جريمة جبلة ...ليست الأولى ولن تكون الأخيرة


جلال الصباغ
الحوار المتمدن - العدد: 7125 - 2022 / 1 / 3 - 23:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

اثارت مجزرة جبلة في محافظة بابل ردود افعال جماهيرية غاضبة، فضحايا المجزرة التي ضمت اطفالاً لم يتجاوز عمر احدهم العشرة ايام، تعبر عن سياسة ممنهجة تقوم بها الاجهزة الامنية، وتبين بوضوح ان هذه الاجهزة لا تختلف بشيء عن الميليشيات الاخرى التي خطفت وقتلت المواطنين ولا تزال.

كل ما يقال عن محاسبة الجناة الذين ارتكبوا هذه المجزرة باسلحة ومركبات حكومية، هو مجرد هراء وكذب لم يعد ينطلي على احد، فحتى لو تم محاسبة فرد او مجموعة قليلة من الافراد، فأن المليشيات والقوى الامنية لن تكف عن ابتزاز المواطنين وترويعهم، ولن تتوقف عن الاستغناء عن الدعاوى الكيدية من اجل اعتقال وترهيب الابرياء لدوافع مادية او طائفية، كما انها لن تدخر جهدا، في سبيل اسكات الاصوات المعارضة لحكم الاسلاميين وشركاؤهم، ولن يحاسب احد زعمائها الذين يتفاوضون اليوم على تشكيل الحكومة وتوزيع الحصص فيما بينهم.

ان رد الفعل الجماهيري الذي اجتاح العراق عقب هذه الجريمة الشنيعة، هو الذي شكل ضغطا على حكومة الكاظمي من اجل التحقيق في اسبابها ودوافعها، دون امل من هذه الجماهير في تغيير السياسة المتبعة للحكومة واجهزتها ومليشياتها، فهذه السلطة التي تتعدد مصادر القرار فيها، وتتصارع اجنحتها من اجل المزيد النفوذ، لن تضع حدا لهذه الجرائم التي تتكرر دائما مرة بصيغة اهمال وانعدام لشروط السلامة والامان بسبب الفساد، كما حدث من حرائق في مستشفيات الخطيب والناصرية. ومرة اثناء العمليات العسكرية التي قامت بها المليشيات في الانبار والموصل وصلاح الدين وما رافقها من عمليات تصفية وتغييب لمئات الاشخاص، وثالثة لعمليات القتل والخطف التي رافقت انتفاضة اكتوبر منذ انطلاقها ولغاية الان.. ورابعة وخامسة وعاشرة فهذا النظام لا ينتج غير القتل والسرقة والنهب، وكل ما يقوله من عمليات تحقيق وتشكيل لجان وغير ذلك انما هو نكتة سخيفة لم تعد تثير سوى القرف.

تتعمق يوما بعد اخر الهوة بين الجماهير وهذه السلطة، كما تصبح المقارنات التي يجريها المواطنون بين ردود افعال سياسيين ورجال دين ومرجعيات حول الاحتفالات برأس السنة او حفلات فنية وما يرافقها من هجوم واستنكار لهذه الفعاليات، يقابله في ذات الوقت صمت مطبق امام قتل الناس بدم بارد، فلم تصدر اي مرجعية بيان شجب او استنكار، ولم يستنكر حزب اسلامي قتل عشرين مواطنا بدم بارد، ولم نشاهد رجال دين يعقدون مؤتمرا صحفيا لادانة القتلة.

هل تعلمون لماذا أيها السادة؟ ببساطة لان المليشيات والأجهزة الأمنية هي اهم أذرع السلطة وممثليها من رجال الدين واحدى أدواتها في قمع الجماهير واسكاتها وترويعها من أجل الحفاظ على هذه السلطة المتهالكة، فمن الطبيعي بالنسبة لها الحفاظ على هذه الأجهزة القمعية. والوقوف بوجه اي حدث او فعالية فنية او ثقافية تعريهم وتبين حجم الكره الشعبي لهم