلى 25-30% بين اليهود البولنديين قبل الحرب العالمية الثانية، مقارنة بدعم البوند، الذي حصل على حوالي 55% من الأصوات بين جميع الأحزاب اليهودية في الإنتخابات البلدية في عشرات المدن والبلدات البولندية عام 1938.
من البديهي أن يهود أوروبا الشرقية تعرضوا لأبشع المصائر وقُضِي عليهم خلال الحرب العالمية الثانية على يد النازيين.
اليهود الأرثوذكس في أوروبا
لكن مناقشتنا ليهود أمريكا وأوروبا هي جزء فقط من القصة، حيث يعتبر الكثيرون أنفسهم يهودًا أرثوذكسًا، وكان معظم اليهود الأرثوذكس معادين للصهيونية. رغم أن بعضهم إنضم إلى الحركة الصهيونية في الفترة بين الحربين، إلا أن معظم سلطات الهالاخا (القانون اليهودي) الرائدة لم تكن تريد أي علاقة بها. كان الإعتراض الأول لاهوتيًا: رأى المراجع الحاخامية أن الخلاص الإلهي يجب أن يكون خلاصًا إلهيًا، وليس خلاصًا بشريًا. كان الإعتراض الثاني أكثر حدسية: كان الصهاينة علمانيين، يعيشون حياة علمانية ويتبنون أيديولوجيات علمانية — "غير يهودية"، كما وصفها أحد الباحثين. في النهاية، أخبر الصهاينة أتباعهم بعدم وضع التفلين أو دراسة التوراة، بل الذهاب إلى فلسطين. كان الإعتراض الثالث وجوديًا، حيث حاول الصهاينة تغيير جوهر اليهودية نفسه، وتعريف اليهودي، مما جعل السلطات الدينية التقليدية بلا فائدة. [في النهاية، تم التوصل إلى حل وسط: عرّف الصهاينة "اليهودي" لأغراض الهجرة والتجنيس، بينما عرّف الحاخامات "اليهودي" لأغراض الزواج والطلاق في دولة إسرائيل.]
لكن قبل ذلك بكثير، كره معظم الحاخامات البارزين في أوروبا الصهيونية. قال الزعيم الروحي لليهود الأرثوذكس الألمان في القرن 19، الحاخام شمشون رافائيل هيرش، إن تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين هو خطيئة، لأن أي إجراء يتخذه البشر لعودة المسيح يعتبر هرطقة وفقًا للقانون اليهودي. كما كان الحاخام شلومو زلمان إيرنرايخ، زعيم الطائفة الحسيدية في بيريغساس (التي كانت آنذاك جزءًا من تشيكوسلوفاكيا)، معاديًا شديدًا للصهيونية، لأنها أيديولوجية علمانية تتعارض مع المبادئ الأساسية للإيمان اليهودي وتنحرف عن الفهم الهالاخي للنفي والخلاص. (يرى المنهج الهالاخي أن دولة إسرائيل انتهاك للخطة الإلهية، وأن الصهيونية بدعة علمانية. بالنسبة لليهود المناهضين للصهيونية، لا يُمكن تحقيق الخلاص الحقيقي إلا بالتوبة الروحية والمسيح، وليس بالسياسة-ZZ).
كان قادة الحاسيديم في ترانسيلفانيا (رومانيا) وزاكارباتيا (أوكرانيا) من بين أكثر النقاد اليهود حماسة للصهيونية. كان الأكثر عداءً هو الحاخام الحاسيدي من مونكاش (المجر) حاييم إليعازر شابيرا. بالنسبة له، كان جوهر المشروع الصهيوني هو "رفض الإيمان بالإدارة الإلهية المطلقة للعالم، وخاصة السيطرة الكاملة لله على مصير اليهود". مثلت الصهيونية بالنسبة له "تخلي اليهود عن الوعد المسياني وتخليهم عن وضعهم كشعب الله المختار".
قاد حزب "أغودات إسرائيل" المنظمة اليهودية الأرثوذكسية المنظمة، التي مثلت في ذروتها قبل الحرب العالمية الثانية نصف مليون يهودي من أوروبا الشرقية. كانت معادية للصهيونية قبل عام 1948 وبعده. في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، إنتخبوا ممثلين في برلمانات بولندا ولاتفيا ورومانيا، وفي المجالس البلدية ومجالس المدارس، وكذلك في حركات الشباب والعمال لمحاربة الصهيونية واليهودية الإصلاحية.
بدأت معارضتهم بإعتراض لاهوتي على تجمع اليهود في فلسطين. كما رأينا، إتفقت معظم السلطات الدينية على أن هذا التجمع سيكون جزءًا من سيناريو نهاية العالم الذي لا يمكن أن يحدث إلا بالتدخل الإلهي. لكنهم رأوا أيضًا في الصهيونية تهديدًا منافسًا، حيث سعت المؤسسات الصهيونية غالبًا إلى إستبدال المؤسسات الهالاخية التقليدية كمبدأ لتنظيم الحياة اليهودية، مما كان سيدفع "أغودات إسرائيل" إلى الخلفية. "تمثل الصهيونية خطرًا روحيًا وجسديًا على وجود شعبنا"، كما زعم مندوبو حركة شباب أغودات إسرائيل في عام 1948.
الشرق الأوسط
كان اليهود "الشرقيون"، أو المزراحيم، المتمركزون في المغرب والجزائر وتونس والعراق واليمن وإيران ومصر وتركيا وسوريا، يبلغ عددهم 900,000 في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، وكانوا في الغالب غير مبالين أو معادين للصهيونية منذ نشأتها وحتى الأربعينيات. عاش هؤلاء اليهود في مجتمعات ذات أغلبية مسلمة أو عربية، ورأوا أن تحويل مجتمع آخر ذي أغلبية مسلمة أو عربية إلى دولة يهودية قد يثير رد فعل سلبي. وللأسف، كانوا محقين في ذلك.
في فلسطين العثمانية، كان المجتمع اليهودي منقسمًا. دعم العديد من النخبة الحركة الصهيونية، مثل نسيم معلول، شمعون مويال، جاد فرومكين، أبراهام المليح، وبخور شالوم شتريت. كرس كل من مويال ومعلول نفسهما لدحض المقالات المعادية للصهيونية في الصحافة العربية، بل عمل معلول في هذا المنصب في المكتب الصهيوني في يافا.
لكن معظم اليهود الأشكناز في فلسطين، الذين شكلوا نصف السكان اليهود في البلاد عشية الهجرة الصهيونية، كانوا معادين لها. كانوا في الغالب يهودًا متدينين إستقروا في فلسطين في العقود والقرون السابقة لأسباب روحية وليس سياسية، مؤمنين بقدسية هذه الأرض، لكنهم إعتبروا السياسة اليهودية في البلاد هرطقة كاملة.
من بينهم كان الحاخام يوسف حاييم زوننفيلد، الذي أسس في عام 1913 فرعًا لـ"أغودات إسرائيل" لمحاربة الصهيونية، لأن الصهاينة "أكدوا رأيهم بأن كل الفروق والخلافات بين إسرائيل والشعوب الأخرى تكمن في القومية والدم والعرق، بينما الإيمان والدين غير ضروريين".
أدركت الجالية اليهودية ما قبل الصهيونية في فلسطين أنها تواجه أيضًا منافسة جديدة على التبرعات الخيرية. إعتمدت المجتمعتان – اليهودية القديمة (اليشوف القديم) والجديدة (اليشوف الجديد)، كما يسميهما الصهاينة – على التبرعات الخيرية من الجاليات اليهودية في الخارج للبقاء. وهكذا، مثل الوافدون الجدد تهديدًا مباشرًا لوجود المستوطنين السابقين.
بعد الحرب العالمية الأولى، أنشأ البريطانيون إنتداب فلسطين، ووعدوا بجعل البلاد وطنًا لليهود. وهكذا، سيطر الصهاينة على يهود فلسطين، ولكن ليس دون مقاومة من فئتين. أولاً، دعت مجموعة صغيرة من اليهود إلى إتحادات ثنائية القومية أو يهودية-عربية مختلفة، من بينهم آرثر روبين، مارتن بوبر، يهودا ماغنيس، بنحاس روتنبرغ، ومردخاي آفي شاؤول. لكن هذه الحركات جذبت أتباعًا قليلين وفقدت زخمها في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين بعد أعمال العنف في عامي 1929 و1936- 1949.
ثانيًا، حاول اليهود الأشكناز المتدينون إقناع البريطانيين بالإعتراف بالسلطات الحاخامية المسالمة المعادية للصهيونية في فلسطين. لكن سلطتهم السياسية تضاءلت بشكل كبير عندما إغتال عملاء صهاينة ممثلهم يعقوب إسرائيل دي هان. "لم يكن هناك من يحل محله"، كما عبر أحد الباحثين، وتم تهميش اليهود الأرثوذكس المعادين للصهيونية في فلسطين.
بالعودة إلى نهاية الفترة العثمانية، من الجدير بالذكر أن اليهود العثمانيين لم يوافقوا على خطة تيودور هبرتسل لإنشاء دولة يهودية. في عام 1909، عارض الحاخام الأكبر للإمبراطورية العثمانية، حاييم ناحوم، الصهيونية، معتقدًا أن إستيطان الصهاينة في فلسطين سيغضب السكان الأتراك والعرب. ديفيد فريسكو، رئيس تحرير صحيفة "إل تيمبو" اللادينية في إسطنبول، هاجم الصهاينة كثيرًا، واصفًا إياهم بحركة إنفصالية تقوض مبادئ الإمبراطورية العثمانية القائمة على قيم مشتركة مثل الدستورية وحرية الصحافة والهوية المدنية التي ترفض الشوفينية العرقية الدينية للصهيونية. دعم العديد من اليهود العثمانيين إحياء الثقافة اليهودية، لكنهم رفضوا جميعًا تقريبًا هدف الحركة الصهيونية المتمثل في إنشاء دولة يهودية داخل الإمبراطورية العثمانية.
إستمر هذا الإتجاه بعد الحرب العالمية الأولى. في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، جذبت الصهيونية نسبة صغيرة فقط من اليهود المصريين.
عارض الحاخام الأكبر لمصر، حاييم ناحوم، الهجرة الصهيونية إلى فلسطين علنًا في ثلاثينيات القرن العشرين. في عام 1946، أسس أعضاء يهود من الحركة الشيوعية السرية "إسكرا" بقيادة عزرا حراري "الرابطة اليهودية المناهضة للصهيونية" في القاهرة والإسكندرية (مصر).
في الواقع، في خمسينيات القرن العشرين، كانت الصهيونية لا تزال رأيًا للأقلية بين اليهود المصريين، حيث إعتبر ممثلو الطبقة المتوسطة من اليهود المصريين، وخاصة الماركسيون وغيرهم من اليساريين، أنفسهم جزءًا من مصر، مصريين، ورفضوا الصهيونية.
كان الوضع مشابهًا في شمال إفريقيا. في المغرب، ظلت الصهيونية ظاهرة هامشية في فترة ما بين الحربين. كان الكثيرون، إن لم يكن معظم اليهود، مرتبطين بالجمعية الخيرية الفرنسية اليهودية المعروفة باسم "التحالف الإسرائيلي العالمي"، وكان برنامجها التعليمي إستيعابيًا وليس صهيونيًا. كما قال زعيم يهود المغرب يومطوف د. سماك في عشرينيات القرن العشرين: "الصهيونية مثل صوت بلا صدى في الصحراء". بدأت الحركة الصهيونية في إكتساب الزخم فقط في الأربعينيات، خاصة بعد أعمال العنف المعادية لليهود في عام 1948، مما أجبر حوالي 90,000 يهودي مغربي على الهجرة إلى إسرائيل بين عامي 1948 و1956.
في تونس، كانت الصهيونية أيضًا غير شعبية. في عام 1931، وصل عدد قليل من المبعوثين الصهاينة إلى البلاد لتعزيز الروابط مع المجتمع اليهودي وحثه على الهجرة. لكن حفنة من اليهود التونسيين الشباب الذين قبلوا العرض وسافروا إلى فلسطين عادوا إلى تونس خائبي الأمل ومحبطين من المشروع الصهيوني. حتى أنهم زعموا أن الصهيونية "شجعت الإستعمار" و"حرمت البدو والعرب من أرضهم وسبل عيشهم".
في الجزائر، منح المستعمرون الفرنسيون اليهود الجزائريين الجنسية الفرنسية [مرسوم كريمييه 1871، ملاحظة المحرر]. وهكذا، يتمتعون بمعظم حقوق المستوطنين الفرنسيين والأوروبيين في الجزائر ويمكنهم، إذا رغبوا، الإنتقال إلى فرنسا، وهي وجهة تعتبر أكثر جاذبية بكثير من فلسطين. بحلول عشرينيات القرن العشرين، كان لدى الصهاينة حوالي 300 عضو دافع من بين أكثر من 100,000 نسمة، وكانوا يتعرضون للهجوم في كثير من الأحيان من قبل أعضاء المجتمع اليهودي. وعلى الرغم من الدعاية النازية التي إنتشرت في الجزائر قبل تحريرها في عام 1942، كافحت الحركة الصهيونية هناك طوال الأربعينيات والخمسينيات. من بين حوالي 130,000 يهودي جزائري غادروا الجزائر في الخمسينيات والستينيات، ذهب أكثر من 90% إلى فرنسا، بينما هاجر أقل من 10% إلى إسرائيل.
في العراق، كانت واحدة من أكبر الجاليات اليهودية في المنطقة، وأكثرها إندماجًا، ولكن أيضًا واحدة من أكثرها عداءً للصهيونية. في وقت مبكر من عام 1942، قال عميل صهيوني في العراق: "لا يوجد وعي سياسي صهيوني، حتى بين الشباب الذين نظموا أنفسهم للدفاع عن اليهود... ليس لديهم فكر صهيوني، ولا حتى غريزة صهيونية". في عام 1948، كان أقل من 10% من بين 400 معلم يهودي في بغداد أعضاء أو مؤيدين للحركة الصهيونية.
نظمت الجالية اليهودية العراقية حتى معارضة للصهيونية. في عام 1945، أسس اليهود العراقيون الشيوعيون "الرابطة المناهضة للصهيونية" لمواجهة الكراهية تجاه اليهود العراقيين الناتجة عن الإستعمار الصهيوني لفلسطين. دعوا إلى تشكيل حكومة عربية مستقلة وديمقراطية في فلسطين، وكذلك إلى حظر الهجرة الصهيونية وبيع الأراضي في فلسطين.
وعدت الصهيونية اليهود الشرقيين ليس بالتحرر، بل بالإبادة. أدى النجاح الهائل للحركة، وخاصة التهجير الجماعي للشعب الفلسطيني في عام 1948، إلى أعمال شغب معادية لليهود في مصر والعراق واليمن وليبيا، وعجل بسن قوانين معادية لليهود. سعت الحركة الصهيونية إلى إقناع العالم بأن اليهود ينتمون إلى إسرائيل، وقد نجحت في ذلك. في منتصف وأواخر الخمسينيات، شعر حوالي 350,000 يهودي شرقي بأن إسرائيل وطنهم. في العقود التالية، جاء عشرات، إن لم يكن مئات الآلاف. سيصبحون أكثر الصهاينة شوفينية في إسرائيل.
معاداة الصهيونية اليهودية: من التيار السائد إلى الهامشي، من خمسينيات القرن الماضي إلى العقد الأول من القرن 21
أجبر تدمير يهود أوروبا اليهود الأمريكيين على تغيير موقفهم من فكرة الدولة اليهودية في فلسطين، كما أجبرتهم الهجرة الجماعية لليهود من الدول العربية والإسلامية إلى إسرائيل بعد عام 1948 على تغيير موقفهم. في غضون عقد من الزمن، تخلى اليهود حول العالم عن جذورهم غير الصهيونية والمعادية للصهيونية، وإعتنقوا الصهيونية.
في حين إزدهرت الصهيونية في العقود التي تلت قيام إسرائيل، إستخلصت أقلية من اليهود من المحرقة درسًا عالميًا لا شوفينيًا. بالنسبة لهم، كان "لن يتكرر أبدًا" يعني "لن يتكرر أبدًا لأي شخص". كانوا يعتقدون أن الإبادة الجماعية لليهود الأوروبيين لم تكن شيئًا غير تاريخي أو لا يمكن مقارنته، بل إن الإبادات الجماعية تحدث بإستمرار وهي نتيجة لأيديولوجيات تشيطن أو تجرد شعبًا من إنسانيته، وتصفه بأنه خطر متأصل على الأمة وتهديد لنقائها العرقي أو الديني أو العنصري.
هذه النظرة كانت موجودة في عام 1942، في ذروة تدمير اليهودية الأوروبية، عندما أسس اليهود الإصلاحيون في الولايات المتحدة، بما في ذلك موريس لازارون، منظمة مناهضة للصهيونية تسمى "المجلس الأمريكي لليهودية". كانوا يدعون إلى تحويل فلسطين إلى دولة لا تكون عربية ولا يهودية، بل دولة ديمقراطية حيث يكون اليهود والعرب مواطنين متساوين في الحقوق. كانوا يعتقدون أن مجتمعًا حرًا وديمقراطيًا سيكون أفضل ضمان لرفاهية اليهود، أينما عاشوا. في الواقع، هذا هو الإعتقاد الأكثر شيوعًا بين اليهود في جميع دول العالم، بإستثناء إسرائيل.
كما أسس يهود بريطانيون بارزون "الأخوة اليهودية" في المملكة المتحدة عام 1942 لـ "إحياء الروح الدينية اليهودية بين اليهود ووضع التوراة والكنيس وأخلاق اليهودية في مركز الحياة اليهودية"، مع رفض الصهيونية تمامًا. وإستمر العديد من اليهود البريطانيين في دعم "الجمعية الأنجلو-يهودية" غير الصهيونية حتى الخمسينيات.
لا شك أن معاداة الصهيونية إستمرت على الهامش بعد عام 1948. في إسرائيل، ظهرت في الخمسينيات حركة "الشباب اليهود" أو "الكنعانيين"، التي دعت إلى "تمتع جميع مواطني الدولة بحقوق وواجبات سياسية ومدنية وإجتماعية كاملة، بغض النظر عن دينهم أو إنتمائهم الطائفي أو أصلهم". كما دعت "ماتسبين"، وهو حزب إشتراكي مناهض للصهيونية تأسس عام 1962 في إسرائيل ولديه حوالي مائة مؤيد، إلى "إجتثاث الصهيونية من إسرائيل ودمجها في إتحاد إشتراكي في الشرق الأوسط".
على الرغم من ندرتها، يمكن العثور على يهود إسرائيليين مناهضين للصهيونية. في عام 1975، قال اليهودي الإسرائيلي المناهض للصهيونية فيتولد يادلتسكي، وهو سجين سابق في معسكرات النازية من أصل بولندي، إن معاداة السامية يعتقدون أن "اليهودي يفهم فقط لغة المال" أو "اليهودي يفهم فقط لغة القوة" أو "اليهودي هو شخص لا يمكن الوثوق به". وأضاف: "أسمع كل هذا مرة أخرى في هذا البلد [إسرائيل]، مع إختلاف أن اللغة ليست البولندية بل العبرية، وأن كلمة عربي تحل محل كلمة يهودي ".
وإعتبر الدكتور إسرائيل شاحاك، وهو أيضًا ناجٍ من الهولوكوست، أن العنصرية شر بغض النظر عما إذا كانت تفيد اليهود أم لا. وقال في عام 1975: "يمكن تعريف المجتمع الإسرائيلي على أنه مجتمع لا يوجد فيه إسرائيليون، بل فقط يهود وغير يهود. لديك طاولات منفصلة للأطفال اليهود الذين يحتضرون والأطفال غير اليهود الذين يحتضرون، وهكذا. هذه عملية نازفة للمجتمع اليهودي، والتي تخاطر بالتسبب في نفس الكارثة التي حدثت في أوروبا، ولكن هذه المرة للعرب. إذا كان هناك درس يمكن تعلمه من تجربة النازية، فهو أنه يجب مقاومة النازية. وأنا ضد النازية، سواء كانت ألمانية أو يهودية أو عربية".
غالبًا ما يُنسى أن العديد من المنظمات اليهودية الأمريكية حافظت على مسافة من إسرائيل حتى عام 1967. في عام 1949، عارضت حركة إعادة البناء العلم الإسرائيلي الأزرق والأبيض بنجمة داود، لأنه كان تمييزيًا بوضوح ضد الفلسطينيين العرب. وقالت الحركة: "يجب أن يمثل العلم الإسرائيلي التطلع الوطني المشترك لجميع مواطني إسرائيل".
ولم تكن "اللجنة اليهودية الأمريكية"، التي مثلت العديد من اليهود الأمريكيين من التيار الرئيسي والنخبة والعلمانيين، صهيونيًا لأسباب تتعلق بالإندماج حتى عام 1967.
كما عارض عدد من المثقفين اليهود الأمريكيين الصهيونية. فقد هاجم ألفريد ليلينتال إسرائيل بعد وقت قصير من إنشائها، قائلاً إن "فلسطين التي تحمي حقوق ومصالح المسلمين واليهود والمسيحيين ، وفقًا للجنة [الأنجلو-أمريكية للتحقيق في فلسطين عام 1946]، لم تكن مقبولة أبدًا للصهاينة". كما حذر من إتهامات الإزدواجية في الولاء التي قد يتعرض لها اليهود الأمريكيون بسبب الصهيونية. ودعا الكاتب موشيه منوحين، والصحفيون ويليام زوكرمان وهنري غورفيتز وموريس شابس، والأكاديمي نعوم تشومسكي، والحاخام إلمر بيرجر، ورجل الأعمال ليسينغ روزنفالد إلى حقوق متساوية للجميع في إسرائيل/فلسطين، مشيرين إلى معاملة إسرائيل للفلسطينيين بإعتبارها إعتراضهم الرئيسي على الصهيونية.
في منتصف وأواخر السبعينيات، تم زرع بذور جيل جديد من اليهود المناهضين للصهيونية في أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا. ظهرت مجموعات صغيرة مناهضة للصهيونية مثل "اليهود الأستراليون ضد الصهيونية ومعاداة السامية" (JAZA)، التي أسستها مجموعة صغيرة من اليهود الماركسيين في عام 1979، والذين رأوا الصهيونية كمحاولة لتحويل اليهود إلى عرق أو أمة، على غرار ما حاول النازيون فعله بالألمان؛ أو "المنظمة البريطانية المناهضة للصهيونية" (BAZO)، التي أسسها جورج ميتشل في عام 1975، أو "التحالف اليهودي ضد الصهيونية" (JAAZ)، الذي شكله نشطاء يهود مناهضون للصهيونية في منطقة خليج سان فرانسيسكو بين أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات.
قمعت دولة إسرائيل بعض هذه الحركات، بإسكات منتقدي الصهيونية داخل البلاد وخارجها عبر حملات التشهير والرقابة وقمع الشرطة. أصبح لدى الصهاينة الآن دولة ونواة دبلوماسية وجيش يستخدم لقمع اليهود المناهضين للصهيونية أينما ظهروا.
وفي الوقت نفسه، تخلت المؤسسات اليهودية خارج إسرائيل عن اليهودية لصالح "الإسرائيليانية" — فلسفة تعتبر الطابع اليهودي لإسرائيل مقدسًا، ويتجاوز جميع القوانين والمبادئ والممارسات اليهودية الأخرى. في السبعينيات، أعادت المنظمات اليهودية الأمريكية مثل "عصبة مكافحة التشهير" و"اللجنة اليهودية الأمريكية" تعريف مهمتها، لتحويل تركيزها من مكافحة معاداة السامية إلى الدفاع عن دولة إسرائيل. أصبحت إسرائيل أكثر قداسة من الله أو التوراة أو التلمود أو المبادئ اليهودية مثل التوحيد أو "إنقاذ الحياة" أو "إصلاح العالم".
اليوم، لن يستبعد "مجلس نواب اليهود البريطانيين" عضوًا بسبب إلحاده، لكنه إستبعد عضوين لتوقيعهما على رسالة مفتوحة تنتقد سلوك إسرائيل في غزة.
بالطبع، بعض اليهود أخذوا النصوص الدينية الأساسية على محمل الجد أكثر من مجلس النواب البريطاني. وفقًا لإستطلاع عام 1948، إستمر معظم اليهود المتشددين في إسرائيل في الميل إلى اللاصهيونية أكثر من الصهيونية حتى بعد عام 2020، بينما رفضت الغالبية العظمى من اليهود المتشددين سلطة المؤسسات الحكومية الإسرائيلية حتى اليوم.
وإستمرت مجموعات مثل "ساتمار" و"خلعادت يشورون" (طائفة براير) و"ناطوري كارتا" وغيرها في معارضة الصهيونية لأسباب دينية. إعتبر مؤسس طائفة "ساتمار" يوئيل تييتلباوم أن أولى القسمات الثلاث في اللاهوت اليهودي، التي أقسم فيها اليهود بعدم "الصعود كجدار" لإستعادة أرض إسرائيل، كانت دحضًا صريحًا للصهيونية.
صحوة معاداة الصهيونية اليهودية مع تبني المؤسسات اليهودية في بريطانيا والولايات المتحدة ودول أخرى "الإسرائيليانية"، بدأ أفراد يهود في الإبتعاد عنها. بينما عزز إبادة اليهود على يد النازيين الدعم للصهيونية، أضعف سوء معاملة إسرائيل للفلسطينيين هذا الدعم.
وبإختصار، ساءت معاملة إسرائيل للفلسطينيين على مدى عقود، خاصة منذ الثمانينيات. على سبيل المثال، قارن أوري ديفيس سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، بما في ذلك أولئك الذين يحملون وثائق إسرائيلية، بسياسات الفصل العنصري في جنوب إفريقيا في الثمانينيات.
كما عبر الباحث المناهض للصهيونية دانيال بويرين عن ذلك بقوله: "عندما سمعت إسحاق رابين يقول إنه يجب كسر أيدي وأرجل الأطفال الذين يرمون الحجارة للحفاظ على الدولة، تبت تمامًا عن صهيونيتي السابقة".
بإختصار، أدى الإحتلال العسكري العدواني لإسرائيل لغزة والضفة الغربية، وغزوها للبنان في عامي 1978 و1982، والمجازر التي سهلتها في صبرا وشاتيلا، والقمع الوحشي للإنتفاضة الأولى (1987-1993)، إلى ظهور جيل جديد من اليهود المعادين للصهيونية.
وشهدت الثمانينيات والتسعينيات أيضًا صعود "ما بعد الصهيونية". قدم شخصيات مثل توم سيغيف وغرشون شافير وباروخ كيمرلينج وهليل كوهين نقدًا جذريًا للصهيونية، وإن كانوا يحملون لقب صهاينة.
ثم جاءت عملية أوسلو. بدا للعديد من اليهود أنها وعد بحل القضية الإسرائيلية الفلسطينية. لكن هذه الآمال تحطمت في أواخر التسعينيات مع صعود الزعيم اليميني بنيامين نتنياهو.
وإنهارت هذه الآمال تمامًا في عام 2000 مع فشل كامب ديفيد وإندلاع الإنتفاضة الثانية، التي أسفرت عن مقتل 1038 إسرائيليًا و3189 فلسطينيًا بين عامي 2000 و2005.
التباعد الكبير
إستمر الواقع بؤثر على التصورات، على الأقل بين اليهود الأمريكيين
تدهورت صورة إسرائيل مع إستمرار الإحتلال في كشف وجهه القبيح. في عامي 2005 و2006 و2007، شددت إسرائيل الخناق على غزة، بفرض حصار قاسٍ ومميت على 1.8 مليون فلسطيني. وبعد حرب 2008-2009، التي كان الهدف الرئيسي لإسرائيل فيها هو "معاقبة وإذلال وإرهاب8 المدنيين في غزة"، كما خلصت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق (تقرير غولدستون)، أصبحت خطة إسرائيل تجاه الفلسطينيين في غزة أكثر وضوحًا: حبسهم، ووضعهم على نظام غذائي، وإلقاء المفتاح، ومعاقبتهم كل بضع سنوات بحملات إرهابية وقتل جماعي، أو "جز العشب"، كما يقول المسؤولون الإسرائيليون، مشبهين الفلسطينيين بأعشاب ضارة.
ومع ذلك، فإن معظم اليهود الأمريكيين يعتبرون أنفسهم ليبراليين أو تقدميين، وقيمهم لا تتوافق مع حصار على نسك القرون الوسطى، والعقوبات الجماعية، والقتل الجماعي للمئات من الأبرياء بهدف إرهاب الملايين، أو الخطاب العنصري للقادة السياسيين والدينيين الإسرائيليين، أو الإجماع المتزايد في أوائل العشرينيات على أن إسرائيل هي دولة فصل عنصري. ونتيجة لذلك، أصبح اليهود الأمريكيون يرفضون الصهيونية بشكل متزايد. طلبت المؤسسة اليهودية من اليهود ترك ليبراليتهم عند أبواب الصهيونية، كما قال بيتر بينارت في عام 2010: "والآن، وبفزعهم، يكتشفون أن العديد من اليهود الشباب تركوا صهيونيتهم بدلاً من ذلك".
بينما إبتعد اليهود الأمريكيون عن الصهيونية، ضاعف اليهود الإسرائيليون حماسهم لها. في منتصف العقد الأول من القرن 21 والعقد الثاني منه، أصبح المجتمع اليهودي الإسرائيلي أكثر شوفينية: 68٪ من اليهود الإسرائيليين رفضوا العيش في مبنى واحد مع عربي؛ 46٪ من اليهود لن يسمحوا لعربي بزيارة منزلهم؛ 50٪ من المراهقين الإسرائيليين لا يريدون رؤية عرب في صفهم؛ 63٪ من اليهود الإسرائيليين يعتقدون أن العرب يشكلون تهديدًا لأمن الدولة وديمغرافيتها؛ 50٪ من اليهود الإسرائيليين يعتقدون أن إسرائيل يجب أن تشجع هجرة مواطنيها العرب.
إزدهرت الصهيونية الشوفينية بين اليهود في كل مكان تقريبًا، من النهر إلى البحر. واصل اليهود الإسرائيليون إستعمار الضفة الغربية، ثم إنتقلوا إلى أماكن أخرى داخل إسرائيل، سعيًا لإستبدال العرب باليهود في النقب والجليل والقدس ويافا وعكا واللد. وإستمروا في السير في شوارع القدس كل عام في يوم الفصل العنصري — المعروف أيضًا بيوم القدس — وهتاف "الموت للعرب". وسيطر الصهاينة اليمينيون على السياسة الإسرائيلية، بينما تفكك الصهاينة اليساريون. ومنذ العقد الثاني من القرن 21 ، دعا معظم القادة الإسرائيليين إلى "إسرائيل الكبرى"، أي الهيمنة اليهودية من النهر إلى البحر.
أصبح اليهود الإسرائيليون المناهضون للصهيونية نادرين. وغادر العديد منهم إسرائيل، مثل أتاليا عومر وإيلان بابيه وغيرهم. ووجد مؤسس منظمة "زوخروت"، التي تدعو إلى الإعتراف بالنكبة وحقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة من قبل المجتمع اليهودي الإسرائيلي، ملاذًا في أوروبا. أما أولئك الذين بقوا وتكلموا، فقد واجهوا عواقب مروعة وتم رفضهم من قبل الدولة والجيش ووسائل الإعلام والأوساط المهنية. وأولئك الذين إتخذوا إجراءات، مثل جوناثان بولاك وجيف هالبر وعوفر كاسيف وأندريه خم، تم طردهم من العمل أو تخويفهم أو تعرضهم للعنف الجسدي أو السجن. ناهيك عن تحدي المبادئ الأساسية للصهيونية، فمنذ 7 أكتوبر 2023، تم طرد أولئك الذين شاركوا مجرد منشورات على وسائل التواصل الإجتماعي تضامنًا مع أطفال غزة مبتوري الأطراف من العمل أو إعتقالهم أو سجنهم.
نمو معاداة الصهيونية في الولايات المتحدة
ربما نجحت إسرائيل في إسكات معظم منتقديها داخل البلاد، لكنها لم تتمكن من القضاء على خصومها في الخارج، وخصوصًا في الولايات المتحدة، حيث تراجعت الصهيونية خلال العقدين الأخيرين.
تُعدّ منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" (JVP) اليوم أكبر تجمع لليهود المعادين للصهيونية. لم تتخذ المنظمة موقفًا محددًا من الصهيونية عند تأسيسها عام 1996، لكنها أعلنت رسميًا عن رفضها للصهيونية في عام 2015. وبحلول ذلك الوقت، كان نشطاء JVP قد أثاروا نقاشًا عامًا حول إسرائيل، وصفه أحد المؤرخين البارزين عام 2016 بأنه: "صراع لم تعرفه الجالية اليهودية الأمريكية من قبل، من حيث شدته وبروزه في الساحة العامة".
تُعدّ JVP المنظمة اليهودية الأسرع نموًا على مدى أكثر من عشر سنوات، حيث أعلنت عن وجود نحو 500 عضو يدفعون إشتراكات في عام 2011، و9000 في عام 2015، وأكثر من 32 ألفًا بحلول أغسطس 2024. ومن أكتوبر 2023 إلى فبراير 2024، زادت JVP عدد المشتركين في بريدها الإلكتروني من 43 ألفًا إلى 96 ألفًا، ويبدو أنها أكبر منظمة سياسية معادية للصهيونية في الولايات المتحدة، إذا ما قيس الأمر بعدد موظفيها الدائمين. تنمو معاداة الصهيونية بين اليهود الأمريكيين بسرعة يمكن تشبيهها بنمو شكل "عصا الهوكي" – أي نمو مفاجئ وحاد. وقد أصبحت هذه الظاهرة واسعة الإنتشار.
تشير بيانات الإستطلاعات إلى صورة مماثلة. ففي عام 2021، أظهر إستطلاع أن 25% من اليهود الأمريكيين يعتبرون إسرائيل دولة فصل عنصري، بينما بلغت هذه النسبة بين اليهود تحت سن 38 عامًا 40%. وكان هذا أول إستطلاع في سلسلة إستطلاعات نشرت في عقد العشرينيات من القرن الحالي، تُظهر هشاشة الصهيونية بين اليهود الأمريكيين، لا سيما بين جيل الألفية والجيل "زد".
ثم في عام 2022، أجرت العالمة السياسية ميرا سوخاروفا إستطلاعًا حول مواقف اليهود الأمريكيين من الصهيونية، وأظهرت نتائجه أن 58% من اليهود الأمريكيين يعرفون أنفسهم كصهاينة، في حين عرّف 22% أنفسهم كمعادين للصهيونية (10%) أو غير صهاينة (12%)، وقال 12% إن "الأمر معقد"، بينما أجاب 7% بـ"لست متأكدًا". بعبارة أخرى، قبل وقت طويل من 7 أكتوبر 2023، كان 42% من اليهود الأمريكيين لا يعرفون أنفسهم كصهاينة.
لكن سوخاروفا أظهرت قلقًا أعمق تجاه الصهيونية. فقد قدّمت للمشاركين في الإستطلاع تعريفًا للصهيونية، ثم سألتهم عمّا إذا كانوا يدعمونها. وكما كان متوقعًا، إرتفعت نسبة الدعم عندما قُدِّمت تعاريف للصهيونية على أنها بريئة أو طموحة. لكن عندما يطّلع اليهود على تجربة ضحايا الصهيونية، فإن هذه الأيديولوجيا تثير لديهم الإشمئزاز. فعندما قيل للمشاركين إن الصهيونية "تعني الإيمان بأولوية حقوق اليهود على غير اليهود في إسرائيل"، ذكرت سوخاروفا أن "دعم الصهيونية بين المشاركين إنخفض بشكل حاد: فقط 10% قالوا إنهم "بالتأكيد" (3%) أو "ربما" (7%) صهاينة. وبالمجمل، صرّح 69% بأنهم "على الأرجح ليسوا" أو "بالتأكيد ليسوا" صهاينة حسب هذا التعريف.
وبينما أقلقت نتائج الإستطلاعات اللوبي الإسرائيلي، بدأ هذا الأخير بمحاولات تزوير وإخفاء نتائج الإستطلاعات من أجل تمويه إنهيار الصهيونية. فقد نشرت منظمة "الأغلبية اليهودية"، التي تأسست عام 2024 على يد الحليف القديم لـ"AIPAC" جوناثان شولمان، نتائج إستطلاع جديد، لكنها باعت للإعلام تحريفًا للنتائج بدلًا من نشرها. ففي ملخص البيانات، قالت "الأغلبية اليهودية" إن "70% من اليهود الأمريكيين يعتقدون أن معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية بحكم التعريف"، دون أن تذكر نتيجة أخرى في الإستطلاع تقول إن "50% من المشاركين يرون أن الحركات المعادية للصهيونية ليست معادية للسامية بحكم التعريف". لقد أخفوا عمدًا نتائجهم الحقيقية من أجل تعزيز الدعم للصهيونية.
ومع ذلك، فإن الأرقام لا تعكس الصورة كاملة. فقد عُقدت مؤتمرات حول اليهودية غير الصهيونية أو المعادية للصهيونية في جامعة براون وفي فيينا، النمسا. وظهرت في نيويورك ونيوجيرسي تجمعات "مينيان" يهودية غير صهيونية أو معادية للصهيونية. وبعد الإبادة الجماعية في مكسيكو، تشكّلت على الأقل مجموعتان جديدتان من اليهود المعادين للصهيونية: AMJI وJPL. وفي الولايات المتحدة، تعمل منظمة Making Mensches على دعم تجربة تعليمية يهودية راديكالية، وتجمع وتدعم تطوير مجتمع يهودي معادٍ للصهيونية. كما أن ممثلين ومسرحيين يهودًا يقدّمون مسرحيات معادية للصهيونية. وقد عقد معهد الدراسات النقدية للصهيونية أول ندوة له في أكتوبر 2023. وأطلق اليهود المعادون للصهيونية في الولايات المتحدة أيضًا مشروع "إلغاء الصهيونية" — وهي سلسلة من ثماني جلسات مكرسة للسياسة اليهودية ما بعد الصهيونية، مع التركيز على الأمان والتحرر والرفاهية للفلسطينيين واليهود على السواء.
نحن نشهد كذلك إنفجارًا "كمبريًا" في إنتاج محتوى يهودي معادٍ للصهيونية. فعدد متزايد من اليهود المعادين للصهيونية يتحدثون عن معارضتهم للصهيونية عبر البودكاست، وتيك توك، وإنستغرام، ويوتيوب، وسَبستاك، وغيرها من المنصات. ومن هؤلاء: كاثي هالبر، ماكس بلومنتال، كاثرين فيلا بوغن، رافين شْوام-كورتيس، هدّار كوهين، ألون مزراحي، جاسبر دايموند ناثانيال، دانييل ماتي، آرون ماتي، ميرا سيرن، سيمونا زيمرمان، يعقوب بيرغر، جيسي ساندر، إيلانا ليبكين، نورة باروز-فريدمان، ديفيد شين، الحاخام أندرو كان، رافائيل شيمونوف، الحاخامة دانيا روتنبرغ، ميخائيل شيرتسر، ميكو بليد، مات ليب، جين بيرلمان، ليلي غرينبرغ كول، بيتر بينارت، أليس روتشيلد، مارجوري إن. فيلد، أليسا وايز، بنيامين موزر، ريبيكا ألبيرت، ماكس فايس، مورا فينكلشتاين، إيلي فالي، توني غرينشتاين، أنتوني لوفنشتاين، سيم كيرن، مايكل شيرتسر، يعقوب شابيرو، برانت روزن، آنا بالتسر، نورمان سولومون، ليز روز شولمان، جيمي ستيرن-واينر، ميديا بنجامين، نعومي كلاين، جيسي جيمس روز، برايس بيلدن، هيلتون أوبنزنغر، أوفر نيومان، روتيم ليفين، نوعام شوستر-إلياسي، ألون نيسان-كوهن، آفي شلايم، مولي كربابل، شير هوفر، إليك هارباز، ياحاف إيريز، بيكا ستروبر، والأسماء المستعارة: kvetcher، noneisntoff، jewpinolove، tumblemaiadryer، realitywithali، clios world، judeshimer، imthebalaban وmikaelaswildlife، وغيرهم كثير.
كل هذا المحتوى سيُلهم جيلًا جديدًا من اليهود الذين يؤمنون بأن جميع الناس يجب أن يُعاملوا على قدم المساواة، في جميع البلدان، بما في ذلك إسرائيل. وربما لا يفصلنا عن اللحظة التي يُصبح فيها معظم اليهود الأمريكيين معادين للصهيونية سوى بضع سنوات، لا عقود.
ويرجع ذلك إلى أن الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة كشفت عن المنطق العميق للصهيونية. وكما عبّر عن ذلك باتريك وولف في مقاله الكلاسيكي حول هذا الموضوع، فإن مشاريع الإستيطان الإستعماري"بدون إستثناء" تقود إلى منطق "إبادة السكان الأصليين". أما في حالة فلسطين، فإن منطق القضاء على السكان الأصليين لا يحتاج إلى تنظير أكاديمي؛ فهو يحدث في وضح النهار وعلى الهواء مباشرة، كل يوم، منذ 583 يومًا، ولا يزال مستمرًا. -------
زاكاري جيه. فوستر Zachary J. Foster هو مؤرخ أمريكي تركز أبحاثه على فكرة فلسطين وأصول الهوية الفلسطينية في القرن التاسع عشر. زاك محاضر أول في القانون في مركز روتجرز للأمن والعرق والحقوق. وهو حاصل على ماجستير في الدراسات العربية من جامعة جورجتاون ودكتوراه في دراسات الشرق الأوسط من جامعة برينستون. وهو مؤسس الأرشيف الرقمي "فلسطين نيكسوس" ويكتب نشرة إخبارية بعنوان "فلسطين في بريدك الإلكتروني". ينشر زاك بشكل متكرر في وسائل الإعلام الدولية، بما في ذلك الصحيفة الإسرائيلية "هآرتس" و" TRT"، وهيئة الإذاعة الوطنية التركية.
فاوستو جي ديسي
---
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العيد 80 للنصر - الجزء السابع والعشرون - فشل مخططات رومانيا
...
-
طوفان الأقصى 604 – كراهية اليهود في الولايات المتحدة خرجت عن
...
-
العيد 80 للنصر – الجزء الخامس والعشرون – المجر في الحرب ضد ا
...
-
طوفان الأقصى 603 - الصهيونية المسيحية - تناقض لفظي؟ لا، بل و
...
-
العيد 80 للنصر – الجزء الخامس والعشرون – المجر في الحرب ضد ا
...
-
طوفان الأقصى 602 - دونالد ترامب – الصهيوني الأول في أمريكا؟
-
العيد 80 للنصر - الجزء الرابع والعشرون - فضح مزيّفي التاريخ
-
طوفان الأقصى 601 - إسرائيل والولايات المتحدة - نتنياهو يرد ا
...
-
العيد 80 للنصر - الجزء الثالث والعشرون - هل كانت القيادة الس
...
-
طوفان الأقصى 600 - من المستفيد من الصهيونية؟
-
العيد 80 للنصر - الجزء الثاني والعشرون - كيف ومتى اتخذ أدولف
...
-
طوفان الأقصى 599 - ترامب - الشرع - نتنياهو
-
العيد 80 للنصر - الجزء الحادي والعشرون - أساطير الرايخ الثال
...
-
طوفان الأقصى 598 - ترامب في الشرق الأوسط – جولة أعمال أم شيء
...
-
طوفان الأقصى597 - سواليف شرقية - بماذا عاد ترامب من جولته في
...
-
العيد 80 للنصر - الجزء العشرون - أساطير الرايخ الثالث: النظر
...
-
طوفان الأقصى 596 - زيارة ترامب إلى دول الخليج - ملف خاص
-
طوفان الأقصى 596 - زيارة ترامب إلى دول الخليج - ملف خاص
-
العيد 80 للنصر - الجزء التاسع عشر - من أساطير الرايخ الثالث
...
-
طوفان الأقصى 595 – ترامب في الإمارات
المزيد.....
-
رجل يدّعي هروبه من سجن بأمريكا يتوسل لترامب ومشاهير لمساعدته
...
-
خريطة توضح موقع -جسر القرم- الذي فجرته أوكرانيا.. ومدى أهميت
...
-
التونسي هشام الميراوي... رجل -طيب سخي- راح ضحية جريمة عنصرية
...
-
-نريد لقمة العيش بكرامة-.. فلسطينيون يتحدثون لـCNN بعد مقتل
...
-
القصف الإسرائيلي يستهدف الأبراج السكنية في غزة | بي بي سي تق
...
-
ما هي مراحل توسعة الحرم المكي عبر التاريخ؟
-
أمين عام الناتو: مسألة انضمام أوكرانيا للحلف لا زالت مطروحة
...
-
غزة: مقتل العشرات وإستهداف مستشفى في دير البلح والحصيلة الإج
...
-
تركيا تثبت أقدامها في سوريا.. دعم للقوات الحكومية وانتشار طو
...
-
الحكومة الإسرائيلية مهددة بالانهيار بسبب خلاف الخدمة العسكري
...
المزيد.....
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|