عشتار الفصول:13922 مع الأسف (إنّ الله لايُغير مابقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم)


اسحق قومي
الحوار المتمدن - العدد: 7773 - 2023 / 10 / 23 - 12:55
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

تتغير مواقفنا وآرائنا وتثور ثائرتنا تجاه بعضنا ،وننسى كلّ شيء جميل بيننا، وكلّ ما بنيناه من جسور ٍ كُنا نظنُّ أنّ لا الفيضانات الجارفة ولا الأعاصير الهدامة تستطيع أن تقتلع تلك الجسور الراسخة بيننا . ولكن بلمح البصر ٍ ترانا ننقلب على من عشنا معهم فقط لمجرد أن تعرضوا في سياقات واقعية لمجرى أحداث ٍ تخصنا وعنها نحس بأنهم يخدشون حياء حقائق لدينا نظنها أنها من المقدسات والمنزلة تلك التي لايمسها أيّ كلامٍ من قريبٍ أو بعيد هكذا نظن .أو إذا تعرضوا للجوانب القومية أو الدينية أو العشائرية أو التاريخية لدينا أحياناً أخرى.
كما ونعتقد بأنّ كلّ ما يُخالف كرامتنا وعنجهيتنا هو حربٌ علينا، وقد لايكون هكذا بالنسبة للآخر .فما يُحدد تعصبنا وتقوقعنا هو تخلفنا العقلي وقدرتنا على قراءة الأمور بواقعية وليس من خلال ما ورثناه بشكل آلي. إذ لا نُعمل عقولنا بعلمية وواقعية بل تثور لدينا الحمية حال توجيه أيّ شيء يُخالف قيمنا الروحية والدينية والقومية والتاريخية .مع العلم أننا نجهل حقيقة تلك القيم التي نتبناها وهي التي تُسير سلوكنا بدون أن نُفكر فيها يوما ما ونسأل أنفسنا هل تصلح لحياتنا وواقعنا أم لا ؟! ما صحتها أو موضوعيتها .؟!! بالرغم من التقدم التقني والعلمي الذي نعيشه .المشكلة الكُبرى هو أننا لانُكلف أنفسنا بدراسة موروثنا بقدر ما نُدافع عنه بشوفينية مقيتة.ولازلنا نجرمُ من يقترب على نقد شيئاً منه.
ولهذا فنحن نورث أجيالنا الأمراض التي حملناها منذ زمنٍ طويل ، ونُحملهم أتعاب ماضينا ومعتقداتنا ونضعهم في ورطة من أمرهم لابل نحن من يُقدمهم إلى المحرقة في أغلب الأحيان خاصة في مايخص معتقداتنا وطقوسنا .
لهذا أعتقد مايلزمنا ثورة تجتاح مناهجنا التربوية والدينية وتقوم على غربلة لموروثنا وثقافتنا لأنّ الأجيال القادمة قريباً ستكتشف الحقائق وسترى بأنّ أغلب موروثنا الذي نتبناه فيه الغث والسمين ، الحقيقة والخيال والخُرافة .ولهذا فأغلبه لايستحق أن نُفكر فيه بل ستستبدله بماتراه من الثقافة العالمية .من هنا تنشأ مقومات الثورة المدمرة القادمة على ثقافتنا إن شئنا أم أبينا لأنّ أجيالنا ستكون مسلحة بكلّ أنواع العلوم والتقنيات وسينكشف أمامها كلّ ماضينا وثقافتنا ومخزوننا الفكري.
وستتبنى من الثقافة العالمية أكثر من 86% في سلوكها اليومي بينما مصيب مخزون ثقافتنا لن يكون له أكثر من 14% .وأما المحطة الهامة الأخرى التي أشير إليها هنا والتي أراها إشكالاً صعب الحل هو أننا نرى من يدعون بالثقافة والتقدمية والأممية والعالمية والعدالة والمساواة والتسامح والموضوعية والواقعية في قمة تخلفهم وجاهليتهم ويعتقدون الحل في أفكارٍ يتبنونها وهي لاتحل ولا تربط.إنهم بكثرة هذه الأيام ينتشرون بين الشعوب والأنام وتراهم بأساليبهم الخبيثة يسوقون تجارتهم الخاسرة ولكنهم جميعاً أمام كاميرات تُدرك دجلهم المبطن ....
ما نود قوله في نهاية هذه الجزئية هو أنّ سلوكيتنا مريضة من خلال التربية التي تلقيناها على مختلف مناحيها . ونؤمن بأنّ هناك تغيرات ٍ دراماتيكية في ثقافة أجيالنا القادمة إن أردنا أو لم نرد.
غيروا مناهج تربيتكم في كلّ شيء لأنها تربية مريضة في أغلب محطاتها وقد ترسخت منذُ قرون طويلة في عقولنا وجيناتنا ونؤكد على عدم صلاحيتها لهذا الزمن والقادم القريب منه .الأرض ليست ملكاً لكم ولا هي لغيركم. فجميعنا مسافرون دون عودة ٍ .والعالم يسعنا جميعاً ويسع قبورنا كما يسع سخافاتنا التي لانفك عن توريثها لأجيالنا.(إنّ الله لايُغير مابقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم).
# اسحق قومي.23/10/2023م