عشتار الفصول:12873 هل تبقى المبادئ والقيم ثابتة، جامدة لدى المجتمعات ؟!!


اسحق قومي
الحوار المتمدن - العدد: 7636 - 2023 / 6 / 8 - 16:06
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

بعيداً عن التعريف الأكاديمي للقيم والمبادئ .وبعيداً عن ما أدلى به الفلاسفة والمفكرين منذ سومر وأكاد وأشور وفينيقية ودمشق ومصر واليونان .بعيداً عن فلاسفة القرون الوسطى الغابرة.
نجد أن نُقدم إجابة ً موجزة ً ولمحة عن سؤال يبدو بالنسبة لي غاية في الأهمية ألا وهو .
هل نبقى نعبد المبادئ والقيم التي رسختها المجتمعات الرعوية والزراعية والصناعية في طورها الأولي ونحملها معنا كتابوت العهد؟!!
أم أنّ هناك قراءات جديدة تتغير من خلالها رؤيتنا عن الحقائق الأساسية التي ترسخت في قشرتنا الدماغية وتفرض نفسها على مجموعة تحركاتنا وسلوكياتنا .
ومن جهة أخرى نحن محكومون بجملة تغيرات سونامية على الصعد كافة هذه الأيام والأيام المقبلة أكثر ؟
وخير الكلام موجزه . هل نحنُ نعيش في عالم يشبه عالم المبادئ التي توصل إليها الإنسان المفكر سابقاً؟
وهل نعتقد أن المبادئ التي نشأت من خلال الخبرات التراكمية هي أصنام لا تتغير وعلينا عبادتها والتمسك بها هو الفضيلة .؟!! هل الفضيلة والحق والخير فقط تكمن فيما ابتدعه الإنسان سابقاً؟
هل الإنسان الحالي عليه أن يشبه في قيمه وسلوكيته إنسان العصر السابق لعصر الصناعة وثورتها ؟!
فإذا كانت الظروف ومجموعة القِوى الضاغطة على سلوكيتنا قد تغيرت.
فلماذا نحن نتمسك بقيم لم تعد تجدي نفعاً ؟!!
لابل أصبح أغلبها عائقاً أمام سعادتنا ونجاحنا وتأقلمنا مع الواقع الذي نعيش فيه ألا وهو الثورة الرقمية وعصرها النوني.
من هنا نجد الضرورة تقول: كما تُغير الأفعى جلدها وتتخلى عنه للأبد لابل ترميه فيفنى ، وكما ندفن عزيزنا الذي مات ونعود لبيوتنا ، وكما يُقلم الفلاح الدالية وأشجاره حتى تنمو أكثر وتُعطي خضرة وثمارا.. هكذا أعتقد علينا أن نبتدع مبادئ وقيم تتناسب مع المتغيرات. وإلا نحن في حالة حرب وتناقض بين الذات والنفس والواقع والمجتمع .
ومن هنا تنشأ ضرورة تطور القوانين الوضعية ومجموعة المبادىء والقيم تلك التي نجد تأثيراتها قد تحولت إلى مجموعة قِوى ضاغطة سلبية على جهازنا العصبي والعقلي والفكري وحتى الخلقي والحقوقي .
علينا أن نتسامح مع من يفكر في إبداع مبادئ تتناسب مع التطور والتقدم.ونُشجعه على تقديم مقترحاته وعصارة فكره. وهذا أيضاً لايعني أن نتخلى عن القيم الإيجابية التي تعلمناها في سبيل استبدالها بقيم عبثية.
منهجنا لايدعو لإبداع قيم عبثية تتخلخل في تطبيقاتها شخصيتنا المحورية وإنما علينا بتقليم المبادئ والقيم التي تربينا عليها لضرورة استمرارية الحياة.
فالكرم الحاتمي الذي كُنا نجده قبل خمسين عاماً أصبح اليوم موضع شك في القراءات الرصينة للحكماء.رغم أهمية التراحم لكن الواقعية تغيرت وتبدلت في عقول معتنقيها وهذه حتمية التبدل والتغير والتطور .
علينا أن نتفهم آثار سرعة التطور على مجموعة المبادئ التي نسعى لنؤسس عليها ثوابت لحياتنا . كما علينا أن نتفهم أهمية الرطوبة والحرارة والبرودة والعوامل الخارجية التي تُصيب النحاس الذي نضعه على بعض المباني أو التماثيل في الحدائق العامة والتغيرات التي تعتريه .هكذا علينا أن نتفهم عقلية أولادنا وأحفادنا التي لم تعد تتناسب مع عقليتنا .فهم بالحقيقة ليسوا متمردين علينا رغم تقديري لآثار عملية المناهضة بين الأجيال( صراع الأجيال) ولكنهم يعيشون عالماً من القيم والمبادئ لا تشبهنا في أغلب مفاصلها ومحطاتها.
لهذا نراهم وكأنهم تمردوا على احترامنا .ولكنهم لا يقصدون هذا على الإطلاق .من هنا أرى أن نجدد في أذهاننا . لتتناسب مع المتغيرات .اقرأوا شخصيتكم في جميع محاورها .قراءة تعتمد العلمية والموضوعية. وابعدوا العاطفة عن معتقداتكم الحياتية وخاصة العاطفة الدينية .فقد أضحت الأديان كلها ومن خلال التطور والتقدم وكأنها مواطن الشك لهذا علينا أن نُجدد في متون الأديان وطقوسها وتكون لها مناهج تتناسب مع الواقع والمتغيرات وإلا فهي على حافة هاوية سحيقة . أجل ستنهار قريباً مهما كان الخوف من المجهول ومن عِقاب الآخرة كما تصورها تلك الأديان . لأنه سيأتي جيل هو قريب منا. حيث سيرى فيها خرافة من خرافات الزمان . لا يغشكم ما تبثهم آلة اليوتوب ووسائل التواصل وغيرها وما يروج أولئك الذين يدعون ويلصقون أقولاً لم يقلها هذا الدين أو ذاك إنما يبتدعونها حتى يوهموا الجهلاء والأغبياء بأن ذاك النبي قد قالها وهذا دليل على عظمته وبالحقيقة هم الذين ينسبونها إليه . دعوكم من القول فالأفعال باهتة والناس لم تعد أناس قبل خمسين عاماً.
المبادئ والقيم التي لا تتناسب مع الواقع فهي لا تستحق أن نتمسك بها لماذا؟
لأننا نؤمن أن العقل سيبقى مبدعاً .وهذه وظيفة المفكرين والفلاسفة والعباقرة فلا خوف على منظومة قيم نُجدد فيها لتتناسب مع الحياة .
وللحديث صلة.
# اسحق قومي.8/6/2023م.