حول جولة الرئيس الفرنسي في العراق


جلال الصباغ
الحوار المتمدن - العدد: 7003 - 2021 / 8 / 29 - 22:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

بعد اكتمال أعمال مؤتمر ما سمي بالشراكة والتعاون في بغداد، قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بجولة شملت مدينة الكاظمية وتحديدا مرقد الكاظم يرافقه رئيس وزراء الطوائف والقوميات والاديان مصطفى الكاظمي، والتقى برجال دين وزار المكتبة هناك، كما تسلم كتابا على غلافه صورة للسيستاني. ليحزم حقائبه شمالا إلى مدينة الموصل ويزور إحدى الكنائس ويلتقي برجال دين مسيحيين، وبعدها يذهب إلى موقع الجامع النوري برفقة رئيس ديوان الوقف السني!!

لماذا يا ترى لم يزر ماكرون مصنعا معطلا او جامعة او مدرسة او يلتقي بالشباب الناقمين على حكومات الاسلام السياسي المتعاقبة؟ ولماذا فضل الذهاب إلى معاقل الديانات والطوائف؟ وما هي الرسالة التي يود الرئيس الفرنسي ايصالها من خلال هذه الزيارات؟ مجموعة من التساؤلات تثيرها جولته الأخيرة. لكنها تعبر في حقيقتها عن طموح فرنسا ومن على شاكلتها من الدول بأعادة الحياة لقوى تنازع الموت.

ان فرنسا كما هي القوى الرأسمالية العالمية تبحث عن موطأ قدم لشركاتها ومصالحها، وهذه المصالح لن تتحقق دون وجود قوى سياسية تسهل هذه العملية، وخير من يقوم بالمهمة في هذه المرحلة هي القوى الدينية والطائفية والقومية. لكن ماكرون كما هي القوى العالمية والإقليمية يدركون أن هذه القوى بدأت تعاني من الأزمات الخانقة، بل إن خطابها لم يعد يقنع سوى القليل من المنتفعين والانتهازين، ام الغالبية العظمى من الجماهير فتقف بالضد من شلة اللصوص والقتلة التي تحكم البلاد.

ان محاولة إعادة الروح للمراكز الدينية والطائفية اسلوب وتكتيك قذر تمارسه القوى المتحكمة في العراق منذ عقود، فهي الورقة الرابحة لهم دائما، ومع تشكل قوة جماهيرية بالضد من سياسية هذه المراكز، جائت زيارة ماكرون كدعم واعتراف بدور وسلطة الطائفيين والقوميين لتقول نحن معكم في تقسيم البلاد إلى اثنيات وطوائف، فأنتم لستم مواطنين كما بقية مواطني الكرة الأرضية، إنما انتم شيعة وسنة وكرد ومسيحيين.... الخ.