بغداد - كابل- الرقة .... ذات السلطة تنتج القوانين ذاتها


جلال الصباغ
الحوار المتمدن - العدد: 7531 - 2023 / 2 / 23 - 21:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

تصر سلطة الاسلاميين على تمرير قوانينها الهمجية في محاولة للقضاء على الفسحة المتبقية من الحرية، معززة من الانحطاط والتخلف الذي يخدم مصالحها في هذه المرحلة التاريخية ، فلا يوجد عندها غير المنع والتحريم، مرة عن طريق الإرهاب والقتل وأخرى عبر قوانين استبدادية بوليسية، فبعد أن أحكمت سلطة القوى المليشياوية قبضتها على الدولة ومؤسساتها بشكل كامل، صارت تصدر كل يوم قانونا جديدا، يمكنها من التحكم بمصائر الناس، فلا يحق لأحد الخروج عن أوامر ونواهي الملالي والقضاة وفتاويهم وقوانينهم.

ان سلطة حركة طالبان بالإضافة لسلطة الدولة الإسلامية "داعش" واحدة من أبشع التجارب التي اذاقت شعوب أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا وغيرها شتى أصناف العذاب بسبب الإرهاب الذي فتك ولا يزال يفتك بحياة ملايين المواطنين، فقد طبقت هذه العصابات قوانينها البربرية على المجتمعات التي سيطرت عليها، ومارست القمع والإرهاب تجاه كل من يختلف معها. وجوهر قوانين هذه الحركات والتنظيمات يتعلق بخنق الحريات وفرض ازياء معينة بحجة " الاخلاق" و " العادات والأعراف" وغيرها من المسميات، بالاضافة الى منع اي انتقاد او اعتراض على طريقتها في إدارة الدولة.

بعد اربع سنوات على انطلاق انتفاضة أكتوبر التي هزت أركان النظام الإسلامي القومي الفاسد والناهب، فاضحة كل ممارساته الطائفية والقومية، كاشفة زيفه الذي عمل منذ الاحتلال الأمريكي ولغاية اليوم على نهب موارد المجتمع وافقار وتجويع الناس وحرمانهم من الحقوق والحريات. اليوم وبعد افلاس هذا النظام ها هو يستقتل في سبيل تعزيز بقاءه في السلطة، محاولا القضاء على اي هامش للاعتراض وإبداء رأي مخالف.

لا تختلف سلطة الاسلاميين في العراق عن سلطة طالبان او داعش، فقوانينهم واحدة، لأنهم جميعا يخافون من تحرر المرأة، كما انهم مغرمون بسن القوانين التي تحاسب وتسجن وتقتل كل من ينتقد المؤسسة الدينية، أو اية مؤسسة أمنية او قضائية او عشائرية، فهي أدواتهم في السيطرة على المجتمع.

يعتقد بعض السذج والسطحيين والمنتفعين ان تشريع وإقرار قوانين المحتوى الرقمي او ما يسمونه بالمحتوى الهابط او حتى قانون منع بيع وتجارة وتناول المشروبات الكحولية، جاء نتيجة دوافع دينية او " اخلاقية" والحقيقة ان الهدف من هذه القوانين واشباهها انما هو محاولة فرض السيطرة الكاملة على الجماهير، وخنق اية فرصة للتعبير عن الرأي والاعتراض، فهذه القوانين تعطي الشرعية للنظام في ادامة بقاءه عن طريق القمع وتكميم الأفواه.

ان فرض هذه القوانين يتعارض بشكل صارخ مع حق الناس في العيش، وهو تعبير عن افلاس أحزاب وقوى النظام التي فقدت ارتباطها الكلي بالجماهير، كما أنه انعكاس لعمق الأزمة التي تعيشها.

اللافت في الحملة المنظمة التي أطلقتها حكومة شياع السوداني بالضد من الحريات، هو صمت الدول والمنظمات الراعية للنظام، فلم نسمع او نقرأ اي شجب من منظمة الأمم المتحدة ولا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وكذلك الصين وروسيا، الذين يتباكون على الحريات، لكن ليس في العراق انما في الدول الخارجة عن هيمنتهم، ما يؤكد أن هذه الأطراف لا يهمها سوى مصالحها، سواء أكانت السلطة بيد طالبان او داعش او المليشيات.

#جلال_الصباغ