أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مذكرات ما قبل الرحيل ج 21














المزيد.....

مذكرات ما قبل الرحيل ج 21


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7318 - 2022 / 7 / 23 - 22:32
المحور: الادب والفن
    


ما أكتبه ليست مذكرات شخصية عشتها ودونت فيها ما جرى أو ما أتذكر إنه جرى، ولا هي عرض لجزء من فاعلية وجودي كفرد عاش أكثر من ستين عاما مشرقا مغربا في هذه الدنيا، سعيد مرة وحزين مرات، أصابني الفشل كثيرا وأصبت النجاح قليلا.
مذكراتي هذه عنوان خلاصة لتجربة في الحياة سجلت فيها مواقف لا يجرؤ أحدا أن يقولها كما دونتها ومستعد للدفاع عنها، ليس لأنها مني أو أريد أن أفتخر بها أمام الناس كمنجز فكري أنجوته وأنا على ثقة تامة أنه لن يمر مرور الكرام في العقول الواعية، ولكن لأنها مخاض متعب عصي محفوف بالرهبة من الداخل والخوف من الخارج عشتهما بين صد وإقدام وصراع نفسي مهول.
اخاف سطوة الموروث الذي كلما مررت بصفحة مما أكتب يخرج لي شاهرا سيفه، مناديا الويل لكم أهل العقل والبصيرة، أرفه بوجهه شجاعة العلم وأصول مخترقا قوة أسوار السجون التي تعزلني عن العالم المفترض أن يكون عاقلا.
مذهول من إصراري الذاتي على المسير بأتجاه النهايات التي بين أيديكم والتي كتبتها في عقلي منذ أن أختمرت أفكاري عنها، أقرأها بشغف مستفسرا هل حقا أنها صارت مدونة يقرأ بعضها البعض فيستغرب.
ولا حتى أنا كنت أتصور في يوم من الأيام سأكون صاحب هذه الكلمات والآراء، ولكن عندما نزعت عن عقلي أغلالا قديمة وخوفا من مواجهة الحقيقة بكل أبعادها، لم يعد لي عذر أن أختفي خلف ضل أصبعي، فقررت أن أدون منها ما يفهم على أنه إنقلاب في بيت المعبد، أو ربما أشبه ما يكون بالأنفجار العظيم فيه.
في مذكراتي لست من الداعين لدين جديد لا لقواعد ولا أسس مختلفة، فكل الأديان تعني كلمة واحدة، إنها الطريق لما نؤمن به، ولا من الساعين لتسفيه أديان الناس وعقائدهم فهم أحرار بما يؤمنون، ولكن من حقي بعد ما أدركت أول الطريق أن أدعو لمن يبحث عن سبيل لمشاركتي في الرحلة الجديدة.
أحدهم معلقا على ما أكتب قال "أن مقولة لا نبي بعد لم ينسخها ناسخ ولم يفسخها قول، فهل أنت نبي هذا الزمان كما تزعم"، أجبت أن القول الصحيح فيها أن لا نبي ولا نبوة عن الله بالصفة والوصف الديني كما يشاع في عملية توكيل وتكليف وى إنابة شخصية في كل الذي جرى، ولكنها رسالة سمو وأنعتاق أرادها أصحاب العقل المبتكر وهم قلة على مدارج التاريخ في تغيير مجتمعهم.
فقد كانوا في الغالب ضعافا في الواقع المتجبر المتناقض بشكل لا يطاق وصل حد الإحراج التام، أما الحركة فيتغير كل شيء أو السكوت فيتراجع عنصر السمو لينام في حضيرة الحيوان، فلا قوة تسندهم للمضي نحو الهدف الجبري ولا سلطان معهم يمدهم بالمدد أو يتخذوه سند، فلجأوا إلى سلاح النفس.
سلاح الخوف والتخويف والوعد والوعيد عن لسان الجبار العظيم، وقالوا وهم صادقين بالنوايا من حيث أن النتيجة النبيلة أساسها النية النبيلة "أن الله أمرهم"، والأمر ليس نوعا واحدا ولا شكل محددا، فالأحاسيس كتصرف بموجب القوانين النفسية من الأوامر العلية في حركة الإنسان وسلوكياته، وأقول أنا أيضا وأزعم "أن الله أمرني" بعد أن كشف العلم عني حجاب الغرور.
أعرف أن هذا الكلام مستفز للبعض وقد لا يروق للكثير الكثير من أمة العقول أولا، سيهز وجدان الغالب من الغالبية والبعض يضعه موضع التهمة التكفير والسبة والتشهير، ويطالب بحذفي من قائمة الموجودات الحية في الوجود.
نعم من حقه أن يفعل ذلك وطبيعيا ولا ألوم أحد على أي موقف أو أي تصرف، المشكلة ليست هنا بل في جواب السؤال، هل أن فنائي أو أفنائي يعيد الزمن للوراء ويجعل حقائق العلم تتراجع عن موقفها الجديد؟ إذا كان الجواب نعم ومنطقيا وحقيقيا فلا بأس، رأسي مقابل الحقيقة.
ولكن الذي يقوله العقل والمنطق أن الشمس عندما تشرق على مكان وتكشف ما فيه، لا يمكن حتى لو عادت الشمس للوراء وهذا محال واقعا وفرضا لكننا في سبيل المحاججة نقول، أن تقدم الظلام لن يمحى المشهد الذي أشرقت عليه الشمس وكشفته على ما هو فيه لأن ذلك إنكار للواقع وكذي وتدليس على النفس حتى لو أرادت ستبقى تعاني من تصديق الكذبة.
قد تكون مذكرات أظن أنها جاءت في وقتها وتحت مصداق تسميتها ما قبل الرحيل، فالرحيل ليس نهاية دوما وقد يكون هو البداية الحقيقية لكشف مضامير الحق.
ولأنها رحيل مادي أو معنوي أيضا تأتي بمعنيين، الأول رحيل نهائي وأبدي وربما فراق وأنقطاع عن أفكار لازمتنا منذ أن عرفنا معنى الفكرة والتفكر، وشروع بالرحيل في بداية مسيرة يخالط فيها المجهول والمعلوم بقيادة العلم الذي سيرشدنا في هذه الرحلة، الرحلة التي تقودنا إلى الله الحقيقي الذي لا يجلس على عرش ولا يمسك الطير أن تقع، ولا يجعل من النجوم والمجرات أسلحته الفتاكة ضد الشياطين والأبالسة والجن.
الرحيل النهائي إلى الله العظيم الذي هو فوق كل مقاسات العظمة يكمن في خطورة ما وضع من قوانين كلية للوجود، ليبقى وجودا أبديا مع كل تبدل وتغير وتحول في الموجودات.
الله وهو الثابت الوحيد المطلق الذي لا يتغير ولا يستبدل ولا يتطور ولا يفنى ولا يستحدث، لأن كل تلك الصفات التي خلقها وزرعها ضمن منظومة ديمومة الوجود لا تقترب منه ولا يتصف بها ولا تناسبه لأنه هو من أبتدعها للسيطرة والتنظيم.
رحلة الوجود لا بد أن تكون أيضا عظيمة مبدعة سامية كلية لا فيها شك ولا شبهة تامة أو ناقصة، رجلة تشبه الميلاد الأول في الوقت الأول قبل أن يتحرك الوجود في تنفسه الأول ويصير أنفاسا ونقوسا.
إذا هذه رحلتي وأرتحالي إلى القوة التي لا تطيقها قوة ولا يتحمل أو يحتمل وجودها تنافس أو تضاد أو تفريع أو تفريغ، إلى الله نسير.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 20
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 19
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 18
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 17
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 16
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 15
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 14
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 13
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 12
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 11
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 10
- مذكرات ما قبل الرحيل ج9
- مذكرات ما قبل الرحيل ج8
- مذكرات ما قبل الرحيل ج7
- مذكرات ما قبل الرحيل ج6
- مذكرات ما قبل الرحيل ج5
- مذكرات ما قبل الرحيل ج4
- مذكرات ما قبل الرحيل ج3
- مذكرات ما قبل الرحيل ج2
- من مذكرات ما قبل الرحيل


المزيد.....




- تحولات الهوية الثقافية الكردية في سوريا.. من القمع إلى التأص ...
- سوزان بريسو تروي عن طه حسين الذي غيّر حياتها وألهم العالم
- -كانت تدغدغني-.. شاهد حشرة تزحف على جينيفر لوبيز خلال عرضها ...
- سوزان طه حسين: الحب الذي أضاء ظلام عميد الأدب العربي رغم اخت ...
- فنان سوداني لاجئ يصرخ في وجه العالم.. -لماذا يهملوننا-؟
- رواية كردية شهيرة
- على صهوة جواده.. فنان سنغالي يلفت الأنظار برسالة تضامن مع غز ...
- على صهوة جواده.. فنان سنغالي يلفت الأنظار برسالة تضامن مع غز ...
- وزيرا الثقافة والعمل يتفقدان البلدة القديمة من الخليل
- رحيل المخرج والكاتب المسرحي التونسي الفاضل الجزيري عن عمر نا ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مذكرات ما قبل الرحيل ج 21