مؤتمرات قوى وناشطي الانتفاضة


جلال الصباغ
الحوار المتمدن - العدد: 7347 - 2022 / 8 / 21 - 22:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

تزداد وتيرة عقد المؤتمرات واللقاءات الخاصة بقوى وناشطي انتفاضة اكتوبر، وتتميز جل هذه المؤتمرات بخصيصة واضحة، هي الخروج بـ"لا شيء"! اي انها على المستوى السياسي العملي الذي يدفع نحو اهداف سياسية واضحة للخلاص من النظام الحالي فأن نتائجها تساوي صفرا. او انها بالمنطق الرياضي تنحدر نحو السالب، باعتبارها واحدة من معوقات تطور الحراك الثوري الجماهيري الثوري التحرري. ورغم اهمية عقد مثل هكذا مؤتمرات كونها الكاشف عن طبيعة الحراك " المعارض" الجاري في العراق، تبقى بحاجة الى التشخيص والنقد.

واحدة من اهم المعوقات التي تقف بوجه هذه المؤتمرات هو مشاركة قوى وشخصيات محسوبة على الانتفاضة الا انها في جوهرها وصميمها هي جزء من قوى الثورة المضادة وهذه القوى والشخصيات لها علاقات وارتباطات باحزاب النظام بطريقة مباشرة او غير مباشرة، ولديها منهجها الاصلاحي الترقيعي، الذي يدعوا الى الحفاظ على بقاء النظام ومؤسساته الحزبية والدينية والعشائرية، ويعمل بشكل حثيث على بث الاوهام في اوساط المنتفضين، من ان المشكلة ليست في النظام برمته، انما في هذا الطرف او ذاك، او بسبب عدم تطبيق الدستور بشكل صحيح او ربما تكمن المشكلة ببعض فقرات الدستور او بالقانون الانتخابي، وما الى ذلك ترهات تعشعش في عقول هؤلاء.

اما بالنسبة للقوى المتبنية لفكرة الخلاص الجذري من نظام المحاصصة القومي الطائفي القائم، فهذه القوى هي خليط غير متجانس من الرؤى اليسارية والعلمانية والمدنية، وهي في غالبيتها لا تمتلك مشروعا سياسيا واقتصاديا بديلا للنظام السياسي والاقتصادي الحالي، ومؤتمرات هذه القوى دائما ما تخلو من اية ورقة عمل او تصور واضح لشكل والية التغيير المقترحة، لذلك نجدها عبارة عن حوارات ونقاشات ومناكفات تنتهي بانسحاب هذا الطرف او ذاك، لتبقى تدور في حلقة مفرغة من الطروحات المثالية البعيدة عن تطلعات الجماهير التي خرجت في انتفاضة اكتوبر من اجل التخلص من حكم القتلة واللصوص. او في افضل الاحوال تبقى تدعو نفس دعوات قوى واحزاب النظام.

تتحدث غالبية مؤتمرات القوى المعارضة للنظام عن ضرورة تنظيم الجماهير من اجل الاستعداد لأي حراك ثوري مستقبلي، لكن لم تتحدث هذه المؤتمرات عن اليات مثل هكذا تنظيم ولا الطريقة التي يمكن من خلالها توحيد نضال جماهير الشغيلة والمعطلين والمضطهدين وما هي الخطوات العملية لذلك، فهي تبقى مجرد انشاء وكلمات تعيش في ادمغة قائليها، متأثرة على طول الخط بخطابات السلطة ومثقفيها واكاديمييها الانتهازيين.

لا يمكن ان ننكر الدور المحوري الذي يقوم به النظام عن طريق عناصره وبلطجيته الذين يكونون حاضرين داخل هذه المؤتمرات، والذي يعمل على عدم انضاج اية رؤية سياسية موحدة تخدم قضية التنظيم، فالنظام المأزوم يعمل جاهدا بكل اطرافه على قتل اي مبادرة لتنظيم الجماهير وهي في مهدها.

يبقى على القوى والاحزاب والناشطين المشاركين في اي مؤتمر والمتبنين للنهج الثوري من اجل الخلاص من النظام، كشف كل الواقفين بوجه التنظيم الجدي للجماهير وفضح مخططاتهم وسياساتهم. بالاضافة الى العمل على اشراك ممثلين عن كل الشرائح والفئات المستفيدة من الخلاص من النظام في هذه المؤتمرات، والعمل على الخروج بتوصيات وخطة عمل تذهب الى تنظيم الناس في مناطقهم واماكن عملهم ودراستهم، والانطلاق من القاعدة الاجتماعية التي تشكل الغالبية العظمى للمجتمع، وليس تنصيب بعض الافراد كناطقين باسم هذه الغالبية دون وجود امتداد حقيقي يربطهم بهموم وتطلعات الشعب.