عشتار الفصول:12911 وجهة نظر


اسحق قومي
الحوار المتمدن - العدد: 7667 - 2023 / 7 / 9 - 16:11
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

القيم وغياب النقد العلمي والموضوعي.
لا تقرأ ما أكتبه لو سمحت.ولا تطرح نفسك بديلاً عني إن كنتَ تحترم ذاتك .
لكن هل سألت نفسك بجدية عما يجري من حولكَ ، ولماذا يجري، ومن متى يجري ومن المسؤول؟!!
في سبعينات القرن العشرين الماضي .
ياسادتي ياكرام وعلى مساحات الفيس بوك ووسائل الأنستغرام . والتي وزعتنا نهبا وقلقا .
كان ياماكان وكانت مادة القيم من المقررات الجامعية في جامعة دمشق ،كلية الآداب ،قسم الفلسفة والدراسات الاجتماعية . يُشاركنا في هذه المادة أيضاً ما كان يُسمى (بالإجازة العامة ) . إذْ لم يكن بعد هناك قسم علم الاجتماع قد تم فرزه عن الفلسفة والدراسات الاجتماعية .وكانت (مادة القيم )التي كان يدرّسها الدكتور عادل العوّا تتضمن مجموعة عناصر ومقررات مثل كتاب (مدرسة الآلهات )للمفكر إيتن جونسن .آه ٍ لو تعود تلك الأيام لفديتها .إنما كل ما أريد قوله . أنّ المخيلة الجمعية للمجتمعات المشرقية على وجه الخصوص كانت تعيش فترة أسميتها ( الفردوس المفقود). وهذه الفترة هي نتاجات ومحمولات تلت الحرب العالمية الثانية والتي أغنت الوجود الإنساني بمدارس متعددة تبدأ من المدارس السلوكية في علم النفس والفنية والتشكيلية والفكرية والفلسفية والتربوية وغيرها . كما وجدت أيضاً مدارس نقدية تقوم وتُشرف على مجموعة الأنشطة البشرية حتى تلك التي تتعلق بالقوة الشرائية للمواد التموينية . وإذا ما تأكد لنا أن ماركس وأنجلس وتلاهما لينين كانوا يقدمون لنا مناهج جديدة في دراسة الواقع سواء منه مايتعلق بالقيم العليا أو بالواقع وحركة المجتمعات وتطورها وآلية صناعة القيم كان على الضفة الأخرى من المشهد تلك المدارس الفكرية والسياسية تتعدد وتتنوع وتوثر في حياتنا وأيّ تأثير.؟!!
فمع كتاب العدم والوجود لسارتر ،والمادية التاريخية والديالكتيكية اللينينية وما يطرحه المناضل أرنستو جي كيفار والواقع المعاش تتشكل تلك الأطياف القوس قزحية وتلّون حياتنا بروافد تسقيها .فكنا نجد شخصيتنا تتشكل وتنمو وتكبر ضمن تلك الأجواء التي كانت تتسم بسمات لم نعد نراها اليوم ...
لن أطيل عليكم حتى مع مظفر النواب ومحمود درويش والقضية الفلسطينية كل هذه المشاهد المؤثرات التي كُنا نعيشها .كانت هناك فسحة للقيم الاجتماعية والعادات والتقاليد واحترام القيم التي كان يؤمن بها جاري . وهكذا الكل ملتزم بدائرة الشيم والرجولة والتضحية والإثار على الرغم من وجود مايُخالف مانقوله ونُدرك بأن ( لكلّ قاعدة استثناءات) . أجل كان المجتمع يُشكل أكبر مدرسة وأوسعها في تقييم ما كُنا نتناوله ونؤمن به، ونعمل على تجسيده ،في حياتنا. وكانت العلاقات تنتظم من خلال تلك القيم الاجتماعية مع وجود القانون لكنه كان شبه معطل لصالح الحل الاجتماعي .والإيمان بأن للكل ّ الحق في العيش والحياة والعمل وتأمين مستلزماتهم .وكانت الأنظار منصبة إلى مناهج تقوم على النقد في كلّ محور من محاور الحياة .إذْ كان يُعتبر النقد بحد ذاته (مدرسة تقويمية) لكلّ الأنشطة الإبداعية ،وغير الإبداعية. حتى الأحزاب ،كانت تعقد مؤتمراتها الدورية ،وتقوم بعملية نقدية لما مرّ بها حتى تضع خطط مفيدة للمستقبل .
أما اليوم ومع الأسف نجد وباختصار مايجري في العالم هذه الأيام ، وبشكل متسارع .لا يُعطي فرصة للتحليل ،أو النقد، أو تقديم أيّ رأيّ فيما يجري ويؤثر على حياتنا بشكلّ أو بآخر .
والتراكمات العالمية المتسارعة بقوتها الانفجارية تزيد من ( الطين بلة) كما يقولون .سواء أكان منها مايتعلق بالأمن والسلم العالمي أو الأمن الغذائي العالمي ، أو التجارة العالمية ،أو حتى عن التعليم والتعلم، وعن الأخلاق السائدة والمتحولة والمتغيرة .
ولهذا نرى المجتمعات الاستهلاكية خاصة تنحدر يومياً إلى مستويات قياسية في التخبط وعدم مجانستها مع مايحدث فتفرز معطيات جديدة تتطلب قراءات موضوعية ولكن حتى على مستوى الدول نرى التهميش لاتخاذ قرارات ٍ صائبة تقود سفينتها نحو الميناء الآمن.إنّ ظاهرة العبثية والانحلال تتصدران المشهد الحياتي برمته .من هنا نجد عبثية اللحظة التي فقد فيها الكتّاب والشعراء والفنانين التشكيليين والمغنين ثقتهم بقيمة النقد .ثمة أصوات ٍ تدعو وتدعي بأنها تقوم بعملية نقدية وتبشيرية لما جرى ويجري ولكن كل هذا يشبه الخجل الذي ينتهي لمجرد النظر بعيون حقيقية له .فتأثيرات تلك الحالات لايمكن أن تُسجل أيّ تغيير يُذكر.
إنّ مايجري في العالم ككل وبالمحصلة سيؤدي حتماً إلى عملية تراكمات كبيرة وضخمة وهائلة وراء السد غير المنظور والمقام ضمن سياقات الواقعية ولكن انفجارات على صعد عديدة ستكون حتماً وضرورة حدوثها.
1ً=أول تلك الانفجارات تؤسس لها حاجة دول القارات المتقدمة والمتطورة إلى أبناء القارات الفقيرة للقيام بإنجاز الأعمال الضرورية .كون المجتمعات المتطورة ميتة بالقوة لنتائج الحرية( الفوضى) التي تبنتها تلك المجتمعات وادعت يومها أنها منطلقات حضارية .أجل ضرورة الحاجة للقادمين سيؤدي إلى خلط لم تعده البشرية منذ وجودها حتى اليوم. وسيؤدي إلى ضرورة استحداث أنظمة دستورية جديدة لصالح الغرباء على حساب الأبناء، وسيكون هناك صراعاً ثقافياً ودينياً وحضارياً بين القادمين والقدماء مما سيجعل البراكين قابلة للانفجار في أيّ لحظة كانت.
2ً= لا أحد يُمارس النقد حتى على مستوى الدول .وكل من يُمارسه بحرفية يُدعى متطرفاً ، راديكالياً . علينا أن نوافق القيم التي تطرحها النخبة الحاكمة للعالم .وأيّ مخالفة سندفع ثمنها غالياً.فقد اخترقوا أمن الدول والدين والسياسات التعليمية والاقتصادية. ولم يتبق لهم غير اختراق المجهول .بالعربي كما يقولون السياسات الغربية برمتها والكنيسة الكاثوليكية وغيرها قد اخترقوها ورسخوا قيمهم بها وبالكهنوت .من خلال مشروع المثلية الجنسية.فعن أيّ قيم سنتحدث؟!!
لن أكمل . كلّ منّا يدعي بأنه ناقد ولكن ليس هناك من عملية نقدية تؤدي إلى إيقاف أمواج ما يُطرح من زبد في واقعنا.
وللحديث صلة.
# اسحق قومي.9/7/2023م