الفرق بين -التاريخ- و -الماضي- ، محمد عبد الكريم يوسف

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 7765 - 2023 / 10 / 15 - 12:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الفرق بين "التاريخ" و "الماضي"


في المدرسة أو الكلية أو الجامعة، عندما ندرس موضوعا يسمى "التاريخ"، من الشائع أن نسمع الناس يستخدمون مصطلحي "التاريخ" و"الماضي" بالتبادل والتناوب، كما لو أن الاثنين يعنيان نفس الشيء.

في الواقع، عندما نتحدث عن الماضي أو التاريخ عندما لا نكون في الفصل الدراسي، فمن المؤكد أن معظم الناس يستخدمون المصطلحين كمترادفين.

ومع ذلك، عند دراسة التاريخ كجزء من الدراسة الرسمية ، يتم استخدام هذين المصطلحين ليعنيان شيئين مختلفين. من المهم معرفة الفرق حتى تتمكن من استخدامها بشكل صحيح في أجزاء التقييم الخاصة بك.

ولمساعدتك على فهم الفرق بين "الماضي" و"التاريخ"، سأتحدث عنهما بشكل منفصل وأشرح كيفية ارتباطهما ببعضهما البعض.

و في النهاية، أتمنى أن تشعر بالثقة عند استخدام المصطلحين في المستقبل.

ما هو "الماضي"؟
==========

عندما نستخدم مصطلح "الماضي"، فإننا نعني كل الأشياء التي حدثت منذ بداية الزمن وحتى الوقت الحاضر.

بمعنى آخر، هو كل ما حدث قبل هذه اللحظة بالذات: كل شخص ومجتمع وحدث وفكرة كانت موجودة قبل الآن، هي جزء من "الماضي".

و لسوء الحظ، فإننا لا نعرف عن "الماضي" إلا بناء على ما بقي حتى الوقت الحاضر.

من المؤسف أن كل شيء تقريبا من الماضي قد اختفى إلى الأبد ولم يتبق سوى أجزاء من الأدلة التي تثبت وجوده على الإطلاق.

فكر في مليارات الأشخاص الذين عاشوا على الإطلاق وكيف أننا لن نعرف أبدا أي شيء عنهم، أو عن حياتهم، لأنه لم يبق أي شيء عنهم.

و بالمثل، فكر في عدد لا يحصى من الأسلحة والأدوات والمنازل والملابس والأفكار التي لا بد أنها صنعت على مدى آلاف السنين، وكيف انهار معظمها وصدأ وتفتت واختفى في غضون أسابيع قليلة وسنوات وقرون قليلة بعد ظهورها و بعد أن صنعت.

"الماضي" اصطلاحا يشير إلى كل هذه الأشياء، حتى لو لم تعد موجودة.


ما هو "التاريخ"؟
=========

في المقابل، يشير مصطلح "التاريخ" إلى الكيفية التي حاول بها شخص ما إعادة بناء "الماضي" بطريقة يمكننا فهمها.

في معظم الأحيان، يكون "التاريخ" عندما يكتب مؤرخ محترف كتابا لشرح ما قد يكون عليه مجتمع أو ثقافة أو شخص أو حدث، بناءً على الأدلة المتبقية.

إن أكثر الطرق شيوعا التي يبني بها المؤرخون التاريخ هي تقديمه في شكل قصة، وهو ما نسميه "السرد".

يسهل على معظم الناس فهم القصص، وتعرض الماضي بطريقة ترتيب زمني، من البداية إلى النهاية، وتأخذك في رحلة عبر أبرز أحداث السرد.
ومع ذلك، فإن جميع المؤرخين يعترفون بأن تاريخهم غير مكتمل، لأنه كان عليهم ملء الكثير من الثغرات في قصتهم، لأننا لا نملك كل الأدلة التي نريدها من الماضي لكتابة قصة كاملة.
ومع ذلك، فإن المؤرخين لا يقومون ببساطة بـ "تعويض" الفجوات في الماضي. وبدلا من ذلك، فإنهم يقضون سنوات في إجراء أبحاث مخصصة، محاولين اكتشاف أكبر قدر ممكن من المعلومات للتوصل إلى تخمين مدروس حول جوانب مختلفة من الماضي.
في النهاية، يعترف كل مؤرخ بأن قصته ليست سوى أفضل استنتاجاته حول ما هو الأرجح، بناء على الأدلة المتوفرة لدينا.
ونتيجة للحاجة إلى "سد الفجوات" من أجل بناء سرد حول الماضي، فإن المؤرخين منفتحون على سماع كيف يحاول مؤرخون آخرون كتابة التاريخ.
وإذا تمكن مؤرخ آخر من تقديم نسخة أفضل من التاريخ، فهو على استعداد لتغيير رأيه.
ولهذا نقول إن هناك "تواريخ" متعددة حول الماضي: فكل مؤرخ له تفسيره الخاص للماضي وهو قابل للمراجعة والتصحيح.

كيف يرتبط "الماضي" و "التاريخ"؟
===================

الآن بعد أن عرفت الفرق بين الماضي (كل ما حدث قبل الآن) والتاريخ (محاولة المؤرخ لسرد قصة الماضي)، دعونا ننظر إلى كيفية ارتباطهما ببعضهما البعض.

"الماضي" اكتمل ولا يمكن تغييره أبدا، لكن "التاريخ" هو المناقشة المستمرة لمحاولة تفسير الماضي وهو مفتوح للتغيير والمراجعة.

"التاريخ" يعتمد على ما نعرفه عن "الماضي"، وهذا يعتمد على الأدلة المتاحة. لا يمكنك كتابة تاريخ بدون أدلة.

أفكار أخيرة
=======

آمل أن يكون الفرق بين هذين المصطلحين الآن أكثر وضوحا بالنسبة لك وأن تتمكن من استخدامهما بشكل أكثر فعالية في كتابتك.

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل