أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 608 - كيف تحولت اليهودية من دين إلى عرق - دور الصهيونية والخلط الخطير بين المفاهيم















المزيد.....

طوفان الأقصى 608 - كيف تحولت اليهودية من دين إلى عرق - دور الصهيونية والخلط الخطير بين المفاهيم


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8365 - 2025 / 6 / 6 - 00:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا

*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

البروفيسور ياكوف رابكين
مونتريال - كندا

22 مايو 2025

عادت معاداة السامية اليوم لتحتل العناوين الرئيسية في صحف البلدان الغربية. إذ يصف رئيس وزراء إسرائيل الإتهامات الموجهة لإسرائيل بإرتكاب إبادة جماعية في غزة، بل وحتى الدعوات إلى وقف إطلاق النار، بأنها معاداة للسامية. وفي الوقت نفسه، تؤدي العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى إستفزاز إعتداءات فعلية معادية للسامية تطال المعابد والمدارس اليهودية، بل وأفراداً يهوداً. لذا، من المهم أن نفهم ما هي معاداة السامية، وبما تختلف عن معاداة الصهيونية.

رغم أن إضطهاد وقتل اليهود في أوروبا استمر لأكثر من ألف عام، فإن مصطلح "معاداة السامية" لم يظهر إلا في النصف الثاني من القرن 19. ويعني هذا المصطلح كراهية اليهود ليس بإعتبارهم أتباعاً للديانة اليهودية، بل بإعتبارهم "عرقاً". في ذلك الوقت، لعب التصنيف العرقي دورًا مهمًا في تبرير الإستعمار، وكان يُعتبر شرعيًا، بل و"علميًا"، أن يُقال إن اليهود، والأفارقة، والآسيويين، والعديد من الشعوب الأخرى "أدنى عرقيًا". وقد أصبح هذا الشكل المعتاد من العنصرية مبررًا لعمليات قتل جماعي طالت ملايين الأشخاص في الكونغو البلجيكية مطلع القرن العشرين، وكذلك لعمليتي إبادة جماعية إرتكبتهما ألمانيا: الأولى في جنوب غرب إفريقيا (ناميبيا حاليًا) بين 1904 و1908، والثانية بعد أكثر من ثلاثين عامًا في أوروبا، حين تم القضاء على ملايين من اليهود والسلافيين والغجر وغيرهم من "غير البشر". وهكذا، فإن معاداة السامية هي شكل من أشكال العنصرية.

خلافاً للغة الروسية، لا يوجد في العديد من اللغات الأوروبية فرق جوهري بين "اليهودي" و"اليهودي الديني"، أي بين الأشخاص من أصل يهودي وأتباع الديانة اليهودية. لقرون طويلة، كان يُنظر إلى اليهود على أنهم طائفة دينية، ما كان يتيح أحياناً الهروب من الإضطهاد عبر إعتناق المسيحية. ولكن حين تم إعلانهم كـ"عرق"، إختفى هذا المخرج، مما أدى إلى إبادة اليهود في أوروبا خلال الفترة 1941–1945.

أما معاداة الصهيونية، فهي رفض للحركة السياسية التي نشأت في أوروبا في أواخر القرن 19. وقد طرح مؤسس الصهيونية تيودور هيرتسل (1860–1904) في كتابه دولة اليهود (Der Judenstaat) فكرة إقامة دولة لليهود كحل جماعي لـ"المسألة اليهودية". نشأت الصهيونية في عصر ازدهار القومية العرقية وتكريس حق الشعوب في تقرير المصير (كما في ألمانيا، إيطاليا، صربيا، وغيرها). ووفقاً لهذا المبدأ، لن يتمكن اليهود مطلقاً من أن يصبحوا جزءاً من الشعوب التي يعيشون بينها (الفرنسيين، البريطانيين وغيرهم). لذا، فإن الحل الوحيد هو قيام دولتهم الخاصة.

ورغم أن الحركة الصهيونية لم تجذب إلا جزءاً صغيراً من يهود أوروبا والولايات المتحدة، فإنها تصرفت باسم جميع اليهود. ولأجل إستعمار فلسطين، أنشأت سلسلة من المؤسسات، مثل "الإئتمان الإستعماري اليهودي" "Jewish Colonial Trust (1899) و"جمعية الاستعمار اليهودي لفلسطين" (1924) Palestine Jewish Colonization Association (PICA)،
وفي ظل الإنتداب البريطاني، أنشأ الصهاينة إقتصاداً مستقلاً، وهياكل مجتمعية مستقلة، مما أدى إلى تهميش السكان المحليين والسعي إلى التخلص منهم. وهذا ما أثار – وما زال يثير – مقاومة، كانت ستنشأ على النحو ذاته لو أن الفلسطينيين إستُعمروا من قبل الفرنسيين أو الصينيين. لذلك، فإن مقاومة إسرائيل وأيديولوجيتها – أي الصهيونية – هي مقاومة ذات طبيعة سياسية.

لقد عبّر الصهاينة علناً عن معارضتهم لليهودية التقليدية (الحاخامية)، التي تطورت في جميع أنحاء العالم على مدى ألفي عام. ورغم أن الصلوات اليهودية تذكر مراراً العودة إلى الأرض المقدسة، فإن كل المحاولات لتحويل هذا الحلم إلى واقع كانت تُرفض تقليديًا في التراث اليهودي. ولهذا فإن الصهيونية تثير بين اليهود معارضة دينية وسياسية على حد سواء. فاليهود المتدينون الذين يرتدون القبعات السوداء يشاركون في مظاهرات دفاعاً عن الفلسطينيين جنباً إلى جنب مع ناشطين يساريين من منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام الأميركية (Jewish Voice for Peace)، أو من منظمة الأصوات اليهودية المستقلة الكندية (Independent Jewish Voices)، واللتين تناضلان من أجل السلام والمساواة في إسرائيل/فلسطين. ويكفي أن نتذكر كيف هتف يهود في نوفمبر الماضي بـ"الحرية لفلسطين!" عند قاعدة تمثال الحرية في نيويورك.

وكأي قومية أخرى، تؤدي الصهيونية إلى انقسامات داخل الجماعة التي تزعم أنها تمثلها. فاليهود الذين يعارضون الصهيونية ظاهرة طبيعية تمامًا، تمامًا كما هناك اسكتلنديون أو كتالونيون يرفضون فكرة الاستقلال السياسي. العديد من اليهود رحبوا بقيام دولة إسرائيل عام 1948، فيما أدانه آخرون.

اليوم، تؤجج المأساة غير المسبوقة التي يعيشها الفلسطينيون الإستقطاب بين اليهود، سواء في إسرائيل أو في العالم بأسره.

"نقول إسرائيل – ونعني اليهود". إن الخلط بين اليهودية والصهيونية، وبين اليهود وإسرائيل وسياستها تجاه الفلسطينيين، يؤدي في كثير من الأحيان إلى إذكاء معاداة السامية. وتساهم إسرائيل نفسها بفعالية في ذلك، حين تعلن رسميًا أنها "دولة الشعب اليهودي"، مع أن نصف يهود العالم لا يعيشون فيها، والعديد من الشباب اليهود باتوا لا يرغبون في أي علاقة بها. وتستغل القوى المؤيدة لإسرائيل هذا الخلط في مختلف البلدان لتشويه إنتقادات إسرائيل عبر وصفها تلقائياً بأنها معادية للسامية.

وعندما يعبّر البعض عن تضامنهم مع إسرائيل بصفتهم يهوداً، فإنهم يعززون هذا الخلط بين المفاهيم ويثيرون – عن غير قصد – ردود فعل معادية للسامية. إنهم يجعلون من دعم دولة في غرب آسيا خياراً سياسياً يُعتبر سمة ملازمة لليهودية، بل وحتى لليهودية كدين (انظر الفيلم الوثائقي الذي صدر مؤخراً "الإسرائيليانية" Israelism). ولهذا السبب، لا ينبغي على الإطلاق الوقوع في هذا الخلط العنصري في جوهره، والذي يساوي بين جميع اليهود والصهاينة، لا سيما وأن الغالبية العظمى من الصهاينة اليوم هم من المسيحيين.

رئيس وزراء إسرائيل يعرف هذا أفضل من غيره. ففي الثمانينيات، حين كان بنيامين نتنياهو ممثلًا لإسرائيل في الأمم المتحدة، قام بتأسيس منظومة دعم قوية لبلاده، تعبئ اليوم ملايين المسيحيين حول العالم. وتشير التقديرات إلى أن عدد الصهاينة المسيحيين في العالم يفوق أضعافًا مضاعفة عدد اليهود، كما أن الصهيونية المسيحية نشأت قبل ظهور هيرتسل بعدة قرون. وأخيرًا، فإن الإيمان بأن دولة إسرائيل الحديثة هي "هبة من الله لليهود"، يتبناه عدد أكبر بكثير من المسيحيين الصهاينة مقارنةً باليهود أنفسهم.

إن رؤية كل يهودي على أنه صهيوني أو إسرائيلي، أمر خاطئ. وحين تنفذ إسرائيل عملية عسكرية جديدة ضد الفلسطينيين، يصبح هذا الخلط في المفاهيم أكثر من مجرد خطأ – بل يشكل خطراً حقيقياً.
------

**ياكوف م. رابكين
أستاذ التاريخ بجامعة مونتريال، ومؤلف عدة كتب، من بينها: "يهودي ضد يهودي"
و"إسرائيل: الحرب والسلام".
النسخة الأصلية من المقال بالفرنسية: La Presse.

---



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العيد 80 للنصر – الجزء الثلاثون - التاريخ كسلاح – صحفي إيطال ...
- طوفان الأقصى 607 - من أين جاءت الكراهية لليهود في العالم: لم ...
- العيد 80 للنصر - الجزء التاسع والعشرون – حول مسألة التعويضات ...
- طوفان الأقصى 606 - كيف تم البحث عن وطن لليهود – وكان الإتحاد ...
- العيد 80 للنصر - الجزء الثامن والعشرون - النتائج المنسيّة - ...
- طوفان الأقصى 605 - التاريخ المنسي لليهودية المعادية للصهيوني ...
- العيد 80 للنصر - الجزء السابع والعشرون - فشل مخططات رومانيا ...
- طوفان الأقصى 604 – كراهية اليهود في الولايات المتحدة خرجت عن ...
- العيد 80 للنصر – الجزء الخامس والعشرون – المجر في الحرب ضد ا ...
- طوفان الأقصى 603 - الصهيونية المسيحية - تناقض لفظي؟ لا، بل و ...
- العيد 80 للنصر – الجزء الخامس والعشرون – المجر في الحرب ضد ا ...
- طوفان الأقصى 602 - دونالد ترامب – الصهيوني الأول في أمريكا؟
- العيد 80 للنصر - الجزء الرابع والعشرون - فضح مزيّفي التاريخ
- طوفان الأقصى 601 - إسرائيل والولايات المتحدة - نتنياهو يرد ا ...
- العيد 80 للنصر - الجزء الثالث والعشرون - هل كانت القيادة الس ...
- طوفان الأقصى 600 - من المستفيد من الصهيونية؟
- العيد 80 للنصر - الجزء الثاني والعشرون - كيف ومتى اتخذ أدولف ...
- طوفان الأقصى 599 - ترامب - الشرع - نتنياهو
- العيد 80 للنصر - الجزء الحادي والعشرون - أساطير الرايخ الثال ...
- طوفان الأقصى 598 - ترامب في الشرق الأوسط – جولة أعمال أم شيء ...


المزيد.....




- دخل منطقة محظورة.. سائق توصيل طلبات ينتهي به المطاف على مدرج ...
- -تصميم- فرنسي على الاعتراف بدولة فلسطينية... وشكوى ضدّ إسرائ ...
- الشركات الأمريكية تتمسك بالصين رغم الرسوم الجمركية المرتفعة ...
- بنعبد الله يستقبل وفدا عن عن الجمعية المغربية لحماية المال ا ...
- مودي يفتتح أعلى جسر سكة حديد في العالم يربط كشمير بباقي الأر ...
- لحظة رعب في السماء.. طفلان ينجوان بأعجوبة من قلعة مطاطية طائ ...
- ترامب: وفد أمريكي يجري في لندن يوم 9 يونيو مفاوضات تجارية مع ...
- -إنجاز طبي في مكة-.. استخدام روبوت في عملية جراحية دقيقة بال ...
- رغم شهداء المساعدات.. واشنطن تدعو العالم لدعم -مؤسسة غزة الإ ...
- الى الامام العدد 248


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 608 - كيف تحولت اليهودية من دين إلى عرق - دور الصهيونية والخلط الخطير بين المفاهيم